شرح أخصر المختصرات [65]


الحلقة مفرغة

السؤال: كيف يعطى من حضر القسمة؟ وما حكم تعمد الحضور لمثل هذا؟ وما مقدار العطية منه، وجزاكم الله خيراً؟

الجواب: قد اختلف في قوله تعالى: وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُوا الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ [النساء:8] حيث قيل: إنها منسوخة، وقيل: إنها على الاستحباب، ومعنى ذلك: أنه على الذين يقتسمون المال وحضرهم بعض أقاربهم من المستضعفين وذوي الحاجة أن يعطوهم رزقاً من ذلك المال، لا سيما إذا كان مطعوماً، مثل أن يقتسموا الطعام بالصاع تمراً أو حنطةً، أو نحو ذلك، أو يحضرهم أخ للميت أو ابن أخٍ من ذوي الحاجة، أو يأتيهم أحد من أقاربهم فيعطونه صاعاً أو صاعين أو ما أشبه ذلك.

السؤال: ما الفرق بين التعصيب مع الغير، والتعصيب بالغير، والتعصيب بالنفس. وجزاكم الله خيراً؟

الجواب: ذكروا أن العصبة ثلاثة أقسام: عصبة بالنفس، وعصبة بالغير، وعصبة مع الغير، فالعصبة بالنفس كلهم ذكور، أي: أن الإنسان يرث بنفسه، وهم الذكور: الابن، وابن الابن، والأب، والجد، والإخوة وبنوهم، والأعمام وبنوهم، والمعتق، فهؤلاء أحدهم يقرب نفسه، فهو الذي يرث، وهو الذي يعصب نفسه.

وأما العصبة بالغير ومع الغير فإنهن إناث، فالعصبة بالغير: البنت يعصبها أخوها، وبنت الابن يعصبها أخوها أو ابن عمها الذي في درجتها، والأخت الشقيقة يعصبها أخوها الشقيق، والأخت من الأب يعصبها الأخ من الأب إذا كان أبوهما واحداً. ومعنى ذلك: أنه ينقلها من الإرث بالفرض إلى الإرث بالتعصيب، فبدل أن كانت البنات يأخذن الثلثين، فإذا كان معهن أخوهن أو إخوتهن فلا يأخذن الثلثين، بل يقتسمون الباقي ولو كان أقل من الثلث، أو أقل من الثلثين أو نحو ذلك.

فمثلاً: ماتت امرأة عن زوج وأم وأب وثلاث بنات، فالبنات لهن الثلثان ولو عالت المسألة إلى ثلاثة عشر، ولو كان معهن أخوهن لها عالت المسألة، فبدل ما يأخذون ستة من ثلاثة عشر يأخذون خمسة من اثني عشر، ويرثون بالتعصيب ويُسمى بالنسبة للأخ تعصيباً بالنفس، ولأخواته البنات تعصيباً بالغير.

وأما التعصيب مع الغير فمثاله: الأخت إذا كانت مع البنت أو مع بنت الابن، أي: شقيقة الأخت أو أخت لأب فإنها ترث ما بقي من المال، ويُسمى هذا تعصيباً مع الغير.

السؤال: ذكر شيخ الإسلام رحمه الله تعالى أن من أسباب الإرث: الإسلام على اليد، والالتقاط، وكونهما من أهل الديوان، فما معنى هذا القيد؟ والله يرعاكم.

الجواب: هذه أدخلوها في المولى، وفيها خلاف قوي، يقول: إذا دعوت نصرانياً أو مجوسياً وأسلم على يدك، ثم مات وليس له وارث، وله أموال بحيث إنك أنت الذي تسببت في هدايته فتعتبر مولىً له فترثه على هذا القول؛ لأنه أسلم على يديك.

والقول الثاني: أن ماله لبيت المال.

وأما الالتقاط فمعنى ذلك: إذا وجد لقيط ليس له أب، كأولاد البغايا، فإذا ولدت البغي ألقت ولدها غالباً إما في مسجدٍ أو في زاوية في برية أو في غير ذلك، فإذا التقطه إنسان ورباه فإذا مات وله مال فهذا الذي التقطه ورباه أولى بماله، وقيل: ماله لبيت المال.

