خطب ومحاضرات
شرح سنن أبي داود [133]
الحلقة مفرغة
شرح حديث أبي هريرة في فضل يوم الجمعة وليلتها
باب فضل يوم الجمعة وليلة الجمعة.
حدثنا القعنبي عن مالك عن يزيد بن عبد الله بن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة: فيه خلق آدم، وفيه أهبط، وفيه تيب عليه، وفيه مات، وفيه تقوم الساعة، وما من دابة إلا وهي مسيخة يوم الجمعة من حين تصبح حتى تطلع الشمس شفقاً من الساعة إلا الجن والإنس، وفيه ساعة لا يصادفها عبد مسلم وهو يصلي يسأل الله حاجة إلا أعطاه إياها. قال
أورد أبو داود رحمه الله عدة أبواب تتعلق بتفريع أبواب الجمعة، وقد أورد في الباب الأول ما يتعلق بفضل يوم الجمعة وليلة الجمعة.
يوم الجمعة هو خير أيام الأسبوع، وهو أفضل أيام الأسبوع، وهو يوم عيد أسبوعي للمسلمين، وقد جاء في صحيح البخاري عن أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه: أنه خطب الناس يوم عيد أضحى وكان يوم الجمعة فقال: إنه قد اجتمع لكم في يومكم هذا عيدان، يعني: عيد الأسبوع وعيد السنة، فأطلق العيد على الجمعة، ولهذا جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن صومه منفرداً، فقد دخل على جويرية أم المؤمنين وهي صائمة يوم الجمعة فقال لها: (أصمت أمس؟ قالت: لا، قال: أتصومين غداً؟ قالت: لا، قال: فأفطري).
وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث تدل على فضله منها حديث أبي هريرة رضي الله عنه: [ (خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة) ] أي: فهو خير أيام الأسبوع وأفضلها.
ثم ذكر جملة من الأمور التي حصلت فيه فقال: [ (فيه خلق آدم، وفيه أهبط، وفيه تيب عليه، وفيه مات، وفيه تقوم الساعة) ] فهذه خمسة أمور ذكرها، ولهذا كان عليه الصلاة والسلام كثيراً ما يقرأ في فجر الجمعة (آلم) السجدة وهَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ [الإنسان:1]؛ لأنهما مشتملتان على البعث والنشور وعلى نهاية الدنيا، فيكون في ذلك تذكير للناس بالأمور التي تحصل في ذلك اليوم.
ولا يقال: إن الساعة ستقوم في يوم آخر، فمنذ ثلاثين سنة أو نحوها جاءت الأخبار في الإذاعات والصحف عن امرأة رأت رؤيا أن الساعة ستقوم يوم الأحد، وخاف الناس في أماكن متعددة من ذلك، ولكن من يعرف الحكم الشرعي، ويعرف هدي الرسول صلى الله عليه وسلم يعرف أن هذا لا حقيقة له ولا أصل؛ لأن الساعة لا تقوم إلا يوم الجمعة.
قوله: [ (وما من دابة إلا وهي مسيخة يوم الجمعة من حين تصبح حتى تطلع الشمس شفقاً من الساعة) ].
أي: مصغية تخشى أن تقوم الساعة، فقد ألهمها الله عز وجل ذلك، ولا يحصل ذلك للجن والإنس؛ لأنهم مكلفون وشاء الله عز وجل أن يحصل للبهائم ما لا يحصل لهم، ولهذا جاء في بعض الأحاديث: أن عذاب القبر تسمعه البهائم؛ حتى تظهر حكمة التشريع وحكمة الإيمان بالغيب؛ لأنه لو ظهر الغيب للناس علانية لم يتميز أولياء الله من أعدائه الله، ومن يؤمن بالغيب ومن لا يؤمن به.
ثم هذا الحديث يدلنا على أن الساعة تقوم من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس؛ لأنه قال: [ (من حين تصبح إلى أن تطلع الشمس) ].
قوله: [ (وفيه ساعة لا يصادفها عبد مسلم وهو يصلي يسأل الله حاجة إلا أعطاه إياها) ].
أي: أن من فضائل يوم الجمعة وخصائصه: أن فيه ساعة للإجابة لا يوافقها عبد يسأل الله شيئاً إلا أعطاه الله حاجته.
