شرح زاد المستقنع - كتاب الظهار [1]


الحلقة مفرغة

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [كتاب الظهار.

وهو محرم، فمن شبه زوجته أو بعضها ببعض أو بكل ما تحرم عليه أبداً بنسب أو رضاع من ظهر أو بطن أو عضو آخر لا ينفصل بقوله لها: أنت علي أو معي أو مني كظهر أمي، أو كيد أختي أو وجه حماتي ونحوه، أو أنت علي حرام].

قال رحمه الله: (كتاب الظهار).

الظهار في اللغة: يطلق على عدة معان منها: الغلبة والعلو والتقاطع، وأما في الاصطلاح: فهو أن يشبه زوجته بمن تحرم عليه على التأبيد.

قال رحمه الله: (وهو محرم).

هذا هو الحكم التكليفي، يقول بأنه محرم لقول الله عز وجل: وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا [المجادلة:2] ، زور: كذب، يعني: كذب في باب الخبر؛ لأنه يدعي أن زوجته كأمه أو عليه كظهر أمه، وهذا كذب، فهو زور أي كذب في باب الخبر، ومنكر في باب الإنشاء، يعني: كونه ينشئ التحريم، أي أيضاً هذا منكر حيث أنه شبه بأحل الناس له بأحرم الناس عليه، فهو في باب الإنشاء منكر، وفي باب الخبر زور وكذب، ولهذا قال سبحانه: وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا [المجادلة:2]، وكان الظهار في الجاهلية طلاقا ثلاثا، وفي أول الإسلام كان طلاقا بائنا ثم بعد ذلك نقل إلى الكفارة المغلظة، وأن الكفارة المغلظة تحله.

قال رحمه الله: (وهو محرم) في القرآن والسنة والإجماع كما ذكرنا.

قال رحمه الله: (فمن شبه زوجته أو بعضها ببعض أو بكل ما تحرم عليه أبداً بنسب أو رضاع من ظهر أو بطن أو عضو آخر لا ينفصل بقوله لها: أنت علي أو معي أو مني كظهر أمي أو كيد أختي أو وجه حماتي ونحو، أو أنت علي حرام كالميتة والدم، فهو مظاهر).

هذه عدة أقسام:

تشبيه الزوجة بالأم

القسم الأول: أن يشبه زوجته بأمه بأن يقول لها: أنت علي كظهر أمي، فهذا ظهار باتفاق الأئمة، وحكي الإجماع على ذلك، قال: (فمن شبه زوجته ببعض أو بكل ما تحرم عليه أبداً).

تشبيه الزوجة بالمحرمات على التأبيد من الأقارب

القسم الثاني: أن يشبه زوجته بظهر من تحرم عليه على التأبيد من أقاربه كعمته وخالته وجدته ونحو ذلك، كأن يقول: أنت علي كظهر جدتي أو كظهر عمتي أو كظهر خالتي ونحو ذلك، فجمهور العلماء على أنه ظهار لأن الله سبحانه وتعالى قال: وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا [المجادلة:2]، ولأن شبهها لمن تحرم عليه على التأبيد فهي في معنى الأم.. خالته وعمته وجدته هذه في معنى الأم.

والرأي الثاني: وهو قول الشافعي في القديم أنه لا يكون ظهاراً إلا إذا شبه بالجدة؛ لأن الجدة أم، والظاهرية هم أضيق الناس في ذلك فيقولون: لا يكون ظهاراً إلا بالتشبيه بالأم، وأيضاً لابد أن يكررها مرة أخرى، يعني الظاهرية لا يقولون: إنه ظهار إلا إذا قال أنت علي كظهر أمي، ثم قال سبحانه وتعالى: ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا [المجادلة:3]، أن يعيده مرة أخرى: أنت علي كظهر أمي، وهذا ضعيف؛ لأن الظاهرية يجمدون على ظاهر النص الصحيح، أما الصواب في ذلك فهو ما ذهب إليه جمهور أهل العلم، وأنه إذا شبه زوجته بمن تحرم عليه على التأبيد من أقاربه أنه ظهار كجدته وعمته ونحو ذلك؛ لأن هؤلاء في معنى الأم في الحرمة، فالتشبيه القبيح موجود هنا، ويدخل تحت ذلك قول الله عزو جل: وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا [المجادلة:2].

