تفسير سورة النور - الآيات [4-5] الثاني


الحلقة مفرغة

الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه. أما بعد:

يقول الله تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ * إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [النور:4-5].

تقدم معنا الكلام أن هاتين الآيتين الكريمتين تتناولان شأن الاعتداء على الأعراض باللسان بعدما كان الكلام في الآيات السابقة عن الاعتداء على الأعراض بالفعال.

وتقدم معنا الكلام في نحو من عشر مسائل تناولتها هاتان الآيتان الكريمتان:

المسألة الأولى: في سبب النزول: هل هي نازلة في شأن قذفة أمنا عائشة رضي الله عنها، أو أنها على عمومها؟

المسألة الثانية: في معنى القذف، وعرفنا أن القذف: هو الرمي بفاحشة توجب حداً أو نفي النسب.

المسألة الثالثة: في معاني الإحصان في القرآن، وعرفنا بأن الإحصان في القرآن أطلق على ثلاثة معان: على معنى التزويج كما في قوله تعالى: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ النِّسَاءِ [النساء:24]، وكما في قوله: فَإِذَا أُحْصِنَّ [النساء:25]، ثم المعنى الثاني: على العفة كما في هذه الآية، وكما في قوله تعالى: مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ [المائدة:5]، وكما في قوله: مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ [النساء:25].

ثم المعنى الثالث: أطلق الإحصان مراداً به الحرية، ومنه قول الله عز وجل: فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنْ الْعَذَابِ [النساء:25]، أي: نصف ما على الحرائر من العذاب.

المسألة الرابعة: أن هناك قرينتين في الآية دالتان على أن المراد بالرمي هنا الرمي بالفاحشة:

القرينة الأولى: ذكر المحصنات بعد الكلام عن الزناة والزواني.

القرينة الثانية: قول ربنا جل جلاله: ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ [النور:4]، وليس ثمة جريمة يشترط فيها شهود أربعة إلا جريمة الزنا عياذاً بالله، وألحق بها بعض العلماء ما كان مثلها من الاعتداء على الأعراض، من إتيان الذكران، أو إتيان النساء النساء.

المسألة الخامسة: لماذا خص الله النساء بالذكر، فقال: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ [النور:4]، مع أن العلماء مجمعون على أن حكم قذف الذكور كقذف الإناث؟ قلنا: لأن الله عز وجل يعلم بأن قذف المرأة أضر من قذف الرجل، ولذلك خصهن بالذكر.

أو على قول بعض المفسرين: بأن (المحصنات) صفة لموصوف محذوف، وتقدير الكلام: والذين يرمون الأنفس المحصنات، أو الذين يرمون الفروج المحصنة.

المسألة السادسة: في أن هذه الآية متناولة بعمومها لجميع القذفة، ودل القرآن على استثناء الأزواج، فلو أن الزوج قذف زوجته فإنه لا يطالب بشهود أربعة، وإنما يحلف هو أربع مرات بالله الذي لا إله إلا هو أن هذه المرأة قد وقعت في الفاحشة، وإن كانت حاملاً فإنه يقول: وهذا الحمل -ويشير إليها- الذي في بطنها ليس مني، وفي المرة الخامسة يقول: علي لعنة الله إن كنت كاذباً، ولو أن المرأة نكلت عن اليمين فإنه يقام عليها حد الزنا، وتدرأ عنها الحد بأن تحلف أربع مرات بأنها ما قارفت زنا، وأن هذا الحمل الذي في بطنها وتشير إليه هو من هذا الرجل وتشير إليه، ثم في المرة الخامسة تقول: غضب الله علي إن كان صادقاً، ويترتب على ذلك أحكام أربعة سيأتي بيانها إن شاء الله عند الكلام عن اللعان.

