المرأة بين دعاة الإسلام وأدعياء التقدم


الحلقة مفرغة

إن الحمد لله نحمده تعالى ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

أسأل الله سبحانه وتعالى أن يبارك في هذا الجمع، وأن يجعل هذه الخطوات في سبيله سبحانه وتعالى، وأن يتقبل منا صالح أعمالنا ويغفر لنا سيئاتنا وذنوبنا، وأحب أن أنبه إلى قول المصطفى صلوات الله وسلامه عليه: (من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له طريقاً إلى الجنة، وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه فيما بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده).

أيتها الأخوات المؤمنات! حديثنا في هذا اليوم عن المرأة بين دعاة الإسلام وأدعياء التقدمية.

نحمد الله سبحانه وتعالى فإن ديار الإسلام في هذه الأيام تشهد عودةً إلى الإسلام الذي أنزله الله سبحانه وتعالى على خاتم رسله وأنبيائه محمد صلوات الله وسلامه عليه، هذه العودة لم تقتصر بفضل الله وبرحمته على الطبقة الفقيرة العاملة، أو الطبقة الدنيا من الأمة، بل شملت الشباب المثقفين، والأساتذة والمعلمين في المدارس وفي الجامعات، والأطباء والمهندسين، ورجالات الفكر والصحافة، فكثير منهم بدءوا يتجهون إلى الإسلام، وأصبحنا نرى في قاعات العلم في المعاهد والجامعات شباباً يدرسون الهندسة والطب والذرة وقد اتجهوا إلى الإسلام، وفتيات مسلمات اتجهن إلى الإسلام بصدق وإخلاص، لا كما يتجه غيرهن للرقص والفسق والفجور، إنما لطلب العلم وأداء واجب الله سبحانه وتعالى في الأرض الذي كلف به المرأة كما كلف به الرجل.

وفي مصر عندما سُمِحَ للشباب المسلم في الجامعات أن يخوضوا الانتخابات، فقد حصلت الجمعيات الإسلامية على نصيب الأسد، ولم يستطع أحد أن ينافسها في ذلك المجال.

وفي السودان عندما كانت انتخابات نزيهة استطاع الشباب المسلم أن يفوز بجميع المقاعد بدون استثناء.

وفي الباكستان فاز الشباب المسلم بأربعة أخماس مقاعد اتحادات الطلبة هناك، تلك الدولة التي تعدادها ثمانين مليون مسلم، ففي كل مكان أصبحنا نرى الشباب المسلم والفتيات المسلمات في مجالات الخير والعطاء والنماء، لا نرى فيها فساداً ولا إفساداً وكان ذلك خيراً كبيراً، فأن يعتز الشباب بإسلامهم وتعتز المرأة بإسلامها ذلك خير كبير، فأصبحت الفتاة المسلمة مثل مريم بنة عمران وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد وعائشة بنت أبي بكر ، ليست مثل السفيهات من بنات هذه الأمة اللائي يقتدين بالممثلات في باريس وغيرها.

فهذه عودة إلى الإسلام، وعودة إلى الشمس المشرقة، وإلى نور الله الذي أنزله على خاتم رسله وأنبيائه، فهذه عودة طيبة مباركة.

أما الذين يغيظهم أن يروا نور الشمس أن يشرق، ونور الحق أن يتلألأ، فإنهم لا يرضون بمثل هذه الصحوة.

نحن نعلم أن اليهود هم الذين يسيطرون على وسائل الإعلام في الدول الأوروبية، فأخذوا يقولون لشعوبهم التائهة: أدركوا العالم الإسلامي قبل أن يفلت من أيديكم، فالشباب الذين تربوا على أيديكم، والفتيات اللواتي اتجهن إلى واشنطن وباريس، بدءوا يرجعون إلى مكة، ويحنون إلى المدينة ويذكرون الصحابة والصحابيات.

وهناك انحراف في المسيرة في العالم الإسلامي، فتركيا تسير على الحضارة الغربية، ومصر تتململ من هذا السيل الذي أغرقت به شعبها وأمتها، أحاديث كثيرة نشرت في صحافتنا العربية نقلاً عن التلفزيون البريطاني والأمريكي والفرنسي أنهم يتآمرون فيما بينهم على الدول العربية، فبدأ علماؤهم يخططون مرة أخرى كي يفسدوا هذه العودة إلى الإسلام.

