خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/239"> الشيخ الدكتور علي بن عمر بادحدح . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/239?sub=62913"> خطب ومحاضرات عامة
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
الأرباح والخسائر
الحلقة مفرغة
الحمد لله خالق الأرض والسماوات، رازق الخلق والبريات، جعل شهر رمضان محلاً لتنزل الرحمات، وإفاضة البركات، ومضاعفة الحسنات، ومحو السيئات، ورفع الدرجات، وله الحمد سبحانه وتعالى ملء الأرض والسماوات، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يليق بجلاله وعظيم سلطانه، لا نحصي ثناءً عليه؛ هو كما أثنى على نفسه، فله الحمد في الأولى والآخرة، وله الحمد على كل حال وفي كل آن.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن نبينا وقائدنا وقدوتنا وحبيبنا وسيدنا محمداً عبد الله ورسوله، ختم الله به الأنبياء والمرسلين، وجعله سيد الأولين والآخرين وأرسله إلى الناس أجمعين، وبعثه رحمة للعالمين، وهدى به من الضلالة، وأرشد به من الغواية، وفتح به قلوباً غلفاً، وأسمع به آذاناً صماً، فصلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحابته أجمعين، وعلى من تبعهم واقتفى أثرهم إلى يوم الدين، وعلينا وعلى عباد الله الصالحين.
وأشهد أنه عليه الصلاة والسلام قد بلغ الرسالة، وأدى الأمانة ونصح الأمة، وكشف الله به الغمة، وجاهد في الله حق جهاده، وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، فجزاه الله خير ما جازى نبياً عن أمته، ووفقنا وإياكم لاتباع سنته، وحشرنا يوم القيامة في زمرته، وجعلنا من أهل شفاعته.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71].
أما بعد:
أيها الإخوة المؤمنون!
الأرباح والخسائر موضوع حديثنا، ورغم أننا في شهر رمضان، وفي فريضة الصيام، إلا أنني لن أذكر شيئاً يتعلق بذلك، بل سأذكر أموراً، وأجوراً وفضائل أخرى؛ ليلتفت النظر إلى عظمة الأرباح، وكذلك إلى فداحة الخسائر من جهة أخرى.
قال يحيى بن معاذ رحمه الله: الدنيا حانوت المؤمنين، والليل والنهار رءوس أموالهم، وصالح الأعمال بضائعهم، وجنة الخلد أرباحهم، ونار الأبد خسرانهم.
ذلك إيجاز من مؤمن عابد عالم يبين أن الدنيا حانوت المؤمنين، فالدنيا كلها ليست شهراً من أعوامها، ولا وقتاً من أوقاتها، ولا حالاً من أحوالها، ولا بلداً من بلادها، إنما الدنيا حانوت المؤمنين، ورأس المال هو الليل والنهار، والأيام والأعوام، وكل لحظة من اللحظات، وكل ساعة من الساعات؛ كلها رأس مال يمكن أن تنفقه وتأخذ كسباً، أو تبدده وتعود بخسران.
فما هي هذه البضائع التي نعمل فيها؟ إنها الأعمال الصالحة التي لا تقتصر على زمان، ولا تختص بمكان.
ثم النتيجة في الآخرة هي إما الربح: وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ [آل عمران:133]، وإما الخسارة فهي أفدح خسارة وأعظمها: النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [البقرة:24] نسأل الله عز وجل السلامة.
وهذه الكلمات نتبعها بأخرى فيها وصية نجعلها مفتتحاً لحديثنا هذا، هذه الوصية تقول: خذ العمر في أوله، واعمل منه في أفضله، وائت باجتهادك بأتمه وأكمله، واسع سعي من يخاف أن يقطع عن المنزل ويحبس عنه فلا يصل، قبل أن ينقل جلدك -أي: يبلى ويفنى- ويضعف جدك، ويكل زندك، ويحبسك الكبر، ويفنيك الهرم، وتندم، وأنى ينفعك الندم؟ ومن سعى في الشباب وجدَّ في ذلك وجده في الكبر أمامه، وكانت كل نجاة إمامه.
وهذه وصية اغتنام للحصول على الأرباح، ولتجنب الخسائر، فإن التسويف والتأخير والتأجيل مظنة فوات الربح، ومظنة انقطاع العمل، ومظنة عروض الشواغل، ومظنة حصول الخسران، نسأل الله عز وجل السلامة.
