الهجرة


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، شرع لنا ديناً قويماً، وهدانا صراطاً مستقيماً، وأسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنة، يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ [فاطر:3]، خلقنا من عدم، وأطعمنا من جوع، وكسانا من عري، وعلمنا من جهل، والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً.

فالحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وكشف الغمة، فما ترك من خير يقربنا من الجنة إلا وأمرنا به، وما من شر يقربنا من النار إلا ونهانا عنه، فترك الأمة على المحجة البيضاء ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك.

اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه في الأولين والآخرين، والملأ الأعلى إلى يوم الدين.

أما بعد:

أيها الإخوة الكرام الأحباب! إن من حكمة الحديث أن يوافق الزمان، واليوم الأمة تنتظر عاماً هجرياً جديداً، فلابد أن يكون الحديث متعلقاً بالهجرة، لكن من منظور آخر ألا وهو مفهوم الهجرة.

يقسم العلماء الهجرة إلى ثلاثة أقسام: هجرة أوطان، وهجرة أبدان، وهجرة أعمال.

فهيا بنا نعيش مع هذه الأنواع؛ لنربط بينها وبين سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ثم ننظر في واقعنا: متى تجب هجرة الأوطان؟ ومتى تجب هجرة الأبدان؟ ومتى تجب هجرة الأعمال؟

الهجر لغة: هو الترك، يقول ربنا: وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا [المزمل:10].

وقال للزوج في حال المرأة الناشز التي لا تطيعه: وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ [النساء:34] فالهجر هنا بمعنى: الترك.

هجرة الأوطان

فأنت تهجر الوطن عندما لا تأمن فيه على دينك، وتضطهد فيه في عقيدتك، ولا تظهر فيه شعائر الإسلام؛ ولذلك نبينا عليه الصلاة والسلام أذن لأصحابه بالهجرة من مكة إلى المدينة.

أذن لهم بالهجرة من مكة وهي أشرف بقاع الأرض، لكن حينما يضطهد المرء في دينه، ولا يستطيع أن يظهر الصلاة، ولا يستطيع أن يظهر شعائر الدين، فلابد -إن كان قادراً- أن يهاجر، يقول ربنا: إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا [النساء:97].

ولذلك الفرق بين دار الحرب، ودار الإسلام موضوع مهم جداً، فما هي دار الكفر التي يجب على المسلم أن يتركها؟

يعرف العلماء -وهو الراجح-: دار الكفر: هي التي لا يأمن المرء فيها على دينه، يضطهد في عقيدته، لا يظهر الشعائر؛ ولذلك الفتوى الراجحة لمن تضطهد في دينها بعدم الحجاب الشرعي: إن كانت قادرة على الهجرة يجب عليها أن تهاجر، أو تلازم البيت؛ إلا إذا كانت مستضعفة ولا تملك حيلة.

كذلك من الهجرة: هجرة مواطن السوء، وهذه نقطة مهمة جداً، فلا ينبغي أن تكون في موطن يعينك على المعصية، ينبغي أن تهجر هذه المواطن إلى مواطن الطاعة، فإنه لما أراد الرجل الذي قتل مائة نفس أن يتوب إلى الله قال له العالم: لابد أن تهجر أرض السوء التي تقيم فيها، وهذه من شروط التوبة، إذ إن من شروط التوبة: أن تقلع وتعزم.

وانظروا إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم في حد الزاني البكر، إذا زنى وهو بكر قبل الزواج عقوبته الشرعية جلد مائة، وتغريب عام، يغرب عاماً حتى ينسى أرض المعصية، وتنساه أرض المعصية؛ ولذلك من حكمة الشرع: أنه لا ينبغي أن يعير العاصي بمعصيته، ولا أن ننشر معصية العاصي بين الناس؛ لأن هذا من قبيل إشاعة الفاحشة؛ ولذلك اشترط لثبوت جريمة الزنا شرعاً أربعة شهود، وهذا شرط صعب للغاية، فإنه ما أقيم حد الزنا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم بأربعة شهود، وإنما بالإقرار، كإقرار ماعز وإقرار الغامدية ، فتوافر أربعة شهود صعب حتى نقضي على الفاحشة في مهدها، فما لأولئك القوم يكتبون ويسطرون في جرائدهم وفي صحفهم: أخبار الحوادث، أو جريمة زنا في مكان كذا تعريضاً؟ إن الله يقول عن الزانية والزاني: فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا [النساء:16] ومعنى الإعراض: عدم تذكير العاصي بمعصيته.

