خطب ومحاضرات
العدة شرح العمدة [60]
الحلقة مفرغة
من الأحوال التي يجوز فيها للمشتري الرجوع عن البيع
وبعد:
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ ولو أخبره بثمن المبيع فزاد عليه رجع عليه بالزيادة، وحظها من الربح إن كان مرابحة ].
قسم العلماء الخيار إلى سبعة أقسام؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (البيعان بالخيار ما لم يتفرقا بأبدانهما)، والمعنى: أن البيع بالخيار للبائع وللمشتري، أو بالخيار للمشتري، أو بالخيار للبائع، كل هذا يجوز، ومعنى الخيار أن ترد السلعة إن لم يكن لك رغبة فيها وهناك خيار المجلس وخيار الشرط وخيار الغبن -أي: الظلم- والخيار لاختلاف المتبايعين.
يقول المصنف: ( ولو أخبره بثمن المبيع ) أنا أبيع لك سلعة، فأحدد لك ثمن السلعة، وأطلب منك ربحاً مقداره جنيهان، هذه هي المرابحة، وهو مشروع.
قال: [ ولو أخبره بثمن المبيع ].
معناه: البائع أخبر المشتري بثمن السلعة، فزاد عليه، أي: أنه قال له: هذه السلعة أصل ثمنها مائة، وكان أصل ثمنها تسعين فزاد عليه عشرة.
قال: [ رجع عليه بالزيادة وحظها من الربح إن كان مرابحة ].
قال في الشرح: [ يثبت الخيار في بيع المرابحة للمشتري إذا أخبره البائع بزيادة في الثمن كاذباً، كما لو أخبره بأنه كاتب أو صانع، فاشتراه بثمن كثير وبان بخلافه، فثبت للمشتري الخيار بين الرد والإمساك مع الحظ نص عليه؛ لأنه لا يأمن الخيانة في الثمن أيضاً، ولابد من معرفة المشتري رأس المال؛ لأن العلم بالثمن شرط، ولا يحصل إلا بمعرفة رأس المال، والمرابحة: أن يخبر برأس المال، ثم يبيعه بربح معلوم، فيقول: رأس مالي مائة. بعتك بها وربح عشرة، فهو جائز غير مكروه؛ لأن الثمن معلوم، ثم إذا بان ببينة أو إقرار أن رأس المال تسعون فالبيع صحيح؛ لأنه زيادة في الثمن، فلم يمنع صحة البيع كالمعيب، وللمشتري أن يرجع على البائع بما زاد -وهو عشرة- وحظها من الربح -وهو درهم- فيبقى على المشتري تسعة وتسعون درهماً ].
المشتري اشترى سلعة ببيع المرابحة من البائع، واشترط عليه أن يربح فيها عشرة، وله الخيار إن تبين أن سعرها أقل من مائة فله أن يردها، فذهب المشتري إلى بيته، فوجد ببينة أو بإقرار أن البائع زاد عليه في رأس مالها فهو بالخيار إما أن يرد السلعة ويأخذ الثمن، وإما أن يمسك السلعة ويأخذ الفرق مع حظه من الربح، نضرب مثلاً: السلعة ثمنها مائة، اشترى منه سلعة بمائة وعشرة مرابحة، ثم تبين له ببينة أو إقرار، أن السلعة ثمنها تسعون، إذاً: زاد عليه عشرة، فعلى ذلك يدفع المشتري تسعة وتسعين، فيكون الفرق إحدى عشر: العشرة الزيادة، والواحد فرق الربح.
إذاً: له أن يعود عليه بالزيادة مع فرق الربح.
إذاً: المشتري بالخيار إما أن يرد السلعة ويحصل على الثمن كاملاً؛ لأنه أثبت ببينة وإقرار أن البائع قد زاد عليه في ثمنها، أو أن يمسك السلعة مع أن يرد الفرق مع حظه من الربح.
