مختصر التحرير [7]


الحلقة مفرغة

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وتنقسم الجملة إلى ما وضع لإفادة نسبة وهو الكلام ].

الجملة تنقسم إلى ما وضع لإفادة نسبة شيء إلى شيء، فهذا هو الكلام، فالكلام إذاً: جملة موضوعة لإفادة نسبة يعني: نسبة شيء إلى شيء، وهذا التعريف يقابله كلام ابن مالك حيث قال: (كلامنا لفظ مفيد) فكل جملة موضوعة لإفادة نسبة شيء إلى شيء فهي كلام.

يقول: [ ولا يتألف إلا من اسمين أو اسم وفعل من واحد ].

لا يتألف إلا من اسمين: فلا يتألف من اسم واحد، أو من فعل واسم، مثال الاسمين: زيد قائم، مثال الفعل والاسم: قام زيد، أما (زيد قام) فإنه مكون من اسمين وفعل، لكن (قام زيد) من فعل واسم.

وقوله: (من واحد) يعني: من متكلم واحد، فلو قال شخص: قام، وقال الثاني: زيد فهذا لا يسمى كلاماً، مثلما لو قال شخص يخاطب زوجته، أنت، وقال للذي جنبه: طالق، فلا تطلق، لابد أن يكون الكلام من متكلم واحد، أو مثل مؤذنين متجاورين واحد منهم يقول: أشهد، وذلك يقول: أن لا إله إلا الله، فلا يتم الآذان، لابد أن يكون من متكلم واحد.

قولنا: إنه يتكون من اسمين أو من اسم وفعل، إذا قال قائل: ممكن أن يتكون من اسم واحد أو من فعل واحد فيقال: من قام؟ فتقول: زيد، وزيد هنا جملة مفيدة بلا شك، ماذا نقول؟ هذا فيه تقدير، التقدير: قام زيد، والمقدر كالموجود.

ما زال المؤلف رحمه الله في تقسيم الكلام وأحكامه، منها يقول: إن الكلام لا يتألف إلا من اسمين مثل: زيد قائم، أو فعل واسم مثل: قام زيد، أو فعل واسمين، كزيد قام أبوه، أو زيد قام.

يقول المؤلف: [ وحيوان ناطق وكاتب في: زيد كاتب، لم يفد نسبة ]، لأن (حيوان ناطق) بمنزلة كلمة: (إنسان) ما أفاد نسبة، كذلك: زيد كاتب، كلمة (كاتب) لم تفسد نسبة لأنها ليست جملة، بل هي اسم فاعل وفيه ضمير مستتر، وإذا لم يكن جملة فإنه لم يفد نسبة.

قال: [ وإلى غيره ] يعني: إلى غير ما وضع لهذه النسبة، [ كجملة الشرط والجزاء ونحوهما ]، فإنك إذا قلت: (إن قام زيد) فإن هذا لم يفد نسبة، إذ إن الإنسان يترقب، إن قام زيد ماذا يحصل؟ نقول: قام عمرو، فلا يكون الكلام تاماً إلا بوجود الجزاء.

قال: [ ويراد بمفرد مقابلها ].

أي: مقابل الجملة، وهذا يكون في المبتدأ والخبر، فيقال: الخبر مفرد وجملة وشبه جملة، فـ(قائم) في: زيد قائم الخبر، و(قائمون) في قولك: الرجال قائمون، مفرد، لأنه ليس بجملة، وزيد قام أبوه الخبر جملة، وزيد عندك الخبر شبه جملة.

قال: [ ويراد بمفرد مقابلها ومقابل مثنى وجمع ].

وهذا في باب الإعراب، نقول: الاسم المفرد يرفع بالضمة ويقابله المثنى يرفع بالألف، وجمع المذكر السالم يرفع بالواو، وجمع التكسير يقابل المفرد لكنه يرفع بالضمة، فصار يراد بالمفرد أحياناً ما يقابل المثنى والجمع بقسميه، يعني: جمع التكسير وجمع السلام، ويراد أيضاً [ مقابل مركب ]، أي: يراد بالمفرد ما يقابل المركب مثل: عبد الله، هذا غير مفرد، لأنه مركب، سيبويه غير مفرد لأنه مركب، فيراد بالمفرد أحياناً ما يقابل المركب.

قال: [ وبكلمة الكلام ].

يعني: يراد بكلمة الكلام، قال ابن مالك :

وكلمة بها كلام قد يؤم

مثل قوله تعالى: حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا [المؤمنون:99-100] والتي قالها ليست كلمة، بل كلام؛ انظر: (رب ارجعون لعلي أعمل صالحاً فيما تركت) كلام، الكلمة الواحدة تسمى كلاماً فيقال: تكلم فلان كلاماً، وإن كان لم يقل إلا (من)، فلو قال: (من) يصح أن نقول: تكلم بكلام، مع أنها كلمة، لو قال: (زيد) يصح أن نقول: تكلم بكلام، مع أنها كلمة واحدة.

قال: [ والكلم الذي لم يفد يتناول الكلام والقول عند الإطلاق ] يعني: قد يراد بالكلم الكلام الذي لم يفد، مثل: (إن قام زيد) قد يراد به الكلام مع أنه لم يفد، وكذلك أيضاً القول.

قال: [ والقول عند الإطلاق للفظ والمعنى جميعاً، كالإنسان للروح والبدن ]، يعني: إذا أطلق القول فليس المراد ما يلفظ به اللسان فقط، بل المراد به اللفظ والمعنى، كالإنسان، فإذا قلت (إنسان) يراد به الجسم والروح معاً، وعلى هذا نقول إن كلام الله عز وجل يشمل اللفظ والمعنى، وكلامي أيضاً وكلام زيد وكلام عمرو كله يشمل اللفظ والمعنى، ولا يمكن لأحد أن يريد اللفظ دون المعنى إلا أن يكون مجنوناً أو نائماً أو ما أشبه ذلك.