سورة الأحزاب - الآية [49]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:

فأسأل الله سبحانه أن يجعلنا من المقبولين.

ومع النداء الثاني والستين في الآية التاسعة والأربعين من سورة الأحزاب، قول ربنا تبارك وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمْ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً [الأحزاب:49].

قرأ حمزة و الكسائي : (ثم طلقتموهن من قبل أن تماسوهن).

معاني مفردات الآية

هذه الآية المباركة تتناول حكماً من أحكام الطلاق في شريعة الإسلام، يقول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمْ [الأحزاب:49]، (نكحتم) في الآية هنا بمعنى: عقدتم، بدليل قوله سبحانه: ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ [الأحزاب:49]، وأصل النكاح إذا أطلق في القرآن فإنما يراد به العقد، ولم يرد به الوطء إلا في قوله تعالى: فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ [البقرة:230]، (تنكح) هنا مراد به مجموع العقد والوطء معاً.

ودائماً لفظ (النكاح) في القرآن يكنى به عن الوطء مثلما يكنى بالغشيان فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً [الأعراف:189]، ويكنى بالمسيس: أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ [آل عمران:47]، ويكنى كذلك بالملامسة والقربان والإتيان.

قوله: الْمُؤْمِنَاتِ ))، ليس المراد تخصيص المؤمنات بالحكم، سواء نكحتم مؤمنات أو نكحتم كتابيات، لكن كأن الآية -والله أعلم- تشير إلى أنه حري بالمؤمن إذا أراد أن يتزوج أن يختار المؤمنة وأن يجتنب الفاسقة فضلاً عن الكافرة.

قوله تعالى: ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ [الأحزاب:49]، الطلاق هو: حل عقدة الزوجية.

قوله تعالى: مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ [الأحزاب:49]، كنى بالمسيس هنا عن الوطء، أي: من قبل أن تدخلوا بهن.

قول الله عز وجل: فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا [الأحزاب:49]، أي: فما لكم عليهن عدة، وجيء بـ(من) لإفادة العموم، والعدة هي المدة التي تتربص فيها الزوجة بعد طلاقها أو وفاة زوجهـا؛ فإذا انقضت تلك المدة حل لها أن تتزوج رجلاً آخر غير زوجها السابق.

والعدد في الكتاب والسنة خمسة:

عدة الحامل، ثم عدة المطلقة، ثم عدة المطلقة التي لا تحيض لكبر أو صغر، ثم عدة المرأة غير الحامل إذا توفي عنها زوجها، قال الله عز وجل: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً [البقرة:234]، ثم عدة الأمة إذا طلقت فإنها تعتد بحيضة واحدة كما ثبتت بذلك السنة.

قول الله عز وجل: فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا [الأحزاب:49]، أي: تتكلفون عدها وإحصاءها، من قولهم: عددت الدراهم، أي: أحصيتها.

قول الله عز وجل: فَمَتِّعُوهُنَّ [الأحزاب:49]، والآن سمعنا في الآيات التي تليت قول الله عز وجل: وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ [البقرة:241]، وقبلها قال: وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُحْسِنِينَ [البقرة:236]، وفي سورة الأحزاب أيضاً: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً [الأحزاب:28].

أيها الإخوة الكرام! المتعة عطية يقدمها الزوج للمرأة إذا طلقها لجبر كسرها ومداواة جرحها، تقديراً للعشرة التي كانت بينهما، مثلما أنه حين تزوجها قدم لها مهراً ومتاعاً، فكذلك إذا طلقها فالإسلام يأمر الزوج بأن يقدم لها هذه المتعة.

قول الله عز وجل: وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً [الأحزاب:49]، يعني: يا أيها الزوج! إذا أردت أن تطلق فليكن طلاقك بالمعروف، لا يصحبه نشر أسرار، ولا كشف عيوب، ولا حديث عن النقائص، وإنما كما تزوجت زواجاً جميلاً فسرح سراحاً جميلاً.

المعنى الإجمالي للآية

في هذه الآية المباركة يخاطب ربنا جل جلاله عباده المؤمنين، مبيناً لهم حكماً لا بد أن يحيطوا به، وهو أن الواحد منهم إذا تزوج امرأة ثم طلقها قبل أن يدخل بها فلا ينبغي أن يكلفها بأن تعتد ولا أن يأمرها بذلك، فليس عليها عدة.

ومطلوب منكم أيها المسلمون إذا طلقتم أمران:

الأمر الأول: أن تدفعوا المتعة طيبة بها نفوسكم، وهذه المتعة لم تقدرها الشريعة وإنما حسب الطاقة: عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعاً بِالْمَعْرُوفِ [البقرة:236]، قد يكون هذا المتاع ثياباً، قد يكون أثاثاً، قد يكون مالاً، قد يكون ذهباً، قد يكون غير ذلك، قال الله عز وجل: فَمَتِّعُوهُنَّ [الأحزاب:49].