تشبيه الزوجة بالمحرمات على التأبيد من غير الأقارب

القسم الثالث: أن يشبه زوجته بمن تحرم عليه على التأبيد من غير أقاربه مثل أم الزوجة، وكزوجة الابن، وكأمه من الرضاعة، وكأخته من الرضاعة، وهؤلاء يحرمن عليه على التأبيد لكنهن لسن من أقاربه، فهل هذا ظهار أو نقول بأنه ليس ظهاراً؟

المذهب: أنه ظهار. وهذا قول جمهور أهل العلم؛ لأن الله سبحانه وتعالى قال : وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا [المجادلة:2]، وهذا منكر وزور، ولأن هؤلاء يحرمن على التأبيد فيأخذن حكم الأم، يعني التشبيه بهن كالتشبيه بالأم في معنى التأبيد.

والرأي الثاني: رأي الشافعية، وهم يقولون من شبه بها إذا كان تحريمها لم يطرأ كالأم المرضعة والأخت من الرضاعة فهذا ظهار، وإن طرأ تحريمها فليس ظهاراً، كأم الزوجة وزوجة الابن؛ لأن أم الزوجة الأصل أنها مباحة، فلما عقد على هذه المرأة حرمت.. طرأ تحريمها، كذلك أيضاً زوجة الابن الأصل أنها مباحة فلما عقد عليها الابن حرمت، فيقولون: إذا طرأ التحريم فإنه ليس ظهاراً، أما إذا لم يطرأ التحريم فإنه ظهار، والأقرب والله أعلم ما ذهب إليه جمهور أهل العلم وأنه ظهار؛ لأنه كما ذكرنا ما دام أن التحريم على سبيل التأبيد فهن في معنى الأم، والله أعلم.

تشبيه الزوجة بالمحرمات على سبيل التأقيت

القسم الرابع: أن يشبه زوجته بمن تحرم عليه على سبيل التأقيت، كأخت زوجته أو كعمة زوجته أو خالة زوجته، لو قال: أنت علي كظهر أختك، أو كظهر عمتك، أو خالتك ونحو ذلك، فالمذهب أنه ظهار، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد ، ورأي المالكية أنه ظهار؛ لأن الله سبحانه وتعالى قال: وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا [المجادلة:2]، وهذا منكر من القول وزور.

والرأي الثاني: رأي الحنفية والشافعية أنه ليس ظهاراً؛ لأن التشبيه بمن تحرم على التأقيت ليس في القبح كالتشبيه بمن تحرم على سبيل التأبيد، يعني: التشبيه بمن تحرم على سبيل التأقيت ليس كالقبح بمن تحرم على سبيل التأبيد، ويظهر والله أعلم أن هذا هو الأقرب لأن الله سبحانه وتعالى أوجب فيه الكفارة المغلظة فلا بد من تشبيه يقبح في الغلظة، فيظهر والله أعلم أنه من شبه زوجته بمن تحرم عليه على سبيل التأقيت أنه لا يكون ظهاراً.

تشبيه الزوجة بعضو من أعضاء الأم غير الظهر

القسم الخامس: أن يشبه زوجته بعضو من أعضاء أمه غير الظهر، لو قال لزوجته أنت عليّ كرجل أمي أو أنت عليّ كيد أمي، هو لو قال: أنت عليّ كظهر أمي بالاتفاق أنه ظهار، لكن لو شبه بعضو آخر غير الظهر، قال: أنت عليّ كرجل أمي أو كيد أمي إلخ، فهل هو ظهار أو نقول بأنه ليس ظهاراً؟ المشهور من المذهب بأنه ظهار، وهذا أيضاً قول المالكية، يعني قول الحنابلة وقول المالكية أنه ظهار قياسا على الظهر.

والرأي الثاني رأي الحنفية قالوا: إن كان هذا العضو يحرم النظر إليه مثل الفخذ فإنه ظهار، وإن كان هذا العضو لا يحرم النظر إليه فليس ظهاراً كالرأس مثلا.