قوله: [ (قال
أي: هذه الساعة تكون في كل أسبوع لا أنها مرة في السنة.
فنظر كعب في التوراة فوجد أنها تكون في كل جمعة، وأن ذلك مثلما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: [ (صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم) ].
وقد يقال: كيف يكون هذا الأمر من كعب ، حيث أنه لم يقل: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بعد الرجوع إلى التوراة؟
والجواب: أنه فهم من الحديث أنه يوم في السنة، فراجعه أبو هريرة ، فراجع التوراة فوجدها مطابقة لفهم أبي هريرة ، فقال: [ (صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم) ].
قوله: [ (قال
ثم إن أبا هريرة رضي الله عنه لقي عبد الله بن سلام رضي الله عنه، وكان من اليهود ثم مَنَّ الله عليه بالإسلام وحسن إسلامه رضي الله عنه وأرضاه، فأخبره أبو هريرة بالذي جرى بينه وبين كعب فقال: [ (قد علمت أية ساعة هي؟) ] أي: إني أعرف وقتها، ثم ذكرها أنها آخر ساعة من يوم الجمعة.
فعندما قال عبد الله بن سلام لـأبي هريرة : [ (هي آخر ساعة من يوم الجمعة) ] قال: كيف تكون آخر ساعة يوم الجمعة والرسول صلى الله عليه وسلم قال: لا يوافقها عبد يصلي يسأل الله، وهذا ليس وقتاً للصلاة؟ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس)، فكيف يصلي الإنسان ذلك الوقت؟ فقال: [ (ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم: من جلس مجلساً ينتظر الصلاة فهو في صلاة) ] ومعناه: أن الذي ينتظر الصلاة هو مصل حكماً وإن لم يكن يصلي فعلاً.
تراجم رجال إسناد حديث أبي هريرة في فضل يوم الجمعة وليلتها
هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
[ عن مالك ].
هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة الإمام المشهور أحد أصحاب المذاهب الأربعة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن يزيد بن عبد الله بن الهاد ].
يزيد بن عبد الله بن الهاد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن محمد بن إبراهيم ].
هو محمد بن إبراهيم التيمي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي سلمة ].
هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ، وهو ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي هريرة ].
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق عن النبي صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عن أبي هريرة وعن الصحابة أجمعين.
شرح حديث (إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة...)
أورد أبو داود رحمه الله حديث أوس بن أوس رضي الله تعالى عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (إن من خير أيامكم يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه قبض، وفيه النفخة، وفيه الصعقة؛ فأكثروا علي من الصلاة فيه؛ فإن صلاتكم معروضة علي، قالوا: وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت؟ قال: إن الله حرم على الأرض أن أجساد الأنبياء).
هذا الحديث يدل على فضل يوم الجمعة، وأنه من خير الأيام، وقد مر في الحديث السابق أنه خير يوم طلعت عليه الشمس، فهو خير أيام الأسبوع، وهو عيد أسبوعي للمسلمين، كما ذكر أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه حينما خطب الناس يوم عيد الأضحى وكان يوم جمعة، فقال: إنه قد اجتمع لكم في يومكم هذا عيدان، يريد بذلك عيد السنة وعيد الأسبوع، فأطلق على يوم الجمعة أنه عيد، فهو عيد للمسلمين.
قوله: [ (فيه خلق آدم، وفيه قبض) ] يعني: فيه خلق وفيه مات، فبداية حياته ونهاية حياته كانت في يوم الجمعة.
قوله: [ (وفيه النفخة وفيه الصعقة) ].
الصعقة هي التي يموت بها من كان حياً في نهاية الدنيا؛ لأن من سبق له الموت فقد مات، ومن كان موجوداً على قيد الحياة عند قيام الساعة فإنه يموت بتلك الصعقة.
والنفخة: هي التي تكون بالصور، ويكون بعدها خروج الناس من قبورهم وانتقالهم من الحياة البرزخية إلى الحياة الأخروية، والحياة البرزخية هي تابعة للآخرة؛ لأن الحياة حياتان: دنيا وآخرة، والدنيا نهايتها الموت، والآخرة بدايتها الموت، ومن مات فقد قامت قيامته.
