سلسلة كن صحابياً الصحابة والتوبة


الحلقة مفرغة

أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم.

بسم الله الرحمن الرحيم.

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

فمع الدرس الثاني عشر من دروس مجموعة: كن صحابياً، وسيكون حديثنا -بمشيئة الله تعالى- عن الصحابة والتوبة، فالصحابة هم أفضل الأجيال على الإطلاق، جاء ذلك تصريحاً في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه البخاري ومسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: (خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم)، والأحاديث في هذا الأمر أكثر من أن تحصى، أثبتت الخيرية لهذا الجيل، وأنه أفضل من كل أجيال الأرض، ومع ذلك فالصحابة بشر ليسوا بمعصومين من الخطأ، بل كانوا أحياناً يخطئون أخطاء كبيرة جداً، والإنسان فعلاً قد لا يتخيل أن الصحابي يمكن أن يخطئ مثل هذا الخطأ، لكن حدث ذلك، لأنهم بشر، لكن كانوا يتوبون من هذه الأخطاء.

والحقيقة أنه قد أخطأ بعض الناس في المبالغة الشديدة في أحوال الصحابة، ونقلوا عنهم القصص العجيبة الضعيفة جداً، بل أحياناً والموضوعة، والتي تظهرهم بصورة ملائكية، وترفعهم فوق صور البشر، والصحابة لا يحتاجون إلى المبالغة حتى يعظموا، وإنما يكفي أن تنقل الصورة الحقيقة عنهم، وفي هذا كل التعظيم لهذا الجيل، لأنه كان جيلاً فريداً وعظيماً ومتميزاً، لكن المبالغة فيه خسارة كبيرة جداً، لأنها تصيب اللاحقين باليأس من إمكانية الوصول إلى مثل هذه الصورة الفريدة.

وسأذكر هنا حكاية جاءت في أحد الكتب، لرجل ليس بصحابي، تقول هذه القصة: رأيت بدوياً بمكة يقول: كنت بالبادية، وإذا بغلام حاف مكشوف الرأس، ليس معه زاد ولا ركوة ولا عصا، فقلت في نفسي: أدرك هذا الفتى، فإن كان جائعاً أطعمته، وإن كان عطشان أسقيته، فبادرت إليه حتى ما بقي بيني وبينه إلا مقدار ذراع، فذهب عني حتى غاب عن عيني، وهذا أول شيء، فالغلام الصغير قد طار، قال: فقلت: هذا شيطان، فإذا به ينادي فيقول: لا، بل سكران، أي: أن هذا الغلام يرد عليه من بعيد فيقول له: لا، بل سكران، قال: فنادينه يا هذا، وسألته بالذي بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالحق إلا وقف، فقال: أتعبتني وأتعبت نفسك، فقلت له: رأيتك وحدك فأردت خدمتك، فقال: من يكن الله معه كيف يكون وحده! فقلت له: ما أرى معك زاداً! فقال لي: إذا جعت -تأمل هذه المبالغة غير المقبولة- فذكره زادي، وإن عطشت فمشاهدته سؤالي ومرادي، يعني: أن الرجل لا يأكل ولا يشرب، فقلت له: أنا جائع فأطعمني، أي: إذا كنت لا تجوع فتأكل فأنا جائع فأطعمني! فقال: أولم تؤمن بكرامة الأولياء، فقلت: بلى، ولكن ليطمئن قلبي، قال: فضرب بيده الأرض وكانت أرض رمل، ثم قبض قبضة منها وقال: كل يا مخدوع، فإذا به سويق ألذ ما يكون، والسويق هو: الدقيق الناعم، أي: أنه لقي خبزاً طعمه لذيذ جداً، فقلت: ما ألذه، فقال لي: في البادية عند الأولياء من هذا كثير، يعني: أن هناك أناساً في الصحراء عندهم من هذا الخبز الكثير، فقلت له: اسقني، فركض برجله الأرض فإذا بعين تنبع من الأرض، عين من عسل وماء، جنة على الأرض!! فجلست لأشرب، ثم رفعت رأسي فلم أره، أي: أنه قد اختفى مرة أخرى، فلم أدر كيف غاب؟ ولا إلى أين ذهب؟ فأنا أخدم الفقراء من ذلك اليوم إلى الآن لعلي أرى مثل ذلك الولي!!

فهذه الحكاية وما شابهها فوق أنها واضحة الافتراء، لها أثر سلبي كبير على طرق التربية والتوجيه، والناس من المستحيل أن تصل إلى مثل هذه الأساطير، فيصيبها نوع من الإحباط، ونحن عند ذلك سنتعامل مع نوعيات ليست من البشر، فليس من الممكن تقليدها، لأننا لم نفهمها ونعرفها، لكن لو فهمنا أن الصحابي بشر يمكن أن يخطئ ويمكن أن يصيب، يمكن أن يختار الأولى أو خلاف الأولى، حسب الموقف والظرف الذي هو فيه، وساعتئذ نستطيع أن نقلدها، وهنا قد نتساءل، فنقول: أيمكن أن أيحدث هذا مع غلام ولا يحدث ذلك مع أكابر الصحابة؟!

فهل إذا أراد أبو بكر -مثلاً- رضي الله عنه أن يأكل يقبض من الرمل قبضة فإذا هي خبز ولحم؟!

وهل إذا أراد ابن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه أن يشرب أن يضرب الأرض برجليه من أجل يطلع منها عسل وماء؟!

وهل إذا أراد عثمان رضي الله عنه أن ينتقل من مكان إلى مكان لبس طاقية الإخفاء وطار كما طار ذلك الغلام!؟ ثم ذهب إلى مكان لا يراه الناس ولا يعرفونه!!

فهذا منهج عجيب جداً في التلقي، وأسلوب مبتدع في التربية، ووسيلة من وسائل التعجيز للناس، وليس من ورائها أي حقيقة.

والمعلوم أن الصحابة كانوا بشراً، فإذا أرادوا الأكل بحثوا عنه وجدوا في طلبه، ثم اجتهدوا في طبخه وإعداده، ثم أكلوا بعد ذلك، وإذا أرادوا الشرب حفروا الآبار، وإذا سافروا حملوا معهم الماء الذي يكفيهم، واختاروا الطريق السهل، وأعدوا العدة الكافية لذلك، نعم قد تحدث لهم كرامات، لكن هذه الكرامات كرامات ثابتة، ومواقف معدودة ومعينة، ولم تكن بإرادة منهم، بل كان الله عز وجل يهبها لمن يشاء في الوقت الذي يريده، ولأن الصحابة كانوا بشراً فقد كانوا يخطئون أحياناً، ولا ضير في ذلك ما دامت الخطيئة ستتبع بتوبة، والإنسان كما هو معروف من خصائصه الخطأ.

روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم)، هذه ليست دعوة لاقتراف الذنوب، لا، إنما هي دعوة للتوبة، وتقريب للواقع، واقع أن الإنسان لا بد أن يخطئ، وأن الكمال لله عز وجل وحده، والمعصوم هو من عصمه الله عز وجل، وحتى الأنبياء فإنهم أحياناً يختارون خلاف الأولى ويلامون على ذلك من الله عز وجل؛ وذلك لإثبات بشرية هؤلاء، وإلى هذا المعنى أشار الرسول صلى الله عيه وسلم فقال: (كل -على سبيل العموم- بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون).

من المعلوم أن شروط التوبة عند كل البشر ثلاثة، وهذا في حق الله تعالى، فلو أن إنساناً أخطأ في حق الله سبحانه وتعالى، وذلك بأن ترك الصلاة فترة من الزمن لزمه ثلاثة أمور حتى يتوب إلى الله عز وجل:

الأول: أن يقلع فوراً عن المعصية، فيرجع فيصلي مرة أخرى.

الثاني: أن يندم على فعل ذلك، أي: بأن يكون هناك حزن وبكاء شديد، وألم في النفس.

الثالث: أن يعزم على أن لا يعود إليها أبداً، وهذا العزم لا بد أن يكون عزماً صادقاً، لأن الله سبحانه وتعالى مطلع على القلوب.

أما إذا كان هذا الذنب متعلق بحق آدمي فإنه يضاف إليه شرط رابع، ألا وهو: أن ترجع الحقوق إلى أصحابها، فلو سرقت مالاً لزمك رده، أو شهدت شهادة الزور لزمك أن تكذب نفسك أمام القضاء، أو أخطأت في حق إنسان لزمك أن تذهب إليه فتستسمحه وتطلب العفو منه.

لكن التوبة في حق الصحابة كانت تتميز بصفات وسمات رائعة فوق هذه الصفات الأساسية، يعني: زيادة على هذه الثلاثة الأشياء التي هي في حق الله سبحانه وتعالى، والشرط الرابع الذي يتعلق بما بين الآدميين من حقوق، فالأشياء هذه كانوا يعملونها كلها، لكن فوق هذا كان هناك سمات واضحة جداً لتوبة هؤلاء الناس، وسنذكر خمس سمات بمشيئة الله تعالى:

السمة الأولى: التوبة من قريب، يعني: أنه لم يكن هناك إصرار على المعصية عند الصحابة، فإذا ضعف الصحابي فارتكب ذنباً رجع سريعاً وعاد إلى رشده وتاب إلى الله عز وجل، وهذا كان مما يوجب لهم المغفرة الكاملة من الله عز وجل، يقول ابن عباس رضي الله عنهما: لا صغيرة مع إصرار، ولا كبيرة مع استغفار، وهناك مثل لطيف قاله الإمام الغزالي رحمه الله في إحياء علوم الدين: إن قطرات الماء الصغيرة إن وقعت على حجر بصورة متتالية، وعلى فترة طويلة من الزمن، نقطة نقطة، فإنها تؤثر في الحجر وتترك فيه خرماً، بينما لو جمعت كل هذه القطرات التي هي نازلة على مدار السنة والسنتين والثلاث ثم سكبتها مرة واحدة على الحجر فإنها لا تؤثر فيه شيئاً.

إذاً لا صغيرة مع إصرار ولا كبيرة مع استغفار، لذلك فإن الله عز وجل يفتح باب التوبة باستمرار لكل البشر؛ حتى يعودوا إليه في الوقت الذي يذنبون فيه، ولا تؤجل توبتك إلى رمضان أو إلى الحج، أو إلى أن تبلغ في السن مبلغاً كبيراً، لا، فباب التوبة مفتوح في كل وقت.

روى الإمام مسلم رحمه الله عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله عز وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها) يعني: الليل كله فرصة لمسيء النهار ليتوب، والنهار كل فرصة لتوبة مسيء الليل، حتى العلامة الأخيرة لقيام الساعة.

لذلك فإن الصحابة كانوا يعلمون أن التوبة المتقبلة حقاً هي التي يسرع بها الإنسان المخطئ إلى الله عز وجل، وذلك امتثالاً لقوله سبحانه وتعالى: إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ [النساء:17]، قال قتادة رحمه الله: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون كل ذنب هو جهالة، ثم قال تعالى: ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ [النساء:17]، أي: بسرعة فلا يؤجلون التوبة، فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا * وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا [النساء:17-18].

إذاً أول سمة من سمات التوبة عند الصحابة أنهم كانوا يتوبون من قريب، فهم يقعون في أخطاء، وقد تكون هذه الأخطاء جسيمة، لكنهم يعودون سريعاً إلى الله عز وجل، وليس العيب أن نخطئ، لكن العيب كل العيب أن نصر على هذا الخطأ.

مسارعة أبي لبابة إلى التوبة بعد إفشائه لسر رسول الله عند بني قريظة

تعالوا لنرى موقفاً يوضح لنا هذه الصورة السريعة في التوبة إلى الله عز وجل: قصة أبي لبابة بن عبد المنذر رضي الله عنه وأرضاه، وذلك عندما خانت ونقضت بنو قريظة العهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم -في غزوة الخندق- قرر أن يذهب إليها ويحاصرها، وبالفعل حاصر بني قريظة خمسة وعشرين ليلة متصلة حتى أصابهم اليأس والفزع، فطلبت بنو قريظة من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرسل إليهم رجلاً ليتفاوض معهم، بل واختاروا هم أبا لبابة بن عبد المنذر رضي الله عنه وأرضاه، لأنه كان حليفاً لهم في الجاهلية، وهو من قبيلة الأوس من الأنصار، ولظنهم أنه سيشفق عليهم ويرحمهم، بل وسيشفع لهم عند النبي صلى الله عليه وسلم.