يقول: [ وإن بان أنه غلط على نفسه]. يعني: البائع قال: أصلها تسعون وربحها عشرة، فباعها من المشتري بمائة، ثم تبين للبائع غلطه فقال: أصلها مائة.
قال: [ خير المشتري بين رده وإعطائه ما غلط له، فإذا قال في المرابحة: رأس مالي فيها مائة والربح عشرة ثم عاد، فقال: غلطت. رأس مالي فيه مائة وعشرة لم يقبل قوله في الغلط إلا ببينة تشهد أن رأس ماله عليه ما قاله. ذكره ابن المنذر ].
والمعنى: أن البائع إذا غلط في السعر لا يقبل قوله إلا ببينة تبين أنه أخطأ، وفيه ثلاث روايات للإمام أحمد أحدها مذهب الشافعي .
قال: [ وعنه رواية ثالثة: أنه لا يقبل قول البائع وإن أقام بينة حتى يصدقه المشتري، وهو قول الشافعي رحمه الله ].
الرأي الأول: أن يقبل قول البائع وله الخيار، الرأي الثاني: أن يقبل قول البائع ببينة ويمين، القول الثالث: أن يقبل قول البائع ببينة مع تصديق المشتري، فالمشتري يقول: حتى لو حلفت أو بينت أنا لن أصدق، وهذا قول الشافعي أنه لا اختيار للبائع في الرد؛ لأن الغلط يلتزم به هو ولا ذنب للمشتري، وهذا الراجح من أقواله، وإلا ستنقلب البيوع إلى فوضى، كلما أخطأ يقول: أخطأت والله أخطأت، فلابد من بينة، ولابد أن يقبل المشتري قول البائع في هذا.
قال: [ وإن بان أنه مؤجل ولم يخبره بتأجيله فله الخيار بين رده وإمساكه ].
يعني: اشتريت منك سلعة على أنك اشتريتها نقداً، وشراء النقد معلوم أنه أقل، فقلت لي: هذه السلعة سأبيعها لك، لكنني أخبرك أنني اشتريتها بالأجل، ومعنى شرائها بالأجل أن سعرها أعلى، إذاً: باعها على أنه اشتراها مؤجلة، ثم بعد أن اشتراها المشتري منه بهذا الوصف وهذا التبيين تبين له أنه اشتراها نقداً، إذاً: اشترى مؤجلاً وباع له نقداً.
إن فقه البيوع أمانة: (فإن بينا بورك لهما في بيعهما)، فلو أنني اشتريت سلعة من أخ لي، وهو عنده لي مائة جنيه منذ سنتين كلما أقول له: أعطني المائة جنيه يقول: بعد أسبوع.. بعد أسبوع، فوجدت عنده مسجلة فقلت: أعطني هذه المسجلة سداد حق، فقال: خذه بمائة فأخذته، وجاءني من يشتري مني المسجلة، فلا بد أن أقول له: أنا اشتريته بمائة جنيه سداد حق، وأبين له ذلك؛ لأن هذه السلعة ارتفع ثمنها لسداد الحق.
أو أشتري مثلاً سلعة من والدي الذي يبيع أجهزة كهربائية، فوجدت عنده مسجلة، فقلت: يا أبي! بكم هذه المسجلة؟ فاشتريت هذه المسجلة من أبي مجاملة، وجاءني من يشتريها بالخيار فلابد أن أبين له وأقول: اشتريتها من أبي بكذا حتى يعلم أن سعر السلعة أعلى، هذا هو التبيين.
قال: [ وإن بان أنه مؤجل ولم يخبره بتأجيله فله الخيار بين رده وإمساكه، يعني: أن المشتري يكون مخيراً بين الرد وبين الإمساك بالثمن حالاً ]. بمعنى: أن نقول للمشتري: عندك بينة؟ فإن كان عنده بينه فهو بالخيار إما أن يرد السلعة ويحصل على ثمنها، وإما أن يعامل البائع بأن سعر السلعة بكذا.
