شرح أخصر المختصرات [53]


الحلقة مفرغة

ذكر المصنف تقسيم المال بين الجد والإخوة، وننبه إلى أن مسألة الجد والإخوة من المسائل الحرجة التي وقع فيها خلاف كبير بين العلماء المتقدمين من عهد عمر رضي الله عنه، فأفتى فيها أبو بكر بأن الجد يحجب الإخوة وأنه كالأب، وهذا هو الراجح الذي عليه الفتوى.

وذهب آخرون إلى أن الجد لا يسقط الإخوة لكونهم في القرب وهو أسوة.. يعني أنهم متساوون، فالإخوة يقولون: نحن ندلي بالأب، والجد يقول: أنا أدلي بالأب، أي: أنا واسطتي أبوه، فهم يقولون: نحن أبناء أبيه، وهو يقول: أنا أبو أبيه، فجعلوهم أسوة مع الجد، فورَّثوهم معه، سواء كانوا إخوة أشقاء أو إخوة من الأب، فيجعلون الجد كواحد منهم إلا إذا كانت المقاسمة تنقِّصه، فإذا لم يكن معهم صاحب فرض فإنه يقال: أنت بالخيار: إما أن تأخذ ثلث المال أو تقاسم الإخوة، فيختار الأحظ له، فإن كان الإخوة أقل من مثليه فالمقاسمة أحظ له، وإن كان الإخوة مثليه استوى له المقاسمة وثلث المال، وإن كان الإخوة أكثر من مثليه فالمقاسمة تنقِّصه فيأخذ ثلث المال.

يقول المؤلف رحمه الله: [فصلٌ

والجد مع الإخوة والأخوات لأبوين أو لأب كأحدهم:

فإن لم يكن معه صاحب فرض فله خير أمرين: المقاسمة أو ثلث جميع المال.

وإن كان فله خير ثلاثة أمور: المقاسمة، أو ثلث الباقي بعد صاحب الفرض، أو سدس جميع المال، فإن لم يبق غيره أخذه وسقطوا إلا في الأكدرية.

وهي: زوج، وأم، وجد، وأخت لأبوين أو لأب، فللزوج نصف، وللأم ثلث، وللجد سدس، وللأخت نصف، فتعول إلى تسعة، ثم يقسم نصيب الجد والأخت بينهما، وهو أربعة على ثلاثة فتصح من سبعة وعشرين، ولا يعول في مسائل الجد ولا يفرض لأخت معه ابتداءً إلا فيها.

وإذا كان مع الشقيق ولد أب عده على الجد ثم أخذ ما حصل له.

وتأخذ أنثى لأبوين تمام فرضها والبقية لولد الأب.

فصلٌ

حجب الحرمان لا يدخل على الزوجين والأبوين والولد، ويسقط الجد بالأب، وكل جد وابن أبعد بأقرب، وكل جدة بأم، والقربى منهن تحجب البعدى مطلقاً، لا أبٌ أمّه أو أمّ أبيه.

ولا يرث إلا ثلاث، أم أم، وأم أب، وأم أبي أب وإن علون أمومة.

ولذات قرابتين مع ذات قرابة ثلثا السدس.

ويسقط ولد الأبوين بابن وإن نزل، وأب، وولد الأب بهؤلاء وأخ لأبوين، وابن أخ بهؤلاء وجدٍّ، وولدُ الأم بولدٍ وولدِ ابنٍ وإن نزل، وأبٍ وأبيه وإن علا.

ومن لا يرث لمانع فيه لا يحجب.].

ما يأخذ الجد مع الإخوة إذا لم يكن معهم صاحب فرض

كما ذكرنا فإن مسائل الجد والإخوة من أكثر المسائل غموضاً، حيث لم يرد فيها حديث مرفوع، واختلف فيها الصحابة اختلافاً كثيراً، فأفتى أبو بكر رضي الله عنه بأن الجد كالأب يُسقط الإخوة، وأما عمر فاختلف رأيه: فتارةً يسقط الإخوة بالجد، وتارةً يورِّثهم، وتارة يتوقّف ويكره الفتيا في هذه المسألة.

