شرح زاد المستقنع - كتاب العدد [2]


الحلقة مفرغة

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وتعتد من أبانها في مرض موته الأطول من عدة وفاة وطلاق، ما لم تكن أمة أو ذمية، أو جاءت البينونة منها فلطلاق لا غير، وإن طلق بعض نسائه مبهمة أو معينة ثم نسيها، ثم مات قبل قرعة، اعتد كل منهن سوى حامل الأطول منهما.

الثالثة: الحائل ذات الأقراء، وهي الحيض، المفارقة في الحياة، عدتها إن كانت حرة أو مبعضة ثلاثة قروء كاملة وإلا قرآن.

الرابعة: من فارقها حياً، ولم تحض لصغر أو إياس، فتعتد حرة ثلاثة أشهر، وأمة شهرين، ومبعضة بالحساب، ويجبر الكسر.

والخامسة: من ارتفع حيضها ولم تدر سببه، عدتها سنة، تسعة أشهر للحمل، وثلاثة للعدة، وتنقص الأمة شهراً، وعدة من بلغت ولم تحض، والمستحاضة الناسية، والمستحاضة المبتدأة ثلاثة أشهر، والأمة شهران، وإن علمت ما رفعته من مرض أو رضاع أو غيرهما، فلا تزال في عدة حتى يعود الحيض فتعتد به، أو تبلغ سن الإياس فتعتد عدته السادسة امرأة المفقود تتربص ما تقدم في ميراثه ثم تعتد للوفاة، وأمة كحرة في التربص، وفي العدة نصف عدة الحرة، ولا تفتقر إلى حكم حاكم بضرب المدة وعدة الوفاة، وإن تزوجت فقدم الأول قبل وطء الثاني فهي للأول، وبعده له أخذها زوجة بالعقد الأول ولو لم يطلق الثاني].

فقد تقدم لنا شيء من أصناف المعتدات، وذكرنا أن من المعتدات الحامل، وأن عدة الحامل هي أم العدد؛ لأنها تقضي على كل عدة حتى عدة الوفاة، فإن الحامل تقضي عليها، وتقدم لنا أن عدة الحامل تنتهي بوضع كل الحمل، والحمل الذي تخرج به المعتدة من عدتها هو ما تبين فيه خلق إنسان.

وهل يجوز إلقاء النطفة أو لا يجوز إلقاء النطفة؟ تقدم لنا الكلام على هذه المسألة، وذكرنا أن مذهب الإمام مالك رحمه الله، وبه قال ابن حزم والليث بن سعد والعز بن عبد السلام، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنه لا يجوز إلقاء النطفة.

وأيضاً تقدم لنا من المعتدات المتوفى عنها زوجها، وذكرنا أن عدتها أربعة أشهر وعشرة أيام، وهل الأمة المتوفى عنها هل عدتها كعدة الحرة، أو أن عدتها نصف ما لعدة الحرة؟ تقدم لنا الكلام على هذه المسألة.

ثم قال المؤلف رحمه الله: (فإن مات زوج رجعية في عدة طلاق سقطت).

تقدم الكلام على هذه المسألة، وذكرنا أن الرجعية إذا مات زوجها فإنها تستأنف عدة وفاة؛ لأن الرجعية زوجة؛ لقول الله عز وجل: وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ [البقرة:228] .

قال: (وابتدأت عدة وفاة منذ مات، وإن مات في عدة من أبانها في الصحة لم تنتقل).

البينونة أو المبانة التي طلقها زوجها آخر الطلقات الثلاث، ومات زوجها في العدة، فهل تبني على عدة الطلاق أو أنها تستأنف عدة وفاة؟

قلنا: بأن هذه المبانة لا تخلو من أمرين:

الأمر الأول: أن يطلقها الزوج في حال الصحة بحيث لا يتهم بحرمانها من الإرث، فهذه تبني على عدة الطلاق ولا تتغير عدتها؛ لأنها مطلقة، وعدة المطلقة هي ثلاث حيض أو ثلاث أشهر كما سيأتينا إن شاء الله.

الأمر الثاني: أن تكون البينونة في مرض الموت.

عدة المطلقة في مرض الموت

قال المؤلف رحمه الله: (وتعتد من أبانها في مرض موته الأطول من عدة وفاة وطلاق ما لم تكن أمة أو ذمية أو جاءت البينونة منها).

