شرح زاد المستقنع - كتاب الزكاة [2]


الحلقة مفرغة

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وملك نصاب واستقراره، ومضي الحول في غير المعشر إلا نتاج السائمة وربح التجارة، ولو لم يبلغ نصاباً فإن حولهما حول أصلهما إن كان نصاباً وإلا فمن كماله. ومن كان له دين أو حق من صداق وغيره على مليء أو غيره أدى زكاته إذا قبضه لما مضى، ولا زكاة في مال من عليه دين ينقص النصاب، ولو كان المال ظاهراً، وكفارة كدين، وإن ملك نصاباً صغاراً انعقد حوله حين ملكه، وإن نقص النصاب في بعض الحول أو باعه أو أبدله بغير جنسه لا فراراً من الزكاة انقطع الحول، وإن أبدله بجنسه بنى على حوله، وتجب الزكاة في عين المال ولها تعلق بالذمة، ولا يعتبر في وجوبها إمكان الأداء ولا بقاء المال].

ذكرنا تعريف الزكاة في اللغة، والاصطلاح، ودليل وجوبها، وشيئاً من حكمتها، وشرعنا في شروط وجوب الزكاة، وأن المؤلف رحمه الله تعالى قال: (تجب بشروط خمسة: الحرية)، وذكرنا أن الرقيق لا تجب عليه الزكاة؛ لأنه مال، بل إذا كان يباع ويشترى، فإن الزكاة تجب فيه لكونه من عروض التجارة.

وذكرنا أن الزكاة لا تجب في مال المكاتب؛ لورود ذلك عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم، وقد جاء في ذلك حديث جابر رضي الله تعالى عنه؛ لكن إسناده ضعيف.

وأيضاً تكلمنا عن الكافر، وأنه لا تجب عليه الزكاة.

ملك النصاب

قال المؤلف رحمه الله: [ وملك نصابٍ ].

الشرط الثالث من شروط وجوب الزكاة: ملك النصاب، وهذا بإجماع العلماء رحمهم الله تعالى في الجملة، وعلى هذا فلا تجب الزكاة في كل مال، بل لا تجب إلا في المال الذي بلغ نصابه.

وسيأتينا -إن شاء الله- من الأدلة الدالة عل اعتبار النصاب، ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( ليس في ما دون خمس ذودٍ من الإبل صدقة، ولا فيما دون خمسة أوسق صدقة، ولا فيما دون خمس أواقٍ صدقة ).

وهذه الأدلة تدل على شرطية النصاب.

استقرار النصاب

قال المؤلف رحمه الله تعالى: (واستقراره).

أيضاً يقول المؤلف رحمه الله تعالى: يشترط استقرار النصاب، ومعنى ذلك: تمام الملك في الجملة، وعلى هذا فالأموال التي ليست تامة الملك بل هي عرضة للسقوط لا تجب فيها الزكاة، فمثلاً: دين الكتابة، هل يجب على السيد أن يزكيه، أو لا يجب عليه أن يزكيه؟

إذا قلنا بهذا الشرط، فإنه لا يجب على السيد أن يزكي دين الكتابة.

مثال ذلك: رجلٌ كاتب رقيقه على أن يعطيه كل شهر كذا وكذا من الدراهم, هذا المال المنجم هل تجب فيه زكاة، أو نقول: بأنه لا تجب فيه الزكاة؟ وهو ما يسمى بدين الكتابة.

فعلى كلام المؤلف رحمه الله تعالى هذا المال المنجم دين الكتابة لا تجب فيه الزكاة؛ لأنه مالٌ غير مستقر؛ لأنه هو عرضة للسقوط، فالرقيق يمكن أن يعجز نفسه ولا يسلم الدين الذي عليه، فيعود رقيقاً، وحينئذٍ يسقط هذا الدين.

فيقول: دين الكتابة لا يجب على السيد أن يزكيه.

ومن ذلك أيضاً: الدية على العاقلة، وسيأتينا -إن شاء الله- أن العاقلة تتحمل الدية، وأن هذه الدية منجمة، فأولياء الدم الذين لهم هذا الدين -دين الدية- على العاقلة، هل يجب عليهم أن يخرجوا زكاة هذه الدية التي في ذمم العاقلة، أو لا يجب عليهم؟ على كلام المؤلف رحمه الله: لا يجب أن يخرجوا الزكاة عن هذه الدية التي في ذمة العاقلة؛ لأن العاقلة قد تعجز عن السداد، وإذا عجزت العاقلة عن السداد سقط عنها، ولا يلزمها أن تسدد هذا الدية، فهذا الدين عرضة للسقوط.

