خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/129"> الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/129?sub=66142"> خطب ومحاضرات عامة
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
فتاوى منوعة
الحلقة مفرغة
شرع الله الحج لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، ووقت له وقتاً معيناً لأدائه، وجعل له أركاناً وواجبات وشعائر وأذكاراً وأعمالاً نقوم بها، ونؤديها كما أمرنا بها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
مما لا شك فيه أن الله تعالى كلف العباد وأمرهم ونهاهم، وهذا الأمر والنهي قد تضمنه القرآن الكريم والسنة النبوية، ولابد للمأمور والمنهي -الذي هو المكلف- أن يبحث عما أمر به، وعما نهي عنه، وإذا يسر الله له القدرة على البحث وعلى المعرفة فإنه يفعل ذلك بنفسه، ويستدل على ما يفعله أو ما يتركه، وإذا صعب عليه فإن الله تعالى جعل من حملة العلم من يكون مرجعاً في ذلك، ولقد قامت الحجة على الخلق أجمعين، أولاً ببعثة الرسل، حيث جعل الله في كل أمة رسولاً يبين للناس ما أمروا به، وختم أولئك الرسل بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم،وقد بين هذا النبي عليه الصلاة والسلام للناس ما يحتاجون إليه، فما توفاه الله إلا بعدما بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، حتى قال بعض الصحابة: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما طائر يقلب جناحيه إلا ذكر لنا منه علماً، وأخبر بعضهم أنه علمهم كل شيء حتى الخراءة يعني: آداب التخلي التي يستحيى منها.
وكان صحابته رضي الله عنهم يسألونه عما أشكل عليهم، وإذا كان هناك أشياء ليسوا بحاجة إليها توقفوا عن البحث فيها، وخافوا أن ينزل عليهم شيء فيه المشقة، ولكن كانوا يفرحون إذا جاء أعرابي فاهماً فيسأل وهم يستمعون، وقد نقلوا إلى الأمة ما تعلموه، ونقلت الأمة جيلاً بعد جيل ما نقل عنهم وما قالوه، وكتب ذلك - والحمد لله- في مؤلفات أهل العلم.
ولكن ومع ذلك فإنه قد يقع شيء من الاختلاف بين أهل العلم بسبب اختلاف الأفهام، أو بسبب قصور بعض العلماء عن الاطلاع على الأدلة كلها؛ فلهذا تنوعت المذاهب، ووقع اختلاف في الفتاوى، ولكن هذا الاختلاف لما كان مجاله الاجتهاد كان موسعاً؛ ولذلك روي أن رجلاً كتب كتاباً في اختلاف العلماء والأئمة وسماه: الاختلاف، فعرضه على الإمام أحمد فقال: سمه كتاب السعة أي: التوسعة؛لأن في الاختلاف في الأمور الاجتهادية توسعة على الأمة حتى لا ينحرجوا بقول واحد.
وحيث إن أغلب المسائل أدلتها واضحة فإن على المفتي أن يأخذ بالدليل الواضح، وإذا كانت المسألة فيها مجال للاجتهاد أبدى فيها رأيه، وقال: هذا قولي الذي أميل إليه، وللإنسان بعد ذلك أن يبحث أو يسأل غيره حتى يجد الجواب، فإن اتفقت الأجوبة علم أنه ليس هناك إلا قول واحد، وإن اختلفت رأى ما هو أقرب إلى أهداف الشريعة الإسلامية وسار عليه.
وغالب الأسئلة التي يقدمها العوام هي مجال اجتهاد، وإلا فإن المسائل الأصولية التي أدلتها واضحة لا أظنها تخفى على أفراد المسلمين لا سيما في هذه البلاد، حيث إن أولاد المسلمين منذ السنة السادسة أو السابعة وهم يتلقون الدروس، ويتلقون العلم مرحلة فمرحلة، هذا من حيث التعليم، وكذلك أيضاً من حيث العمل، فمن حين يبلغ الطفل السابعة وآباؤه يلقنونه أموراً في العقيدة وأموراً في العبادة، يلقنونه ويقولون له: افعل كذا، وقل كذا وكذا.
فالحمد لله ما بقي أحد ينقصه شيء إلا من معه شيء من الإعراض أو معه شيء من الغفلة، أو الذين نشئوا في أطراف البلاد البعيدة عن العلم وعن سماع القرآن وسماع الذكر وسماع المعلومات، فلا يستغرب إذا وجد منهم من يجهل أحكام العبادات، ويقع في شيء من المحرمات عن جهل، بسبب البعد عن العلم وأهله، فلا نستغرب أن في أطراف المملكة إما في الجنوب أو في الشمال ونحو ذلك ممن نشئوا في البوادي لا يعرفون شيئاً إلا مجرد أنهم مسلمون، ويسمعون كلمة الشهادتين ولا يدرون ما وراءهما، فهؤلاء ملومون على الإعراض مع أنه يمكنهم أن يتعلموا بوسائل كثيرة، ولكن للغفلة أو الاشتغال بالأمور الدنيوية أعرضوا.