أما زعماء اليهود والنصارى والشيوعيين الذين رضعوا من لبان الكفر، وتسممت قلوبهم وعقولهم، فقد صاحوا وضجوا من عودة المسلمين إلى الإسلام.

قرأنا ذلك وسمعنا في صحافة وتلفزيون الكويت، وقرأنا في صحافة مصر وغيرها من صحافة الدول العربية، أن التقدميين والمتحضرين المتمدنين يعيبون علينا ويقولون: هل يعقل أن شباباً في الجامعات وفي المعاهد العليا وأساتذة الذرة والاقتصاد ورجال دولة ورجال قانون لهم لحى؟ وهل يعقل أن فتيات يملأن الشوارع يلتزمن بدينهن فيتحجبن؟ فهذا عودة إلى الجاهلية الأولى والقرون الوسطى. فارحموا أنفسكم أيها الشباب! وارحمن أنفسكن أيتها النساء، فحرام عليكن أن تضعين شبابكن في الالتزام، والبعد عن مباهج الحياة وفتنها، فهذا كلام الذين يسمون أنفسهم بالتقدميين، ويصفوننا بالرجعيين المتأخرين المتحجرين، وأخذوا يعللون ظاهرة من مظاهر التدين، وهي ليست ظاهرة بل هي حكم شرعي، وهي الالتزام بالحجاب الإسلامي، فيقولون: إن المرأة تتحجب لتخفي عيوبها عن زوجها الذي يريدها، فهؤلاء أقوام رأوا في أوروبا الحضارة والمدنية والرقي، فظنوا أن المرأة كانت مستعبدة لا تملك من أمرها شيئاً، فجاءت الحضارة والمدنية الحديثة وأعطت للمرأة شيئاً من حقها، ولكنهم لم يقفوا عند مرحلة الاعتدال، فظنوا أن من الحرية أن تختلط المرأة بالرجل والرجل بالمرأة، ومن العدالة أن تتمرد المرأة على تعاليم السماء، ومن المساواة أن تعمل المرأة عمل الرجل والرجل عمل المرأة، فكانوا بين إفراط وتفريط.

وانتصر أصحاب الحضارة الأوروبية علينا في مجال القتال والحرب واحتلوا ديارنا ودرّسوا أبناءنا، وعلمونا علمهم، وأفهمونا ثقافتهم، وتربى على أيديهم رجال ونساء، وقالوا: الحضارة ما عليها أوروبا بحسناتها وبسيئاتها، فإذا شئنا أن نكون متحضرين ومتمدنين فلنعش حياتهم، ولنكن كرجالهم ونسائهم.

أقسام المقتدين بحضارة الغرب من أبناء المسلمين

وهؤلاء المتحضرون المتمدنون في ديارنا فريقان: فريق يظن أن هذا هو الحق ولا حق غيره، وأن ما أنزله خالق السماء والأرض إنما هو جمود وتأخر ورجعية وهمجية، ويظنون أن التقدم والرقي عند كارتر وأشباهه، أما محمد صلى الله عليه وسلم فلا يفقه في الحضارة شيئاً، وأبو بكر وعمر جاهلان، وهكذا ظنوا المدنية، وما هم إلا جهلاء.

وفريق آخر ليس جاهلاً بالإسلام وحضارة الإسلام وما قدمه الإسلام من مدنية ومجد ولكنه ماكر وعدو وحاقد، يريد أن يفهم المسلمين غير الحقيقة، وأن يغرس الشبهات والشكوك في نفوس المسلمين.

فنحن نريد أن نكشف الشبهات، والدجل الذي يحيط بهذه الحقائق، وأن نوضح للناس الحق.

وبعد أن أنعم الله علينا بنعمة البصر أيكره أحد منا الشمس؟ لا والله، فلو كنا نعيش في الظلام لكنا نخشى نور الشمس، أما وقد أعطانا الله بصراً، ورأينا الشمس واستمتعنا بنورها فإننا لا نخشى الشمس أبداً.

