شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [14]


الحلقة مفرغة

قال المؤلف رحمه الله: [ ويبصق في الصلاة عن يساره، وفي المسجد في ثوبه، وتسن صلاته إلى سترة قائمة كآخرة الرحل، فإن لم يجد شاخصاً فإلى خط، وتبطل بمرور كلب أسود بهيم فقط، وله التعوذ عند آية وعيد، والسؤال عند آية رحمة ولو في فرض.

فصل: في حصر أفعال الصلاة وأقوالها.

أركانها: القيام, والتحريمة, والفاتحة، والركوع والاعتدال عنه، والسجود على الأعضاء السبعة، والاعتدال عنه، والجلوس بين السجدتين, والطمأنينة في الكل, والتشهد الأخير، وجلسته, والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيه، والترتيب, والتسليم ].

تقدم لنا شيء مما يباح للمصلي أن يفعله، وذكر المؤلف رحمه الله تعالى ما يتعلق بتكرار الفاتحة, وقبل ذلك ذكر ما يتعلق بمكروهات الصلاة من تغميض العينين، والإقعاء، وأن يصلي وهو حاقن أو بحضرة طعام يشتهيه، ثم ذكر أيضاً جملة من الأحكام التي تباح للمصلي كعد الآي، وقتل العقرب والحية والقمل، وكذلك أيضاً ما يتعلق بلبس الثوب ولف العمامة إلى آخر ذلك.

قال المؤلف رحمه الله: (ويبصق في الصلاة عن يساره، وفي المسجد في ثوبه).

إذا احتاج المصلي إلى أن يبصق فيبصق في الصلاة عن يساره، أو تحت قدمه، وإن كان في المسجد فإنه لا يبصق في المسجد وإنما يبصق في ثوبه، وعلى هذا نقول: المصلي لا يخلو من حالتين إذا أراد أن يبصق:

الحالة الأولى: أن يكون داخل المسجد، فهذا يبصق في ثوبه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي أمامة : ( من تنخع في المسجد فلم يدفنه فسيئة، وإن دفنه فحسنة )، وأيضاً ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( البزاق في المسجد خطيئة، وكفارتها دفنها ) فسماه النبي صلى الله عليه وسلم خطيئة، وهذا مما يدل على أنه إذا كان في المسجد فإنه لا يبصق فيه وإنما يبصق في ثوبه؛ لأنه خطيئة، والخطيئة ذنب.

وأيضاً في حديث أنس رضي الله تعالى عنه ( أن النبي صلى الله عليه وسلم بصق في ثوبه )، كما سيأتي إن شاء الله.

وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( البزاق في المسجد خطيئة وكفارتها دفنها )، وهذا كان في الزمن السابق عندما كانت المساجد من الحصباء والرمل، حيث يمكن أن تدفن، وبعض العلماء أخذ بظاهر الحديث أنه يحفر له.

على كل حال: إذا كان في المسجد فإنه يبصق في ثوبه، أو في شيء خارج كمنديل ونحو ذلك، ولا يبصق في المسجد، وإذا كان خارج المسجد فهو بالخيار إن شاء بصق في ثوبه، وإن شاء بصق عن يساره، وإن شاء بصق تحت قدمه، فهذا كله جائز؛ ويدل لهذا حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن أحدكم إذا قامت الصلاة فإنه يناجي ربه، فلا يبزقن في قبلته، ولكن عن يساره أو تحت قدمه )، وإن بصق في ثوبه أو في منديل ونحو ذلك فهذا جائز ولا بأس به، وهو أحسن.