وهذه رسالة أخرى بعث بها الحسن البصري إلى عمر بن عبد العزيز ، رسالة من إمام عالم إلى حاكم عادل، فانظروا ماذا كانت الأقوال فيها، وفي أي شيء كانت الوصايا، كتب له فكان مما كتب، أما بعد: فإنه من حاسب نفسه ربح، ومن غفل عنها خسر.
وقبل أن أمضي في الحديث أقول: تذكروا هذا القول كله بعيداً عن هذا الشهر العظيم، وخارجاً عن إطار هذه الفريضة الجليلة، فإن الحياة أوسع من رمضان، وإن العام أطول منه، وهو في أحد عشر ضعفاً من أضعافه.
يقول الحسن البصري : أما بعد: فإن من حاسب نفسه ربح، ومن غفل عنها خسر، ومن نظر في العواقب نجا، ومن أطاع فهو أفضل، ومن حلم غنم، ومن اعتبر أبصر، ومن أبصر فهم، ومن فهم علم، فإن زللت فارجع، وإذا ندمت فأقلع، وإذا جهلت فسل، وإذا غضبت فأمسك، واعلم أن أفضل الأعمال ما أكرهت عليه النفس.
ودخل رجل على الجنيد وهو يصلي وقد أطال صلاته وأطالها والرجل ينتظره، فلما قضى صلاته قال للجنيد : قد كبر سنك، ووهن عظمك، ورق جلدك، وضعفت قوتك، فلو اختصرت! فقال: اسكت! طريق عرفنا به ربنا لا ينبغي لنا أن نقتصر منه على بعضه.
فطريق معرفة الله ليس في رمضان، وموسم طاعته ليس مقتصراً على ثلاثين يوماً في العام، فطريق عرفنا فيه مرضاة الله عز وجل، وطريق عرفنا به ربنا لا ينبغي أن نقتصر منه على بعضه.
قال الجنيد : ومن ترك طريق القرب يوشك أن يسلك به طريق البعد.
وقوله: ومن ترك طريق القرب، أي: من الطاعات، بأن يترك المواظبة عليها في سائر الأيام والساعات.
وبعد هذه الخواطر الإيمانية، والمواقف الروحية، والتذكرات العلمية، ترى هل نحن الآن نفكر في حياتنا تفكيراً صحيحاً في الأرباح والخسائر؟!
تعالوا أنتقل بكم إلى هذا الموسم العظيم الذي نحن فيه، لتروا أموراً ليست مقتصرة عليه، ولا خاصة به، ولذا اخترت ألا أتحدث عن شيء من فضائل الشهر ولا فريضة الصوم، فقد سمعنا وقلنا قبل ذلك وبعده كثيراً فيه، لكنني هنا أحب أن أشير إلى أمور نعرف كثيراً منها، ولكننا في واقع الأمر لا نحرص عليها، ولا نتشبث بها، ولا نستشعر أهميتها، ولا نتذوق لذتها، ولا نتواصى ولا نتعاهد عليها، ولا ينالنا منها حظ أوفر، ولا نصيب أكبر، وهي في هذا الشهر العظيم.
فأول ذلك وأعظمه وأوكده الصلاة، ونحن جميعاً نرى أن هذه المساجد تمتلئ بالمصلين، وخاصة في الوقت الذي لا يحتمل فيه العذر، وأن الناس كلهم فيه في بيوتهم، فإما أنهم شهدوا الفجر والصلاة فملئوا المساجد، وإما أنهم ناموا وتخلفوا، فانظر الفجر اليوم، وانظر المساجد وهي تشكو إلى الله قلة روادها، والساعين إليها، والمصلين فيها، والمشائين في الظلم إليها، في غير هذا الشهر الكريم!
جاء من حديث أبي هريرة عن رسول الهدى صلى الله عليه وسلم أنه قال: (صلاة الرجل تضعف على صلاته في بيته وفي سوقه بخمس وعشرين درجة؛ وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة لم يخط خطوة إلا رفعت له بها درجة، وحط عنه بها خطيئة، فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في صلاته: اللهم صل عليه، اللهم ارحمه، ولا يزال في صلاة ما كانت الصلاة تحبسه) متفق عليه.
