محاضرة في مخيم


الحلقة مفرغة

عبادة الطواف بالبيت لها أركان وشروط وسنن، منها: النية، والطهارة، وستر العورة، وأن يبدأ من اليمين، ويكون سبعة أشواط، والسعي له شروط أيضاً، منها: النية، والترتيب بينه وبين الطواف، ويكون بعد طواف صحيح وإكمال العدد سبعاً، والموالاة بين أشواطه.

الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله.

أما بعد:

فهي فرصة طيبة أن نلتقي بالإخوة الكرام في هذا اللقاء المبارك، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يثيب القائمين على هذا المخيم، وأن يجعل ما يقدمون في موازين حسناتهم.

ونحن في الواقع بحاجة إلى مثل هذا التوسع في أنشطتنا الإسلامية، وفي دعوتنا، وفي برامجنا، وهي فكرة رائدة سرتني كثيراً، وأتمنى أن نرى في المستقبل المزيد من مثل هذه الأفكار والجهود؛ لأن المسلم يرى أن دينه ودعوته تتطلب منه جهداً أكثر.

لئن كان أصحاب التجارة وأصحاب الأموال يبتكرون الوسائل والأساليب في الدعاية والإعلان، وترويج منتجاتهم، ولئن كان أصحاب الفساد والفجور يبذلون المستحيل، لابتكار واكتشاف ألوان الفساد، والحصول على ما يريدون، والتحايل على الناس، فأهل الحق أولى ألا يكونوا أسرى تجارب ووسائل ورثوها، وألا يكونوا أسرى أفكار اعتادوا عليها، فصاروا لا ينطلقون إلا من خلالها.

أسأل الله سبحانه وتعال أن يعظم الأجر والمثوبة لإخواننا، وأن يجعل ما قدموا في موازين حسناتهم، وأن يجعلنا وإياكم جميعاً ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

معشر الشباب! لقد أدرك أعداء الإسلام أنه لا مجال للانتصار على هذه الأمة والقضاء عليها إلا بسلخها عن دين الله سبحانه وتعالى، وأدرك أولئك جميعاً أن الشباب هم الأمة، يقال: الشباب عدة الأمة، وأمل المستقبل، والواقع أن الشباب هم الأمة، وليست الأمة إلا الشباب، فعلى أكتافهم وسواعدهم تقوم المجتمعات، وهم القادة في المستقبل، وهم الرجال الذين يوجهون المجتمعات والأمم.

وعلى أساس ما نشئوا عليه في شبابهم وفتوتهم يكونون بعد ذلك، ولما أدرك الأعداء قيمة هؤلاء الشباب وخطر شأنهم في الأمة سعوا لإضلالهم وفتنتهم، وصدهم عن دين الله سبحانه وتعالى، فقامت تلك الجهود، ومن ورائها الطابور الخامس المنتشر في مجتمعات المسلمين في عرض الأمة وطولها، يمهدون للأعداء، ويقومون بتنفيذ خططهم نيابة عنهم، ولا يزيد على أن يأخذ وكالة فقط حتى تتغير الواجهة واللافتة، والمقصود من ذلك كله واحد هو سلخ شباب هذه الأمة، وصدهم عن دين الله سبحانه وتعالى.

وتنوعت أساليب الإغراء والإثارة والصد، بدءاً بتشكيك أولئك بدين الله سبحانه وتعالى، وإخراج أجيال ممن يتشككوا في دين الله عز وجل، ويرتضي الإلحاد والردة عن دين الله سبحانه وتعالى، وصار يبحث له عن مناهج بديلة عن الإسلام.

ومروراً بوسائل سعى فيها أولئك الأعداء إلى إثارة غرائز الشباب، وإلى إثارة اهتمامات الشباب، وصرف الهمة الجادة والعالية؛ فخرج لنا جيل همه فرجه وشهوته، وصار يسعى إلى تحصيل هذه الشهوة بكل الوسائل، وإذا لم تتح له في بلده وفي موطنه، فهو على استعداد أن يوفر جزءاً كبيراً من ماله؛ حتى يسافر إلى الخارج، ويسافر إلى بلاد الكفر؛ حتى يقضي شهوته في الحرام.

وخرج لنا جيل يتعلق بالرياضة ويفتن بها، حتى صارت أساس تفكيره، وخرج لنا جيل يعتني بما يسمى بالفن، وصار أولئك مرايا عاكسة لآخر صرعات الفن في عالم الغرب.