أما الذين في القرى والذين في المدن فيستغرب أن أحداً منهم يجهل مسألة من أمور عبادته التي هو مأمور بها، سواء كانت فعلاً كالصلوات والطهارات وما أشبهها أو تركاً كالمحرمات ونحوها.
حكم الجماعة الثانية في المسجد
الجواب: هذا من جملة ما وقع فيه الاختلاف، ذهب أبو حنيفة والشافعي إلى أنهم إذا دخلوا بعد انتهاء الجماعة صلى كل واحد منهم فرادى، وعللوا ذلك بتعليلات، منها أنهم قالوا: ما دام أنها قد صليت الجماعة فإنا لا نعيد جماعة أخرى؛ مخافة أن الناس يتوانون ويتأخرون عن الجماعة الأولى، ويقول أحدهم: إذا فاتتني جماعة حصلت على جماعة، فيحصل لي الأجر، وليس لهم في ذلك إلا مجرد التعليل.
وهذا القول -وهو أنهم يصلون فرادى- تجدونه كثيراً في البلاد التي تعتنق مذهب الحنفية كبلاد الهند وباكستان وتركيا، وكثير من أهل مصر وسوريا على هذا المذهب، وهو أيضاً مذهب الشافعية، فعندهم أنها لا تعاد الجماعة، وأن المتأخرين يصلون فرادى.
والقول الثاني: أنهم إذا جاءوا وقد انتهت الجماعة الأولى صلوا جماعة ثانية، وإذا جاءوا وقد انتهت الجماعة الثانية صلوا جماعة ثالثة، وهكذا، وهذا هو الصحيح إن شاء الله، ونذكر بعض الأدلة ليقنع بعض من يسمع منهم، أو لتقنعوهم بالأدلة:
الدليل الأول: قوله صلى الله عليه وسلم: (اثنان فما فوقهما جماعة)وهو حديث ترجم به البخاري ، ورواه ابن ماجة ، فجعل الاثنين جماعة، فإذا دخل اثنان بعد الصلاة فإنهما يصليان جميعاً، فتكون لهم جماعة.
الدليل الثاني: قوله صلى الله عليه وسلم: (صلاة الجماعة تفضل على صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة)، ومعلوم أنك إذا دخلت أنت وصاحبك وصلى هو وحده، وأنت وحدك، فقد صليت فرداً وصلى هو فرداً، وفاتتك هذه المضاعفة.
الدليل الثالث: قوله صلى الله عليه وسلم: (صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كان أكثر فهو أحب إلى الله) أو كما في الحديث، وهذا حديث صحيح، فجعل صلاتك وحدك أنقص، وصلاتك مع واحد أكثر أجراً، وصلاتك مع اثنين ومع ثلاثة ومع أربعة أفضل، فكلما زاد العدد فهو أكثر أجراً، وهذا دليل واضح يرد قول الحنفية والشافعية.
الدليل الرابع: الحديث الذي فيه (أن رجلاً دخل بعدما صلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: من يتصدق على هذا فيصلي معه، فقام
فنحن نقول: إذا رأيتم هؤلاء فاقنعوهم، وقولوا لهم: هذه الأدلة لو بلغت أبا حنيفة أو بلغت الشافعي لما تركاها، فأنتم لا تتركون هذه الأدلة؛ فقد قامت الحجة عليكم.
حكم إنشاء جماعة ثانية والأولى في التشهد
الجواب: المختار أنهم ينتظرون، والمسألة فيها خلاف: هل إذا جلست معهم في التشهد تكون قد أدركت الجماعة، أو لا تدرك الجماعة إلا إذا صليت معهم ركعة كاملة؟
قولان للعلماء، وأنا أختار ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية أنك لا تدرك فضيلة الجماعة إلا إذا لحقت معهم ركعة بركوعها وسجدتيها، يعني: ركعة تعتد بها، فإذا جئت وقد رفعوا من الركوع في الركعة الأخيرة فاتتك الصلاة، فإذا كنت تؤمل أن هناك جماعة متأخرين سيأتون ويصلون جماعة فانتظرهم، وإذا كنت لا تؤمل بل تظن أنك آخر واحد فادخل مع هؤلاء ولو في التشهد حيث إن بعض العلماء يقول: من دخل معهم ولو في التشهد أو قبل السلام والتحلل أدرك فضيلة الجماعة؛ لأنه دخل معهم في جزء من الصلاة، وإن كان ذلك الجزء لا يعتد به.
وعلى كل حال: المختار أنك تنتظر، ثم إذا دخلتم اثنان أو ثلاثة فانتظروا حتى يسلم الإمام، ولا تكبروا قبل أن يسلم حتى لا تجتمع في المسجد جماعتان.
جمع الصلاتين للضرورة
الجواب: المفروض أنهم يتناوبون، هذا هو الواجب، أن يكون هناك طبيبان أو ثلاثة أو أربعة إذا قام أحدهم للصلاة اشتغل الباقون في العملية، فإذا رجع المصلي قام الثاني، ثم إذا رجع قام الثالث، حتى يصلي الثلاثة في وقتها، وكذلك يقال أيضاً في الحارس: يكون هناك حارسان أو أكثر، يذهب أحدهما فيصلي الصلاة في وقتها، ثم إذا رجع قام مقام الثاني وذهب الحارس الأول حتى يؤدي الصلاة في وقتها.