قال: [ لأن البائع لم يرض بذمته، وقد تكون ذمته دون ذمة البائع، فلا يلزمه الرضاء بذلك، وحكى ابن المنذر عن الإمام أحمد : أنه إن كان المبيع قائماً فهو مخير بين الفسخ وأخذه بالثمن مؤجلاً؛ لأنه الثمن الذي اشترى به البائع، والتأجيل صفة له فأشبه المخير بزيادة في القدر، فإن للمشتري أن يحط ما زاده ويأخذ بالباقي ].
أحكام في اختلاف البيعين
مثال ذلك: اشتريت منك خروفاً بشرط أنه بالخيار، وأنت قد اشتريت هذا الخروف مؤجلاً وقلت: إنك اشتريته نقداً فزاد ثمنه، فأخذت منك الخروف وذبحته، وبعد أن ذبحت وأكلت تبين لي أن صاحب الخروف اشتراه مؤجلاً ولم يشتره نقداً، والسلعة قد تلفت، فنعود على البائع بقيمة المثل، يعني: هذا الخروف مثله نقداً بكذا ونقول للمشتري: أنت بالخيار، إما أن البائع يرد القيمة، وإما أن نقيم هذا الخروف بثمنه نقداً، والبائع يرد الفرق للمشتري.
مثال آخر: أنا آخذ سلعة من شخص بالخيار، فقال لي هذا الشخص: أنا اشتريت هذه السلعة بالأجل -الذي يبيعها هو الذي اشتراها بالأجل فسعرها ارتفع عنده- فعاملني بهذا السعر المرتفع، وتبين لي بعد أن اشتريت أنه كذب علي وأنه قد حصل عليها نقداً، وأصبح السعر علي مرتفعاً، إذاً: طالما أنني اشتريت منه بالخيار فلي أن أقول: أنت الآن كذبت علي، قلت لي: أنك حصلت على السلعة مؤجلة، وأنت حصلت عليها نقداً، فأنا بالخيار: إما أن أرد السلعة وتعطيني مالي، وإما أن أحصل على الفرق.
قال: [ وإن اختلف البيعان في قدر الثمن تحالفا ].
أي: تحالف البائع والمشتري، وقد يعترض معترض ممن عنده فقه فيقول: البينة على من ادعى واليمين على من أنكر، فهو الآن يلزم البائع والمشتري بالحلف وقد اختلفا في الثمن. قال البائع: بعتك بمائة، وقال المشتري: لا، بعتني بثمانين، فبما أن البيع بالخيار فالقول قول البائع إلا أن يأتي المشتري ببينة، والمذهب فيه رأيان: الرأي الأول: أن يتحالفا، ومعناه: أن كليهما يحلف، والذي يبدأ بالحلف البائع؛ لأنه تنازل عن الملكية؛ ولأنه الغارم في تنازله عن الملكية، فيحلف البائع أولاً ويقول: والله ما بعتك بثمانين -يقدم النفي على الإثبات- والله بعتك بمائة.
ثانياً: يحلف المشتري ويقول: والله ما اشتريت منك بمائة -يقدم النفي على الإثبات- والله إني اشتريت منك بثمانين، وهكذا تحالف البائع والمشتري؛ لأن كليهما مدع ومنكر، فالبائع يدعي أنه باع بمائة، ومنكر أنه باع بثمانين، والمشتري أيضاً يدعي أنه اشترى بثمانين وينكر أنه اشترى بمائة، والبيع بالخيار، أي: أن البائع والمشتري اشترطا قبل أن يتفرقا أن البيع بالخيار.
قال: [ وإن اختلف البيعان في قدر الثمن تحالفا ولكل واحد منهما الفسخ ]. بعد الحلف نقول للبائع وللمشتري الآن لكما الفسخ، فإن تراضيا وقع البيع، وإن لم يتراضيا فسخ البيع وعادت السلعة إلى البائع والثمن إلى المشتري.
