خطب ومحاضرات
العدة شرح العمدة [43]
الحلقة مفرغة
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب محظورات الإحرام:
وهي تسعة ].
المحظور بمعنى: الممنوع، قال تعالى: وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا [الإسراء:20] يعني: ممنوعاً.
فيحظر على المحرم تسعة أشياء، والنساء تشترك مع الرجال في بعض هذه المحظورات وينفرد الرجال ببعضها.
قال: [ الأول والثاني: حلق الشعر وقلم الظفر.
الثالث: لبس المخيط.
الرابع: تغطية الرأس، والأذنان منه.
الخامس: الطيب في بدنه وثيابه.
السادس: قتل الصيد.
السابع: عقد النكاح حرام، ولا فدية فيه.
الثامن: المباشرة لشهوة فيما دون الفرج.
التاسع: الوطء في الفرج ].
وأذكرها بالتفصيل:
المحظور الأول: حلق الرأس، يحظر على المحرم أن يحلق رأسه، أو أن يأخذ من شعره، وهذا في حق المرأة والرجل.
المحظور الثاني: قلم الظفر، يعني: تقليم الأظافر.
قال المصنف: [ ففي ثلاثة منها دم ].
والمذهب هنا مرجوح ضعيف؛ لأنه فرق بين الثلاث شعرات وما زاد عن ثلاث، لكنني سأقرأ ثم أبين الراجح إن شاء الله تعالى.
فدية ارتكاب محظور من محظورات الإحرام
بمعنى: لو أن رجلاً أخذ من رأسه وهو محرم ثلاث شعرات فأكثر فعليه دم، فإن أخذ شعرتين ففي كل شعرة مد، والمد ربع صاع، فكأنه قال: الشعرة الأولى عليها مد والشعرة الثانية مد والشعرة الثالثة مد، فإذا زاد عن هذا الحد يلزمه دم، ولكن هذا الكلام فيه تكلف، والشيخ ابن عثيمين يرى أن المحظور هو حلق كل الرأس، أما شعرة وشعرتان وثلاث فما سمعنا بهذا.
فمثلاً: رجل محرم حك رأسه فنزلت أربع أو خمس شعرات مرة واحدة، فهل نقول له: عليك دم؟ هذا كلام ما ينبغي، فالمحظور على المحرم أن يحلق كل الرأس؛ لأن الله قال: فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ [البقرة:196].
والمذهب أيضاً قاس على شعر الرأس كل الشعور، فإن أخذ من شعر صدره أو قدمه أو أي مكان من جسده ثلاثاً أو أربعاً أوجبوا عليه الدم.
فأقول: أجمع أهل العلم على أن المحرم ممنوع من أخذ شعره إلا من عذر، قال تعالى: وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ [البقرة:196].
وروى البخاري ومسلم عن كعب بن عجرة أنه قال له النبي صلى الله عليه وسلم: (لعلك تؤذيك هوام رأسك؟ ..) الحديث.
فـكعب بن عجرة كان فيه مرض جلدي في رأسه، فقال له النبي عليه الصلاة والسلام: (احلق رأسك يا
إذاً: (أو) على التخيير وليس على الترتيب، فإذا جاءك رجل وقال: أنا عندي ألم في رأسي وأريد أن أحلق، فقل له: احلق لكن يلزمك فدية، والفدية هي صيام ثلاثة أيام، لكن هل يشترط أن يصوم هذه الثلاثة الأيام في الحج؟ أو يشترط أن يصوم جزءاً منها في الحرم وجزءاً إذا عاد؟ الجواب: يصومها متى شاء وأينما شاء، هذا طالما أنها فدية فعل محظور، وأما فدية ترك الواجب فكما قال تعالى: فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ [البقرة:196].
قال: (صم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين أو اذبح شاة) كلمة: (أو) للتخيير، فأنت مخير، وسنأتي إلى الفدية في باب مستقل ونشرحها بالتفصيل إن شاء الله تعالى.
قال: [ وهذا يدل على أن الحلق قبل ذلك محرم، وشعر الرأس والجسد في ذلك سواء ].
قولهم في المذهب: (وشعر الرأس والجسد في ذلك سواء) فيه تكلف؛ لأنهم ساووا بين شعر الرأس وشعر الصدر وشعر اليد وشعر القدم.
فإذا أخذ رجل من قدمه شعرات يلزمونه بدم، وهذا كلام لا ينبغي، ولا نقبله؛ لأنه ليس عليه دليل، فنقول: حلق شعر الرأس فقط يلزمه الفدية.
