فتاوى عامة


الحلقة مفرغة

السؤال: نرجو من الشيخ أن يبين لنا كيفية قضاء الوقت بالنسبة للمرأة؟ الجواب: المرأة كالرجل قد يعتريها بعض الأشياء التي يضيع بها الوقت، والمرأة يمكن أن تستغل وقتها، وهي مشغولة في بيتها، وقد لا تحتاج معه إلى شغل آخر؛ ولذلك يعاب على الذين يدعون إلى توظيف النساء ومشاركتهن للرجال، ويقولون: إنها فارغة، وليس عندها أي شغل في بيتها، فنقول: بل المرأة في بيتها تصلح شئون أولادها أو إخوتها، وكذلك تصلح أحوال بيتها، من غسيل أواني، أو غسيل ثياب، أو ما أشبه ذلك مما يصلح زوجها أو يصلح أولادها أو إخوتها. وهي تستطيع أن تقرأ، وقد كثرت القراءة والكتابة للنساء في هذه الأزمنة، تقرأ القرآن وحدها أو مع غيرها، وتتدبر وتتعقل، وكذلك تقرأ في السنة، وتستفيد من كتب السنة لوحدها أو مع غيرها، مع التدبر والتعقل ونحو ذلك. وكذلك أيضاً تجتمع مع زميلاتها وصديقاتها ويتباحثن -إذا تيسر لهن ذلك- فيما يهم المجتمع، وفيما يهمهن خاصة، وأخواتهن عامة، وفيما يقوي إيمانهن زيادةً على الأعمال الصالحة كالأذكار والصلوات والعبادات وما أشبهها، ولا شك أنها بذلك تستطيع أن تقضي على وقت الفراغ، أما إذا اعتلت أنها لا تستطيع أن تقرأ، ولا تعرف أن تستفيد من الكتب، أو ضجرت من طول القراءة أو ما أشبه ذلك، فعندها السماع، فتستطيع أن تقتني الأشرطة الدينية المشتملة على تعليمات وخطب وما أشبه ذلك، أو الإذاعات الدينية التي تشتمل على فضائل وقرآن وإرشادات وما أشبه ذلك، أو قراءة الصحف المفيدة، أو المجلات المفيدة المشتملة على المواعظ والذكرى، وما أشبه ذلك، وبذلك يشغل الإنسان وقت فراغه من رجل وامرأة.

السؤال: بعض الكتب المفيدة المختصرة تتولى بعض المحلات التجارية الخيّرة طبعها مع وضع أسماء هذه المحلات على هذه الكتب، فهل يجوز توزيع هذه الكتب في المساجد باعتبار أنها تعتبر دعاية لهذه المحلات؟ الجواب: لا بأس بتوزيعها إذا كان فيها فائدة، ولو كان قصد الذين طبعوها نشر محلاتهم ومؤسساتهم، ولكن لا يضر ذلك إن شاء الله ما دام أن فيها فوائد دينية ونصائح نافعة، فلا بأس بتوزيعها.

السؤال: هل التقوى مكتسبة أم فطرية؟ الجواب: بل مكتسبة، الأعمال الصالحة مكتسبة، ولأجل ذلك أمر الله بها، والله تعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا [الأحزاب:70]، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ [الحشر:18]، فهذا يدل على أن الإنسان يفعل هذه التقوى ويكتسبها، وأنها أعمال، وأصلها من التوقي، (اتقوا الله): يعني: توقوا عذابه، وكذلك قوله: فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [البقرة:24] يعني: توقوها. إذاً: هي الأعمال التي يعملها الإنسان ويكتسبها حتى يكون من أهل الثواب المرتب على التقوى، كما في قوله تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا [الطلاق:2] وقوله: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا [الطلاق:5]، ونحو ذلك، ولا شك أن هذا يدل على أنها عمل صالح.

السؤال: ما معنى أهل السنة والجماعة إذا قلنا:(هذه عقيدة أهل السنة والجماعة)؟ الجواب: السنة هي سنة النبي صلى الله عليه وسلم التي وصى بها، وكذلك سنة خلفائه، لقوله صلى الله عليه وسلم: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين)، وقال: (فمن رغب عن سنتي فليس مني)، وهي: طريقة الرسول وأعماله وأقواله وما كان عليه، وهي بحمد الله محفوظة، محفوظة أقواله، محفوظة أفعاله، محفوظة سيرته وسريرته، وهي التي عليها أهل هذه الطريقة، وسموا جماعة لأنهم أغلب الناس وأكثرهم وقت القرون الأولى، ولو قلوا في بعض الأزمنة، وكثر المخالفون لهم، ولكن من كان على الحق فهو جماعة ولو كان فرداً واحداً، وأصل الجماعة: المجتمع الكثير، والسواد الأعظم؛ لأن القرون الأولى كانوا هم السواد الأعظم، وكانت الفرق المخالفة لهم فرقاً قليلة، فلأجل ذلك قيل: أهل الجماعة، وعليهم تحمل الأحاديث التي فيها: (عليكم بالجماعة)، (عليك بجماعة المسلمين).

