نظرة عقائدية للنظام العالمي الجديد (1، 2)


الحلقة مفرغة

اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، تقدست أسماؤك، وتعالت صفاتك، ولا إله إلا أنت، سبحانك اللهم وبحمدك عدد خلقك، ورضا نفسك، وزنة عرشك، ومداد كلماتك، نشهد أن لا إله إلا أنت، ونشهد أن محمداً عبدك ورسولك، وصفيك من خلقك صلوات الله وسلامه عليه.

أيها الإخوة: قد يتساءل البعض: ما الذي يحعلنا نهتم بهذا الموضوع، موضوع النظام العالمي الجديد؟ وإن كان التساؤل في غير محله، إذ أن هذا النظام هو حديث العالم أجمع، في وسائل إعلامه ومنتدياته ومؤتمراته، ونحن جزءٌ من هذا العالم، ولا بد أن نكون على معرفة وبينة بما يدور حولنا في العالم، لكننا أصبحنا في زمنٍ نحتاج فيه إلى تبيين المبين، وتوضيح الواضح، وإقامة الدليل القطعي البدهي الذي لا يحتاج إلى بيان.

والإمام ابن القيم عليه رحمة الله يتحدث في كتاب الفوائد عن قوله سبحانه وتعالى: وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ [الأنعام:55] فيقول: إن الناس على أربعة أصناف -ويهمنا أن نذكر هنا الصنف الأول- قال هم: الذين عرفوا الحق عن علمٍ وبينة ودليلٍ وبرهان؛ فدعوا إليه وجاهدوا في سبيل إقراره في الأرض، وعرفوا الباطل عن بينة، وعلمٍ ودليلٍ وبرهان؛ فجاهدوه وسعوا لإزالته ومنعه من الأرض، قال: وهم المصلحون أعلى الناس درجة، أو أعلى أصناف الناس في هذه الأرض.

ثم تحدث بعد ذلك عن أصناف الناس الذين يلونهم، فنحن من هذا المنطلق نتحدث عن النظام العالمي الجديد، وعن مثله من الموضوعات، وقد جعل الله سبحانه وتعالى لنا ميزاناً ومعياراً نحاكم به كل شيء، ونزن به كل شيء، ونتحدث به عن كل شيء، وسيكون حديثي عن هذا الموضوع في سبع نقاط:

النقطة الأولى: تمهيد عن أهم الأحداث التي شكلت التاريخ العالمي المعاصر.

النقطة الثانية: أهم أسباب ظهور النظام العالمي الجديد.

النقطة الثالثة: أهم ملامح النظام العالمي الجديد.

النقطة الرابعة: بعض الآثار المتوقعة للنظام العالمي الجديد في العالم الإسلامي.

النقطة الخامسة: النظام العالمي في موازين العقيدة الإسلامية.

النقطة السادسة: بعض المقترحات في هذا الموضوع.

وقبل أن أبدأ في العناصر، حاولت أن أطلع على أكثر من ثلاثمائة مقال ووثيقة وخبر، مما نشر حول النظام العالمي من اتجاهات مختلفة، ومناطق مختلفة من العالم، وحاولت أن أخرج بما ستسمعونه بشكلٍ مركزٍ ملخص، أرجو أن يعينني الله سبحانه وتعالى على قول الحق، وأن ينير بصائرنا إنه ولي ذلك والقادر عليه.

ولدي بعض الوثائق التي سأشير إليها -إن شاء الله- في نهاية الحديث أو أشير إلى مقتطفات منها، تؤكد بعض ما أقوله في كلامي هذا.

بالنسبة للعنصر الأول، وهو أهم العوامل التي شكلت الواقع العالمي المعاصر، أشير إلى عاملين مهمين:

العامل الأول: الحرب العالمية الأولى ونتائجها

وهي الحرب التي وقعت في بداية هذا القرن الميلادي، هذه الحرب كانت في ظاهرها بين ألمانيا ودول الحلفاء التي كانت تمثل فرنسا وبريطانيا وأمريكا ، ودخلت مع ألمانيا تركيا، لكن المتتبع للأحدث حقيقة يرى أن دول الحلفاء كانت تعد لهذه الحرب من سنواتٍ طويلة، وقد اطلعت على كتاب لا زال باللغة الإنجليزية أعدته الاستخبارات البريطانية عن منطقة عسير قبل الحرب العالمية الأولى بست سنوات، وجعلوه في أيدي رجال الإدارة البريطانية المسئولين عن التعامل مع قضايا الجزيرة العربية ، على شكل معلوماتٍ متوفرة، تحدثوا في هذا الكتاب الذي لم يُترجم بعد عن قبائل المنطقة، عن أعدادها ومدى قوة كل قبيلة وحدودها، واقتصادياتها، وأهم رجالاتها والعلماء فيها، والتوجهات السياسية والعادات والأخلاق، وكيف يمكن الاستفادة من هذا الواقع، هذا في منطقة لم يظهر للحلفاء ولا الإنجليز فيها في الحرب العالمية الأولى وجودٌ ظاهرٌ واضحٌ قوي.

ففي الحجاز -كما تعلمون- كان هناك لورانس ، وفي الخليج كان الاستعمار الإنجليزي، وظهر في نجد فلبي وأمثاله، لكن منطقة عسير كان يُظن أنها منطقة مزوية بعيدة عن اهتمام العالم فإذا بهذا الكتاب الذي أعدته الاستخبارات البريطانية، وكأنه قد جند له فريق عملٍ متكامل، ولم يخرج هذا الكتاب ويطبع إلا في عام (1973م).

المهم أن الحرب العالمية الأولى كانت من أهم العوامل التي كوَّنت التاريخ المعاصر، وقد نتج عن هذه الحرب:

والدولة العثمانية -كما تعلمون- برزت بعد سقوط الخلافة العباسية، وكان العثمانيون من أتراك آسيا الوسطى الذين كانوا في البداية قادة للسلاجقة، الذين واجهوا الصليبيين، وواجهوا التتار، وقد توغلوا في البلاد الصليبية فيما كان يسمى ببلاد الروم، وأقاموا دولة إسلامية، فلما ضعفت الدول الإسلامية في المشرق وتعرض المشرق الإسلامي لهجمات البرتغاليين في الخليج والبحر الأحمر ، وفي شرق أفريقيا ، وكان البرتغاليون يخططون لاحتلال الحجاز - مكة والمدينة -. هبَّ العثمانيون لإتمام استيلائهم على الشرق، ووقفوا في وجه أوروبا أكثر من ستمائة سنة، وقاتلوها ووصلوا إلى أواسط أوروبا ، وحولوا البحر الأبيض في فترات طويلة إلى بحيرة إسلامية، ودفعوا الهجمات الصليبية عن شمال أفريقيا وعملوا على إنقاذ المسلمين بعد انهيار دولتهم في الأندلس.