عند اختلاف البائع والمشتري يصبح القول قول البائع؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا اختلف المتبايعان وليس بينهما بينة والمبيع قائم بعينه فالقول ما قال البائع أو يترادان البيع)، إذاً: القول الأول في المذهب: أنه إن لم يكن عند المشتري بينة فالقول قول البائع، وإن كان عنده بينة فإنهما يتحالفان، وإن تحالفا ترد السلعة إلى البائع على أن القول قوله.
قال: [ فإذا تحالفا لم ينفسخ العقد بنفس التحالف؛ لأنه عقد وقع صحيحاً، فتنازعهما وتعارضهما في الحجة لا يوجب الفسخ، كما لو أقام كل واحد منهما بينة بما ادعاه، لكن يقال للمشتري: أترضى بما قال البائع؟ فإن رضيه أجبر البائع على قبول ذلك؛ لأنه حصل له ما ادعاه ].
كأن يقال: أترضى أيها المشتري بما قال البائع؟ فإن رضي فلا اختيار للبائع؛ لأنه حصل ما ادعاه، وأجبر على القبول.
قال: [ وإن لم يرضيا فسخ العقد ].
وظاهر كلام أحمد : أن لكل واحد منهما الفسخ؛ لقوله عليه السلام: (أو يترادان البيع)، وهذا الاختلاف يسمى عند العلماء بالخيار لاختلاف المتبايعين، وهو القسم السابع من أنواع الخيار. ذكره العلامة ابن عثيمين في كتاب الممتع على شرح زاد المستقنع، وهذا الاختلاف قد يكون في قدر الثمن، وقد يكون في الصفة وقد يكون في الشرط أو غيره.
قال: [ وإن كانت السلعة تالفة تحالفا ورجعا إلى قيمة مثلها كما لو كانت باقية، وعنه -يعني: رواية أخرى عن أحمد - القول قول المشتري مع يمينه، اختارها أبو بكر؛ لقوله عليه السلام: (إذا اختلف المتبايعان والسلعة قائمة تحالفا)، فمفهومه: أنه لا يشرع التحالف عند عدمها؛ ولأنهما اتفقا على نقل السلعة إلى المشتري واختلفا في عدة زائدة يدعيها البائع والمشتري ينكرها، والقول قول المنكر ]. وهذه قاعدة: القول قول المنكر.
ثم قال: [ وتركنا هذا القياس حال قيام السلعة للحديث، ففيما عداه تبقى على مقتضى القياس، ووجه الأولى: أن كل واحد منهما مدع ومنكر، فتشرع اليمين كحال قيام السلعة ].
خلاصة القول في معنى الخيار: أن لكل طرف أن يختار؛ إما أن يمضي العقد، وإما أن يفسخه، طالما أنه اشترى بالخيار فإنه يجوز له أن يرد السلعة في مدة الخيار دون عيب فيها، والخيار سبعة أنواع كما ذكرنا وهي: خيار المجلس، وخيار التدليس، وخيار الغبن، وخيار الشرط، وخيار العيب، وخيار في البيع بتخيير الثمن، وخيار لاختلاف المتبايعين.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد:
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ ولو أخبره بثمن المبيع فزاد عليه رجع عليه بالزيادة، وحظها من الربح إن كان مرابحة ].
قسم العلماء الخيار إلى سبعة أقسام؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (البيعان بالخيار ما لم يتفرقا بأبدانهما)، والمعنى: أن البيع بالخيار للبائع وللمشتري، أو بالخيار للمشتري، أو بالخيار للبائع، كل هذا يجوز، ومعنى الخيار أن ترد السلعة إن لم يكن لك رغبة فيها وهناك خيار المجلس وخيار الشرط وخيار الغبن -أي: الظلم- والخيار لاختلاف المتبايعين.
يقول المصنف: ( ولو أخبره بثمن المبيع ) أنا أبيع لك سلعة، فأحدد لك ثمن السلعة، وأطلب منك ربحاً مقداره جنيهان، هذه هي المرابحة، وهو مشروع.