قوله: [ (فأكثروا من الصلاة علي فيه؛ فإن صلاتكم معروضة علي) ] أرشد عليه الصلاة والسلام المسلمين إلى أن يكثروا من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك اليوم وليلته؛ وذلك لأن النبي الكريم عليه الصلاة والسلام من حقه على أمته أن يكثروا من الصلاة عليه ويسلموا تسليماً كما أمرهم الله عز وجل بذلك في كتابه العزيز، وقد أخبر الله عن نفسه وملائكته أنهم يصلون على النبي، وأمر المؤمنين بأن يصلوا ويسلموا عليه فقال: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56]، فالصلاة عليه من حقه على أمته عليه الصلاة والسلام، فقد أخرجهم الله به من الظلمات إلى النور، وهداهم به إلى الصراط المستقيم صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
وصلاة الله على نبيه أحسن ما قيل في معناها: ثناؤه عليه عند الملائكة، وتعظيمه في الملأ الأعلى، فكون المسلم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم فهو يسأل الله أن يثني عليه عند الملائكة، وأن يعظمه في الملأ الأعلى، وأن يرفع من قدره، ويعلي من شأنه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
قوله: [ (فإن صلاتكم معروضة علي) ]، هذا يدلنا على أن الصلاة تعرض على النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن هذا لا يكون مختصاً بيوم الجمعة فقد جاء في الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن لله ملائكة سياحين تبلغني عن أمتي السلام)، وقال عليه الصلاة والسلام: (لا تجعلوا بيوتكم قبوراً، ولا تتخذوا قبري عيداً، وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم) أي: بواسطة الملائكة، ولكن نص على هذا اليوم لخصوصيته، فلا ينافي ذلك ما جاء في الأحاديث الأخرى من أن الصلاة تعرض عليه في كل وقت وحين كما جاء ذلك في الأحاديث التي أشرت إليها.
وفي الحديث أنهم قالوا: (وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت؟ يقولون: بليت)، وكانوا يعلمون أن الأرض تأكل الأجساد، ولا يعلمون استثناء شيء من ذلك، والله عز وجل في كتابه العزيز يقول: قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الأَرْضُ مِنْهُمْ [ق:4] يعني: ما تأكل الأرض منها، وما يختلط بالتراب من أجسادهم، فأخبرهم النبي عليه الصلاة والسلام أن الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء، وأنهم باقون في قبورهم على الهيئة التي وضعوا عليها لا تأكلهم الأرض، بل أجسادهم باقية، وهم أحياء في قبورهم حياة برزخية أكمل من حياة الشهداء التي قال الله عز وجل فيها: وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ [آل عمران:169]، فأخبر عن الشهداء بأنهم أحياء، ورسل الله الكرام هم أكمل حياة من الشهداء، والحياة البرزخية لا يختص بها الأنبياء ولا الشهداء، بل هي ثابتة لكل من يموت، فكل من يموت في نعيم أو عذاب، فيصل إلى جسده وروحه من النعيم أو العذاب ما يستحقه، وحتى لو أن الأرض أكلت لحوم البشر من غير الأنبياء فإن العذاب يصل إلى من يستحقه، والنعيم يصل إلى من يستحقه، ولا تلازم بين كون الأرض تأكله وبين كونه لا يصل إليه النعيم أو العذاب؛ لأن حياة البرزخ من أمور الغيب التي لا يعلمها إلا الله عز وجل، ولهذا لو فتح الناس القبور ما رأوا جنة ولا ناراً، والجنة أو النار موجودة، قال عليه الصلاة والسلام: (يفتح للمؤمن باباً إلى الجنة فيأتيه من روحها ونعيمها)، وذكر أنه يفتح للكافر باباً إلى النار فيأتيه من سمومها وحرها، ولو فتح الناس القبور ما وجدوا نعيماً ولا عذاباً، ولكن المؤمن يؤمن بالغيب وإن لم يشاهده ويعانيه، ويعتقد أن كل ما أخبر الله تعالى به حق، وكل ما أخبر به رسوله صلى الله عليه وسلم حق، والنبي عليه الصلاة والسلام قال في الحديث الصحيح: (لولا ألا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر ما أسمع)، فقد أطلع الله نبيه على ما يجري في القبور من العذاب، فكان يسمع مما يحصل في القبور من العذاب، وغيره من الناس لا يسمعون، والله على كل شيء قدير، فقد حجب هذه الأصوات التي تكون في القبور عن أن تصل إلى الجن والإنس، وشاء أن تصل إلى سمع نبيه محمد عليه الصلاة والسلام، بل الحيوانات والدواب تسمع ما يجري في القبور من العذاب؛ لأنها غير مكلفة، ولما كان الجن والإنس مكلفين أخفى الله تعالى عليهم ذلك؛ حتى يتميز من يؤمن بالغيب ومن لا يؤمن؛ لأنه لو كان الغيب علانية وشهادة ما تميز من يؤمن بالغيب ممن لا يؤمن به.