وكذلك الذين نعموا بنور الإسلام وبنعمة الإسلام، فإن حب الإسلام سيدخل في سويداء قلوبهم، وسيتغلغل في أعماق نفوسهم، فلو وضع السيف على رقبة المسلم فلن يرجع عن دينه؛ لأنه يحبه حباً يملك عليه نفسه، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (كان الرجل ممن قبلكم يؤتى بالمنشار فيوضع في مفرق رأسه، ويقال له: ارجع عن دينك فلا يرجع عن دينه حتى يسقط شقاه، وكان يمشط بأمشاط الحديد ما دون عظمه فلا يرجع عن دينه)، وحفرت الأحافير وخدت الأخاديد لأصحاب الأخدود وجيء بهم جماعات وفرادى، وقيل لهم: ارجعوا عن دينكم وإلا نلقيكم في النار فلا يرجعون، وتأتي امرأة بوليد لها فترتجف من النار فينطق الله الوليد ويقول: يا أماه إنك على الحق فلا تخافي.

أثر الإيمان في حياة المؤمن والمؤمنة

إن للإيمان حلاوة يجدها المؤمنون في صدورهم وفي نفوسهم، فإذا ذاق العبد حلاوة الإيمان فإنه يقدم روحه وماله ونفسه ولا يتراجع عن دينه وإسلامه وعقيدته، وما أخبار المجاهدين والمجاهدات في صدر الإسلام، وفي التاريخ الإسلامي، وفي أيامنا هذه منا ببعيد، فالأبرار الأطهار استشهدوا في ميدان القتال، وتحت سياط التعذيب في مكة.

إن سمية هي أول شهيدة في الإسلام، وفي العصر الحاضر ذاقت الحاجة زينب الغزالي العذاب ألواناً وأشكالاً في سجون الطغاة، وصبرت كما لم يصبر الرجال، ومن أراد أن يشهد نموذجاً من جهاد المرأة في العصر الحديث فليقرأ كتاب: أيام من حياتي، للحاجة زينب الغزالي ؛ ليرى ماذا يفعل الإيمان إذا ما دخل في النفوس.

نحن نريد أن نقدم الإسلام للذين لا يعرفون الإسلام، والذين يظنون أن الحضارة والتقدم والرقي في هوليود وفي واشنطن وفي باريس.

فإذا عرف الناس الإسلام لم يتركوه ولم يحيدوا عنه، وعند ذلك ستسقط الأقنعة عن الذين يتباكون على الإسلام، والذين يزيفون الحقائق.

فهؤلاء الذين يزعمون التقدم والحضارة والرقي نقول لهم: رويدكم، رويدكم فقد جاوزتم حدكم وخرجتم عن طوركم، من أنتم حتى تطاولوا بأعناقكم السماء؟ ومن أنتم حتى تنازعوا الله في حكمه؟ أنتم عبيد مقهورون مربوبون، أنتم بشر مخلوقون من ماء مهين، وأصلكم قبضة من طين، إن جهلكم أكثر من علمكم، وخطأكم أكثر من صوابكم، أنتم تقولون قولاً والله يقول قولاً، فقولكم مخالف لقول الله، وقول الله هو الحق، ونحن مع الحق حيث دار، نحن مع العليم الخبير الحكيم، الذي لا يكذب في قوله ولا يجور في حكمه.

وهؤلاء المتحضرون المتمدنون في ديارنا فريقان: فريق يظن أن هذا هو الحق ولا حق غيره، وأن ما أنزله خالق السماء والأرض إنما هو جمود وتأخر ورجعية وهمجية، ويظنون أن التقدم والرقي عند كارتر وأشباهه، أما محمد صلى الله عليه وسلم فلا يفقه في الحضارة شيئاً، وأبو بكر وعمر جاهلان، وهكذا ظنوا المدنية، وما هم إلا جهلاء.