ولكن قد يتعللون بأنهم لا يستطيعون، ولا يقوم أحد مقام هذا الطبيب في هذه العملية، وهذه العملية قد تكون خطرة إذا لم يسرع ويواصل فيها أدى إلى موت ذلك المريض، أو ما أشبه ذلك، ففي هذه الحال -لأجل الضرورة- له أن يؤخر الصلاة إلى أن تنتهي العملية، والتخيير واسع: أن يؤخر الظهر إلى آخر النهار، إلى أن يبقى من الليل نصف ساعة أو نحوها ويصلي الظهر والعصر في آخر وقت العصر، وكذلك لو دخل عليه وقت المغرب، وقد بدأت العملية قبل أن يصلي المغرب، فله أن يؤخرها مع العشاء ولو إلى نصف الليل فيصليهما معاً؛ لأن الصلاتين يجمعان في وقت الأخيرة منهما، فالظهر والعصر يجمعان في وقت الآخرة، والمغرب والعشاء يجمعان في وقت الأخيرة.
وقد أجاز بعض العلماء تقدميهما، يعني: لو علم أنه سيستمر معه العمل، وقد دخل وقت الظهر؛ جاز أن يقدم العصر مع الظهر ويصليهما، ثم يبدأ في العملية مثلاً.
حكم الغبن في البيع
الجواب: الراجح أن البائع يبيع كما يبيع الناس، إذا جاءه إنسان مماكس عارف بالسلع، وعرف أنه سوف لا يشتري إلا بما يبيع به غيره باعه بخمسين، فإذا جاءه إنسان جاهل بالسلع، ولا يحسن المماكسة ولا المراجعة فقال له: السلعة بمائة، واشتراها ذلك الجاهل بمائة؛ لم يجز له أن يبيعه بها، بل يقول: ثمنها خمسون، كما بعت على غيرك أبيع عليك ولا أظلمك، فإذا باع لهذا بمائة، ولهذا بخمسين، وهو يعرف أن هذا جاهل، وهذا عارف؛ فإنه يعتبر ظالماً آخذاً ما لا يحل له، والواجب أن يخبرهما بسعر واحد، وهو السعر المعتاد.
وإذا وقع هناك غبن لا يتهاون به فله الخيار، وهذا الغبن حدده بعضهم بالثلث أو بالنصف، يعني: إذا كانت تساوي بمائة فاشتراها مثلاً بمائة وخمسين، فهذا غبن الثلث، أو اشتراها بمائتين فهذا غبن النصف، فله الخيار.
والغبن له أسباب، منها: تلقي الركبان، أن يتلقى الجالبين خارج البلد، ويشتري منهم رخيصاً فيخدعهم، فلهم الخيار.
ومنها: زيادة الناجش، إذا عرضت السلعة في المزاد العلني، وهناك رجل لا يريد شراءها، ولكنه ناجش، يزيد فيها لما رأى أنك ترغب فيها، فيزيد فيها حتى ترتفع، فتباع بأكثر من ثمنها.
ومنها: زيادة المسترسل، وهو الجاهل الذي لا يحسن المماكسة، فإذا قال مثلاً: بكم تشتري؟ قال: بعشرة. قال: لا أبيع، فقال: بثلاثين، قال: لا أبيع، ولا يزال يزيد عشرة عشرة حتى يزيد في السلعة أكثر من ثمنها، فيسمى هذا مسترسلاً، فإذا ثبت أنه مغبون فله الخيار.
حكم الصندوق التعاوني (الجمعية بين أفراد معينين)
الجواب: هذه تسمى الجمعية بين الموظفين في دائرة واحدة، وهذه كثر البحث فيها، والسؤال عنها، ثم لكثرتها وشدة الحاجة إلى معرفة الحكم فيها رفعوا فيها أسئلة متعددة، وعرضت على مجلس كبار العلماء في جلسته الأخيرة في شهر صفر، وأصدروا في ذلك فتوى، واجتمع رأي أكثريتهم وأكابرهم على إباحة ذلك وجوازه، وأصدروا في جوازها فتوى من هيئة كبار العلماء، ورأوا أن فيها مصلحة، وليس فيها شيء من الأسباب التي تقتضي التحريم، وقالوا:
أولاً: كل منهم ينتفع، وليس أحد منهم نفعه أكثر من الآخر.
ثانياً: الذي يرجع إليه قرضه لا يكون قد زيد فيه، فليس لهذا زيادة على هذا، فيعتبر هؤلاء أقرضوك ثم رددت عليهم قرضهم مفرقاً، أقرضوك في الشهر الأول مثلاً عشرين ألفاً، ثم أخذت ترد عليهم في الشهر الثاني ألفين، وفي الشهر الثالث ألفين، حتى توفيهم، فليس في ذلك إلا أنك أعطيتهم.
