شرح زاد المستقنع - كتاب الحدود [4]


الحلقة مفرغة

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب حد المسكر.

كل شراب أسكر كثيرة فقليله حرام، وهو خمر من أي شيء كان، ولا يباح شربه للذة ولا لتداو ولا لعطش ولا غيره، إلا لدفع لقمة غص بها ولم يحضره غيره، وإذا شربه المسلم مختارا عالما أن كثيره يسكر فعليه الحد ثمانون جلدة مع الحرية، وأربعون مع الرق.

باب التعزير:

وهو التأديب، وهو واجب في كل معصية لا حد فيها ولا كفارة كاستمتاع لا حد فيه، وسرقة لا قطع فيها، وجناية لا قود فيها، وإتيان المرأة المرأة، والقذف بغير الزنا ونحوه، ولا يزاد في التعزير على عشر جلدات، ومن استمنى بيده بغير حاجة عزر].

تقدم لنا حد القذف، وذكرنا تعريف القذف في اللغة والاصطلاح، ومن هو المحصن في باب حد القذف، وأن المحصن في باب حد القذف، هو المسلم، العاقل، الحر، وهل الرقيق محصن أو ليس محصناً؟

تكلمنا على هذه المسألة، وكذلك أيضاً العفيف، وهل يشترط البلوغ أو يكفي أن يكون ممن يطأ مثله، تقدم الكلام على هذه المسألة، وما هي عقوبة من قذف هذا المحصن سواء كان حراً أو رقيقاً.

كذلك أيضاً تقدم لنا ما يتعلق بصريح القذف وكنايته، وكذلك أيضاً إذا عرض في القذف، وهل يحد أو لا يحد؟

مسألة: إذا قذف ميتاً هل يحد أو لا يحد؟

نقول: نعم يحد إذا طالب وارث الميت المحصن؛ لأن المعرة تلحق بذلك.

مسألة: هل يورث حد القذف أو لا يورث؟ بمعنى أنه إذا مات المقذوف فهل لورثته حق المطالبة بحد القذف أو لا؟ المشهور من المذهب التفصيل، فإن كان طالب قبل موته فإنَّ حد القذف لا يسقط، وإن كان لم يطالب سقط حد القذف.

والرأي الثاني: أنه يورث، طالب المقذوف أو لم يطالب؛ لأن المعرة تلحق بذلك، ولأن الله سبحانه وتعالى قال: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً [النور:4].

وكون المقذوف لم يعف فإن الحق لا يزال باقياً، وعلى هذا نقول: الورثة لهم أن يطالبوا بحد القذف، ولو عفا بعض الورثة وطالب بعض الورثة فإنه يحد للباقين؛ لأن المعرة تلحق بذلك، فمثلاً: لو قذف رجل، وله خمسة أبناء، طالب بالحد ثلاثة، وعفا اثنان نقول: إنه يحد كاملاً.

أما إذا قذف نبياً من الأنبياء أو صحابياً من الصحابة رضي الله تعالى عنهم فهذا سيأتينا إن شاء الله قريباً في باب أحكام المرتد، وسيأتينا ما يتعلق بسب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وكذلك أيضاً ما يتعلق بسب الصحابة رضي الله تعالى عنهم.

قال رحمه الله: (باب حد المسكر).

تعريف المسكر وحكمه

السكر: هو تغطية العقل على وجه اللذة والطرب.

فتغطية العقل تنقسم إلى قسمين:

القسم الأول: أن تكون على وجه اللذة والطرب، فهذا هو المسكر.

والقسم الثاني: ألا تكون على وجه اللذة والطرب، كتغطية العقل بالإغماء، والبنج، والتداوي، ونحو ذلك.

والخمر محرمة حتى عند أهل الكتاب، إلا أن أهل الكتاب يستحلونها، ويدل على التحريم قول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [المائدة:90].

وأيضاً: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( كل مسكر خمر، وكل خمر حرام ) رواه مسلم في صحيحه، والإجماع منعقد على ذلك.

قال رحمه الله: (كل شراب أسكر كثيره فقليله حرام، وهو خمر من أي شيء كان).