وفريق آخر ليس جاهلاً بالإسلام وحضارة الإسلام وما قدمه الإسلام من مدنية ومجد ولكنه ماكر وعدو وحاقد، يريد أن يفهم المسلمين غير الحقيقة، وأن يغرس الشبهات والشكوك في نفوس المسلمين.

فنحن نريد أن نكشف الشبهات، والدجل الذي يحيط بهذه الحقائق، وأن نوضح للناس الحق.

وبعد أن أنعم الله علينا بنعمة البصر أيكره أحد منا الشمس؟ لا والله، فلو كنا نعيش في الظلام لكنا نخشى نور الشمس، أما وقد أعطانا الله بصراً، ورأينا الشمس واستمتعنا بنورها فإننا لا نخشى الشمس أبداً.

وكذلك الذين نعموا بنور الإسلام وبنعمة الإسلام، فإن حب الإسلام سيدخل في سويداء قلوبهم، وسيتغلغل في أعماق نفوسهم، فلو وضع السيف على رقبة المسلم فلن يرجع عن دينه؛ لأنه يحبه حباً يملك عليه نفسه، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (كان الرجل ممن قبلكم يؤتى بالمنشار فيوضع في مفرق رأسه، ويقال له: ارجع عن دينك فلا يرجع عن دينه حتى يسقط شقاه، وكان يمشط بأمشاط الحديد ما دون عظمه فلا يرجع عن دينه)، وحفرت الأحافير وخدت الأخاديد لأصحاب الأخدود وجيء بهم جماعات وفرادى، وقيل لهم: ارجعوا عن دينكم وإلا نلقيكم في النار فلا يرجعون، وتأتي امرأة بوليد لها فترتجف من النار فينطق الله الوليد ويقول: يا أماه إنك على الحق فلا تخافي.

إن للإيمان حلاوة يجدها المؤمنون في صدورهم وفي نفوسهم، فإذا ذاق العبد حلاوة الإيمان فإنه يقدم روحه وماله ونفسه ولا يتراجع عن دينه وإسلامه وعقيدته، وما أخبار المجاهدين والمجاهدات في صدر الإسلام، وفي التاريخ الإسلامي، وفي أيامنا هذه منا ببعيد، فالأبرار الأطهار استشهدوا في ميدان القتال، وتحت سياط التعذيب في مكة.

إن سمية هي أول شهيدة في الإسلام، وفي العصر الحاضر ذاقت الحاجة زينب الغزالي العذاب ألواناً وأشكالاً في سجون الطغاة، وصبرت كما لم يصبر الرجال، ومن أراد أن يشهد نموذجاً من جهاد المرأة في العصر الحديث فليقرأ كتاب: أيام من حياتي، للحاجة زينب الغزالي ؛ ليرى ماذا يفعل الإيمان إذا ما دخل في النفوس.

نحن نريد أن نقدم الإسلام للذين لا يعرفون الإسلام، والذين يظنون أن الحضارة والتقدم والرقي في هوليود وفي واشنطن وفي باريس.

فإذا عرف الناس الإسلام لم يتركوه ولم يحيدوا عنه، وعند ذلك ستسقط الأقنعة عن الذين يتباكون على الإسلام، والذين يزيفون الحقائق.

فهؤلاء الذين يزعمون التقدم والحضارة والرقي نقول لهم: رويدكم، رويدكم فقد جاوزتم حدكم وخرجتم عن طوركم، من أنتم حتى تطاولوا بأعناقكم السماء؟ ومن أنتم حتى تنازعوا الله في حكمه؟ أنتم عبيد مقهورون مربوبون، أنتم بشر مخلوقون من ماء مهين، وأصلكم قبضة من طين، إن جهلكم أكثر من علمكم، وخطأكم أكثر من صوابكم، أنتم تقولون قولاً والله يقول قولاً، فقولكم مخالف لقول الله، وقول الله هو الحق، ونحن مع الحق حيث دار، نحن مع العليم الخبير الحكيم، الذي لا يكذب في قوله ولا يجور في حكمه.