فهذا الحديث دليل على أن الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء، وأنهم أحياء في قبورهم حياة برزخية تختلف عن حياة الدنيا، وتختلف عن الحياة الآخرة بعد البعث والنشور، فلا يقال: إن حياتهم في قبورهم كحياتهم في الدنيا، بل حياتهم في البرزخ تختلف عن حياتهم في الدنيا، وتختلف عن حياتهم بعد البعث والنشور، والمؤمن يصدق بكل ما جاء عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم، ويؤمن بكل ما أخبر به الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
أما الشهداء لم يأتي دليل على أن الله حرم على الأرض أن تأكل أجسادهم، لكن جاء أن بعض الشهداء نبش قبره بعد مدة لأمر اقتضى ذلك فوجدوه كما كان، وهو عبد الله بن حرام والد جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما، فقد استشهد يوم أحد، ثم قرب السيل من قبره حتى كاد أن يجترفه، فنبش ونقلوه من مكانه حتى لا يجترفه، فوجدوه كما كان، لكن هذا لا يدل على أنه يبقى على هذه الهيئة إلى يوم البعث والنشور؛ لأن هذا مما لم تأت فيه سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما جاء في حق الأنبياء، فالأنبياء جاء في حقهم هذا الحديث، والشهداء جاءت في حقهم تلك الآية، والحياة البرزخية تكون للشهداء ولسائر الناس، لكن الشهداء يكونون أكمل؛ لأن الله نص عليه في حق الشهداء، وقد جاء في الحديث: (إن أرواح الشهداء في أجواف طير خضر تعلق من شجر الجنة)، وجاء في حق المؤمنين عموماً حديث: (نسمة المؤمن طائر يعلق في الجنة) يعني: على شكل طائر يعلق في الجنة، والحياة البرزخية ثابتة للجميع، ولكن نجزم بأن الأرض لا تأكل أحداً بعينه إلا الأنبياء، أما غيرهم فما جاء دليل يدل على أن الأرض لا تأكل أجسادهم.
تراجم رجال إسناد حديث: (إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة...)
هو هارون بن عبد الله الحمال البغدادي وهو ثقة أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[ حدثنا حسين بن علي ].
هو حسين بن علي الجعفي وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
جابر الجعفي ، قال عنه عون في المعبود: ليس له عند أبي داود ولا عند النسائي إلا هذا الحديث، والحديث لم أجده في سنن النسائي الصغرى، فلا أدري هل هو في الكبرى أم لا؟ والحافظ ابن حجر لم يذكره من رجاله، والنسائي قد قال فيه: متروك، والنسائي رحمه الله عليه قال عن شخص: متروك وروى له، ذكر ذلك الذهبي في الميزان في ترجمة عبد الرحمن بن يزيد بن تميم ، قال الذهبي : وهذا عجيب! أن يقول: متروك ثم يروي عنه، وهذه إحدى الفوائد التي ذكرتها في الفوائد المنتقاة من فتح الباري وكتب أخرى ورقمها (421).
[ عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ].
عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي الأشعث الصنعاني ].
أبو الأشعث هو شراحيل بن آده وهو ثقة أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن أوس بن أوس ].
أوس بن أوس رضي الله عنه صحابي أخرج حديث أصحاب السنن.