ولا يبصق عن يمينه؛ لأن على يمينه ملكاً، ولكن أليس على يساره ملكاً؟ أجاب العلماء رحمهم الله بأن الملك الذي عن اليمين أعلى رتبة من الملك الذي عن اليسار؛ ولأن القاعدة الشرعية أن ما كان من المستخبثات فإنه تقدم فيه اليسار، وهنا تقدم جهة اليسار فيما يتعلق بالمستخبثات على جهة اليمين، فلا يبصق في قبلته ولكن يبصق عن يساره أو تحت قدمه، وهل النهي عن البصاق جهة القبلة خاص بالصلاة أو أنه يشمل الصلاة وغيرها؟

للعلماء رحمهم الله في ذلك رأيان:

الرأي الأول: ذهب إليه الإمام مالك رحمه الله: أن النهي عن البصاق جهة القبلة خاص في الصلاة، أما خارج الصلاة فإن هذا جائز ولا بأس به؛ ويدل له ما تقدم من حديث أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن أحدكم إذا قام في صلاته فإنه يناجي ربه- أو: ربه بينه وبين القبلة- فلا يبزقن في قبلته )، أما خارج الصلاة فلا بأس أن يبصق جهة القبلة.

الرأي الثاني: أن النهي شامل لداخل الصلاة وخارجها، وهذا ذهب إليه النووي رحمه الله تعالى، وقد ورد ذلك عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه، أنه كره أن يبصق عن يمينه، وكذلك أيضاً في قبلته من باب أولى، وورد عن معاذ رضي الله تعالى عنه أنه قال: ما بصقت عن يميني منذ أسلمت، وكذلك أيضاً فيما يتعلق بقبلته، وكون الإنسان ينزه جهة اليمين وينزه جهة القبلة فهذا أحوط.

وكما تقدم لنا في باب الاستنجاء أن الراجح ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنه يحرم استقبال القبلة واستدبارها في حال قضاء الحاجة، سواء كان في الصحراء أو كان في البنيان، وكما ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى أن ذلك ورد في بضعة عشر حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وهل النهي عن البصاق جهة القبلة وعن يمينه للتحريم أو للكراهة؟

العلماء رحمهم الله تعالى لهم في ذلك رأيان:

الرأي الأول: وهو لكثير من العلماء رحمهم الله حيث يرون أنه للكراهة.

والرأي الثاني: ذهب إليه الشوكاني رحمه الله تعالى: أن النهي للتحريم لظاهر أدلة النهي، وفي حديث حذيفة رضي الله تعالى عنه مرفوعاً: ( من تفل تجاه القبلة جاء يوم القيامة وتفلته بين عينيه )، وهذا مما يدل على أن النهي للتحريم؛ لأن هذه عقوبة، وحديث حذيفة أخرجه ابن خزيمة رحمه الله تعالى في صحيحه، وكذلك أيضاً ابن حبان.

قال المؤلف رحمه الله: (وتسن صلاته إلى سترة).

يعني: يستحب أن يصلي المصلي إلى سترة، والسترة تحتها مباحث:

حكم الصلاة إلى سترة

المبحث الأول: حكم الصلاة إلى سترة، المؤلف رحمه الله يرى أن الصلاة إلى سترة سنة، وهذا ما عليه جمهور العلماء رحمهم الله تعالى، واستدلوا على ذلك بأدلة كثيرة منها حديث الفضل بن عباس رضي الله تعالى عنه قال: ( أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن ببادية لنا ومعه عباس، فصلى في الصحراء وليس بين يديه سترة )، وفي حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بمنى إلى غير جدار )، واستدلوا بحديث أبي سعيد في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس )، يفهم من هذا أنه قد يصلي إلى شيء لا يستره من الناس، وحديث أبي سعيد في الصحيحين.

أما حديث الفضل فهو حديث ضعيف، وأما حديث ابن عباس كونه صلى إلى غير جدار فهذا لا يقتضي أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل إلى سترة، يعني: كونه نفى الاستتار إلى الجدار لا يلزم من ذلك نفي ما عدا الاستتار بغير جدار.

أما الذين قالوا بالوجوب كما ذهب إليه ابن خزيمة رحمه الله، وكذلك أيضاً أبو عوانة والشوكاني فأخذوا بظواهر الأمر، كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة، وليدن منها )، وهذا أمر، والحديث في السنن.

