خطب ومحاضرات
شرح مقدمة زاد المستقنع
الحلقة مفرغة
فضل العلم ومجالسه
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا الهدى والتقى والعفاف والغنى، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وبعد:
لا شك أيها الأحبة! أن من أعظم المنن على المسلم أن يهدي قلبه لمثل هذه المجالس -مجالس العلم- التي تحيا بها القلوب، ويقوى بها الإيمان، وتنشرح بها الصدور، ويكون المسلم على بينة من أمره، ويعبد ربه على بصيرة.
والعلم وفضله تعلماً وتعليماً تواترت به النصوص من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وآثار السلف من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا ممن سخر بدنه في تعلم العلم وتعليمه.
وكما أسلفت أيها الأحبة! العلم فضله عظيم وأجره كبير، ولا يخفى على الجميع ما ورد من فضل العلم تعلماً وتعليماً.
قال ابن المبارك رحمه الله تعالى: لا أعلم مرتبة بعد مرتبة النبوة أفضل من مرتبة تعلم العلم وتعليمه.
وابن قدامة رحمه الله تعالى في أول كتابه المغني ذكر أن الأمم السالفة قبل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كانت تسوسهم الأنبياء، إذا هلك نبي خلفه نبي آخر، أما هذه الأمة فليس لها إلا نبي واحد، فلما توفي نبينا عليه الصلاة والسلام خلفه العلماء، فالعلماء في هذه الأمة بمنزلة الأنبياء في الأمم السابقة، ولا شك أن هذا فضل عظيم وأجر كبير، والآثار في ذلك كثيرة جداً، ومن نعم الله عز وجل علينا أن من علينا بمثل هذه المجالس.
فائدة دراسة مؤلفات المتون
والمقصود أن يربي نفسه على متن من المتون؛ لأن هذه المتون ليست من باب المقاصد وإنما هي من باب الوسائل، يعني هي وسيلة لفهم مراد الله ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم، فهؤلاء العلماء رحمهم الله بذلوا جهدهم في استنباط هذه الأحكام الشرعية من النصوص وسطروها في هذه المؤلفات، فنحن نقرأ هذه الاستنباطات، ونزنها بما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
فالمقصود هنا هو الوصول إلى مراد الله، وهذه من باب الوسائل، وأما التطبيق والعمل فلا شك أن المسلم متعبد بما قاله الله وقاله رسوله صلى الله عليه وسلم، وإلا فنحن نقرأ في مثل هذه المتون لكي نفهم ما جاء في القرآن والسنة؛ لأن العلماء رحمهم الله تعالى اختصروا علينا الطريق، فبدلاً من أن نذهب إلى القرآن والسنة ونستنبط الأحكام، ونستنبط أحكام الطهارة وأحكام الصلاة وما يتعلق بالعقيدة، وما يجب على المسلم.. إلى آخره، هذه سطرها العلماء رحمهم الله تعالى وكفونا المئونة، فجزاهم الله عنا خير الجزاء، فيبقى أن ننتقي من أقوالهم ما كان موافقاً لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
طريقة منهجية متن الزاد
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا الهدى والتقى والعفاف والغنى، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وبعد:
لا شك أيها الأحبة! أن من أعظم المنن على المسلم أن يهدي قلبه لمثل هذه المجالس -مجالس العلم- التي تحيا بها القلوب، ويقوى بها الإيمان، وتنشرح بها الصدور، ويكون المسلم على بينة من أمره، ويعبد ربه على بصيرة.
والعلم وفضله تعلماً وتعليماً تواترت به النصوص من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وآثار السلف من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا ممن سخر بدنه في تعلم العلم وتعليمه.
وكما أسلفت أيها الأحبة! العلم فضله عظيم وأجره كبير، ولا يخفى على الجميع ما ورد من فضل العلم تعلماً وتعليماً.
قال ابن المبارك رحمه الله تعالى: لا أعلم مرتبة بعد مرتبة النبوة أفضل من مرتبة تعلم العلم وتعليمه.