قال: [ ولو أخبره بثمن المبيع ].
معناه: البائع أخبر المشتري بثمن السلعة، فزاد عليه، أي: أنه قال له: هذه السلعة أصل ثمنها مائة، وكان أصل ثمنها تسعين فزاد عليه عشرة.
قال: [ رجع عليه بالزيادة وحظها من الربح إن كان مرابحة ].
قال في الشرح: [ يثبت الخيار في بيع المرابحة للمشتري إذا أخبره البائع بزيادة في الثمن كاذباً، كما لو أخبره بأنه كاتب أو صانع، فاشتراه بثمن كثير وبان بخلافه، فثبت للمشتري الخيار بين الرد والإمساك مع الحظ نص عليه؛ لأنه لا يأمن الخيانة في الثمن أيضاً، ولابد من معرفة المشتري رأس المال؛ لأن العلم بالثمن شرط، ولا يحصل إلا بمعرفة رأس المال، والمرابحة: أن يخبر برأس المال، ثم يبيعه بربح معلوم، فيقول: رأس مالي مائة. بعتك بها وربح عشرة، فهو جائز غير مكروه؛ لأن الثمن معلوم، ثم إذا بان ببينة أو إقرار أن رأس المال تسعون فالبيع صحيح؛ لأنه زيادة في الثمن، فلم يمنع صحة البيع كالمعيب، وللمشتري أن يرجع على البائع بما زاد -وهو عشرة- وحظها من الربح -وهو درهم- فيبقى على المشتري تسعة وتسعون درهماً ].
المشتري اشترى سلعة ببيع المرابحة من البائع، واشترط عليه أن يربح فيها عشرة، وله الخيار إن تبين أن سعرها أقل من مائة فله أن يردها، فذهب المشتري إلى بيته، فوجد ببينة أو بإقرار أن البائع زاد عليه في رأس مالها فهو بالخيار إما أن يرد السلعة ويأخذ الثمن، وإما أن يمسك السلعة ويأخذ الفرق مع حظه من الربح، نضرب مثلاً: السلعة ثمنها مائة، اشترى منه سلعة بمائة وعشرة مرابحة، ثم تبين له ببينة أو إقرار، أن السلعة ثمنها تسعون، إذاً: زاد عليه عشرة، فعلى ذلك يدفع المشتري تسعة وتسعين، فيكون الفرق إحدى عشر: العشرة الزيادة، والواحد فرق الربح.
إذاً: له أن يعود عليه بالزيادة مع فرق الربح.
إذاً: المشتري بالخيار إما أن يرد السلعة ويحصل على الثمن كاملاً؛ لأنه أثبت ببينة وإقرار أن البائع قد زاد عليه في ثمنها، أو أن يمسك السلعة مع أن يرد الفرق مع حظه من الربح.
يقول: [ وإن بان أنه غلط على نفسه]. يعني: البائع قال: أصلها تسعون وربحها عشرة، فباعها من المشتري بمائة، ثم تبين للبائع غلطه فقال: أصلها مائة.
قال: [ خير المشتري بين رده وإعطائه ما غلط له، فإذا قال في المرابحة: رأس مالي فيها مائة والربح عشرة ثم عاد، فقال: غلطت. رأس مالي فيه مائة وعشرة لم يقبل قوله في الغلط إلا ببينة تشهد أن رأس ماله عليه ما قاله. ذكره ابن المنذر ].
والمعنى: أن البائع إذا غلط في السعر لا يقبل قوله إلا ببينة تبين أنه أخطأ، وفيه ثلاث روايات للإمام أحمد أحدها مذهب الشافعي .
قال: [ وعنه رواية ثالثة: أنه لا يقبل قول البائع وإن أقام بينة حتى يصدقه المشتري، وهو قول الشافعي رحمه الله ].