وبعض المشايخ تشددوا في هذا، ونهوا عنه، وقالوا: إنه قرض جر نفعاً، وقد بين العلماء أنه ليس قرضاً جر نفعاً، فإن القرض الذي جر نفعاً هو أن تنتفع من ذلك المقرض بشيء غير رد القرض، وأما هذا فإنما هو رد القرض فقط، فإنه رد عليك قرضك بدون زيادة، فالصحيح إن شاء الله أنه لا بأس بها.
سماع الغناء وكشف وجه المرأة
الجواب: لا شك أن هؤلاء ممن يتبعون الهوى وما تميل إليه نفوسهم، فلما كانت نفوسهم مائلة إلى هذه الملاهي أو هذه المعاصي آثروا ذلك القول الذي يبيحها ولو كان قولاً ضعيفاً، فنقول:
أولاً: مسألة الغناء: ما هناك أحد من العلماء أباحها إلا ابن حزم من الظاهرية، وابن حزم لا يُعد مع الأئمة الأربعة؛ حيث إنه انفرد عنهم بأشياء لا يقبلها العقل، تمسكاً بمسألة الظاهر، ولكنه هنا خالف الأدلة، والأئمة الأربعة وأتباعهم من الحنفية والشافعية والمالكية والحنابلة وأئمة السلف كلهم يقولون بتحريم الغناء، والأدلة عليه واضحة -ولا مجال لسردها- من الكتاب ومن السنة، ومن أرادها فليقرأ كتاب ابن القيم إغاثة اللهفان، فإنه توسع في ذلك، حيث كتب فيه ثنتين وثلاثين صفحة فيما يتعلق بالغناء، وتبعه على ذلك كثير من العلماء فكتبوا في تحريم ذلك، وردوا على من قال بجواز ذلك.
وفي هذه الأزمنة كان ممن انتصر لـابن حزم رجل يقال له: أبو تراب الظاهري في الحجاز، حيث أباح الغناء، وآخر أخفى نفسه، وأخذ ينشر إباحة الغناء، ويتشبث بأشياء لا أصل لها ولا دلالة فيها، وقد رد عليه العلماء، ومن أفضل من رد عليه الشيخ حمود التويجري في كتاب اسمه "فصل الخطاب في الرد على أبي تراب " حيث ناقش أدلته، وبين بعدها عن الصواب، وكذلك الشيخ أحمد محمد باشميل ناقش الاثنين، وبين الصواب في ذلك.
فعلى هذا نحن نرجع إلى أدلة هؤلاء، وإلى أدلة هؤلاء، وسنجد أن الأدلة واضحة على التحريم، أما الذين استباحوا ذلك فليس لهم دليل صحيح، لا آية ولا حديث إلا مجرد عمومات، وقد تكلف ابن حزم في رد الأدلة تكلفات تبعد عن العقل.
ثانياً: مسألة حجاب النساء، لم يكن بين السلف فيها خلاف، بل ولا بين الأئمة، وكلهم يقولون: على المرأة أن تتحجب، وألا تبدي شيئاً من زينتها، فقط روي عن ابن عباس رواية شاذة أنه فسر قوله تعالى: إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا [النور:31] بأنه الوجه والكفان، ولكن تبين من رواية أخرى أن ابن عباس كغيره يقول: إن المرأة تستر وجهها إذا دخلت الأسواق، ولا تبدي إلا عيناً واحدة فقط تنظر بها، تستر عيناً وتنظر بعين، وتستر بقية وجهها، وكذا سائر السلف الذين فسروا القرآن وفسروا الآيات.
فهؤلاء الذين أباحوا في هذه الأزمنة ذلك، ما الذي حملهم على تجويزهم للمرأة أن تكشف وجهها، وأن تكشف يديها؟
إنما هو الواقع، لما رأوا الناس قد تفسخوا، ورأوا النساء قد خلعن جلباب الحياء تقليداً لمن وثب على البلاد من الأجنبيات من كافرات أو عاهرات أو غيرهن، ولما رأوا أن صور النساء قد انتشرت سواء في الأفلام أو في الصحف أو نحو ذلك، ورأوا أن نساء المسلمات في هذه الدول قد قلدنهم، وتوسع الأمر عليهم؛ قالوا: ما لنا إلا أن نتلمس لهم عذراً، فنبيح للنساء ذلك أحسن من أن يعصين علينا، فالمرأة إذا قلنا لها: تحجبي، قالت: لا أتحجب، وما دام أن هؤلاء يدعين الإسلام من البلاد الفلانية والبلاد الفلانية، ويأتين وهن على هذه الحال، فما الفرق بيننا وبينهن؟ قالوا: فنلتمس لهن عذراً حتى يفعلن شيئاً بديلاً بفتوى، فهؤلاء الذين التمسوا ذلك أمثال الطنطاوي وأشباهه، ما هو دليلهم؟ ليس لهم من الأدلة ما يصلح أن يكون دليلاً، ولو كان المجال واسعاً لتتبعناها وعرفنا بعدها عن الدليل، فهم فقط اعتمدوا على الهوى، واعتمدوا على ما ينظر إليه الناس، ولما رأوا النساء يملن إلى هذا أرادوا أن يتساهلوا معهن، ويفتوهن بالجواب الذي يناسبهن ويصلح لهن، وما هكذا يكون العالم، العالم يقول بالحق ولو لم يوافق أهواء الناس، هذا هو الواجب.