وأجمعوا على أن المحرم ممنوع من تقليم أظفاره إلا من عذر؛ لأن قطع الأظفار إزالة جزء أحرم به، فحرم كإزالة الشعر، إلا أن ينكسر فله إزالته من غير فدية، وقد قالوا عن الأظافر ما قالوا عن الشعر، يعني: الظفر الواحد فديته مد، الظفران مدان، الثلاثة ثلاثة أمداد، والأربعة دم، وهكذا إذا زاد عن ثلاثة فعليه دم.
قال الشارح: [ قال ابن المنذر : أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على أن للمحرم أن يزيل ظفره بنفسه إذا انكسر؛ لأنه يؤذيه ويؤلمه أشبه الشعر يطلع في عينه، والصائل يصول عليه.
والقدر الذي يجب فيه الدم: أن يحلق ثلاث شعرات فصاعداً.
قال القاضي : هذا المذهب؛ لأنه شعر آدمي يقع عليه اسم الجمع المطلق، فجاز أن يتعلق به الدم كالربع.
وعنه: أن القدر الذي يجب به الدم أربع شعرات، وهو اختيار الخرقي ؛ لأنها كثير فوجب بها الدم كالربع فصاعداً ].
هذا الكلام في الحقيقة أيضاً كما ذكرنا مرجوح، والراجح أن الفدية واجبة بحلق الشعر، وهي على التخيير.
قال الشارح: [ وفي كل واحدة فما دونها مد من طعام يكون ضماناً لها، يعني: ما دون الثلاث؛ لأن ما ضمنت جملته ضمنت أبعاضه كالصيد، وعنه: في كل شعرة قبضة من طعام، روي ذلك عن عطاء ، وعنه في الشعرة درهم، وفي الشعرتين درهمان، والأول أولى، لما سبق، والأظفار كالشعر ومقيسة عليها ].
والحقيقة: هنا تفصيله في هذا الكلام ليس عليه دليل، فإذا انكسر ظفر من الحاج أو المعتمر فأزاله فلا شيء عليه .
وهكذا إن أخذ من أظفاره شيئاً ناسياً فلا شيء عليه؛ لأن الرجل الذي تطيب وهو محرم أمره النبي عليه الصلاة والسلام أن يضع الطيب عن نفسه، وما أمره بفدية؛ لأنه جاهل، فقد يرتكب المحظور جاهلاً وقد يرتكب المحظور ناسياً، وهناك محظورات يعفى عنها إن نسي ومحظورات لا يعفى عنها سنتحدث عنها إن شاء الله تعالى.
وإن خرج في عينه شعر فقلعه أو نزل شعره فغطى عينيه أو انكسر ظفر فقصه فلا شيء عليه.
فالمحظور أن يأخذ متعمداً، أما لو نسي رجل فأخذ من ظفره ناسياً أنه محرم فلا شيء عليه، لكن لو قلم أظافره وهو محرم متعمداً فهذا يلزمه الفدية وهي: صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين أو ذبح شاة.
والذبح يكون في أي وقت، هذا هو الصواب، لكن لابد أن يذبح في الحرم، ولا يلزم في وقت الحج؛ لأن الفدية بابها واسع، وأما الهدي فلابد أن يكون في أيام التشريق، فالهدي له مدة زمنية محددة، وهذا فرق بين الهدي وبين والفدية.
الفرق الثاني: أن الهدي يأكل منه ويذبحه في يوم النحر أو أيام التشريق، أما الفدية فيذبحها في الحرم في أي وقت ولا يأكل منها؛ لأنها كفارة.
فمثلاً: لو ارتكب الحاج محظوراً ثم عاد إلى مصر وأرسل إلى مكة بأربعمائة ريال وقال: اذبحوا عني فدية ووزعوها في الحرم بعد أشهر الحج، ففعله هذا صحيح؛ لأنه ارتكب محظوراً، وفدية المحظور يذبح متى شاء ولا شيء فيه، فانتبه لمثل هذا! فإن هذا من الفروق الجوهرية بين الهدي والفدية.
حكم لبس المحرم للمخيط
يحظر على المحرم أن يلبس المخيط، وهذا للرجل فقط، أما المرأة فتحرم في ملابسها، فهذا المحظور يخص الرجل. والمخيط عندنا هو ما يفصل على الجسد؛ لأن البعض يظن أن المخيط ما كان به خيط، وهذا جهل مركب، فإن في كل الثياب خيط، حتى في الإزار الذي يلبس، وفي الحزام الذي يربط، وفي الخف الذي يلبس، فهذا ليس معناه أن يخلعوا الساعات لأن حزامها جلد فيه خيط. فهي من المخيط؛ ففهموا أن المخيط هو كل ما فيه خيط، وليس كذلك فإن المخيط هو ما يفصل على الجسد.