إنه -معشر الإخوة الكرام- نتاج جهد متواصل من أولئك الأعداء، قابله تخاذل من هذه الأمة، وانشغال من المصلحين الذين كان أولى بهم أن يقفوا على بوابات الحراسة في مجتمعات المسلمين؛ ليحموا هذه الأمة من هذا الغزو الماكر، وبقيت مجتمعات المسلمين وبالأخص الشباب دهراً في سبات عميق، وما كان لهذا النوم أن يطول، وما كان لهذه الأمة أن تطيل في الغيبوبة وهي الأمة الشاهدة، وهي الأمة القائمة بدين الله عز وجل للبشرية جميعاً إلى قيام الساعة.

فآذن الله سبحانه وتعالى بانبلاج فجر الصحوة، وخرجت تلك الصحوة مع هذا الجيل الذي كان ينتظر الأعداء منه كل ألوان الفساد والانحراف، خرجت الصحوة مع هذا الجيل ليعود إلى دين الله عز وجل، وليضرب المثل الصادق في العودة إلى دين الله عز وجل، والعودة إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.

وأصبحنا مرة أخرى نرى الأفواج تتقاطر إلى طريق الاستقامة والصلاح والخير، وصارت الأفواج التي تتسابق إلى المساجد هي الأفواج إلى كانت تتسابق إلى الملاعب وإلى أماكن اللهو والرقص، بل صار أصحاب السفر والفساد والمجون والمخدرات والفن يعودون إلى هذا الطريق، وينضوون تحت لوائه، وصار العدد يتضاعف يوماً بعد يوم، وعاماً بعد عام.

وهي مسيرة بإذن الله مستمرة، فحين أشعل الفتيل، وحين أعلنت المسيرة فهذا إيذان باستمرار المسيرة إلى أن يتحقق وعد الله عز وجل: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا [الفتح:28]، هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ [التوبة:33]، هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُون [الصف:9].

إنها مسيرة لابد أن تصل بإذن الله عز وجل، ولابد أن تؤتي ثمارها بإذن الله سبحانه وتعالى، رغم الكيد، ورغم التآمر، ورغم ألوان المكر والتحايل التي تواجه بها هذه الأمة، فما أن استيقظت الأمة فهو إعلان لبدء المسيرة، وإعلان لهذا التيار الجارف الذي لا يمكن أن يتوقف، ولم تعد القضية معلقة بشخص، أو فرد، أو بلد، أو مجتمع، حتى يمكن إيقافها، فهو تيار لا يمكن أن يقف أحد في طريقه.

معشر الإخوة الكرام! ليس هذا موضوع حديثنا، فهذه تقدمة بين يدي هذا الموضوع.

أقول: حين عاد هذا الجيل الناشئ بإذن الله عز وجل، والذي نعلق عليه -بعد توفيق الله عز وجل وعونه- آمالاً عريضة، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا عند حسن ظننا، والله سبحانه وتعالى عند حسن ظن عبده به عز وجل.

أقول: مع تقاطر هذا الجيل أصبح عندنا فئتان من الشباب:

فئة من الشباب الذين عادوا إلى الله عز وجل، وعادوا إلى الأصل والفطرة فاستقاموا على دين الله سبحانه وتعالى، وفئة وهي لا تزال عريضة تحتاج إلى دعوة. وينبغي أيضاً ألا نفرط في التفاؤل، وألا ننسى أن هناك قطاعاً عريضاً، بل إن القطاع العريض من شباب الأمة لا يزال بحاجة إلى من يشده إلى هذه الميادين.

صار لدينا فئة من الشباب اصطلح على أن يسمى الشاب الملتزم، وفئة أخرى من الشباب غير الملتزم، ولسنا هنا بصدد تحديد المصطلحات، ومدى سلامة هذا المصطلح أو ذاك، وأيهما أولى، ليس هذا موضوع حديثنا، ولكن هذه القسمة نشأ عنها مفاهيم مغلوطة، هي ما سنحاول إلقاء الضوء عليه في هذه الدقائق.

نشأ عن هذه القسمة مفاهيم ومشاعر أصبحت جزءاً من تفكيرنا، وهكذا شأن الأخطاء، الخطأ يبدأ خطأً، ثم ينتشر ويتوسع، حتى يصبح بعد ذلك جزءاً من التفكير أصلاً، فيصبح الإنسان يفكر من هذه الزاوية، ولا يستطيع أن يتخلص من هذه النظرة التي تسيطر عليه.

وهذا الحديث لا يخص إحدى الفئتين، بل هو حديث للجميع، وقد يكون الحديث صريحاً، والصراحة لها ضريبة، وإذا كنا نريد الإصلاح فينبغي أن نكون واضحين وصرحاء. وسأتحدث بصراحة مع الجميع وفي محضر الجميع عن أخطاء يقع فيها الشاب الملتزم تجاه أخيه، وعن أخطاء يقع فيها الشاب غير الملتزم، ونحن ينبغي أن نكون جميعاً صرحاء، ولعل هذه النقطة سيكون لها حديث في نهاية هذا الأسبوع في محاضرة الأربعاء، فلست بحاجة للإفاضة فيها.