فسر المؤلف رحمه الله تعالى الخمر بقوله: كل شراب مسكر فهو خمر.

اختلاف العلماء في تفسير الخمر

اختلف العلماء رحمهم الله في تفسير الخمر.

الرأي الأول، وهو رأي جمهور أهل العلم: أن الخمر كل مسكر من أي نوع كان، ودليلهم على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم كما روى مسلم عن عبد الله بن عمر : ( كل مسكر خمر وكل خمر حرام) وهذا ظاهر ونص في تعريف الخمر.

الرأي الثاني: أن الخمر هو ماء العنب إذا اشتد وقذف بالزبد، وهذا رأي أبي حنيفة رحمه الله، ودليله على ذلك قول الله عز وجل: إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا [يوسف:36].

وقد رآى أنه يعصر عناقيد العنب، وكذلك استدلوا بحديث ابن عمر أنه قال: لقد حرمت الخمر، وما بالمدينة منها شيء، رواه البخاري ، يقصد بقوله: وما بالمدينة منها شيء، خمر العنب، وإلا فإنه كما جاء في حديث أنس في صحيح البخاري : ( وعامة خمرنا البسر والتمر )، فقوله: في حديث ابن عمر : ( لقد حرمت الخمر وما في المدينة منها شيء )، يدل على أن المراد بالخمر عصير العنب.

الرأي الثالث: أن الخمر هو ما كان من عصير العنب أو التمر، قال به: أبو يوسف ، واستدلوا على ذلك بحديث أبي هريرة في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الخمر من هاتين الشجرتين: العنبة والتمر).

والصواب في هذه المسألة هو: ما ذهب إليه جمهور أهل العلم رحمهم الله تعالى من أن كل مسكر خمر، وأما قوله: إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا [يوسف:36] وقد رآه يعصر عناقيد العنب، فنقول: إن القاعدة عندنا أن ذكر بعض أفراد العام بحكم يوافق العام لا يقتضي التخصيص، وأيضاً قوله: ( لقد حرمت الخمر وما بالمدينة منها شيء ). نقول: إن كون خمر العنب غير موجود في المدينة، إلا أنه وجد غيره من الخمور، كخمر التمر، وخمر البسر، وغير ذلك، وكذلك أيضاً قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( الخمر من هاتين الشجرتين ) هذا مبني على الغالب، فالغالب أن الخمر يكون من العنب، وكذلك أيضاً يكون من التمر.

وأبو حنيفة يتفق مع الجمهور على أن من شرب قليلاً من خمر العنب فإنه يحد، أي: إذا شرب مسكراً يحد، فإذا شرب قليلاً من خمر غير العنب فالجمهور يرون أنه يحد، وعند أبي حنيفة لا يحد.

فالأقسام ثلاثة:

القسم الأول: أن يشرب من خمر العنب فيحد مطلقاً.

القسم الثاني: أن يشرب مسكراً فيحد مطلقاً أيضاً.

القسم الثالث: أن يشرب قليلاً من غير خمر العنب، فهذا على حسب الخلاف، الجمهور يرون أنه يحد ما دام أنه شرب من الخمر، والرأي الثاني على رأي أبي حنيفة أنه لا يحد.

قال رحمه الله: (ولا يباح شربه للذة).

شرب الخمر للذة محرم ولا يجوز، وتقدمت الأدلة على ذلك.

السكر: هو تغطية العقل على وجه اللذة والطرب.

فتغطية العقل تنقسم إلى قسمين:

القسم الأول: أن تكون على وجه اللذة والطرب، فهذا هو المسكر.

والقسم الثاني: ألا تكون على وجه اللذة والطرب، كتغطية العقل بالإغماء، والبنج، والتداوي، ونحو ذلك.

والخمر محرمة حتى عند أهل الكتاب، إلا أن أهل الكتاب يستحلونها، ويدل على التحريم قول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [المائدة:90].

وأيضاً: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( كل مسكر خمر، وكل خمر حرام ) رواه مسلم في صحيحه، والإجماع منعقد على ذلك.