قراءة (ملك يوم الدين)
الجواب: يجوز ذلك؛ فإنها قراءة سبعية قرأ بها كثير من القراء السبعة، فلا ينكر على من قرأ مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ [الفاتحة:4] أو مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [الفاتحة:4].
الحكمة في إنكار المنكر
الجواب: لا يخلو الحال إما أن يكون هؤلاء عدداً كثيراً أو قليلاً، فإذا كانوا عدداً قليلاً فبالإمكان إقناعهم واحداً بعد واحد حتى يتركوا هذا المنكر، وإذا كانوا عدداً كثيراً فليس في الإمكان إلا النصح في الأماكن العامة كخطب الجمع، والأماكن التي تجمعهم كالوظائف والأسواق وما أشبهها، فتحرص على إقناعهم وبيان الحق لهم، هذا من حيث بيان أنه منكر.
وأما من حيث التغيير وردع الناس عنه فهذا يختلف أيضاً باختلاف ذلك المنكر، ويختلف باختلاف العاملين له، فالمنكرات تتفاوت، منها ما قد يصل إلى الكفر، ومنها ما هو معصية، ونحو ذلك.
والذين يفعلون ذلك منهم من يفعله لعذر، ومنهم من يكون متأولاً، ومنهم من يكون مقلداً، ومنهم من يكون معانداً، فأنت عليك أن تنظر إلى ذلك المنكر، فإن استطعت علاجه فعالجه ولو كان من الصغائر كشرب الدخان، أو حلق اللحى، أو إسبال الثياب، أو التخلف عن صلاة الجماعة، أو سفور النساء، أو سماع الأغاني، أو شرب بعض المسكرات، وبعض المخدرات... أو ما أشبه ذلك.
وأيضاً تعالج الوسائل التي تؤدي إلى ذلك، وعليك أن تنصح من يفعل ذلك بالتي هي أحسن، وتجادلهم بالمجادلة التي تردعهم أو تبين لهم خطأ ما هم عليه.
وكذلك أيضاً عليك أن تستعين بأهل القوة وبأهل المعرفة رجاء أن يقنعوهم أو يأخذوا على أيديهم، وأن تبين للمسئولين خطر هذه المنكرات، وآثارها السيئة على أفراد وجماعات، وذلك إن شاء الله طريق إلى حلها أو طريق إلى تخفيفها.
آداب زيارة المريض
الجواب: قد وردت الأدلة في استحباب زيارة المريض، والمريض هو الذي حبسه المرض، سواء في بيته أو أحد المستشفيات، والذي يزوره قد أحسن إليه؛ وذلك لأنه أخ لنا مسلم حبسه المرض وأقعده، وهذا المرض الذي حبسه معلوم أنه عاقه عن أن يخرج، وأن يظهر، وأن يتمتع بالصحة، وأن يتمتع بالطيبات، فيرى أن له حقاً عليك، وحقاً على فلان وفلان أن يزوروه، فإذا زرتموه فإن من آداب الزيارة السلام، ثم بعد ذلك أن تفسح له في أجله، فتبشره بالشفاء وبالعافية، وبأنك إن شاء الله سوف تقوم وسوف تشفى، وسوف تنفع وتنتفع، وذلك لا يرد من القدر شيئاً.
وإن رأيت أنه يحب أن تطيل الجلوس عنده فلا مانع من أن تطيل وتجلس معه بقدر ما تقدر عليه ساعة أو نصف ساعة أو نحو ذلك، وإن رأيت أنه يضجر من طول البقاء فلا تجلس عنده إلا قليلاً وهو قدر الزيارة، وقال بعضهم في الزيارة العامة التي ليست زيارة مريض: زيارة الصداقة قدر احتلاب الناقة، يعني: الزيارة العامة، وأما عيادة المريض فعلى قدر ما يأنس به المريض.
وقد ثبت أنه عليه الصلاة والسلام رغب في ذلك فقال: (زائر المريض في خرفة الجنة) يعني: كأنه في ذلك المكان أو في تلك الحال يقتطف من ثمار الجنة، فهذا يدل على أن عيادة المريض لها فضيلة عظيمة.
حكم أهل الفترة في الآخرة
الجواب: حديث: (إن أبي وأباك في النار) قد صححه بعضهم؛ لأنه في صحيح مسلم ، وبعضهم لم يصححه، وبكل حال فالحكم على أهل الفترة أنهم تحت مشيئة الله تعالى، فمنهم من تكون قد قامت عليه الحجة بأن وجد الحق ولكنه لم يشتغل به، فهؤلاء على ما حكم عليهم.
ومنهم من لم يبلغه شيء من الشريعة، ولم يسمع بشيء أصلاً عن الإسلام، فهؤلاء هم الذين ورد أنهم يختبرون.
