خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/911"> الشيخ الدكتور خالد بن عبد الله المصلح . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/911?sub=63092"> شرح الفتوى الحموية
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
شرح الفتوى الحموية [26]
الحلقة مفرغة
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين، أما بعد:
فيقول شيخ الإسلام رحمه الله تعالى رحمة واسعة: [ وكذلك قال أبو المعالي الجويني في كتابه (الرسالة النظامية): اختلف مسالك العلماء في هذه الظواهر، فرأى بعضهم تأويلها، والتزم ذلك في آي الكتاب وما يصح من السنن، وذهب أئمة السلف إلى الانكفاف عن التأويل، وإجراء الظواهر على مواردها، وتفويض معانيها إلى الرب. فقال: والذي نرتضيه رأياً وندين الله به عقيدة: اتباع سلف الأمة، والدليل السمعي القاطع في ذلك إجماع الأمة، وهو حجة متبعة، وهو مستند معظم الشريعة.
وقد درج صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم على ترك التعرض لمعانيها ودرك ما فيها، وهم صفوة الإسلام، والمستقلون بأعباء الشريعة، وكانوا لا يألون جهداً في ضبط قواعد الملة والتواصي بحفظها، وتعليم الناس ما يحتاجون إليه منها، فلو كان تأويل هذه الظواهر مسوغاً أو محتوماً؛ لأوشك أن يكون اهتمامهم بها فوق اهتمامهم بفروع الشريعة، وإذا انصرم عصرهم وعصر التابعين على الإضراب عن التأويل؛ كان ذلك هو الوجه المتبع، فحق على ذي الدين أن يعتقد تنزه الله عن صفات المحدثين، ولا يخوض في تأويل المشكلات، ويكل معناها إلى الرب تعالى، فليجر آية الاستواء والمجيء، وقوله لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ [ص:75]، وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ [الرحمن:27]، وقوله: تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا [القمر:14]، وما صح من أخبار الرسول كخبر النزول وغيره على ما ذكرناه ].
هذا آخر نقل ينقله الشيخ رحمه الله من النقول التي حشدها لتقرير مذهب أهل السنة والجماعة، وبيان أن طريقة أهل السنة لازمة حتى للمتكلمين، فإن كثيراً منهم قال فيما كتب وألف كلاماً يوافق فيه الصواب الذي جاء عن السلف الصالح رحمهم الله.
والنقل هنا عن أبي المعالي الجويني ، وهو من أئمة الأشاعرة الكبار، إلا أنه تميز عن سائر الأشاعرة بأنه خطا بالمذهب الأشعري خطوات غير قليلة نحو الاعتزال، فهو من أئمتهم الذين نزعوا إلى الطريقة الاعتزالية، والذي حمله على ذلك تناقض الطريقة الأشعرية واضطرابها.
والجويني كان في أول أمره مؤولاً، أي: محرفاً على طريقة المتكلمين، ثم إنه بعد أن رأى أن طريقته لا توصل إلى معرفة بالله سبحانه وتعالى، ولا إلى علم بما أخبر به سبحانه وتعالى عن نفسه؛ انصرف عن هذه الطريقة إلى ما اعتقده أنه طريق السلف وهو التفويض، فترك التأويل إلى التفويض، ولذلك قال : (وذهب أئمة السلف إلى الانكفاف عن التأويل) ومقصوده بالتأويل: التحريف الذي عليه المتكلمون (وإجراء الظواهر على مواردها وتفويض معانيها إلى الرب)، وهذا غلط منه كما غلط غيره في فهم منهج السلف، حيث ظن أن منهج السلف التفويض، وأن طريقهم عدم التعرض لمعاني هذه الأسماء والصفات، وقد تقدم إبطال هذا الطريق وإبطال هذا الأمر، وبيان أن أهل السنة والجماعة يفسرون كلام الله عز وجل وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم على الوجه الذي تحتمله اللغة، والوجه الظاهر منها، والذي يفهمه أهل اللسان، ومع ذلك فهم فيما يثبتونه لله سبحانه وتعالى من الأسماء والصفات لا يحرفون ولا يعطلون ولا يمثلون ولا يكيفون، بل يثبتون كل ذلك على قاعدتهم التي أخذوها من كتاب الله سبحانه وتعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشورى:11].
ثم قال : (والذي نرتضيه رأياً وندين الله به عقيدة: اتباع سلف الأمة، والدليل السمعي القاطع في ذلك) أي: في صحة هذا وهو وجوب اتباع السلف؛ (إجماع الأمة، وهو حجة متبعة)، فالأمة أجمعت على أن أفضل الطرق وأن خير السبل في جميع الأبواب العلمية والعملية الاعتقادية؛ هو طريق السلف، فلما كان الإجماع على ذلك، وكان طريقهم في باب أسماء الله وصفاته تختلف عن طريق المؤولين والمتكلمين، وجب الرجوع إليها.
