شرح صحيح مسلم - كتاب الرؤيا [1]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله، وبعد:

قال مسلم رحمه الله: [كتاب الرؤيا.

وحدثنا ابن أبي عمر، حدثنا سفيان عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة وعبد ربه ويحيى ابني سعيد ومحمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة عن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله, ولم يذكر في حديثهم قول أبي سلمة: (كنت أرى الرؤيا أعرى منها غير أني لا أزمل) .

وحدثنى حرملة بن يحيى ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني يونس ، ح، وحدثنا إسحاق بن إبراهيم وعبد بن حميد قالا: أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر كلاهما عن الزهري بهذا الإسناد. وليس في حديثهما: (أعرى منها) . وزاد فى حديث يونس : (فليبصق عن يساره حين يهب من نومه ثلاث مرات) .

وحدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب ، حدثنا سليمان - يعني: ابن بلال - عن يحيى بن سعيد ، قال: سمعت أبا سلمة بن عبد الرحمن يقول: سمعت أبا قتادة يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (الرؤيا من الله والحلم من الشيطان، فإذا رأى أحدكم شيئاً يكرهه فلينفث عن يساره ثلاث مرات، وليتعوذ بالله من شرها فإنها لن تضره) . فقال: إن كنت لأرى الرؤيا أثقل علي من جبل, فما هو إلا أن سمعت بهذا الحديث فما أباليها].

قول مسلم رحمه الله تعالى: (كتاب الرؤيا).

الرؤيا: هي ما يراه النائم في منامه، وما يراه النائم في منامه ينقسم إلى هذه الأقسام الثلاثة:

القسم الأول: أفزاع من الشيطان، وذلك بأن يرى ما يكره، فإن الشيطان يتسلط على النائم حال نومه كما يتسلط عليه حال يقظته.

القسم الثاني: حديث النفس، وهو أن يرى ما يجري له في حياته العادية.

والقسم الثالث: الرؤيا، وهي ضرب مثل، يضرب له ما سيحدث له على سبيل المثل، كما ( رأى النبي صلى الله عليه وسلم أن في سيفه ثلمة) وهي: موت عمه حمزة، ورأى أن بقراً تذبح، وهي: استشهاد أصحابه في غزوة أحد، إلى غير ذلك، وسيأتينا إن شاء الله من ذلك.

والذي يعبر من هذه الأقسام هو ما يتعلق بضرب المثل، وأما يتعلق بالفزع من الشيطان، فهذا بين النبي صلى الله عليه وسلم موقف المسلم منه، يعني: إذا رأى ما يكره في منامه فإنه ينفث عن يساره ويتحول عن جنبه الذي كان عليه، وكذلك أيضاً يستعيذ من الشيطان ثلاثاً، ولا يحدث بذلك أحداً، وحينئذٍ لا تضره.

وأما حديث النفس، فهذا أيضاً لا حكم له.

وأما الرؤيا وهي ضرب المثل، فهذه التي تعبر. ‏

قال رحمه الله تعالى: [حدثنا عمرو الناقد وإسحاق بن إبراهيم وابن أبي عمر جميعاً عن ابن عيينه ، واللفظ لـابن أبي عمر ، قال: حدثنا سفيان عن الزهري عن أبي سلمة قال: (كنت أرى الرؤيا أعرى منها)].

(أعرى منها) يعني: أنه تصيبه منه رعدة، أو يصبيه منها نفض الحمى، والمقصود بذلك أنه يفزع منها ويخاف منها، حتى تصيبه منها هذه الرعدة، أو ينتفض كما ينتفض المحموم. قال: [(غير أني لا أزمل)] يعني: لا أغطى.

قال: [حتى لقيت أبا قتادة فذكرت ذلك له، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (الرؤيا من الله والحلم من الشيطان)].

الرؤيا تقدم لنا، والحلم أيضاً تقدم لنا، وكل من الرؤيا والحلم من الله سبحانه وتعالى، لكن أضاف الحلم إلى الشيطان؛ لأن الشيطان يفرح بذلك ويسر به، ويكون بسببه.

فالرؤيا هي: ما يراه من ضرب المثل مما يسر به، والحلم هي ما يراه من المكروه مما يفزع به الشيطان النائم.