وعلى كل حال نقول: الأحاديث التي فيها أنهم يختبرون أكثر، والحديث الذي فيه أنه حكم على بعضهم بأنه في النار محمول على أنهم قامت عليهم الحجة، أو أنهم عرفوا الدليل، أو أنهم كانوا في بلادهم عندهم ما يعرفون به الحق وما يحكم به عليهم، ويمكن أيضاً أن يحكم عليهم بأنهم تبع لآبائهم وأسلافهم الذين أضلوهم، وهذا أيضاً عليه الأدلة الكثيرة مثل قوله تعالى: إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا [البقرة:166] فيكون الأتباع مثل أسلافهم كلهم في النار، وكقوله تعالى: قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنَا هَؤُلاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا [القصص:63]، ومثل قوله تعالى: وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ * قَالُوا إِنَّكُمْ كُنتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ [الصافات:27-28] إلى قوله: فَأَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ [الصافات:32] ، ومثل قول بعضهم لبعض: لا مَرْحَبًا بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا فَبِئْسَ الْقَرَارُ [ص:60] أي: قدمتم الكفر لنا ونحن تبعناكم، ومثل قولهم: إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ [الأعراف:173]، فهذه الأدلة تدل على أن الأتباع مأمورون بأن يقولوا الحق، وألا يقلدوا آباءهم، ولا يتمسكوا بأقوال أسلافهم، وإذا فعلوا ذلك فإنهم ملومون.
العدل بين الذكور والإناث من الأولاد
الجواب: لا بأس بذلك، بعض العلماء قالوا: الرجل إذا أعطى أولاده فإنه يقسم بينهم على كتاب الله كالإرث، فيعطي الذكر مثل حظ الأنثيين، ومنهم من يقول: إنه يسوي بينهم فيعطي الذكر كالأنثى، ويستدل بالحديث الذي يقول فيه النبي عليه الصلاة والسلام: (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم) والصحيح القول الأول: أنه إذا أعطى الذكر زاده وجعل له مثل حظ الأنثيين، فإن ذلك هو غاية العدل، سواء كانت هدايا في وقت خاص كالعيد، أو عطايا عامة.
لكن معلوم أن الرجل الذي عنده أولاد ذكور وإناث أنه في العادة يعطي كلاً منهم ما يحتاج، فالذكور يحتاجون حوائج، والإناث يحتجن أشياء لا يحتاجها الذكور، فمثلاً: الإناث بحاجة إلى الحلي، والحلي من الذهب ثمنه كثير، وليس بحاجة إليه الرجال، والذكر بحاجة إلى سيارة يتنقل عليها، وليس كذلك الأنثى، فكل منهم يعطيه ما هو بحاجة إليه، أما العطية التي للتمليك فيجعل للذكر نصيبين، وللأنثى نصيباً.
استعمال القلم الذي فيه ذهب
الجواب: قد منع العلماء من استعمال الذهب في كل شيء، ولكنهم أباحوا الأشياء الطفيفة التي لا يؤبه لها، فمثل هذا القلم الذي ريشته من ذهب يمكن أن يتسامح فيه؛ فما دام أنه أقل من الظفر فيمكن أن يتسامح فيه، والأولى له إذا تيسر أن يغيره فهو أفضل، والاستعمالات المعروفة للذهب في كل شيء لا تجوز للرجل، وقد أنكر النبي عليه الصلاة والسلام على من لبس خاتماً من ذهب وقال: (أيعمد أحدكم إلى جمرة من النار فيضعها في يده!) فقاس العلماء على الخاتم الساعة اليدوية أو نظارات العينين أو الأدوات التي تستعمل كسكين من ذهب أو سيف من ذهب أو حزام من ذهب أو بندقية أو ما أشبه ذلك من الأسلحة، فضلاً عن الأواني التي تستعمل كإناء للشرب حتى ولو فنجان قهوة أو شاي أو ما أشبه ذلك، قالوا: هذا كله داخل في النهي.
والنهي ورد عن الأكل والشرب: (لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافهما) ولكن العلماء ألحقوا بذلك سائر الاستعمالات.
حكم رش الماء على القبور
الجواب: هذا لا أصل له، ورش قبر الميت بعدما يدفن هو حتى ييبس ظاهر القبر الذي هو من تراب، فنرشه ونجعل عليه الحصباء حتى ييبس، وحتى لا تذروه الرياح، فقد تأتي الرياح مثلاً والتراب متفرق فتثير ذلك التراب، وقد تحمل تراب القبر حتى ربما يظهر بعض القبر، فلأجل ذلك نرشه، أما الجيران الآخرون فقد يبست قبورهم، وقد تصلبت، ولا حاجة إلى أن ترش، وليس ذلك سقياً كما يقول هؤلاء: اسقوا جيرانه. ولا أصل لذلك.