ثم قال: (وهم صفوة الإسلام) ذكر بعد ذلك دليلاً عقلياً على صحة طريقهم الذي ثبت، وهو أنهم يثبتون ما أثبتوه لله عز وجل من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، قال :(درج أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على ترك التعرض لمعانيها)، والمقصود الصحيح من هذا الكلام أي: ترك تحريفها، وإلا فهم فسروا آيات الصفات وبينوا معانيها.
قال : (وهم صفوة الإسلام، والمستقلون بأعباء الشريعة، وكانوا لا يألون جهداً في ضبط قواعد الملة والتواصي بحفظه)، ولا شك أن من ظن غير هذا في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي التابعين وتابعيهم رضي الله عنهم ورحمهم الله؛ فقد كذب قوله صلى الله عليه وسلم: (خير القرون قرني، ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم) (وتعليم الناس ما يحتاجون إليه منها، فلو كان تأويل هذه الظواهر مسوغاً أو محكوماً؛ لأوشك أن يكون اهتمامهم بها فوق اهتمامهم بفروع الشريعة)؛ لأن العلم بالصفات هو أصل العلوم، إذ إنه علم بالله سبحانه وتعالى، وإنما جاءت الرسل وبعثت، وأنزلت الكتب لتعريف الخلق بربهم، فإذا كان الصحابة لم يهتموا بهذا -مع شدة الحاجة إليه- كان في ذلك اتهاماً لهم، بل لو كان الطريق الذي سلكه المتكلمون هو الطريق الصحيح؛ لكان اهتمام السلف في بيان صحة هذا الطريق وتقريره أعظم من اهتمامهم بأي أمر آخر.
والمتكلمون يعتذرون للصحابة والتابعين عن سلوك طريق المتأخرين، بأنهم كانوا مشغولين بتبليغ الرسالة والدعوة إليها، والجهاد في سبيل الله وما إلى ذلك، فانشغلوا عن الطرق الكلامية والحجج العقلية. وهذا كذب! لأنهم إنما انشغلوا بهذا لدعوة الناس إلى ما جاء به الكتاب والسنة، والكتاب والسنة قد جاءا بما اعتقده الصحابة رضي الله عنهم، ودعوا إليه من إثبات ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله، من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل.
ثم قال رحمه الله: (وإذا انصرم عصرهم وعصر التابعين على الإضراب عن التأويل، كان ذلك هو الوجه المتبع، فحق على ذي الدين أن يعتقد تنزه الباري عن صفات المحدثين) يعني: عن كلام المحدثين في باب أسماء الله وصفاته، وغير ذلك من الأبواب الغيبية.
قال: (ولا يخوض في تأويل المشكلات، ويكل معناها إلى الرب تعالى) والصواب في هذا أن يقال: وأن يحمل المشكلات على المحكمات، كما هو منهج الراسخين في العلم، الذين أثنى الله سبحانه وتعالى على طريقهم وسبيلهم.
قال: (فليجر آية الاستواء والمجيء، وقوله: لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ، وقوله:وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ ، وقوله:تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا ، وما صح من أخبار الرسول؛ كخبر النزول وغيره على ما ذكرناه)، يعني: ما ذكره من اعتقاده التفويض بمنهج السلف، ونحن نقول على ما سبق تقريره من القاعدة الكلية في هذا الباب؛ إن الحق هو إثبات ما أثبته الله لنفسه، أو أثبته له رسوله من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، وأن يعتقد أن كل كمال فالله به أولى، وأنه لا يلزم على كلام الله ولا على كلام رسوله صلى الله عليه وسلم باطل، إذ لو لزم على ذلك باطل لما صدق قوله جل وعلا : كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ [هود:1]، ولما صدق قوله سبحانه وتعالى: لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ [فصلت:42].
المهم أن أهل الكلام أقروا فيما كتبوه وفي آخر أمرهم وبعد تجوالهم في الطرق الكلامية، بسلامة طريق السلف، وأنه هو الطريق الموصل إلى معرفة الله سبحانه وتعالى، وهذا من فضل الله ونعمته، فالحمد لله الذي هدانا لما أضلهم عنه.
[ قلت: وليعلم السائل أن الغرض -من هذا الجواب- ذكر ألفاظ بعض الأئمة الذين نقلوا مذهب السلف في هذا الباب، وليس كل من ذكرنا شيئاً من قوله -من المتكلمين وغيرهم- يقول بجميع ما نقوله في هذا الباب وغيره، ولكن الحق يقبل من كل من تكلم به، وكان معاذ بن جبل رضي الله عنه يقول في كلامه المشهور عنه الذي رواه أبو داود في سننه: (اقبلوا الحق من كل من جاء به وإن كان كافراً -أو قال: فاجراً- واحذروا زيغة الحكيم! قالوا: كيف نعلم أن الكافر يقول كلمة الحق؟ قال: إن على الحق نوراً -أو قال كلاماً هذا معناه- ).