السؤال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للجنازة التي أثنى عليها الصحابة خيراً: (وجبت.. أنتم شهداء الله في الأرض).. الحديث، كيف يتفق هذا مع عقيدة أهل السنة والجماعة: لا يشهد لمعيَّن بجنة ولا بنار؟ الجواب: في هذا الحدث أن ثناء المسلمين يُستبشر به، فإذا أثنى المسلمون على أحد خيراً كان هذا الثناء مما يستبشر به، ولكن لا شك أن أولئك الذين في عهد النبي صلى الله عليه وسلم لهم خواص وميزات ليست لغيرهم، فإنهم أولاً صفوة الله وخيرته من هذه الأمة، فإن الصحابة خير قرون هذه الأمة، وهذه الأمة أفضل الأمم، أولئك الذين كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم، وكانوا أيضاً من أفاضل الصحابة وأعلمهم، واتفاقهم على الثناء على هذا خيراً، والثناء على هذا شراً دليل على معرفتهم، فجعل ذلك مما يستحق به ذلك الذي أثنوا عليه خيراً أن يُشهد له بالخير، فيقول: (هذا أثنيتم عليه خيراً فوجبت له الجنة)، بمعنى: أنه صار أهلاً لها، إما أن الله أطلع نبيه على ذلك، وإما أن ذلك على وجه التفاؤل أو على وجه التقريب.

السؤال: رجل يبيع السيارات بالتقسيط، فهل يدفع الزكاة رغم أنه لم يتسلم كل المبلغ أم يُخرج زكاة الأموال التي تسلمها من الأقساط فقط، جزاكم الله خيراً؟ الجواب: يخرج زكاة الأموال المجتمعة من الأقساط وأما المؤجلة فإن كانت على أناس ذوي يسار، وهو يستطيع أن يأخذها منهم في أي وقت فإنه يزكيها. وإن كانت في أيدي أناس ذوي فقر وقلة وعسر، فلا زكاة فيها إلا إذا قبضها، هذا حكم زكاة الدين، وقيل: إن الدين المؤجل لا زكاة فيه إلا إذا حل أجله، فإذا حل أجله فانظر، فإذا كان ذلك المدين معسراً فلا زكاة لما عنده حتى يسلمه، ولو بقي خمس سنين، ففيه زكاة سنة واحدة إذا قبضته، وإن كان موسراً ثرياً، وأنت لست بحاجة إلى المال، وتركته عنده، فإنك تزكيه حيث إنه بمنزلة الوديعة.

السؤال: ما حكم التصوير بكاميرات الفيديو، علماً بأن الذين يُصَوَّرون يجلسون أمام الشاشة ويتزينون ويضحكون، ما حكم ذلك، أرجو إفادتنا وجزاكم الله خيراً؟ الجواب: لا شك أن ذلك داخل في حكم التصوير المنهي عنه في قوله: (من صور صورة كلف يوم القيامة أن ينفخ فيها الروح)، وفي الحديث الآخر: (كل مصور في النار، يجعل له بكل صورة صورها نفس تعذبه في جهنم)، والأحاديث كثيرة في ذلك، وهي ظاهرة، ولكن قد يقول بعض الناس: إن هذا ليس هو التصوير الذي باليد والنقش بالقلم؛ لأن هذه أجهزة إنما يستقبل بها ذلك المصور، ويحركها قليلاً؛ فتلقف صورته متحركة أو ساكنة، ولكن بكل حال ننهى عن مثل هذا؛ لأنه وإن لم يكن تصويراً حقيقياً لكنه قريب منه، هذا من جهة. من جهة ثانية ما ذكره السائل من أن الذين يطلبون أن يُصَوَّروا يتجملون ويظهرون بمظاهر فاتنة، مثلاً يضحكون أمام تلك الأجهزة وما أشبه ذلك؛ حتى تبقى صورهم محفوظة، فيكونون بذلك قد وقعوا في محذور أو سببوا الوقوع في فتنة.