والأقرب في ذلك والله أعلم ما ذهب إليه جمهور العلماء رحمهم الله أن الصلاة إلى سترة سنة مؤكدة، ومن آداب الصلاة، فلا ينبغي للمصلي أن يتهاون فيها؛ ولهذا الفقهاء رحمهم الله يقولون: يستحب أن يتخذ سترة ولو لم يخش ماراً كما لو كان في الصحراء؛ لأن الحكمة من السترة ليس من أجل المرور بين المصلي وبين حريمه فقط، بل لها حكم منها: أنها تمنع نظر المصلي من أن يتقلب يمنة ويسرة.

قدر السترة

قال المؤلف رحمه الله: (قائمة كآخرة الرحل).

الرحل: هو ما يوضع على البعير ويكون عليه الراكب، ومؤخرة الرحل عمود يكون في آخرته يتكئ عليها الراكب، وقدر هذه المؤخرة ذراع فأكثر، وإن استتر بأقل من ذلك فإن هذا جائز ولا بأس به؛ ويدل لذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم استتر بالسرير, واستتر بالنائم، واستتر بالسارية، والبعير, والعنزة، والسرير، والشجرة, ومقام إبراهيم.

وإن لم يجد سترة فكما جاء في الحديث بإسناد حسن ( أنه يخط خطاً )، فمقدار السترة له حالتان:

الحالة الأولى: حالة مستحبة: أن يكون ارتفاعها ذراع فأكثر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إذا وضع أحدكم بين يديه مثل مؤخرة الرحل)، ذراع فأكثر وهذا هو السنة أن يكون ارتفاعها ذراعاً فأكثر.

الحالة الثانية: سترة مجزئة وهي: كل ما ارتفع عن الأرض فإنه مجزئ، ولهذا ينص الفقهاء رحمهم الله كفقهاء الشافعية وغيرهم أنه لو وضع شيئاً من الحصى أو شيئاً من الرمل أو نحو ذلك فإنه مجزئ، فكل ما ارتفع عن الأرض فإنه يكفي سترة، لكن السترة المستحبة أن تكون ذراعاً مثل مؤخرة الرحل كما سبق.

قال المؤلف رحمه الله: (فإن لم يجد شاخصاً فإلى خط).

إذا لم يجد شاخصاً فإنه يخط خطاً؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: ( فإن لم يكن معه عصا فليخط خطاً ) وهذا الحديث رواه أحمد وأبو داود رحمهما الله.

فإذا كان في السجاد شيء من الألوان أو الخطوط، فهل يكفي في السترة، أو لا يكفي؟

نقول: مثل هذه الخطوط لا يكتفى بها؛ لأن السترة أقل ما يجزئ منها أن تكون مرتفعة، أما مثل هذه الخطوط فإنها ليست مرتفعة فلا يكتفى بها.

الدنو من السترة

المبحث الثالث المتعلق بالسترة: يستحب للمصلي أن يدنو من السترة، وضابط الدنو اختلف فيه العلماء رحمهم الله، فقال بعض العلماء: ضابط الدنو أن يكون بينك وبين السترة مقدار السجود بحيث إذا سجد وصل إلى سترته، وقال بعض العلماء يكون بينه وبين السترة مقدار ممر شاة، وقال بعض العلماء: ثلاثة أذرع من قدمه.

والأمر في هذا سهل، والأقرب في ذلك أن يكون بينه وبين سترته مقدار السجود، بحيث يكون منتهى سجوده إلى سترته.

ما يقطع على المصلي صلاته مما يمر بين يديه

قال المؤلف رحمه الله: (وتبطل بمرور كلب أسود بهيم فقط).