المهم أن هذه الدولة في آخر عهدها سيطرت عليها النـزعات القومية، الأتراك ينادون بالقومية الطورانية، والعرب ينادون بالقومية العربية، والأكراد ينادون بالقومية الكردية، ودخلتها الماسونية ، ودخلتها الجمعيات الإلحادية العلمانية ، وكان الغرب أيضاً يضغط عليها: حروب في روسيا ، وحروب في البلقان ، وحروب مع بريطانيا ، وحروب مع إيطاليا في ليبيا ، وكانت القشة التي قصمت ظهر البعير أن في الحرب العالمية الأولى زج بهذه الدولة التي كانت تُسمى بالرجل المريض، فأسقطت هذه الدولة التي كانت تجمع المسلمين، واستمرت أوروبا أكثر من قرنين تطلق على الدولة العثمانية المسألة الشرقية، ولو قدر الله سبحانه وتعالى أن الدولة العثمانية استمرت وانتصرت لتغير وجه التاريخ المعاصر.

وأنتم تعلمون أن القوميين العرب قد تضافرت جهودهم مع الإنجليز ومع الفرنسيين لإسقاط هذه الدولة، وأن ما يسمى بالثورة العربية التي خطط لها وأشعل أورها وقادها حقيقة ضابط الاستخبارات البريطاني لورانس ، كان لها دورٌ كبير في هزيمة الدولة العثمانية.

كان أيضاً من نتائج الحرب العالمية الأولى: وقوع الشعوب الإسلامية تحت الهيمنة الغربية الاستعمارية المباشرة، فشمال أفريقيا وقع في أيدي الفرنسيين باستثناء ليبيا وقعت في أيدي الإيطاليين، ومصر سيطر عليها الإنجليز، وكذلك فلسطين، ولبنان وسوريا كانت في يد الفرنسيين، والعراق في يد البريطانيين، وتركيا أقاموا فيها نظاماً علمانياً، نظام أتاتورك الذي خضع خضوعاً كاملاً للهيمنة البريطانية، حتى أنه كان في آخر حياته كما في كتاب الرجل الصنم، استدعى السفير البريطاني وأراد أن يستخلفه بعده في قيادة الدولة التركية الحديثة، وكانت الهند كما تعلمون تحت السيطرة البريطانية.

والمهم معرفته أن شعوب العالم الإسلامي وقعت تحت السيطرة الصليبية الغربية لأول مرة بهذا الشكل الواسع الكبير في الحروب الصليبية، استولوا على سواحل بلاد الشام ، واستمرت الحروب قرابة مائتين سنة، أما بعد الحرب العالمية الأولى فقد سيطروا سيطرة كاملة.

أيضاً من نتائج هذا الحرب: بروز بريطانيا وفرنسا كقوتين عالميتين بعد أن كانت الدولة العثمانية إحدى القوى العالمية قبل الحرب الأولى، وكانت بريطانيا تعتبر قوة عالمية، وألمانيا تنافسها، وفرنسا تنافسها، وروسيا تنافسها أحياناً، وبعد الحرب التي انتصرت فيها بريطانيا وفرنسا ، أصبحت هي القوة العالمية الموجودة في الساحة.

كذلك كان من نتائج هذا الحرب خروج أمريكا من عزلتها إلى العالم، فـأمريكا كانت قبل الحرب العالمية الأولى، ومنذ ما سمي بحرب التحرير التي قادها جورج واشنطن ضد الإنجليز، منكفئة على نفسها غير متصلة بالعالم، لا ترى أن تهتم بالعالم الخارجي، وفي الحرب العالمية الأولى ولأول مرة ولأسبابٍ أهمها: دفع اليهود لـأمريكا من خلال سيطرتهم على اقتصادها وإعلامها، والقرار السياسي فيها دفعهم لـأمريكا إلى الدخول في الحرب في جانب الحلفاء.

والسبب الثاني: الأسباب الاقتصادية والأطماع الاستعمارية، خرجت أمريكا في عهد ويلسن وشاركت في مؤتمر فرساي وكانت من الدول المنتصرة.

العامل الثاني: الحرب العالمية الثانية ونتائجها

العامل الثاني من عوامل تشكل التاريخ العالمي المعاصر: الحرب العالمية الثانية، وهاتان الحربان -كما تعلمون- قامتا أصلاً في أوروبا التي تسمى مهد الحضارة، وتنادي بالسلام، وفي قرابة سبعين عاماً من قيادتها للبشرية قامت حربان عالميتان قتل فيهما أكثر من أربعين مليوناً، والحضارة الإسلامية التي استظلت البشرية بظلها أكثر من ألف عام، لم يقتل فيها من البشرية ولا عشر هذا العدد، بل أقل من ذلك بكثير، لندرك إلى أي مصير تقوده الحضارة الأوروبية العالم.

المهم أن العامل الثاني هو: الحرب العالمية الثانية وكان من نتائجها: أن حلت أمريكا وروسيا مكان فرنسا وبريطانيا ، وأصبح هناك استقطاب شرقي وغربي، وإن كان في الحقيقة الشرق والغرب يدين لليهودية العالمية، فمثلاً الاتحاد السوفيتي كان في الظاهر أنه ضد اليهود، والحقيقة أنه كان أحد ألاعيب اليهودية العالمية، ونسبة اليهود أقل من (1%) في الاتحاد السوفيتي ، لكن نسبتهم في مجلس السوفيت الأعلى عندما قامت الشيوعية كانت أكثر من (80%) واستمرت هذه النسبة في أقل أحوالها لم تقل عن (45%) يعني قبل سقوط الاتحاد السوفيتي وكثير من الأسماء المشهورة، مثل: بريماكوف وشيفردنا آرز وجوربتشوف، كانوا إما من أمهاتٍ يهودية، أو زوجاتهم يهوديات أو هم يهود وانتقلوا إلى النصرانية، والذي رأى جورباتشوف عندما زار إسرائيل وهو يلبس طاقية الحاخامية اليهودية ويقف تهطل دموعه عند حائط المبكى يدرك أي رجلٍ كان هذا.

المهم أنها برزت أمريكا وروسيا كقوتين عالميتين، تعملان لتحقيق المصالح اليهودية ، وأنتم تعلمون أن روسيا اعترفت قبل أمريكا بقيام دولة إسرائيل في عام (1948م) قبلها أظن بـ"17" دقيقة، كانا يتسابقان إلى هذا الحد! والذي يطلع على العلاقات اليهودية الشيوعية أظن لـعمر حليق يرى الأسرار الخفية التي قام بها الروس في سبيل إقامة دولة إسرائيل.

أيضاً من نتائج الحرب العالمية الثانية: نتيجة للحروب الجهادية التي قامت في العالم الإسلامي من مراكش غرباً إلى إندونيسيا شرقاً، والتي ظهر فيها من البطولات الشيء الكثير، فـعبد الكريم الخطابي في المغرب قاد حرباً جهادية ضد الأسبان والفرنسيين، وأوقع في آخر أيامه هزيمة بربع مليون جندي صليبي، وكان عدد المجاهدين الذين يقودهم لا يتجاوزون ثلاثين ألفاً، وكانت الصحف الأوروبية تدعو بالويل والثبور، وتقول: أن عبد الكريم الخطابي سيعبر كما عبر طارق بن زياد مرة أخرى إلى غرب أوروبا ، ويعيد الفتح الإسلامي.