والرأي الثالث: رأي الشافعية قالوا: إن كان هذا العضو لا يذكر في مواضع الكرامة كالبطن واليد ونحو ذلك فظهار، وإن كان يذكر في مواضع الكرامة كالرأس فليس ظهاراً، والأقرب والله أعلم أنه إذا شبه زوجته بعضو آخر غير الظهر أنه لا يكون ظهاراً، لو قال: أنت عليّ كيد أمي أو كرجل أمي ونحو ذلك، نقول: الذي يظهر والله أعلم أن هذا ليس ظهاراً؛ لأنه لم يشبه الجماع، ولماذا كان ظهاراً وكان محرماً ووجبت فيه الكفارة المغلظة؟ لأنه يشبه الوطء بالوطء، وقوله: أنت عليّ كظهر أمي يعني: وطؤك كوطء أمي، وهذا لا شك أنه تشبيه قبيح، كظهر أمي المقصود بذلك الوطء، لماذا عبر بالظهر؟ يعني: ركوب ظهرك للجماع كركوب أمي، هذا الركوب أشبهه بركوب أمي، أصبح التشبيه قبيحاً، أما لو قال: اليد أو الرأس أو الرجل أو نحو ذلك، هذا لا يفيد معنى الجماع، فيظهر والله أعلم أنه لا يكون ظهاراً، اللهم إلا إذا ذكر عضوا يفيد الجماع، فنقول نعم هنا يكون ظهاراً، كما لو قال: أنت عليّ كفرج أمي أو كبطن أمي، ممكن هذه الأشياء التي تفيد الوطء نقول بأنه يكون ظهاراً.

تشبيه عضو من أعضاء الزوجة بظهر الأم

القسم السادس: إذا شبه عضوا من أعضاء الزوجة بظهر أمه، في القسم السابق شبه الزوجة بعضو غير الظهر، لكن هنا شبه عضوا من أعضاء الزوجة فقال: يدك عليّ كظهر أمي، أو قال: رجلك عليّ كظهر أمي، فهل يكون مظاهراً أو لا يكون مظاهراً؟ المذهب أنه يكون ظهاراً، وهو مذهب المالكية، ونحن نعلم أن مذهب المالكية هو أوسع الناس فيما يتعلق بالظهار، يعني المالكية والحنابلة هم أوسع الناس فيما يتعلق بالظهار، فالمذهب أنه يكون ظهاراً، لكن الحنابلة رحمهم الله تعالى يستثنون ما ينفصل كالشعر ونحو ذلك، فلو قال: شعرك عليّ كظهر أمي هذا لا يكون ظهاراً، لو قال: ظفرك عليّ كظهر أمي إلخ، والمالكية يستثنون ما ليس موضعا للتلذذ.

والرأي الثاني: رأي الشافعية يقولون بأنه لا يكون ظهاراً؛ لأنه لم يشبه جملة الزوجة، وإنما شبه بعض أعضائها، وهذا القول هو الصواب، لأنه كما ذكرنا أن الظهار إنما وجبت فيه الكفارة المغلظة نعم لقبح التشبيه، بحيث يكون معنى هذا التشبيه وطؤك عليّ كوطء أمي، فإذا قال: يدك عليّ، اليد هذه لا تنبي عن الجماع.

تشبيه عضو من أعضاء الزوجة بعضو من أعضاء الأم غير الظهر

القسم السابع: أن يشبه عضوا من أعضاء زوجته بعضو من أعضاء أمه غير الظهر، والذي قبله شبه عضوا من أعضاء زوجته بظهر أمه، أما هنا فشبه عضواً من أعضاء زوجته بعضو آخر من أعضاء أمه غير الظهر، فلو قال: يدك عليّ كيد أمي أو يدك عليّ كرجل أمي أو كرأس أمي، أو رأسك عليّ كرأس أمي إلخ، فهل هذا يكون ظهاراً أو لا يكون ظهاراً؟ المذهب ومذهب المالكية يرون أنه ظهار، وعند الشافعية يقولون بأن العضو إذا كان لا يذكر في مواضع الكرامة فظهار وإلا فليس ظهاراً، والأقرب في هذه المسألة والله أعلم أنه لا يكون ظهاراً، لأنه كما تقدم لنا أنه لا بد من التشبيه القبيح، وهذا ليس فيه تشبيه قبيح، اللهم إلا إذا شبه عضوا من أعضاء زوجته بعضو من أعضاء أمه بما يفيد الجماع، كما لو قال: ظهرك عليّ كظهر أمي أو نحو ذلك، أو فرجك عليّ كفرج أمي أو بطنك عليّ كبطن أمي مما يفيد الجماع فيظهر والله أعلم أنه يكون ظهاراً.

