العدة شرح العمدة [25]


الحلقة مفرغة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.

وبعد:

لا يدخل مع المغسل أكثر من اثنين، فيكون عند الميت ثلاثة فقط، المغسل واثنان من أقاربه، أحدهما من أهل الصلاح والتقوى؛ ليزداد عظة وعملاً صالحاً ويساعد في غسله ويعلم السنة، والرجل الآخر يكون من أهل المعاصي -ونعوذ بالله تعالى- ليرق قلبه ويتعظ ويستعد للموت. قال العلماء: يستحب أن يكون مع المغسل رجلان من أقارب الميت، أحدهما من أهل الطاعة والآخر من أهل المعصية.

ثم قبل تغسيل الميت لا بد من استعداد المغسل لعملية الغسل بالآتي:

أولاًً: واقي اليد الذي نسميه الجونتي، فيلبسه المغسل؛ لأنه سيباشر مسألة تنجية الميت واستخراج الفضلات، ولا يجوز أن يمس عورة الميت بيده، وكل هذه الأمور تلزمه أن يلبس واقياً على يده، وهذا الواقي يسمى في الفقه خرقة، وتسمى اليوم الجونتي.

ثانياً: الكمامة حتى يدفع بها الروائح الكريهة.

ثالثاً: ساتر بلاستيك يلبسه فوق ملابسه؛ حتى يقي نفسه من الأوساخ والأدران أثناء عملية الغسل.

رابعاً: حذاء بوت بلاستيك.

وكذلك يستعد المعاونان بهذه الأشياء.

وأما التعامل مع الميت فبعد التحقق من موته نقوم بتغميض العينين بالأصبعين، ففي حديث أبي سلمة : (أن النبي صلى الله عليه وسلم غمض عينيه، وقال: إن العين تتبع الروح).

ثم شد اللحيين برباط شديدة تقفل الفم.

ثم يؤتى بثقل يوضع على بطن الميت حتى لا ينتفخ.

ثم يبدأ في تليين مفاصل الميت، فتلين مفاصل اليد اليمنى ثم اليسرى؛ لأن أعصاب الميت بعد موته تكون مفككة فتستجيب للتليين، ثم تلين قدماه، وإذا لم تلين المفاصل فستكون شديدة صعبة عند الغسل، فلا بد من التليين بين وقت وآخر حتى يأتي المغسل.

وبعد تليين المفاصل يترك الميت ويؤتى بسترة أو بغطاء كبير يغطي جسد الميت ويفرش فوق جسده، وهذا ما تم فعله مع سيد البشر صلى الله عليه وسلم حيث غطوه بعد موته.

وأما مسألة توجيه الميت إلى القبلة فهي مسألة خلافية، ولكن الشيخ ابن عثيمين يرى أن مجموع الأحاديث يرقى إلى درجة الحسن، وأنه يستحب أن يوجه الميت إلى القبلة.

إذا جاء المغسل فإنه يبدأ في الاستعداد لعملية الغسل، وأول شيء يفعله رفع الغطاء الذي على الميت، ثم يدفعه للمساعد الذي بجواره، ثم يبدأ بتجريد الميت من ملابسه، ومسألة تجريد الميت من ملابسه مسألة مهمة، ولا بد أن تكون بحكمة؛ لأن الميت يتأذى كما يتأذى الحي، فيبدأ بفك أزرار الثياب ثم يرفع اليد اليمنى، وهكذا حتى ينتهي من تجريده من قميصه العام، وعندما يصل موضع ظهور العورة يستعين بالسترة.

وعورة المرأة بين النساء من السرة إلى الركبة كعورة الرجل. ثم يأخذ الثقل ويدفعه للمعاون، ويضع السترة على الميت يستره بها، والميت مجرد من كل ملابسه بين يديه.