ولكني أقدم بين يدي هذا الحديث أننا لابد أن نكون صرحاء، ولو أدى ذلك إلى أن تكشف الأوراق بمحضر الجميع، وأن نتحدث عن الأخطاء بمحضر الجميع، ما دام المقصود هو النصيحة.

هناك الكثير يتحدثون عن الأخطاء، وهناك الكثير ينتقدون، ومن ثم فنحن حين نريد أن نقطع الطريق على أولئك الذين يتخذون من النقد سلماً ووسيلة للفتنة والإعاقة، حين نريد أن نقطع الطريق على أولئك فلن نقطعه إلا حين نبني منهجاً سليماً للنقد يتحدث عن الأخطاء تحت ضوء الشمس، وفي وضح النهار، وحينئذٍ نقطع الطريق على من يريد أن يتكئ على هذه الأخطاء، وأن يستثمر هذه الزلات؛ ليجعل منها معولاً يهدم به البناء.

حين تتحدث مع أحد الشباب غير الملتزم عن المعصية أو عن الطاعة يفاجئك بهذه الكلمة: إنني لست ملتزماً. فيتصور أن عدم التزامه يعني أنه مخاطب بأحكام خاصة، وبتكاليف خاصة.

فنقول ابتداءً: إن كون الإنسان غير ملتزم، أو كونه يخل بشعائر ظاهرة من شعائر الإسلام؛ حتى يبقى مظهره لا يدل على الاستقامة والصلاح، لا يعفيه مما يجب على آحاد المسلمين، فهو مسلم يجب عليه ما يجب على المسلمين، وهو مسلم مخاطب بكل التكاليف الشرعية، وبكل النصوص الشرعية.

إنه يتخيل أحياناً أنه ما دام غير ملتزم، فينبغي ألا يوجه له هذا الخطاب، وينبغي أن يكون في مندوحة أن يقال له هذا الكلام، لأنه يظن أن هذا الكلام إنما يقال للناس الملتزمين، ويقال للأخيار، ويرى أنه لا يستحق أن يوجه له هذا الكلام، إنه ينبغي أن يخاطب بكلمة واحدة فقط لا غير، وهي: تب إلى الله عز وجل، وتخل عن طريق الإعراض والغفلة، وكن سائراً مع ركاب الصالحين والملتزمين.

وهذا لا شك خطاب وكلمة لابد أن تقال، وهي أساس ومبدأ حديثنا، وحولها ندندن، ولكن مع ذلك يبقى لنا حديث آخر، فمثلاً: هذا الشاب عندما تطالبه بطاعة من الطاعات، وهب أنها من النوافل، فتقترح عليه أن يصوم يوم الإثنين، أو يصوم يوم الخميس، أو يقوم ليلة من الليالي، أو يصلي النافلة، فيفاجئك ويقول: لست ملتزماً.

ويتخيل أنه ما دام كذلك فلا ينبغي له أن يخادع نفسه، ويرى أن صيامه، أو تلاوته لكتاب الله عز وجل، أو قيامه لليل، أو قيامه بأي عمل صالح إنما هو من المخادعة والنفاق، بل تراه مثلاً حينما يرى زميلاً له يقع في خطأ من الأخطاء، أو يعرف عنه ممارسة محرمة، أو عملاً سيئاً، ويراه يعمل طاعة من مثل هذه الطاعات، فإنه يتهمه بالنفاق والمراوغة والمخادعة، إلى غير ذلك.

إنه منطق عجيب، فلماذا كانت هذه المعاصي التي وقعت فيها مانعة لك من تلك الطاعات، نعم إن هذه المعاصي تكبلك، وهذه المعاصي تثقلك وتجعلك تتكاسل عن الطاعة، وتجعل الطاعة ثقيلة عليك، لكن هذا شيء وكونك لا تعمل الطاعة شيئاً آخر، هذا شيء وكونك تعتقد أن عملك لتلك الطاعة يعتبر نفاقاً شيء آخر.

وهذه من الحيل الشيطانية، فالشيطان يسيطر عليك بهذا المنطق، وبهذا التفكير؛ حتى يحقق إنجازاً لا يستطيع أن يحققه حتى يغلق جبهة كاملة يمكن أن تستثمرها أنت في صراعك مع هذا العدو، فيقطع عليك الطريق عن كل طاعة من الطاعات يمكن أن تقوم بها؛ بحجة أنك لست ملتزماً، وما دمت لست ملتزماً فينبغي ألا تعمل هذه الطاعات، وعملك لهذه الطاعة يعتبر مخادعة ويعتبر نفاقاً.