الرأي الأول: أن يقبل قول البائع وله الخيار، الرأي الثاني: أن يقبل قول البائع ببينة ويمين، القول الثالث: أن يقبل قول البائع ببينة مع تصديق المشتري، فالمشتري يقول: حتى لو حلفت أو بينت أنا لن أصدق، وهذا قول الشافعي أنه لا اختيار للبائع في الرد؛ لأن الغلط يلتزم به هو ولا ذنب للمشتري، وهذا الراجح من أقواله، وإلا ستنقلب البيوع إلى فوضى، كلما أخطأ يقول: أخطأت والله أخطأت، فلابد من بينة، ولابد أن يقبل المشتري قول البائع في هذا.
قال: [ وإن بان أنه مؤجل ولم يخبره بتأجيله فله الخيار بين رده وإمساكه ].
يعني: اشتريت منك سلعة على أنك اشتريتها نقداً، وشراء النقد معلوم أنه أقل، فقلت لي: هذه السلعة سأبيعها لك، لكنني أخبرك أنني اشتريتها بالأجل، ومعنى شرائها بالأجل أن سعرها أعلى، إذاً: باعها على أنه اشتراها مؤجلة، ثم بعد أن اشتراها المشتري منه بهذا الوصف وهذا التبيين تبين له أنه اشتراها نقداً، إذاً: اشترى مؤجلاً وباع له نقداً.
إن فقه البيوع أمانة: (فإن بينا بورك لهما في بيعهما)، فلو أنني اشتريت سلعة من أخ لي، وهو عنده لي مائة جنيه منذ سنتين كلما أقول له: أعطني المائة جنيه يقول: بعد أسبوع.. بعد أسبوع، فوجدت عنده مسجلة فقلت: أعطني هذه المسجلة سداد حق، فقال: خذه بمائة فأخذته، وجاءني من يشتري مني المسجلة، فلا بد أن أقول له: أنا اشتريته بمائة جنيه سداد حق، وأبين له ذلك؛ لأن هذه السلعة ارتفع ثمنها لسداد الحق.
أو أشتري مثلاً سلعة من والدي الذي يبيع أجهزة كهربائية، فوجدت عنده مسجلة، فقلت: يا أبي! بكم هذه المسجلة؟ فاشتريت هذه المسجلة من أبي مجاملة، وجاءني من يشتريها بالخيار فلابد أن أبين له وأقول: اشتريتها من أبي بكذا حتى يعلم أن سعر السلعة أعلى، هذا هو التبيين.
قال: [ وإن بان أنه مؤجل ولم يخبره بتأجيله فله الخيار بين رده وإمساكه، يعني: أن المشتري يكون مخيراً بين الرد وبين الإمساك بالثمن حالاً ]. بمعنى: أن نقول للمشتري: عندك بينة؟ فإن كان عنده بينه فهو بالخيار إما أن يرد السلعة ويحصل على ثمنها، وإما أن يعامل البائع بأن سعر السلعة بكذا.
قال: [ لأن البائع لم يرض بذمته، وقد تكون ذمته دون ذمة البائع، فلا يلزمه الرضاء بذلك، وحكى ابن المنذر عن الإمام أحمد : أنه إن كان المبيع قائماً فهو مخير بين الفسخ وأخذه بالثمن مؤجلاً؛ لأنه الثمن الذي اشترى به البائع، والتأجيل صفة له فأشبه المخير بزيادة في القدر، فإن للمشتري أن يحط ما زاده ويأخذ بالباقي ].
استمع المزيد من الشيخ أسامة سليمان - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
العدة شرح العمدة [13] | 2697 استماع |
العدة شرح العمدة [68] | 2620 استماع |
العدة شرح العمدة [26] | 2595 استماع |
العدة شرح العمدة [3] | 2518 استماع |
العدة شرح العمدة [1] | 2476 استماع |
العدة شرح العمدة [62] | 2374 استماع |
العدة شرح العمدة [19] | 2337 استماع |
العدة شرح العمدة [11] | 2333 استماع |
العدة شرح العمدة [56] | 2302 استماع |
العدة شرح العمدة [15] | 2238 استماع |