كتاب الصلاة [21]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله، نحمده ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد وسلم تسليماً كثيراً، وبعد:

أقوال العلماء في تحمل الإمام القراءة عن المأموم

قال المصنف رحمه الله: [ الفصل السادس فيما حمله الإمام عن المأمومين.

واتفقوا على أنه لا يحمل الإمام عن المأموم شيئاً من فرائض الصلاة ما عدا القراءة، فإنهم اختلفوا في ذلك على ثلاثة أقوال:

أحدها: أن المأموم يقرأ مع الإمام فيما أسر فيه، ولا يقرأ معه فيما جهر به ]، وهذا قول الإمام مالك .

[ والثاني: أنه لا يقرأ معه أصلاً ] يعني: لا في جهر ولا في سر، وهذا قول الإمام أبي حنيفة كما سيأتي.

[ والثالث: أنه يقرأ فيما أسر أم الكتاب، وغيرها، وفيما جهر أم الكتاب فقط ]، وهذا مذهب الإمام الشافعي .

[ وبعضهم فرق في الجهر بين أن يسمع قراءة الإمام أو لا يسمع، فأوجب عليه القراءة إذا لم يسمع، ونهاه عنها إذا سمع ] - وهذا قول الإمام أحمد [ وبالأول قال مالك إلا أنه يستحسن له القراءة فيما أسر فيه الإمام ] يعني: يستحسنها استحساناً فقط.

قال: [ وبالثاني ] أي: لا يقرأ أصلاً [ قال أبو حنيفة وبالثالث ] وهو أنه يقرأ سراً الفاتحة وسورة، وجهراً الفاتحة فقط [ قال الشافعي ، والتفرقة بين أن يسمع أو لا يسمع هو قول الإمام أحمد بن حنبل ].

سبب اختلاف العلماء في القراءة خلف الإمام

قال المصنف رحمه الله: [ والسبب في اختلافهم: اختلاف الأحاديث في هذا الباب وبناء بعضها على بعض، وذلك أن في ذلك أربعة أحاديث:

أحدها: قوله صلى الله عليه وسلم: ( لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب ) ]، فهذا حديث عام يوجب الفاتحة في جميع الصلوات، سواء كان إماماً أو منفرداً أو مأموماً.

قال: [ وما ورد من الأحاديث في هذا المعنى مما قد ذكرناه في باب وجوب القراءة ].

وهذا الحديث ينفي القراءة خلف الإمام وسيأتي في حديث عبادة بن الصامت ما يجمع بين الحديثين، وهو حديث صحيح.

قال: [ والثاني ما رواه مالك عن أبي هريرة ] وقد أخرجه أبو داود وحسنه الترمذي و صححه أحمد شاكر [ ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف من صلاة جهر فيها بالقراءة فقال: هل قرأ معي منكم أحد آنفاً؟ فقال رجل: نعم، أنا يا رسول الله! فقال رسول الله: إني أقول: ما لي أنازع القرآن! فانتهى الناس عن القراءة فيما جهر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ]، وهذا الحديث فيه عموم على أنهم انتهوا عن القراءة فيما جهر به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلوات، والأول فيه عموم أنهم يقرءون في جميع الصلوات، فتعارض حديثان عامان، وإذا تعارض عمومان فلا بد من مرجح أو من مخصص لهما، فهذا عام وهذا عام.

قال: [ والثالث: حديث عبادة بن الصامت ] وهذا الحديث هو الذي سيجمع بين الحديثين السابقين [ قال: ( صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الغداة، فثقلت عليه القراءة، فلما انصرف قال: إني لأراكم تقرءون وراء الإمام! قلنا: نعم، قال: فلا تفعلوا إلا بأم القرآن ) ]، فهذا الحديث يجمع بين الحديث الأول والثاني، فيكون المعنى: فانتهى الناس عن القراءة خلف الإمام إلا بفاتحة الكتاب فقط.

وهذا الحديث: حديث عبادة بن الصامت قد ضعفه المحدث الألباني في ضعيف أبي داود ، وقال: أن فيه اضطراباً. وقد أخرجه الترمذي وقال: حديث حسن، وكذا قال البغوي و الدارقطني و النووي في المجموع، فهؤلاء حسنوه، وقال أحمد شاكر عنه: صحيح لا علة فيه.

قلت: الحديث ضعيف وله علل ثلاث، وقد ضعفه المحدث الألباني ، إلا أنه قد أقر في صفة الصلاة بتحسين الترمذي و الدارقطني له.