تحريم الزوجة

قال: (من ظهر أو بطن أو عضو آخر لا ينفصل، بقوله لها: أنت عليّ، أو معي، أو مني، وعلي كظهر أمي، أو كيد أختي، أو كوجه حماتي، أو أنت عليّ حرام).

هذا القسم الثامن: إذا قال لزوجته: أنت عليّ حرام، وهذه المسألة سبق أن تطرقنا إليها، لكن لا بأس إذا قال لزوجته: أنت عليّ حرام، فنقول بأن هذا ينقسم إلى قسمين:

القسم الأول: أن لا يقصد بقوله: (أنت عليّ حرام) اليمين؛ الحث أو المنع أو التصديق أو التكذيب، وإنما يقصد مجرد التحريم، فنقول: القسم الأول أن لا يقصد اليمين، وإنما يقصد مجرد التحريم.

وهذا موضع خلاف بين العلماء رحمهم الله تعالى، والمشهور من المذهب أنه ظهار، وهذا مذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وابن القيم ؛ لورود ذلك عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما بإسناد صحيح: فإن رجلاً جاء ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وقال له: إني جعلت امرأتي علي حراما، فقال ابن عباس كذبت ليست عليك بحرام، ثم قرأ قوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ [التحريم:1] ، عليك أغلظ الكفارات عتق رقبة، وهذا رواه عبد الرزاق في مصنفه وإسناده صحيح، فقوله: عليك أغلظ الكفارات عتق رقبة يدل على أنه جعله ظهاراً.

الرأي الثاني: رأي الحنفية، ولهم تفصيل في المسألة، قالوا: إن أراد الطلاق فيقع عليه طلقة واحدة بائنة، بمعنى أنه لا يتمكن من المراجعة إن أراد الطلاق، قالوا: يقع عليه طلقة واحدة بائنة، وإن أراد الثلاث فثلاث طلقات، وإن نوى الظهار فظهار، وإن نوى الكذب فباطل، وإن نوى التحريم أو لم ينو شيئاً فإيلاء.

التفصيل عند الحنفية قالوا: وإن أراد الطلاق فهذه طلقة واحدة، إلا إذا نوى الثلاث فيقع عليه ثلاث طلقات، وإن نوى الظهار فظهار، وإن نوى الكذب فباطل، وإن أراد التحريم ولم يرد شيئا فإيلاء.

الرأي الثالث: رأي المالكية، يقولون: عليه الثلاث طلقات إن كانت المرأة مدخولاً بها، إلا إن نوى أقل فعلى حسب نيته، وأما غير المدخول بها فطلقة إلا إذا نوى أكثر من ذلك، يعني: إذا كانت المرأة مدخولاً بها عند المالكية عليه ثلاث إلا إن نوى أقل، وإن كانت المرأة غير مدخول بها فطلقة إلا إن نوى أكثر فعلى حسب نيته.

وعند الشافعية إن نوى طلاقاً كان طلاقاً وإن نوى ظهاراً كان ظهاراً، وإن نواهما جميعاً تخير أحدهما، فإن نوى طلاقاً فيكون على حسب ما نوى من العدد إذا نوى واحدة أو اثنتين أو ثلاث إلخ، إن نوى ظهاراً فظهار، إن نواهما جميعاً يقولون بأنه يتخير أحدهما، وإن نوى التحريم فعليه كفارة يمين.

إن هذه المسألة -مسألة التحريم- كثرت فيها أقوال العلماء رحمهم الله، وذكر فيها ابن القيم رحمه الله في كتابه الهدي أقوالا كثيرة، كذلك أيضاً الشوكاني في نيل الأوطار، وابن حجر رحمه الله تعالى في فتح الباري، وغيرهم من أهل العلم سبق أن كتبنا فيها رسالة طبعت قبل سنوات.