في أي كتاب أم بأية سنة؟ ومن أين حصلنا على مثل هذا الاقتناع؟ لست أدري! إنها قناعة لا تقبل الشك عندك، ولا يمكن أن تناقش فيها، والدليل على ذلك -كما قلت قبل قليل- أنك حين ترى زميلك أو أخاك يعمل ذلك تتهمه بالنفاق والمخادعة؛ لأنك رأيته يسمع الغناء، والذي يسمع الغناء لا ينبغي -مثلاً- أن يصلي الراتبة، والذي يسمع الغناء لا ينبغي أن يصوم النفل، وهكذا، الذي يقع في مثل هذه المعاصي لا ينبغي له أن يعمل تلك الطاعات، وإذا عملها عد منافقاً.

إنك لا زلت مسلماً شأنك شأن الآخرين، ويصدق عليك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من قرأ حرفاً من كتاب الله فله حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: الم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف)، ويصدق عليك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ينزل ربنا إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: هل من سائل فأعطيه سؤاله؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ هل من تائب فأتوب عليه؟).

عهدتك لا تنام إلا قبيل الفجر، فها أنت مستيقظ في الثلث الأخير من الليل، فما رأيك لو طرحت عليك هذا الاقتراح؟ اقتطع من وقت السهر والسهرة التي تقضيها -وربما كانت على معصية الله عز وجل- نصف ساعة، واقضها في أن تصلي ركعتين لله عز وجل، أو أربع ركعات، وتتضرع فيها إلى الله عز وجل في سجودك، وتدعو الله سبحانه وتعالى أن يهديك ويعينك ويوفقك؛ لأني أجزم تماماً أنك تتمنى أن يهديك الله سبحانه وتعالى، وتتمنى اليوم الذي تودع فيه الغفلة، وتودع فيه المعصية، وتقبل على الله عز وجل.

فلعلك أن توافق باباً مفتوحاً من السماء فترفع لك فيه دعوة صادقة، ولماذا تحرم نفسك هذا الخير؟ فتستغفر وتتوب في هذه الساعة التي أنت أصلاً مستيقظ فيها.

إنك -أخي الكريم- أحوج إلى الطاعة من غيرك؛ لأنك تملك ركاماً هائلاً من المعاصي والذنوب، وأنت تراه كالجبل يوشك أن يهوي عليك، فأنت أحوج الناس إلى التخفف، وأنت أحوج الناس إلى التوبة، وأنت أحوج الناس إلى ما يكفر الذنوب، فما أحوجك إلى طاعة الله سبحانه وتعالى!

ثانياً: كيف تتعامل مع المعصية؟

عدم المجاهرة بالمعصية

إن الكثير من الشباب يضع أمامه خيارين لا ثالث لهما:

الخيار الأول: أن يتوب، ويترك المعصية، ويكون مع الناس الصالحين الأخيار، وهذا لا شك هو المطلوب.

الخيار الثاني: حين يفشل في هذا فإنه يبقى على المعصية دون أي وازع، ودون أي مانع، ويرى أنه لم يبق أمامه خيار ثالث.

إن هناك خياراً ثالثاً، ومع ذلك فهذا الخيار لا يعني أن نتنازل عن الخيار الأول الذي هو الأصل وهو ترك المعصية وتوديعها، والتوبة الصادقة النصوح إلى الله سبحانه وتعالى، لكن هب أنك فشلت ولم تستطع أن تتوب، ستكون في هذه الفئة، فكل مسلم قادر على أن يسلك هذا الطريق، وما كلف الله عز وجل الإنسان إلا ما يطيق، وهب أنك لم تستطع ذلك، فلماذا تجاهر بالمعصية، وأنت تعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (كل أمتي معافى إلا المجاهرين

إنك تفعل المعصية بالليل بينك وبين نفسك لا يعلم عنها أحد، وربما لا يعلم عنها إلا شريكك في المعصية، فما بالك إذا أصبحت تلقى زميلك في المدرسة فتخبره بما عملت وما صنعت؟!

أنك تدعي أنك لا تستطيع التخلص من تلك المعصية، ولو فرضنا جدلاً أنك كذلك، أفلا تستطيع أن تتخلص من المجاهرة بالمعصية؟ ألا تستطيع أن تبقى معصيتك سراً بينك وبين الله سبحانه وتعالى؟ فإن ذلك أدعى إلى توبتك وإقبالك على الله سبحانه وتعالى.

ثم إن الذي يجاهر بالمعصية حين يهم بالتوبة بعد ذلك تثقل عليه، ويصعب عليه أن يسلك طريقها؛ لأنه أصبح مشهوراً بين الناس، ومشهوراً بين زملائه وأقرانه بالسوء والفساد، وهو الذي جنى على نفسه.