والترجمة هي: باب فضل يوم الجمعة وليلة الجمعة، والحديثان ليس فيهما تعرض لذكر الليل، ولا أدري هل جاء في بعض روايات الحديث يوم الجمعة وليلة الجمعة؟ وأظن ورود هذا، وأحياناً قد يذكر اليوم وتكون الليلة تبعاً له.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب تفريع أبواب الجمعة:
باب فضل يوم الجمعة وليلة الجمعة.
حدثنا القعنبي عن مالك عن يزيد بن عبد الله بن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة: فيه خلق آدم، وفيه أهبط، وفيه تيب عليه، وفيه مات، وفيه تقوم الساعة، وما من دابة إلا وهي مسيخة يوم الجمعة من حين تصبح حتى تطلع الشمس شفقاً من الساعة إلا الجن والإنس، وفيه ساعة لا يصادفها عبد مسلم وهو يصلي يسأل الله حاجة إلا أعطاه إياها. قال
أورد أبو داود رحمه الله عدة أبواب تتعلق بتفريع أبواب الجمعة، وقد أورد في الباب الأول ما يتعلق بفضل يوم الجمعة وليلة الجمعة.
يوم الجمعة هو خير أيام الأسبوع، وهو أفضل أيام الأسبوع، وهو يوم عيد أسبوعي للمسلمين، وقد جاء في صحيح البخاري عن أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه: أنه خطب الناس يوم عيد أضحى وكان يوم الجمعة فقال: إنه قد اجتمع لكم في يومكم هذا عيدان، يعني: عيد الأسبوع وعيد السنة، فأطلق العيد على الجمعة، ولهذا جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن صومه منفرداً، فقد دخل على جويرية أم المؤمنين وهي صائمة يوم الجمعة فقال لها: (أصمت أمس؟ قالت: لا، قال: أتصومين غداً؟ قالت: لا، قال: فأفطري).
وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث تدل على فضله منها حديث أبي هريرة رضي الله عنه: [ (خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة) ] أي: فهو خير أيام الأسبوع وأفضلها.
ثم ذكر جملة من الأمور التي حصلت فيه فقال: [ (فيه خلق آدم، وفيه أهبط، وفيه تيب عليه، وفيه مات، وفيه تقوم الساعة) ] فهذه خمسة أمور ذكرها، ولهذا كان عليه الصلاة والسلام كثيراً ما يقرأ في فجر الجمعة (آلم) السجدة وهَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ [الإنسان:1]؛ لأنهما مشتملتان على البعث والنشور وعلى نهاية الدنيا، فيكون في ذلك تذكير للناس بالأمور التي تحصل في ذلك اليوم.
ولا يقال: إن الساعة ستقوم في يوم آخر، فمنذ ثلاثين سنة أو نحوها جاءت الأخبار في الإذاعات والصحف عن امرأة رأت رؤيا أن الساعة ستقوم يوم الأحد، وخاف الناس في أماكن متعددة من ذلك، ولكن من يعرف الحكم الشرعي، ويعرف هدي الرسول صلى الله عليه وسلم يعرف أن هذا لا حقيقة له ولا أصل؛ لأن الساعة لا تقوم إلا يوم الجمعة.
قوله: [ (وما من دابة إلا وهي مسيخة يوم الجمعة من حين تصبح حتى تطلع الشمس شفقاً من الساعة) ].
أي: مصغية تخشى أن تقوم الساعة، فقد ألهمها الله عز وجل ذلك، ولا يحصل ذلك للجن والإنس؛ لأنهم مكلفون وشاء الله عز وجل أن يحصل للبهائم ما لا يحصل لهم، ولهذا جاء في بعض الأحاديث: أن عذاب القبر تسمعه البهائم؛ حتى تظهر حكمة التشريع وحكمة الإيمان بالغيب؛ لأنه لو ظهر الغيب للناس علانية لم يتميز أولياء الله من أعدائه الله، ومن يؤمن بالغيب ومن لا يؤمن به.
ثم هذا الحديث يدلنا على أن الساعة تقوم من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس؛ لأنه قال: [ (من حين تصبح إلى أن تطلع الشمس) ].
