كتاب الطهارة [25]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله، نحمده ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد وسلم تسليماً كثيراً، وبعد:

أقوال العلماء في حكم الصفرة والكدرة في الحيض

قال المصنف رحمه الله: [ المسألة الخامسة ]: الصفرة والكدرة يعني: حكم الصفرة والكدرة وهل تلحق بالحيض أول لا تلحق؟

[ اختلف الفقهاء في الصفرة والكدرة هل هي حيض أم لا؟ فرأت جماعة أنها حيض في أيام الحيض، وبه قال الشافعي و أبو حنيفة , و أحمد ، وروي مثل ذلك عن الإمام مالك ] إذاً الأئمة الثلاثة ورواية عن مالك .

[ وفي المدونة عنه: أن الصفرة والكدرة حيض في أيام الحيض وفي غير أيام الحيض، رأت ذلك مع الدم أو لم تره ]، هذا قول ثاني لـمالك : أن الصفرة والكدرة حيض مطلقاً.

[ وقال داود و أبو يوسف : إن الصفرة والكدرة لا تكون حيضة إلا بأثر الدم .. ] هنا عبارة: (في أيام الحيض) وعبارة: (وفي أثر الدم)، كأنه فيهما اختلاف بشيء يسير، (في أيام الحيض) لمن كانت لها عادة ففي العادة تكون من الحيض، وإذا خرجت عن العادة فليست من الحيض، وقوله: (في أثر الدم) لا ينظر إلى العادة حتى ولو كانت خرجت منها -خرجت عن العادة- وهذا الفرق بينها.

فمن قال بأثر الدم فلا ينظر إلى العادة، ومن قال في أيام الحيض ينظر إلى العادة، فإذا كانت العادة سبعة أيام فالكدرة في داخل السبعة الأيام حيض، ومن قال في أثر الدم فإذا انتهى في السبع وفي الثامن رأت صفرة أو كدرة فإنها تكون حيضاً؛ لأنها في أثر الدم وهي خرجت عن زمن الحيض المعتاد.

فحاصل أن الأقوال ثلاثة: إما في زمن الحيض أي: العادة، أو مطلقاً، أو في أثر الدم.

سبب الاختلاف في مسألة الكدرة والصفرة في الحيض

قال المصنف رحمه الله: [ والسبب في اختلافهم: مخالفة ظاهر حديث أم عطية لحديث عائشة ] حديث عائشة يعتبر موقوفاً عليها، وأما حديث أم عطية [ وذلك أنه: روي عن أم عطية أنها قالت: كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الغسل شيئاً ]، وحديث أم عطية رواه البخاري ، وحديث عائشة علقه البخاري في صحيحه.

فقولها: (لا نعد الكدرة بعد الغسل شيئاً)، يعني: بعد زمن العادة فهذا فرق وهو أنه بعد زمن العادة. وهذه الرواية رواية أبي داود ، وهي عنده بلفظ: الطهر، يعني: بعد الغسل ليست رواية البخاري ، ورواية البخاري : ( كنا لا نعد الكدرة والصفرة شيء ) ولم يقل: في زمن الطهر ولا شيء، لكن في أبي داود : ( لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئاً )، فتكون رواية أبي داود مقيدة لرواية البخاري ، وهذا القيد صحيح.

هذا ذكره الحافظ في الفتح، الجزء الأول، صفحة خمسمائة وثماني، يعني: القيد بعد الطهر.

[ وروي عن عائشة أن النساء كن يبعثن إليها بالدرجة، فيها الكرسف فيه الصفرة والكدرة من دم الحيض يسألنها عن الصلاة ]، يعني هل يغتسلن أو لا؟ فتقول: [ لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء ].

فمن رجح حديث عائشة جعل الصفرة والكدرة حيضاً، سواء ظهرت في أيام الحيض أو في غير أيامه، مع الدم أو بلا دم، فإن حكم الشيء الواحد في نفسه ليس يختلف ]، هذا كلام صاحب الكتاب فهم من كلام عائشة. أنها تعمل بالكدرة مطلقاً، ولكن سياق كلامها وواقع القصة أن ذلك في أيام الحيض، لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء، يعني حتى ترين الطهر، وهذا في حق من تعتاد القصة البيضاء أو العادة أو الجفاف.

إذاً بتمعن النظر نرى أنه ليس هناك مخالفة بين حديث عائشة وحديث أم عطية .

والقصة ماء أبيض يدفعه الرحم عند انقطاع الحيض، وبعضه يكون كالخيط فبعد انقطاع الحيض يدفع الرحم ماء أبيض.