وابن قدامة رحمه الله تعالى في أول كتابه المغني ذكر أن الأمم السالفة قبل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كانت تسوسهم الأنبياء، إذا هلك نبي خلفه نبي آخر، أما هذه الأمة فليس لها إلا نبي واحد، فلما توفي نبينا عليه الصلاة والسلام خلفه العلماء، فالعلماء في هذه الأمة بمنزلة الأنبياء في الأمم السابقة، ولا شك أن هذا فضل عظيم وأجر كبير، والآثار في ذلك كثيرة جداً، ومن نعم الله عز وجل علينا أن من علينا بمثل هذه المجالس.
كنا في الدورة السابقة انتهينا من شرح زاد المستقنع، وكانت النية أن نبدأ في دليل الطالب، ولكن عند رغبة كثير من الإخوة الطلبة الذين ألحوا بأن يكون الشرح للزاد انتقلنا إلى الزاد، والأمر في ذلك سهل؛ لأن المقصود هو أن يربي الطالب نفسه على متن من المتون، سواءً كان زاد المستقنع أو كان دليل الطالب أو كان عمدة الطالب، أو كان أخصر المختصرات، أو في مذهب الحنابلة، أو في مذهب الشافعية، أو الحنفية، أو المالكية.
والمقصود أن يربي نفسه على متن من المتون؛ لأن هذه المتون ليست من باب المقاصد وإنما هي من باب الوسائل، يعني هي وسيلة لفهم مراد الله ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم، فهؤلاء العلماء رحمهم الله بذلوا جهدهم في استنباط هذه الأحكام الشرعية من النصوص وسطروها في هذه المؤلفات، فنحن نقرأ هذه الاستنباطات، ونزنها بما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
فالمقصود هنا هو الوصول إلى مراد الله، وهذه من باب الوسائل، وأما التطبيق والعمل فلا شك أن المسلم متعبد بما قاله الله وقاله رسوله صلى الله عليه وسلم، وإلا فنحن نقرأ في مثل هذه المتون لكي نفهم ما جاء في القرآن والسنة؛ لأن العلماء رحمهم الله تعالى اختصروا علينا الطريق، فبدلاً من أن نذهب إلى القرآن والسنة ونستنبط الأحكام، ونستنبط أحكام الطهارة وأحكام الصلاة وما يتعلق بالعقيدة، وما يجب على المسلم.. إلى آخره، هذه سطرها العلماء رحمهم الله تعالى وكفونا المئونة، فجزاهم الله عنا خير الجزاء، فيبقى أن ننتقي من أقوالهم ما كان موافقاً لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
وكتاب الزاد له طبعات، وأخيراً طبع طبعتين كلاهما جيدة، إذا أخذت بإحدى الطبعتين فهذا جيد، وإن أخذت شرحاً للزاد يكون معك فهذا أيضاً جيد، ونحن إن شاء الله خلال الشرح سنحاول أن نختصر؛ لأن كتاب الزاد كتاب كبير، ويمر بسائر أبواب الفقه، ويحتوي على ثلاثة آلاف مسألة بالمنطوق وستة آلاف مسألة بالمفهوم، يعني كل مسألة سنقف عندها، ونذكر دليلها، وربما نشير إلى كلام العلماء رحمهم الله تعالى وإلى خلافهم وإلى شيء من أدلتهم، لكن نسدد ونقارب -بإذن الله عز وجل- وسنحاول أن نشرح عبارة المؤلف رحمه الله بحيث يتعرف الطالب على ألفاظ العلماء ولغتهم ومصطلحاتهم حسب ما يمر معنا من مصطلحات، ونجتهد في تسهيل عبارة المؤلف وذكر الراجح مع الدليل حسب ما جاء من الأدلة.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله حمداً لا ينفد، أفضل ما ينبغي أن يحمد، وصلى الله وسلم على أفضل المصطفين محمد وعلى آله وأصحابه ومن تعبد:
أما بعد:
فهذا مختصر في الفقه من مقنع الإمام الموفق أبي محمد على قول واحد وهو الراجح في مذهب أحمد , وربما حذفت منه مسائل نادرة الوقوع وزدت ما على مثله يعتمد، إذ الهمم قد قصرت, والأسباب المثبطة عن نيل المراد قد كثرت، ومع صغر حجمه حوى ما يغني عن التطويل، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وهو حسبنا ونعم الوكيل].
