أرشيف المقالات

من أسباب الوقاية من العين والمس والسحر والشيطان: الإسلام والاستسلام لله تبارك وتعالى

مدة قراءة المادة : 5 دقائق .
من أسباب الوقاية من العين والمس والسحر والشيطان:
الإسلام والاستسلام لله تبارك وتعالى
 
قال الله تبارك وتعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا ﴾ [مريم: 83].


معنى قوله تعالى: ﴿ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا ﴾:
قال الحافظ المفسِّر ابن كثير: في "تفسيره" (5/232): قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: تغويهم إغواء.


وقال العوفي عنه: تحرِّضُهم على محمدٍ وأصحابه.


وقال مجاهد: تُشْلِيهِم إِشْلَاءً.


وقال قتادة: تُزعجهم إزعاجًا إلى معاصي الله.


وقال سفيان الثوري: تُغريهم إغراءً، وتستعجلهم استعجالًا.


وقال السدي: تُطغيهم طغيانًا.


وقال عبد الرحمن بن زيد: هذا كقوله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ ﴾ [الزخرف: 36]؛ اهـ.

وقال الله تعالى:﴿ فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ * إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ ﴾[النحل: 98 - 100].

معنى قوله تعالى: ﴿ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ ﴾:
قال الحافظ ابن كثير: في "تفسيره" (4/517):قوله: ﴿ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ قال الثوري: ليس له عليهم سلطان أن يُوقعهم في ذنب لا يتوبون منه.


وقال آخرون: معناه: لا حجة له عليهم.


وقال آخرون كقوله: ﴿ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ﴾ [الحجر: 40].


﴿ إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ ﴾ قال مجاهد: يُطيعونه.


وقال آخرون: اتخذوه وليًا من دون الله ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ ﴾ أي: أشركوا في عبادة الله تعالى؛ أي: أشركوه في عبادة الله، ويُحتمل أن تكون الباء سببية؛ أي: صاروا بسبب طاعتهم للشيطان مشركين بالله تعالى.

وقال آخرون: معناه أنه شَرَكَهُم في الأموال والأولاد؛ اهـ.

وقال العلامة السعدي: في "تفسيره" (ص449): فالطريق إلى السلامة من شره الالتجاء إلى الله، والاستعاذة به من شره...
معتمدًا بقلبه على الله في صرفه عنه، مجتهدًا في دفع وساوسه وأفكاره الرديئة، مجتهدًا على السبب الأقوى في دفعه، وهو التحلي بحلية الإيمان والتوكل.

فإن الشيطان ﴿ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ ﴾؛ أي: تسلَّط ﴿ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ ﴾وحده لا شريك له ﴿ يَتَوَكَّلُونَ ﴾، فيدفع الله عن المؤمنين المتوكلين عليه شر الشيطان، ولا يُبق له عليهم سبيل.

﴿ إِنَّمَا سُلْطَانُهُ ﴾؛ أي: تسلُّطه ﴿ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ ﴾؛ أي: يجعلونه لهم وليًّا، وذلك بتخليهم عن ولاية الله، ودخولهم في طاعة الشيطان، وانضمامهم لحزبه، فهم الذين جعلوا له ولاية على أنفسهم، فأزَّهم إلى المعاصي أزًّا وقادهم إلى النار قَوْدًا؛ اهـ.


قلت: وفي الباب الكثير من الأدلة الدالَّة على أن الكفار قد صاروا مرتعًا للشياطين، وأن قلوبهم الميِّتة الخرِبة قد صيَّرتهم من جُنده وحزبه، انظر إلى قول الله جل وعلا: ﴿ قَالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا * وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا ﴾ [الإسراء: 63ـ 64]، ونحوها من الأدلة.

وفي الأسباب ـ عقب هذا ـ: مزيد بيانٍ وإيضاحٍ ـ إن شاء الله تعالى ـ والله أعلم.

فصلٌ: في أن المُؤمن يأكل بمعى واحد والكافر يأكل بسبعة أمعاء، وبيان السبب في ذلك:
قال نافعٌ: كان ابن عمر رضي الله عنهما لا يأكل حتى يُؤتى بمسكين يأكل معه، فأدخلتُ رجلًا يأكل معه، فأكل كثيرًا، فقال: يا نافع، لا تُدْخِل هذا عليَّ، سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «المؤمن يأكل في معًى واحد، والكافر يأكل في سبعة أمعاء»؛ رواه البخاري برقم (5393)، ومسلم (2060).

قال الطيبي: في "شرح المشكاة" (9/ 2842): فيه وجوه ـ ذكرها ومنها ـ: ثانيها: أن المُؤمن يُسمِّي الله تعالى عند طعامه، فلا يُشركه فيه الشيطان، والكافر لا يُسميه فيُشَارِكه الشيطان؛ اهـ.

شارك الخبر

المرئيات-١