قال رحمه الله: (كل شراب أسكر كثيره فقليله حرام، وهو خمر من أي شيء كان).

فسر المؤلف رحمه الله تعالى الخمر بقوله: كل شراب مسكر فهو خمر.

اختلف العلماء رحمهم الله في تفسير الخمر.

الرأي الأول، وهو رأي جمهور أهل العلم: أن الخمر كل مسكر من أي نوع كان، ودليلهم على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم كما روى مسلم عن عبد الله بن عمر : ( كل مسكر خمر وكل خمر حرام) وهذا ظاهر ونص في تعريف الخمر.

الرأي الثاني: أن الخمر هو ماء العنب إذا اشتد وقذف بالزبد، وهذا رأي أبي حنيفة رحمه الله، ودليله على ذلك قول الله عز وجل: إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا [يوسف:36].

وقد رآى أنه يعصر عناقيد العنب، وكذلك استدلوا بحديث ابن عمر أنه قال: لقد حرمت الخمر، وما بالمدينة منها شيء، رواه البخاري ، يقصد بقوله: وما بالمدينة منها شيء، خمر العنب، وإلا فإنه كما جاء في حديث أنس في صحيح البخاري : ( وعامة خمرنا البسر والتمر )، فقوله: في حديث ابن عمر : ( لقد حرمت الخمر وما في المدينة منها شيء )، يدل على أن المراد بالخمر عصير العنب.

الرأي الثالث: أن الخمر هو ما كان من عصير العنب أو التمر، قال به: أبو يوسف ، واستدلوا على ذلك بحديث أبي هريرة في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الخمر من هاتين الشجرتين: العنبة والتمر).

والصواب في هذه المسألة هو: ما ذهب إليه جمهور أهل العلم رحمهم الله تعالى من أن كل مسكر خمر، وأما قوله: إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا [يوسف:36] وقد رآه يعصر عناقيد العنب، فنقول: إن القاعدة عندنا أن ذكر بعض أفراد العام بحكم يوافق العام لا يقتضي التخصيص، وأيضاً قوله: ( لقد حرمت الخمر وما بالمدينة منها شيء ). نقول: إن كون خمر العنب غير موجود في المدينة، إلا أنه وجد غيره من الخمور، كخمر التمر، وخمر البسر، وغير ذلك، وكذلك أيضاً قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( الخمر من هاتين الشجرتين ) هذا مبني على الغالب، فالغالب أن الخمر يكون من العنب، وكذلك أيضاً يكون من التمر.

وأبو حنيفة يتفق مع الجمهور على أن من شرب قليلاً من خمر العنب فإنه يحد، أي: إذا شرب مسكراً يحد، فإذا شرب قليلاً من خمر غير العنب فالجمهور يرون أنه يحد، وعند أبي حنيفة لا يحد.

فالأقسام ثلاثة:

القسم الأول: أن يشرب من خمر العنب فيحد مطلقاً.

القسم الثاني: أن يشرب مسكراً فيحد مطلقاً أيضاً.

القسم الثالث: أن يشرب قليلاً من غير خمر العنب، فهذا على حسب الخلاف، الجمهور يرون أنه يحد ما دام أنه شرب من الخمر، والرأي الثاني على رأي أبي حنيفة أنه لا يحد.

قال رحمه الله: (ولا يباح شربه للذة).

شرب الخمر للذة محرم ولا يجوز، وتقدمت الأدلة على ذلك.

قال رحمه الله: (ولا لتداوٍ).

سيأتينا إن شاء الله في كتاب الأطعمة ما يتعلق بالتداوي بالمحرمات، وأنه لا يتداوى بالمحرم، وهذا ما ذهب إليه جمهور أهل العلم، لما روى طارق بن سويد أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الخمر فنهاه عنها، فقال: إنما أصنعها للدواء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إنها ليست بدواء ولكنها داء ) وهذا رواه مسلم ، وعند الحنفية والظاهرية أنه يجوز التداوي بيسير الخمر، لقول الله عز وجل: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ [الأنعام:119].