المسألة السابعة: في الاستثناء في قوله تعالى: إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا [النور:5]، أجمع أهل العلم على أن الاستثناء لا يرجع إلى العقوبة الأولى، وهي قوله تعالى: فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً [النور:4]، فمن تاب من القذف فإن توبته تنفعه ديانةً ولا تنفعه قضاءً، وأجمعوا على أن الاستثناء يؤثر في العقوبة الثالثة وهي قوله تعالى: وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ [النور:4]، واختلفوا في الثانية وهي الشهادة، فلو أنه تاب هل تقبل شهادته كما قال الجمهور أو ترد أبداً كما قال أبو حنيفة النعمان عليه من الله الرضوان؟

المسألة الثامنة: في تعريف الفسق، عرفنا أن الفسق: هو الخروج، وأنه في الشرع: الخروج عن طاعة الله بارتكاب كبيرة، أو الإصرار على صغيرة.

المسألة التاسعة: عرفنا أن القذف من كبائر الذنوب بنص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: ( اجتنبوا السبع الموبقات، وعد من بينهن: قذف المحصنات الغافلات المؤمنات ).

المسألة العاشرة: في قول الله عز وجل: فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً[النور:4]، وأن الجلد يقال فيه مثل ما قيل في قوله تعالى: فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ [النور:2].

المسألة الحادية عشرة: في قوله تعالى: وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ * إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا [النور:4-5]، هل هذه التوبة تقتضي أن يكذب القاذف نفسه، أو أنه يكتفى بأن يتوب إلى الله ويصلح حاله؟ وأن قول الله عز وجل: فَأُوْلَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمْ الْكَاذِبُونَ [النور:13]، في قوله سبحانه: فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُوْلَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمْ الْكَاذِبُونَ [النور:13]، أي: في حكمه لا في علمه جل جلاله، فالقاذف قد يكون صادقاً ورأى الجريمة رأي عين، لكنه إذا تكلم بما رأى وعجز أن يأتي بالشهود فإنه في حكم الله يقام عليه الحد، وإن كان صادقاً في نفس الأمر.

المسألة الثانية عشرة: قلنا: بأن هذه الآية نصت على عقوبة القاذف في الدنيا، وهناك آية أخرى بينت عقوبته في الآخرة، وهي قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ [النور:23].

أيها الإخوة الكرام! نبدأ في هذا الدرس إن شاء الله بمسألة رجوع الاستثناء، وتصويرها: لو جاءت مفردات متعاطفة، أو جمل متعاطفة، عطف بعضها على بعض، ثم جاء استثناء، هل الاستثناء يرجع إليها كلها أو إلى الأخير منها، أو كما يقول أهل العلم: لو أن قائلاً قال: هذه الدار -وأشار إلى بيته- وقف على الفقراء والمساكين من بني زهرة، وبني تميم، وبني عدي إلا الفاسق منهم، هل يعني الفاسق من بني زهرة وبني تميم وبني عدي، أو أنه يعني الفاسق من بني عدي؟ وهو المذكور آخراً، فهل الاستثناء بعد جمل متعاطفة، أو مفردات متعاطفة يرجع إلى الأخير أم يرجع إلى المذكورات كلها؟ وهذا ينطبق على هذه الآية، فإن الله عز وجل قال: فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ [النور:4]، ثم قال: إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا [النور:5]، فالجمهور يقولون: بأن هذا الاستثناء يرجع إلى الحكم بالفسق، وإلى عدم قبول الشهادة، والإمام أبو حنيفة يقول: لا، بل يرجع إلى الحكم بالفسق وحده.

ولو نظر الإنسان في آيات القرآن يجد أنه لا يمكن الجزم بأحد القولين؛ لأن الاستثناء في القرآن يأتي مراداً به المتعاطفات كلها، ويأتي مراداً به بعضها دون بعض، وصورة ذلك مثلاً الله عز وجل قال عن القاتل خطأً: فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَنْ يَصَّدَّقُوا [النساء:92]، يعني: أن القاتل خطأ يجب عليه حكمان:

الحكم الأول: أن يدفع دية.