وأما كونهما من أهل الديوان، فالمراد أنهما كانا يجتمعان ويدونان اسميهما تحت مسمىً واحد، فيكون هذا دليلاً على أخوتهما وتُسمى هذه أخوةً بالمؤاخاة، يعني: اسمهما في ديوان واحد، والصحيح -وهو القول المشهور- أنهما لا يتوارثان.

السؤال: هل يجوز للمرأة أن توصي لزوجها بالنصف إذا لم يكن لها وارث إلا هو، وهل يكون هذا النصف نصف المال أو نصف المال بعد فرضه؛ فإني لم أتبين كيفية القسمة، وجزاكم الله خيراً؟

الجواب: إذا ماتت وليس لها وارث إلا الزوج فيأخذ نصف المال بالفرض، ويبقى النصف الآخر اختلف لمن يكون إذا لم يكن لها وراث غير زوجها؟

فأكثر العلماء يقولون: يصرف لأقاربها ولو كانوا بعيدون، ولو إلى الجد العاشر، ولو من القبيلة، أو لسيدها الذي أعتقها، فإذا لم يوجد لها أحدٌ قريب فقيل: إن النصف الباقي لبيت المال، وقيل: إنه يرد على الزوج، ويسمى هذا الرد كما أسماه كثير من العلماء: الرد على الزوجين، وأجازه بعضهم كـشيخ الإسلام ، فعلى هذا القول يأخذ المال كله فرضاً ورداً.

السؤال: هل الأخ من الأب يُعصب الأخت الشقيقة؟

الجواب: لا يعصبها. بل هي أقوى منه وأقرب، ولا يرث إلا ما بقي بعد النصف، فإذا مات ميتٌ وله أخت شقيقة وأخ لأب، فالشقيقة تأخذ النصف كاملاً فرضاً، والباقي يأخذه الأخ من الأب تعصيباً، ولو قدرنا أنه ما بقي إلا قليل فليس له إلا ما بقي.

فإذا كان عندنا زوج وأخت شقيقة وأخ من الأب فالزوج له النصف، والشقيقة لها النصف، ويسقط الأخ من الأب؛ وذلك لاستغراق أصحاب الفروض جميع التركة.

السؤال: رجلٌ قسم تركته بين أبنائه وهو حيٌ ولم يفرض لزوجته التي لا تزال على قيد الحياة، فما حكم عمله هذا؟

الجواب: نرى أن ترد القسمة، كما جاء في قصة غيلان الثقفي في عهد عمر لما طال عمره قسَّم أمواله في حياته على أولاده، وطلق نساءه؛ حتى لا يرثن، فجيء به إلى عمر فقال: (لتراجعن نساءك، ولتسترجعن أموالك، أو لأمرن بقبرك أن يرجم). أي: أنه ما فعل ذلك إلا ليحرم زوجاته.

فإذا كانت زوجته في ذمته فلا يحرمها من حقها لاسيما إذا كان كبيراً مترقباً للموت، فعليه أن يترك المال حتى يقسم قسمةً شرعية، أما فعله هذا فيعتبر ظلماً؛ لأنه ما قصد من ذلك إلا حرمان الزوجة.

السؤال: رجلٌ مصاب بمرض السكري ويريد الزواج، فهل يجب عليه أن يخبر من يريد الزواج منهم، وجزاكم الله خيراً؟

الجواب: إذا كان هذا المرض لا يعوقه عن الاستمتاع ولا يعوقه أيضاً عن الإنجاب فلا يلزمه الإخبار، أما إذا كان في التقارير أنه لا يحصل منه الإنجاب، أو لا يحصل منه كمال الاستمتاع فلابد أنه يبين أمره للزوجة.

وكذلك أيضاً ليس هو مرضاً وراثياً، أو أنه ينتقل ويعدي كما يقولون، بل هذا ليس بصحيح.