قال: [(فإذا حلم أحدكم حلماً يكرهه فلينفث)]، فالنفث: هو النفث بلا ريق.

قال: [(وليتعوذ بالله من شرها فإنها لن تضره)]. يؤخذ من هذا الحديث مسألتان: منها أنه يوجد نوعان من الأنواع التي يراها النائم في منامه، وأنها الرؤيا أو الحلم، والرؤيا كما تقدم هي: ضرب المثل بما يسر، والحلم هي أفزاع من الشيطان بما يكره النائم.

قال: وفي ذلك أيضاً إرشاد النبي صلى الله عليه وسلم بما يراه المسلم إذا رأى الحلم، وأنه يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم من شرها، وأنه ينفث عن يساره ثلاثاً ثلاثاً، أي: يستعيذ ثلاثاً، وينفث ثلاثاً، وسيأتي زيادة على ذلك.

وفيه فعل الأسباب، وأن مثل هذا العمل إنما هو من فعل السبب، وقد يحصل المسبب وقد لا يحصل المسبب، لكن نحن مأمورون بفعل الأسباب، فإذا رأى المسلم ما يكره فلكي يداوي ذلك يطبق السنة، فيستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ومن شر ما رأى، وينفث عن يساره، ويتحول عن جنبه، هذا السبب؛ ونحن مأمورون بفعل الأسباب.. لكن قد يتخلف السبب إما لوجود مانع أو لفقد شرط؛ لكن إذا توكل المسلم على ربه وفعل الأسباب فإن الله سبحانه وتعالى يوفقه.

قال: [وحدثنا ابن أبي عمر، حدثنا سفيان عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة وعبد ربه ويحيى ابني سعيد ومحمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة عن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله، ولم يذكر في حديثهم قول أبي سلمة : (كنت أرى الرؤيا أعرى منها غير أني لا أزمل) .

وحدثني حرملة بن يحيى قال: أخبرنا ابن وهب ، قال: أخبرني يونس ، ح، وحدثنا إسحاق بن إبراهيم وعبد بن حميد قالا: أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر كلاهما عن الزهري بهذا الإسناد, وليس في حديثهما: (أعرى منها) . وزاد في حديث يونس: (فليبصق عن يساره حين يهب من نومه ثلاث مرات)] تقدم، والمراد بالبصق هنا النفث، بمعنى أنه ينفث بلا ريق.

قال: [وحدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب ، حدثنا سليمان - يعني: ابن بلال - عن يحيى بن سعيد قال: سمعت أبا سلمة بن عبد الرحمن يقول: سمعت أبا قتادة يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (الرؤيا من الله والحلم من الشيطان، فإذا رأى أحدكم شيئاً يكرهه فلينفث عن يساره ثلاث مرات، وليتعوذ بالله من شرها فإنها لا تضره)، فقال: إن كنت لأرى الرؤيا أثقل علي من جبل فما هو إلا أن سمعت بهذا الحديث فما أباليها].

وفي هذا تطبيق السلف رحمهم الله تعالى لسنة النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لما سمع حث النبي صلى الله عليه وسلم في النفث عن يساره ثلاث مرات ويتعوذ من شرها فإنها لا تضره، قال: لا أباليها، أي: لا أبالي الرؤيا بعد أن أفعل السبب.

قال: [وحدثناه قتيبة ومحمد بن رمح عن الليث بن سعد ، ح، وحدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا عبد الوهاب يعني الثقفي ، ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا عبد الله بن نمير كلهم عن يحيى بن سعيد بهذا الإسناد. وفي حديث الثقفى قال أبو سلمة : فإن كنت لأرى الرؤيا. وليس في حديث الليث وابن نمير قول أبي سلمة إلى آخر الحديث. وزاد ابن رمح في رواية هذا الحديث: (وليتحول عن جنبه الذي كان عليه)].

وفي هذا -أيضاً- من السنة أنه يتحول عن جنبه الذي كان عليه.

قال: [وحدثني أبو الطاهر ، أخبرنا عبد الله بن وهب ، أخبرنى عمرو بن الحارث عن عبد ربه بن سعيد عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي قتادة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الرؤيا الصالحة من الله، والرؤيا السوء من الشيطان)].