السؤال: هل يجوز للنساء لبس الضيق عند النساء فقط، علماً بأنني عند خروجي من البيت أكون متحجبة الحجاب الإسلامي المشروع، وأيضاً لا يراني غير محارمي، وجزاكم الله خيراً؟ الجواب: ننصح جميع المسلمات أن يتقيدن بالشرع، ومن الشرع أن المرأة لا تلبس الثياب الضيقة حتى أمام النساء فلا ينبغي لبس الثياب التي تبين أحجام الأعضاء، كأن تبين مثلاً الثديين أو عظام الصدر أو عظام المنكبين أو الظهر أو العجيزة أو السرة، ولا شك أنه منهي عنه ولو لم يكن عندها إلا نساء؛ منهي عنه؛ لعموم الأدلة، فالمرأة تلبس ثياباً واسعة حتى ولو كانت خالية، وحتى لو كانت عند محارمها، ويباح لها أمام النساء أن تظهر الأشياء التي تظهرها عادة مثل الوجه والنحر والصدر والساعدين والساقين، وكذلك أمام المحارم، وأما إذا خرجت إلى الشوارع والأسواق فإن الأمر أشد، وهو أنه لا يجوز لها -والحال هذه- أن تبدي شيئاً من أحجام بدنها، ولا أن تبدي شيئاً من زينتها إلا الزينة الظاهرة التي قال الله عنها: إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا [النور:31]، وهي الثياب، وما لا يتمكن من ستره، وبذلك تحافظ المرأة على كرامتها وحشمتها.

السؤال: ما رأي فضيلتكم بجلسة الاستراحة التي يفعلها بعض الناس في الصلاة، نرجو شرحها وتوضيح الراجح فيها؟ الجواب: فيها كلام طويل، ملخصه أنها مروية عن بعض الصحابة، وذلك الصحابي لم يصحب النبي صلى الله عليه وسلم إلا في آخر حياته قبل موته بسنة أو نحوها، حيث ذكر أنه كان يفعلها، ويمكن أنه رآه يفعلها مرة، ويمكن أنه رآه يفعلها في النفل؛ وذلك لأن الإمام يرفع قبل المأمومين، ولا يمكن أن يروه في الفرض وهو يفعلها، فلا يرتفعون إلا وقد كبر وتم انتصابه، وقد ثبت في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستوي قائماً، يقول الصحابة: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يستوي قائماً وإنا لسجود بعد) مما يدل على أنهم لا يرونه يفعلها، بل إذا قاموا يكون قد قام، فيمكن أن مالك بن الحويرث رآه يفعلها في نفل، فعلى كل حال نقول: إنها جائزة لكبير السن أو للمريض ونحوه، فهي جائزة ومباحة عند الحاجة، وأما عند غير الحاجة فلا أستحبها، ومن فعلها فلا ننكر عليه، وقد اختارها الشافعية، وروي أن الإمام أحمد رجع إليها، والظاهر أنه عمل بها في آخر حياته.

السؤال: ما حكم شراء أسهم الشركات وبيعها، وكيف تخرج زكاة الأسهم التي ساهم بها في شركة؟ الجواب: الشركة تختلف، هناك أسهم في شركات في أرض، أو في تجارة توريد وتصدير، ونحو ذلك من بضائع، فهذه الشركة يجوز بيع الأسهم التي فيها إذا كان لك مثلاً نصف هذه الشركة التي هي مؤسسة أو شركة في ورش سيارات أو نحو ذلك، أو شركة لمعارض، فيجوز بيع نصيبك فيها قليلاً كان أو كثيراً. أما الشركات التي عمدتها العمل بالنقود كالصرافة ونحوها، فأرى أن بيعها لا يجوز؛ وذلك لأنه يكون بيع دراهم بدراهم، ما دام أنهم لا يعملون إلا في العملات، فإذا رخُص الجنيه مثلاً اشتروه، وإذا ارتفع باعوه، وإذا رخُص الدولار اشتروه، وإذا ارتفع باعوه، فأن بيع العملات يجوز إذا كان يداً بيد، إذا سلمت مثلاً الدراهم واستلمت الجنيه يجوز، أو سلمت الريالات واستلمت الدولارات أو استلمت بها سنداً كشيك أو نحوه فهذا جائز، ولا يجوز إذا لم يكن هناك تسليم ولا استلام، إنما هو مواعيد أو لا يقدرون على التسليم، إنما يعدونك أو نحو ذلك، فمثل هذا لا يجوز لأن بيع النقد بالنقد لا بد فيه من التقابض قبل التفرق لكونه جنساً واحداً يجري فيه الربا. فالحاصل أن بيع الأسهم إن كانت في بنوك أو نحوها عملها الصيرفة وبيع العملات، فلا يجوز بيع الأسهم في هذا، وإن كانت في شركات كأراض أو معارض سيارات أو بضائع فإنه يجوز والحال هذه