وهذا الحديث ليس مختصاً برمضان، وهذه الأرباح التي نجنيها اليوم بحمد الله عز وجل وفضله، ونفرح بها ونسعد، ألا نفكر كم خسرنا منها في غير رمضان! عندما لا تتحرك الأقدام إلى المساجد، عندما لا تصطف الأجساد في هذه الصفوف!
واستمع كذلك إلى كثير وكثير وكثير من هذه الأرباح العظيمة والفضائل الجليلة، التي هي مبذولة من رحمة الله مبسوطة من فضل الله، ليس في وقت ولا في زمان بعينه: جاء من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص عن رسول الهدى صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من راح إلى مسجد الجماعة فخطوة تمحو سيئة، وخطوة تكتب له حسنة، ذاهباً وراجعاً) رواه أحمد في مسنده والطبراني وابن حبان في صحيحه.
فقوله: (ذاهباً وآيباً) ليس مختصاً برمضان، فما بالك قاعد في بيتك؟! وما بالك لاهٍ في سوقك؟! وما بالك نائم في سريرك وتارك لفريضة ربك، وغافل عن حقيقة ربحك، ومستوجب لعظمة خسرانك؟! نسأل الله عز وجل السلامة.
وهذا عثمان بن عفان يروي عن المصطفى عليه الصلاة والسلام أنه قال: (من توضأ فأسبغ الوضوء ثم مشى إلى صلاة مكتوبة فصلاها مع الإمام غفر له ذنبه) رواه ابن خزيمة في صحيحه، وروى مسلم نحوه. وجاء من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يتوضأ أحدكم فيحسن وضوءه ثم يأتي المسجد لا يريد إلا الصلاة، إلا تبشبش الله إليه كما يتبشبش أهل الغائب بطلعته) رواه ابن خزيمة في صحيحه.
إن ربك يفرح بك إذا أتيت إلى بيته، وإذا أقبلت على صلاتك، فهل أنت مستغنٍ عن ذلك، ومقتصر عنه بشهر من اثني عشر شهراً وبأيام معدودات من ضمن مئات من الأيام؟!
وانظر كذلك إلى حديث المصطفى عليه الصلاة والسلام الذي يقول فيه: (الأبعد فالأبعد من المسجد أعظم أجراً، -أي: لكثرة الخطى إلى المساجد- من غدا أو راح إلى المسجد أعد الله له في الجنة نزلاً كلما غدا أو راح)، وليس من هذه كلها شيء مختص برمضان.
ونحن -بحمد الله- رابحون في هذا الشهر، فإذا حسبنا أرباحنا وانشرحت بها صدورنا فلتبك أعيننا دماً لا دمعاً على أيام متواليات، وشهور متعاقبات، وأعوام منصرمات، حيث لم يكن لنا فيها شيء من هذا الربح، بل ربما كان الخسران هو الأكثر والأظهر.
وقوله صلى الله عليه وسلم: (بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة) رواه عن المصطفى عليه الصلاة والسلام ستة عشر صحابياً، فأين الذين يمشون إلى المساجد في الظلم في صلاة الفجر في غير رمضان؟! وهل هم مستغنون عن هذا النور؟ وهل يعتقدون أنهم إذا ربحوا شهراً وخسروا دهراً أن الصفقة في كل الأحوال رابحة؟! وهل يقول بذلك عاقل؟! وهل يرضى بذلك محب لنفسه؟!
فمن يقول: إن تاجراً لا يفتح حانوته إلا في الموسم، ثم يغلق بقية الموسم وينام؟! وهل رأيتم أحداً يصنع ذلك؟! وهل في الدنيا طالب لا يدرس إلا شهراً من العام؟! وهل في العالم كله تاجر لا يعمل إلا شهراً في العام؟! وهل يمكن أن يُقتصر في أي عمل على شهر من العام؟! فكيف سيكون حال الناس إذا كان لا يتم علاجهم في المستشفيات إلا شهراً في العام؟! وكيف سيكون حالهم إذا لم تفتح المدارس إلا شهراً في العام؟! وكيف سيكون حال الناس إذا لم تفتح الأسواق إلا شهراً في العام؟ وكيف سيكون حال المؤمنين إذا لم يقبلوا على الله إلا شهراً في العام، وإذا لم يحرصوا على الحسنات إلا شهراً في العام، وإذا لم يتذكروا الفضائل إلا شهراً في العام، وإذا لم يدخلوا إلى المساجد إلا شهراً في العام، وإذا لم يقرءوا القرآن ويلتزموه ويتلوه ويتدبروه إلا شهراً في العام، وإذا لم تخرج أموالهم إنفاقاً في سبيل الله وتقرباً إليه إلا شهراً في العام؟!!