الرؤيا الصالحة المراد بها: الرؤيا التي يسر بها المسلم، والرؤيا السوء هي التي يساء بها ويكرهها، كما تقدم لنا قول: (من الله)، (من الشيطان)، فإضافتها إلى الله عز وجل إضافة تشريف، وإلا فإن الكل من خلق الله عز وجل. وإضافتها إلى الشيطان؛ لأن الشيطان يفرح بها ويسر، ويحضرها.

قال: [(فمن رأى رؤيا فكره منها شيئاً فلينفث عن يساره, وليتعوذ بالله من الشيطان فإنها لا تضره, ولا يخبر بها أحداً، فإن رأى رؤيا حسنة فليبشر ولا يخبر إلا من يحب)].

في هذا بيان موقف المسلم إذا رأى رؤيا حسنة، وموقف المسلم إذا رأى رؤيا تسوءه، إذا رأى رؤيا يفزع منها فإنها من الشيطان، يعني: أنها بسبب الشيطان، والموقف -كما في السنة- أنه يستعيذ بالله من شرها ومن شر الشيطان ثلاثاً، وكذلك أيضاً ينفث عن يساره ثلاثاً، ويستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ومن شر ما رأى ويتحول عن جنبه، ولا يذكر ذلك لأحد.

هذه خمسة أمور لموقف المسلم إذا رأى ما يسوءه: ينفث عن يساره ثلاثاً, ويستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، ومن شر ما رأى، ويتحول عن جنبه، ولا يخبر أحداً.

وإن رأى رؤيا حسنة يستبشر بذلك ولا يخبر إلا من يحب، وإنما لا يخبر إلا من يحب؛ لأنه قد يحصل له بذلك نوع من الحسد إذا أخبر من لا يحب.

قال: [حدثنا أبو بكر بن خلاد الباهلي وأحمد بن عبد الله بن الحكم ، قال: حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة عن عبد ربه بن سعيد عن أبي سلمة قال: كنت لأرى الرؤيا تمرضني، قال: فلقيت أبا قتادة فقال: وأنا كنت لأرى الرؤيا فتمرضني حتى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (الرؤيا الصالحة من الله, فإذا رأى أحدكم ما يحب فلا يحدث بها إلا من يحب، وإذا رأى ما يكره فليتفل عن يساره ثلاثاً وليتعوذ بالله من شر الشيطان وشرها, ولا يحدث بها أحداً فإنها لن تضره) .

حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا ليث ، ح وحدثنا ابن رمح ، أخبرنا الليث عن أبي الزبير عن جابر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا رأى أحدكم الرؤيا يكرهها فليبصق عن يساره ثلاثاً, وليستعذ بالله من الشيطان ثلاثاً, وليتحول عن جنبه الذي كان عليه)]. في هذه الرواية الاستعاذة من الشيطان ثلاثاً.

قال: [حدثنا محمد بن أبي عمر المكي ، حدثنا عبد الوهاب الثقفي عن أيوب السختياني عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا اقترب الزمان)]. قيل: إن المراد بذلك إذا اعتدل الليل والنهار، وقيل: إن المراد بذلك إذا كان في آخر الدنيا قرب حصول القيامة، [(لم تكد رؤيا المسلم تكذب)]، معنى ذلك أن هذا المثل الذي ضرب للمسلم ورآه في منامه يقع.

قال: [(وأصدقكم رؤيا أصدقكم حديثاً)] يعني: أصدقكم رؤيا وقوعاً، [أصدقكم حديثاً, ( ورؤيا المسلم جزء من خمس وأربعين جزءاً من النبوة, والرؤيا ثلاثة: فرؤيا صالحة بشرى من الله، ورؤيا تحزين من الشيطان، ورؤيا مما يحدث المرء نفسه، فإن رأى أحدكم ما يكره فليقم فليصل ولا يحدث بها الناس، قال: وأحب القيد وأكره الغل، والقيد ثبات في الدين). فلا أدري هو في الحديث أم قاله: ابن سيرين ].

في هذا الحديث كما تقدم لنا: موقف المسلم من الرؤيا التي تسوءه: أنه ينفث عن يساره ثلاثاً، ويستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ومن شر ما رأى، ولا يحدث أحداً، ويتحول عن جنبه، وهذه خمسة أمور، وهنا أمر سادس وهو أن يقوم ويصلي، إذا حصلت هذه الأمور بإذن الله عز وجل أنه لن تضره، كما تقدم لنا أن هذا من باب فعل السبب.