يقابلك الرجل من هؤلاء فيقول: أتذكر يوم أن كنت..؟ هو يذكره، لكن الله قال: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ [الأنفال:38].

والتوبة تجب ما قبلها، ومن مضمون التوبة هجرة الأوطان، فيجب على المسلم أن يكون في الوطن الذي يعينه على طاعة الله، واليوم يسافر شبابنا من بلاد المسلمين إلى بلاد الكفر، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (أنا بريء من كل مسلم أقام بين أظهر المشركين)، قال ذلك؛ لأن المجتمع الكافر سيساعده على المعصية.

فمن العبث أن ترى المسلم في المسجد ثم تراه في مقهى، هل هذا الرجل يهجر الأوطان؟ هل هذا الرجل يهجر أوطان السوء؟ هل يكون في المسجد، ثم يكون في أماكن الفواحش؟! لا يمكن بحال، لذلك أذن النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه بالهجرة.

إن فتنة الدين تتمثل في السخرية والتضييق والاضطهاد، والصحابة خرجوا جميعاً وتركوا المال والولد مصداقية مع الله، أما نحن فنجيد رفع الشعارات فقط، ونجيد الهتافات، فإن من بلاء الصحابة: البلاء الأول: الاضطهاد. البلاء الثاني: ترك الوطن الذي يعيش فيه، وترك الولد أحياناً، وترك البيئة التي ارتبط بها، فالجميع ما إن أذن لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلا وهبوا جميعاً للهجرة، وتركوا كل متاعهم خلف ظهورهم، فجاء أبو بكر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يقول: يا رسول الله! لم يبق في مكة إلا علي بن أبي طالب) والنبي صلى الله عليه وسلم تركه لينام في فراشه ويرد ودائع المشركين، فطالما أمنونا عليها لا ينبغي أن نستحلها.

كل الصحابة هاجروا سراً إلا عمر هاجر جهراً، وطاف بالبيت ثم قال للناس: من أراد أن تفقده أمه، وييتم أولاده، فليلقني خلف هذا الوادي، فما خرج إليه أحد.

جاء الصديق إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليأذن له بالهجرة فقال بأدب: (يا رسول الله! ائذن لي. قال: يا أبا بكر ! لعل الله يأمرني بالهجرة فانتظر فهي الصحبة)، فبكى أبو بكر من الفرح؛ لأنه سيكون صديق النبي صلى الله عليه وسلم في رحلة الهجرة.

تقول أمنا عائشة : كنت لا أعرف أن هناك من يبكي من الفرح إلا لما بكى أبي الصديق .

يقول صاحب الحلية: هو الصديق الملقب بالعتيق صاحب النبي صلى الله عليه وسلم في الحضر والأسفار، ورفيقه بعد الموت في الروضة المحفوفة بالأنوار، المنزل فيه من عالم الأسرار: ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ [التوبة:40] رضي الله عنه، ولعنة الله على الرافضة في كل زمن وحين، الذين يتجرءون على أصحاب النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

يقول العلماء: الطعن في الصحابة طعن في الشريعة، وطعن في شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم، وطعن في ذات الله؛ وذلك لأن الدين وصلنا عن طريق الصحابة، وعندما نطعن في الصحابة نطعن في الشريعة.

إن الإمام السيوطي له كتاب اسمه: إلقام الحجر لمن سب أبا بكر وعمر.

فسب الصحابة بدعة وردت إلينا من الرافضة.

جاء في البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم لما كان في مرض موته قال: (مروا أبا بكر فليصل بالناس).

وقال علي : هذا رجل ارتضاه النبي صلى الله عليه وسلم لديننا فارتضيناه لدنيانا، وهناك نصوص كثيرة تبين منزلة الصديق رضي الله عنه.

فلما علم الصديق بهجرة النبي صلى الله عليه وسلم عاد إلى بيته، وأعد راحلتين، وجهز العدة ليهاجر مع النبي عليه الصلاة والسلام.

هجرة الأبدان

القسم الثاني من الهجرة: هجرة الأبدان، وهي أن تهجر أصحاب السوء، فقد لعن الله بني إسرائيل لأن الرجل منهم كان ينصح الآخر فيقول: اتق الله أنت لا تصلي، اتق الله أنت تأكل الربا، وفي الصباح يؤاكله ويجالسه ويسافر معه. إنا لله وإنا إليه راجعون، فأنت مأمور أن تهجر أبدان أهل السوء إن أصروا على معصية، والهجر وسيلة للزجر، وإن رافقته وهو يعصي الله عز وجل فكأنك تقره على معصيته، لذلك قال إبراهيم لقومه: وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ [مريم:48].