إن الله سبحانه وتعالى بين للرجل والمرأة حضارة المجتمع الإنساني، ونحن مع هذا الرقي الرباني والحضارة الإلهية لا مع الحضارة البشرية النتنة، فهؤلاء يشوهون لنا الحقيقة، ويزيفون التاريخ والواقع، وأنا أقول: إن أستاذهم في ذلك هو إبليس اللعين، الذي شوه الحقيقة لأبينا آدم وأمنا حواء ، فقد خلق الله آدم وخلق منه زوجه وأسكنهما الجنة، وقال لهما: كلا من الجنة، ولكما فيها ألا تجوعا ولا تعريا ولا تظمأا ولا تضحيا، فكلا من كل شيء وتمتعا بكل شيء إلا شجرة واحدة إن أكلتما منها أخرجتكما من الجنة، وهذا عدوكما إبليس يريد أن يخرجكما من الجنة، وليس له سبيل عليكما إلا إذا أطعتماه فأكلتما من الشجرة.

فإبليس أغواهما وحسن لهما أكل الشجرة المحرومة، ولم يقل لهما: كلا من الشجرة ليغضب الله عليكما ويطردكما من رحمته، وإنما قال لهما: مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ [الأعراف:20]، أي: ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا خشية أن تكونا ملكين، ومن مصلحتكما أن تأكلا منها فإذا أكلتما منها صرتما ملكين أو كنتما من الخالدين، وأقسم لهما بالله أنه ناصح أمين، وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ * فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ [الأعراف:21-22]، فأكلا من الشجرة فكانت النتيجة أنهما عصيا ربهما، فتساقط عنهما لباسهما َفبَدَتْ لَهُمَا سَوْءاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى [طه:121].

فأخرجهما الله من الجنة جزاء عصيانهما، فإبليس شوه الحقيقة، وجعل الباطل في صورة الحق، والحق في صورة الباطل؛ وأدعياء التقدمية والحضارة والمدنية اليوم يفعلون فعل إبليس، فيقولون للمتدينين والمتدينات: لماذا تتحجرون وترجعون إلى العهود البائدة المنصرمة، وتضغطون على حريتكم، وتمتنعون من الانطلاق والتمتع بالحياة والبهجة وو..؟

وكل هذا من وساوس الشيطان، فالإسلام لا يحجر علينا ولا يحرم علينا مباهج الحياة وطيباتها، قال تعالى: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ [الأعراف:32]، والإسلام يريد للمرأة أن تكون عبدة لله لا للرجل، والرجل عبداً لله لا للمرأة، ويريد أن يكون الرجل والمرأة جناحين في هذه الحياة، يعمر بهما الكون وفق منهج الله، ويريد أن يتسامى بعواطفهما وبمشاعرهما وعقائدهما، لا ليدورا حول نفسيهما كالحمار يدور برحاه.

فالإسلام إنما يرينا عبيداً لخالق الكون، لا عبيداً للقمة طعام وقطعة لباس وشهوة يسعى الإنسان لأجلها ليله ونهاره، فنحن نتمتع بالطعام والشراب، والله سبحانه وتعالى أباح لنا ما جبلنا عليه من شهوات، ولكن ضمن منهج وحدود.

إن دعاة الحضارة والمدنية اليوم متأخرون جداً، فأوروبا التي يزعمون أنها أم الحضارة والرقي تصرخ اليوم، فالمرأة هناك التي يسمونها متحضرة تبكي صارخة مولولة لأنها فقدت سعادتها وأمومتها وبيتها، وهذا الكلام نقل في الصحف والمجلات من مصادر علمية موثقة.

وهنالك مشروع لقانون وزع على الدول الأعضاء في هيئة الأمم المتحدة، في عام 1975م فيه حق وباطل، لكن ما جاء فيه من الحق يعتبر انعطافاً خطيراً في الفكر العالمي الحديث، فهو ينظم قضايا المرأة، وكما نعلم أنه في عام 1975م عقد مؤتمر المرأة العالمية، والذي انعقد في الأمم المتحدة، فقالوا فيه: إن أي مشروع لوضع القوانين في بلاد العالم ينظم قضايا المرأة ويحدد علاقتها بالرجل يجب أن يراعي الواجب الأساسي للمرأة في الحياة الاجتماعية، وهو الأمومة وتربية الأطفال وتهيئة الجو لإنشاء البيت السعيد.