هذا الكتاب زاد المستقنع لمؤلفه موسى بن أحمد بن موسى الحجاوي ، المتوفى سنة تسعمائة وثمان وستين للهجرة، وهو كما ذكر المؤلف رحمه الله تعالى مختصر من كتاب المقنع لـأبي محمد عبد الله بن أحمد بن قدامة المتوفى سنة عشرين وستمائة للهجرة، وهذا المتن اشتهر عند المتأخرين من الحنابلة، وعكفوا على قراءته وتدريسه للطلبة وحفظه، كما أنه اشتهر عدة متون عند متأخري الحنابلة، لكن من أشهر هذه المتون متن الزاد، وكذلك أيضاً متن دليل الطالب، هذان المتنان اشتهرا عند متأخري الحنابلة رحمهم الله.
فالزاد مختصر من كتاب المقنع لـابن قدامة رحمه الله، والدليل مختصر من كتاب المنتهى، والفرق بين هذين المتنين أن متن الزاد أكثر مسائل من متن الدليل، وأما متن الدليل فهو أكثر تحريراً من متن الزاد، ولهذا في كثير من المسائل خالف صاحب الزاد المشهور من المذهب عند المتأخرين.
وعلى كل حال كما ذكرنا فهذه المتون من باب الوسائل وليست من باب المقاصد، والمقصود أن يتربى الطالب على هذا المتن ويعرف لغة العلماء رحمهم الله تعالى، ويكون سبباً من أسباب تفقهه ومعرفته بمراد الله ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم.
معنى البسملة
وشرح البسملة على سبيل اختصار الباء: حرف جر، واسم: اسم مجرور، والجار والمجرور لهما متعلق وهذا المتعلق يقدره العلماء رحمهم الله بفعل مؤخر مناسب للمقام، فإذا أردت أن تقرأ تقول: باسم الله، والتقدير: باسم الله أقرأ، وإذا أردت أن تكتب تقول: باسم الله، والتقدير: باسم الله أكتب، وإنما قدر العلماء رحمهم الله هذا المتعلق فعلاً؛ لأن الأصل في العمل هو الأفعال، وقدروه مؤخراً تبركاً بالبداءة باسم الله عز وجل، وقدروه مناسباً للمقام؛ لأنه دل على المراد، فإذا قلت باسم الله أي: باسم الله أقرأ، فهذا أدل على المراد من قولك: باسم الله، أي: أبتدئ، وإذا أردت أن تذبح تقول: باسم الله أذبح، هذا أدل على المراد من قولك: باسم الله، أي: أبتدئ.
والله أصلها الإله حذفت منها الهمزة وأدغمت اللام باللام فقيل: الله، والله هو أعرف المعارف، وهو علم على الباري سبحانه وتعالى، ويقال بأنه اسم الله الأعظم، وكما ذكرنا هو أعرف المعارف ولهذا بقية أسماء الله عز وجل تضاف إليه، ولا يضاف إلى شيء من أسماء الله، فنقول الرحمن من أسماء الله، لكن لا تقول الله من أسماء الرحمن، فالله أصله الإله حذفت الهمزة وأدغمت اللام في اللام فقيل الله، ومعناه: ذو الألوهية والربوبية على خلقه أجمعين.
الرحمن: اسم من أسماء الله الخاصة به، والرحمن ذو الرحمة الواسعة، وهو من أسماء الله الخاصة به، والرحيم أيضاً اسم من أسماء الله؛ لكنه ليس من الأسماء الخاصة، فالرحيم معناه: ذو الرحمة الواصلة، بمعنى الموصل رحمته إلى من يشاء من عباده.