التوسعة في كيفية الاصطفاف خلف الإمام
الجواب: يتشدد الناس في مثل هذا والكل جائز، فجائز أن تصف إلى جانبه ولو كنتم ثلاثة في صف، والإمام في الطرف، فلو صليتم الثلاثة في صف واحد فهذا جائز، وجائز أن يكون الإمام هو الوسط، والمصلون عن يمينه وعن يساره، فلو أتيت وهم يصلون وصففت عن يمين الإمام أو عن يسار الإمام أو في جانب المأموم وصليتم كذلك فلا بأس بذلك، ويجوز مثلاً أن تصف إلى جنبه، ثم بعدما تكبر للإحرام أو تصلي ركعة أو نصف ركعة؛ يتقدم الإمام أو يتأخر المأموم، كل ذلك جائز، ولا يشترط أن تكبر قبل أن يتقدم الإمام أو بعدما يتقدم الإمام، ولو أنك -مثلاً- قدمت الإمام قبل أن تكبر ثم كبرت مع المأموم جاز ذلك إن شاء الله، وكذلك لو كبرت ولم يتقدم الإمام إلا بعدما كبرت جائز ذلك، فالكل جائز وفيه سعة.
الحض على تدريس الأبناء في حلقات تحفيظ القرآن
الجواب: أحسنت أيها السائل! وسمع ذلك الإخوان، ولا زيادة على ما ذكر هذا السائل أو هذا المقترح جزاه الله خيراً. ولا شك أن القرآن هو كلام الله، وفي تلاوته للاحتساب الأجر، قال صلى الله عليه وسلم: (من قرأ حرفاً من القرآن فله حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: (ألم) حرف، ولكن (ألف) حرف، (ولام) حرف، و(ميم) حرف) فإذا كان كذلك فإن على كل مسلم أن يهتم بالقرآن، يهتم بقراءته، ويهتم بتجويده، ويهتم بمعرفة النطق بكلماته وآياته، ويهتم أيضاً بكثرة تلاوته، حتى يكون من الذين يتلونه حق تلاوته، وينبغي له أن يجعل للقرآن وقتاً يومياً، حتى لا يمضي عليه يومه ولم يقرأ شيئاً، فمثلاً يحدد وقتاً بعد الفجر أو بعد العشاء، يأخذ مصحفاً -إذا كان لا يحفظ- ويقرأ جزءاً أو ما تيسر يومياً، فبذلك يكون قد استعد لهذا القرآن ولم يهجره، والله تعالى قد ذم الذين يهجرونه في قوله: وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا [الفرقان:30] يعني: معرضين عنه، فمن هجره: الإعراض عنه، وعدم تلاوته حق التلاوة، وما أشبه ذلك، هذا بالنسبة إلى العامة.
كذلك أيضاً: نوصي كل ناصح لنفسه محب للخير أن يربي على ذلك أولاده منذ الصغر، يحبب إليهم كتاب الله، ويدرسهم إياه وهم صغار حتى يتربوا على معرفته، وحيث إن الجماعات الخيرية -جزاهم الله خيراً- قد توسعوا في نشر المدارس الخيرية في هذه البلاد، فنجد في كل محل مدرسة ومدرسون يدرسون القرآن، وحيث إن الأولاد -غالباً- عندهم وقت فراغ في آخر النهار في مثل أيام الدراسة، فليس عندهم -غالباً- حاجة بعد العصر، فإن من الواجب أو من المؤكد على الوالد أن يأتي بأولاده ويضمهم في هذه المدارس، ويرغبهم ويشجعهم على ذلك، ولو أن يعطيهم جوائز على الحضور أو على الحفظ أو ما أشبه ذلك، فبذلك ينفعهم الله تعالى، وبذلك أيضاً ينفعون آباءهم، والكلام على هذا معروف، وليس هذا مجال التوسع.
واجب الكفيل نحو العمال
الجواب: كل مسلم عليه واجبات نحو إخوانه، لاسيما الذين تحت كفالته أو تحت مسئوليته، فالذين تحت مسئوليته مثل الأولاد ونحوهم، فهؤلاء مسئوليته عنهم كبيرة، وهم الذين استرعاه الله عليهم، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا [التحريم:6]، وأما المسئولية الخاصة في الذين يقيمون تحت كفالتك فإن عليك العهدة، فأولئك إما جهلة بأصل الإسلام، أوجهلة بأصل العقيدة، فاغتنم جهلهم وأزله، وإما أنهم قد تعلموا ما هو ضد الإسلام، وما هو ضد العقيدة، وتسممت بذلك أفكارهم، وامتلأت أدمغتهم مما هو ضد الإسلام وضد المسلمين؛ فهؤلاء أيضاً عليك مسئولية تجاههم، وهي أن تحرص على إزالة تلك الشبه، وتخفيف تلك المعاصي التي ارتسمت في أفكارهم.