ومما يتعلق أيضاً بالمعصية أنك حين تفعل المعصية فلماذا لا تقتصر على نفسك؟ لماذا تدعو غيرك إلى المعصية؟ ولماذا تسعى إلى تسهيل المهمة لغيرك؟ فأنت أحياناً تتحدث مع زميلك، بل كثيراً ما تتحدث مع زميلك، فتخبره ماذا فعلت بطريقة تمارس فيها دعاية بالمجان لهذه المعصية، بل ربما تدله على الوسيلة التي يمكن أن تعينه على فعل المعصية، وربما وظفت نفسك مستشاراً دون مقابل على أسباب ووسائل الاحتيال على تحصيل المعصية.

أليست هذه دعوة للمعصية والفساد؟ ألا تخشى أن ينطبق عليك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ومن دعا إلى ضلالة، كان عليه من الوزر مثل أوزار من تبعه، لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئاً)، وأن ينطبق عليك قول الله عز وجل: وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ [النحل:25]؟

ألا تخشى أن تأتي يوم القيامة وأنت تحمل وزرك على ظهرك ووزر من أضللته؟

قد تقول مرة أخرى: إن لك مبرراً وعذراً في فعل المعصية، ولكن ما العذر والمبرر أن تدعو غيرك للمعصية، وتسهلها عليه؟

عدم الاستخفاف بالمعصية

ومما يتعلق بالمعصية أيضاً: ما بالك تستخف بالمعصية وتستهين بها؟

لقد حدثنا أحد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وضرب لنا مثلاً بليغاً، أرجو أن ترعي سمعك حتى لا ينطبق عليك هذا المثل، بل لعلك أن تصنف نفسك مع الفئة الأخرى: المؤمن يرى ذنبه كالجبل يوشك أن يقع عليه، والمنافق يرى ذنبه كذباب وقع على أنفه فقال به هكذا.

ما بالك حين تواجه بالنصيحة والإنكار تستخف بشأن المعصية؟ إن فعل المعصية شيء، والاستخفاف بها واستهوانها معصية أخرى، بل إن الاستخفاف بالصغيرة يحولها إلى كبيرة، فما بالك بالاستخفاف بالكبيرة والاستهانة بها؟!

مرة أخرى أقول لك: حين تفشل في ترك المعصية، وتعجز عن ترك المعصية، فهذا لا يعني أن تفتح لنفسك الباب على مصراعيه، فهناك خيار ثالث وخطوة ثالثة أرجو وآمل أن تكون مقدمة التوبة الصادقة النصوح.

عدم التخاذل عن نصرة الدين وخدمته

أخيراً: إن إعراضك وإدراجك لنفسك ضمن قائمة غير الملتزمين ليس مبرراً لك حتى تتخاذل، إنك تأتي إلى المسجد، فترى فيه محاضرة، هذه المحاضرة سلكت خطوات في إعدادها، وفي الإعلان عنها، وفي دعوة المحاضر، وفي ترتيب اللقاء، إلى غير ذلك.

ترى مثل هذا المخيم الذي تستمع فيه لمثل هذه الكلمة، وترى الجهد الذي بذله الشباب الذين قاموا عليه، وترى من يوزع الشريط، وترى من يوزع الكتاب، تلقيت منه الشريط والكتاب، وترى زميلك في المدرسة ويده تمتد ليناولك كتاباً أو شريطاً، وتراه يحرك لسانه ليقول لك كلمة صادقة ناصحة، وترى الجهود تبذل لخدمة دين الله عز وجل هنا وهناك.

فما بالك لا تبحث لك عن موقع في هذا الميدان؟!

نعم، إنني أقدر موقعك، وإنني لا أنتظر منك وأنت على هذه الحال أن تتحول إلى واعظ، أو تتحول إلى خطيب أو محاضر، أو رجل يتحدث باسم الإسلام، فيؤلف ويصنف ويكتب وينافح عن دين الله عز وجل، لا أريد ذلك، بل لو أردت ذلك لقلت لك: رويدك وليس هذا مكانك.

لكن تستطيع -أخي الكريم- أن تقدم خدمة جليلة لدين الله عز وجل، وتستطيع أن تساهم في خدمة دين الله سبحانه وتعالى.

نقرأ في تاريخ الذين ساهموا في خدمة دين الله سبحانه وتعالى، من الزهاد، والعابدين، والقانتين، والعلماء، والصالحين، وحفاظ كتاب الله عز وجل، وحملة العلم الشرعي.

ولكننا مع ذلك نرى نماذج من أولئك الذين لم يكونوا على حال من الصلاح والاستقامة، كانت لهم مساهمات في دين الله عز وجل، والوقت يطول، فلعلي أذكر مثلاً واحداً.