قالوا: هذا دليل على أنه يجوز التداوي بيسير الخمر، وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله قال: إنه لا ضرورة إلى هذا الدواء؛ لأن الله سبحانه وتعالى ما أنزل داء إلا أنزل له دواء علمه من علمه، وجهله من جهله.

قال رحمه الله: (ولا لعطش).

أيضاً لا يجوز شربه للعطش، وهذا ما عليه جمهور أهل العلم، بخلاف الحنفية.

والحنفية هم أوسع الناس في باب الأشربة، والمالكية أوسع الناس في باب الأطعمة، كما تقدم لنا في القواعد النورانية، فقال: حتى للعطش فلا يجوز؛ للعمومات، وقد ذكر العلماء أنها تزيد العطش، ولا تطفئ حرارته، خلافاً للحنفية فإنهم يجوزون ذلك بقدر ما يدفع العطش.

قال رحمه الله: (ولا غيره إلا لدفع لقمة غص بها ولم يحضره غيره).

يعني بغير ما تقدم للذة والتداوي والعطش، فإذا غص بلقمة طعام ولم يحضره إلا هذا الشراب من الخمر، فقال المؤلف رحمه الله تعالى: لا بأس أن يشرب ما يدفع به هذه اللقمة؛ لأن هذا موضع ضرورة؛ ولأنه لولم يشرب ويدفع هذه اللقمة لأدى ذلك إلى هلاكه، فما دام أنه موضع ضرورة فقال: هذا جائز ولا بأس به إن شاء الله، خلافاً للإمام مالك ؛ فإنه رحمه الله تعالى لا يجوز ذلك. فإن حضر عنده بول وخمر يقدم البول على الخمر؛ لأن مفسدة الخمر أعظم من مفسدة البول فالخمر مسألته عظيمة، فهو يغطي العقل، وإذا غطي العقل ربما قتل، أو جنى، أو ارتد، نسأل الله السلامة، وإذا كان هناك بول، وماء نجس، وخمر، قالوا: يقدم الماء النجس، وإذا شرب البول فإن ضرره يرتفع بإذن الله عز وجل، وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله قاعدة وهي: أن ما أبيح شرعاً ارتفع ضرره قدراً.

قال رحمه الله: (وإذا شربه المسلم مختاراً عالماً أن كثيره يسكر فعليه الحد ثمانون جلدة مع الحرية).

عقوبة شرب الخمر تحتها ثلاث مسائل:

عقوبة الخمر حد وليست تعزيراً

المسألة الأولى: هل هي حد أو تعزير؟ للعلماء رحمهم الله في ذلك رأيان:

الرأي الأول: أنها حد، وهذا ما عليه أكثر أهل العلم، حتى إنه نقل الإجماع على ذلك، كما نقله القرطبي ، والقاضي عياض وابن قدامة ، وغيرهم من أهل العلم، واستدلوا على ذلك بإجماع الصحابة على أنه حد، وإن اختلفوا في العدد.

واستدلوا أيضاً على ذلك بما ثبت في صحيح مسلم من حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم : (أتي برجل قد شرب فجلده بجريدتين نحو أربعين ) وفعله أبو بكر فلما كان في عهد عمر استشار الناس فقال عبد الرحمن بن عوف : أخف الحدود ثمانون، فأمر به عمر .

الرأي الثاني: أن عقوبة شرب الخمر تعزير، وإلى هذا يميل الشوكاني رحمه الله تعالى، واستدل على ذلك بحديث السائب بن يزيد قال: كنا نؤتى بالشارب على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فنقوم إليه بأرديتنا ونعالنا وأيدينا أي: يضربونه بأرديتهم ونعالهم وأيديهم، مما يدل على أنه تعزير، وأيضاً مما يدل على أنه تعزير، أن عمر رضي الله تعالى عنه زاد، ولو كان حداً ما زاد.