المبحث الرابع: إذا مر الكلب الأسود البهيم الذي ليس فيه لون آخر غير السواد بين المصلي وسترته فإنه يبطل عليه صلاته، وعندنا مسألتان:

المسألة الأولى: هل تبطل الصلاة بمرور شيء أو أنها لا تبطل؟

والمسألة الثانية: ما هي الأشياء التي تبطل الصلاة؟

المسألة الأولى: هل تبطل الصلاة بمرور شيء؟

جمهور العلماء رحمهم الله يقولون بأن الصلاة لا تبطل بمرور شيء، فإذا مر كلب أو حمار أو امرأة أو رجل بين المصلي وبين سترته فإن هذه الأشياء لا تبطل الصلاة، واستدلوا على ذلك بحديث أبي سعيد عند أبي داود وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يقطع الصلاة شيء, وادرءوا ما استطعتم )، وهذا الحديث ضعيف لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.

الرأي الثاني: وهو المذهب، وهو ما ذهب إليه ابن حزم واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: أن الصلاة تبطل بمرور شيء.

لكن ما هو الشيء الذي يبطلها؟

المشهور من المذهب أن الذي يبطلها هو الكلب الأسود البهيم فقط، وما عدا ذلك فإنه لا يبطل الصلاة؛ لأن الكلب الأسود شيطان من شياطين الكلاب يعني: من أشر الكلاب، فليس المقصود بالشيطان الجنس، وإنما المقصود الوصف، وأن هذا الكلب من أشر الكلاب، وإلا فإن جنسه جنس سائر الكلاب.

الرأي الثاني: أن الذي يبطل الصلاة الكلب الأسود والمرأة والحمار كما جاء ذلك في حديث أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( يقطع صلاة الرجل -إذا لم يكن بين يديه كمؤخرة الرحل- المرأة والكلب الأسود والحمار ) رواه مسلم في صحيحه، وجاء أيضاً من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه في صحيح مسلم .

وهذا هو الصواب في المسألة، وهو ما ذهب إليه ابن حزم واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: أن الصلاة تبطل بهذه الأشياء إذا مرت بين المصلي وسترته، فإذا لم يكن له سترة، ومرت من وراء محل السجود فإنها لا تبطل الصلاة، وإذا مرت ما بين المصلي ومنتهى سجوده، فإنها تبطل عليه صلاته.

سترة الإمام سترة لمن خلفه

من المباحث المتعلقة بالسترة: أن سترة الإمام سترة للمأموم، وعلى هذا فالمأموم لا يستحب له أن يتخذ سترة، ولذلك لا يضر المرور بين يدي المأموم؛ ويدل لذلك فعل ابن عباس رضي الله تعالى عنه عندما مر بين يدي الصف، ومع ذلك ما أنكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم، والذي يضر هو المرور بين الإمام وبين السترة، فإذا مرت هذه الأشياء الثلاثة بين الإمام وبين سترته فإن صلاة الإمام تبطل، وكذلك أيضاً صلاة المأمومين تبطل؛ لأن سترة المأمومين هي سترة الإمام.

ومن المسائل المتعلقة بالسترة: إذا انتهت الصلاة وكان المأموم مسبوقاً، وقام يقضي شيئاً من الصلاة، فهل يستحب له أن يتقدم لكي يستتر، أو لا يستحب له أن يتقدم؟ الإمام مالك رحمه الله ذهب إلى هذا وقال: عليه أن يتقدم، وكثير من العلماء رحمهم الله لا يرى ذلك، وأن الإنسان يكتفي بسترة الإمام السابقة، والتابع تابع، فما كان بعد الصلاة يكون تابعاً لما كان في جوف الصلاة، فالصحيح في ذلك أنه لا يتقدم, وإنما يقضي في مكانه لعدم الدليل الوارد في ذلك.

المبحث الأول: حكم الصلاة إلى سترة، المؤلف رحمه الله يرى أن الصلاة إلى سترة سنة، وهذا ما عليه جمهور العلماء رحمهم الله تعالى، واستدلوا على ذلك بأدلة كثيرة منها حديث الفضل بن عباس رضي الله تعالى عنه قال: ( أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن ببادية لنا ومعه عباس، فصلى في الصحراء وليس بين يديه سترة )، وفي حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بمنى إلى غير جدار )، واستدلوا بحديث أبي سعيد في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس )، يفهم من هذا أنه قد يصلي إلى شيء لا يستره من الناس، وحديث أبي سعيد في الصحيحين.