قوله: [ (وفيه ساعة لا يصادفها عبد مسلم وهو يصلي يسأل الله حاجة إلا أعطاه إياها) ].
أي: أن من فضائل يوم الجمعة وخصائصه: أن فيه ساعة للإجابة لا يوافقها عبد يسأل الله شيئاً إلا أعطاه الله حاجته.
قوله: [ (قال
أي: هذه الساعة تكون في كل أسبوع لا أنها مرة في السنة.
فنظر كعب في التوراة فوجد أنها تكون في كل جمعة، وأن ذلك مثلما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: [ (صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم) ].
وقد يقال: كيف يكون هذا الأمر من كعب ، حيث أنه لم يقل: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بعد الرجوع إلى التوراة؟
والجواب: أنه فهم من الحديث أنه يوم في السنة، فراجعه أبو هريرة ، فراجع التوراة فوجدها مطابقة لفهم أبي هريرة ، فقال: [ (صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم) ].
قوله: [ (قال
ثم إن أبا هريرة رضي الله عنه لقي عبد الله بن سلام رضي الله عنه، وكان من اليهود ثم مَنَّ الله عليه بالإسلام وحسن إسلامه رضي الله عنه وأرضاه، فأخبره أبو هريرة بالذي جرى بينه وبين كعب فقال: [ (قد علمت أية ساعة هي؟) ] أي: إني أعرف وقتها، ثم ذكرها أنها آخر ساعة من يوم الجمعة.
فعندما قال عبد الله بن سلام لـأبي هريرة : [ (هي آخر ساعة من يوم الجمعة) ] قال: كيف تكون آخر ساعة يوم الجمعة والرسول صلى الله عليه وسلم قال: لا يوافقها عبد يصلي يسأل الله، وهذا ليس وقتاً للصلاة؟ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس)، فكيف يصلي الإنسان ذلك الوقت؟ فقال: [ (ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم: من جلس مجلساً ينتظر الصلاة فهو في صلاة) ] ومعناه: أن الذي ينتظر الصلاة هو مصل حكماً وإن لم يكن يصلي فعلاً.
قوله: [ حدثنا القعنبي ].
هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
[ عن مالك ].
هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة الإمام المشهور أحد أصحاب المذاهب الأربعة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن يزيد بن عبد الله بن الهاد ].
يزيد بن عبد الله بن الهاد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن محمد بن إبراهيم ].
هو محمد بن إبراهيم التيمي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي سلمة ].
هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ، وهو ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي هريرة ].
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق عن النبي صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عن أبي هريرة وعن الصحابة أجمعين.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا هارون بن عبد الله حدثنا حسين بن علي عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن أبي الأشعث الصنعاني عن أوس بن أوس أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه قبض، وفيه النفخة، وفيه الصعقة؛ فأكثروا علي من الصلاة فيه؛ فإن صلاتكم معروضة علي، قال: قالوا: يا رسول الله! وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت؟ يقولون: بليت، فقال: إن الله عز وجل حرم على الأرض أجساد الأنبياء) ].
أورد أبو داود رحمه الله حديث أوس بن أوس رضي الله تعالى عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (إن من خير أيامكم يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه قبض، وفيه النفخة، وفيه الصعقة؛ فأكثروا علي من الصلاة فيه؛ فإن صلاتكم معروضة علي، قالوا: وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت؟ قال: إن الله حرم على الأرض أن أجساد الأنبياء).
هذا الحديث يدل على فضل يوم الجمعة، وأنه من خير الأيام، وقد مر في الحديث السابق أنه خير يوم طلعت عليه الشمس، فهو خير أيام الأسبوع، وهو عيد أسبوعي للمسلمين، كما ذكر أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه حينما خطب الناس يوم عيد الأضحى وكان يوم جمعة، فقال: إنه قد اجتمع لكم في يومكم هذا عيدان، يريد بذلك عيد السنة وعيد الأسبوع، فأطلق على يوم الجمعة أنه عيد، فهو عيد للمسلمين.
قوله: [ (فيه خلق آدم، وفيه قبض) ] يعني: فيه خلق وفيه مات، فبداية حياته ونهاية حياته كانت في يوم الجمعة.