ثم يأتي بماء وسدر وماء وكافور، ويكون قد استعد بإعداد هذا الماء قبل ذلك، والسدر ورق النبق، قال العلماء: لكل أربعة جوالين ماء مقدار فنجان كبير من السدر من فناجين القهوة، ويطحن ورق السدر طحناً، وأما الكافور فيباع عند العطارين، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لـأم عطية عند تغسيل ابنته زينب : (اغسلنها بماء وسدر ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً أو زدن على ذلك إن رأيتن ذلك، واجعلن في الأخيرة كافوراً أو شيئاً من كافور) . فالغسلة الأخيرة يكون بها ماء وكافور.

ويغني عن الماء والسدر الماء والمسك أو الماء والطيب. وقبل الغسل يقوم المغسل بتنجية الميت التي يسميها العوام: النحنحة.

كيفية غسل فرج الميت

مسألة غسل الميت لها ثلاث خطوات متتالية.

أولاً: تنجية الميت، إما بالضغط على بطن الميت بخفة، فيضغط باليد اليمنى ثم يدخل يده اليسرى إلى دبره لاستخراج الفضلات، ويكون بجواره إناء ثالث فارغ يضع فيه الفضلات ثم يغسل يده في إناء بعيد، ثم يعود للضغط واستخراج الفضلات حتى تخرج اليد بيضاء ليس فيها أي مخلفات أو رواسب، وبهذه الطريقة يضمن أن بطن الميت قد تفرغ تماماً مما فيه.

غسل النظافة

ثم يفك الرباط الذي على اللحية عندما يبدأ في غسل النظافة، فيغسل الميت بالماء والصابون، ويبدأ أولاً برأس الميت، وليكن معه ليفة في غسل النظافة، ويقوم بغسل الميت كما يغتسل الحي، وأول شيء يغسله الرأس ثلاث مرات بالصابون والليفة، ثم ينتقل إلى الشق الأيمن، فيغسله تحت الإبط بالليفة، ويغسل الشق الأيمن من أعلى إلى أصابع القدمين من الأمام ومن الخلف، ثم يرفعه ويغسله من الناحية اليسرى بالصابون والليفة، والسترة كما هي، ثم يدخل يده إلى السرة، ولا يقترب من العورة، ولا ينظر إليها ولا يمسها، ثم يعمم جسده بالماء كغسل الحي. وبهذا يكون قد انتهى من غسل النظافة.

وضوء الميت

ثم يبدأ بالوضوء، فيقول: باسم الله، كما لو كان يتوضأ وهو حي، فوضوء الميت كوضوء الحي تماماً إلا في المضمضة، فلا يدفع الماء إلى داخل فمه وإنما من الخارج، فقط على باب الأسنان، ولا يدخل إصبعه داخل الفم، وإنما على فتحة الشفتين يمسهما يميناً ويساراً ثلاث مرات، ثم الاستنشاق يتم بيسر.

فتفعل ما بوسعك مع الميت، فتأخذ قطنة وتمررها على أسنانه يميناً ويساراً باليد اليمنى والاستنثار باليسرى ثلاث مرات، ثم تغسل وجه الميت ثلاث مرات، ثم اليد اليمنى حتى المرفقين ثلاث مرات، ثم اليد اليسرى ثلاثاً حتى المرفقين، ثم تمسح رأسه مقبلاً ومدبراً كوضوء الحي، ثم تمسح الأذنين مع الرأس مسحة واحدة كوضوء الحي، ثم تغسل قدميه، فتبدأ باليمنى وتخلل أصابعها، ثم اليسرى.

ثم تغسل الميت غسل النظافة مستخدماً الماء والسدر في الغسلة الأولى، مبتدئاً بالرأس ثلاث مرات، ثم تغسل الشق الأيمن بالماء والسدر أيضاً وتحت السترة من الأمام والظهر، ثم تنتقل إلى الشق الأيسر، ثم ترفع الميت قليلاً حتى تغسل ظهره، ثم تنتقل إلى البطن وتعمم الجسد بالماء تماماً، ثم تفعل ذلك بالميت ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً، وتجعل في الأخيرة كافوراً أو شيئاً من كافور.

وبعد أن تنتهي نشف الميت تنشيفاً عاماً، والسترة ما زالت موجودة.

مسألة غسل الميت لها ثلاث خطوات متتالية.

