شرح زاد المستقنع - كتاب النكاح [2]


الحلقة مفرغة

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ويحرم التصريح بخطبة المعتدة من وفاة والمبانة دون التعريض، ويباحان لمن أبانها بدون الثلاث كرجعيته، ويحرمان منها على غير زوجها، والتعريض: إني في مثلك لراغب، وتجيبه: ما يرغب عنك، ونحوهما، فإن أجاب ولي مجبرة، أو أجابت غير المجبرة لمسلم حرم على غيره خطبتها، وإن رد أو أذن أو جهلت الحال جاز، ويسن العقد يوم الجمعة مساءً بخطبة ابن مسعود.

فصل في أركان النكاح:

وأركانه: الزوجان الخاليان من الموانع، والإيجاب والقبول، ولا يصح ممن يحسن العربية بغير لفظ: زوجت أو أنكحت، وقبلت هذا النكاح أو تزوجتها أو تزوجت أو قبلت، ومن جهلهما لم يلزمه تعلمهما، وكفاه معناهما الخاص بكل لسان، فإن تقدم القبول لم يصح، وإن تأخر عن الإيجاب صح ما داما في المجلس ولم يتشاغلا بما يقطعه، وإن تفرقا قبله بطل.

فصل: وله شروط: أحدها تعيين الزوجين، فإن أشار الولي إلى الزوجة أو سماها أو وصفها بما تتميز به أو قال: زوجتك بنتي وله واحدة لا أكثر صح.

فصل: الثاني: رضاهما إلا البالغ المعتوه والمجنونة والصغير].

ذكر المؤلف أن النكاح تدور عليه الأحكام التكليفية الخمسة، ثم تكلم بعد ذلك عن صفات المرأة التي ينبغي نكاحها، وأيضاً تكلمنا عن الخطبة وما يتعلق بها من أحكام، وهل هي مستحبة أو مباحة؟ وأن الصواب في هذه المسألة ما ذهب إليه الشافعية أنها مستحبة، وتكلمنا أيضاً عن شروط الخطبة.

قال رحمه الله: (ويحرم التصريح بخطبة المعتدة من وفاةٍ والمبانة دون التعريض).

الخطبة: هي طلب الزواج من المرأة، والأصل أن الخطبة يصح أن تكون تصريحاً ويصح أن تكون تعريضاً، فالراغب في نكاح المرأة له أن يصرح وله أن يعرض، والتصريح: هو ما لا يحتمل إلا طلب النكاح، والتعريض: هو ما يحتمل طلب النكاح وغيره.

إذاً: فالأصل في الخطبة أنها تجوز وتصح تعريضاً وتصريحاً، إلا أنه يستثنى من ذلك مسائل سيأتي بيانها.

خطبة المعتدة من وفاة

قال رحمه الله: (ويحرم التصريح بخطبة المعتدة من وفاة).

هذا هو القسم الأول: المعتدة من الوفاة وهذه يحرم أن تخطب تصريحاً، ويجوز أن تخطب تعريضاً، وقد أفهم كلام المؤلف أن هذا الحكم في المرأة ما دامت في العدة، أما إذا خرجت من عدتها فإنه يجوز أن تخطب تعريضاً وتصريحاً كما سلف.

إذاً: المرأة المعتدة من وفاة زوجها لا بأس عليها أن تخطب تعريضاً، وأما التصريح فإنه لا يجوز، والدليل على ذلك قول الله عز وجل: وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ [البقرة:235]، وقد روي في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم عرض لـأم سلمة لما توفي أبو سلمة رضي الله تعالى عنه، لكن الحديث الوارد في هذا ضعيف.

خطبة المبانة بينونة كبرى

قال رحمه الله: (والمبانة دون التعريض).

القسم الثاني: المبانة بينونة كبرى، هي التي طلقها زوجها آخر الطلقات الثلاث، فهذه يجوز خطبتها تعريضاً لا تصريحاً، ودليل ذلك ما تقدم من قول الله عز وجل: وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ [البقرة:235] فيجوز أن تخطب تعريضاً لا تصريحاً، وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم عرض لـفاطمة بنت قيسلما أبانها زوجها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا حللت فآذنيني).