ولكنها وقعت له، فوقع أنه مات أحد أبنائه وله ذرّية، ثم مات أحد أولئك الذرية وله إخوة وجد، وهو عمر نفسه، فلم يكن بد من أن يفتي فيها، فاختار أن الجد لا يسقط الإخوة بل يقاسمهم ولكن له طريقة وهي التي ذكرت هنا.

فالفتوى الآن على أن الجد يسقط الإخوة وأنه كالأب، وقد نصر ذلك ابن القيم في كتابه إعلام الموقعين بنحو عشرين وجهاً، فدل على أن الجد يُسقط الإخوة وأنه كالأب، فمن أرادها طالعها.

وإذا قيل: إن الجد لا يُسقطهم فإنهم ينظرون ما هو الأحظ له، وذلك لأنه أقوى من الإخوة، فلما كان كذلك جعلوه أفضل منهم.

والإخوة الذين يقاسمهم الجد هم الأشقاء أو لأب، وذلك لأنهم جميعاً يدلون بالأب وهو يدلي بالأب، فإذا كان معه إخوة فإنه يكون كأحدهم، فإذا كان في المسألة جد وأخ فإن المال يقسم نصفين، وإذا كان فيها جد وأخت فإن الجد كأخ، فللأخت سهم وله سهمان كما لو كان أخاها، وجد وأختان له سهمان ولهما سهمان لكل واحدة سهم.

فإذا لم يكن معهم أصحاب فروض فإن له خير الأمرين: المقاسمة أو ثلث المال.

فالمقاسمة أن يقتسم المال مع الإخوة على عدد الرءوس.

وتكون المقاسمة خيراً له من ثلث المال إذا كان الإخوة أقل من مثليه، وذلك إذا كانوا مثله مرة ونصف مرة أو مثله مرة، أو نصف مثله، وتنحصر في خمس صور:

جد وأخت؛ الأخت نصفه.

جد وأختان؛ الأختان مثله.

جد وأخ؛ الأخ مثله.

جد وأخ وأخت؛ الأخ والأخت مثله مرة ونصف مرة.

جد وثلاث أخوات؛ الثلاث الأخوات مثله مرة ونصف مرة.

ففي هذه الحالات تكون المقاسمة خيراً له، فإنه إذا كانت مع الجد أخت واحدة يأخذ الثلثين، وإذا كان معه أختان أو أخ يأخذ النصف، وإذا كان معه أخ وأخت أو ثلاث أخوات يأخذ الخمسين، وهو أكثر من الثلث.

الحالة الثانية: أن يستوي له المقاسمة وثلث المال، وتنحصر في ثلاث صور، وضابطها أن يكون الإخوة مثليه، أي: مثله مرتين، وصورها ثلاث: جد وأَخَوَان لكل واحد سهم، جد وأخ وأختان؛ الأختان سهم والأخ سهم والجد سهم، جد وأربع أخَوات؛ الجد سهم وأختان سهم وأختان سهم، ففي هذه الحالات تستوي له المقاسمة وثلث المال.

أما إذا كان الإخوة خمسة، أو أخوين وأختاً، أو ثلاثة أخوة، أو خمس أخوات، ففي هذه الحالات يكون الإخوة أكثر من مثليه، فإذا كانوا أَخَوين وأختاً، فهم مثله مرتين ونصفاً، وكذلك أخ وثلاث أخوات مثله مرتين ونصف مرة، أو خمس أخوات فهن مثله مرتين ونصف مرة، ففي هذه الحالات لو قاسمهم ما حصل له إلا سبعان، أي: سهمان من سبعة وهذا أقل من الثلث، ففي هذه الحال يأخذ ثلث المال؛ لأنهم أكثر من مثليه.

هذا معنى قوله: (إذا لم يكن معه صاحب فرض فإنه يخيَّر بين أمرين المقاسمة أو ثلث جميع المال).