قال: قال أبو عمر : [ وحديث عبادة بن الصامت هنا من رواية مكحول وغيره، متصل السند صحيح.

الحديث الرابع: حديث جابر ]، وقد أخرجه ابن ماجه وحسنه ناصر الدين في الإرواء، [ قال: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من كان له إمام فقراءته له قراءة ) ]، وهذا حديث مطلق يشمل الفاتحة وغير الفاتحة، إلا أننا نحمله على غير الفاتحة.

قال: [ وفي هذا أيضاً حديث خامس صححه أحمد بن حنبل ، وهو ما روي أنه قال عليه الصلاة والسلام: ( إذا قرأ الإمام فأنصتوا ) ]، بل هذا حديث صحيح، ولكن قوله: (أنصتوا) هل يشمل الفاتحة وغيرها أم غير الفاتحة، فحديث عبادة بن الصامت يحكم على الأحاديث جميعها فيكون معنى قوله: (أنصتوا) أي: في غير الفاتحة.

أوجه جمع العلماء بين أحاديث الباب

قال المصنف رحمه الله: [ فاختلف الناس في وجه جمع هذه الأحاديث، فمن الناس من استثنى من النهي عن القراءة فيما جهر فيه الإمام قراءة أم القرآن فقط، على حديث عبادة بن الصامت ومنهم من استثنى من عموم قوله عليه الصلاة والسلام: ( لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب )، المأموم فقط في صلاة الجهر ]، فهؤلاء قالوا: حديث: ( لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب )، عام يستثنى منه المأموم في الجهرية، والفريق الأول استثنى من حديث: (فانتهى الناس عن القراءة)، استثنى منه قراءة الفاتحة، فيكون (فانتهى الناس من القراءة إلا قراءة الفاتحة)، والقول الثاني استثني من حديث: ( لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب )، المأموم فقالوا: لا يقرأ فاتحة الكتاب في الصلاة الجهرية.

قال: [ لمكان النهي الوارد عن القراءة فيما جهر فيه الإمام في حديث أبي هريرة ، وأكد ذلك بظاهر قوله تعالى: وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الأعراف:204]، قالوا: وهذا إنما ورد في الصلاة.

ومنهم من استثنى القراءة الواجبة على المصلي للمأموم فقط سراً كانت الصلاة أو جهراً ] -سواء كانت سراً أو جهراً فإنه لا يقرأ بعد الإمام [ وجعل الوجوب الوارد في القراءة في حق الإمام والمنفرد فقط ] أما المأموم فلا يقرأ، لا في سرية ولا في جهرية [ مصيراً إلى حديث جابر ، وهو مذهب أبي حنيفة ، فصار عنده حديث جابر مخصصاً لقوله صلى الله عليه وسلم: ( واقرأ ما تيسر معك فقط ) يعني: اقرأ ما تيسر من القرآن إذا كنت منفرداً أو إماماً، أما إذا كنت مأموماً فلا تقرأ شيئاً [ لأنه لا يرى وجوب قراءة أم القرآن في الصلاة، وإنما يرى وجوب القراءة مطلقاً على ما تقدم ]، أي: أنه لا يوجب قراءة أم القرآن بل يوجب مطلق القراءة.

[ وحديث جابر لم يروه مرفوعاً إلا جابر الجعفي ]، فهذا حديث ضعيف؛ لأنه من رواية جابر الجعفي و جابر الجعفي ضعيف وقد مر معنا أن الإمام الألباني قد حسن هذا الحديث.

قال: [ ولا حجة في شيء مما ينفرد به. قال أبو عمر : وهو حديث لا يصح إلا مرفوعاً عن جابر ]، يعني: كأنه موقوف.

فالحاصل: أن حديث عبادة بن الصامت : ( لا تفعلوا إلا بأم القرآن ) حديث حسنه الترمذي وأقره شيخنا في صفة الصلاة، وحسنه البغوي و الدارقطني و النووي ، وصححه أحمد شاكر ، وهو يبين أن المأموم يقرأ بأم القرآن بعد الإمام حال الجهرية، ولا يقرأ غيرها، فيجب المصير إليه -يعني: لحديث عبادة - ويحمل ما عداه من الأحاديث المطلقة على أن الأمر بالإنصات، وانتهاء الناس عن القراءة أن المراد به ما عدا أم القرآن، وبذلك يجمع بين الأحاديث، ويلتئم شملها ولا يكون بينها أي تعارض.