فالواجب أولاً: أن تدعوهم إلى العمل الصالح إذا كانوا مسلمين، فهؤلاء العمال أو الخدم الذين يخدمونك، سواء كانوا سائقين أو خدامين مطلقاً أو نحو ذلك، عليك أن تدعوهم إلى العمل الصالح، فإنهم قد نشئوا في بلاد أهلها مسلمون ولكن لا يطبقون تعاليم الإسلام، بحيث إنهم يعلمون أنهم مسلمون، وأن الصلوات الخمس مكتوبة، وأن الزكاة مفروضة، وكذلك الصوم والحج، وكذلك يعلمون تحريم المحرمات، ولكن لا يكون في بلادهم قيام بهذه الأمور كما ينبغي، فتجدهم يشتغلون في بلادهم في أوقات الصلاة، وتجدهم يأكلون في نهار رمضان، مع أنهم أيضاً قد يقعون في أمور شركية وعبادة لغير الله، وما أشبه ذلك، فلا شك أن هؤلاء إذا جاءوا فهم تحت مسئوليتك، فأنت مسئول عنهم، فعليك أن تبين لهم وتقول: ليس الإسلام مجرد التسمي، ومجرد أنه مكتوب في إقامتك أنك مسلم، لكن لا يكون إسلام إلا بإقامة الصلاة، فهذا وقت الصلاة، وهذه كيفيتها، وهذه أماكنها، فلابد أن تؤديها حتى تصدق في قولك: إنك مسلم، وإذا لم تفعل ذلك فإنك لست بمسلم ولو قلت ثم قلت، ولا ينفعك انتماؤك ولا مجرد تسميك، ولا ينفعك عمل آبائك ولا أسلافك الذين نشئوك على هذه النشأة الخبيثة، وهكذا تقول لهم في بقية الأركان.
كذلك أيضاً إذا رأيتهم يعملون أعمالاً تخالف تعاليم الإسلام فلابد -أيضاً- أن تحرضهم على تركها، فتبين لهم تحريم المحرمات، سواء كانت محرمات اعتقادية مثل كونهم يبغضون السلف أو يبغضون الصحابة كالرافضة أو يبغضون أئمة الدعوة الذين يسمونهم وهابيين أو نحو ذلك، ويسيئون الظن بهم، ويقولون: إنهم.. وإنهم..، فتبين لهم أن هذه الأقوال التي يطعنون بها على أهل السنة خبث وكذب ولا حقيقة لها.
وكذلك تبين لهم إذا كانت عندهم شبهات، فقد يكون بعضهم يحمل شبهات كثيرة، ويدعي أن تلك الشبهات حقيقية، ولكنها ليست حقيقية، وإنما هي خيالية، فتبين له بطلانها، فبعضهم سمعوا أن أئمة الدعوة يبغضون الرسول، ويبغضون الأولياء، وأنهم ينهون عن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وتحملوا ذلك، فإذا جاءوا إلى هذه البلاد أخذوا يستمعون، فهل سمعوا أحداً ينهى عن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؟
حاشا وكلا، وهل يرون أحداً يبغض الرسول ولا يقتدي به؟
حاشا وكلا، نحن ننهى عن الغلو الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن لا يدل ذلك على أننا نبغضه، هذا مما يجيء به الكثير من أولئك الذين يأتون من بلاد بعيدة تحمل فكرة سيئة عن هذه البلاد، وأنهم وهابية.. هذا من حيث الاعتقاد.
أما من حيث الأعمال التي هي معاص فهي كثيرة في بلادهم، مثل كونهم يشربون الخمور، أو كونهم يحلقون اللحى، أو كونهم يشربون الدخان أو مقدماته أو ما يلحق به، أو كونهم يتعاطون بعض المحرمات كالزنا أو اللواط أو مقدماته، أو كونهم اعتادوا أن نساءهم تتبرج وتختلط بالنساء، ولا يرون في ذلك بأساً أو ما أشبه ذلك، وهذا -أيضاً- ينبغي أن نعالجه مع هؤلاء، فنبين لهم أن هذا مما أنكره الشرع، وأن هذا محرم في ديننا، فإذا بيناه لهم، وبينا أنهم إذا كانوا مسلمين وجب عليهم القبول، فإذا فعلنا ذلك كان ذلك إن شاء الله مما يخرجنا من المسئولية.
أما إذا قال الكفيل: أنا لا حاجة لي بدينه، دينه له يفسد أو يصلح، أنا ما جئت به إلا لأستخدمه في دنياي، ليعمل عندي هذا العمل، ليقود السيارة، أو ليخدمني في بيتي، ولا علي منه، يصلي أو لا يصلي، يزني أو يسرق أو ما أشبه ذلك، أنا لست مسئولاً عنه!!
فنقول: لا، لست بمعذور، بل أنت مسئول عنه، فإذا كنت لا تستطيع أن تقيمه على الشرع؛ فألغ عقده، ورده من حيث جاء، أو تأتي به لمن يقيمه على الشريعة ويبين له، فإذا كنت عاجزاً عن أن تقطع حجته فأت به إلى من يقطع حجته من الذين معهم علم ومعرفة.
وجوب الصلاة على من أجريت له عملية جراحية
الجواب: نقول: هذا خطأ، بل عليه أن يصلي الصلاة في وقتها، ولو كانت ثيابه نجسة، فالتيمم يرفع الحدث ويرفع الخبث، فإذا تيمم ينوي أن هذا التيمم عن الحدث الذي هو غسل أعضاء الوضوء، وعن النجس الذي على ثيابه أو على بدنه من الدماء، ويصلي على حسب حاله ولو على جنبه، ولو بالإيماء إذا كان عنده عملية.
ختاماً: جزى الله شيخنا كل خير، ووفقنا الله وإياكم إلى ما يحب ويرضى، وصلى الله وسلم على الحبيب الهادي.