ما يأخذه الجد مع الإخوة إذا كان معهم صاحب فرض

فإن كان معه صاحب فرض، ففي هذه الحال نعطي صاحب الفرض فرضه ثم ننظر في الباقي، فنقول: له ثلاث حالات: إما المقاسمة، وإما ثلث الباقي، وإما سدس جميع المال.

فمثلاً: إذا كان يوجد معه جدة أو أم أو زوج أو زوجة أو بنت ففي هذه الحال ننظر في الباقي.

فإذا كان معه جدة، فإن الجدة تأخذ السدس، فإذا كان عندنا جد وأخت وجدة بقي عندنا خمسة أسداس بعد الجدة، فالأحَظُّ للجد المقاسمة، لأنه يأخذ من الخمسة الباقية ثلثيها، وتأخذ الأخت ثلثها، وتصح المسألة من ثمانية عشر، نعطي الجدة منها ثلاثة، بقي عندنا خمسة عشر، فالأخت تأخذ خمسة من ثمانية عشر، والجد يأخذ عشرة من ثمانية عشر فهي أكثر من النصف، فالمقاسمة أحظ له.

أما لو كان معنا زوج وأخت وجد، ففي هذه الحال يأخذ الزوج النصف، ويبقى معنا ثلاثة من ستة فننظر فإذا الزوج أخذ النصف والباقي نصف وهو ثلاثة من ستة، ومعنا جد وأخت، فنظرنا وإذا هم ثلاثة: الجد عن اثنين والأخت عن واحد، فيكون الأحظ للجد في هذه الحال المقاسمة أيضاً، لأنها خير من السدس وخير من ثلث الباقي، وللأخت ثلث الباقي.

أما إذا كثر أصحاب الفروض، كما إذا كان عندنا مثلاً زوج وأم وجد وإخوة، ففي هذه الحال للزوج النصف، والأم لها السدس، ويبقى سدسان للجد والإخوة، فلو قاسمهم لنقص عن السدس، فنقول يأخذ السدس كاملاً والسدس الباقي للإخوة يقتسمونه ولو كانوا عشرة.

فإذا لم يبق بعد الفروض إلا السدس أخذه، مثال ذلك: إذا كان عندنا زوج وبنتان وجد وإخوة، الزوج له الربع ثلاثة، والبنتان لهما الثلثان ثمانية، هذه أحد عشر، وبقي عندنا واحد من اثني عشر، فنعطي الجد السدس وتعول المسألة، ويسقط الإخوة ولو كانوا عشرة؛ لأن الجد لا يسقط ولا ينقص عن السدس كاملاً أو عائلاً.

فيقول: (إن كان) أي معه (صاحب فرض، فله خير ثلاثة أمور: المقاسمة، أو ثلث الباقي بعد صاحب الفرض، أو سدس جميع المال).

عرفنا مثلاً أن المقاسمة أحظ له فيما إذا كان الباقي من المال أكثر من النصف، ومثَّلنا بما إذا كان عندنا جدة لها السدس والباقي خمسة أسداس، فإذا كان عندنا مثلاً جد وأخ فيكون للجد سدسان ونصف، وللأخ سدسان ونصف، أي: فله ثلث ونصف السدس، فيكون أكثر من ثلث المال، وهو أكثر وأحظ من ثلث الباقي.

وأما إذا كان عندنا مثلاً زوجة وأَخَوَان وجد، فالزوجة لها الربع، وبقي عندنا أَخَوان وجد، وبقي معنا ثلاثة أرباع، إذا قاسمهم أخذ سهماً وأخذ الأخوان سهمين، فتكون المقاسمة أحظ له من سدس المال، وإذا قلنا له ثلث الباقي فالباقي بعد فرض الزوجة ثلاثة، ففي هذه الحالة يستوي له المقاسمة وثلث الباقي.

فأما إذا كان عندنا بنتان وأم وجد وإخوة، فالبنتان لهما الثلثان أربعة من ستة، والأم لها السدس واحد من ستة، وبقي عندنا سدس يأخذه الجد ويسقط الإخوة، وهذا هو معنى قوله: (فإن لم يبق غيره أخذه وسقطوا) أي: يسقط الإخوة.