كان الإمام أحمد رحمه الله كثيراً ما يدعو لرجل يقال له أبو إسحاق ، فكان يقول: اللهم اغفر لـأبي إسحاق إذا قام وإذا جلس. فسأله أحد أبنائه: من يكون؟ فكان ينتظر أن يكون زاهداً رأى منه الإمام رحمه الله قدوة في الزهد، أو قدوة في العبادة، وكان ينتظر أن يكون شيخاً للإمام أحمد تعلم منه علماً.

فأخبره الإمام أحمد رحمه الله أن هذا الرجل كان لصاً، وكان قاطع طريق، حينما جيء بالإمام أحمد رحمه الله ليجلد في فتنة خلق القرآن، جذبه بردائه، فقال: أتعرفني؟ قال: لا أعرفك، قال: أنا أبو إسحاق العيار اللص الطرار، مكتوب في ديوان أمير المؤمنين أني جلدت كذا وكذا في السرقة، ومع ذلك ما صدني ذلك، وأنت تجلد على كلمة الحق، فأنت أولى مني أن تثبت.

أرأيت هذا اللص الذي في السجن ولا يزال مصراً على جريمته، ومع ذلك يرى أنه يستطيع أن ينصر الإسلام، ويستطيع أن يقدم خدمة، وما هي هذه الخدمة؟ إنها ليست إقامة درس، ولا إلقاء خطبة، ولم يكن هذا الرجل مؤهلاً لذلك، إن هذه الخدمة كانت تتمثل بأن يقف مع الإمام أحمد رحمه الله، ويقول له تلك الكلمة التي زادته تثبيتاً، ولم يجد هذا اللص في تاريخه شيئاً يمكن أن يستثمره إلا تاريخه المليء بالإجرام والسرقة، فوظف ذلك التاريخ؛ ليكون شاهداً ومعيناً للإمام أحمد رحمه الله، بل تراه يستعين بتاريخه السابق السيئ فيقول للإمام أحمد : أنا وأنا صاحب المعصية والهوى أتحمل العذاب في سبيل السرقة، فأنت أولى مني أن تتحمل، وأنت تقول كلمة الحق!

إننا نطلب منك أن تساهم، وأن تشعر أن الدين يعني الجميع، وأن الدين دين الناس جميعاً، وأنك ما دمت مسلماً فإنك ينبغي لك أن تسير مع القافلة، بل لعل هذا يكون بمشيئة الله عز وجل بداية خير وطريق توبة، فماذا عليك مثلاً لو أخرجت مبلغاً من المال -فهناك مبالغ كثيرة تقدم لزملائك بها بعض المشروبات والمأكولات، والذي تقدم أضعافاً منها لتكون وسيلة تشتري بها ما يعينك على المعصية- ماذا عليك لو أخرجت جزءاً من هذا المبلغ؛ فأعطيته أحد الصالحين والأخيار، أو أحد الدعاة إلى الله عز وجل، وقلت له: اصرف هذا المبلغ في الدعوة إلى الله عز وجل، وفي سبيل الله سبحانه وتعالى؟ ماذا عليك حين تستمع إلى شريط أن تهديه إلى أحد زملائك، وأن تشتري كتاباً، وأن تشتري شريطاً؟

ولو أردت مجال الخير وخدمة دين الله عز وجل؛ لاستطعت أن تجد الآلاف من الوسائل والسبل، فقد عهدناك مفكراً، وعهدناك مجتهدً في البحث عن شهواتك ورغباتك، بل أنت تبتكر، ولا ترضى بحال أن تستعير فكرة غيرك، فأنت كل يوم تخرج لنا بفكرة جديدة، وطريقة جديدة، فوظف هذا التفكير وهذا العقل لتقدم شيئاً يسيراً لخدمة دين الله سبحانه وتعالى، عل هذا يكون خطوة لك تنقلك إلى طريق الاستقامة والخير بإذن الله عز وجل.

إن الكثير من الشباب يضع أمامه خيارين لا ثالث لهما:

الخيار الأول: أن يتوب، ويترك المعصية، ويكون مع الناس الصالحين الأخيار، وهذا لا شك هو المطلوب.

الخيار الثاني: حين يفشل في هذا فإنه يبقى على المعصية دون أي وازع، ودون أي مانع، ويرى أنه لم يبق أمامه خيار ثالث.

إن هناك خياراً ثالثاً، ومع ذلك فهذا الخيار لا يعني أن نتنازل عن الخيار الأول الذي هو الأصل وهو ترك المعصية وتوديعها، والتوبة الصادقة النصوح إلى الله سبحانه وتعالى، لكن هب أنك فشلت ولم تستطع أن تتوب، ستكون في هذه الفئة، فكل مسلم قادر على أن يسلك هذا الطريق، وما كلف الله عز وجل الإنسان إلا ما يطيق، وهب أنك لم تستطع ذلك، فلماذا تجاهر بالمعصية، وأنت تعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (كل أمتي معافى إلا المجاهرين

إنك تفعل المعصية بالليل بينك وبين نفسك لا يعلم عنها أحد، وربما لا يعلم عنها إلا شريكك في المعصية، فما بالك إذا أصبحت تلقى زميلك في المدرسة فتخبره بما عملت وما صنعت؟!