السؤال: تقام في بعض الأعراس عند النساء ما تسمى بضاربة الطبل أو الدف، فهل يجوز أن تذهب نساؤنا إلى مثل هذه الأعراس، وجزاكم الله خيراً؟

الجواب: الضرب بالدف جائزٌ في الأعراس، وقد يكون مندوباً، كما ورد أنه صلى الله عليه وسلم قال: (أعلنوا النكاح، واضربوا عليه بالدف) ، وقال: (فرق ما بين النكاح والسفاح الضرب بالدف) ، ولعل السبب فيه إظهار الفرح والسرور.

وأما إذا كان معه طبول أو أصوات موسيقية أو أغانٍ ماجنة، أو تغنجٌ وأهازيج ونحو ذلك مما لا يحل، فننصح بعدم حضوره للنساء.

السؤال: كيف نجمع بين قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا عدوى ولا طيرة) وبين قوله: (وفر من المجذوم فرارك من الأسد) ؟

الجواب: جمعوا بينهما بأن قوله: (لا عدوى ولا طيرة)، نافٍ لما كانت العرب تعتقده من أن الأمراض تعدي بطبعها، فإنهم كانوا يعتقدون أن المرض بطبيعته يعدي.

فبين صلى الله عليه وسلم أنه لا ينتقل إلا بإذن الله، وقد جعل الله تعالى المخالطة سبباً، ولكن ليست سبباً أكيداً، فقد يحصل الاختلاط ومع ذلك لا تنتقل الأمراض، فنهى عن المخالطة، بألا يُورد ممرضٌ على مصح، فـ: (فر من المجذوم فرارك من الأسد) مخافة أن يصيبه مرضٌ، فيعتقد صحة العدوى، وأنها كما يقول الجاهليون تعدي بطبيعتها.

السؤال: أشكل عليَّ تمثيل الفقهاء رحمهم الله تعالى بالحقوق المتعلقة بعين التركة بأرش جناية العبد المتعلق برقبته، فآمل منكم توضيح ذلك؟

الجواب: إذا مات الميت وله تركة:

فأولاً: يبدأ بتجهيز الميت، كأجرة الحفر، والغسل، وثمن الكفن والحنوط.

ثانياً: الحقوق المتعلقة بعين التركة.

مثاله: إذا رهن إنسان بيتاً بدين، فهو أحق به حتى يأخذ دينه، أو رهن سيفاً من التركة فهو أحق بثمنه، فإذا استوفى دينه فالبقية بين الورثة.

والفقهاء يمثلون بأرش الجناية على العبد؛ لأن الرق كان كثيراً في زمانهم.

مثال ذلك: إذا كان في التركة عبد مملوك، وهذا العبد قد شج إنساناً -أي: جرحه في رأسه- فقدر جرحه بخمسٍ من الإبل، وقطع إصبع إنسان آخر فقدر الإصبع بعشر من الإبل، فهذه تكون خمسة عشر، والتركة موجودة ومنها هذا العبد، فيقدم صاحب الشجة وصاحب الإصبع في قيمة العبد، فيباع العبد ويؤخذ منه أرش الشجة، وأرش الإصبع، مقدمة على بقية أصحاب الديون؛ لأن أرشهم تعلق برقبة هذا العبد، فهم أولى بثمنه، فإن أوفاهم ثمنه وإلا فهم في بقية المال مثل بقية الغرماء، وإذا قدرت الشجاج -مثلاً- بعشرين ألفاً، وقيمة العبد عشرة آلاف فتأخذ العشرة الآلاف والعشرة الباقية يرجعون فيها إلى بقية المال ويتحاصون مع الغرماء، أي: يقتسمون المال هم والغرماء، فإن أوفاهم وإلا فلا شيء لهم.


استمع المزيد من الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح أخصر المختصرات [21] 2741 استماع
شرح أخصر المختصرات [28] 2718 استماع
شرح أخصر المختصرات [72] 2608 استماع
شرح أخصر المختصرات [87] 2572 استماع
شرح أخصر المختصرات [37] 2486 استماع
شرح أخصر المختصرات [68] 2350 استماع
شرح أخصر المختصرات [81] 2342 استماع
شرح أخصر المختصرات [58] 2334 استماع
شرح أخصر المختصرات [9] 2321 استماع
شرح أخصر المختصرات [22] 2271 استماع