بينما الرسول صلى الله عليه وسلم كان قد عزم على أن يقتل بني قريظة جميعاً؛ لأنهم أقدموا على خيانة عظيمة جداً، إذ كانوا سيدخلون قريشاً إلى المدينة ليستأصلوا كل من فيها، فكان الجزاء من جنس العمل، لكن عندما طلبوا أبا لبابة من أجل أن يذهب إليهم للتفاوض معهم نبهه الرسول ألا يخبرهم بقراره لأنهم لو عرفوا القرار فإنهم لن يفتحوا الأسوار وسيضطر المسلمون لمحاصرتهم لفترة طويلة، ومعلوم أن حصون بني قريظة كانت حصوناً كبيرة جداً، وفيها الغذاء والماء، ويمكن أن يطول الحصار شهراً وشهرين، بل شهوراً، فذهب أبو لبابة رضي الله عه وأرضاه إليهم، فلما رأوه قام إليه الرجال، وأخذت النساء والصبيان في البكاء، فرق لهم عندما رأى ذلك الموقف، فقالوا له: يا أبا لبابة ! أترى أن ننزل على حكم محمد صلى الله عليه وسلم، فقال: نعم، لكنه أشار إلى حلقه، يعني: أن جزاءهم الذبح، وكأنه يقول لهم: إن الرسول صلى الله عليه وسلم عازم على ذبحكم، وهنا أفشى سر الرسول صلى الله عليه وسلم، وخان العهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه جريمة كبرى جداً، وتأمل هنا أيضاً: فهذا الرجل من الأنصار، ومن الصحابة الثابتين في الإسلام، والعظماء في التاريخ الإسلامي، وله تاريخ فيما سبق وفيما لحق، لكن سبحان الله فإن النفس ضعيفة، فهو قد أخطأ في لحظة ووقع فيما قد لا يقع فيه كثير من المسلمين.

يقول أبو لبابة رضي الله عنه: فوالله مازالت قدماي من مكانهما حتى علمت أني قد خنت الله ورسوله، وهنا عرف أنه قد أذنب ذنباً كبير جداً، لكن ما هو الحل؟ التوبة من قريب، فانطلق أبو لبابة رضي الله عنه مباشرة على وجهه، ولم يأت رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل ذهب إلى مسجد رسول الله صلى الله وربط نفسه في عمود من أعمدة المسجد وقال: لا أبرح مكاني هذا حتى يتوب الله علي مما صنعت، يعني: أنه ربط نفسه في سارية من سواري المسجد، وقرر أنه لا يفك نفسه حتى يفكه رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه، وكان من الممكن أن يكتم هذا الخبر، لأنه لا أحد يعرف هذا الأمر غير اليهود، لكنه عرف أنه قد ارتكب ذنباً عظيماً، وأنه لابد عليه أن يتوب من هذا الذنب، ولأنه علم أن فرصته في التوبة هي في الدنيا، ولو مات قبل أن يتوب الله عليه لذهبت الفرصة، ولذلك قيل أنه قد نزل قول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [الأنفال:27].

وعندما وصل الخبر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلم أن أبا لبابة قد عمل هذا العمل، وأنه رضي الله عنه قد ربط نفسه في إحدى سواري المسجد، وأقسم على أن لا يبرح هذا المكان حتى يتوب الله عليه، ومع هذا العقاب الشديد لم يفكر رضي الله عنه أبداً في صورته أمام الناس، ولم يشغله ذلك، في هذا الوقت الذي أصبح مفضوح الذنب أمام الناس، بل ولم يكن همه صورته حتى أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يكن يهمه الآن الأعمال التي انقطع عنها، بل كان همه الأعظم أن يتوب الله عز وجل عليه، ولذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم لما وصله خبره: (أما إنه لو جاءني لاستغفرت له)، رحمة مهداة صلى الله عليه وسلم، أي: لو كان جاء إليَّ قبل أن يربط نفسه لسامحته ولاستغفرت له، لكن مادام أقسم أنه لن يفك نفسه حتى يتوب الله عليه، فلن أستطيع أن أذهب إليه حتى تنزل التوبة من الله عز وجل، يقول صلى الله عليه وسلم: (فأما إذ قد فعل ما فعل فما أنا بالذي أطلقه من مكانه حتى يتوب الله عليه)، يعني: ما دام أنه ربط نفسه، وقد ظل أبو لبابة محبوساً بالقيد لمدة ستة أيام متوالية، وامرأته في وقت كل صلاة تفك القيد عنه حتى يصلي، ثم تقوم بإعادة القيد عليه ألم شديد في النفس، وأوبة سريعة إلى الله عز وجل، وتوبة صادقة من ذنب كبير، وبعد مضي الستة الأيام نزلت توبة الله على أبي لبابة بن عبد المنذر رضي الله عنه وأرضاه، نزلت التوبة على رسول الله صلى عليه وسلم وهو في بيت أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها، تقول أم سلمة رضي الله عنها: فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يضحك، أي: أنه ضحك فرحاً بتوبة الله على أبي لبابة ، وهذا يبين لنا الحب الشديد الذي كان بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبين عموم الصحابة، فقالت له أم سلمة : لماذا تضحك؟ فقال: تاب الله على أبي لبابة ، فقالت: أفلا أبشره يا رسول الله، قال: بلى إن شئت، وهذا الأمر كان قبل أن يفرض الحجاب على نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوقفت على باب الحجرة وقالت: يا أبا لبابة -وكانت حجرات الرسول صلى الله عليه وسلم تطل على المسجد- أبشر فقد تاب الله عليك، قالت: فنهض الناس إليه ليطلقوه، أي: أن كل الناس ذهبت بسرعة لتفك قيده، فقال: لا والله حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يطلقني بيده، فلما مر عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الفجر أطلقه، وقصة أبي لبابة لها تكملة لطيفة سنذكرها في آخر المحاضرة.

والشاهد من القصة: أن أبا لبابة أخطأ خطأً كبيراً جداً عندما أفشى سر الرسول صلى الله عليه وسلم، ورغم ذلك فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قد نبهه لذلك، لكن مع ذلك وقع في الخطأ، وليست هذه مشكلة، المشكلة أن الإنسان يقع في هذا الخطأ أو في هذه المعصية ويصر عليها، لكن أبا لبابة لم يكن هكذا، والصحابة كلهم لم يكونوا هكذا، بل بمجرد ما يخطئ أحدهم يرجع بسرعة إلى ربه عز وجل، لأنه يشعر بالذنب مباشرة، وليس معنى ذلك أنه عند المعصية نذهب إلى سارية في المسجد ونربط أنفسنا فيها حتى يتوب الله علينا! عند ذلك سوف نظل قاعدين إلى يوم القيامة، لأن رسول الله لم يعد موجوداً بين أظهرنا ليخبرنا بالتوبة: لكن الشاهد أنه تاب توبة سريعة إلى الله عز وجل، وهذه التوبة السريعة هي السبب في أن الله سبحانه وتعالى تاب عليه بسرعة ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ [النساء:17].