وهذه قاضية سويدية تسمى برجيت أور كلفتها الأمم المتحدة بزيارة البلاد العربية لدراسة مشاكل المرأة في العالم العربي وأوضاعها الاجتماعية والقانونية، فتحدثت هذه القاضية الباحثة عن المأساة التي خلفتها أوضاع الحرية المزعومة في السويد أرقى بلاد الحضارة الغربية، والدول الاسكندنافية هي أرقى دول العالم ومنها السويد، ورغم ذلك فإن الإحصائيات أثبتت ازدياد نسبة الانتحار سنة بعد سنة في السويد، وقد قدمت هذه الباحثة تقريراً لهيئة الأمم المتحدة بينت فيه زيادة نسبة الانتحار بين النساء.

ثم تقول الباحثة بعد ذلك: إن المرأة السويدية اكتشفت فجأة أنها اشترت وهماً هائلاً - وهو الحرية التي زعم الرجال أنهم سيعطونها للمرأة- بثمن مفزع وهو سعادتها الحقيقة، فهذه أخصائية في حقوق المرأة في سن الخامسة والسبعين تحن إلى حياة الاستقرار المتمثلة في الحياة العائلية المتوازنة جنسياً وعاطفياً ونفسياً، فهي تريد أن تتنازل عن معظم حريتها في سبيل كل سعادتها.

تقول الباحثة أيضاً: والنتيجة على مستوى الأمة مذهلة حقاً، ففي تقرير رسمي خطير لوزارة الشئون الاجتماعية السويدية أعلنت الدولة أن 25% من السكان يصابون بأمراض عصبية ونفسية، وأن 30% من مجموع المصروفات الطبية في السويد تنفق في علاج الأمراض العصبية والنفسية، وأن 40% من مجموع الأشخاص الذين يحالون إلى التقاعد قبل سن المعاش بسبب العجز التام عن العمل هم من المرضى المصابين عقلياً، مع العلم أن الأمراض الجنسية لا تدخل في هذه الإحصائيات.

إن المرأة اليوم في الغرب تعمل وتكدح وتتعب في سبيل التحرر الاقتصادي، وهذا إنما يكون على حساب طبيعتها وأنوثتها وفطرتها، ثم بعد هذا التعب والكد تنفق ما جمعته من مال على الزينة؛ لترضي شهوة الرجال هناك.

نشرت إحصائية في الصحف البريطانية عام 1962م أو عام 1963م مفادها أن النساء في بريطانيا ينفقن تسعين مليون جنيه استرليني على شراء مستحضرات التجميل، ومائتي مليون جنيه على تسريح الشعر والباروكات، فيا ترى كم صرفن على الملابس والعطور وشرب الخمور ومخالطة الرجال؟

ولم يكتف الرجال هنالك بالزج بالمرأة في هذا العالم الموبوء وتسخيرها - باسم الحرية والمدنية والحضارة - بل حاولوا أن يستغلوا المرأة للحصول على الكسب المادي، ونحن نرى ونشاهد حتى في الكويت كيف يستغل التجار والشركات وأصحاب الأموال المرأة في الدعايات؛ لأن ذلك يجر عليهم أرباحاً كبيرة، أما في البلاد الأوروبية فإن الأمر أكثر من ذلك، فعلى سبيل المثال عندما أراد منتجو السيارات العالمية عرض أحدث ما توصلوا إليه في صناعة السيارات، جاءوا بعشرات الفتيات وهن شبه عاريات ليقمن بعرض السيارات؛ لأنهم يعلمون أن في ذلك جني الكثير من الأرباح.

فأصبح أسلوب المتاجرة بالمرأة أسلوباً عاماً في مظاهر الحياة التجارية كلها وبشكل خطير سواء كان ذلك في المجلة، أو الكتاب أو وسائل الإعلام الأخرى، والرجال المتحضرون في أوروبا اليوم يأخذون من المرأة كل شيء ثم يتركونها جثة هامدة، ودعاة التقدمية والحضارة الذين يريدوننا أن نتأسى ونقتدي بهم إنما يريدون لنا أن ننحدر إلى الحضيض الذي وصلوا إليه، ونترسم خطى حضارة تمردت على التقاليد والنظم، فتمادت في غيها، وانتقلت من خطأ إلى خطأ، ومن ضلال إلى ضلال.