ومثل ذلك أيضاً: حصة المضارب، هل تجب فيها الزكاة، أو لا تجب فيها الزكاة؟

للعلماء رحمهم الله رأيان:

المضارب: هو من أخذ المال لكي يضارب به -يبيع ويشتري- بجزء معلوم مشاع من ربحه.

فإذا أخذ -مثلاً- عشرة آلاف ريال على أن له نصف الربح، وضارب فيها، ثم بعد ذلك ربح هذا المال، فالمضارب يجب عليه أن يخرج الزكاة؛ لكن بالنسبة للمضارَب -العامل- هل يجب عليه أن يخرج الزكاة، أو لا يجب عليه؟

لنفرض أن هذه العشرة ربحت خمسة آلاف نصفها للمضارب المالك، ونصفها للعامل.

المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله تعالى: أن المضارب لا يجب عليه الزكاة؛ لأن حصته عرضة للسقوط فقد يضارب ويخسر، وحينئذٍ نسدد الخسارة من الربح، وقد تأتي الخسارة على جميع الربح، وحينئذٍ لا يكون للمضارَب، فحصته عرضة للسقوط، هذا ما ذهب إليه أصحاب القول الأول.

والرأي الثاني في هذه المسألة: أنه تجب الزكاة في حصة المضارب قبل القسمة إذا كانت تبلغ نصاباً، وهذا اختيار الشيخ السعدي رحمه الله تعالى في العمومات.

وقول المؤلف: (استقراره) يعني: تمام الملك بالجملة؛ لئلا يكون عرضة للسقوط.

وأيضاً يؤخذ من هذا: أن الأموال التي لا مالك لها فإنه لا زكاة فيها، ويدخل في ذلك صور كثيرة، ومن هذه الصور:

الأموال التي تكون في بيت المال، فهذه لا زكاة فيها؛ لأنه لا مالك لها معين, وكذلك الأموال التي توجد في الجمعيات الخيرية، والمؤسسات الإغاثية، ومكاتب الدعوة ونحو ذلك، فهذه الأموال ليس لها مالك معين، وحينئذٍ نقول: لا زكاة في مثل هذه الأموال.

وما يتعلق بالأموال الموقوفة، والأموال الموصى بها، فإنها تنقسم إلى قسمين:

القسم الأول: أن تكون هذا الأموال على جهات عامة، كما لو وقف شخص ذهباً أو فضة ونحو ذلك على جهات عامة؛ على المساجد، على طلاب العلم، على الفقراء، على الأيتام ونحو ذلك، فنقول: هذه الأموال لا زكاة فيها، وكذلك أيضاً غلات الأوقاف التي تقوم على جهات عامة، فمثلاً: وقف هذه العمارة على طلبة العلم، أو على الفقراء، أو على تحفيظ القرآن، أو جمعية البر، ونحو ذلك، فأجرة هذه العمارة لا زكاة فيها.

القسم الثاني: أن تكون هذه الأوقاف، أو الأموال الموصى بها على جهات خاصة؛ على أولاده، أو على إمام المسجد، أو على فلان العالم الفلاني ونحو ذلك، فنقول: إن الزكاة تجب في غلات هذه الأموال الموقوفة، فمثلاً: إذا وقف هذه العمارة على إمام المسجد، أو مؤذن المسجد، أو وقفها على العالم الفلاني، أو نحو ذلك، فنقول: غلة هذه العمارة من أجرة ونحو ذلك تجب فيها الزكاة، وإذا كانت العين موقوفة أيضاً فهي مال زكوية، ولو أوصى بذهب، أو فضة، أو دراهم لجهة خاصة، مثل: أوصى بها لزيد من الناس، فنقول: بأنه تجب فيها الزكاة.

مضي الحول

قال رحمه الله تعالى: (ومضي الحول).

هذا هو الشرط الخامس من شروط وجوب الزكاة وهو: مضي الحول، وهذا بالجملة، وقد جاء في سنن ابن ماجه من حديث عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول ). وهذا الحديث فيه ضعف، واشتراط الحول هذا وارد عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم، فهو وارد عن أبي بكر رضي الله تعالى عنه كما عند الإمام مالك ، والبيهقي بإسناد صحيح, وكذلك أيضاً ورد عن عثمان رضي الله تعالى عنه, وصححه البيهقي ، وكذلك ورد عن علي ، وابن عمر ، وجمع من الصحابة رضي الله تعالى عنهم.