مسارعة عمار بن ياسر إلى التوبة بعدما نال من النبي إثر تعذيب كفار قريش له

وهذا مثال آخر: عمار بن ياسر رضي الله عنه وأرضاه، وقصته معروفة مع المشركين، وذلك عندما سلط عليه المشركون أشد أنواع التعذيب في مكة، ولم يكن ذلك العذاب له وحده، بل لكل العائلة، لأبيه ولأمه، فقد وضعوا الصخر الملتهب على صدره، وضربوه ضرباً شديداً، وقاموا بقتل والديه أمامه، ياسر وزوجته سمية رضي الله عنهما، وطلبوا منه أن يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمام هذا القهر والتعذيب والإكراه الحقيقي، والقتل الفعلي الذي حدث لأعز الناس لديه بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمام الألم الرهيب الذي كان يحس به في كل ذرة من جسده، قال ما أراده الكفار منه، وسب محمداً صلى الله عليه وسلم، سبه بلسانه مع أن قلبه لا يُقِّدم عليه أحداً من خلق الله ولا حتى نفسه التي بين جنبيه، ومع أن الموقف سليم شرعاً، يعني: لو أن أحدنا تعرض للتعذيب والإكراه ليقول هذه الكلمة لجاز له ذلك ما دام القلب مطمئناً بالإيمان، لكن هو رضي الله عنه لم يكن يعلم أن هذا الموقف سليم شرعاً، فحسب أن هذا العمل كان خطأ، وإن كان ليس خطأ في حق الشرع، فجاء مسرعاً باكياً معتذراً تائباً لمجرد أن تركه الكفار، فشكى حاله للنبي صلى الله عليه وسلم وهو يبكي ويعتذر إليه مما فعل، وقال له: قد قلت فيك كذا وكذا، فقال الرحيم الحكيم صلى الله عليه وسلم الرحيم: (كيف تجد قلبك، قال عمار : أجده مطمئناً بالإيمان، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن عادوا فعد، فأنزل الله عز وجل قوله: مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا [النحل:106] إلى آخر الآيات).

لذلك فإن قضية التوبة من قريب قضية في منتهى الخطورة بالنسبة للمؤمنين، لأن مرتكب الذنب حال ارتكابه يكون على خطر عظيم، وتأمل هذا الحديث المخوف الذي ورد في صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن، ولا ينتهب نهبة يرفع الناس إليه فيها أبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن) .

يعني: لا يسرق سرقة والناس تنظر إليه ولا تكلمه، لأنه صاحب سلطان وقهر، لا يكون مؤمناً، وليس المقصود أنه صلى الله عليه وسلم يكفر المؤمن بهذه المعاصي وإنما المراد أن إيمانه ينتقص انتقاصاً شديداً، فيتذبذب إلى الحد الذي قد يخرجه بعد ذلك من الإيمان إلى الكفر.

وفي الحديث أيضاً الذي رواه البيهقي وابن حبان وصححه، عن عثمان بن عفان رضي الله عنه وأرضاه أنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: (اجتنبوا الخمر فإنها أم الخبائث) ، وفي آخر الحديث قال: (وإنها لا تجتمع هي والإيمان إلا وأوشك أحدهما أن يخرج صاحبه) فالمعصية الكبيرة التي يصر عليها الإنسان مرة ومرتين وثلاث، يكون بها متذبذب الإيمان، ويوشك أحدهما أن يخرج الآخر، إما أن المعصية تخرج الإيمان بالكلية فيصير الإنسان كافراً، وإما العكس، فموقف خطير جداً، نعم ارتكاب المعاصي ليس مكفراً في حد ذاته، لكنه قد يقود إلى الكفر، وبالذات لو باغت الموت إنساناً وهو يرتكب المعصية، ولذلك فكثيراً ما نسمع عمن مات وهو يشرب الخمر، أو مات وهو يزني، أو مات وهو يسرق أو يقتل، أو ما إلى ذلك من الموبقات، وفي كل هذه الأحوال يكون على خطر عظيم، روى الإمام مسلم رحمه الله عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يبعث كل عبد على ما مات عليه)، فجرم عظيم أن يموت الإنسان على معصية ثم يبعث عليها، من أجل ذلك فإن قضية التوبة من قريب قضية في منتهى الأهمية، والصحابة كانوا فاهمين جداً، لهذه السمة أو الصفة.

تعالوا لنرى موقفاً يوضح لنا هذه الصورة السريعة في التوبة إلى الله عز وجل: قصة أبي لبابة بن عبد المنذر رضي الله عنه وأرضاه، وذلك عندما خانت ونقضت بنو قريظة العهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم -في غزوة الخندق- قرر أن يذهب إليها ويحاصرها، وبالفعل حاصر بني قريظة خمسة وعشرين ليلة متصلة حتى أصابهم اليأس والفزع، فطلبت بنو قريظة من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرسل إليهم رجلاً ليتفاوض معهم، بل واختاروا هم أبا لبابة بن عبد المنذر رضي الله عنه وأرضاه، لأنه كان حليفاً لهم في الجاهلية، وهو من قبيلة الأوس من الأنصار، ولظنهم أنه سيشفق عليهم ويرحمهم، بل وسيشفع لهم عند النبي صلى الله عليه وسلم.