مقدار الجلد للشارب

إذا قلنا: إنه حد على رأي الجمهور فما قدره؟

قدره عند جمهور العلماء ثمانون جلدة، لفعل عمر رضي الله تعالى عنه، والرأي الثاني: أنه أربعون، وهذا رأي الشافعي ، وللإمام أن يزيد إلى ثمانين، كما تقدم في حديث السائب بن يزيد أنهم كانوا يؤتى إليهم بالشارب في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وإمرة أبي بكر ، وصدر من خلافة عمر ، فيقومون إليه بأيديهم ونعالهم وأرديتهم، حتى كان صدرٌ من خلافة عمر فجلد أربعين، حتى إذا عتوا وفسقوا جلد ثمانين، فقالوا: إن هذا دليل على أنه يجلد أربعين، وأيضاً حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم (جلد في الخمر بالجريد والنعال، وجلد أبو بكر أربعين ) مما يدل على أنها أربعون، وللإمام أن يزيد إلى ثمانين كما زاد عمر رضي الله تعالى عنه، وكذلك ورد عن علي رضي الله تعالى عنه كما في صحيح مسلم ، (أن النبي صلى الله عليه وسلم جلد أربعين، وأن أبا بكر جلد أربعين، وأن عمر جلد ثمانين وكل سنة وهذا أحب إلي)، يعني الأربعين، ويظهر والله أعلم أن ما ذهب إليه الشافعي رحمه الله من أنه أربعون، وللإمام أن يزيد إلى ثمانين أنه أقرب.

قتل الشارب في الرابعة

المسألة الثالثة: هل تصل عقوبة شرب الخمر إلى درجة القتل أو لا؟ للعلماء رحمهم الله في ذلك رأيان:

الرأي الأول: رأي جمهور أهل العلم: أن عقوبة شرب الخمر لا تصل إلى القتل ولو تكرر ذلك منه كثيراً، فلو جلد عدة مرات ولم يرتدع، فإنه لا يصل ذلك إلى القتل، واستدلوا على ذلك بحديث قبيصة بن ذؤيب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه، فإن عاد في الثالثة أو الرابعة فاقتلوه، ثم إنه أتي برجل قد شرب فجلده، ثم أتي به فجلده، ثم أتي به فجلده، ورفع القتل ) وكانت رخصة، هذا رواه أبو داود ، غير أن الحديث ضعيف.

الرأي الثاني: رأي الظاهرية: أنه يقتل بعد ثلاثة حدود، ويجب قتله لحديث معاوية رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد في الرابعة فاقتلوه ) رواه الإمام أحمد ، والترمذي ، وأبو داود وغيره، ونحو ذلك من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، والظاهرية يقولون: إن قتله في الرابعة على سبيل الحد، يعني أنه واجب، وعند شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وعند ابن القيم أن قتله يكون تعزيراً، وشيخ الإسلام عنده أصل وهو أن من لم يندفع بالحدود المقدرة يكن حكمه حكم الصائل، والصائل تدفعه بالأسهل، فإذا لم يندفع إلا بالقتل يقتل، فمن يسرق وتكررت منه السرقة، ويقام عليه الحد في كل مرة، ثم لا يندفع شره إلا بالقتل فإنه يقتل، ومثله: الذي يشرب الخمر ولا يندفع شره إلا بالقتل فإنه يقتل، وعلى هذا فقس.

المسألة الأولى: هل هي حد أو تعزير؟ للعلماء رحمهم الله في ذلك رأيان:

الرأي الأول: أنها حد، وهذا ما عليه أكثر أهل العلم، حتى إنه نقل الإجماع على ذلك، كما نقله القرطبي ، والقاضي عياض وابن قدامة ، وغيرهم من أهل العلم، واستدلوا على ذلك بإجماع الصحابة على أنه حد، وإن اختلفوا في العدد.

واستدلوا أيضاً على ذلك بما ثبت في صحيح مسلم من حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم : (أتي برجل قد شرب فجلده بجريدتين نحو أربعين ) وفعله أبو بكر فلما كان في عهد عمر استشار الناس فقال عبد الرحمن بن عوف : أخف الحدود ثمانون، فأمر به عمر .