قوله: [ (وفيه النفخة وفيه الصعقة) ].
الصعقة هي التي يموت بها من كان حياً في نهاية الدنيا؛ لأن من سبق له الموت فقد مات، ومن كان موجوداً على قيد الحياة عند قيام الساعة فإنه يموت بتلك الصعقة.
والنفخة: هي التي تكون بالصور، ويكون بعدها خروج الناس من قبورهم وانتقالهم من الحياة البرزخية إلى الحياة الأخروية، والحياة البرزخية هي تابعة للآخرة؛ لأن الحياة حياتان: دنيا وآخرة، والدنيا نهايتها الموت، والآخرة بدايتها الموت، ومن مات فقد قامت قيامته.
قوله: [ (فأكثروا من الصلاة علي فيه؛ فإن صلاتكم معروضة علي) ] أرشد عليه الصلاة والسلام المسلمين إلى أن يكثروا من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك اليوم وليلته؛ وذلك لأن النبي الكريم عليه الصلاة والسلام من حقه على أمته أن يكثروا من الصلاة عليه ويسلموا تسليماً كما أمرهم الله عز وجل بذلك في كتابه العزيز، وقد أخبر الله عن نفسه وملائكته أنهم يصلون على النبي، وأمر المؤمنين بأن يصلوا ويسلموا عليه فقال: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56]، فالصلاة عليه من حقه على أمته عليه الصلاة والسلام، فقد أخرجهم الله به من الظلمات إلى النور، وهداهم به إلى الصراط المستقيم صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
وصلاة الله على نبيه أحسن ما قيل في معناها: ثناؤه عليه عند الملائكة، وتعظيمه في الملأ الأعلى، فكون المسلم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم فهو يسأل الله أن يثني عليه عند الملائكة، وأن يعظمه في الملأ الأعلى، وأن يرفع من قدره، ويعلي من شأنه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
قوله: [ (فإن صلاتكم معروضة علي) ]، هذا يدلنا على أن الصلاة تعرض على النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن هذا لا يكون مختصاً بيوم الجمعة فقد جاء في الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن لله ملائكة سياحين تبلغني عن أمتي السلام)، وقال عليه الصلاة والسلام: (لا تجعلوا بيوتكم قبوراً، ولا تتخذوا قبري عيداً، وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم) أي: بواسطة الملائكة، ولكن نص على هذا اليوم لخصوصيته، فلا ينافي ذلك ما جاء في الأحاديث الأخرى من أن الصلاة تعرض عليه في كل وقت وحين كما جاء ذلك في الأحاديث التي أشرت إليها.
وفي الحديث أنهم قالوا: (وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت؟ يقولون: بليت)، وكانوا يعلمون أن الأرض تأكل الأجساد، ولا يعلمون استثناء شيء من ذلك، والله عز وجل في كتابه العزيز يقول: قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الأَرْضُ مِنْهُمْ [ق:4] يعني: ما تأكل الأرض منها، وما يختلط بالتراب من أجسادهم، فأخبرهم النبي عليه الصلاة والسلام أن الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء، وأنهم باقون في قبورهم على الهيئة التي وضعوا عليها لا تأكلهم الأرض، بل أجسادهم باقية، وهم أحياء في قبورهم حياة برزخية أكمل من حياة الشهداء التي قال الله عز وجل فيها: وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ [آل عمران:169]، فأخبر عن الشهداء بأنهم أحياء، ورسل الله الكرام هم أكمل حياة من الشهداء، والحياة البرزخية لا يختص بها الأنبياء ولا الشهداء، بل هي ثابتة لكل من يموت، فكل من يموت في نعيم أو عذاب، فيصل إلى جسده وروحه من النعيم أو العذاب ما يستحقه، وحتى لو أن الأرض أكلت لحوم البشر من غير الأنبياء فإن العذاب يصل إلى من يستحقه، والنعيم يصل إلى من يستحقه، ولا تلازم بين كون الأرض تأكله وبين كونه لا يصل إليه النعيم