بينما الرسول صلى الله عليه وسلم كان قد عزم على أن يقتل بني قريظة جميعاً؛ لأنهم أقدموا على خيانة عظيمة جداً، إذ كانوا سيدخلون قريشاً إلى المدينة ليستأصلوا كل من فيها، فكان الجزاء من جنس العمل، لكن عندما طلبوا أبا لبابة من أجل أن يذهب إليهم للتفاوض معهم نبهه الرسول ألا يخبرهم بقراره لأنهم لو عرفوا القرار فإنهم لن يفتحوا الأسوار وسيضطر المسلمون لمحاصرتهم لفترة طويلة، ومعلوم أن حصون بني قريظة كانت حصوناً كبيرة جداً، وفيها الغذاء والماء، ويمكن أن يطول الحصار شهراً وشهرين، بل شهوراً، فذهب أبو لبابة رضي الله عه وأرضاه إليهم، فلما رأوه قام إليه الرجال، وأخذت النساء والصبيان في البكاء، فرق لهم عندما رأى ذلك الموقف، فقالوا له: يا أبا لبابة ! أترى أن ننزل على حكم محمد صلى الله عليه وسلم، فقال: نعم، لكنه أشار إلى حلقه، يعني: أن جزاءهم الذبح، وكأنه يقول لهم: إن الرسول صلى الله عليه وسلم عازم على ذبحكم، وهنا أفشى سر الرسول صلى الله عليه وسلم، وخان العهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه جريمة كبرى جداً، وتأمل هنا أيضاً: فهذا الرجل من الأنصار، ومن الصحابة الثابتين في الإسلام، والعظماء في التاريخ الإسلامي، وله تاريخ فيما سبق وفيما لحق، لكن سبحان الله فإن النفس ضعيفة، فهو قد أخطأ في لحظة ووقع فيما قد لا يقع فيه كثير من المسلمين.

يقول أبو لبابة رضي الله عنه: فوالله مازالت قدماي من مكانهما حتى علمت أني قد خنت الله ورسوله، وهنا عرف أنه قد أذنب ذنباً كبير جداً، لكن ما هو الحل؟ التوبة من قريب، فانطلق أبو لبابة رضي الله عنه مباشرة على وجهه، ولم يأت رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل ذهب إلى مسجد رسول الله صلى الله وربط نفسه في عمود من أعمدة المسجد وقال: لا أبرح مكاني هذا حتى يتوب الله علي مما صنعت، يعني: أنه ربط نفسه في سارية من سواري المسجد، وقرر أنه لا يفك نفسه حتى يفكه رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه، وكان من الممكن أن يكتم هذا الخبر، لأنه لا أحد يعرف هذا الأمر غير اليهود، لكنه عرف أنه قد ارتكب ذنباً عظيماً، وأنه لابد عليه أن يتوب من هذا الذنب، ولأنه علم أن فرصته في التوبة هي في الدنيا، ولو مات قبل أن يتوب الله عليه لذهبت الفرصة، ولذلك قيل أنه قد نزل قول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [الأنفال:27].

وعندما وصل الخبر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلم أن أبا لبابة قد عمل هذا العمل، وأنه رضي الله عنه قد ربط نفسه في إحدى سواري المسجد، وأقسم على أن لا يبرح هذا المكان حتى يتوب الله عليه، ومع هذا العقاب الشديد لم يفكر رضي الله عنه أبداً في صورته أمام الناس، ولم يشغله ذلك، في هذا الوقت الذي أصبح مفضوح الذنب أمام الناس، بل ولم يكن همه صورته حتى أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يكن يهمه الآن الأعمال التي انقطع عنها، بل كان همه الأعظم أن يتوب الله عز وجل عليه، ولذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم لما وصله خبره: (أما إنه لو جاءني لاستغفرت له)، رحمة مهداة صلى الله عليه وسلم، أي: لو كان جاء إليَّ قبل أن يربط نفسه لسامحته ولاستغفرت له، لكن مادام أقسم أنه لن يفك نفسه حتى يتوب الله عليه، فلن أستطيع أن أذهب إليه حتى تنزل التوبة من الله عز وجل، يقول صلى الله عليه وسلم: (فأما إذ قد فعل ما فعل فما أنا بالذي أطلقه من مكانه حتى يتوب الله عليه)، يعني: ما دام أنه ربط نفسه، وقد ظل أبو لبابة محبوساً بالقيد لمدة ستة أيام متوالية، وامرأته في وقت كل صلاة تفك القيد عنه حتى يصلي، ثم تقوم بإعادة القيد عليه ألم شديد في النفس، وأوبة سريعة إلى الله عز وجل، وتوبة صادقة من ذنب كبير، وبعد مضي الستة الأيام نزلت توبة الله على أبي لبابة بن عبد المنذر رضي الله عنه وأرضاه، نزلت التوبة على رسول الله صلى عليه وسلم وهو في بيت أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها، تقول أم سلمة رضي الله عنها: فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يضحك، أي: أنه ضحك فرحاً بتوبة الله على أبي لبابة ، وهذا يبين لنا الحب الشديد الذي كان بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبين عموم الصحابة، فقالت له أم سلمة : لماذا تضحك؟ فقال: تاب الله على أبي لبابة ، فقالت: أفلا أبشره يا رسول الله، قال: بلى إن شئت، وهذا الأمر كان قبل أن يفرض الحجاب على نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوقفت على باب الحجرة وقالت: يا أبا لبابة -وكانت حجرات الرسول صلى الله عليه وسلم تطل على المسجد- أبشر فقد تاب الله عليك، قالت: فنهض الناس إليه ليطلقوه، أي: أن كل الناس ذهبت بسرعة لتفك قيده، فقال: لا والله حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يطلقني بيده، فلما مر عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الفجر أطلقه، وقصة أبي لبابة لها تكملة لطيفة سنذكرها في آخر المحاضرة.

والشاهد من القصة: أن أبا لبابة أخطأ خطأً كبيراً جداً عندما أفشى سر الرسول صلى الله عليه وسلم، ورغم ذلك فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قد نبهه لذلك، لكن مع ذلك وقع في الخطأ، وليست هذه مشكلة، المشكلة أن الإنسان يقع في هذا الخطأ أو في هذه المعصية ويصر عليها، لكن أبا لبابة لم يكن هكذا، والصحابة كلهم لم يكونوا هكذا، بل بمجرد ما يخطئ أحدهم يرجع بسرعة إلى ربه عز وجل، لأنه يشعر بالذنب مباشرة، وليس معنى ذلك أنه عند المعصية نذهب إلى سارية في المسجد ونربط أنفسنا فيها حتى يتوب الله علينا! عند ذلك سوف نظل قاعدين إلى يوم القيامة، لأن رسول الله لم يعد موجوداً بين أظهرنا ليخبرنا بالتوبة: لكن الشاهد أنه تاب توبة سريعة إلى الله عز وجل، وهذه التوبة السريعة هي السبب في أن الله سبحانه وتعالى تاب عليه بسرعة ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ [النساء:17].