وكذلك في الجزائر عبد الحميد بن باديس وأصحابه، وفي ليبيا عمر المختار، كذلك ما وقع في مصر خاصة في (1951م) ضد الإنجليز في قناة السويس ، وراجعوا كتاب كامل الشريف عن تلك الأحداث، وفي فلسطين منذ وطأتها أقدام الإنجليز أيام عز الدين القسام عليه رحمة الله، إلى أيام اليهود بعد ذلك، وكتائب المجاهدين تترا، كذلك في بلاد الشام ، وفي العراق، وأيضاً في تركيا قامت ثورة سعيد الكردي عليه رحمة الله ذلك العالم الجليل، وفي بلاد الهند قام علماء المسلمين وقادوا الجهاد ضد الإنجليز، وفي إندونيسيا قاد علماء المسلمين الجهاد ضد الهولنديين، وفي كل مكان.

المهم أنه بعد هذه الحروب التي كانت بين الحربين العالميتين، وأثناء الحرب العالمية الثانية اقتنع الاستعمار بأن يوجد بديلاً للقوة العسكرية المباشرة، أن يوجد هيمنةً من خلال أنظمةٍ تابعةٍ له، فربى أناساً على عينه، وسلمهم مقاليد الأمور، وابتدءوا بعد ذلك يمارسون الدور الذي عجز عن ممارسته الاستعمار في بلاد المسلمين.

أيضاً من آثار الحرب العالمية الثانية بالنسبة للعالم الإسلامي: انحسار الحكم الإسلامي من أغلب الأقطار الإسلامية، واستبداله بـالاشتراكية أو الليبرالية أو الديكتاتورية العلمانية، مهما مر على المسلمين من ضعف، فهناك قضايا لم تكن محلاً للمساومة ولا للتفكير والنقاش، منها الحكم بشريعة الله، ومنها وحدة الأمة المسلمة، وعدم وجود الفوارق فيما بينها.

ولما هيمن الاستعمار الغربي على بلاد المسلمين جزئت الأمة المسلمة إلى أممٍ متعددة ونحيت شريعة الله عن الحاكمية، واستبدلت بأنظمة وضعية اشتراكية أو ليبرالية أو ديكتاتورية قومية، وتعاقبت هذه الأنظمة على البلدان الإسلامية، مع اختلافٍ في ترتيبها، أيها المتقدم وأيها المتأخر، ولم تجنِ الأمة منها إلا التفرق والشتات والهزائم والفقر والذل.

أضرب لكم مثالاً: مصر عندما قامت الثورة -ثورة عبد الناصر - فيها كانت ديونها على بريطانيا خمسمائة مليون جنيه، بمقاييس ذلك الزمان تساوي اليوم خمسة مليارات جنيه، والآن تستنفذ الديون المصرية فوائد ربوية فقط من الاقتصاد المصري سنوياً قرابة ثلاثة مليارات دولار سنوياً، وخذ جميع البلدان الأخرى.

أيضاً من آثار الحرب العالمية الثانية: بروز الدولة اليهودية إلى عالم الواقع، وسيطرة اليهود على كثير من وسائل صنع القرار العالمي، وبعض العقبات التي كانت في طريق اليهود قضي عليها في الحرب العالمية الثانية، كـالنازية وموقفها من اليهود، وهتلر وموقفه، وإن كان استغل لمصلحة اليهود، لكن موقفه في كتاب " كفاحي معروف من اليهود "، قضي على هذه القوة الأخيرة، وسيطر اليهود على المعسكرات السياسية العالمية الكبرى، وقامت دولة اليهود في أرض فلسطين في عام (1948م)، وأصبح هذا الجسم الغريب في وسط أرض الأمة المسلمة، وعلى مقربة من مقدساتها، يستنفذ جهودها ويذلها ويشتتها ويمزقها.

أيها الأحبة: هذه بعض المقدمات التي لا بد من أن نلم بها، لندرك ماذا يعني النظام العالمي الجديد؛ لأن النظام العالمي الجديد لم يأتِ من فراغ، إنما كان نتيجة لجهود وأحداثٍ ووقائع سبقته، وكان بعد ذلك ثمرة لها كما هي سنة الله سبحانه وتعالى في الكون.

كل نقطة من النقاط السابقة تحتاج إلى بيانٍ وإيضاحٍ واستدلالٍ وتوثيق، لكن لطول الموضوع وسعته أكتفي بالإشارات التي أشرت إليها.

وهي الحرب التي وقعت في بداية هذا القرن الميلادي، هذه الحرب كانت في ظاهرها بين ألمانيا ودول الحلفاء التي كانت تمثل فرنسا وبريطانيا وأمريكا ، ودخلت مع ألمانيا تركيا، لكن المتتبع للأحدث حقيقة يرى أن دول الحلفاء كانت تعد لهذه الحرب من سنواتٍ طويلة، وقد اطلعت على كتاب لا زال باللغة الإنجليزية أعدته الاستخبارات البريطانية عن منطقة عسير قبل الحرب العالمية الأولى بست سنوات، وجعلوه في أيدي رجال الإدارة البريطانية المسئولين عن التعامل مع قضايا الجزيرة العربية ، على شكل معلوماتٍ متوفرة، تحدثوا في هذا الكتاب الذي لم يُترجم بعد عن قبائل المنطقة، عن أعدادها ومدى قوة كل قبيلة وحدودها، واقتصادياتها، وأهم رجالاتها والعلماء فيها، والتوجهات السياسية والعادات والأخلاق، وكيف يمكن الاستفادة من هذا الواقع، هذا في منطقة لم يظهر للحلفاء ولا الإنجليز فيها في الحرب العالمية الأولى وجودٌ ظاهرٌ واضحٌ قوي.

ففي الحجاز -كما تعلمون- كان هناك لورانس ، وفي الخليج كان الاستعمار الإنجليزي، وظهر في نجد فلبي وأمثاله، لكن منطقة عسير كان يُظن أنها منطقة مزوية بعيدة عن اهتمام العالم فإذا بهذا الكتاب الذي أعدته الاستخبارات البريطانية، وكأنه قد جند له فريق عملٍ متكامل، ولم يخرج هذا الكتاب ويطبع إلا في عام (1973م).

المهم أن الحرب العالمية الأولى كانت من أهم العوامل التي كوَّنت التاريخ المعاصر، وقد نتج عن هذه الحرب:

والدولة العثمانية -كما تعلمون- برزت بعد سقوط الخلافة العباسية، وكان العثمانيون من أتراك آسيا الوسطى الذين كانوا في البداية قادة للسلاجقة، الذين واجهوا الصليبيين، وواجهوا التتار، وقد توغلوا في البلاد الصليبية فيما كان يسمى ببلاد الروم، وأقاموا دولة إسلامية، فلما ضعفت الدول الإسلامية في المشرق وتعرض المشرق الإسلامي لهجمات البرتغاليين في الخليج والبحر الأحمر ، وفي شرق أفريقيا ، وكان البرتغاليون يخططون لاحتلال الحجاز - مكة والمدينة -. هبَّ العثمانيون لإتمام استيلائهم على الشرق، ووقفوا في وجه أوروبا أكثر من ستمائة سنة، وقاتلوها ووصلوا إلى أواسط أوروبا ، وحولوا البحر الأبيض في فترات طويلة إلى بحيرة إسلامية، ودفعوا الهجمات الصليبية عن شمال أفريقيا وعملوا على إنقاذ المسلمين بعد انهيار دولتهم في الأندلس.