القسم الثاني: أن تكون البينونة حصلت في مرض الموت، فالمؤلف رحمه الله تعالى يقول: بأنها تعتد الأطول من عدة وفاة، أو عدة حمل، وعلى هذا لو أن الزوج طلقها في مرض موته، وهي في نهاية الحمل، ولنفرض أنها في الشهر التاسع أو الثامن، فإنها تعتد عدة وفاة، والعكس بالعكس، ولو أن الزوج طلقها في بدايات الحمل، كأن طلقها في الشهر الأول أو الثاني، فإنها تعتد عدة حمل، وهذا ما ذهب إليه المؤلف رحمه الله تعالى، وهو رأي أبو حنيفة، تعتد عدة طلاق لكونها مطلقة، وتعتد عدة وفاة لكونها وارثة.

وأعيد ضرب المثال بما هو أوضح.

المطلقة عدتها ثلاث حيض، والمتوفى عنها زوجها عدتها أربعة أشهر وعشراً، فإذا حاضت حيضتين طلقها آخر الطلقات الثلاث في مرض موته، ثم بعد ذلك حاضت حيضتين، بقي عليها حيضة واحدة، ثم مات عنها، فماذا تعتد؟ نقول: بأنه تعتد عدة وفاة؛ لأن عدة الوفاة هنا أطول.

أيضاً مثالاً آخر: طلقها زوجها آخر الطلقات الثلاث وهي في بداية الحمل، ثم مات عنها زوجها، فهل تعتد عدة وفاة أو تعتد عدة حمل، بحيث تكون عدتها عدة وضع كل الحمل؟ نقول هنا تعتد ماذا؟ عدة حمل، وهذا ما ذهب إليه المؤلف رحمه الله تعالى، والعلة في ذلك كما تقدم، وبه قال أبو حنيفة.

والرأي الثاني: أنها تعتد عدة طلاق؛ لأنها مبانة، ولا تعتد عدة وفاة؛ لأنه ليست زوجة، وكونها ترث لا يلزم من ذلك أن تعتد عدة وفاة، يعني كونها نورثها إذا كان متهماً بقصد حرمانها من الإرث، لا يلزم من ذلك أن تعتد عدة الوفاة، وهذا قال به الإمام مالك والشافعي رحمهم الله تعالى، وهذا القول هو الأقرب في هذه المسألة.

قال المؤلف رحمه الله: (مالم تكن أمة).

استثنى المؤلف رحمه الله الأمة والذمية لأنها غير وارثة، فالرق والكفر من موانع الإرث، وعلى هذا لو طلق زوجته آخر الطلقات الثلاث، وهذه الزوجة أمة أو ذمية طلقها في مرض موته، ثم مات عنها في العدة، فعدتها عدة طلاق، ولا تعتد عدة وفاة؛ لأنها لا ترث.

عدة من جاءت البينونة منها في مرض موت زوجها

كذلك أيضاً إذا كان الزوج ليس متهماً بحرمانها من الإرث، قال المؤلف: (أو جاءت البينونة منها فلطلاق لا غير)، قال لها: إن كلمت زيداً فأنت طالق، ثم بعد ذلك كلمت زيداً، يعني عندنا صورتان أو مثالان، قال: إن كلمت زيداً فأنت طالق. فكلمت زيداً في مرض موته، هنا جاءت البينونة من قبل الزوجة، والطلاق حصل في مرض الموت، فالزوج ليس متهماً بحرمانها من الإرث؛ لكون البينونة جاءت من قبل الزوجة، فنقول: بأنها تعتد عدة طلاق، ولا تعتد عدة وفاة، كونها لا ترث.

أيضاً مثالاً آخر: طلقها الطلقة الثانية، وشرعت في العدة، والطلاق على المذهب يقع، وقال لها: إن كلمت زيداً فأنت طالق، فكلمته في مرض موته، نقول: بأنها لا تنتقل عن عدة الطلاق، بل تبني على عدة الطلاق، ولا تعتد عدة وفاة لكونها غير وارثة؛ لأن البينونة جاءت من قبلها.

عدة من طُلقت إحداهن ولم تُعلم

قال المؤلف رحمه الله: (وإن طلق بعض نسائه مبهمة، أو معينة، ثم نسيها، ثم مات قبل قرعة اعتد كل منهن، سوى حامل الأطول منهما).

إذا طلق بعض نسائه مبهماً، وصورة ذلك إذا قال: إحدى نسائي طالق، ولم يعين، أو عينها فقال: فلانة طالق، ثم نسيها.

يقول المؤلف رحمه الله: إذا مات تعتد كل واحدة منهن الأطول من عدة الطلاق، أو عدة الوفاة، فإذا كان الأطول عدة الطلاق فتعتد عدة الطلاق، وإذا كان الأطول عدة الوفاة فإنها تعتد عدة الوفاة، ومثال الأطول عدة الوفاة: كما لو طلقها في آخر الحمل، ومثال الأطول عدة الطلاق، كما لو طلقها في أول الحمل، فيقول لك المؤلف: تعتد الأطول من عدة طلاق، ومن عدة وفاة، والعلة في ذلك أن كل واحدة منهن يحتمل أن تكون هي المطلقة التي وقع عليها الطلاق.