وأما بالنسبة للزوج فإنه لا يجوز له أن يخطبها لا تعريضاً ولا تصريحاً؛ لأنها لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره.

خطبة المبانة بينونة صغرى

قال رحمه الله: (ويباحان لمن أبانها بدون الثلاث).

القسم الثالث: وهو من أبان زوجته بدون الثلاث، ومعنى قوله: (بدون الثلاث) يعني: بما سوى الثلاث، بمعنى: أبانها بالخلع، فالمختلعة كما سيأتينا تبين من زوجها بينونة صغرى، بمعنى: أنه لا يملك أن يراجعها، لكن يملك أن يعقد عليها بخلاف التي أبينت بينونة كبرى، وكذلك أيضاً المفسوخة التي فسخت لفوات شرط أو لوجود عيب أو غير ذلك، فهذه بانت من زوجها بينونة صغرى، ومعنى ذلك: أنه لا يملك أن يراجعها، لكن يملك أن يعقد عليها، فهذه التي أبينت بدون الثلاث يجوز لزوجها أن يخطبها تعريضاً وتصريحاً، ولهذا قال المؤلف رحمه الله: (ويباحان لمن أبانها بدون الثلاث)؛ لأن له أن يعقد عليها، فله أن يعقد على المختلعة منه التي خلعته في العدة، وإذا فسخت المرأة منه لفوات شرط أو وجود عيب، ثم بعد ذلك رضي بإسقاط الشرط أو بوجود العيب فله أن يعقد عليها، فإذا كان يصح له أن يعقد عليها في العدة فمن باب أولى أنه يصح له أن يخطبها تعريضاً وتصريحاً.

أما بالنسبة لغير الزوج فإنه يخطبها تعريضاً، وأما التصريح فإنه لا يجوز؛ لقول الله عز وجل: وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ [البقرة:235].

خطبة المطلقة رجعياً

قال رحمه الله: (كرجعية).

القسم الرابع: المعتدة الرجعية، وهي التي طلقها زوجها دون ما يملك من العدد بلا عوض، أما زوجها فله أن يراجعها ولا حاجة إلى الخطبة لا تعريضاً ولا تصريحاً إلى آخره؛ لأنها زوجته، ولها أحكام الزوجات، ولهذا تجب لها النفقة والسكنى، إلا أنه لا قسم لها، ولزوجها أن ينظر إليها وأن يخلو بها، ولها أن تتشوف له، فالرجعية زوجة كسائر الزوجات إلا أنها تفارق الزوجات ببعض المسائل، وقد ذكرها ابن رجب رحمه الله في كتابه: القواعد، ومن ذلك: القسم، فإنه لا يقسم لها.

فالرجعية لزوجها أن يراجعها، أما غير زوجها فليس له أن يخطبها، فيحرم أن تخطب الرجعية؛ لأنها زوجة، فلا يجوز أن تخطب لا تعريضاً ولا تصريحاً، ويدل لذلك قول الله عز وجل: وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا [البقرة:228] فسمى الله عز وجل الزوج المطلق: بعلاً، مما يدل على أنها زوجة، وعلى هذا نقول: زوجها له أن يراجعها، أما غير الزوج فإنه لا يجوز أن يخطبها لا تعريضاً ولا تصريحاً.

قال رحمه الله: (ويحرمان منها على غير زوجها).

يعني: يحرم التعريض والتصريح للرجعية إلا للزوج؛ لأنها زوجته، فلو طلقها زوجها دون ما يملك من العدد بلا عوض، فلا يجوز لها أن تعرّض لشخص بأن يتزوجها ولا أن تصرح؛ لأنها زوجة، وما دامت زوجة فلا يجوز لها التعريض ولا التصريح.