المهم أن هذه الدولة في آخر عهدها سيطرت عليها النـزعات القومية، الأتراك ينادون بالقومية الطورانية، والعرب ينادون بالقومية العربية، والأكراد ينادون بالقومية الكردية، ودخلتها الماسونية ، ودخلتها الجمعيات الإلحادية العلمانية ، وكان الغرب أيضاً يضغط عليها: حروب في روسيا ، وحروب في البلقان ، وحروب مع بريطانيا ، وحروب مع إيطاليا في ليبيا ، وكانت القشة التي قصمت ظهر البعير أن في الحرب العالمية الأولى زج بهذه الدولة التي كانت تُسمى بالرجل المريض، فأسقطت هذه الدولة التي كانت تجمع المسلمين، واستمرت أوروبا أكثر من قرنين تطلق على الدولة العثمانية المسألة الشرقية، ولو قدر الله سبحانه وتعالى أن الدولة العثمانية استمرت وانتصرت لتغير وجه التاريخ المعاصر.

وأنتم تعلمون أن القوميين العرب قد تضافرت جهودهم مع الإنجليز ومع الفرنسيين لإسقاط هذه الدولة، وأن ما يسمى بالثورة العربية التي خطط لها وأشعل أورها وقادها حقيقة ضابط الاستخبارات البريطاني لورانس ، كان لها دورٌ كبير في هزيمة الدولة العثمانية.

كان أيضاً من نتائج الحرب العالمية الأولى: وقوع الشعوب الإسلامية تحت الهيمنة الغربية الاستعمارية المباشرة، فشمال أفريقيا وقع في أيدي الفرنسيين باستثناء ليبيا وقعت في أيدي الإيطاليين، ومصر سيطر عليها الإنجليز، وكذلك فلسطين، ولبنان وسوريا كانت في يد الفرنسيين، والعراق في يد البريطانيين، وتركيا أقاموا فيها نظاماً علمانياً، نظام أتاتورك الذي خضع خضوعاً كاملاً للهيمنة البريطانية، حتى أنه كان في آخر حياته كما في كتاب الرجل الصنم، استدعى السفير البريطاني وأراد أن يستخلفه بعده في قيادة الدولة التركية الحديثة، وكانت الهند كما تعلمون تحت السيطرة البريطانية.

والمهم معرفته أن شعوب العالم الإسلامي وقعت تحت السيطرة الصليبية الغربية لأول مرة بهذا الشكل الواسع الكبير في الحروب الصليبية، استولوا على سواحل بلاد الشام ، واستمرت الحروب قرابة مائتين سنة، أما بعد الحرب العالمية الأولى فقد سيطروا سيطرة كاملة.

أيضاً من نتائج هذا الحرب: بروز بريطانيا وفرنسا كقوتين عالميتين بعد أن كانت الدولة العثمانية إحدى القوى العالمية قبل الحرب الأولى، وكانت بريطانيا تعتبر قوة عالمية، وألمانيا تنافسها، وفرنسا تنافسها، وروسيا تنافسها أحياناً، وبعد الحرب التي انتصرت فيها بريطانيا وفرنسا ، أصبحت هي القوة العالمية الموجودة في الساحة.

كذلك كان من نتائج هذا الحرب خروج أمريكا من عزلتها إلى العالم، فـأمريكا كانت قبل الحرب العالمية الأولى، ومنذ ما سمي بحرب التحرير التي قادها جورج واشنطن ضد الإنجليز، منكفئة على نفسها غير متصلة بالعالم، لا ترى أن تهتم بالعالم الخارجي، وفي الحرب العالمية الأولى ولأول مرة ولأسبابٍ أهمها: دفع اليهود لـأمريكا من خلال سيطرتهم على اقتصادها وإعلامها، والقرار السياسي فيها دفعهم لـأمريكا إلى الدخول في الحرب في جانب الحلفاء.

والسبب الثاني: الأسباب الاقتصادية والأطماع الاستعمارية، خرجت أمريكا في عهد ويلسن وشاركت في مؤتمر فرساي وكانت من الدول المنتصرة.

العامل الثاني من عوامل تشكل التاريخ العالمي المعاصر: الحرب العالمية الثانية، وهاتان الحربان -كما تعلمون- قامتا أصلاً في أوروبا التي تسمى مهد الحضارة، وتنادي بالسلام، وفي قرابة سبعين عاماً من قيادتها للبشرية قامت حربان عالميتان قتل فيهما أكثر من أربعين مليوناً، والحضارة الإسلامية التي استظلت البشرية بظلها أكثر من ألف عام، لم يقتل فيها من البشرية ولا عشر هذا العدد، بل أقل من ذلك بكثير، لندرك إلى أي مصير تقوده الحضارة الأوروبية العالم.

المهم أن العامل الثاني هو: الحرب العالمية الثانية وكان من نتائجها: أن حلت أمريكا وروسيا مكان فرنسا وبريطانيا ، وأصبح هناك استقطاب شرقي وغربي، وإن كان في الحقيقة الشرق والغرب يدين لليهودية العالمية، فمثلاً الاتحاد السوفيتي كان في الظاهر أنه ضد اليهود، والحقيقة أنه كان أحد ألاعيب اليهودية العالمية، ونسبة اليهود أقل من (1%) في الاتحاد السوفيتي ، لكن نسبتهم في مجلس السوفيت الأعلى عندما قامت الشيوعية كانت أكثر من (80%) واستمرت هذه النسبة في أقل أحوالها لم تقل عن (45%) يعني قبل سقوط الاتحاد السوفيتي وكثير من الأسماء المشهورة، مثل: بريماكوف وشيفردنا آرز وجوربتشوف، كانوا إما من أمهاتٍ يهودية، أو زوجاتهم يهوديات أو هم يهود وانتقلوا إلى النصرانية، والذي رأى جورباتشوف عندما زار إسرائيل وهو يلبس طاقية الحاخامية اليهودية ويقف تهطل دموعه عند حائط المبكى يدرك أي رجلٍ كان هذا.

المهم أنها برزت أمريكا وروسيا كقوتين عالميتين، تعملان لتحقيق المصالح اليهودية ، وأنتم تعلمون أن روسيا اعترفت قبل أمريكا بقيام دولة إسرائيل في عام (1948م) قبلها أظن بـ"17" دقيقة، كانا يتسابقان إلى هذا الحد! والذي يطلع على العلاقات اليهودية الشيوعية أظن لـعمر حليق يرى الأسرار الخفية التي قام بها الروس في سبيل إقامة دولة إسرائيل.

أيضاً من نتائج الحرب العالمية الثانية: نتيجة للحروب الجهادية التي قامت في العالم الإسلامي من مراكش غرباً إلى إندونيسيا شرقاً، والتي ظهر فيها من البطولات الشيء الكثير، فـعبد الكريم الخطابي في المغرب قاد حرباً جهادية ضد الأسبان والفرنسيين، وأوقع في آخر أيامه هزيمة بربع مليون جندي صليبي، وكان عدد المجاهدين الذين يقودهم لا يتجاوزون ثلاثين ألفاً، وكانت الصحف الأوروبية تدعو بالويل والثبور، وتقول: أن عبد الكريم الخطابي سيعبر كما عبر طارق بن زياد مرة أخرى إلى غرب أوروبا ، ويعيد الفتح الإسلامي.