وهذا مثال آخر: عمار بن ياسر رضي الله عنه وأرضاه، وقصته معروفة مع المشركين، وذلك عندما سلط عليه المشركون أشد أنواع التعذيب في مكة، ولم يكن ذلك العذاب له وحده، بل لكل العائلة، لأبيه ولأمه، فقد وضعوا الصخر الملتهب على صدره، وضربوه ضرباً شديداً، وقاموا بقتل والديه أمامه، ياسر وزوجته سمية رضي الله عنهما، وطلبوا منه أن يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمام هذا القهر والتعذيب والإكراه الحقيقي، والقتل الفعلي الذي حدث لأعز الناس لديه بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمام الألم الرهيب الذي كان يحس به في كل ذرة من جسده، قال ما أراده الكفار منه، وسب محمداً صلى الله عليه وسلم، سبه بلسانه مع أن قلبه لا يُقِّدم عليه أحداً من خلق الله ولا حتى نفسه التي بين جنبيه، ومع أن الموقف سليم شرعاً، يعني: لو أن أحدنا تعرض للتعذيب والإكراه ليقول هذه الكلمة لجاز له ذلك ما دام القلب مطمئناً بالإيمان، لكن هو رضي الله عنه لم يكن يعلم أن هذا الموقف سليم شرعاً، فحسب أن هذا العمل كان خطأ، وإن كان ليس خطأ في حق الشرع، فجاء مسرعاً باكياً معتذراً تائباً لمجرد أن تركه الكفار، فشكى حاله للنبي صلى الله عليه وسلم وهو يبكي ويعتذر إليه مما فعل، وقال له: قد قلت فيك كذا وكذا، فقال الرحيم الحكيم صلى الله عليه وسلم الرحيم: (كيف تجد قلبك، قال عمار : أجده مطمئناً بالإيمان، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن عادوا فعد، فأنزل الله عز وجل قوله: مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا [النحل:106] إلى آخر الآيات).

لذلك فإن قضية التوبة من قريب قضية في منتهى الخطورة بالنسبة للمؤمنين، لأن مرتكب الذنب حال ارتكابه يكون على خطر عظيم، وتأمل هذا الحديث المخوف الذي ورد في صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن، ولا ينتهب نهبة يرفع الناس إليه فيها أبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن) .

يعني: لا يسرق سرقة والناس تنظر إليه ولا تكلمه، لأنه صاحب سلطان وقهر، لا يكون مؤمناً، وليس المقصود أنه صلى الله عليه وسلم يكفر المؤمن بهذه المعاصي وإنما المراد أن إيمانه ينتقص انتقاصاً شديداً، فيتذبذب إلى الحد الذي قد يخرجه بعد ذلك من الإيمان إلى الكفر.

وفي الحديث أيضاً الذي رواه البيهقي وابن حبان وصححه، عن عثمان بن عفان رضي الله عنه وأرضاه أنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: (اجتنبوا الخمر فإنها أم الخبائث) ، وفي آخر الحديث قال: (وإنها لا تجتمع هي والإيمان إلا وأوشك أحدهما أن يخرج صاحبه) فالمعصية الكبيرة التي يصر عليها الإنسان مرة ومرتين وثلاث، يكون بها متذبذب الإيمان، ويوشك أحدهما أن يخرج الآخر، إما أن المعصية تخرج الإيمان بالكلية فيصير الإنسان كافراً، وإما العكس، فموقف خطير جداً، نعم ارتكاب المعاصي ليس مكفراً في حد ذاته، لكنه قد يقود إلى الكفر، وبالذات لو باغت الموت إنساناً وهو يرتكب المعصية، ولذلك فكثيراً ما نسمع عمن مات وهو يشرب الخمر، أو مات وهو يزني، أو مات وهو يسرق أو يقتل، أو ما إلى ذلك من الموبقات، وفي كل هذه الأحوال يكون على خطر عظيم، روى الإمام مسلم رحمه الله عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يبعث كل عبد على ما مات عليه)، فجرم عظيم أن يموت الإنسان على معصية ثم يبعث عليها، من أجل ذلك فإن قضية التوبة من قريب قضية في منتهى الأهمية، والصحابة كانوا فاهمين جداً، لهذه السمة أو الصفة.

السمة الثانية: عدم تبرير الذنب والجدل فيه، أي: عند الذنب يلزمك الإسراع إلى التوبة من غير جدال، ولا تقول: لا والله ما غلطت، لأن كثيراً من الناس لا يريد أن يظهر بمظهر المذنب أمام الناس، فهذا الصنف لا يفقه أهمية دور النصيحة لإصلاح الفرد والمجتمع، والمسلم مرآة أخيه، فلو أن شخصاً قال لك: إنك أذنبت ذنباً. ففكر في الذنب بدل أن تجادل وتقول في نفسك: هل أنا حقاً أذنبت أم لا؟ وتبقى تبرئ نفسك أمام الناس، لا، فالصحابة لم يكونوا هكذا، لكن نجد كثيراً بعض الناس يبررون لجرائم خطيرة وكبيرة، فيبرر الاختلاس -مثلاً- من أموال الدولة، ويبرر الظلم الذي يوقعه على خلق الله عز وجل، ويبرر السباب والشتائم والقذف والغيبة، ويبرر كل جريمة وإن عظمت، ويبرر كل معصية وإن كانت مثل ضوء الشمس، والصحابة لم يكونوا كذلك، أي: لم يكونوا يجادلون في ذنوبهم أبداً، ولم يكونوا يبررون معاصيهم، إلا بالتبرير الذي كانوا يعتقدونه أحياناً، لكن لو ظهر لهم الحق اتبعوه مباشرة دون تردد، والصحابة كانوا يرحبون بمن يهدي لهم عيوبهم، ويجلون من يوضح لهم أخطاءهم، فخير أن يبصرك أي إنسان بعيبك وذنبك، فيكون عندك لتتوب من الذنب، بدل أن تستمر فيه اليوم والاثنين والشهر والشهرين، بل والعمر كله، فكان الأفضل والأحسن النصح بالتوبة، أمَّا أن كل إنسان يترك الآخر على هواه إلى أن يلقى العقاب من الله عز وجل فخطأ، لأنه ربما قد يموت وليس هناك وقت للرجعة فيتوب.