ثم قال: [ إلا ألا يجد إزاراً فيلبس السراويل ] والإزار للمكان الأسفل، والرداء للمكان الأعلى، فإذا لم تجد إزاراً فالبس السروال الذي ليس مخيطاً، وليس السروال المفصل على الجسد مثل (البيجامة) ونحوها.
فالمحرم إن لم يجد الإزار يلبس السروال وإن لم يجد نعلين فيلبس خفين، لكن شريطة أن يجعل الخفين تحت الكعبين، والكعب: هو النتوء الذي يبرز من اليمين واليسار في القدم، يلبس بحيث يكون حائط الخف أسفل الكعب ولا يعلو ذلك.
قال الشارح: [ أو لا يجد نعلين فيلبس خفين ولا فدية عليه، قال ابن المنذر : أجمع أهل العلم على أن المحرم ممنوع من لبس القميص والسراويل والخفاف والبرانس ].
ننتبه من إجماعات ابن المنذر ، قال علماؤنا: لا تعتد بإجماع ابن المنذر ولا تصحيح الحاكم ولا وضع ابن الجوزي ، فـابن الجوزي متساهل ممكن يقول على حديث في مسلم : موضوع، فلا تعتد به.
والحاكم يصحح بسهولة، وابن المنذر يتساهل في نقل الإجماع، فأحياناً يقول: أجمعوا ولا إجماع، فإجماعات ابن المنذر في كتابه تحتاج إلى استئناس من ناقل آخر، يعني: لا تقل: المسألة فيها إجماع ودليلي أن ابن المنذر نقل الإجماع؛ لأن ابن المنذر يحتاج إلى من يكون بجنبه يؤيد نقله.
وكذلك أيضاً هنا ابن قدامة قال: وأجمع العلماء، وهذه المسألة ليس فيها إجماع، وكلمة إجماع قد تطلق ويراد بها إجماع أهل المذهب أو إجماع أهل المصر أو إجماع علماء معينين.. وهكذا.
قال الشارح: [ قال ابن المنذر : أجمع أهل العلم على أن المحرم ممنوع من لبس القمص والسراويل والخفاف والبرانس.
والأصل في هذا ما روى ابن عمر أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما يلبس المحرم من الثياب؟ ..) ]. والحديث هذا متفق عليه.
فهذا الرجل يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عما يلبس المحرم من ثياب، والأصل أن يلبس كل شيء، والمحظور لبس أشياء معينة، فعدد له ما لا يلبس وهذه إجابة حكيم صلى الله عليه وسلم، فالسؤال عما يلبس، فأجابه بما لا يلبس والباقي يلبسه، فقال: (لا تلبس القمص)، والقميص للرجل والجلباب للمرأة، قال تعالى: يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ [الأحزاب:59].
قال: (لا تلبسوا القمص ولا العمائم)، فغطاء الرأس لا يجوز، وبعض المحرمين إذا ما نام وهو محرم يلتف بالبطانية ويدخل رأسه تحتها، وهذا لا يجوز؛ لأنه غطى الرأس.
والبعض أيضاً يضع على أنفه الكمامة ثم يرفعها إلى أعلى رأسه ويضعها مثل الطاقية على رأسه ويمشي، وهذا أيضاً غطى جزء من الرأس لا يجوز.
وفي مرة من المرات في مطار جدة كانوا يعطون حقن تطعيم للحاج الذي لم يطعم، فرأيت رجلاً يأتي بكالونيا ويمسح مكان الحقنة للمحرم، وهذا طيب، فانظروا إلى المحظورات التي ترتكب.
ومحرم آخر أتى بصابونة (لوكس) ودخل يغتسل بها، وهذا طيب لا يجوز، وهكذا معجون أسنان برائحة هذا لا يجوز.. إلى غير ذلك من المحظورات التي تقع بغير عمد أو بغير دراية.
قال: (لا تلبسوا القمص ولا العمائم ولا السراويلات ولا البرانس)، البرانس هي غطاء الرأس، فإن لم يجد قميصاً فيلبس سروالاً، والسراويلات المفصلة على الجسد لا تجوز، والسروال الفضفاض الواسع يلبسه في حالة عدم وجود الإزار أو الرداء.
قال: (ولا الخفاف إلا أحد لا يجد نعلين فيلبس الخفين وليقطعهما أسفل من الكعبين، ولا تلبسوا من الثياب شيئاً مسه الزعفران ولا الورس)، يعني: الطيب، متفق عليه.