واشتراط الحول يدل له هدي النبي صل الله عليه وسلم؛ لأن الناظر في هدي النبي صلى الله عليه وسلم يجد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبعث السعاة كل عام، وما ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبعث السعاة كل شهر ونحو ذلك، بل كان يبعث السعاة كل عام، فدل ذلك على أنه يشترط الحول، وهذا بالجملة.

قال المؤلف رحمه الله: [ وملك نصابٍ ].

الشرط الثالث من شروط وجوب الزكاة: ملك النصاب، وهذا بإجماع العلماء رحمهم الله تعالى في الجملة، وعلى هذا فلا تجب الزكاة في كل مال، بل لا تجب إلا في المال الذي بلغ نصابه.

وسيأتينا -إن شاء الله- من الأدلة الدالة عل اعتبار النصاب، ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( ليس في ما دون خمس ذودٍ من الإبل صدقة، ولا فيما دون خمسة أوسق صدقة، ولا فيما دون خمس أواقٍ صدقة ).

وهذه الأدلة تدل على شرطية النصاب.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: (واستقراره).

أيضاً يقول المؤلف رحمه الله تعالى: يشترط استقرار النصاب، ومعنى ذلك: تمام الملك في الجملة، وعلى هذا فالأموال التي ليست تامة الملك بل هي عرضة للسقوط لا تجب فيها الزكاة، فمثلاً: دين الكتابة، هل يجب على السيد أن يزكيه، أو لا يجب عليه أن يزكيه؟

إذا قلنا بهذا الشرط، فإنه لا يجب على السيد أن يزكي دين الكتابة.

مثال ذلك: رجلٌ كاتب رقيقه على أن يعطيه كل شهر كذا وكذا من الدراهم, هذا المال المنجم هل تجب فيه زكاة، أو نقول: بأنه لا تجب فيه الزكاة؟ وهو ما يسمى بدين الكتابة.

فعلى كلام المؤلف رحمه الله تعالى هذا المال المنجم دين الكتابة لا تجب فيه الزكاة؛ لأنه مالٌ غير مستقر؛ لأنه هو عرضة للسقوط، فالرقيق يمكن أن يعجز نفسه ولا يسلم الدين الذي عليه، فيعود رقيقاً، وحينئذٍ يسقط هذا الدين.

فيقول: دين الكتابة لا يجب على السيد أن يزكيه.

ومن ذلك أيضاً: الدية على العاقلة، وسيأتينا -إن شاء الله- أن العاقلة تتحمل الدية، وأن هذه الدية منجمة، فأولياء الدم الذين لهم هذا الدين -دين الدية- على العاقلة، هل يجب عليهم أن يخرجوا زكاة هذه الدية التي في ذمم العاقلة، أو لا يجب عليهم؟ على كلام المؤلف رحمه الله: لا يجب أن يخرجوا الزكاة عن هذه الدية التي في ذمة العاقلة؛ لأن العاقلة قد تعجز عن السداد، وإذا عجزت العاقلة عن السداد سقط عنها، ولا يلزمها أن تسدد هذا الدية، فهذا الدين عرضة للسقوط.

ومثل ذلك أيضاً: حصة المضارب، هل تجب فيها الزكاة، أو لا تجب فيها الزكاة؟

للعلماء رحمهم الله رأيان:

المضارب: هو من أخذ المال لكي يضارب به -يبيع ويشتري- بجزء معلوم مشاع من ربحه.

فإذا أخذ -مثلاً- عشرة آلاف ريال على أن له نصف الربح، وضارب فيها، ثم بعد ذلك ربح هذا المال، فالمضارب يجب عليه أن يخرج الزكاة؛ لكن بالنسبة للمضارَب -العامل- هل يجب عليه أن يخرج الزكاة، أو لا يجب عليه؟

لنفرض أن هذه العشرة ربحت خمسة آلاف نصفها للمضارب المالك، ونصفها للعامل.

المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله تعالى: أن المضارب لا يجب عليه الزكاة؛ لأن حصته عرضة للسقوط فقد يضارب ويخسر، وحينئذٍ نسدد الخسارة من الربح، وقد تأتي الخسارة على جميع الربح، وحينئذٍ لا يكون للمضارَب، فحصته عرضة للسقوط، هذا ما ذهب إليه أصحاب القول الأول.

والرأي الثاني في هذه المسألة: أنه تجب الزكاة في حصة المضارب قبل القسمة إذا كانت تبلغ نصاباً، وهذا اختيار الشيخ السعدي رحمه الله تعالى في العمومات.

وقول المؤلف: (استقراره) يعني: تمام الملك بالجملة؛ لئلا يكون عرضة للسقوط.