الحكم الثاني: أن يأتي بالكفارة، وهي تحرير رقبة، فمن لم يجد رقبة كما هو الحال في زماننا فعليه أن يصوم شهرين متتابعين، قال الله عز وجل: إِلاَّ أَنْ يَصَّدَّقُوا [النساء:92]، والاستثناء هنا يرجع فقط إلى الدية باتفاق، ولذلك بعض الناس الآن يشتبه عليه الأمر، يقول: أنا قتلت رجلاً خطأً بالسيارة، وأهله عفوا، فنقول له: يلزمك صيام شهرين متتابعين، فيقول: لكن أهله عفوا، فنقول له: أهله عفوا فيما يليهم من حقهم وهو الدية، أما الصيام فهو حق الله عز وجل، فهنا قول الله عز وجل: إِلاَّ أَنْ يَصَّدَّقُوا [النساء:92]، يرجع إلى قوله: فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ [النساء:92]، ولا يرجع إلى قوله: وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ [النساء:92].

ومثله أيضاً قول ربنا جل جلاله: فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ [النساء:88] إلى أن قال: وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً * إِلاَّ الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ [النساء:89-90]، فأيضاً باتفاق المفسرين ليس المقصود اتخذوا ولياً ونصيراً من الذين بينكم وبينهم ميثاق، بل قوله تعالى: إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ ، يرجع إلى قوله: فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ [النساء:89]، يعني لا تأخذوهم، ولا تقتلوهم إذا كانوا عند قوم بينكم وبينهم ميثاق، فمن أجل هذا نقول: بأن الإنسان لا يستطيع أن يجزم هنا بأن الاستثناء يرجع إلى الكل أو لا يرجع؛ لأنه تارةً جاء راجعاً إلى الكل، وتارةً جاء راجعاً إلى بعض دون بعض، وكلام الله أفصح الكلام.

هناك مسألة ليست موجودة في واقعنا لكن نذكرها من باب العلم بالشيء، وهي لو أن عبداً قذف حراً، هل يجلد ثمانين أم يجلد أربعين؟

قال جمهور العلماء: يجلد أربعين؛ قياساً لحد القذف على حد الزنا، ففي حد الزنا قال الله عز وجل: فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنْ الْعَذَابِ [النساء:25]، والكلام هنا عن الإماء، وقد ألحق العلماء العبد بالأمة بجامع الرق في كل، فقالوا: لو أن عبداً زنى فعليه خمسون جلدة، وهنا أيضاً قالوا: لو أن عبداً قذف حراً فإنه يجلد أربعين جلدة.

ولكن جماعةً أخرى من العلماء فيهم عبد الله بن مسعود ، و قبيصة بن ذؤيب ، و عمر بن عبد العزيز قالوا: بل يجلد ثمانين؛ أولاً لأن النص في الزنا، أما نص القذف فهو باق على عمومه، يشمل العبد والحر، فلو أن حراً قذف حراً فعليه ثمانون جلدة، ولو أن عبداً قذف حراً فعليه أيضاً ثمانون جلدة.

قالوا: وللفرق بين الحدين، فإن حد الزنا حق لله، أما حد القذف فهو حق للآدمي، فهناك في حد الزنا الله عز وجل جعله على النصف، أما ههنا فهو حق للآدمي، لا يتنصف، فلو قذف فإنه يجلد ثمانين شأنه شأن الحر.

ومسألة أخرى أيضاً لا يتعلق بها الآن كبير عمل، وهي أنه قد اتفق العلماء على أن الحر لو قذف عبداً فإنه لا يقام عليه الحد، استدلالاً بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من قذف مملوكه بالزنا أقيم عليه الحد يوم القيامة، إلا أن يكون كما قال )، وقوله صلى الله عليه وسلم: (أقيم عليه الحد يوم القيامة) مفهومه أنه لا يقام عليه الحد في الدنيا، قال القرطبي رحمه الله: وإنما كان ذلك كذلك؛ لأن يوم القيامة يستوي الناس جميعاً، فلا مالك ولا مملوك، وإنما الكل سواء، وأقول قوله صلى الله عليه وسلم: (أقيم عليه الحد يوم القيامة)، يفهم منه أنه لا يقام عليه الحد في الدنيا؛ لأن الله لا يجمع على عبد عقوبتين، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من أصاب من هذه الحدود شيئاً فأخذ به في الدنيا فهو كفارة له وطهور )، ولذلك في قول ربنا: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ [النور:2]، تقدم معنا الكلام في أن الحد يراد به أمران عظيمان:

الأمر الأول: ردع الجاني وتطهيره.

الأمر الثاني: زجر غيره أن يتعاطى مثل فعله، ولذلك قال ربنا: وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ [النور:2]، وهذا منصوص عليه في حد الزنا، وتلحق به سائر الحدود، فإقامة سائر الحدود لا بد أن تكون أمام الناس، فلا تقام خفيةً أو من وراء الأبواب.

هناك مسألة مهمة جداً، وهي: أن ألفاظ القذف على نوعين:

النوع الأول: القذف الصريح، كما لو قال قائل لآخر: يا زاني، أو قال: يا ابن الزانية، فهذا قذف صريح عند الناس جميعاً لا يحتمل إلا معنىً واحداً وهو الرمي بالفاحشة الموجبة للحد.

النوع الثاني: القذف بالتعريض، كما لو قال قائل لآخر في خصومة: الحمد لله أنا لست بزان، ولما ذهب إلى المحكمة قال لهم: أنا ما قلت شيئاً، أنا أتكلم عن نفسي، أقول: والله ما فعلت هذه الجريمة، في النوع الأول وهو القذف الصريح أجمعوا على وجوب الحد، أما النوع الثاني: فهل فيه حد أو ليس فيه؟ وحكمه مثل حكم الطلاق، فلو أن إنساناً قال لامرأته: أنت طالق، أو قال لها: أنت مطلقة، أو قال لها: أنت طلقانة، فلا يمكن أن يقول: والله أنا ما قصدت، ولا يمكن أن يقول: والله أنا كنت أمزح معها كما يقول بعض السفهاء، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ثلاث جدهن جد، وهزلهن جد: النكاح، والطلاق، والرجعة )، وفي لفظ: ( النكاح، والطلاق، والعتاق )، لكن لو قال لها: حبلك على غاربك، أو قال لها: أنت خلية، أو أنت برية، أو الحقي بأهلك، أو اذهبي إلى بيت أبيك، أو نحو ذلك، يسأل عن نيته: هل كان يقصد بهذا الكلام طلاقاً أو لا؟ لأن (الحقي بأهلك) الرسول صلى الله عليه وسلم استعملها في الطلاق؛ فإنه لما تزوج امرأة فقال لها: ( تعالي أول ما دخل عليها، فقالت له: إنا من قوم نؤتى ولا نأتي، قال لها: الحقي بأهلك )، فلذلك كان أهلها يدعونها بالشقية، وقوله: ( الحقي بأهلك )، أراد بها صلى الله عليه وسلم الفراق.

ولما تخلف عن غزوة تبوك كعب بن مالك ، و هلال بن أمية ، و مرارة بن الربيع ، أمر الرسول صلى الله عليه وسلم الصحابة بألا يكلموهم، وأن يقاطعوهم، ثم بعد ذلك أمر نساءهم بأن يعتزلنهم، فقال كعب بن مالك لامرأته: الحقي بأهلك، يعني طاعة للرسول صلى الله عليه وسلم فهو يقصد اجلسي عند أهلك؛ لأنه أمركن صلى الله عليه وسلم باعتزالنا، فالحقي بأهلك تحتمل هذا وتحتمل هذا، والمعول على النية لقول فقهائنا: الأمور بمقاصدها، وأخذوا هذا من قوله صلى الله عليه وسلم: ( إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى ).

ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى جميع المرسلين، والحمد لله رب العالمين.