الرأي الثاني: أن عقوبة شرب الخمر تعزير، وإلى هذا يميل الشوكاني رحمه الله تعالى، واستدل على ذلك بحديث السائب بن يزيد قال: كنا نؤتى بالشارب على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فنقوم إليه بأرديتنا ونعالنا وأيدينا أي: يضربونه بأرديتهم ونعالهم وأيديهم، مما يدل على أنه تعزير، وأيضاً مما يدل على أنه تعزير، أن عمر رضي الله تعالى عنه زاد، ولو كان حداً ما زاد.

إذا قلنا: إنه حد على رأي الجمهور فما قدره؟

قدره عند جمهور العلماء ثمانون جلدة، لفعل عمر رضي الله تعالى عنه، والرأي الثاني: أنه أربعون، وهذا رأي الشافعي ، وللإمام أن يزيد إلى ثمانين، كما تقدم في حديث السائب بن يزيد أنهم كانوا يؤتى إليهم بالشارب في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وإمرة أبي بكر ، وصدر من خلافة عمر ، فيقومون إليه بأيديهم ونعالهم وأرديتهم، حتى كان صدرٌ من خلافة عمر فجلد أربعين، حتى إذا عتوا وفسقوا جلد ثمانين، فقالوا: إن هذا دليل على أنه يجلد أربعين، وأيضاً حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم (جلد في الخمر بالجريد والنعال، وجلد أبو بكر أربعين ) مما يدل على أنها أربعون، وللإمام أن يزيد إلى ثمانين كما زاد عمر رضي الله تعالى عنه، وكذلك ورد عن علي رضي الله تعالى عنه كما في صحيح مسلم ، (أن النبي صلى الله عليه وسلم جلد أربعين، وأن أبا بكر جلد أربعين، وأن عمر جلد ثمانين وكل سنة وهذا أحب إلي)، يعني الأربعين، ويظهر والله أعلم أن ما ذهب إليه الشافعي رحمه الله من أنه أربعون، وللإمام أن يزيد إلى ثمانين أنه أقرب.

المسألة الثالثة: هل تصل عقوبة شرب الخمر إلى درجة القتل أو لا؟ للعلماء رحمهم الله في ذلك رأيان:

الرأي الأول: رأي جمهور أهل العلم: أن عقوبة شرب الخمر لا تصل إلى القتل ولو تكرر ذلك منه كثيراً، فلو جلد عدة مرات ولم يرتدع، فإنه لا يصل ذلك إلى القتل، واستدلوا على ذلك بحديث قبيصة بن ذؤيب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه، فإن عاد في الثالثة أو الرابعة فاقتلوه، ثم إنه أتي برجل قد شرب فجلده، ثم أتي به فجلده، ثم أتي به فجلده، ورفع القتل ) وكانت رخصة، هذا رواه أبو داود ، غير أن الحديث ضعيف.

الرأي الثاني: رأي الظاهرية: أنه يقتل بعد ثلاثة حدود، ويجب قتله لحديث معاوية رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد في الرابعة فاقتلوه ) رواه الإمام أحمد ، والترمذي ، وأبو داود وغيره، ونحو ذلك من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، والظاهرية يقولون: إن قتله في الرابعة على سبيل الحد، يعني أنه واجب، وعند شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وعند ابن القيم أن قتله يكون تعزيراً، وشيخ الإسلام عنده أصل وهو أن من لم يندفع بالحدود المقدرة يكن حكمه حكم الصائل، والصائل تدفعه بالأسهل، فإذا لم يندفع إلا بالقتل يقتل، فمن يسرق وتكررت منه السرقة، ويقام عليه الحد في كل مرة، ثم لا يندفع شره إلا بالقتل فإنه يقتل، ومثله: الذي يشرب الخمر ولا يندفع شره إلا بالقتل فإنه يقتل، وعلى هذا فقس.

قال رحمه الله: (وأربعون مع الرق).

هذا ما عليه جمهور أهل العلم أن الرقيق يجلد أربعين؛ لأنه على النصف من الحر، لقول الله عز وجل: فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ [النساء:25].

والرأي الثاني: رأي الظاهرية: أنه لا فرق بين الحر والرقيق للعمومات، وتقدم ذلك.