المسألة الأكدرية

إلا في مسألة اسمها الأكدرية فإنه في هذه المسألة ترث الأخت ويفرض لها، ويقول الناظم:

والأخت لا فرض مع الجد لها فيما عدا مسألة كمّلها

زوج وأم وهما تمامهـا فافهم فخير أمة علامها

تعرف يا صاح بالاكدريه وهي بأن تعرفها حريه

فيفرض النصف لها والسدس له حتى تعول بالفروض المجملة

ثم يعودان إلى المقاسمه كما مضى فاحفظه واشكر ناظمه

فهي زوج وأم وجد وأخت لأبوين أو لأب، المتَّبع أن الزوج له النصف ثلاثة، وأن الأم لها الثلث لعدم الجمع من الإخوة، وأن الجد له السدس الباقي، وأن الأخت تسقط.

ولكن في هذه الحال جعلوا لها فرضاً، وذلك حتى يزيد نصيب الجد، فأعطوها النصف كالعادة أن الأخت ترث النصف، وأن الأختين ترثان الثلثين، إذا لم يكن هناك أب، وأن الجد مثل أحدهم.

ولكن في هذه المسألة فرضوا للأخت فأعطوا الأخت النصف ثلاثة، والزوج النصف ثلاثة، والجد السدس، والأم الثلث، فعالت المسألة إلى تسعة، ثم نجمع نصيب الأخت مع نصيب الجد ونقسمه بينهما، فالأخت لها ثلاثة من التسعة والجد له واحد، وهو يقول: أنا وأنتِ على حد سواء فلماذا لا نتقاسم فنجمع سهامنا الأربعة ونقسمها بيننا: لي سهمان ولك سهم، والأربعة لا تنقسم على الثلاثة، فنأخذ رءوسهم، وهم ثلاثة؛ لأن الجد عن اثنين وهي عن واحد، فنضرب ثلاثة في أصل المسألة مع عولها، أي: في تسعة، فتصح إذا ضربت ثلاثة في تسعة بسبعة وعشرين، فتنقسم فتعطي الزوج ثلاثة مضروبة في ثلاثة بتسعة، وتعطي الأم اثنين مضروباً في ثلاثة بستة، ويبقى عندك سهامهم أربعة مضروبة في ثلاثة باثني عشر يقتسمونها، فللأخت أربعة وله ثمانية.

وربما: يلغِز بعضهم فيقول: ها هنا أربعة، أخذ أحدهم ثلث المال، وأخذ الثاني ثلث ما بقي، وأخذ الثالث ثلث الباقي، وأخذ الرابع الباقي.

وذلك أن الزوج أخذ تسعة، وهي ثلث الجميع، أي: ثلث سبعة وعشرين، بقي ثمانية عشر سهماً أخذت الأم منها ستة، وهي ثلث الثمانية عشر، بقي اثنا عشر، للأخت منها أربعة، وهي ثلث الاثني عشر، فهذه مسألة الأكدرية.

ولا يعول في مسائل الجد إلا هذه المسألة، ولا يفرض للأخت معه ابتداءً، إلا في هذه المسألة.

مسائل المعادة

بعد ذلك ذكر أن الشقيق يَعُد ولد الأب على الجد ثم يأخذ ما بيده، لأنه يحجبه، وذلك لأن الأخ من أبوين أقوى من الأخ من أب فلأجل ذلك يحجبه.