وقيسوا على ذلك ما شئتم، وسلوا من الأسئلة ما شئتم، فإن خسائرنا عظيمة فيما نفرط فيه من طاعة الله، ومن الخير الذي ساقه الله سبحانه إلينا، ومن الأجر الذي أتاحه لنا طوال العام، وفي هذا الشهر يزيد بالأضعاف المضاعفة، والله سبحانه وتعالى لا تنفد خزائنه.
والله جل وعلا عظمته دائمة، وهو سبحانه وتعالى مستحق للعبادة والمحبة، وصدق الإنابة، ودوام الذكر، واستمرار الدعاء دائماً، وليس ذلك مختصاً بحال دون حال، قال عز وجل: أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا [الإسراء:78] أي: تشهده الملائكة، كما روى أبو هريرة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: (يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، فيصعدون إلى ربهم فيسألهم وهو أعلم بهم: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: أتيناهم وهم يصلون، وتركناهم وهم يصلون)، فتكتب الشهادات، وتسجل الأسماء في صحف الملائكة، وترفع إلى رب الأرباب سبحانه وتعالى، فأين سيكون اسمك فيما يأتي من الأيام والليالي في غير شهر رمضان؟
فهل نفكر كم هي خسارتنا ونحن كأنما نركل هذه النعم بأقدامنا، وكأنما نعرض عنها ونعطيها ظهورنا، وكأننا قد صمت أذاننا فلا نسمع تلك الآيات، ولا نعرف تلك الأحاديث، وكأن قلوبنا ليس فيها شيء يبعثها إلى التحبب وإلى العمل بهذه الطاعات؛ رغبة في تلك الأجور، وتأملاً في تلك الأرباح العظيمة.
ولو مضينا لوجدنا وراء ذلك شيئاً عظيماً، وهو في أمور كثيرة، ولعلي أخص بعضاً منها؛ لأن التقصير والتفريط فيه في غير رمضان أشهر، وخاصة أداء الصلوات في الجماعات، وخاصة صلاة الفجر، قال صلى الله عليه وسلم: (من صلى الفجر في جماعة فهو في ذمة الله، فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء)، فأنت في أمان الله، وأنت في جوار الله، وأنت في حفظ الله عز وجل ما أديت صلاة الفجر في جماعة، فكيف بك وأنت تخرج من غير أمان ولا جوار ولا حماية من الله، تنتهبك الشياطين، وتفترسك الوساوس، ويحيط بك أبالسة الإنس والجن؛ لأنك لم تأخذ حصناً من طاعة الله، ولم تأخذ وقاية من هذه الصلاة.
ومن ذلك الإقبال عند انبثاق الفجر، وعند بداية اليوم، وعند رجوع النفس إلى روحك، فعليك أن تحمد الله عز وجل على الطاعة، فكيف بك والكدر على وجهك، والثقل في نفسك، والغم على قلبك، في كل صباح؟! لماذا؟ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا فقال: (يضرب الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد؛ يضرب على كل واحدة منها فيقول: عليك ليل طويل فارقد، فإذا استيقظ فذكر الله انحلت عقدة، فإذا توضأ انحلت الثانية، فإذا صلى الصبح انحلت عقده كلها، وأصبح نشيط النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان)، كيف نهمل مثل هذه العبادات وهذه الأعمال الصالحات، ونقول: إنها تطوعات، وإنها من التطوعات الزائدة عن الفرائض، فرأس المال الأساسي هو في هذه الفرائض العظيمة.
