أرشيف المقالات

بر الأمان - أحمد كمال قاسم

مدة قراءة المادة : 3 دقائق .
قتله..
لا يعلم كيف؟! قتله وهو غائب تمامًا عن التحكم في إرادته، فهو لم يدرِ حتى كيف قتله! لكنه قتله! 
نظر إليه فقال وا مصيبتاه، كيف فعلت هذه الفعلة؟! وإذ بأصوات الناس من حوله يتهامسون ويتجاهرون: "بأن الشرطة في الطريق، وبأنها مسألة وقت كي يُقبَض عليه بهذه التهمة الشنعاء ويُلقى في السجن في انتظار اﻹعدام!". 

هو يعلم أن هذا حق، ويعلم أن ما حدث قد حدث وتمني زواله، لن يغير من اﻷمر شيئًا، فالزمن لا يتقهقر إلى الوراء. 
لكن! هل..؟ هل هناك أية أمل؟! هل يمكن أن يخرج من هذه الغمة السوداء؟! إنها كبحرٍ من القار اﻷسود المظلم الكثيف، وهو يغرق فيها بينما اتشبعت رئتاه بهذا القار! لكنه تذكر، تذكر أن القنوط واليأس لا مكان له في قلب المسلم، وقال: "أو لم يُنجِ الله يونس عليه السلام من بطن الحوت بعدما كان إلى هلاكٍ مُحَتَّم؟!"، إن الحوت هو هذا الموقف الرهيب البشع! أو ليس هذا "حوتًا"؟! 
وقرر أن يدعو بدعاء يونس بيقين تام في استجابة اللهِ دعاءه، فقال: "لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين". 
فانتبه على فوره -بعد آخر حرف من الدعاء - من نومه وأدرك أن كل ما فات كان حلمًا بشعًا، بل كابوسًا مَقيتًا! فحمد الله تعالى كثيرًا وفرح فرحةً لم يفرحها من قبل، وقال لنفسه: "لقد كانت بطن الحوت هي الكابوس، ذلك الكابوس الذي كنت موقنًا أنه حقيقة، ولقد نجاني الله من بطن الحوت أن أوقظني منه بعدما دعوت بدعاء يونس مخلصًا لله الدين"!
لكن مَهلًا: هناك احتمال آخر قد يكون تفكيرًا مجنونًا! لماذا لا يكون اﻷمر كالتالي: هذا الموقف كان حقيقةً بالفعل، لقد كانت بطن الحوت هي واقع! وعندما دعا بدعاء يونس قد أخرجه الله من بطن الحوت -بطلاقة قدرته- بأن حَوَّل الحقيقة إلى حلم، ثم جعله يستقيظ منه لِتقِلَّه حقيقةٌ جديدة، حقيقة جديدة خلقها الله له هي بمثابة بر اﻷمان الذي لفظ الحوت يونس عليه! 

شارك الخبر

فهرس موضوعات القرآن