معنى الحمدلة
أيضاً ابتدأ متنه بالحمدلة اقتداءً بكتاب الله عز وجل، فإن كتاب الله مبدوء بالحمدلة، واقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبدأ خطبه الراتبة والعارضة بالحمدلة، ولهذا ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى أنه لم يحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ابتدأ خطبة من خطبه بغير الحمدلة، سواءً كانت راتبة كخطبة الجمعة والعيدين، أو كانت عارضة كالخطب التي يخطبها النبي صلى الله عليه وسلم لسبب يطرأ.
وقوله: (الحمد لله) اختلف العلماء رحمهم الله في تفسير الحمدلة، فقيل بأنها الثناء بالصفات الحسنة، والأفعال الجميلة، وقيل بأنها فعل ينبئ عن تعظيم المنعم.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: الحمد: هو وصف المحمود بصفات الكمال محبة وتعظيماً، وفي الحديث: ( أن الله عز وجل يحب الحمد )، يعني يحب أن تصفه بصفات الكمال، فإذا قلت: الحمد لله فأنت تقول: يا الله! أنا أصفك بصفات الكمال حباً لك وتعظيماً لك.
والفرق بين الحمد والمدح -مع أنهما يشتركان في الحروف- أن الحمد لا يكون حمداً إلا مع المحبة والتعظيم، بخلاف المدح فقد تمدح شخصاً وأنت لا تحبه، وقد تمدحه أيضاً وأنت لا تعظمه.
وقوله: (الحمد لله) الألف واللام للاستغراق، أي: جميع المحامد، يعني: الحمد على وجه الإطلاق هذا خاص بالله عز وجل، فالله سبحانه وتعالى هو الذي يحمد على جميع أسمائه، ويحمد على جميع صفاته، ويحمد على جميع أفعاله، أما المخلوق فقد يحمد على هذا الفعل ولا يحمد على الفعل الآخر، وقد يحمد على هذه الصفة ولا يحمد على الصفة الأخرى.
وقوله: (لله) اللام للاختصاص، أي: أن الله سبحانه وتعالى مختص بالمحامد المطلقة.
قال رحمه الله: (حمداً لا ينفد).
حمداً: مفعول مطلق لبيان نوع الحمد.
قال رحمه الله: (أفضل ما ينبغي أن يحمد).
المؤلف رحمه الله وصف هذا الحمد بوصفين: الأول: أنه لا ينفد، أي: لا ينتهي، والثاني: أنه أفضل ما ينبغي أن يحمد به الله سبحانه وتعالى، والله سبحانه وتعالى إنما يحمد بصفات الكمال ونعوت الجلال.
والمؤلف رحمه الله تعالى افتتح كتابه بالبسملة: (بسم الله الرحمن الرحيم)، اقتداءً بكتاب الله عز وجل، فإن كتاب الله مبدوء بالبسملة، واقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ فإن النبي عليه الصلاة والسلام كان يبدأ كتبه بالبسملة.
وشرح البسملة على سبيل اختصار الباء: حرف جر، واسم: اسم مجرور، والجار والمجرور لهما متعلق وهذا المتعلق يقدره العلماء رحمهم الله بفعل مؤخر مناسب للمقام، فإذا أردت أن تقرأ تقول: باسم الله، والتقدير: باسم الله أقرأ، وإذا أردت أن تكتب تقول: باسم الله، والتقدير: باسم الله أكتب، وإنما قدر العلماء رحمهم الله هذا المتعلق فعلاً؛ لأن الأصل في العمل هو الأفعال، وقدروه مؤخراً تبركاً بالبداءة باسم الله عز وجل، وقدروه مناسباً للمقام؛ لأنه دل على المراد، فإذا قلت باسم الله أي: باسم الله أقرأ، فهذا أدل على المراد من قولك: باسم الله، أي: أبتدئ، وإذا أردت أن تذبح تقول: باسم الله أذبح، هذا أدل على المراد من قولك: باسم الله، أي: أبتدئ.