الأمر الثاني: وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً [الأحزاب:49]، من غير تعريضهن لأذى، من غير تبشيع بهن وإظهار لعيوبهن، بل لا تمنعوهن حقوقهن، سرحوهن سراحاً جميلاً.

هذه الآية المباركة تتناول حكماً من أحكام الطلاق في شريعة الإسلام، يقول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمْ [الأحزاب:49]، (نكحتم) في الآية هنا بمعنى: عقدتم، بدليل قوله سبحانه: ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ [الأحزاب:49]، وأصل النكاح إذا أطلق في القرآن فإنما يراد به العقد، ولم يرد به الوطء إلا في قوله تعالى: فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ [البقرة:230]، (تنكح) هنا مراد به مجموع العقد والوطء معاً.

ودائماً لفظ (النكاح) في القرآن يكنى به عن الوطء مثلما يكنى بالغشيان فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً [الأعراف:189]، ويكنى بالمسيس: أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ [آل عمران:47]، ويكنى كذلك بالملامسة والقربان والإتيان.

قوله: الْمُؤْمِنَاتِ ))، ليس المراد تخصيص المؤمنات بالحكم، سواء نكحتم مؤمنات أو نكحتم كتابيات، لكن كأن الآية -والله أعلم- تشير إلى أنه حري بالمؤمن إذا أراد أن يتزوج أن يختار المؤمنة وأن يجتنب الفاسقة فضلاً عن الكافرة.

قوله تعالى: ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ [الأحزاب:49]، الطلاق هو: حل عقدة الزوجية.

قوله تعالى: مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ [الأحزاب:49]، كنى بالمسيس هنا عن الوطء، أي: من قبل أن تدخلوا بهن.

قول الله عز وجل: فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا [الأحزاب:49]، أي: فما لكم عليهن عدة، وجيء بـ(من) لإفادة العموم، والعدة هي المدة التي تتربص فيها الزوجة بعد طلاقها أو وفاة زوجهـا؛ فإذا انقضت تلك المدة حل لها أن تتزوج رجلاً آخر غير زوجها السابق.

والعدد في الكتاب والسنة خمسة:

عدة الحامل، ثم عدة المطلقة، ثم عدة المطلقة التي لا تحيض لكبر أو صغر، ثم عدة المرأة غير الحامل إذا توفي عنها زوجها، قال الله عز وجل: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً [البقرة:234]، ثم عدة الأمة إذا طلقت فإنها تعتد بحيضة واحدة كما ثبتت بذلك السنة.

قول الله عز وجل: فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا [الأحزاب:49]، أي: تتكلفون عدها وإحصاءها، من قولهم: عددت الدراهم، أي: أحصيتها.

قول الله عز وجل: فَمَتِّعُوهُنَّ [الأحزاب:49]، والآن سمعنا في الآيات التي تليت قول الله عز وجل: وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ [البقرة:241]، وقبلها قال: وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُحْسِنِينَ [البقرة:236]، وفي سورة الأحزاب أيضاً: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً [الأحزاب:28].

أيها الإخوة الكرام! المتعة عطية يقدمها الزوج للمرأة إذا طلقها لجبر كسرها ومداواة جرحها، تقديراً للعشرة التي كانت بينهما، مثلما أنه حين تزوجها قدم لها مهراً ومتاعاً، فكذلك إذا طلقها فالإسلام يأمر الزوج بأن يقدم لها هذه المتعة.

قول الله عز وجل: وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً [الأحزاب:49]، يعني: يا أيها الزوج! إذا أردت أن تطلق فليكن طلاقك بالمعروف، لا يصحبه نشر أسرار، ولا كشف عيوب، ولا حديث عن النقائص، وإنما كما تزوجت زواجاً جميلاً فسرح سراحاً جميلاً.




استمع المزيد من الشيخ الدكتور عبد الحي يوسف - عنوان الحلقة اسٌتمع
سورة التحريم - الآية [8] 2637 استماع
سورة المجادلة - الآية [11] 2574 استماع
سورة آل عمران - الآية [102] 2535 استماع
سورة المائدة - الآية [105] 2522 استماع
سورة النساء - الآية [19] 2344 استماع
سورة البقرة - الآية [104] 2310 استماع
سورة الأحزاب - الآيات [70-71] 2303 استماع
سورة التوبة - الآية [119] 2293 استماع
سورة البقرة - الآية [182] 2229 استماع
سورة التغابن - الآية [14] 2186 استماع