أنك تدعي أنك لا تستطيع التخلص من تلك المعصية، ولو فرضنا جدلاً أنك كذلك، أفلا تستطيع أن تتخلص من المجاهرة بالمعصية؟ ألا تستطيع أن تبقى معصيتك سراً بينك وبين الله سبحانه وتعالى؟ فإن ذلك أدعى إلى توبتك وإقبالك على الله سبحانه وتعالى.

ثم إن الذي يجاهر بالمعصية حين يهم بالتوبة بعد ذلك تثقل عليه، ويصعب عليه أن يسلك طريقها؛ لأنه أصبح مشهوراً بين الناس، ومشهوراً بين زملائه وأقرانه بالسوء والفساد، وهو الذي جنى على نفسه.

ومما يتعلق أيضاً بالمعصية أنك حين تفعل المعصية فلماذا لا تقتصر على نفسك؟ لماذا تدعو غيرك إلى المعصية؟ ولماذا تسعى إلى تسهيل المهمة لغيرك؟ فأنت أحياناً تتحدث مع زميلك، بل كثيراً ما تتحدث مع زميلك، فتخبره ماذا فعلت بطريقة تمارس فيها دعاية بالمجان لهذه المعصية، بل ربما تدله على الوسيلة التي يمكن أن تعينه على فعل المعصية، وربما وظفت نفسك مستشاراً دون مقابل على أسباب ووسائل الاحتيال على تحصيل المعصية.

أليست هذه دعوة للمعصية والفساد؟ ألا تخشى أن ينطبق عليك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ومن دعا إلى ضلالة، كان عليه من الوزر مثل أوزار من تبعه، لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئاً)، وأن ينطبق عليك قول الله عز وجل: وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ [النحل:25]؟

ألا تخشى أن تأتي يوم القيامة وأنت تحمل وزرك على ظهرك ووزر من أضللته؟

قد تقول مرة أخرى: إن لك مبرراً وعذراً في فعل المعصية، ولكن ما العذر والمبرر أن تدعو غيرك للمعصية، وتسهلها عليه؟

ومما يتعلق بالمعصية أيضاً: ما بالك تستخف بالمعصية وتستهين بها؟

لقد حدثنا أحد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وضرب لنا مثلاً بليغاً، أرجو أن ترعي سمعك حتى لا ينطبق عليك هذا المثل، بل لعلك أن تصنف نفسك مع الفئة الأخرى: المؤمن يرى ذنبه كالجبل يوشك أن يقع عليه، والمنافق يرى ذنبه كذباب وقع على أنفه فقال به هكذا.

ما بالك حين تواجه بالنصيحة والإنكار تستخف بشأن المعصية؟ إن فعل المعصية شيء، والاستخفاف بها واستهوانها معصية أخرى، بل إن الاستخفاف بالصغيرة يحولها إلى كبيرة، فما بالك بالاستخفاف بالكبيرة والاستهانة بها؟!

مرة أخرى أقول لك: حين تفشل في ترك المعصية، وتعجز عن ترك المعصية، فهذا لا يعني أن تفتح لنفسك الباب على مصراعيه، فهناك خيار ثالث وخطوة ثالثة أرجو وآمل أن تكون مقدمة التوبة الصادقة النصوح.

أخيراً: إن إعراضك وإدراجك لنفسك ضمن قائمة غير الملتزمين ليس مبرراً لك حتى تتخاذل، إنك تأتي إلى المسجد، فترى فيه محاضرة، هذه المحاضرة سلكت خطوات في إعدادها، وفي الإعلان عنها، وفي دعوة المحاضر، وفي ترتيب اللقاء، إلى غير ذلك.

ترى مثل هذا المخيم الذي تستمع فيه لمثل هذه الكلمة، وترى الجهد الذي بذله الشباب الذين قاموا عليه، وترى من يوزع الشريط، وترى من يوزع الكتاب، تلقيت منه الشريط والكتاب، وترى زميلك في المدرسة ويده تمتد ليناولك كتاباً أو شريطاً، وتراه يحرك لسانه ليقول لك كلمة صادقة ناصحة، وترى الجهود تبذل لخدمة دين الله عز وجل هنا وهناك.

فما بالك لا تبحث لك عن موقع في هذا الميدان؟!

نعم، إنني أقدر موقعك، وإنني لا أنتظر منك وأنت على هذه الحال أن تتحول إلى واعظ، أو تتحول إلى خطيب أو محاضر، أو رجل يتحدث باسم الإسلام، فيؤلف ويصنف ويكتب وينافح عن دين الله عز وجل، لا أريد ذلك، بل لو أردت ذلك لقلت لك: رويدك وليس هذا مكانك.