وفي هذا الحديث: أنه إذا اقترب الزمان فإن رؤيا المسلم لا تكاد تكذب، بمعنى أنها تقع.

وفيه أيضاً: الحث على الصدق، (وإن أصدق الناس حديثاً هم أصدقهم رؤيا) ، بمعنى: أنه إذا رأى رؤيا فإن هذه الرؤيا تقع.

وفيه أيضاً: أن رؤيا المسلم جزء من خمس وأربعين جزءاً من النبوة، وجاء أيضاً في صحيح مسلم : (أنها جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة). وجاء: (خمسة وأربعون)، وجاء أيضاً: (أنه جزء من سبعين جزءاً من النبوة)، هذه الروايات كلها في مسلم .

وجاء في غير مسلم : (أنه جزء من أربعين جزءاً) ، وفي رواية أيضاً: (من تسعة وأربعين) ، وفي رواية: (من خمسين) ، وفي رواية: (من ستة وعشرين) ، وفي رواية: (من أربعة وأربعين) .

فاختلف العلماء في تخريج ذلك، يعني: هل يرجح بعضها أو يقال بها جميعاً؟ للعلماء رحمهم الله مسلكان:

المسلك الأول: الترجيح، وأنه ترجح رواية: (ستة وأربعون جزءاً من النبوة) لأمرين:

الأمر الأول: أن مسلماً أخرجها في صحيحه، وأكثر الرواة على ذلك.

والأمر الثاني: ما ذكره الخطابي وغيره: أن النبي صلى الله عليه وسلم جلس في البعثة ثلاثاً وعشرين عاماً يوحى إليه، وأول الوحي كان رؤيا، وقالوا: كانت مدة الرؤيا ستة أشهر، فتكون الرؤيا جزءاً من ستة وأربعين جزءاً من النبوة. إذا قلت: ستة أشهر نصف سنة، فثلاثة وعشرون في اثنين يساوي ستة وأربعين.

فقالوا بأنها جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة.

ولكن يعكر على هذا أن القول بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان في أول الأمر يرى لمدة ستة أشهر، هذا يحتاج إلى دليل، وليس هناك شيء ثابت، لكن ربما يقال بأن قوله: (جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة) أن هذا يدل على أن رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم كانت في أول الأمر قبل أن يوحى إليه كانت ستة أشهر، ربما يؤيد ذلك.

القول الأول: يعني: مالوا إلى ترجيح رواية: (ستة وأربعون جزءاً من النبوة) ، كما ذكرنا أنه في مسلم .

وثانياً: أن المعنى يؤيده، كان النبي صلى الله عليه وسلم جلس يوحى إليه ثلاثاً وعشرين سنة، وكان في أول الأمر لمدة ستة شهور يرى الرؤيا في المنام، ويراها تماماً في اليقظة كفلق الصبح.

المسلك الثاني: العمل بكل الروايات الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم, وأن هذا الاختلاف راجع إلى اختلاف الرائي، فالمؤمن تكون رؤياه جزءاً من ستة وأربعين جزءاً، والفاسق تكون رؤياه جزءاً من سبعين جزءاً من النبوة.

وقيل: إن الخفي منها جزء من سبعين، والظاهر جزء من ستة وأربعين.

يظهر -والله أعلم- أن الرأي الأول هو أحسن الآراء، وأن الرؤيا جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة، وكما ذكر الخطابي وغيره، وعلى هذا يرجح على بقية الأحاديث الواردة.

وفيه: أن ما يراه النائم ينقسم إلى ثلاثة أقسام كما تقدم لنا:

رؤيا صالحة، وهي ضرب المثال، وإذا كانت تسر فهي صالحة.

ورؤيا تحزين، وهي إفزاع من الشيطان وهي الحلم.

ورؤيا حديث النفس، يعني: الرؤيا مما يحدث المرء نفسه.

قال: (وأحب القيد). يعني: إذا رئي القيد في المنام، لأنه يدل على الثبات، يعني: إذا رأى الإنسان في منامه أنه حصل له قيد إلى آخره، فهذا يدل على الثبات على الدين والكف على المعاصي.