وكذلك في الجزائر عبد الحميد بن باديس وأصحابه، وفي ليبيا عمر المختار، كذلك ما وقع في مصر خاصة في (1951م) ضد الإنجليز في قناة السويس ، وراجعوا كتاب كامل الشريف عن تلك الأحداث، وفي فلسطين منذ وطأتها أقدام الإنجليز أيام عز الدين القسام عليه رحمة الله، إلى أيام اليهود بعد ذلك، وكتائب المجاهدين تترا، كذلك في بلاد الشام ، وفي العراق، وأيضاً في تركيا قامت ثورة سعيد الكردي عليه رحمة الله ذلك العالم الجليل، وفي بلاد الهند قام علماء المسلمين وقادوا الجهاد ضد الإنجليز، وفي إندونيسيا قاد علماء المسلمين الجهاد ضد الهولنديين، وفي كل مكان.

المهم أنه بعد هذه الحروب التي كانت بين الحربين العالميتين، وأثناء الحرب العالمية الثانية اقتنع الاستعمار بأن يوجد بديلاً للقوة العسكرية المباشرة، أن يوجد هيمنةً من خلال أنظمةٍ تابعةٍ له، فربى أناساً على عينه، وسلمهم مقاليد الأمور، وابتدءوا بعد ذلك يمارسون الدور الذي عجز عن ممارسته الاستعمار في بلاد المسلمين.

أيضاً من آثار الحرب العالمية الثانية بالنسبة للعالم الإسلامي: انحسار الحكم الإسلامي من أغلب الأقطار الإسلامية، واستبداله بـالاشتراكية أو الليبرالية أو الديكتاتورية العلمانية، مهما مر على المسلمين من ضعف، فهناك قضايا لم تكن محلاً للمساومة ولا للتفكير والنقاش، منها الحكم بشريعة الله، ومنها وحدة الأمة المسلمة، وعدم وجود الفوارق فيما بينها.

ولما هيمن الاستعمار الغربي على بلاد المسلمين جزئت الأمة المسلمة إلى أممٍ متعددة ونحيت شريعة الله عن الحاكمية، واستبدلت بأنظمة وضعية اشتراكية أو ليبرالية أو ديكتاتورية قومية، وتعاقبت هذه الأنظمة على البلدان الإسلامية، مع اختلافٍ في ترتيبها، أيها المتقدم وأيها المتأخر، ولم تجنِ الأمة منها إلا التفرق والشتات والهزائم والفقر والذل.

أضرب لكم مثالاً: مصر عندما قامت الثورة -ثورة عبد الناصر - فيها كانت ديونها على بريطانيا خمسمائة مليون جنيه، بمقاييس ذلك الزمان تساوي اليوم خمسة مليارات جنيه، والآن تستنفذ الديون المصرية فوائد ربوية فقط من الاقتصاد المصري سنوياً قرابة ثلاثة مليارات دولار سنوياً، وخذ جميع البلدان الأخرى.

أيضاً من آثار الحرب العالمية الثانية: بروز الدولة اليهودية إلى عالم الواقع، وسيطرة اليهود على كثير من وسائل صنع القرار العالمي، وبعض العقبات التي كانت في طريق اليهود قضي عليها في الحرب العالمية الثانية، كـالنازية وموقفها من اليهود، وهتلر وموقفه، وإن كان استغل لمصلحة اليهود، لكن موقفه في كتاب " كفاحي معروف من اليهود "، قضي على هذه القوة الأخيرة، وسيطر اليهود على المعسكرات السياسية العالمية الكبرى، وقامت دولة اليهود في أرض فلسطين في عام (1948م)، وأصبح هذا الجسم الغريب في وسط أرض الأمة المسلمة، وعلى مقربة من مقدساتها، يستنفذ جهودها ويذلها ويشتتها ويمزقها.

أيها الأحبة: هذه بعض المقدمات التي لا بد من أن نلم بها، لندرك ماذا يعني النظام العالمي الجديد؛ لأن النظام العالمي الجديد لم يأتِ من فراغ، إنما كان نتيجة لجهود وأحداثٍ ووقائع سبقته، وكان بعد ذلك ثمرة لها كما هي سنة الله سبحانه وتعالى في الكون.

كل نقطة من النقاط السابقة تحتاج إلى بيانٍ وإيضاحٍ واستدلالٍ وتوثيق، لكن لطول الموضوع وسعته أكتفي بالإشارات التي أشرت إليها.

بعد ذلك أنتقل إلى ذكر بعض الأسباب المباشرة لظهور النظام العالمي الجديد، يعني: ما الذي جعل النظام العالمي الجديد يظهر في هذه الفترة من الزمن، على الرغم من أن بذوره وجذوره كانت في الأحداث التي ذكرناها قبل ذلك؟

سقوط الشيوعية العالمية

أول هذه الأحداث المباشرة: هو سقوط الشيوعية كقوة عالمية، أنتم تعلمون أنه كان يتوزع العالم معسكران: المعسكر الرأسمالي الذي تقوده أمريكا ، والمعسكر الشيوعي الذي يقوده الاتحاد السوفيتي .

وأن أغلب دول العالم إن لم يكن جميع دول العالم تدور في فلك هذا المعسكر أو في فلك ذاك المعسكر، ولا شك أن كلا المعسكرين يحمل في طياته بذور وجذور فنائه، لكن أحدهما كان أكثر تصادماً واضطراباً وتنافراً من الفطرة البشرية من المعسكر الآخر، وهو النظام الشيوعي الذي كان أسوأ فكرة عرفتها البشرية، وأسوأ فلسفةٍ ونظامٍ طبق على الكرة الأرضية على مدار التاريخ.

ويذكرون أن استالين في مؤتمر يالطا عندما كان مع تشرشل وروزفلت لرسم حدود العالم الجديد بعد الحرب العالمية الثانية، فكان وهو يأكل قطعة من السندوتش يسأله تشرشل ، فيقول: هل صحيح أنك أبدت في الاتحاد السوفيتي (50) مليوناً من أجل تطبيق النظام الشيوعي؟ فقال له وهو يأكل السندوتش: نعم.

بهذا الاستخفاف وبهذه البساطة والسهولة خمسين مليوناً من البشر يبادون!

هذا السرطان الذي نشأ في الأرض نتيجة لجهود اليهود، وأنتم تعرفون أن ماركس يهودي، ولينين -كما تعلمون- من أمٍ يهودية وزوجته يهودية، وتروتسكي يهودي، واستالين زوجته يهودية، المهم أن اليهود هم الذين أخرجوا هذه الفكرة الجهنمية إلى البشرية، من أجل إشغال البشرية وتدميرها وإبادتها وإذلالها وتركيعها؛ لتسود مملكة شعب الله المختار في العالم، بعد إقامة دولة إسرائيل في أرض الميعاد كما يزعمون.