وقال الله تعالى حاكياً عن أصحاب الكهف: وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ [الكهف:16].

ولا يستقيم أن امرأة منتقبة تسير مع امرأة مبنطلة وليس معنى ذلك: عدم الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، لكن لا بد أن يكون هناك توافق وتجانس؛ ولذلك ربنا يقول: الأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ [الزخرف:67].

هجرة الأعمال

يقول النبي عليه الصلاة والسلام: (والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه).

فمفهوم الهجرة المهم: أن تهجر المعاصي وأماكن السوء، هذا هو المفهوم الواسع للهجرة.

فأنت تهجر الوطن عندما لا تأمن فيه على دينك، وتضطهد فيه في عقيدتك، ولا تظهر فيه شعائر الإسلام؛ ولذلك نبينا عليه الصلاة والسلام أذن لأصحابه بالهجرة من مكة إلى المدينة.

أذن لهم بالهجرة من مكة وهي أشرف بقاع الأرض، لكن حينما يضطهد المرء في دينه، ولا يستطيع أن يظهر الصلاة، ولا يستطيع أن يظهر شعائر الدين، فلابد -إن كان قادراً- أن يهاجر، يقول ربنا: إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا [النساء:97].

ولذلك الفرق بين دار الحرب، ودار الإسلام موضوع مهم جداً، فما هي دار الكفر التي يجب على المسلم أن يتركها؟

يعرف العلماء -وهو الراجح-: دار الكفر: هي التي لا يأمن المرء فيها على دينه، يضطهد في عقيدته، لا يظهر الشعائر؛ ولذلك الفتوى الراجحة لمن تضطهد في دينها بعدم الحجاب الشرعي: إن كانت قادرة على الهجرة يجب عليها أن تهاجر، أو تلازم البيت؛ إلا إذا كانت مستضعفة ولا تملك حيلة.

كذلك من الهجرة: هجرة مواطن السوء، وهذه نقطة مهمة جداً، فلا ينبغي أن تكون في موطن يعينك على المعصية، ينبغي أن تهجر هذه المواطن إلى مواطن الطاعة، فإنه لما أراد الرجل الذي قتل مائة نفس أن يتوب إلى الله قال له العالم: لابد أن تهجر أرض السوء التي تقيم فيها، وهذه من شروط التوبة، إذ إن من شروط التوبة: أن تقلع وتعزم.

وانظروا إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم في حد الزاني البكر، إذا زنى وهو بكر قبل الزواج عقوبته الشرعية جلد مائة، وتغريب عام، يغرب عاماً حتى ينسى أرض المعصية، وتنساه أرض المعصية؛ ولذلك من حكمة الشرع: أنه لا ينبغي أن يعير العاصي بمعصيته، ولا أن ننشر معصية العاصي بين الناس؛ لأن هذا من قبيل إشاعة الفاحشة؛ ولذلك اشترط لثبوت جريمة الزنا شرعاً أربعة شهود، وهذا شرط صعب للغاية، فإنه ما أقيم حد الزنا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم بأربعة شهود، وإنما بالإقرار، كإقرار ماعز وإقرار الغامدية ، فتوافر أربعة شهود صعب حتى نقضي على الفاحشة في مهدها، فما لأولئك القوم يكتبون ويسطرون في جرائدهم وفي صحفهم: أخبار الحوادث، أو جريمة زنا في مكان كذا تعريضاً؟ إن الله يقول عن الزانية والزاني: فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا [النساء:16] ومعنى الإعراض: عدم تذكير العاصي بمعصيته.

يقابلك الرجل من هؤلاء فيقول: أتذكر يوم أن كنت..؟ هو يذكره، لكن الله قال: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ [الأنفال:38].

والتوبة تجب ما قبلها، ومن مضمون التوبة هجرة الأوطان، فيجب على المسلم أن يكون في الوطن الذي يعينه على طاعة الله، واليوم يسافر شبابنا من بلاد المسلمين إلى بلاد الكفر، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (أنا بريء من كل مسلم أقام بين أظهر المشركين)، قال ذلك؛ لأن المجتمع الكافر سيساعده على المعصية.

فمن العبث أن ترى المسلم في المسجد ثم تراه في مقهى، هل هذا الرجل يهجر الأوطان؟ هل هذا الرجل يهجر أوطان السوء؟ هل يكون في المسجد، ثم يكون في أماكن الفواحش؟! لا يمكن بحال، لذلك أذن النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه بالهجرة.