والله أصلها الإله حذفت منها الهمزة وأدغمت اللام باللام فقيل: الله، والله هو أعرف المعارف، وهو علم على الباري سبحانه وتعالى، ويقال بأنه اسم الله الأعظم، وكما ذكرنا هو أعرف المعارف ولهذا بقية أسماء الله عز وجل تضاف إليه، ولا يضاف إلى شيء من أسماء الله، فنقول الرحمن من أسماء الله، لكن لا تقول الله من أسماء الرحمن، فالله أصله الإله حذفت الهمزة وأدغمت اللام في اللام فقيل الله، ومعناه: ذو الألوهية والربوبية على خلقه أجمعين.
الرحمن: اسم من أسماء الله الخاصة به، والرحمن ذو الرحمة الواسعة، وهو من أسماء الله الخاصة به، والرحيم أيضاً اسم من أسماء الله؛ لكنه ليس من الأسماء الخاصة، فالرحيم معناه: ذو الرحمة الواصلة، بمعنى الموصل رحمته إلى من يشاء من عباده.
قال رحمه الله تعالى: (الحمد لله).
أيضاً ابتدأ متنه بالحمدلة اقتداءً بكتاب الله عز وجل، فإن كتاب الله مبدوء بالحمدلة، واقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبدأ خطبه الراتبة والعارضة بالحمدلة، ولهذا ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى أنه لم يحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ابتدأ خطبة من خطبه بغير الحمدلة، سواءً كانت راتبة كخطبة الجمعة والعيدين، أو كانت عارضة كالخطب التي يخطبها النبي صلى الله عليه وسلم لسبب يطرأ.
وقوله: (الحمد لله) اختلف العلماء رحمهم الله في تفسير الحمدلة، فقيل بأنها الثناء بالصفات الحسنة، والأفعال الجميلة، وقيل بأنها فعل ينبئ عن تعظيم المنعم.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: الحمد: هو وصف المحمود بصفات الكمال محبة وتعظيماً، وفي الحديث: ( أن الله عز وجل يحب الحمد )، يعني يحب أن تصفه بصفات الكمال، فإذا قلت: الحمد لله فأنت تقول: يا الله! أنا أصفك بصفات الكمال حباً لك وتعظيماً لك.
والفرق بين الحمد والمدح -مع أنهما يشتركان في الحروف- أن الحمد لا يكون حمداً إلا مع المحبة والتعظيم، بخلاف المدح فقد تمدح شخصاً وأنت لا تحبه، وقد تمدحه أيضاً وأنت لا تعظمه.
وقوله: (الحمد لله) الألف واللام للاستغراق، أي: جميع المحامد، يعني: الحمد على وجه الإطلاق هذا خاص بالله عز وجل، فالله سبحانه وتعالى هو الذي يحمد على جميع أسمائه، ويحمد على جميع صفاته، ويحمد على جميع أفعاله، أما المخلوق فقد يحمد على هذا الفعل ولا يحمد على الفعل الآخر، وقد يحمد على هذه الصفة ولا يحمد على الصفة الأخرى.
وقوله: (لله) اللام للاختصاص، أي: أن الله سبحانه وتعالى مختص بالمحامد المطلقة.
قال رحمه الله: (حمداً لا ينفد).
حمداً: مفعول مطلق لبيان نوع الحمد.
قال رحمه الله: (أفضل ما ينبغي أن يحمد).
المؤلف رحمه الله وصف هذا الحمد بوصفين: الأول: أنه لا ينفد، أي: لا ينتهي، والثاني: أنه أفضل ما ينبغي أن يحمد به الله سبحانه وتعالى، والله سبحانه وتعالى إنما يحمد بصفات الكمال ونعوت الجلال.
استمع المزيد من الشيخ الدكتور خالد بن علي المشيقح - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
شرح زاد المستقنع - كتاب الطهارة [17] | 2816 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب النكاح [13] | 2730 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب المناسك [5] | 2676 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [19] | 2643 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب البيع [26] | 2638 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [32] | 2556 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب الأيمان [2] | 2553 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب الحدود [7] | 2526 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب الإيلاء [1] | 2520 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [8] | 2497 استماع |