خلاصة القول في خطبة المعتدة

تلخص لنا فيما يتعلق بخطبة المعتدات: أن هذا ينقسم إلى أربعة أقسام:

القسم الأول: المعتدة من الوفاة، وهذه يجوز أن تخطب تعريضاً لا تصريحاً، ويدل لذلك قول الله عز وجل: وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ [البقرة:235]؛ لأن الأصل أن المعتدة لا تخطب؛ لأنه لا يجوز العقد عليها في العدة، والخطبة وسيلة إلى العقد، والعقد لا يجوز على المعتدة قال تعالى: وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ [البقرة:235]، لكن رخص الشارع بالتعريض.

القسم الثاني: المبانة بينونة كبرى، وهي التي طلقها زوجها آخر ما يملك من العدد، وهذه أيضاً تخطب تعريضاً لا تصريحاً، أما زوجها فلا يجوز له أن يخطبها لا تعريضاً ولا تصريحاً؛ لأنها لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره.

القسم الثالث: المبانة بدون الثلاث، كالمختلعة، يعني: التي أبانها زوجها لكن بغير طلاق الثلاث، أو أبانها بالفسخ لفوات شرط أو وجود عيب .. إلى آخره، فهذه يجوز لزوجها أن يخطبها تعريضاً وتصريحاً؛ لأن له أن يعقد عليها، ولهذا لما أبيح العقد في العدة هنا أبيح أن يخطب تعريضاً وتصريحاً، أما غير الزوج فإنه يبقى على الأصل، وأنه يخطبها تعريضاً لا تصريحاً.

القسم الرابع: الرجعية، وهي التي طلقها زوجها دون ما يملك من العدد بلا عوض، فأما زوجها فهي زوجة له، ولا حاجة إلى الخطبة؛ لأنه يملك أن يراجعها، وأما غير الزوج فيحرم عليه أن يخطب تعريضاً؛ وتصريحاً لأنها زوجة حتى تنتهي العدة، ودليل ذلك قول الله عز وجل: وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ [البقرة:228].

معنى التعريض والتصريح في الخطبة

قال رحمه الله: (والتعريض: إني في مثلك لراغب، وتجيبه: ما يرغب عنك).

هذا الضابط ذكره المؤلف رحمه الله على سبيل المثال، وإلا فالضابط في ذلك: أن التصريح هو ما لا يحتمل إلا طلب النكاح، وأما التعريض فهو ما يحتمل طلب النكاح وغيره، مثل لو قال: فلانة امرأة صالحة، أو: أنا بحاجة إلى امرأة مثل فلانة أو هي التي تلائمني، فهذا من قبيل التعريض، وأما بالنسبة للتصريح فهو لا يحتمل إلا النكاح، كأن يقول: أرغب بالزواج من فلانة ونحو ذلك.

قال رحمه الله: (ويحرم التصريح بخطبة المعتدة من وفاة).

هذا هو القسم الأول: المعتدة من الوفاة وهذه يحرم أن تخطب تصريحاً، ويجوز أن تخطب تعريضاً، وقد أفهم كلام المؤلف أن هذا الحكم في المرأة ما دامت في العدة، أما إذا خرجت من عدتها فإنه يجوز أن تخطب تعريضاً وتصريحاً كما سلف.

إذاً: المرأة المعتدة من وفاة زوجها لا بأس عليها أن تخطب تعريضاً، وأما التصريح فإنه لا يجوز، والدليل على ذلك قول الله عز وجل: وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ [البقرة:235]، وقد روي في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم عرض لـأم سلمة لما توفي أبو سلمة رضي الله تعالى عنه، لكن الحديث الوارد في هذا ضعيف.

قال رحمه الله: (والمبانة دون التعريض).

القسم الثاني: المبانة بينونة كبرى، هي التي طلقها زوجها آخر الطلقات الثلاث، فهذه يجوز خطبتها تعريضاً لا تصريحاً، ودليل ذلك ما تقدم من قول الله عز وجل: وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ [البقرة:235] فيجوز أن تخطب تعريضاً لا تصريحاً، وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم عرض لـفاطمة بنت قيسلما أبانها زوجها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا حللت فآذنيني).