وهنا أمر أحب أن أخصه بهذا الحديث تذكيراً وترغيباً، وهو قيام الليل، وأداء الوتر، وكم ننال في هذا الشهر في هذا الموسم العظيم من الفضل والأجر، وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم فيه بفضائل كثيرة، لعل من أشهرها وأجلها حديث أبي هريرة عن المصطفى عليه الصلاة والسلام أنه قال: (ينزل ربنا إلى السماء الدنيا إذا بقي الثلث الأخير من الليل فيقول: هل من مستغفر فأغفر له؟ هل من تائب فأتوب عليه؟ هل من سائل فأعطيه؟) وجل الناس في هذه الأيام في وقت السحر مستيقظون لسحورهم، أو استعداداً لأداء صلاتهم، أو قياماً بصلاة وترهم، فينالون هذا الوقت الغالي الثمين، ويحوزون الخير العميم من هذه الفرصة الثمينة المتكررة في كل يوم قال عز وجل: أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ [الزمر:9] هذا لا يستوي مع غيره من الغافلين النائمين أو من المستيقظين اللاهين العابثين، نسأل الله عز وجل السلامة.
وروى مسلم عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن في الليل ساعة لا يوافقها رجل مسلم يسأل الله خيراً من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه الله إياه).
وفي حديث أبي أمامة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: (عليكم بقيام الليل؛ فإنه دأب الصالحين قبلكم، وهو قربة إلى ربكم، وتكفير للسيئات، ومنهاة عن الإثم) رواه الحاكم وصححه، ووافقه الذهبي.
ثم انظروا إلى باب آخر وهو باب الذكر، والدعاء، والتلاوة، قال صلى الله عليه وسلم: (لا أقول: آلم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف)، وقال صلى الله عليه وسلم: (الدعاء مخ العبادة).
والدعاء يجاب أو يدفع عنه به من البلاء، أو يدخر إلى يوم القيامة، وكل ذلك نحن نجني منه أرباحاً عظيمة، نسأل الله عز وجل أن يقبلها منا في هذا الشهر العظيم، فأين نحن من هذه الأرباح المبسوطة المبذولة المشرعة في كل وقت وآنٍ؟
ثم أمضي كذلك لذكر فضل وأجر الإنفاق في سبيل الله، قال عز وجل: مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ [البقرة:261]، وذلك ليس مختصاً برمضان، لكن رمضان فيه مزيد من فضل الله عز وجل، كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: (ما من يوم يصبح فيه العباد إلا ملكان ينزلان فيقولان: اللهم أعط منفقاً خلفاً، وأعط ممسكاً تلفاً)، فهل نحن نتعرض لهذا الدعاء الملائكي بأن ننفق في كل يوم ولو قليلاً؟ وهل نحرص على أن نقوم بهذه الأعمال الخيرة ونفزع إليها، ونرتبط بها، ونحرص على أن يبقى لنا منها الحظ الأدنى في غير هذا الشهر، فعلينا أن نتفكر في حقيقة دنيانا وفي حقيقة الأرباح والخسائر، وفيما ينبغي أن نحرص عليه في يومنا وليلتنا، وفي كل أيامنا وفي سائر أعمالنا، وذلك ما ينبغي أن نتواصى به.
إننا حين نوصي الناس في رمضان بالإقبال على الخير وبالاستكثار من الصالحات، فإن الأمر في هذا هين؛ فالشياطين مصفدة، والناس على الخير مقبلة، وموسم الرحمة عام، لكننا نقول ونحن في هذا الشهر الكريم والموسم العظيم، واللحظات التي تسعد فيها القلوب، وتأنس فيها النفوس، وتشف فيها الأرواح، وتسمو فيها الهمم، وتعلو فتقوى فيها العزائم؛ نقول: انتبهوا لما بعد رمضان؛ لأننا ننتبه إلى أمر ونترك أموراً، ونحن في حقيقة أمرنا إذا فرطنا وقصرنا لم نفقه عظمة ربنا، ولم نفقه معنى العبادة، ولم نتذوق روح هذه الطاعات والعبادات في نفوسنا وقلوبنا وأرواحنا.