فأما تقرير ذلك بالدليل وإماطة ما يعرض من الشبه، وتحقيق الأمر على وجه يخلص إلى القلب ما يبرد به من اليقين، ويقف على مواقف آراء العباد في هذه المهامه، فما تتسع له هذه الفتوى، فقد كتبت شيئاً من ذلك قبل هذا، وخاطبت ببعض ذلك بعض من يجالسنا، وربما أكتب -إن شاء الله- في ذلك ما يحصل به المقصود ].
على ما كتب في تقرير هذا الباب وبيانه، فكتبه رحمه الله من أفضل ما كتب في تقرير مسائل الاعتقاد جملة وتفصيلاً، فرحمه الله وجزاه عن الأمة خيراً، والكلام واضح فيما نقله عن أهل العلم، لاسيما المتكلمون الذين لا يوافقون أهل السنة والجماعة، ولا يوافقون ما قرره الشيخ في كل ما قاله وما ذهب إليه، إنما قد يكونون وافقوا في بعض الأمور وخالفوه في البعض الآخر، وهذا فيه فائدة أشار إليها الشيخ: وهي أن الحق يقبل من كل من تكلم به، والحق يعرف بموافقته للكتاب والسنة، وما ذكره معاذ رحمه الله ورضي عنه في قوله: (إن على الحق نوراً)، فهذا النور الذي على الحق هو الذي ذكره الله سبحانه وتعالى في وصف كتابه، فإنه وصف كتابه بأنه نور، والنور الذي في الحق هو من نور كتاب الله جل وعلا.
قال أجزل الله مثوبته ورحمه: [ وجماع الأمر في ذلك: أن الكتاب والسنة يحصل منهما كمال الهدى والنور، لمن تدبر كتاب الله وسنة نبيه، وقصد اتباع الحق، وأعرض عن تحريف الكلم عن مواضعه، والإلحاد في أسماء الله وآياته، ولا يحسب الحاسب أن شيئاً من ذلك يناقض بعضه بعضاً ألبتة ].
كلام الله جل وعلا لا تناقض فيه، وهذا مقتضى الإحكام الذي وصفه به سبحانه وتعالى: كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ [هود:1]، أي: صينت وحفظت وأتقنت عن أن يكون فيها شيء من الاضطراب والاختلاف.
ثم انظر إلى الشروط التي يحصل بها الاهتداء بالحق، وهذان سطران فيهما إجمال الأسباب التي يهتدي بها الإنسان إلى الصواب. (جماع الأمر في ذلك: أن الكتاب والسنة يحصل منهما كمال الهدى والنور -بشرط:- لمن تدبر كتاب الله وسنة نبيه)، فالواجب التدبر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ [ص:29]، فالتدبر من أفضل ما يعين الإنسان على معرفة وفهم مقاصد الشريعة، والأصول الكلية في هذا الدين العظيم، فإن النية مطية كما قيل، وإنما الأعمال بالنيات، فإذا صدق العبد في نيته وفي طلبه للحق؛ فتح الله له الحق ويسره له، لكن إذا كانت نيته مشوبة، أو غير خالصة؛ فإنه لا يوفق لإصابة الصواب, قال: (وأعرض عن تحريف الكلم عن مواضعه) والصواب: أن يحسن الإنسان النية والقصد.
قال: (وأعرض عن تحريف الكلم عن مواضعه، والإلحاد في أسماء الله وآياته) أي: أعرض عن طريق المخالفين لمن فقه هذا الكتاب والسنة، والذين فقهوه هم السلف رحمهم الله، فإذا اجتمع في الطريق: تدبر وحسن قصد، وإعراض عن سبيل المخالفين للكتاب والسنة؛ وفق إلى خير كبير.
ثم أعطى قاعدة ليحل بها ما قد يرد على المؤمن من إشكالات في هذا الباب -في باب الأسماء والصفات وفي غيره-: (أن كلام الله جل وعلا لا يضطرب ولا يختلف)، فإذا حصل اضطراب أو اختلاف فليتهم الإنسان نفسه ورأيه، وإلا فكلام الله لا اضطراب فيه ولا اختلاف، ولذلك قال الله جل وعلا: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً [النساء:82] فالله سبحانه وتعالى دعا الخلق إلى تدبر هذا الكتاب.
ثم أخبر بأن الكتاب لا اختلاف فيه؛ لأنه منه، وهذا يشير إلى أن الاختلاف الذي قد ينقدح في ذهن أحد أو يظنه ظان، إنما أتي وأصيب به من قبل عدم تدبره ونظره.. أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً ، لكن لما كان من عند الله فلا اختلاف فيه, والسبيل إلى الوقوف على أنه لا اختلاف فيه أن يتدبر الإنسان كلام الله سبحانه وتعالى، ولا يحسب الحاسب أن شيئاً منه يناقض بعضه ألبتة، وبهذا نقف عند هذا المقدار، ثم سيذكر الشيخ مثالاً لذلك لينفي الاضطراب والتناقض.
اللهم فقهنا في الدين وعلمنا التأويل.