وصورة المعادة: أن إذا كان معنا جد وأخ شقيق وأخ من أب فالجد ليس له دخل في أمهم يقول: أنتم سواء بالنسبة لي لأنكم تدلون بالأب، فالإخوة الأشقاء يزاحمون الجد، والإخوة من الأب يزاحمون الجد ويأخذون معه، فلو لم يكن معنا إلا إخوة من الأب لزاحموه وقاسموه، فإذا كان معنا أخ شقيق وأخ من أب فإن الأخ من الأب ينضم إلى الشقيق فيقولان: نحن الآن مثلك مرتين فلك الثلث ولنا الثلثان. فإذا أخذا الثلثين فإن الأخ الشقيق يقول للأخ لأب: لو لم يكن إلا أنا وأنت هل ترث؟ لا ترث، لأني أقوى منك. فيأخذ نصيب الأخ من الأب، فهو يعده على الجد، ثم يأخذ نصيبه لأنه ليس وارثاً معه، أي: يعده على الجد ثم يأخذ ما حصل له.

متى يستعمل المعادّة؟ إذا كان الأشقاء أقل من مثلي الجد؛ فإنهم لو كانوا أقل من مثلي الجد فإنهم يعدون الإخوة لأب على الجد، ثم بعد ذلك يأخذون ما بيد الإخوة من الأب، ويقولون: ليس لكم شيء نحن أقوى منكم.

إذا كان الإخوة من الأبوين: أختاً واحدة شقيقة ومعها إخوة من الأب، فإن الشقيقة تقول لهم: هلموا معي حتى نزاحم الجد وحتى نعطيه الثلث، فتأخذ معها أخت وأخ من الأب، فبذلك يكونون مثل الجد مرتين: أختين واحدة شقيقة وواحدة من الأب، وأخاً من الأب، فيكونون مثلي الجد، فيأخذون الثلثين ويأخذ الجد الثلث.

في هذه الحال تقول لهم الأخت الشقيقة: أنا أقوى منكم، فإنه لو لم يكن إلا أنا وأنتم لأخذت النصف كاملاً، فالآن آخذ ميراثي كاملاً وهو النصف وما بقي فلكم، ففي هذه الحال تأخذ نصف المال، فننظر وإذا مخرج النصف من اثنين، والمسألة من ثلاثة، فإذا ضربنا اثنين في ثلاثة بستة، قلنا: للجد اثنان، وللأخت ثلاثة، وللأخ والأخت من الأب واحد من ستة؛ لأن الأخت أخذت نصفها كاملاً وما بقي فللأخ من الأب والأخت من الأب الذين كملوا الأخت الشقيقة حتى صاروا مثل الجد مرتين، فتأخذ الأنثى لأبوين تمام فرضها وهو النصف، والباقي لولد الأب.

العادة أنه لا يبقى لولد الأب إلا سدس، إذا كانت الأخت واحدة وأولاد الأب عشرة فإنها تعدهم على الجد وتقول: يا جد لك ثلث المال لأننا أكثر من مثليك، فلك ثلث المال ولنا الثلثان. وإذا أخذوا الثلثين قالت للإخوة من الأب: لو لم يكن إلا أنا وأنتم لكان نصيبي النصف وباقي المال لكم، والآن أنا آخذ نصيبي كاملاً وهو نصف التركة، ويبقى الباقي لكم فاقتسموه بينكم.

هذا على وجه الاختصار، ومن أراد التوسع فليقرأ في المؤلفات التي فيها الأمثلة بكثرة.

كما ذكرنا فإن مسائل الجد والإخوة من أكثر المسائل غموضاً، حيث لم يرد فيها حديث مرفوع، واختلف فيها الصحابة اختلافاً كثيراً، فأفتى أبو بكر رضي الله عنه بأن الجد كالأب يُسقط الإخوة، وأما عمر فاختلف رأيه: فتارةً يسقط الإخوة بالجد، وتارةً يورِّثهم، وتارة يتوقّف ويكره الفتيا في هذه المسألة.

ولكنها وقعت له، فوقع أنه مات أحد أبنائه وله ذرّية، ثم مات أحد أولئك الذرية وله إخوة وجد، وهو عمر نفسه، فلم يكن بد من أن يفتي فيها، فاختار أن الجد لا يسقط الإخوة بل يقاسمهم ولكن له طريقة وهي التي ذكرت هنا.