إعتاق أبي مسعود الأنصاري لغلامه بعدما ضربه

وتأمل كيف كان الصحابة يتعاملون مع الذنب عندما يعرفوه من أحدهم، ففي مسلم عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال: (كنت أضرب غلامًا لي فسمعت من خلفي صوتاً يقول: اعلم أبا مسعود لله أقدر عليك منك عليه، فالتفت فإذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم)، فهنا في هذا الوقت حصل ذنب، فقد كان الرجل يضرب غلاماً له، والرسول صلى الله عليه وسلم قاله له: (لله أقدر عليك منك عليه) أي: يحذره، فقال أبو مسعود الأنصاري رضي الله عنه وأرضاه عند ذلك: هو حر لوجه الله يا رسول الله، فأعتق الغلام، ولم يقل له: والله إن الغلام عمل كذا وكذا، وأنت لا تعرف ذلك يا رسول الله، وأنا قد رأيت ذلك منه، والبارحة قد عمل أيضاً كذا، ويمكن أن يذكر له مبررات كثيرة جداً، وقد تكون بعض هذه المبررات صحيحة، لكنه عرف أنه قد تجاوز، وعند اكتشافه لذلك لم يتردد لحظة في التوبة إلى الله عز وجل، ولم يجادل دقيقة واحدة، ثم قال له صلى الله عليه وسلم: (أما لو لم تفعل للفحتك النار)، وفي رواية (لمستك النار)، يعني: كان خطأً يستحق العقاب الشديد من الله عز وجل، لكن الإنسان مجرد أن تاب إلى الله عز وجل تاب الله عليه، وهذا هو المقصود.

مسارعة أبي بكر إلى استرضاء بلال وسلمان وصهيب

وانظر إلى موقف أبي بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه عند الإمام مسلم وأحمد عن عائذ بن عمرو رضي الله عنه: أن أبا سفيان أتى على سلمان وصهيب وبلال في نفر -و سلمان وصهيب وبلال كانوا من الموالي، وإنما أعتقوا بعد الإسلام- وكان ذلك بعد صلح الحديبية في زمن الهدنة، فقالوا: والله ما أخذت سيوف الله من عنق عدو الله مأخذها، يعني: نحن كنا نتمنى أن نرى السيوف تقطع في رقبة عدو الله، فقال راوي الحديث عائذ بن عمرو : فقال أبو بكر رضي الله عنه وكان واقفاً بجوارهم: أتقولون هذا لشيخ قريش وسيدهم، وبدأ يلوم الثلاثة الضعفاء الذين قالوا هذه الكلمات، وأتى أبو بكر النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره، فقال له صلى الله عليه وسلم: (يا أبا بكر لعلك أغضبتهم) ، أي: قد تكون أغضبتهم، ثم قال صلى الله عليه وسلم: (ولئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربك)، لمكانة وقدر بلال وسلمان وصهيب عند الله عز وجل.

فالرسول صلى الله عليه وسلم يقدر موقف الصحابة الثلاثة الضعفاء عندما رأوا رأس الكفر يمشي أمامهم، وتذكروا كل ما فعل بهم في أرض مكة، وأنهم الآن يسكنون في المدينة؛ لأنهم شردوا من ديارهم بمكة، وكل هذا بسبب أهل الكفر الذين يحاربونهم ويصدونهم عن دينهم، ففي هذا الوقت قالوا هذه الكلمات جراء المعاناة الشديدة التي كان يعاني منها هؤلاء الصحابة في مكة، فالرسول يقدر موقفهم، ويقدر القهر والتعذيب والبطش والطرد والحرب المستمرة التي كانت من قريش، فيقدر كل هذا، وتأمل ماذا عمل أبو بكر رضي الله عنه؟ هل كان يمتلك المبررات؟ وهل كان يمتلك الوسيلة التي يمكن أن يرد فيها على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ كل هذا لا، ورغم ذلك كان باستطاعة أبي بكر أن يذكر بعض المبررات، ومنها:

أولاً: أن هذا زمن هدنة، ولا داعي لإثارة أمور قد تثير الحرب بين الطرفين.

ثانياً: أن هذا سيد قريش، ويرجى إسلامه، ولو أسلم لأسلمت قريش من ورائه، لكن بهذه الكلمات قد يكون ذلك سبباً في نفرته من الإسلام.

ثالثاً: أنه لا داعي لسب الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عز وجل بغير علم.

رابعاً: الدعوة بالتي هي أحسن.

وأسباب ومبررات كثيرة كان باستطاعة أبي بكر -وهو لا تنقصه حجة ولا بلاغة- أن يذكرها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك فقد أعرض عن كل هذه المبررات، ولم يفكر إلا في الذنب الذي أشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: (لعلك أغضبتهم، ولئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربك) ثم أسرع أبو بكر رضي الله عنه إلى إخوته سلمان وصهيب وبلال وقال لهم: يا إخوتاه أأغضبتكم؟ خوف من الذنب، ورجل كـأبي بكر رضي الله عنه وأرضاه صفحته بيضاء تماماً، وأي خدش فيها يؤذيه، من أجل هذا ذهب سريعاً إلى إخوانه ليتجنب هذا الذنب الذي وقع منه، أو احتمال الذنب الذي وقع منه، فرد عليه واحد منهم فقال: لا، ثم قال: يغفر الله لك يا أخي.

فالشاهد من القصة أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه كان عنده من المبررات الكافية التي يدافع بها عن نفسه، ويحسن صورته وهيئته أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمام الثلاثة الضعفاء، وأمام المجتمع المسلم بأكمله، لكنه رضي الله عنه ما أراد كل ذلك، وإنما أراد أن يتوب من الذنب، وذلك بعد أن اتضح له أنه ذنب.

توبة أسامة بعد قتل الرجل الذي نطق بكلمة التوحيد

وهذا موقف آخر لأحد الصحابة نرى منه أنهم ما كانوا يجادلون في الذنب، إلا فقط في تبرير الموقف الفعلي الذي كان فيه، لكن لما يتضح له أنه ذنب يسرع بالتوبة، هذا الموقف لـأسامة بن زيد رضي الله عنهما، كما عند البخاري ومسلم وغيرهما أنه قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية، فصبحنا الحرقات من جهينة- مكان- فأدركت رجلا، وفي رواية: فكان منهم رجل إذا أقبل القوم كان من أشدهم علينا، وإذا أدبروا كان من أشد الناس حماية لهم، يعني: أن هذا الرجل عندما يهجم مع المشركين على جيش المسلمين يكون من أشد الناس ضرراً بالمسلمين، وعندما يرجع وينسحب جيش المشركين يكون من أشد الناس حماية لهذا الجيش.