(وأكره الغل). يعني: في المنام، إذا رأى أنه مغلول في المنام، فإن الغل موضعه إلى العنق، اليد تغل إلى العنق، وهو صفة أهل النار: إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلالًا فَهِيَ إِلَى الأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ [يس:8]. والغل كالغل صفة المعذبين، فإذا رأى هذا فإن هذا من الرؤيا المكروهة.

قوله: (فلا أدري هو في الحديث أم قاله ابن سيرين )؛ يعني: هل الراوي عن ابن سيرين هل هو في الحديث أم قاله ابن سيرين من نفسه؟

قال: [وحدثني محمد بن رافع ، قال: حدثنا عبد الرزاق ، قال: أخبرنا معمر عن أيوب بهذا الإسناد, وقال في الحديث قال أبو هريرة: فيعجبني القيد وأكره الغل. والقيد ثبات في الدين.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة)]. يبين هذا أنه من قول أبي هريرة رضي الله تعالى عنه.

وقال: [وحدثني أبو الربيع قال: حدثنا حماد - يعني: ابن زيد - قال: حدثنا أيوب وهشام عن محمد عن أبي هريرة قال: (إذا اقترب الزمان)، وساق الحديث ولم يذكر فيه النبي صلى الله عليه وسلم.

وحدثناه إسحاق بن إبراهيم قال: أخبرنا معاذ بن هشام قال: حدثنا أبي عن قتادة عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأدرج في الحديث قوله: (وأكره الغل) إلى تمام الكلام, ولم يذكر: (الرؤيا جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة)]، يعني: أنه من كلام أبي هريرة مدرج.

قال: [وحدثنا محمد بن المثني وابن بشار قال: حدثنا محمد بن جعفر وأبو داود ، ح، وحدثني زهير بن حرب قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، كلهم عن شعبة ، ح، وحدثنا عبيد الله بن معاذ - واللفظ له - قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا شعبة عن قتادة عن أنس بن مالك عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة) .

وحدثنا عبيد الله بن معاذ ، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا شعبة عن ثابت البنانى عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك.

وحدثنا عبد بن حميد قال: أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة) .

وحدثنا إسماعيل بن الخليل قال: أخبرنا علي بن مسهر عن الأعمش، ح، وحدثنا ابن نمير قال: حدثنا أبي قال: حدثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (رؤيا المسلم يراها أو ترى له). وفي حديث ابن مسهر : (الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءاً في زمن النبوة)].

يعني: الرؤيا الصالحة قد تراها أنت بنفسك، يراها الإنسان بنفسه، أو يراها له غيره.

قال: [وحدثنا يحيى بن يحيى قال: أخبرنا عبد الله بن يحيى بن أبي كثير قال: سمعت أبي يقول: حدثنا أبو سلمة عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (رؤيا الرجل الصالح جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة)].

وفي هذا أيضاً أن الصلاح له أثر في الرؤيا، إذا كان الإنسان صالحاً له أثر في الرؤيا، والصدق أيضاً كما تقدم له أثر في صدق الرؤيا.

قال: [وحدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا عثمان بن عمر قال: حدثنا علي - يعني: ابن المبارك - ح وحدثنا أحمد بن المنذر قال: حدثنا عبد الصمد قال: حدثنا حرب - يعني: ابن شداد - كلاهما عن يحيى بن أبي كثير بهذا الإسناد.

وحدثنا محمد بن رافع قال: حدثنا عبد الرزاق قال: حدثنا معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل حديث عبد الله بن يحيى بن أبي كثير عن أبيه.

قال: وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا أبو أسامة ، ح، وحدثنا ابن نمير قال: حدثنا أبي، قالا: جميعاً، قال: حدثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الرؤيا الصالحة جزء من سبعين جزءاً من النبوة) .

حدثناه ابن المثنى وعبيد الله بن سعيد قالا: حدثنا يحيى عن عبيد الله بهذا الإسناد.

وحدثناه قتيبة وابن رمح عن الليث بن سعد ، ح، قال: وحدثنا ابن أبي فديك قال: أخبرنا الضحاك - يعني: ابن عثمان - كلاهما عن نافع بهذا الإسناد. وفي حديث الليث قال نافع : حسبت أن ابن عمر قال: (جزء من سبعين جزءاً من النبوة)].

والله أعلم.