أسأل الله عز وجل أن يردنا إليه مرداً جميلاً، وأن يجعلنا من عباده الطائعين المخلصين المقبلين عليه في كل أوقات العام، ونسأله عز وجل أن يوفقنا في هذا الشهر لحسن الصيام والقيام والإنفاق وصالح الأعمال، وأن يزيدنا فيه من الخير والبر والإحسان؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أقول هذا القول، وأستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين نبينا محمد، وعلى آله وصحابته أجمعين، وعلى من تبعهم واقتفى أثرهم، ونهج نهجهم إلى يوم الدين، وعلينا وعلى عباد الله الصالحين.
أما بعد:
أيها الإخوة المؤمنون! أوصيكم ونفسي الخاطئة بتقوى الله؛ فإن تقوى الله أعظم ما يقدم به العبد على مولاه، ونحن في موسم التقوى، كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة:183] فلنأخذ زادنا عظيماً وفيراً إلى ما بعد هذا الشهر كذلك.
ولعل لي وقفة أخيرة في شأن الأرباح التي نجنيها، ولماذا لا نتعلق بها ونستمر عليها، وهي قضية مهمة لعلنا أن نحرص عليها، وأن نجاهد أنفسنا فيها، وأن نجتهد في تحصيل الأسباب لها.
ذلكم أيها الإخوة المؤمنون! هو أمر الإخلاص لله عز وجل، وصدق التعلق به، وحقيقة الإقبال عليه حتى نصل إلى المبتغى والمراد والغاية من هذا الإقبال عليه، ومن تلك الطاعة له، ومن صور العبادة التي نجتهد فيها، وهي أن تخلص إلى قلوبنا، فنشعر بالسعادة، وتخلص إلى نفوسنا فنتذوق اللذة، وحينئذ تصبح قلوبنا مشدودة إلى الطاعة، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في ذكر السبعة الذين يظلهم الله تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله، وذكر منهم: (ورجل قلبه معلق بالمساجد إذا خرج منها حتى يرجع إليها).
فانظروا إلى هذا التشوق الذي يذكره لنا المؤمنون الصادقون المخلصون الذين يبينون لنا حقيقة مهمة، وهي أنه إذا خلصت لنا روح العبادة فإنه سيكون لنا بها تعلق وارتباط في كل لحظة وسكنة، وفي كل ظرف وحال، ولذلك سئل أحد الصالحين: ما أفضل عملك؟ فأجاب إجابة حري بنا أن نصغي إليها بقلوبنا فقال: ما أتتني صلاة قط إلا وأنا مستعد لها ومشتاق إليها، وما انصرفت من صلاة قط إلا كنت إذا انصرفت منها أشوق إليها مني حين كنت فيها، ولولا أن الفرائض تقطع لأحببت أن أكون ليلي ونهاري قائماً راكعاً ساجداً!
إنه يستعد لها، ويشتاق إليها، وهذا دليل على حب، وتعلق، وهيام، ولذة نفس، وطمأنينة قلب، وراحة بال، وأنس في الإقبال على الله عز وجل، يفسره لنا قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: (أرحنا بها يا
ونفهم منها حاله حينما كان يصلي فيقوم حتى تتفطر قدماه عليه الصلاة والسلام؛ لأنه يشعر بلذة المناجاة، ولأنه لا يشعر بثقل الوقوف، ولا بشدة المعاناة؛ لأن حلاوة المناجاة تغلب شدة المعاناة، فلا يكاد يشعر بشيء، ونحن حالنا -إلا من رحم الله- على غير ذلك، فإن أطال الإمام في آية أو آيتين شكى الناس شكوى عظيمة، وإن صلوا مرة وزادوا رأيتهم وهم يفرقعون أصابعهم، ويتفقدون ركبهم، وينظرون إلى حالهم!
فلماذا نحتاج أن نتأمل ونتدبر، ونحن نحتاج أن نعيش في روح هذه العبادات؟ فإننا إن فعلنا كان لذلك أثره الأعظم في استمرارنا فيما يأتي من أيامنا في غير هذا الشهر الكريم، ولعلنا كذلك نتذوق لذة تلاوة القرآن، ونستعذب حلاوة التضرع والانكسار بين يدي الله، ونرى روحاً عظيمة مؤثرة في كل دعوة إلى الله عز وجل ندعوه بها، ونستشعر أنساً وراحة في كل إنفاق ننفقه، وفي كل سرور على مسلم ندخله.