وفي رواية أخرى: أنه قتل عدداً كبيراً من المسلمين، يعني: أنه كان رجلاً شديد السطوة، وشديد القوة على الإسلام والمسلمين، يقول أسامة : فغشيته أنا ورجل من الأنصار، أي: استحكمنا منه ولم يبق لنا إلا قتله، فقال: لا إله إلا الله، وانظر إلى الموقف، فقد كان في منتهى الوضوح في عيون كل المشاهدين للحدث، فسيدنا أسامة بن زيد يجري وراءه من أول القتال حتى أمسك به هو والأنصاري، ووضعوه أمامهم من أجل أن يقتلوه، والرجل إلى هذه اللحظة كان شديداً جداً على المسلمين، وقد قتل عدداً كبيراً من المسلمين، فقتله أسامة وكف عنه الأنصاري عندما سمع منه كلمة: لا إله إلا الله، يقول أسامة : فوقع في نفسي من ذلك، وخفت لو أني عملت ذنباً، فذكرته للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: (أقال لا إله إلا الله وقتلته! فقال أسامة : يا رسول الله، إنما قالها خوفاً من السلاح)، يقول المبرر الحقيقي الذي عنده، وفي رواية: (يا رسول الله أوجع في المسلمين، وقتل فلاناً وفلاناً وفلاناً، وسمى له نفراً، وإني حملت عليه فلما رأى السيف قال: لا إله إلا الله، فقال صلى الله عليه وسلم: أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها متعوذاً أم لا)، وفي رواية: (وكيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة) .

وهنا أسامة بن زيد رضي الله عنه لم يكرر التبرير عندما وضح له بالفعل أنه لم يشق عن قلبه، ولأنه لا يعلم خفايا القلوب إلا الله عز وجل، واحتمال أنه قالها فعلاً من قلبه، لكن الشواهد كلها تشير إلى غلبة الظن من أن الرجل قال الكلمة خوفاً من السلاح، وكل هذا يبقى ظناً ولا سبيل إلى التيقن من صدق الرجل أو كذبه، وعند ذلك قال أسامة مباشرة: يا رسول الله استغفر لي. ولم يعمد إلى افتعال جدل طويل ومناقشات ومحاورات، وإنما اعتراف بالخطأ، ثم قال أسامة : حتى تمنيت أني لم أسلم قبل ذلك، أي: يا ليتني أسلمت هذا اليوم، حتى لا يكون في صحيفتي هذه الجريمة الكبرى، فلم يجلس يبرر فيها، مع أنه كما نرى كل الملابسات تقول: إن الغالب على الظن أن الرجل قال الكلمة خوفاً من السلاح، لكن لا أحد كشف لنا عن قلبه.

توبة أسامة بعد شفاعته في المرأة المخزومية

كذلك: أسامة بن زيد عندما ذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليشفع في المخزومية التي سرقت، وذلك حتى لا تقطع يدها -وبنو بني مخزوم قبيلة قوية وشريفة- قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو غاضب: (أتكلمني في حد من حدود الله).

ولم يأت أسامة بن زيد رضي الله عنه بالمبررات ويقول: إن هذه المرأة من عائلة كبيرة، وسيحدث مشاكل في المجتمع المسلم، وهذه أول مرة لها، لا، كل هذا الكلام لم يفكر فيه، بل قال: استغفر لي يا رسول الله، فمباشرة عرف أنه قد أخطأ، فلا جدال، ولا محاورات ولا مناقشات، ولذا فإن المستفيد من ذلك هو الشخص المخطئ، لأنه هو الذي سيتوب من الذنب، ولأنه الذي كان سيحاسب عليه، فالله رحمه بأن يسر له من ينصحه في الله، ويقول له: أنت أخطأت، ومن أجل هذا نريد أن نوسع صدورنا عند النصيحة، لما يأتيك أحد ويقول لك: إنك مخطئ، ففكر في الذنب ولا تفكر بصورتك أمام هذا الرجل، بل تب بسرعة لعل الله عز وجل أن يقبض روحك وأنت تائب خير لك من أن يقبضها وأنت على معصية.

وتأمل كيف كان الصحابة يتعاملون مع الذنب عندما يعرفوه من أحدهم، ففي مسلم عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال: (كنت أضرب غلامًا لي فسمعت من خلفي صوتاً يقول: اعلم أبا مسعود لله أقدر عليك منك عليه، فالتفت فإذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم)، فهنا في هذا الوقت حصل ذنب، فقد كان الرجل يضرب غلاماً له، والرسول صلى الله عليه وسلم قاله له: (لله أقدر عليك منك عليه) أي: يحذره، فقال أبو مسعود الأنصاري رضي الله عنه وأرضاه عند ذلك: هو حر لوجه الله يا رسول الله، فأعتق الغلام، ولم يقل له: والله إن الغلام عمل كذا وكذا، وأنت لا تعرف ذلك يا رسول الله، وأنا قد رأيت ذلك منه، والبارحة قد عمل أيضاً كذا، ويمكن أن يذكر له مبررات كثيرة جداً، وقد تكون بعض هذه المبررات صحيحة، لكنه عرف أنه قد تجاوز، وعند اكتشافه لذلك لم يتردد لحظة في التوبة إلى الله عز وجل، ولم يجادل دقيقة واحدة، ثم قال له صلى الله عليه وسلم: (أما لو لم تفعل للفحتك النار)، وفي رواية (لمستك النار)، يعني: كان خطأً يستحق العقاب الشديد من الله عز وجل، لكن الإنسان مجرد أن تاب إلى الله عز وجل تاب الله عليه، وهذا هو المقصود.


استمع المزيد من د. راغب السرجاني - عنوان الحلقة اسٌتمع
سلسلة كن صحابياً جيل فريد 3244 استماع
سلسلة كن صحابياً الصحابة واتباع الرسول 3205 استماع
سلسلة كن صحابياً الصحابة والعلم 3106 استماع
سلسلة كن صحابياً الصحابة والدعوة 2892 استماع
سلسلة كن صحابياً صناعة الرجال 2827 استماع
سلسلة كن صحابياً الصحابة والأخوة 2706 استماع
سلسلة كن صحابياً الصحابة والجنة 2570 استماع
سلسلة كن صحابياً القابضون على الجمر 2454 استماع
سلسلة كن صحابياً الصحابة والدنيا 2411 استماع
سلسلة كن صحابياً الصحابة والإخلاص 1916 استماع