أولاً: تنجية الميت، إما بالضغط على بطن الميت بخفة، فيضغط باليد اليمنى ثم يدخل يده اليسرى إلى دبره لاستخراج الفضلات، ويكون بجواره إناء ثالث فارغ يضع فيه الفضلات ثم يغسل يده في إناء بعيد، ثم يعود للضغط واستخراج الفضلات حتى تخرج اليد بيضاء ليس فيها أي مخلفات أو رواسب، وبهذه الطريقة يضمن أن بطن الميت قد تفرغ تماماً مما فيه.

ثم يفك الرباط الذي على اللحية عندما يبدأ في غسل النظافة، فيغسل الميت بالماء والصابون، ويبدأ أولاً برأس الميت، وليكن معه ليفة في غسل النظافة، ويقوم بغسل الميت كما يغتسل الحي، وأول شيء يغسله الرأس ثلاث مرات بالصابون والليفة، ثم ينتقل إلى الشق الأيمن، فيغسله تحت الإبط بالليفة، ويغسل الشق الأيمن من أعلى إلى أصابع القدمين من الأمام ومن الخلف، ثم يرفعه ويغسله من الناحية اليسرى بالصابون والليفة، والسترة كما هي، ثم يدخل يده إلى السرة، ولا يقترب من العورة، ولا ينظر إليها ولا يمسها، ثم يعمم جسده بالماء كغسل الحي. وبهذا يكون قد انتهى من غسل النظافة.

ثم يبدأ بالوضوء، فيقول: باسم الله، كما لو كان يتوضأ وهو حي، فوضوء الميت كوضوء الحي تماماً إلا في المضمضة، فلا يدفع الماء إلى داخل فمه وإنما من الخارج، فقط على باب الأسنان، ولا يدخل إصبعه داخل الفم، وإنما على فتحة الشفتين يمسهما يميناً ويساراً ثلاث مرات، ثم الاستنشاق يتم بيسر.

فتفعل ما بوسعك مع الميت، فتأخذ قطنة وتمررها على أسنانه يميناً ويساراً باليد اليمنى والاستنثار باليسرى ثلاث مرات، ثم تغسل وجه الميت ثلاث مرات، ثم اليد اليمنى حتى المرفقين ثلاث مرات، ثم اليد اليسرى ثلاثاً حتى المرفقين، ثم تمسح رأسه مقبلاً ومدبراً كوضوء الحي، ثم تمسح الأذنين مع الرأس مسحة واحدة كوضوء الحي، ثم تغسل قدميه، فتبدأ باليمنى وتخلل أصابعها، ثم اليسرى.

ثم تغسل الميت غسل النظافة مستخدماً الماء والسدر في الغسلة الأولى، مبتدئاً بالرأس ثلاث مرات، ثم تغسل الشق الأيمن بالماء والسدر أيضاً وتحت السترة من الأمام والظهر، ثم تنتقل إلى الشق الأيسر، ثم ترفع الميت قليلاً حتى تغسل ظهره، ثم تنتقل إلى البطن وتعمم الجسد بالماء تماماً، ثم تفعل ذلك بالميت ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً، وتجعل في الأخيرة كافوراً أو شيئاً من كافور.

وبعد أن تنتهي نشف الميت تنشيفاً عاماً، والسترة ما زالت موجودة.

ثم تأتي بطيب وتطيب المغابن ومواضع السجود السبعة، وهي: الجبهة والأنف والكفين ثم الركبتين ثم أصابع القدمين. وكذلك تطيب بين الفخذين؛ لأنهما مظنة عدم وصول الماء إليهما، أو مظنة لحمل الأوساخ، فإن طيبت الميت كله فلا بأس.

وإذا لم ينقطع خروج الفضلات من الميت، فإننا نأتي بقطن وندخله إلى دبر الميت ونغلق به فتحة الدبر بعد أن نطيب هذا القطن طويلاً، ثم نقوم بربط هذا القطن بشيء من القماش، حتى إذا خرج منه وجد هذا الشيء يحفظه.