تفسير سورة نوح [4]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد، البشير النذير، والسراج المنير، وعلى آله وصحبه أجمعين.

سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا علماً نافعاً، وارزقنا عملاً صالحاً، ووفقنا برحمتك لما تحب وترضى، أما بعد:

أمر الله تعالى لنوح بالدعوة إلى التوحيد

فهذه السورة المباركة - سورة نوح- بدأت بهذه الجملة الخبرية: إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ[نوح:1]، فقد أمره ربه جل جلاله بأن يقوم في قومه مبلغاً ونذيراً، يأمرهم بأن يجيبوا داعي الله عز وجل وأن يدخلوا في دينه، من قبل أن يأتيهم عذاب أليم، فصدع نوح بأمر ربه جل جلاله، قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ[نوح:2]، وتحبب إلى قومه بهذا الكلام (يا قوم!) كأنه يقول لهم: أنا منكم ومن جنسكم وأنا ابنكم وأنتم تعرفونني.

قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ، (مبين) أي: واضح، قد عرفتم سيرتي وصدق سريرتي واستقامة أمري، أو أن يكون (مبين) من (أبان) المتعدي، بمعنى: أنه يبين عن الله عز وجل، قد جاء بالدلائل الواضحات، والبراهين الساطعات.

ثمرة الاستجابة لدعوة نوح إلى توحيد الله وتقواه وطاعته عليه السلام

قال تعالى: أَنْ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ[نوح:3]، وهذه هي دعوة جميع الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، ولو أنكم التزمتم هذه الثلاثة: عبدتم الله عز وجل، واتقيتموه جل جلاله، وأطعتم رسوله نوحاً عليه السلام فإنه سبحانه يجزيكم خير الجزاء: يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ[نوح:4]، (من) هنا: إما أن تكون زائدة للتأكيد، وإما أن تكون تبعيضية، فإذا كانت مزيدة للتوكيد فلا إشكال، فإن الإسلام يجب ما قبله والتوبة تجب ما قبلها، وأما إذا كانت للتبعيض فقد قال بعض المفسرين: إنكم إن آمنتم يغفر الله لكم الذنوب الكبار، المتعلقة بالشرك ونحوه، وقال بعضهم: بل المراد ما لا يتعلق بحقوق المخلوقين، يعني: يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ[نوح:4]، أي: يغفر لكم ما لا تعلق له بحقوق خلق الله عز وجل، أما ما كان متعلقاً به سبحانه فإنه يغفره، والأظهر: هو الوجه الأول، بأن (من) مزيدة للتأكيد، والإنسان إذا آمن بعد الشرك فإن الله عز وجل يغفر له ما مضى، كباره وصغاره، ما كان متعلقاً بحقه وما كان متعلقاً بحقوق المخلوقين، ودليل ذلك قول ربنا جل جلاله: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ[الأنفال:38]، وقول نبينا صلى الله عليه وسلم لـعمرو بن العاص : ( أما علمت أن الإسلام يجب ما قبله ).

يقول جل جلاله: يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى[نوح:4]، يؤخركم ربنا جل جلاله في هذه الدنيا إلى الأجل الذي ضربه لكل واحد منكم حين ينزل به ملك الموت.

إخباره بوقوع الأجل المحتوم دون تأخر

أساليب نوح في دعوة قومه

ثم إن نوحاً عليه السلام اعتذر إلى ربه: قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً * فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلاَّ فِرَاراً[نوح:5-6]، يا رب! قد بذلت جهدي، واستفرغت وسعي، وقمت في قومي داعياً إلى سبيلك بالليل والنهار، لكن هذه الدعوة المتكررة ما أفلحت ولا نجحت في أن تهدي هؤلاء الضالين، ولا أن ترشد هؤلاء الغافلين؛ بل إنهم كانوا يفرون منها كأنهم حمر مستنفرة، فرت من قسورة.

ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَاراً[نوح:8]، أي: على ملأ، ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَاراً[نوح:9]، تارة كان يعلن بدعوته، وتارة يخافت بها فيما بينه وبين الواحد منهم.

فهذه السورة المباركة - سورة نوح- بدأت بهذه الجملة الخبرية: إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ[نوح:1]، فقد أمره ربه جل جلاله بأن يقوم في قومه مبلغاً ونذيراً، يأمرهم بأن يجيبوا داعي الله عز وجل وأن يدخلوا في دينه، من قبل أن يأتيهم عذاب أليم، فصدع نوح بأمر ربه جل جلاله، قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ[نوح:2]، وتحبب إلى قومه بهذا الكلام (يا قوم!) كأنه يقول لهم: أنا منكم ومن جنسكم وأنا ابنكم وأنتم تعرفونني.

قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ، (مبين) أي: واضح، قد عرفتم سيرتي وصدق سريرتي واستقامة أمري، أو أن يكون (مبين) من (أبان) المتعدي، بمعنى: أنه يبين عن الله عز وجل، قد جاء بالدلائل الواضحات، والبراهين الساطعات.

قال تعالى: أَنْ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ[نوح:3]، وهذه هي دعوة جميع الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، ولو أنكم التزمتم هذه الثلاثة: عبدتم الله عز وجل، واتقيتموه جل جلاله، وأطعتم رسوله نوحاً عليه السلام فإنه سبحانه يجزيكم خير الجزاء: يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ[نوح:4]، (من) هنا: إما أن تكون زائدة للتأكيد، وإما أن تكون تبعيضية، فإذا كانت مزيدة للتوكيد فلا إشكال، فإن الإسلام يجب ما قبله والتوبة تجب ما قبلها، وأما إذا كانت للتبعيض فقد قال بعض المفسرين: إنكم إن آمنتم يغفر الله لكم الذنوب الكبار، المتعلقة بالشرك ونحوه، وقال بعضهم: بل المراد ما لا يتعلق بحقوق المخلوقين، يعني: يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ[نوح:4]، أي: يغفر لكم ما لا تعلق له بحقوق خلق الله عز وجل، أما ما كان متعلقاً به سبحانه فإنه يغفره، والأظهر: هو الوجه الأول، بأن (من) مزيدة للتأكيد، والإنسان إذا آمن بعد الشرك فإن الله عز وجل يغفر له ما مضى، كباره وصغاره، ما كان متعلقاً بحقه وما كان متعلقاً بحقوق المخلوقين، ودليل ذلك قول ربنا جل جلاله: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ[الأنفال:38]، وقول نبينا صلى الله عليه وسلم لـعمرو بن العاص : ( أما علمت أن الإسلام يجب ما قبله ).

يقول جل جلاله: يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى[نوح:4]، يؤخركم ربنا جل جلاله في هذه الدنيا إلى الأجل الذي ضربه لكل واحد منكم حين ينزل به ملك الموت.




استمع المزيد من الشيخ الدكتور عبد الحي يوسف - عنوان الحلقة اسٌتمع
تفسير سورة النور - الآيات [27-29] الثالث 2767 استماع
تفسير سورة نوح [3] 2763 استماع
تفسير سورة النور - الآية [31] الرابع 2663 استماع
تفسير سورة النور - الآية [3] الأول 2649 استماع
تفسير سورة النور - قصة الإفك [5] 2530 استماع
تفسير سورة يس [8] 2520 استماع
تفسير سورة يس [4] 2472 استماع
تفسير سورة يس [6] 2464 استماع
تفسير سورة النور - الآيات [23-26] 2232 استماع
تفسير سورة النور - الآيات [27-29] الرابع 2212 استماع