فالفتوى الآن على أن الجد يسقط الإخوة وأنه كالأب، وقد نصر ذلك ابن القيم في كتابه إعلام الموقعين بنحو عشرين وجهاً، فدل على أن الجد يُسقط الإخوة وأنه كالأب، فمن أرادها طالعها.

وإذا قيل: إن الجد لا يُسقطهم فإنهم ينظرون ما هو الأحظ له، وذلك لأنه أقوى من الإخوة، فلما كان كذلك جعلوه أفضل منهم.

والإخوة الذين يقاسمهم الجد هم الأشقاء أو لأب، وذلك لأنهم جميعاً يدلون بالأب وهو يدلي بالأب، فإذا كان معه إخوة فإنه يكون كأحدهم، فإذا كان في المسألة جد وأخ فإن المال يقسم نصفين، وإذا كان فيها جد وأخت فإن الجد كأخ، فللأخت سهم وله سهمان كما لو كان أخاها، وجد وأختان له سهمان ولهما سهمان لكل واحدة سهم.

فإذا لم يكن معهم أصحاب فروض فإن له خير الأمرين: المقاسمة أو ثلث المال.

فالمقاسمة أن يقتسم المال مع الإخوة على عدد الرءوس.

وتكون المقاسمة خيراً له من ثلث المال إذا كان الإخوة أقل من مثليه، وذلك إذا كانوا مثله مرة ونصف مرة أو مثله مرة، أو نصف مثله، وتنحصر في خمس صور:

جد وأخت؛ الأخت نصفه.

جد وأختان؛ الأختان مثله.

جد وأخ؛ الأخ مثله.

جد وأخ وأخت؛ الأخ والأخت مثله مرة ونصف مرة.

جد وثلاث أخوات؛ الثلاث الأخوات مثله مرة ونصف مرة.

ففي هذه الحالات تكون المقاسمة خيراً له، فإنه إذا كانت مع الجد أخت واحدة يأخذ الثلثين، وإذا كان معه أختان أو أخ يأخذ النصف، وإذا كان معه أخ وأخت أو ثلاث أخوات يأخذ الخمسين، وهو أكثر من الثلث.

الحالة الثانية: أن يستوي له المقاسمة وثلث المال، وتنحصر في ثلاث صور، وضابطها أن يكون الإخوة مثليه، أي: مثله مرتين، وصورها ثلاث: جد وأَخَوَان لكل واحد سهم، جد وأخ وأختان؛ الأختان سهم والأخ سهم والجد سهم، جد وأربع أخَوات؛ الجد سهم وأختان سهم وأختان سهم، ففي هذه الحالات تستوي له المقاسمة وثلث المال.

أما إذا كان الإخوة خمسة، أو أخوين وأختاً، أو ثلاثة أخوة، أو خمس أخوات، ففي هذه الحالات يكون الإخوة أكثر من مثليه، فإذا كانوا أَخَوين وأختاً، فهم مثله مرتين ونصفاً، وكذلك أخ وثلاث أخوات مثله مرتين ونصف مرة، أو خمس أخوات فهن مثله مرتين ونصف مرة، ففي هذه الحالات لو قاسمهم ما حصل له إلا سبعان، أي: سهمان من سبعة وهذا أقل من الثلث، ففي هذه الحال يأخذ ثلث المال؛ لأنهم أكثر من مثليه.

هذا معنى قوله: (إذا لم يكن معه صاحب فرض فإنه يخيَّر بين أمرين المقاسمة أو ثلث جميع المال).




استمع المزيد من الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح أخصر المختصرات [21] 2736 استماع
شرح أخصر المختصرات [28] 2712 استماع
شرح أخصر المختصرات [72] 2603 استماع
شرح أخصر المختصرات [87] 2567 استماع
شرح أخصر المختصرات [37] 2479 استماع
شرح أخصر المختصرات [68] 2345 استماع
شرح أخصر المختصرات [81] 2337 استماع
شرح أخصر المختصرات [58] 2327 استماع
شرح أخصر المختصرات [9] 2315 استماع
شرح أخصر المختصرات [22] 2263 استماع