أما حديث الفضل فهو حديث ضعيف، وأما حديث ابن عباس كونه صلى إلى غير جدار فهذا لا يقتضي أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل إلى سترة، يعني: كونه نفى الاستتار إلى الجدار لا يلزم من ذلك نفي ما عدا الاستتار بغير جدار.

أما الذين قالوا بالوجوب كما ذهب إليه ابن خزيمة رحمه الله، وكذلك أيضاً أبو عوانة والشوكاني فأخذوا بظواهر الأمر، كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة، وليدن منها )، وهذا أمر، والحديث في السنن.

والأقرب في ذلك والله أعلم ما ذهب إليه جمهور العلماء رحمهم الله أن الصلاة إلى سترة سنة مؤكدة، ومن آداب الصلاة، فلا ينبغي للمصلي أن يتهاون فيها؛ ولهذا الفقهاء رحمهم الله يقولون: يستحب أن يتخذ سترة ولو لم يخش ماراً كما لو كان في الصحراء؛ لأن الحكمة من السترة ليس من أجل المرور بين المصلي وبين حريمه فقط، بل لها حكم منها: أنها تمنع نظر المصلي من أن يتقلب يمنة ويسرة.

قال المؤلف رحمه الله: (قائمة كآخرة الرحل).

الرحل: هو ما يوضع على البعير ويكون عليه الراكب، ومؤخرة الرحل عمود يكون في آخرته يتكئ عليها الراكب، وقدر هذه المؤخرة ذراع فأكثر، وإن استتر بأقل من ذلك فإن هذا جائز ولا بأس به؛ ويدل لذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم استتر بالسرير, واستتر بالنائم، واستتر بالسارية، والبعير, والعنزة، والسرير، والشجرة, ومقام إبراهيم.

وإن لم يجد سترة فكما جاء في الحديث بإسناد حسن ( أنه يخط خطاً )، فمقدار السترة له حالتان:

الحالة الأولى: حالة مستحبة: أن يكون ارتفاعها ذراع فأكثر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إذا وضع أحدكم بين يديه مثل مؤخرة الرحل)، ذراع فأكثر وهذا هو السنة أن يكون ارتفاعها ذراعاً فأكثر.

الحالة الثانية: سترة مجزئة وهي: كل ما ارتفع عن الأرض فإنه مجزئ، ولهذا ينص الفقهاء رحمهم الله كفقهاء الشافعية وغيرهم أنه لو وضع شيئاً من الحصى أو شيئاً من الرمل أو نحو ذلك فإنه مجزئ، فكل ما ارتفع عن الأرض فإنه يكفي سترة، لكن السترة المستحبة أن تكون ذراعاً مثل مؤخرة الرحل كما سبق.

قال المؤلف رحمه الله: (فإن لم يجد شاخصاً فإلى خط).

إذا لم يجد شاخصاً فإنه يخط خطاً؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: ( فإن لم يكن معه عصا فليخط خطاً ) وهذا الحديث رواه أحمد وأبو داود رحمهما الله.

فإذا كان في السجاد شيء من الألوان أو الخطوط، فهل يكفي في السترة، أو لا يكفي؟

نقول: مثل هذه الخطوط لا يكتفى بها؛ لأن السترة أقل ما يجزئ منها أن تكون مرتفعة، أما مثل هذه الخطوط فإنها ليست مرتفعة فلا يكتفى بها.




استمع المزيد من الشيخ الدكتور خالد بن علي المشيقح - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح زاد المستقنع - كتاب الطهارة [17] 2818 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب النكاح [13] 2735 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب المناسك [5] 2678 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [19] 2649 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب البيع [26] 2640 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [32] 2558 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الأيمان [2] 2556 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الحدود [7] 2527 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الإيلاء [1] 2521 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [8] 2499 استماع