لكن تستطيع -أخي الكريم- أن تقدم خدمة جليلة لدين الله عز وجل، وتستطيع أن تساهم في خدمة دين الله سبحانه وتعالى.

نقرأ في تاريخ الذين ساهموا في خدمة دين الله سبحانه وتعالى، من الزهاد، والعابدين، والقانتين، والعلماء، والصالحين، وحفاظ كتاب الله عز وجل، وحملة العلم الشرعي.

ولكننا مع ذلك نرى نماذج من أولئك الذين لم يكونوا على حال من الصلاح والاستقامة، كانت لهم مساهمات في دين الله عز وجل، والوقت يطول، فلعلي أذكر مثلاً واحداً.

كان الإمام أحمد رحمه الله كثيراً ما يدعو لرجل يقال له أبو إسحاق ، فكان يقول: اللهم اغفر لـأبي إسحاق إذا قام وإذا جلس. فسأله أحد أبنائه: من يكون؟ فكان ينتظر أن يكون زاهداً رأى منه الإمام رحمه الله قدوة في الزهد، أو قدوة في العبادة، وكان ينتظر أن يكون شيخاً للإمام أحمد تعلم منه علماً.

فأخبره الإمام أحمد رحمه الله أن هذا الرجل كان لصاً، وكان قاطع طريق، حينما جيء بالإمام أحمد رحمه الله ليجلد في فتنة خلق القرآن، جذبه بردائه، فقال: أتعرفني؟ قال: لا أعرفك، قال: أنا أبو إسحاق العيار اللص الطرار، مكتوب في ديوان أمير المؤمنين أني جلدت كذا وكذا في السرقة، ومع ذلك ما صدني ذلك، وأنت تجلد على كلمة الحق، فأنت أولى مني أن تثبت.

أرأيت هذا اللص الذي في السجن ولا يزال مصراً على جريمته، ومع ذلك يرى أنه يستطيع أن ينصر الإسلام، ويستطيع أن يقدم خدمة، وما هي هذه الخدمة؟ إنها ليست إقامة درس، ولا إلقاء خطبة، ولم يكن هذا الرجل مؤهلاً لذلك، إن هذه الخدمة كانت تتمثل بأن يقف مع الإمام أحمد رحمه الله، ويقول له تلك الكلمة التي زادته تثبيتاً، ولم يجد هذا اللص في تاريخه شيئاً يمكن أن يستثمره إلا تاريخه المليء بالإجرام والسرقة، فوظف ذلك التاريخ؛ ليكون شاهداً ومعيناً للإمام أحمد رحمه الله، بل تراه يستعين بتاريخه السابق السيئ فيقول للإمام أحمد : أنا وأنا صاحب المعصية والهوى أتحمل العذاب في سبيل السرقة، فأنت أولى مني أن تتحمل، وأنت تقول كلمة الحق!

إننا نطلب منك أن تساهم، وأن تشعر أن الدين يعني الجميع، وأن الدين دين الناس جميعاً، وأنك ما دمت مسلماً فإنك ينبغي لك أن تسير مع القافلة، بل لعل هذا يكون بمشيئة الله عز وجل بداية خير وطريق توبة، فماذا عليك مثلاً لو أخرجت مبلغاً من المال -فهناك مبالغ كثيرة تقدم لزملائك بها بعض المشروبات والمأكولات، والذي تقدم أضعافاً منها لتكون وسيلة تشتري بها ما يعينك على المعصية- ماذا عليك لو أخرجت جزءاً من هذا المبلغ؛ فأعطيته أحد الصالحين والأخيار، أو أحد الدعاة إلى الله عز وجل، وقلت له: اصرف هذا المبلغ في الدعوة إلى الله عز وجل، وفي سبيل الله سبحانه وتعالى؟ ماذا عليك حين تستمع إلى شريط أن تهديه إلى أحد زملائك، وأن تشتري كتاباً، وأن تشتري شريطاً؟

ولو أردت مجال الخير وخدمة دين الله عز وجل؛ لاستطعت أن تجد الآلاف من الوسائل والسبل، فقد عهدناك مفكراً، وعهدناك مجتهدً في البحث عن شهواتك ورغباتك، بل أنت تبتكر، ولا ترضى بحال أن تستعير فكرة غيرك، فأنت كل يوم تخرج لنا بفكرة جديدة، وطريقة جديدة، فوظف هذا التفكير وهذا العقل لتقدم شيئاً يسيراً لخدمة دين الله سبحانه وتعالى، عل هذا يكون خطوة لك تنقلك إلى طريق الاستقامة والخير بإذن الله عز وجل.