قال المؤلف رحمه الله: (سوى حامل الأطول منهما).

الحامل تنتهي عدتها بوضع الحمل؛ لأن عدة الحامل تقضي على كل عدة، وكما قال المؤلف رحمه الله: (إذا طلق بعض نسائه مبهمة أو معينة، ثم نسيها، ثم مات قبل قرعة اعتدت كل واحدة منهن الأطول منهما).

يعني من عدة طلاق إلى عدة وفاة، واستثنى المؤلف رحمه الله الحامل، فنقول: عندنا إن كانت حاملاً فعدتها وضع كل الحمل، وإن لم تكن حاملاً فتعتد الأطول من عدة وفاة أو عدة طلاق؛ لأن كل واحدة يحتمل أن تكون هي التي وقع عليها الطلاق.

مثال ذلك: عدة الوفاة أربعة أشهر وعشراً، وعدة الطلاق ثلاث حيض، لكن لو فرضنا أن هذه المرأة لا تحيض إلا بعد شهرين مرة واحدة، فالأطول في هذه الحال عدة الطلاق؛ لأنها ستحيض كل شهرين مرة، ثم شهرين مرة، ثم شهرين مرة، فتكون بعد ستة أشهر، بخلاف عدة الوفاة فإنها أربعة أشهر وعشراً، وإذا كانت تحيض في الثلاثة أشهر ثلاث حيض فإنها تعتد عدة وفاة.

فتلخص لنا أنها إن كانت حاملاً فعدتها وضع كل الحمل، إن لم تكن حاملاً فإنها تعتد الأطول من عدة طلاق أو عدة وفاة، وكما تقدم لنا إذا كانت تحيض بعد شهرين، فإن الأطول هي عدة الطلاق، وإن كانت تحيض حيض معتاداً في كل شهرٍ مرة، أو ربما حاضت في شهرين ثلاث حيض، نقول: تعتد عدة وفاة.

قال المؤلف رحمه الله: (وتعتد من أبانها في مرض موته الأطول من عدة وفاة وطلاق ما لم تكن أمة أو ذمية أو جاءت البينونة منها).

القسم الثاني: أن تكون البينونة حصلت في مرض الموت، فالمؤلف رحمه الله تعالى يقول: بأنها تعتد الأطول من عدة وفاة، أو عدة حمل، وعلى هذا لو أن الزوج طلقها في مرض موته، وهي في نهاية الحمل، ولنفرض أنها في الشهر التاسع أو الثامن، فإنها تعتد عدة وفاة، والعكس بالعكس، ولو أن الزوج طلقها في بدايات الحمل، كأن طلقها في الشهر الأول أو الثاني، فإنها تعتد عدة حمل، وهذا ما ذهب إليه المؤلف رحمه الله تعالى، وهو رأي أبو حنيفة، تعتد عدة طلاق لكونها مطلقة، وتعتد عدة وفاة لكونها وارثة.

وأعيد ضرب المثال بما هو أوضح.

المطلقة عدتها ثلاث حيض، والمتوفى عنها زوجها عدتها أربعة أشهر وعشراً، فإذا حاضت حيضتين طلقها آخر الطلقات الثلاث في مرض موته، ثم بعد ذلك حاضت حيضتين، بقي عليها حيضة واحدة، ثم مات عنها، فماذا تعتد؟ نقول: بأنه تعتد عدة وفاة؛ لأن عدة الوفاة هنا أطول.

أيضاً مثالاً آخر: طلقها زوجها آخر الطلقات الثلاث وهي في بداية الحمل، ثم مات عنها زوجها، فهل تعتد عدة وفاة أو تعتد عدة حمل، بحيث تكون عدتها عدة وضع كل الحمل؟ نقول هنا تعتد ماذا؟ عدة حمل، وهذا ما ذهب إليه المؤلف رحمه الله تعالى، والعلة في ذلك كما تقدم، وبه قال أبو حنيفة.

والرأي الثاني: أنها تعتد عدة طلاق؛ لأنها مبانة، ولا تعتد عدة وفاة؛ لأنه ليست زوجة، وكونها ترث لا يلزم من ذلك أن تعتد عدة وفاة، يعني كونها نورثها إذا كان متهماً بقصد حرمانها من الإرث، لا يلزم من ذلك أن تعتد عدة الوفاة، وهذا قال به الإمام مالك والشافعي رحمهم الله تعالى، وهذا القول هو الأقرب في هذه المسألة.