هذه الفكرة التي كانت تحمل عوامل فنائها في طياتها، كان من أهم أسباب سقوطها واقعياً وعملياً هو: الجهاد الأفغاني.

إن من فضل الله سبحانه وتعالى على الأمة المسلمة أن جعل سقوط هذه الفكرة الجهنمية، وانتهاء هذه القوة الأسطورية على أيدي شعبٍ مسلمٍ من الحفاة العراة العالة، الذين كان سلاحهم الوحيد الإيمان بالله سبحانه وتعالى.

وأنا أملك الأدلة والبراهين من أقوال قادة السوفيت أنفسهم وقادة الغرب أنفسهم، ومن الواقع من خلال التتبع لمسيرة الصراع بين المؤمنين الأفغان والملاحدة الشيوعيين الروس، ما كانت تنتظر أمريكا ولا حلف الأطلنطي أن حلف وارسو سيسقط بحربٍ نووية لا تبقي ولا تذر، لكن الله سبحانه وتعالى أسقطه على يد شعبٍ فقيرٍ لا يملك أسلحةً تقليدية، فضلاً عن أسلحة نووية.

وحين سقط هذا النظام أو هذه الفكرة، أورثت في العالم فراغاً، فتداعى العالم الغربي إلى سد هذا الفراغ، بما سمي بالنظام العالمي الجديد، والمؤرخ البريطاني الشهير الذي يعتبر من أشهر مؤرخي الغرب في هذا العصر تونبي كان يقول في بداية هذا القرن: إننا لا نخشى من الشيوعية فقد خرجت من جعبتنا وستعود إلينا، ولا نخشى من الجنس الأصفر، فهم أمة لا يملكون قيماً إلا قيم الحضارة الغربية، لكن خشيتنا من المارد الإسلامي إذا استيقظ مرة أخرى، وفوجئنا بصيحات التكبير ونداءات التهليل في جنوب أوروبا وأواسطها.

من هنا تستطيعون أن تعرفوا ما الذي يجري في البوسنة والهرسك ، وما الذي يجري على شواطىء البحر الأبيض الجنوبية الآن.

بروز العالم الإسلامي كقوة اقتصادية وسياسية

أيضاً من أهم أسباب ظهور النظام العالمي الجديد: بروز العالم الإسلامي كقوة اقتصادية وسياسية إلى حدٍ ما، في الوقت الذي نادى فيه أبناء الفكرة الغربية الليبرالية العلمانية بالقوميات والاشتراكيات في الستينات الميلادية والثمانينات الهجرية واجتاحت العالم الإسلامي.

وخرجت دعوة التضامن الإسلامي: وكان من ثمراتها ما يسمى منظمة المؤتمر الإسلامي ، والبنك الإسلامي للتنمية، وهذه المنظمات الإسلامية التي جمعت المسلمين على -عجرهم وبجرهم- وحاولت أن توجد منهم قوةً عالمية على ما فيهم، ثم ظهرت بعد حرب (73م) قوة البترول الاقتصادية، وأصبحت الدول التي تمتلك هذه القوة تنمو اقتصادياً، وتؤثر في كثير من القوى العالمية، وامتدت آثار هذه القوة الاقتصادية لخدمة الدعوة الإسلامية من خلال فتح الجامعات الإسلامية، وإنشاء المراكز والجمعيات، وبدأ هذا المال إلى حدٍ ما يدعم طلائع الصحوة الإسلامية في شرق آسيا وأواسط أفريقيا ، وفي أوروبا وأمريكا ، فكان لا بد من وجود نظام عالميٍ جديد يوقف هذه القوة النامية، التي قد يُتوقع منها خطراً على المدى البعيد فلابد أن يوقفها عند حدها.

مثلت كذلك ظهور الصحوة بروز العالم الإسلامي كقوة على مستوى الحكومات، كذلك ظهور الصحوة الإسلامية المعاصرة على مستوى الشعوب المسلمة، ولئن أمكن الضغط على الحكومات واحتواء قوتها، فإن الضغط على الشعوب واحتواء قوتها أمرٌ متعذر أو قريبٌ من المتعذر، وقد برزت الصحوة الإسلامية في وقت ظن الغرب فيه أن الإسلام قد تُودع منه وأنه قد رحل إلى الأبد، وظهرت هذه الصحوة أو ظهرت بشائرها في الجامعات، التي ظن الغرب كما قالوا في تقاريرهم وفي كتاباتهم ظن الغرب أن هذه الجامعات هي المؤهلة لإنشاء جيلٍ علماني بعيد عن الدين الإسلامي.

فظهرت هذه الصحوة الإسلامية التي ما زالت تتنامى والتي كانت شاملة للساحة الإسلامية من إندونيسيا وماليزيا، بل من الفليبين حتى غرب أفريقيا، ولولا الإطالة لذكرت لكم بعض التقارير التي سمعتها في بعض الإذاعات الغربية، وبعض التقارير التي كتبت في بعض الصحف الغربية.

بل إن الغربيين رصدوا الصحوة الإسلامية فيما يسمى بـالاتحاد السوفيتي قبل سقوطه، وتحدثوا عنها قبل أن يتنبه المسلمون لها، والذي التقى ببعض رجالات الدعوة الإسلامية في تلك البلدان بعد سقوط الاتحاد السوفيتي علم كيف أن الغربيين كانوا يرسلون الوفود تلو الوفود، والباحثين بعد الباحثين لمعرفة تلك الصحوة، ومعرفة أبعادها، ومعرفة قوتها.

المهم أن هذه الصحوة الإسلامية التي ظهرت بين الشباب، وظهرت في الاقتصاد، وظهرت في الإعلام، وظهرت في جماهير الشعوب المسلمة، وظهرت في المطالبة بتطبيق الشريعة الإسلامية، وظهرت في نداءات الجهاد في مواقع شتى من العالم الإسلامي، وظهرت في عودة الحجاب الإسلامي، وظهرت في ظهور الأنظمة الإسلامية المعاصرة التي يسعى المسلمون لتطبيقها في واقع الحياة، في الاقتصاد والإعلام والتعليم والتربية وما إلى ذلك، هذه الصحوة أقلقت الغربيين وأزعجتهم أيما إزعاج!

السعي الأمريكي للسيطرة على العالم

أيضاً من الأسباب المباشرة: السعي الأمريكي للسيطرة على العالم. إن الذي يدرس النفسية التي قامت عليها الحضارة الأمريكية، والمدنية الأمريكية، ويدرك عنجهيتهم وشرههم للسيطرة على شعوب الأرض، وافتقادهم للمثل والقيم، يدرك أنهم كانوا يعملون منذ زمنٍ بعيد لقيام هذا النظام، ويقول نكسن في كتابه " الفرصة السانحة " أو " انتهزوا الفرصة " أو كذا الكتاب الذي نُشر أخيراً، يقول: أنه كان يتحدث مع جوربتشوف في الستينات فقال له جوربتشوف: إن أحفادك سيعيشون في ظل الشيوعية ، يقول: فقلت له: إن أحفادك سيعيشون في ظل الحرية أو الليبرالية ، يقول: وكنت متأكداً من عدم صحة قوله، لكنني كنت متشككاً في صحة قولي.