إن فتنة الدين تتمثل في السخرية والتضييق والاضطهاد، والصحابة خرجوا جميعاً وتركوا المال والولد مصداقية مع الله، أما نحن فنجيد رفع الشعارات فقط، ونجيد الهتافات، فإن من بلاء الصحابة: البلاء الأول: الاضطهاد. البلاء الثاني: ترك الوطن الذي يعيش فيه، وترك الولد أحياناً، وترك البيئة التي ارتبط بها، فالجميع ما إن أذن لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلا وهبوا جميعاً للهجرة، وتركوا كل متاعهم خلف ظهورهم، فجاء أبو بكر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يقول: يا رسول الله! لم يبق في مكة إلا علي بن أبي طالب) والنبي صلى الله عليه وسلم تركه لينام في فراشه ويرد ودائع المشركين، فطالما أمنونا عليها لا ينبغي أن نستحلها.

كل الصحابة هاجروا سراً إلا عمر هاجر جهراً، وطاف بالبيت ثم قال للناس: من أراد أن تفقده أمه، وييتم أولاده، فليلقني خلف هذا الوادي، فما خرج إليه أحد.

جاء الصديق إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليأذن له بالهجرة فقال بأدب: (يا رسول الله! ائذن لي. قال: يا أبا بكر ! لعل الله يأمرني بالهجرة فانتظر فهي الصحبة)، فبكى أبو بكر من الفرح؛ لأنه سيكون صديق النبي صلى الله عليه وسلم في رحلة الهجرة.

تقول أمنا عائشة : كنت لا أعرف أن هناك من يبكي من الفرح إلا لما بكى أبي الصديق .

يقول صاحب الحلية: هو الصديق الملقب بالعتيق صاحب النبي صلى الله عليه وسلم في الحضر والأسفار، ورفيقه بعد الموت في الروضة المحفوفة بالأنوار، المنزل فيه من عالم الأسرار: ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ [التوبة:40] رضي الله عنه، ولعنة الله على الرافضة في كل زمن وحين، الذين يتجرءون على أصحاب النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

يقول العلماء: الطعن في الصحابة طعن في الشريعة، وطعن في شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم، وطعن في ذات الله؛ وذلك لأن الدين وصلنا عن طريق الصحابة، وعندما نطعن في الصحابة نطعن في الشريعة.

إن الإمام السيوطي له كتاب اسمه: إلقام الحجر لمن سب أبا بكر وعمر.

فسب الصحابة بدعة وردت إلينا من الرافضة.

جاء في البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم لما كان في مرض موته قال: (مروا أبا بكر فليصل بالناس).

وقال علي : هذا رجل ارتضاه النبي صلى الله عليه وسلم لديننا فارتضيناه لدنيانا، وهناك نصوص كثيرة تبين منزلة الصديق رضي الله عنه.

فلما علم الصديق بهجرة النبي صلى الله عليه وسلم عاد إلى بيته، وأعد راحلتين، وجهز العدة ليهاجر مع النبي عليه الصلاة والسلام.

القسم الثاني من الهجرة: هجرة الأبدان، وهي أن تهجر أصحاب السوء، فقد لعن الله بني إسرائيل لأن الرجل منهم كان ينصح الآخر فيقول: اتق الله أنت لا تصلي، اتق الله أنت تأكل الربا، وفي الصباح يؤاكله ويجالسه ويسافر معه. إنا لله وإنا إليه راجعون، فأنت مأمور أن تهجر أبدان أهل السوء إن أصروا على معصية، والهجر وسيلة للزجر، وإن رافقته وهو يعصي الله عز وجل فكأنك تقره على معصيته، لذلك قال إبراهيم لقومه: وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ [مريم:48].

وقال الله تعالى حاكياً عن أصحاب الكهف: وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ [الكهف:16].

ولا يستقيم أن امرأة منتقبة تسير مع امرأة مبنطلة وليس معنى ذلك: عدم الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، لكن لا بد أن يكون هناك توافق وتجانس؛ ولذلك ربنا يقول: الأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ [الزخرف:67].




استمع المزيد من الشيخ أسامة سليمان - عنوان الحلقة اسٌتمع
التاريخ الأسود لليهود 2408 استماع
الوقت وحرص الصالحين عليه 2395 استماع
اللحوم المسمومة 2346 استماع
الرحلة في طلب العلم 2337 استماع
فاصبر صبراً جميلاً 2275 استماع
وثيقة حرمات لا حدود 2255 استماع
استكمال تفسير سورة الحاقة 2 2225 استماع
وقفة مع سورة الإنسان 2216 استماع
إنا بلوناهم 2093 استماع
ذرني ومن يكذب بهذا الحديث 2057 استماع