إن الإسلام ليس كغيره من المذاهب والأديان، فنحن لسنا كالنصرانية ولا اليهودية، إن النصرانية واليهودية في أصلها دينان سماويان لكنهما حرفتا وبدلتا، فنظرة الديانة اليهودية الموجود الآن إلى المرأة نظرة سيئة، فهم يصورون أن الآلام والأحزان والأوجاع كلها من حواء ، هكذا تقول الأسطورة اليهودية، أما المرأة في عقيدة النصارى فهي ينبوع المعاصي، وأصل السيئة والفجور، وهي للرجل باب من أبواب جهنم؛ لأنها المصدر الذي تحركه وتحمله على الآثام، ومنها انبثقت عيون المصائب الإنسانية جمعاء، أما العلاقة بين الرجل والمرأة فهي عندهم رجس وقذارة، ولذلك الرجل الفاضل عندهم هو ذلك الراهب الذي يهرب إلى المغارة والصومعة ولا يتزوج ولا يولد له؛ لأن الزواج عبارة عن علاقة آثمة.

أما الهندوسية فإنها ترى أن المرأة ملك لأبيها عندما تكون بكراً، وملك لزوجها عندما تتزوج، وملك لأولادها إذا أنجبت، بل إنهم كانوا إذا مات الزوج يحرقون جثته ثم يأتون بالزوجة فيحرقونها فوقه.

والإسلام ليس كما يزعم بعض علماء المسلمين الذين لم يفقهوا الإسلام فقالوا: المرأة لا تخرج إلا من بيت أبيها إلى بيت زوجها ثم إلى قبرها، فلا تخرج إلى دور العلم، ولا تقرأ ولا تكتب، ولا تشارك في أي نشاط اجتماعي، فقول هؤلاء ليس هو قول الإسلام، وفهمهم ليس هو فهم الإسلام، بل هم مخطئون، أما قول الإسلام الذي أنزله الله سبحانه وتعالى فهو المتمثل في قولة الرسول صلى الله عليه وسلم في النساء في الحديث الصحيح: (إنما النساء شقائق الرجال)، كلمات صغيرات قليلات، ولكنها تبين الحقيقة وتكشفها.

والإسلام يقول لنا: إن المرأة خلقت من أجل المهمة التي خلق لها الرجل، قال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [الحجرات:13]، يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا [النساء:1]، خلق الله آدم من قبضة من طين، ومن ضلع آدم خلق زوجه حواء ، وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا ، أي: خلق حواء من آدم، وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا [النحل:72].

والله عز وجل يذكر المسلمين والمؤمنين والقانتين، ويذكر في مقابلهم المسلمات والمؤمنات والقانتات والصادقات والصابرات والصائمات والذاكرات، فكما يذكر الرجال الذين اتصفوا بهذه الصفات يذكر النساء المتصفات بها.

والإسلام كلف المرأة بنفس التكاليف التي كلف بها الرجل، فالرجل يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وكذلك المرأة، والرجل كلف بالصلاة والصوم والزكاة والحج والذكر والاستغفار.. وغير ذلك، والمرأة كذلك كلفت بكل ذلك، قال تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً [النحل:97].

وقد استثني من كل ذلك الجهاد رحمة بالمرأة وتكريماً لها؛ ولأن لها مهمة عظيمة وهي بناء البيت المسلم فإذا ما كلفت بالجهاد فإنها ستشغل عن تلك المهمة.

وقد بايع الرسول صلى الله عليه وسلم النساء كما بايع الرجال في بيعة العقبة، وقد جاء في كتاب الله ذكر بيعة النساء خاصة وذلك في قوله تعالى:يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ [الممتحنة:12]، فالمرأة في الإسلام ليست كما تقول النصرانية واليهودية: رجس ولا نقص، إنما هي مخلوق كريم كالرجل تماماً.