قال المؤلف رحمه الله: (مالم تكن أمة).

استثنى المؤلف رحمه الله الأمة والذمية لأنها غير وارثة، فالرق والكفر من موانع الإرث، وعلى هذا لو طلق زوجته آخر الطلقات الثلاث، وهذه الزوجة أمة أو ذمية طلقها في مرض موته، ثم مات عنها في العدة، فعدتها عدة طلاق، ولا تعتد عدة وفاة؛ لأنها لا ترث.

كذلك أيضاً إذا كان الزوج ليس متهماً بحرمانها من الإرث، قال المؤلف: (أو جاءت البينونة منها فلطلاق لا غير)، قال لها: إن كلمت زيداً فأنت طالق، ثم بعد ذلك كلمت زيداً، يعني عندنا صورتان أو مثالان، قال: إن كلمت زيداً فأنت طالق. فكلمت زيداً في مرض موته، هنا جاءت البينونة من قبل الزوجة، والطلاق حصل في مرض الموت، فالزوج ليس متهماً بحرمانها من الإرث؛ لكون البينونة جاءت من قبل الزوجة، فنقول: بأنها تعتد عدة طلاق، ولا تعتد عدة وفاة، كونها لا ترث.

أيضاً مثالاً آخر: طلقها الطلقة الثانية، وشرعت في العدة، والطلاق على المذهب يقع، وقال لها: إن كلمت زيداً فأنت طالق، فكلمته في مرض موته، نقول: بأنها لا تنتقل عن عدة الطلاق، بل تبني على عدة الطلاق، ولا تعتد عدة وفاة لكونها غير وارثة؛ لأن البينونة جاءت من قبلها.

قال المؤلف رحمه الله: (وإن طلق بعض نسائه مبهمة، أو معينة، ثم نسيها، ثم مات قبل قرعة اعتد كل منهن، سوى حامل الأطول منهما).

إذا طلق بعض نسائه مبهماً، وصورة ذلك إذا قال: إحدى نسائي طالق، ولم يعين، أو عينها فقال: فلانة طالق، ثم نسيها.

يقول المؤلف رحمه الله: إذا مات تعتد كل واحدة منهن الأطول من عدة الطلاق، أو عدة الوفاة، فإذا كان الأطول عدة الطلاق فتعتد عدة الطلاق، وإذا كان الأطول عدة الوفاة فإنها تعتد عدة الوفاة، ومثال الأطول عدة الوفاة: كما لو طلقها في آخر الحمل، ومثال الأطول عدة الطلاق، كما لو طلقها في أول الحمل، فيقول لك المؤلف: تعتد الأطول من عدة طلاق، ومن عدة وفاة، والعلة في ذلك أن كل واحدة منهن يحتمل أن تكون هي المطلقة التي وقع عليها الطلاق.

قال المؤلف رحمه الله: (سوى حامل الأطول منهما).

الحامل تنتهي عدتها بوضع الحمل؛ لأن عدة الحامل تقضي على كل عدة، وكما قال المؤلف رحمه الله: (إذا طلق بعض نسائه مبهمة أو معينة، ثم نسيها، ثم مات قبل قرعة اعتدت كل واحدة منهن الأطول منهما).

يعني من عدة طلاق إلى عدة وفاة، واستثنى المؤلف رحمه الله الحامل، فنقول: عندنا إن كانت حاملاً فعدتها وضع كل الحمل، وإن لم تكن حاملاً فتعتد الأطول من عدة وفاة أو عدة طلاق؛ لأن كل واحدة يحتمل أن تكون هي التي وقع عليها الطلاق.

مثال ذلك: عدة الوفاة أربعة أشهر وعشراً، وعدة الطلاق ثلاث حيض، لكن لو فرضنا أن هذه المرأة لا تحيض إلا بعد شهرين مرة واحدة، فالأطول في هذه الحال عدة الطلاق؛ لأنها ستحيض كل شهرين مرة، ثم شهرين مرة، ثم شهرين مرة، فتكون بعد ستة أشهر، بخلاف عدة الوفاة فإنها أربعة أشهر وعشراً، وإذا كانت تحيض في الثلاثة أشهر ثلاث حيض فإنها تعتد عدة وفاة.

فتلخص لنا أنها إن كانت حاملاً فعدتها وضع كل الحمل، إن لم تكن حاملاً فإنها تعتد الأطول من عدة طلاق أو عدة وفاة، وكما تقدم لنا إذا كانت تحيض بعد شهرين، فإن الأطول هي عدة الطلاق، وإن كانت تحيض حيض معتاداً في كل شهرٍ مرة، أو ربما حاضت في شهرين ثلاث حيض، نقول: تعتد عدة وفاة.