وأيضاً يؤخذ من هذا: أن الأموال التي لا مالك لها فإنه لا زكاة فيها، ويدخل في ذلك صور كثيرة، ومن هذه الصور:

الأموال التي تكون في بيت المال، فهذه لا زكاة فيها؛ لأنه لا مالك لها معين, وكذلك الأموال التي توجد في الجمعيات الخيرية، والمؤسسات الإغاثية، ومكاتب الدعوة ونحو ذلك، فهذه الأموال ليس لها مالك معين، وحينئذٍ نقول: لا زكاة في مثل هذه الأموال.

وما يتعلق بالأموال الموقوفة، والأموال الموصى بها، فإنها تنقسم إلى قسمين:

القسم الأول: أن تكون هذا الأموال على جهات عامة، كما لو وقف شخص ذهباً أو فضة ونحو ذلك على جهات عامة؛ على المساجد، على طلاب العلم، على الفقراء، على الأيتام ونحو ذلك، فنقول: هذه الأموال لا زكاة فيها، وكذلك أيضاً غلات الأوقاف التي تقوم على جهات عامة، فمثلاً: وقف هذه العمارة على طلبة العلم، أو على الفقراء، أو على تحفيظ القرآن، أو جمعية البر، ونحو ذلك، فأجرة هذه العمارة لا زكاة فيها.

القسم الثاني: أن تكون هذه الأوقاف، أو الأموال الموصى بها على جهات خاصة؛ على أولاده، أو على إمام المسجد، أو على فلان العالم الفلاني ونحو ذلك، فنقول: إن الزكاة تجب في غلات هذه الأموال الموقوفة، فمثلاً: إذا وقف هذه العمارة على إمام المسجد، أو مؤذن المسجد، أو وقفها على العالم الفلاني، أو نحو ذلك، فنقول: غلة هذه العمارة من أجرة ونحو ذلك تجب فيها الزكاة، وإذا كانت العين موقوفة أيضاً فهي مال زكوية، ولو أوصى بذهب، أو فضة، أو دراهم لجهة خاصة، مثل: أوصى بها لزيد من الناس، فنقول: بأنه تجب فيها الزكاة.

قال رحمه الله تعالى: (ومضي الحول).

هذا هو الشرط الخامس من شروط وجوب الزكاة وهو: مضي الحول، وهذا بالجملة، وقد جاء في سنن ابن ماجه من حديث عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول ). وهذا الحديث فيه ضعف، واشتراط الحول هذا وارد عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم، فهو وارد عن أبي بكر رضي الله تعالى عنه كما عند الإمام مالك ، والبيهقي بإسناد صحيح, وكذلك أيضاً ورد عن عثمان رضي الله تعالى عنه, وصححه البيهقي ، وكذلك ورد عن علي ، وابن عمر ، وجمع من الصحابة رضي الله تعالى عنهم.

واشتراط الحول يدل له هدي النبي صل الله عليه وسلم؛ لأن الناظر في هدي النبي صلى الله عليه وسلم يجد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبعث السعاة كل عام، وما ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبعث السعاة كل شهر ونحو ذلك، بل كان يبعث السعاة كل عام، فدل ذلك على أنه يشترط الحول، وهذا بالجملة.

هناك أموال زكوية لا يشترط فيها مضي الحول، فمن ذلك:

أولاً: المعشرات (الحبوب والثمار)، فهذه لا يشترط فيها الحول لقول الله عز وجل: وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ [الأنعام:141].

ولهذا قال المؤلف رحمه الله: (في غير المعشر)، يعني: الحبوب والثمار.

ثانياً: المعدن، فإذا استخرج نصاباً وقلنا بوجوب الزكاة في المعدن، فإنه تجب فيه الزكاة.

ثالثاً: العسل، وسيأتينا من المشهور من مذهب الإمام أحمد ورأي أبي حنيفة : أن العسل تجب فيه الزكاة، فإذا أكمل نصاباً فإنه يجب عليه الزكاة.

قال المؤلف رحمه الله: (إلا نتاج السائمة، وربح التجارة) هذا الرابع. والخامس: نتاج السائمة، وربح التجارة.

يقول المؤلف: (ولو لم يبلغ نصاباً، فإن حولهما حول أصلهما إن كان نصاباً، وإلا فمن كماله).

نتاج السائمة، وربح التجارة حولهما حول أصلهما، وعلى هذا لو كان الشخص عنده عشرة آلاف ريال، افتتح بها محلاً تجارياً في أول محرم، ثم بعد ذلك اشتغل بهذه العشرة، فجاء شهر محرم من السنة التالية وإذا العشرة أصبحت عشرين، فإنه يزكي عن عشرين؛ لأن ربح التجارة حوله حول أصله.