أو العذاب؛ لأن حياة البرزخ من أمور الغيب التي لا يعلمها إلا الله عز وجل، ولهذا لو فتح الناس القبور ما رأوا جنة ولا ناراً، والجنة أو النار موجودة، قال عليه الصلاة والسلام: (يفتح للمؤمن باباً إلى الجنة فيأتيه من روحها ونعيمها)، وذكر أنه يفتح للكافر باباً إلى النار فيأتيه من سمومها وحرها، ولو فتح الناس القبور ما وجدوا نعيماً ولا عذاباً، ولكن المؤمن يؤمن بالغيب وإن لم يشاهده ويعانيه، ويعتقد أن كل ما أخبر الله تعالى به حق، وكل ما أخبر به رسوله صلى الله عليه وسلم حق، والنبي عليه الصلاة والسلام قال في الحديث الصحيح: (لولا ألا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر ما أسمع)، فقد أطلع الله نبيه على ما يجري في القبور من العذاب، فكان يسمع مما يحصل في القبور من العذاب، وغيره من الناس لا يسمعون، والله على كل شيء قدير، فقد حجب هذه الأصوات التي تكون في القبور عن أن تصل إلى الجن والإنس، وشاء أن تصل إلى سمع نبيه محمد عليه الصلاة والسلام، بل الحيوانات والدواب تسمع ما يجري في القبور من العذاب؛ لأنها غير مكلفة، ولما كان الجن والإنس مكلفين أخفى الله تعالى عليهم ذلك؛ حتى يتميز من يؤمن بالغيب ومن لا يؤمن؛ لأنه لو كان الغيب علانية وشهادة ما تميز من يؤمن بالغيب ممن لا يؤمن به.
فهذا الحديث دليل على أن الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء، وأنهم أحياء في قبورهم حياة برزخية تختلف عن حياة الدنيا، وتختلف عن الحياة الآخرة بعد البعث والنشور، فلا يقال: إن حياتهم في قبورهم كحياتهم في الدنيا، بل حياتهم في البرزخ تختلف عن حياتهم في الدنيا، وتختلف عن حياتهم بعد البعث والنشور، والمؤمن يصدق بكل ما جاء عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم، ويؤمن بكل ما أخبر به الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
أما الشهداء لم يأتي دليل على أن الله حرم على الأرض أن تأكل أجسادهم، لكن جاء أن بعض الشهداء نبش قبره بعد مدة لأمر اقتضى ذلك فوجدوه كما كان، وهو عبد الله بن حرام والد جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما، فقد استشهد يوم أحد، ثم قرب السيل من قبره حتى كاد أن يجترفه، فنبش ونقلوه من مكانه حتى لا يجترفه، فوجدوه كما كان، لكن هذا لا يدل على أنه يبقى على هذه الهيئة إلى يوم البعث والنشور؛ لأن هذا مما لم تأت فيه سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما جاء في حق الأنبياء، فالأنبياء جاء في حقهم هذا الحديث، والشهداء جاءت في حقهم تلك الآية، والحياة البرزخية تكون للشهداء ولسائر الناس، لكن الشهداء يكونون أكمل؛ لأن الله نص عليه في حق الشهداء، وقد جاء في الحديث: (إن أرواح الشهداء في أجواف طير خضر تعلق من شجر الجنة)، وجاء في حق المؤمنين عموماً حديث: (نسمة المؤمن طائر يعلق في الجنة) يعني: على شكل طائر يعلق في الجنة، والحياة البرزخية ثابتة للجميع، ولكن نجزم بأن الأرض لا تأكل أحداً بعينه إلا الأنبياء، أما غيرهم فما جاء دليل يدل على أن الأرض لا تأكل أجسادهم.
استمع المزيد من الشيخ عبد المحسن العباد - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
شرح سنن أبي داود [139] | 2890 استماع |
شرح سنن أبي داود [462] | 2842 استماع |
شرح سنن أبي داود [106] | 2835 استماع |
شرح سنن أبي داود [032] | 2731 استماع |
شرح سنن أبي داود [482] | 2702 استماع |
شرح سنن أبي داود [529] | 2693 استماع |
شرح سنن أبي داود [555] | 2686 استماع |
شرح سنن أبي داود [177] | 2679 استماع |
شرح سنن أبي داود [097] | 2654 استماع |
شرح سنن أبي داود [273] | 2650 استماع |