إذاً المأموم يقرأ في الجهرية بأم القرآن ولا يقرأ غيرها، ويقرأ في السرية بأم القرآن وغيرها، كما قال الإمام الشافعي . وهذا هو الراجح.

قال المصنف رحمه الله: [ الفصل السادس فيما حمله الإمام عن المأمومين.

واتفقوا على أنه لا يحمل الإمام عن المأموم شيئاً من فرائض الصلاة ما عدا القراءة، فإنهم اختلفوا في ذلك على ثلاثة أقوال:

أحدها: أن المأموم يقرأ مع الإمام فيما أسر فيه، ولا يقرأ معه فيما جهر به ]، وهذا قول الإمام مالك .

[ والثاني: أنه لا يقرأ معه أصلاً ] يعني: لا في جهر ولا في سر، وهذا قول الإمام أبي حنيفة كما سيأتي.

[ والثالث: أنه يقرأ فيما أسر أم الكتاب، وغيرها، وفيما جهر أم الكتاب فقط ]، وهذا مذهب الإمام الشافعي .

[ وبعضهم فرق في الجهر بين أن يسمع قراءة الإمام أو لا يسمع، فأوجب عليه القراءة إذا لم يسمع، ونهاه عنها إذا سمع ] - وهذا قول الإمام أحمد [ وبالأول قال مالك إلا أنه يستحسن له القراءة فيما أسر فيه الإمام ] يعني: يستحسنها استحساناً فقط.

قال: [ وبالثاني ] أي: لا يقرأ أصلاً [ قال أبو حنيفة وبالثالث ] وهو أنه يقرأ سراً الفاتحة وسورة، وجهراً الفاتحة فقط [ قال الشافعي ، والتفرقة بين أن يسمع أو لا يسمع هو قول الإمام أحمد بن حنبل ].

قال المصنف رحمه الله: [ والسبب في اختلافهم: اختلاف الأحاديث في هذا الباب وبناء بعضها على بعض، وذلك أن في ذلك أربعة أحاديث:

أحدها: قوله صلى الله عليه وسلم: ( لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب ) ]، فهذا حديث عام يوجب الفاتحة في جميع الصلوات، سواء كان إماماً أو منفرداً أو مأموماً.

قال: [ وما ورد من الأحاديث في هذا المعنى مما قد ذكرناه في باب وجوب القراءة ].

وهذا الحديث ينفي القراءة خلف الإمام وسيأتي في حديث عبادة بن الصامت ما يجمع بين الحديثين، وهو حديث صحيح.

قال: [ والثاني ما رواه مالك عن أبي هريرة ] وقد أخرجه أبو داود وحسنه الترمذي و صححه أحمد شاكر [ ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف من صلاة جهر فيها بالقراءة فقال: هل قرأ معي منكم أحد آنفاً؟ فقال رجل: نعم، أنا يا رسول الله! فقال رسول الله: إني أقول: ما لي أنازع القرآن! فانتهى الناس عن القراءة فيما جهر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ]، وهذا الحديث فيه عموم على أنهم انتهوا عن القراءة فيما جهر به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلوات، والأول فيه عموم أنهم يقرءون في جميع الصلوات، فتعارض حديثان عامان، وإذا تعارض عمومان فلا بد من مرجح أو من مخصص لهما، فهذا عام وهذا عام.

قال: [ والثالث: حديث عبادة بن الصامت ] وهذا الحديث هو الذي سيجمع بين الحديثين السابقين [ قال: ( صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الغداة، فثقلت عليه القراءة، فلما انصرف قال: إني لأراكم تقرءون وراء الإمام! قلنا: نعم، قال: فلا تفعلوا إلا بأم القرآن ) ]، فهذا الحديث يجمع بين الحديث الأول والثاني، فيكون المعنى: فانتهى الناس عن القراءة خلف الإمام إلا بفاتحة الكتاب فقط.

وهذا الحديث: حديث عبادة بن الصامت قد ضعفه المحدث الألباني في ضعيف أبي داود ، وقال: أن فيه اضطراباً. وقد أخرجه الترمذي وقال: حديث حسن، وكذا قال البغوي و الدارقطني و النووي في المجموع، فهؤلاء حسنوه، وقال أحمد شاكر عنه: صحيح لا علة فيه.

قلت: الحديث ضعيف وله علل ثلاث، وقد ضعفه المحدث الألباني ، إلا أنه قد أقر في صفة الصلاة بتحسين الترمذي و الدارقطني له.