إذاً: هم كانوا يتطلعون إلى هذا الأمر ويسعون إليه، وكلماتهم وأقوالهم وكتاباتهم تؤكد ذلك، وأضرب مثالاً بـ" مجلة التايم الأمريكية " في إبريل عام (1991م) يعني: في وقت قريب جداً، تقول وهي تعرف النظام العالمي الجديد: إنه الهيمنة الأمريكية المطلقة، أو تقول هي نفسها: أو هو نظامٌ أمريكي يديره رئيس مخابرات سابق تقصد بوش.

وأيضاً بوش نفسه يقول: في المستقبل المنظور ليس هناك بلد سينازعنا القيادة ولن نسمح بذلك.

حرب الخليج

أيضاً من الأسباب التي أدت إلى ظهور النظام العالمي الجديد هي: حرب الخليج وما نتج عنها، هذه الحرب التي ما زلت مقتنعاً بأن صدام حسين كان أداةً فيها، وأنه أعد لدوره في الوقت المناسب، وأنه استدرج لإعداد هذا الدور، وقد تحدثت في محاضرات سابقة عمَّا أتوقعه من آثار لهذه الحرب قبل أن تقوم الحرب، وبعض هذه الآثار وقعت، وبعضها ما زال لم يقع إلى الآن، لكن هذه الحرب كانت هي الوسيلة التي أعلنت بها أمريكا عن النظام العالمي الجديد.

توجه أوروبا نحو الوحدة

أيضاً من أسباب النظام العالمي الجديد: توجه أوروبا نحو الوحدة، أوروبا الغربية عاشت تحت الهيمنة الأمريكية وهم يتململون، وكان من أوائل من عارض هذه الهيمنة الرئيس الفرنسي ديجول ، وأنشأ مظلة نووية فرنسية مستقلة عن أمريكا ، وخرج عسكرياً من الحلف الأطلسي الذي تقوده أمريكا ، وأخذت تتوجه أوروبا نحو الوحدة لتكون دولة منافسة لـأمريكا وروسيا ، فسعت أمريكا للسيطرة على العالم قبل أن تبرز هذه القوة.

تنامي القوة الاقتصادية اليابانية

كذلك من أسباب ظهور هذا النظام: تنامي القوة الاقتصادية اليابانية، وأنتم تعلمون أن اليابان هزمت في الحرب الأولى عسكرياً، وسيطرت عليها أمريكا سياسياً فتوجه اليابانيون إلى المجال الاقتصادي، واستطاعوا أن يهزموا أمريكا ، وأمريكا في هذه الأيام تعيش في مأزقٍ اقتصادي، وتحاول أن تطيل نفس سيطرتها وقيادتها للعالم من خلال هيمنتها على الاقتصاد الياباني، واستمرار نفوذها في أوروبا الغربية ولولا خشية الإطالة لقرأت عليكم محضر المحادثات الذي تم بين الرئيس بوش عندما اصطحب معه مئات من الخبراء السياسيين والاقتصاديين والعسكريين والفنيين، في زيارته الأخيرة لليابان ، لتروا كيف أنه يصر على أن يُسخر الاقتصاد الياباني قوته لمصلحة القيادة الأمريكية للعالم.

هذه أهم الأسباب في نظري التي عجلت بظهور النظام العالمي الجديد.

أول هذه الأحداث المباشرة: هو سقوط الشيوعية كقوة عالمية، أنتم تعلمون أنه كان يتوزع العالم معسكران: المعسكر الرأسمالي الذي تقوده أمريكا ، والمعسكر الشيوعي الذي يقوده الاتحاد السوفيتي .

وأن أغلب دول العالم إن لم يكن جميع دول العالم تدور في فلك هذا المعسكر أو في فلك ذاك المعسكر، ولا شك أن كلا المعسكرين يحمل في طياته بذور وجذور فنائه، لكن أحدهما كان أكثر تصادماً واضطراباً وتنافراً من الفطرة البشرية من المعسكر الآخر، وهو النظام الشيوعي الذي كان أسوأ فكرة عرفتها البشرية، وأسوأ فلسفةٍ ونظامٍ طبق على الكرة الأرضية على مدار التاريخ.

ويذكرون أن استالين في مؤتمر يالطا عندما كان مع تشرشل وروزفلت لرسم حدود العالم الجديد بعد الحرب العالمية الثانية، فكان وهو يأكل قطعة من السندوتش يسأله تشرشل ، فيقول: هل صحيح أنك أبدت في الاتحاد السوفيتي (50) مليوناً من أجل تطبيق النظام الشيوعي؟ فقال له وهو يأكل السندوتش: نعم.

بهذا الاستخفاف وبهذه البساطة والسهولة خمسين مليوناً من البشر يبادون!

هذا السرطان الذي نشأ في الأرض نتيجة لجهود اليهود، وأنتم تعرفون أن ماركس يهودي، ولينين -كما تعلمون- من أمٍ يهودية وزوجته يهودية، وتروتسكي يهودي، واستالين زوجته يهودية، المهم أن اليهود هم الذين أخرجوا هذه الفكرة الجهنمية إلى البشرية، من أجل إشغال البشرية وتدميرها وإبادتها وإذلالها وتركيعها؛ لتسود مملكة شعب الله المختار في العالم، بعد إقامة دولة إسرائيل في أرض الميعاد كما يزعمون.

هذه الفكرة التي كانت تحمل عوامل فنائها في طياتها، كان من أهم أسباب سقوطها واقعياً وعملياً هو: الجهاد الأفغاني.

إن من فضل الله سبحانه وتعالى على الأمة المسلمة أن جعل سقوط هذه الفكرة الجهنمية، وانتهاء هذه القوة الأسطورية على أيدي شعبٍ مسلمٍ من الحفاة العراة العالة، الذين كان سلاحهم الوحيد الإيمان بالله سبحانه وتعالى.

وأنا أملك الأدلة والبراهين من أقوال قادة السوفيت أنفسهم وقادة الغرب أنفسهم، ومن الواقع من خلال التتبع لمسيرة الصراع بين المؤمنين الأفغان والملاحدة الشيوعيين الروس، ما كانت تنتظر أمريكا ولا حلف الأطلنطي أن حلف وارسو سيسقط بحربٍ نووية لا تبقي ولا تذر، لكن الله سبحانه وتعالى أسقطه على يد شعبٍ فقيرٍ لا يملك أسلحةً تقليدية، فضلاً عن أسلحة نووية.

وحين سقط هذا النظام أو هذه الفكرة، أورثت في العالم فراغاً، فتداعى العالم الغربي إلى سد هذا الفراغ، بما سمي بالنظام العالمي الجديد، والمؤرخ البريطاني الشهير الذي يعتبر من أشهر مؤرخي الغرب في هذا العصر تونبي كان يقول في بداية هذا القرن: إننا لا نخشى من الشيوعية فقد خرجت من جعبتنا وستعود إلينا، ولا نخشى من الجنس الأصفر، فهم أمة لا يملكون قيماً إلا قيم الحضارة الغربية، لكن خشيتنا من المارد الإسلامي إذا استيقظ مرة أخرى، وفوجئنا بصيحات التكبير ونداءات التهليل في جنوب أوروبا وأواسطها.