والقطنة والكرسف معروفة، يعني تأخذ قطنة وتبعثها في علبة صغيرة، يجعل فيها الطيب، كانوا يضعون القطنة بعد أن تضعها المرأة في فرجها وترجع تضعها في هذه العلبة الصغيرة وتذهب بها وتوصلها إلى عائشة .

وأما الصفرة والكدرة: فشيء يخرج من الفرج إثر انقطاع الدم، يفرز الفرج ماءً أصفر أو أحمر أو أكدر، كدورة يفرزها الفرج.. [ ومن رام الجمع بين الحديثين قال: إن حديث أم عطية هو بعد انقطاع الدم، وحديث عائشة في أثر انقطاعه ]، وهذا الجمع هو الصحيح.

[ أو إن حديث عائشة في أيام الحيض وحديث أم عطية في غير أيام الحيض ]، يعني: بعد الطهر.

[ وقد ذهب قوم إلى ظاهر حديث أم عطية ولم يروا الصفرة والكدرة شيئاً، لا في أيام الحيض ولا في غيرها، ولا بإثر الدم ولا بعد انقطاعه؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( دم الحيض أسود يعرف )؛ ولأن الصفرة والكدرة ليست بدم وإنما هي من سائر الرطوبات التي ترخيها الرحم، وهو مذهب أبي محمد بن حزم ].

إذاً معنا أربعة أقوال:

القول الأول: أن الصفرة والكدرة حيض في زمن الحيض، وفي غيره ليست بحيض.

القول الثاني: أنها حيض في إثر الحيض وهو قول داود .

القول الثالث: أنها حيض مطلقاً وهو قول مالك في المدونة.

القول الرابع: أنها حيض في إثر الدم سواءً كانت في العدة أو خرجت من العدة.

الراجح في مسألة الصفرة والكدرة في الحيض

والراجح التفصيل في ذلك، وهو: أن الصفرة والكدرة في أيام الحيض وفي إثر انقطاعه - أخذت بالقولين - تعد حيضاً، وأنها في غير أيام الحيض وبعد تيقن انقطاع الدم وظهور القصة البيضاء لا تعد حيضاً، وهذا هو الذي يجمع به بين الخبرين على أحسن وجه.

بل ظاهر سياق الخبرين يقتضي هذا، يعني سياق الخبرين يقتضي هذا التفصيل؛ ولأن الصفرة والكدرة في غير أيام الحيض تعتبر من الرطوبات التي يرخيها الرحم، يعني يدفعها الرحم.

أما في أيام الحيض وإثر انقطاعه فإنها من بقايا ما يفرزه الرحم من دم الحيض. وهذا هو الذي رجحناه.

قال المصنف رحمه الله: [ المسألة الخامسة ]: الصفرة والكدرة يعني: حكم الصفرة والكدرة وهل تلحق بالحيض أول لا تلحق؟

[ اختلف الفقهاء في الصفرة والكدرة هل هي حيض أم لا؟ فرأت جماعة أنها حيض في أيام الحيض، وبه قال الشافعي و أبو حنيفة , و أحمد ، وروي مثل ذلك عن الإمام مالك ] إذاً الأئمة الثلاثة ورواية عن مالك .

[ وفي المدونة عنه: أن الصفرة والكدرة حيض في أيام الحيض وفي غير أيام الحيض، رأت ذلك مع الدم أو لم تره ]، هذا قول ثاني لـمالك : أن الصفرة والكدرة حيض مطلقاً.

[ وقال داود و أبو يوسف : إن الصفرة والكدرة لا تكون حيضة إلا بأثر الدم .. ] هنا عبارة: (في أيام الحيض) وعبارة: (وفي أثر الدم)، كأنه فيهما اختلاف بشيء يسير، (في أيام الحيض) لمن كانت لها عادة ففي العادة تكون من الحيض، وإذا خرجت عن العادة فليست من الحيض، وقوله: (في أثر الدم) لا ينظر إلى العادة حتى ولو كانت خرجت منها -خرجت عن العادة- وهذا الفرق بينها.

فمن قال بأثر الدم فلا ينظر إلى العادة، ومن قال في أيام الحيض ينظر إلى العادة، فإذا كانت العادة سبعة أيام فالكدرة في داخل السبعة الأيام حيض، ومن قال في أثر الدم فإذا انتهى في السبع وفي الثامن رأت صفرة أو كدرة فإنها تكون حيضاً؛ لأنها في أثر الدم وهي خرجت عن زمن الحيض المعتاد.

فحاصل أن الأقوال ثلاثة: إما في زمن الحيض أي: العادة، أو مطلقاً، أو في أثر الدم.