وأما بالنسبة للزوج فإنه لا يجوز له أن يخطبها لا تعريضاً ولا تصريحاً؛ لأنها لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره.

قال رحمه الله: (ويباحان لمن أبانها بدون الثلاث).

القسم الثالث: وهو من أبان زوجته بدون الثلاث، ومعنى قوله: (بدون الثلاث) يعني: بما سوى الثلاث، بمعنى: أبانها بالخلع، فالمختلعة كما سيأتينا تبين من زوجها بينونة صغرى، بمعنى: أنه لا يملك أن يراجعها، لكن يملك أن يعقد عليها بخلاف التي أبينت بينونة كبرى، وكذلك أيضاً المفسوخة التي فسخت لفوات شرط أو لوجود عيب أو غير ذلك، فهذه بانت من زوجها بينونة صغرى، ومعنى ذلك: أنه لا يملك أن يراجعها، لكن يملك أن يعقد عليها، فهذه التي أبينت بدون الثلاث يجوز لزوجها أن يخطبها تعريضاً وتصريحاً، ولهذا قال المؤلف رحمه الله: (ويباحان لمن أبانها بدون الثلاث)؛ لأن له أن يعقد عليها، فله أن يعقد على المختلعة منه التي خلعته في العدة، وإذا فسخت المرأة منه لفوات شرط أو وجود عيب، ثم بعد ذلك رضي بإسقاط الشرط أو بوجود العيب فله أن يعقد عليها، فإذا كان يصح له أن يعقد عليها في العدة فمن باب أولى أنه يصح له أن يخطبها تعريضاً وتصريحاً.

أما بالنسبة لغير الزوج فإنه يخطبها تعريضاً، وأما التصريح فإنه لا يجوز؛ لقول الله عز وجل: وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ [البقرة:235].

قال رحمه الله: (كرجعية).

القسم الرابع: المعتدة الرجعية، وهي التي طلقها زوجها دون ما يملك من العدد بلا عوض، أما زوجها فله أن يراجعها ولا حاجة إلى الخطبة لا تعريضاً ولا تصريحاً إلى آخره؛ لأنها زوجته، ولها أحكام الزوجات، ولهذا تجب لها النفقة والسكنى، إلا أنه لا قسم لها، ولزوجها أن ينظر إليها وأن يخلو بها، ولها أن تتشوف له، فالرجعية زوجة كسائر الزوجات إلا أنها تفارق الزوجات ببعض المسائل، وقد ذكرها ابن رجب رحمه الله في كتابه: القواعد، ومن ذلك: القسم، فإنه لا يقسم لها.

فالرجعية لزوجها أن يراجعها، أما غير زوجها فليس له أن يخطبها، فيحرم أن تخطب الرجعية؛ لأنها زوجة، فلا يجوز أن تخطب لا تعريضاً ولا تصريحاً، ويدل لذلك قول الله عز وجل: وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا [البقرة:228] فسمى الله عز وجل الزوج المطلق: بعلاً، مما يدل على أنها زوجة، وعلى هذا نقول: زوجها له أن يراجعها، أما غير الزوج فإنه لا يجوز أن يخطبها لا تعريضاً ولا تصريحاً.

قال رحمه الله: (ويحرمان منها على غير زوجها).

يعني: يحرم التعريض والتصريح للرجعية إلا للزوج؛ لأنها زوجته، فلو طلقها زوجها دون ما يملك من العدد بلا عوض، فلا يجوز لها أن تعرّض لشخص بأن يتزوجها ولا أن تصرح؛ لأنها زوجة، وما دامت زوجة فلا يجوز لها التعريض ولا التصريح.


استمع المزيد من الشيخ الدكتور خالد بن علي المشيقح - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح زاد المستقنع - كتاب الطهارة [17] 2817 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب النكاح [13] 2731 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب المناسك [5] 2677 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [19] 2644 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب البيع [26] 2639 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [32] 2558 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الأيمان [2] 2554 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الحدود [7] 2528 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الإيلاء [1] 2521 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [8] 2498 استماع