وكذلك أيضاً: نتاج السائمة، فلو أنه اشترى خمساً من الإبل في محرم، ومكثت عنده إلى محرم التالي، وقد توالدت فأصبحت الخمس عشراً، فإنه يزكي عن عشر.

ويدل لذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبعث السعاة, ويأخذون الزكاة، ولا يسألون عن الحول فيما يتعلق بنتاج السائمة.

قال عمر رضي الله تعالى عنه: اعتد بالسخلة، ولا تأخذها منهم. والسخلة هذه ولدت قريباً، فدل ذلك على أنه لا يشترط الحول.

والسادس مما لا يشترط له الحول: الأجرة عند شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله, حيث يرى أن الأجرة لا يشترط فيها الحول؛ لأنه يجعلها كالثمرة، والله عز وجل يقول: وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ [الأنعام:141] ، وعلى هذا لو أجر البيت بعشرة آلاف ريال -مثلاً- وقبض هذه العشرة مباشرة عند العقد، فإنه يجب عليه أن يزكي هذه العشرة مباشرة.

والرأي الثاني: أن الأجرة لا بد لها من الحول، ويبدأ الحول من حين العقد، وعلى هذا لو أنه أجره وسلمه القسط الأول في أول العقد، نقول: لا زكاة فيه؛ لأنه لا بد أن يحول عليه الحول، فإن لم يحل عليه الحول كأن أكله قبل الحول، نقول: لا زكاة فيه، وإذا أخذ القسط الثاني في منتصف العام, كذلك نقول: لا يجب إلا إذا مكث عنده إلى تمام العام.

وإن أخذ القسط في نهاية العام, يجب عليه أن يزكيه مباشرة؛ لأنه حال عليه الحول؛ ولأن الحول يبدأ من حين العقد.

والرأي الثالث: أن الحول يبدأ من حين استلام الأجرة.

والرأي الثاني هو الوسط، وهو المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله تعالى، وعلى هذا نقول: بالنسبة للأجرة يشترط لها الحول للعمومات، وبالنسبة للحول نقول: بأنه يبدأ من حين العقد، كما ذكرنا في الأمثلة السابقة.

فقوله: (إلا نتاج السائمة، وربح التجارة ولو لم يبلغ نصاباً، فإنه حولهما حول أصلهما إن كان نصاباً، وإلا فمن كماله) يعني: أن الحول يبدأ من كمال النصاب، وعلى هذا لو أن شخصاً عنده ثلاثون شاة من الغنم، اشتراها في محرم، وهي سائمة تركها ترعى المباح، نقول: لا يبدأ الحول؛ لأنها لم تكمل نصاباً، فإذا توالدت وبلغت أربعين، ابتدأ حولها.

الظاهر من كلام المؤلف رحمه الله تعالى أنه ليس من شروط وجوب الزكاة التكليف، وعلى هذا فتجب الزكاة في أموال الصغار، والمجانين. وهذا هو قول جمهور أهل العلم رحمهم الله تعالى.

ويدل على ذلك ما ورد عن عمر رضي الله تعالى عنه أنه قال: (ابتغوا في أموال اليتامى؛ كي لا تأكلها الصدقة) رواه البيهقي وصححه، وقد روي ذلك مرفوعاً للنبي صلى الله عليه وسلم من حديث عبدالله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما لكنه ضعيف لا يثبت عن النبي صلى اله عليه وسلم، وكذلك أيضاً ورد عن جمع من الصحابة؛ ورد عن علي وعائشة وابن عمر وجابر ، وللعمومات.

الرأي الثاني في المسألة: أن الزكاة تجب في مال الصغير والمجنون، إلا في الزروع والثمار فإنه لا تجب الزكاة فيها، وهذا رأي أبي حنيفة رحمه الله تعالى.

والرأي الثالث: قال به النخعي وشريح قال: بأن الزكاة لا تجب في أموال القصر؛ لحديث: ( رفع القلم عن ثلاثة )؛ لكن القلم المقصود بذلك: هو قلم الإثم وأنهم لا يأثمون، ولو قلنا: إن المقصود بالقلم هو التكليف، فهذا خاص فيما يتعلق بالتكاليف البدنية المحضة، أو التكاليف المركبة من المال والبدن، أما التكاليف المالية فهذه لا علاقة لها بالأبدان، وقلم التكليف رفع عن الصغير والمجنون؛ لنقص أبدانهم.