قال المصنف رحمه الله: [ والسبب في اختلافهم: مخالفة ظاهر حديث أم عطية لحديث عائشة ] حديث عائشة يعتبر موقوفاً عليها، وأما حديث أم عطية [ وذلك أنه: روي عن أم عطية أنها قالت: كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الغسل شيئاً ]، وحديث أم عطية رواه البخاري ، وحديث عائشة علقه البخاري في صحيحه.

فقولها: (لا نعد الكدرة بعد الغسل شيئاً)، يعني: بعد زمن العادة فهذا فرق وهو أنه بعد زمن العادة. وهذه الرواية رواية أبي داود ، وهي عنده بلفظ: الطهر، يعني: بعد الغسل ليست رواية البخاري ، ورواية البخاري : ( كنا لا نعد الكدرة والصفرة شيء ) ولم يقل: في زمن الطهر ولا شيء، لكن في أبي داود : ( لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئاً )، فتكون رواية أبي داود مقيدة لرواية البخاري ، وهذا القيد صحيح.

هذا ذكره الحافظ في الفتح، الجزء الأول، صفحة خمسمائة وثماني، يعني: القيد بعد الطهر.

[ وروي عن عائشة أن النساء كن يبعثن إليها بالدرجة، فيها الكرسف فيه الصفرة والكدرة من دم الحيض يسألنها عن الصلاة ]، يعني هل يغتسلن أو لا؟ فتقول: [ لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء ].

فمن رجح حديث عائشة جعل الصفرة والكدرة حيضاً، سواء ظهرت في أيام الحيض أو في غير أيامه، مع الدم أو بلا دم، فإن حكم الشيء الواحد في نفسه ليس يختلف ]، هذا كلام صاحب الكتاب فهم من كلام عائشة. أنها تعمل بالكدرة مطلقاً، ولكن سياق كلامها وواقع القصة أن ذلك في أيام الحيض، لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء، يعني حتى ترين الطهر، وهذا في حق من تعتاد القصة البيضاء أو العادة أو الجفاف.

إذاً بتمعن النظر نرى أنه ليس هناك مخالفة بين حديث عائشة وحديث أم عطية .

والقصة ماء أبيض يدفعه الرحم عند انقطاع الحيض، وبعضه يكون كالخيط فبعد انقطاع الحيض يدفع الرحم ماء أبيض.

والقطنة والكرسف معروفة، يعني تأخذ قطنة وتبعثها في علبة صغيرة، يجعل فيها الطيب، كانوا يضعون القطنة بعد أن تضعها المرأة في فرجها وترجع تضعها في هذه العلبة الصغيرة وتذهب بها وتوصلها إلى عائشة .

وأما الصفرة والكدرة: فشيء يخرج من الفرج إثر انقطاع الدم، يفرز الفرج ماءً أصفر أو أحمر أو أكدر، كدورة يفرزها الفرج.. [ ومن رام الجمع بين الحديثين قال: إن حديث أم عطية هو بعد انقطاع الدم، وحديث عائشة في أثر انقطاعه ]، وهذا الجمع هو الصحيح.

[ أو إن حديث عائشة في أيام الحيض وحديث أم عطية في غير أيام الحيض ]، يعني: بعد الطهر.

[ وقد ذهب قوم إلى ظاهر حديث أم عطية ولم يروا الصفرة والكدرة شيئاً، لا في أيام الحيض ولا في غيرها، ولا بإثر الدم ولا بعد انقطاعه؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( دم الحيض أسود يعرف )؛ ولأن الصفرة والكدرة ليست بدم وإنما هي من سائر الرطوبات التي ترخيها الرحم، وهو مذهب أبي محمد بن حزم ].

إذاً معنا أربعة أقوال:

القول الأول: أن الصفرة والكدرة حيض في زمن الحيض، وفي غيره ليست بحيض.

القول الثاني: أنها حيض في إثر الحيض وهو قول داود .

القول الثالث: أنها حيض مطلقاً وهو قول مالك في المدونة.

القول الرابع: أنها حيض في إثر الدم سواءً كانت في العدة أو خرجت من العدة.


استمع المزيد من الشيخ محمد يوسف حربة - عنوان الحلقة اسٌتمع
كتاب الزكاة [9] 2957 استماع
كتاب الزكاة [1] 2913 استماع
كتاب الطهارة [15] 2906 استماع
كتاب الطهارة [3] 2619 استماع
كتاب الصلاة [33] 2567 استماع
كتاب الصلاة [29] 2416 استماع
كتاب الطهارة [6] 2397 استماع
كتاب أحكام الميت [3] 2389 استماع
كتاب الطهارة [2] 2365 استماع
كتاب الصلاة [1] 2328 استماع