يعني: لا تلبس من الثياب شيئاً مسه الزعفران، ولذلك ذكرنا قبل ذلك: أن المحرم حينما يحرم يطيب المغابن والمفارق ولا يطيب الإحرام، فيضع عليه طيباً كما يفعل البعض.
قال الشارح: [ وروى ابن عباس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب بعرفات: (من لم يجد نعلين فليلبس الخفين، ومن لم يجد إزاراً فليلبس سروايل المحرم) متفق عليه، وهو ظاهر في إسقاط الفدية؛ لأنه لم يذكرها ].
إذاً: محظورات الإحرام تسعة. ذكرنا منها ثلاثة، ويبقى ستة، ذكرنا منها حلق الرأس ثم تقليم الأظافر ثم لبس المخيط.
وإن شاء الله نكمل بعد ذلك بقية المحظورات، ومن المحظورات ما عليه فدية، ومنها ما لا يلزم فيه فدية، ومنها ما فيه فدية مغلظة، ومنها ما فيه فدية غير مغلظة.. إلى غير ذلك، وهذا ما سنبينه إن شاء الله في اللقاء القادم.
قال المصنف: [ ففي ثلاثة منها دم، وفي كل واحد مما دونها مد طعام وهو ربع الصاع ].
بمعنى: لو أن رجلاً أخذ من رأسه وهو محرم ثلاث شعرات فأكثر فعليه دم، فإن أخذ شعرتين ففي كل شعرة مد، والمد ربع صاع، فكأنه قال: الشعرة الأولى عليها مد والشعرة الثانية مد والشعرة الثالثة مد، فإذا زاد عن هذا الحد يلزمه دم، ولكن هذا الكلام فيه تكلف، والشيخ ابن عثيمين يرى أن المحظور هو حلق كل الرأس، أما شعرة وشعرتان وثلاث فما سمعنا بهذا.
فمثلاً: رجل محرم حك رأسه فنزلت أربع أو خمس شعرات مرة واحدة، فهل نقول له: عليك دم؟ هذا كلام ما ينبغي، فالمحظور على المحرم أن يحلق كل الرأس؛ لأن الله قال: فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ [البقرة:196].
والمذهب أيضاً قاس على شعر الرأس كل الشعور، فإن أخذ من شعر صدره أو قدمه أو أي مكان من جسده ثلاثاً أو أربعاً أوجبوا عليه الدم.
فأقول: أجمع أهل العلم على أن المحرم ممنوع من أخذ شعره إلا من عذر، قال تعالى: وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ [البقرة:196].
وروى البخاري ومسلم عن كعب بن عجرة أنه قال له النبي صلى الله عليه وسلم: (لعلك تؤذيك هوام رأسك؟ ..) الحديث.
فـكعب بن عجرة كان فيه مرض جلدي في رأسه، فقال له النبي عليه الصلاة والسلام: (احلق رأسك يا
إذاً: (أو) على التخيير وليس على الترتيب، فإذا جاءك رجل وقال: أنا عندي ألم في رأسي وأريد أن أحلق، فقل له: احلق لكن يلزمك فدية، والفدية هي صيام ثلاثة أيام، لكن هل يشترط أن يصوم هذه الثلاثة الأيام في الحج؟ أو يشترط أن يصوم جزءاً منها في الحرم وجزءاً إذا عاد؟ الجواب: يصومها متى شاء وأينما شاء، هذا طالما أنها فدية فعل محظور، وأما فدية ترك الواجب فكما قال تعالى: فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ [البقرة:196].
قال: (صم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين أو اذبح شاة) كلمة: (أو) للتخيير، فأنت مخير، وسنأتي إلى الفدية في باب مستقل ونشرحها بالتفصيل إن شاء الله تعالى.
قال: [ وهذا يدل على أن الحلق قبل ذلك محرم، وشعر الرأس والجسد في ذلك سواء ].
قولهم في المذهب: (وشعر الرأس والجسد في ذلك سواء) فيه تكلف؛ لأنهم ساووا بين شعر الرأس وشعر الصدر وشعر اليد وشعر القدم.
فإذا أخذ رجل من قدمه شعرات يلزمونه بدم، وهذا كلام لا ينبغي، ولا نقبله؛ لأنه ليس عليه دليل، فنقول: حلق شعر الرأس فقط يلزمه الفدية.