قال: قال أبو عمر : [ وحديث عبادة بن الصامت هنا من رواية مكحول وغيره، متصل السند صحيح.

الحديث الرابع: حديث جابر ]، وقد أخرجه ابن ماجه وحسنه ناصر الدين في الإرواء، [ قال: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من كان له إمام فقراءته له قراءة ) ]، وهذا حديث مطلق يشمل الفاتحة وغير الفاتحة، إلا أننا نحمله على غير الفاتحة.

قال: [ وفي هذا أيضاً حديث خامس صححه أحمد بن حنبل ، وهو ما روي أنه قال عليه الصلاة والسلام: ( إذا قرأ الإمام فأنصتوا ) ]، بل هذا حديث صحيح، ولكن قوله: (أنصتوا) هل يشمل الفاتحة وغيرها أم غير الفاتحة، فحديث عبادة بن الصامت يحكم على الأحاديث جميعها فيكون معنى قوله: (أنصتوا) أي: في غير الفاتحة.

قال المصنف رحمه الله: [ فاختلف الناس في وجه جمع هذه الأحاديث، فمن الناس من استثنى من النهي عن القراءة فيما جهر فيه الإمام قراءة أم القرآن فقط، على حديث عبادة بن الصامت ومنهم من استثنى من عموم قوله عليه الصلاة والسلام: ( لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب )، المأموم فقط في صلاة الجهر ]، فهؤلاء قالوا: حديث: ( لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب )، عام يستثنى منه المأموم في الجهرية، والفريق الأول استثنى من حديث: (فانتهى الناس عن القراءة)، استثنى منه قراءة الفاتحة، فيكون (فانتهى الناس من القراءة إلا قراءة الفاتحة)، والقول الثاني استثني من حديث: ( لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب )، المأموم فقالوا: لا يقرأ فاتحة الكتاب في الصلاة الجهرية.

قال: [ لمكان النهي الوارد عن القراءة فيما جهر فيه الإمام في حديث أبي هريرة ، وأكد ذلك بظاهر قوله تعالى: وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الأعراف:204]، قالوا: وهذا إنما ورد في الصلاة.

ومنهم من استثنى القراءة الواجبة على المصلي للمأموم فقط سراً كانت الصلاة أو جهراً ] -سواء كانت سراً أو جهراً فإنه لا يقرأ بعد الإمام [ وجعل الوجوب الوارد في القراءة في حق الإمام والمنفرد فقط ] أما المأموم فلا يقرأ، لا في سرية ولا في جهرية [ مصيراً إلى حديث جابر ، وهو مذهب أبي حنيفة ، فصار عنده حديث جابر مخصصاً لقوله صلى الله عليه وسلم: ( واقرأ ما تيسر معك فقط ) يعني: اقرأ ما تيسر من القرآن إذا كنت منفرداً أو إماماً، أما إذا كنت مأموماً فلا تقرأ شيئاً [ لأنه لا يرى وجوب قراءة أم القرآن في الصلاة، وإنما يرى وجوب القراءة مطلقاً على ما تقدم ]، أي: أنه لا يوجب قراءة أم القرآن بل يوجب مطلق القراءة.

[ وحديث جابر لم يروه مرفوعاً إلا جابر الجعفي ]، فهذا حديث ضعيف؛ لأنه من رواية جابر الجعفي و جابر الجعفي ضعيف وقد مر معنا أن الإمام الألباني قد حسن هذا الحديث.

قال: [ ولا حجة في شيء مما ينفرد به. قال أبو عمر : وهو حديث لا يصح إلا مرفوعاً عن جابر ]، يعني: كأنه موقوف.

فالحاصل: أن حديث عبادة بن الصامت : ( لا تفعلوا إلا بأم القرآن ) حديث حسنه الترمذي وأقره شيخنا في صفة الصلاة، وحسنه البغوي و الدارقطني و النووي ، وصححه أحمد شاكر ، وهو يبين أن المأموم يقرأ بأم القرآن بعد الإمام حال الجهرية، ولا يقرأ غيرها، فيجب المصير إليه -يعني: لحديث عبادة - ويحمل ما عداه من الأحاديث المطلقة على أن الأمر بالإنصات، وانتهاء الناس عن القراءة أن المراد به ما عدا أم القرآن، وبذلك يجمع بين الأحاديث، ويلتئم شملها ولا يكون بينها أي تعارض.