من هنا تستطيعون أن تعرفوا ما الذي يجري في البوسنة والهرسك ، وما الذي يجري على شواطىء البحر الأبيض الجنوبية الآن.

أيضاً من أهم أسباب ظهور النظام العالمي الجديد: بروز العالم الإسلامي كقوة اقتصادية وسياسية إلى حدٍ ما، في الوقت الذي نادى فيه أبناء الفكرة الغربية الليبرالية العلمانية بالقوميات والاشتراكيات في الستينات الميلادية والثمانينات الهجرية واجتاحت العالم الإسلامي.

وخرجت دعوة التضامن الإسلامي: وكان من ثمراتها ما يسمى منظمة المؤتمر الإسلامي ، والبنك الإسلامي للتنمية، وهذه المنظمات الإسلامية التي جمعت المسلمين على -عجرهم وبجرهم- وحاولت أن توجد منهم قوةً عالمية على ما فيهم، ثم ظهرت بعد حرب (73م) قوة البترول الاقتصادية، وأصبحت الدول التي تمتلك هذه القوة تنمو اقتصادياً، وتؤثر في كثير من القوى العالمية، وامتدت آثار هذه القوة الاقتصادية لخدمة الدعوة الإسلامية من خلال فتح الجامعات الإسلامية، وإنشاء المراكز والجمعيات، وبدأ هذا المال إلى حدٍ ما يدعم طلائع الصحوة الإسلامية في شرق آسيا وأواسط أفريقيا ، وفي أوروبا وأمريكا ، فكان لا بد من وجود نظام عالميٍ جديد يوقف هذه القوة النامية، التي قد يُتوقع منها خطراً على المدى البعيد فلابد أن يوقفها عند حدها.

مثلت كذلك ظهور الصحوة بروز العالم الإسلامي كقوة على مستوى الحكومات، كذلك ظهور الصحوة الإسلامية المعاصرة على مستوى الشعوب المسلمة، ولئن أمكن الضغط على الحكومات واحتواء قوتها، فإن الضغط على الشعوب واحتواء قوتها أمرٌ متعذر أو قريبٌ من المتعذر، وقد برزت الصحوة الإسلامية في وقت ظن الغرب فيه أن الإسلام قد تُودع منه وأنه قد رحل إلى الأبد، وظهرت هذه الصحوة أو ظهرت بشائرها في الجامعات، التي ظن الغرب كما قالوا في تقاريرهم وفي كتاباتهم ظن الغرب أن هذه الجامعات هي المؤهلة لإنشاء جيلٍ علماني بعيد عن الدين الإسلامي.

فظهرت هذه الصحوة الإسلامية التي ما زالت تتنامى والتي كانت شاملة للساحة الإسلامية من إندونيسيا وماليزيا، بل من الفليبين حتى غرب أفريقيا، ولولا الإطالة لذكرت لكم بعض التقارير التي سمعتها في بعض الإذاعات الغربية، وبعض التقارير التي كتبت في بعض الصحف الغربية.

بل إن الغربيين رصدوا الصحوة الإسلامية فيما يسمى بـالاتحاد السوفيتي قبل سقوطه، وتحدثوا عنها قبل أن يتنبه المسلمون لها، والذي التقى ببعض رجالات الدعوة الإسلامية في تلك البلدان بعد سقوط الاتحاد السوفيتي علم كيف أن الغربيين كانوا يرسلون الوفود تلو الوفود، والباحثين بعد الباحثين لمعرفة تلك الصحوة، ومعرفة أبعادها، ومعرفة قوتها.

المهم أن هذه الصحوة الإسلامية التي ظهرت بين الشباب، وظهرت في الاقتصاد، وظهرت في الإعلام، وظهرت في جماهير الشعوب المسلمة، وظهرت في المطالبة بتطبيق الشريعة الإسلامية، وظهرت في نداءات الجهاد في مواقع شتى من العالم الإسلامي، وظهرت في عودة الحجاب الإسلامي، وظهرت في ظهور الأنظمة الإسلامية المعاصرة التي يسعى المسلمون لتطبيقها في واقع الحياة، في الاقتصاد والإعلام والتعليم والتربية وما إلى ذلك، هذه الصحوة أقلقت الغربيين وأزعجتهم أيما إزعاج!

أيضاً من الأسباب المباشرة: السعي الأمريكي للسيطرة على العالم. إن الذي يدرس النفسية التي قامت عليها الحضارة الأمريكية، والمدنية الأمريكية، ويدرك عنجهيتهم وشرههم للسيطرة على شعوب الأرض، وافتقادهم للمثل والقيم، يدرك أنهم كانوا يعملون منذ زمنٍ بعيد لقيام هذا النظام، ويقول نكسن في كتابه " الفرصة السانحة " أو " انتهزوا الفرصة " أو كذا الكتاب الذي نُشر أخيراً، يقول: أنه كان يتحدث مع جوربتشوف في الستينات فقال له جوربتشوف: إن أحفادك سيعيشون في ظل الشيوعية ، يقول: فقلت له: إن أحفادك سيعيشون في ظل الحرية أو الليبرالية ، يقول: وكنت متأكداً من عدم صحة قوله، لكنني كنت متشككاً في صحة قولي.

إذاً: هم كانوا يتطلعون إلى هذا الأمر ويسعون إليه، وكلماتهم وأقوالهم وكتاباتهم تؤكد ذلك، وأضرب مثالاً بـ" مجلة التايم الأمريكية " في إبريل عام (1991م) يعني: في وقت قريب جداً، تقول وهي تعرف النظام العالمي الجديد: إنه الهيمنة الأمريكية المطلقة، أو تقول هي نفسها: أو هو نظامٌ أمريكي يديره رئيس مخابرات سابق تقصد بوش.

وأيضاً بوش نفسه يقول: في المستقبل المنظور ليس هناك بلد سينازعنا القيادة ولن نسمح بذلك.

أيضاً من الأسباب التي أدت إلى ظهور النظام العالمي الجديد هي: حرب الخليج وما نتج عنها، هذه الحرب التي ما زلت مقتنعاً بأن صدام حسين كان أداةً فيها، وأنه أعد لدوره في الوقت المناسب، وأنه استدرج لإعداد هذا الدور، وقد تحدثت في محاضرات سابقة عمَّا أتوقعه من آثار لهذه الحرب قبل أن تقوم الحرب، وبعض هذه الآثار وقعت، وبعضها ما زال لم يقع إلى الآن، لكن هذه الحرب كانت هي الوسيلة التي أعلنت بها أمريكا عن النظام العالمي الجديد.

أيضاً من أسباب النظام العالمي الجديد: توجه أوروبا نحو الوحدة، أوروبا الغربية عاشت تحت الهيمنة الأمريكية وهم يتململون، وكان من أوائل من عارض هذه الهيمنة الرئيس الفرنسي ديجول ، وأنشأ مظلة نووية فرنسية مستقلة عن أمريكا ، وخرج عسكرياً من الحلف الأطلسي الذي تقوده أمريكا ، وأخذت تتوجه أوروبا نحو الوحدة لتكون دولة منافسة لـأمريكا وروسيا ، فسعت أمريكا للسيطرة على العالم قبل أن تبرز هذه القوة.