ودعونا نعيش في روح هذه العبادات وهذه الطاعات؛ ليكون أجرنا من الله عز وجل عظيماً، ومن جهة أخرى لتكون لنا السعادة، وهي جزء من الأجر مقدم للمؤمن، وذلك فيما يشعر به من سعادة نفسه وروحه وأنس قلبه وطربه، كما قال أهل العلم من العلماء العاملين والعابدين: (والله إننا لفي لذة لو علمها الملوك وأبناء الملوك، ثم لم يجدوا إلا أن يجالدونا عليها بالسيوف لفعلوا)!
تلك اللذة العظيمة هي لذة الإيمان، ولذة الطاعة، ولذة العبادة، وقد أخبر عنها أيضاً بعضهم فقال: مساكين أهل الدنيا خرجوا منها وما ذاقوا أطيب ما فيها، قيل: وما أطيب ما فيها؟ قال: لذة العبادة والطاعة والمناجاة.
ونحن نشعر بهذه اللذة في أيام رمضان، فلنحرص على أن نعيش روح العبادة حضور قلب، وخشوع جوارح، وتفكر عقل، ونزول دمع، وحياة نمارسها في واقع أعمالنا كلها، ونتذكر كذلك كل أمر من الأمور التي نجنيها في هذا الشهر، من إمساك اللسان، ومن إنفاق المال، ومن غيرها مما تعظم به الأرباح.
وأريد أن أؤكد مرة أخرى على لونين من الخسائر: الخسارة الأولى: هي أن كل هذا الربح المتاح في غير رمضان إذا لم نأخذ منه حظاً فنحن خاسرون، فإذا كانت الأموال مبذولة، والأرباح سهلة، ثم لم نعمل لها، فنحن قطعاً خاسرون، ونحن بصورة أو بأخرى حمقاء أو مغفلون.
وأما الخسارة العظيمة الأخرى: فهي خسارة أصحاب الموسم الذين يخسرون ولا يكسبون، وهم الذين في شهر رمضان وفي فريضة الصيام ثم لا يربحون.
ورغم أن كل كلامنا كان عن فعل نحمد الله عليه، ونربح به أجره ومثوبته، إلا أن هناك من هو شقي أو محروم، نسأل الله عز وجل السلامة، وإلا أننا أيضاً نرى في أنفسنا قصوراً وضعفاً، وتخلفاً وتأخراً؛ فانظروا إلى الصلوات فإنه ما زال التبكير إليها والحرص على إدراك التكبير فيها قليلاً، وانظروا كيف يتأخر الناس ليطعموا من الطعام زيادة لقمة أو لقمتين، ولا يدركون تكبيرة الإحرام في صلاة المغرب؛ فتجد أن أكثر من ثلثي كل مسجد يقومون يقضون الركعات؛ لأجل لقيمات، فهل تلك اللقيمات أفضل أو أعظم من تلك الصلوات والركعات؟! فينبغي أن نوازن.
وانظروا إلى يوم الجمعة كيف يبدأ الخطيب والمسجد ليس فيه إلا أقل من نصفه أو أكثر بقليل؟! فأين بقية الناس؟ لعلهم نائمون، أو يبطئون في الخطى كأنما يسحبون أرجلهم سحباً، وقد يقول بعضهم: إن هذه الخطبة قد تطول، أو ذلك الوقت قد يعظم، وكأن وراءنا عملاً أعظم، أو وراءنا مهمات أكبر، ولا أقول ذلك حتى يكون هذا شاهداً على من يسمعه فحسب، بل هو بلاغ لنا جميعاً؛ لنبلغه لأنفسنا ولأهلنا، ولكل أحد من حولنا.
والحرمان كثير؛ فإن كثيرين يسهرون ليلهم لا في صلاة، ولا في وتر، ولا في دعاء سحر، وإنما في الأسواق، وأمام الشاشات، وبعضهم لا يدرك هذه الصلوات التي ذكرنا فضلها وأجرها، بل هم نائمون أو مقصرون، وهناك من يلعبون ويلهون، وهناك من يفطرون، وهناك من يشغلون أوقاتهم بالغيبة والنميمة، وهناك وهناك.
فإذا برئنا من هذا، وتعرضنا لطاعة الله، وأخذنا هذه الأرباح، فلنتذكر أننا خاسرون من جهة أخرى في غير رمضان إذ لم نقبل على هذه الأعمال الصالحة، ولم نرتبط بتلك الفرائض المفروضة!