إذاً المأموم يقرأ في الجهرية بأم القرآن ولا يقرأ غيرها، ويقرأ في السرية بأم القرآن وغيرها، كما قال الإمام الشافعي . وهذا هو الراجح.

قال المصنف رحمه الله: [ الفصل السابع: في الأشياء التي إذا فسدت لها صلاة الإمام يتعدى الفساد إلى المأمومين ]. بمعنى: إذا فسدت صلاة الإمام هل تفسد معها صلاة المأمومين أم لا؟

إحداث الإمام أثناء الصلاة

[ واتفقوا على أنه إذا طرأ عليه الحدث في الصلاة فقطع، أن صلاة المأمومين ليست تفسد ]، يعني: إذا أحدث الإمام في الصلاة فخرج من الصلاة فلهم أن ينصبوا لهم إماماً غيره فيتقدم، ويكمل بهم الصلاة وصلاتهم صحيحة.

صلاة المأمومين إذا صلى بهم الإمام وهو جنب

قال المصنف رحمه الله: [ واختلفوا إذا صلى بهم وهو جنب ] وهم لا يعلمون أنه جنب [ وعلموا بذلك بعد الصلاة ] أي: أنه كان جنباً [ فقال قوم: صلاتهم صحيحة، وقال قوم: صلاتهم فاسدة، وفرق قوم بين أن يكون الإمام عالماً بجنابته أو ناسياً لها، فقال: إن كان عالماً فسدت صلاتهم، وإن كان ناسياً لم تفسد صلاتهم، وبالأول ] وهو كونها صحيحة [ قال الشافعي ، وبالثاني ] وهو كونها فاسدة مطلقاً [ قال أبو حنيفة ، وبالثالث ] وهو التفريق [ قال مالك ].

سبب الاختلاف في تعدي بطلان صلاة الإمام إلى المأموم

قال المصنف رحمه الله: [ وسبب اختلافهم: هل صحة انعقاد صلاة المأموم مرتبطة بصحة صلاة الإمام أم ليست مرتبطة؟ فمن لم يراها مرتبطة قال: صلاتهم جائزة ] كـالشافعي [ ومن رآها مرتبطة ] كـأبي حنيفة [ قال: صلاتهم فاسدة، ومن فرق بين السهو والعمد قصد إلى ظاهر الأثر المتقدم، وهو أنه صلى الله عليه وسلم كبر في صلاة من الصلوات، ثم أشار إليهم أن امكثوا، فذهب، ثم رجع وعلى جسمه أثر الماء ]، فهذا يدل على أنهم بقوا في الصلاة، ولم يبطلوها، وهو صلى الله عليه وسلم كان ناسياً لأمر الجنابة، [ فإن ظاهر هذا أنهم بنوا على صلاتهم، و الشافعي يرى أنه لو كانت الصلاة مرتبطة للزم أن يبدءوا بالصلاة مرة ثانية ].

الراجح في تعدي بطلان صلاة الإمام إلى المأموم

والراجح هنا هو ما ذهب إليه الإمام الشافعي ونحن رجحناه بالدليل، ولا نرجح بـالشافعي ولا بالحنفي، ولا نتعصب لأحد أبداً.

وقد توالت معنا هنا مسألتان رجعنا فيها لـلشافعي، فلا يظن أننا نتعصب للإمام الشافعي ، فنحن وإن كنا ندرس مذهب الشافعي فإنا نرجح بالدليل، وكثيراً ما نرجح بمذهب غير مذهب الشافعي .

فالراجح في هذه المسألة ما ذهب إليه الشافعي؛ وذلك لحديث الباب، ولما رواه البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( يصلون لكم، فإن أصابوا فلكم ولهم، وإن أخطأوا فلكم وعليهم ).

ومعنى الحديث: فإن أخطأوا فلكم صحة الصلاة، وعليهم هم بطلان صلاتهم، أي: أن صلاتكم صحيحة.


استمع المزيد من الشيخ محمد يوسف حربة - عنوان الحلقة اسٌتمع
كتاب الزكاة [9] 2957 استماع
كتاب الزكاة [1] 2913 استماع
كتاب الطهارة [15] 2906 استماع
كتاب الطهارة [3] 2619 استماع
كتاب الصلاة [33] 2567 استماع
كتاب الصلاة [29] 2416 استماع
كتاب الطهارة [6] 2397 استماع
كتاب أحكام الميت [3] 2389 استماع
كتاب الطهارة [2] 2365 استماع
كتاب الصلاة [1] 2328 استماع