الرأي الرابع: رأي الظاهرية، ويقولون: بأنه لغو لا يترتب عليه شيء؛ لأنه عمل ليس عليه أمر الله ولا أمر رسوله صلى الله عليه وسلم.

الرأي الخامس -وهذا ذهب إليه طوائف من السلف-: أن هذا التحريم يمين، إلا إذا نوى الطلاق فطلاق، قال به طاوس والزهري والحسن البصري والنخعي وإسحاق، يقولون حكمه حكم اليمين إلا إن نوى الطلاق فحكمه الطلاق، وهذا القول هو أرجح الأقوال، لأن الله سبحانه وتعالى قال: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ [التحريم:1-2]، وقد جاء عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في الصحيحين: الحرام يمين يكفرها إلا إن نوى الطلاق، فنقول بأنه طلاق، ما الدليل؟ الكناية، وأيضاً أن هذا وارد عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم أنه إذا نوى الطلاق فهو طلاق، فهذه المسألة يكثر الكلام عنها.

إذاً: تحريم الزوجة ينقسم إلى قسمين:

القسم الأول: إذا لم ينو به اليمين أي الحث والمنع والتصديق والتكذيب فأرجح الأقوال أن فيه كفارة يمين إلا إن نوى الطلاق فعليه الطلاق؛ لأن هذا هو الوارد عن الصحابة رضي الله عنهم كعائشة وزيد بن ثابت وابن عمر وابن مسعود رضي الله عنهم، وهذا وارد عنهم بأسانيد صحيحة.

القسم الثاني: أن ينوي بالتحريم اليمين.. الحث والتصديق أو التكذيب أو المنع، كما لو قال:إن خرجت فأنت عليّ حرام، أو إن لم يكن هذا الخبر صدقاً فزوجتي عليّ حرام.. إلخ، قصد بذلك اليمين، فالخلاف في هذه المسألة كالخلاف في المسألة السابقة، إلا أن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في هذه المسألة يخالف، يقول: إذا قصد اليمين فحكمه حكم اليمين، وعليه كفارة يمين، وهذا هو الصواب في هذه المسألة بأنه إذا قصد اليمين الحث أو المنع أو التصديق أو التكذيب نقول بأن حكمه حكم اليمين.

قول الزوج لزوجته: أنت علي كأمي أو عندي كأمي

القسم التاسع: إذا قال لزوجته: أنت عليّ كأمي أو أنت مثل أمي، هل يكون ظهاراً أو لا يكون ظهاراً؟ نقول هذه المسألة تنقسم إلى ثلاثة أقسام:

القسم الأول: أن ينوي الظهار فيكون ظهاراً.

القسم الثاني: أن ينوي الكرامة، أنها مثل أمه في الكرامة فهذا ليس ظهاراً.

القسم الثالث: أن يطلق فيقول: أنت أمي، أنت عليّ كأمي، أنت عليّ مثل أمي، وأطلق فهذا موضع خلاف فالحنابلة والمالكية يرون أنه ظهار، والحنفية والشافعية يقولون: بأنه ليس ظهاراً، والذي يظهر -والله أعلم- أنه ليس ظهاراً؛ لأن هذا اللفظ متردد، يستعمل في الظهار ويستعمل في غيره، في الكرامة ونحو ذلك، فما دام أنه لم ينو فالأصل براءة الذمة.

قول الزوج لزوجته: أنت أمي أو كأمي

القسم الأخير وهو العاشر: إذا قال لزوجته: أنت أمي، ولم يقل أنت علي، أو أنت عندي، لم يأت بلفظ عليّ أو عندي، قال: أنت أمي أو كمثل أمي أو كأمي، المهم أنه لم يأت بلفظ عليّ أو عندي، فهذا كما تقدم إن نوى الظهار فظهار، وإن نوى في الكرامة فليس ظهاراً، وإن لم ينوِ شيئاً فليس ظهاراً.


استمع المزيد من الشيخ الدكتور خالد بن علي المشيقح - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح زاد المستقنع - كتاب الطهارة [17] 2818 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب النكاح [13] 2731 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب المناسك [5] 2678 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [19] 2645 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب البيع [26] 2640 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [32] 2558 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الأيمان [2] 2555 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الحدود [7] 2528 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الإيلاء [1] 2521 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [8] 2498 استماع