نسأل الله عز وجل أن يردنا إلى دينه رداً جميلاً، وأن يأخذ بنواصينا إلى طريق الحق والسداد، وأن يلهمنا الرشد والصواب.
اللهم تول أمرنا، وارحم ضعفنا، واجبر كسرنا، واغفر ذنبنا، وبلغنا فيما يرضيك آمالنا.
اللهم طهر قلوبنا، وزك نفوسنا، وأخلص نياتنا، وأصلح أعمالنا، وضاعف أجورنا، وحسن أقوالنا، وهذب أخلاقنا، وارفع درجاتنا، وبلغنا اللهم فيما يرضيك آمالنا.
اللهم وفقنا في هذا الشهر الكريم لحسن الصيام، والقيام، والإنفاق، والتلاوة، والذكر، وصالح الأعمال.
اللهم عظم بذلك أجورنا، واجعله يا ربنا طمأنينة لقلوبنا، وانشراحاً لصدورنا، وسعادة لنفوسنا.
اللهم أذقنا لذة مناجاتك، وأذقنا حلاوة عبادتك وطاعتك.
اللهم اجعل طاعتك أحب إلى قلوبنا من الماء على الظمأ يا رب العالمين!
اللهم إنا نسألك أن توفقنا لطاعتك ومرضاتك، وأن تصرف عنا الشرور والسيئات، وأن تغفر لنا ما مضى وما هو آتٍ.
اللهم إنا نسألك العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة.
اللهم اجعلنا في هذا الشهر الكريم من عتقائك من النار يا رب العالمين، واغفر اللهم ذنوبنا وارحمنا رحمة واسعة من عندك يا رب العالمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وارفع بفضلك كلمة الحق والدين ونكس رايات الكفرة والملحدين.
اللهم من أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بخير فوفقه لكل خير، ومن أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بسوء فاجعل دائرة السوء عليه، واجعل تدبيره تدميراً عليه يا سميع الدعاء!
اللهم عليك بسائر أعداء الدين فإنهم لا يعجزونك.
اللهم أحصهم عدداً، واقتلهم بدداً، ولا تغادر منهم أحداً، وأرنا فيهم عجائب قدرتك وعظيم سطوتك.
اللهم أنزل بهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين، يا قوي يا عزيز يا متين!
اللهم ثل قوتهم، واستأصل شأفتهم، وخالف كلمتهم، ورد كيدهم في نحرهم، واشغلهم بأنفسهم، واجعلهم عبرة للمعتبرين، يا قوي يا عزيز يا متين!
اللهم انصر وأعن وثبت إخواننا المجاهدين في كل مكان يا رب العالمين!
اللهم إنا نسألك أن تخفف عن إخواننا المسلمين في كل مكان يا رب العالمين!
اللهم امسح عبرتهم، وسكن لوعتهم، وفرج همهم، ونفس كربهم، وعجل فرجهم، وقرب نصرهم، وادحر عدوهم، وزد إيمانهم، وعظم يقينهم يا رب العالمين!
اللهم اجعل ما قضيت عليهم زيادة لهم في الإيمان واليقين، ولا تجعله فتنة لهم في الدين.
اللهم اجعل لنا ولهم من كل همّ فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ومن كل فتنة عصمة، ومن كل بلاء عافية، يا سميع الدعاء!
اللهم اجعل هذا البلد آمناً مطمئناً رخاءً وسائر بلاد المسلمين، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين!
اللهم وفق ولي أمرنا لهداك، واجعل عمله في رضاك، وارزقه بطانة صالحة تدله على الخير، وتحثه عليه يا سميع الدعاء!
اللهم احفظ بلاد الحرمين من كل سوء ومكروه، اللهم أدم عليها نعمة الأمن والإيمان، والسلامة والإسلام، ورغد العيش وسعته يا رب العالمين!
عباد الله: صلوا وسلموا على رسول الله؛ استجابة لأمر الله: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56]، وترضوا على الصحابة الكرام، نخص منهم بالذكر ذوي القدر العلي والمقام الجلي: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ، وعلى سائر الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعلينا وعلى عباد الله الصالحين.
والحمد لله رب العالمين.