وأجمعوا على أن المحرم ممنوع من تقليم أظفاره إلا من عذر؛ لأن قطع الأظفار إزالة جزء أحرم به، فحرم كإزالة الشعر، إلا أن ينكسر فله إزالته من غير فدية، وقد قالوا عن الأظافر ما قالوا عن الشعر، يعني: الظفر الواحد فديته مد، الظفران مدان، الثلاثة ثلاثة أمداد، والأربعة دم، وهكذا إذا زاد عن ثلاثة فعليه دم.
قال الشارح: [ قال ابن المنذر : أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على أن للمحرم أن يزيل ظفره بنفسه إذا انكسر؛ لأنه يؤذيه ويؤلمه أشبه الشعر يطلع في عينه، والصائل يصول عليه.
والقدر الذي يجب فيه الدم: أن يحلق ثلاث شعرات فصاعداً.
قال القاضي : هذا المذهب؛ لأنه شعر آدمي يقع عليه اسم الجمع المطلق، فجاز أن يتعلق به الدم كالربع.
وعنه: أن القدر الذي يجب به الدم أربع شعرات، وهو اختيار الخرقي ؛ لأنها كثير فوجب بها الدم كالربع فصاعداً ].
هذا الكلام في الحقيقة أيضاً كما ذكرنا مرجوح، والراجح أن الفدية واجبة بحلق الشعر، وهي على التخيير.
قال الشارح: [ وفي كل واحدة فما دونها مد من طعام يكون ضماناً لها، يعني: ما دون الثلاث؛ لأن ما ضمنت جملته ضمنت أبعاضه كالصيد، وعنه: في كل شعرة قبضة من طعام، روي ذلك عن عطاء ، وعنه في الشعرة درهم، وفي الشعرتين درهمان، والأول أولى، لما سبق، والأظفار كالشعر ومقيسة عليها ].
والحقيقة: هنا تفصيله في هذا الكلام ليس عليه دليل، فإذا انكسر ظفر من الحاج أو المعتمر فأزاله فلا شيء عليه .
وهكذا إن أخذ من أظفاره شيئاً ناسياً فلا شيء عليه؛ لأن الرجل الذي تطيب وهو محرم أمره النبي عليه الصلاة والسلام أن يضع الطيب عن نفسه، وما أمره بفدية؛ لأنه جاهل، فقد يرتكب المحظور جاهلاً وقد يرتكب المحظور ناسياً، وهناك محظورات يعفى عنها إن نسي ومحظورات لا يعفى عنها سنتحدث عنها إن شاء الله تعالى.
وإن خرج في عينه شعر فقلعه أو نزل شعره فغطى عينيه أو انكسر ظفر فقصه فلا شيء عليه.
فالمحظور أن يأخذ متعمداً، أما لو نسي رجل فأخذ من ظفره ناسياً أنه محرم فلا شيء عليه، لكن لو قلم أظافره وهو محرم متعمداً فهذا يلزمه الفدية وهي: صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين أو ذبح شاة.
والذبح يكون في أي وقت، هذا هو الصواب، لكن لابد أن يذبح في الحرم، ولا يلزم في وقت الحج؛ لأن الفدية بابها واسع، وأما الهدي فلابد أن يكون في أيام التشريق، فالهدي له مدة زمنية محددة، وهذا فرق بين الهدي وبين والفدية.
الفرق الثاني: أن الهدي يأكل منه ويذبحه في يوم النحر أو أيام التشريق، أما الفدية فيذبحها في الحرم في أي وقت ولا يأكل منها؛ لأنها كفارة.
فمثلاً: لو ارتكب الحاج محظوراً ثم عاد إلى مصر وأرسل إلى مكة بأربعمائة ريال وقال: اذبحوا عني فدية ووزعوها في الحرم بعد أشهر الحج، ففعله هذا صحيح؛ لأنه ارتكب محظوراً، وفدية المحظور يذبح متى شاء ولا شيء فيه، فانتبه لمثل هذا! فإن هذا من الفروق الجوهرية بين الهدي والفدية.
استمع المزيد من الشيخ أسامة سليمان - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
العدة شرح العمدة [13] | 2697 استماع |
العدة شرح العمدة [68] | 2620 استماع |
العدة شرح العمدة [26] | 2596 استماع |
العدة شرح العمدة [3] | 2518 استماع |
العدة شرح العمدة [1] | 2476 استماع |
العدة شرح العمدة [62] | 2374 استماع |
العدة شرح العمدة [19] | 2338 استماع |
العدة شرح العمدة [11] | 2333 استماع |
العدة شرح العمدة [56] | 2302 استماع |
العدة شرح العمدة [15] | 2239 استماع |