يا سامعا لكل شكوى !


الحلقة مفرغة

الحمد لله الذي يُطْعِمُ ولا يُطْعَم، منَّ علينا فهدانا، وأطعمنا وسقانا.

الحمد لله الذي أطعم من الطعام، وسقى من الشراب، وكسا من العري، وهدى من الضلالة، وبصّر من العمى، وفضّل على كثير ممن خلق تفضيلا.

الحمد لله رب العالمين، اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..

أما بعد:

فيا أيها الأحبة في الله!

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

وللعام (1417هـ) وفي هذا الجامع المبارك جامع الملك فهد، في مدينة بريدة ، نلتقي بهذه الوجوه الطيبة المباركة، وفي مجلس من مجالس الذكر.

يا سامعا لكل شكوى..

يا خالق الأكوان! أنت المرتجى     وإليك وحدك ترتقي صلواتي

يا خالقي! ماذا أقول وأنت تعـ     ـلمني وتعلم حاجتي وشكاتي

يا خالقي! ماذا أقول وأنت مطـ     ـلع على شكواي والأناتِ

اللهم يا موضع كل شكوى! ويا سامع كل نجوى! ويا شاهد كل بلوى! يا عالم كل خفية! ويا كاشف كل بلية! يا من يملك حوائج السائلين، ويعلم ضمائر الصامتين! ندعوك دعاء من اشتدت فاقته، وضعفت قوته، وقلّت حيلته، دعاء الغرباء المضطرين، الذين لا يجدون لكشف ما هم فيه إلا أنت، يا أرحم الراحمين! اكشف ما بنا وبالمسلمين من ضعف وفتور وذل وهوان.

يا سامعاً لكل شكوى! أعن المساكين والمستضعفين، وارحم النساء الثكالى والأطفال اليتامى وذا الشيبة الكبير، إنك على كل شيء قدير.

معاشر الإخوة والأخوات! إن في تقلب الدهر عجائب، وفي تغير الأحوال مواعظ، توالت العقبات وتكاثرت النكبات، وطغت الماديات على كثير من الخلق فتنكروا لربهم، ووهنت صلتهم به، اعتمدوا على الأسباب المادية البحتة، فسادت موجات القلق والاضطراب والضعف والهوان، وعمّ الهلع والخوف من المستقبل، بل وعلى المستقبل .

تخلوا عن ربهم فتخلى الله عنهم، يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمْ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ [فاطر:15].

جميع الخلق مفتقرون إلى الله في كل شئونهم وأحوالهم، وفي كل كبيرة وصغيرة، وفي هذا العصر تعلق الناس بالناس، وشكا الناس إلى الناس، ولا بأس أن يستعان بالناس فيما يقدرون عليه، لكن أن يكون المعتمد عليهم والسؤال إليهم والتعلق بهم فهذا هو الهلاك بعينه، فإن من تعلق بشيء وُكِل إليه.

نعتمد على أنفسنا وذكائنا بكل غرور وعجب وصلف، أما أن نسأل الله العون والتوفيق، ونلح عليه بالدعاء، ونحرص على دوام الصلة بالله في كل الأشياء وفي الشدة والرخاء، فهذا آخر ما يفكر به بعض الناس.

فقيرا جئت بابك يا إلهي     ولست إلى عبادك بالفقير

غني عنهـم بيقين قلبي     وأطمع منك في الفضل الكبير

إلهي ما سألت سواك عونا     فحسبي العون من رب قدير

إلهي ما سألت سواك عفوا     فحسبي العفو من رب غفور

إلهي ما سألت سواك هديا     فحسبي الهدي من رب بصير

إذا لم أستعن بك يا إلهي     فمن عوني سواك ومن مجيري؟

الفرار إلى الله

أيها الأخ! إن الفرار إلى الله واللجوء إليه في كل حال، وفي كل كرب وهمّ، هو السبيل للتخلص من ضعفنا وفتورنا وذلّنا وهواننا.

إن في هذه الدنيا مصائب ورزايا ومحناً وبلايا.. آلام تضيق بها النفوس، ومزعجات تورث الخوف والجزع، كم في الدنيا من عين باكية، وكم فيها من قلب حزين، وكم فيها من الضعفاء والمعدومين.. قلوبهم تشتعل ودموعهم تسيل.. هذا يشكو علة وسقماً، وذاك حاجة وفقراً، وآخر هماً وقلقاً!!

عزيزُ قد ذلَّ، وغنيٌ افتقر، وصحيحٌ مَرِض.. رجل يتبرم من زوجه وولده، وآخر يشكو ويئن من ظلم سيده، وثالث كسدت وبارت تجارته.

شاب أو فتاة يبحث عن عروس، وطالب يشكو كثرة الامتحانات والدروس.. هذا مسحور وذاك مدين، وآخر ابتلي بالإدمان والتدخين، ورابع أصابه الخوف ووسوسة الشياطين.

تلك هي الدنيا، تُضحِك وتُبكي، وتجمع وتشتت.. شدة ورخاء، وسراء وضراء، وصدق الله العظيم: لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ [الحديد:23].

الشكوى والتضرع إلى الله وحده

أيها الأخ! السؤال الذي يجب أن يكون: هؤلاء إلى من يشكون؟ وأيديهم إلى من يمدون؟

يجيبك واقع الحال: على بشر مثلهم يترددون، وللعبيد يتملقون، يسألون ويلحون، وفي المديح والثناء يتقلبون، وربما على السحرة والكهنة يتهافتون.

نعم والله! تؤلمنا شكاوي المستضعفين، وزفرات المساكين، وصرخات المنكوبين، وتدمع أعيننا -يعلم الله!- لآهات المتوجعين وأنات المظلومين، وانكسار الملذوعين.

لكن أليس إلى الله وحده المشتكى؟ أين الإيمان بالله؟ أين التوكل على الله؟ أين الثقة واليقين بالله؟

وإذا عرتك بلية فاصبر لها     صبر الكريم فإنه بك أرحم

وإذا شكوت إلى ابن آدم إنمـا     تشكو الرحيم إلى الذي لا يرحم

ألم نسمع عن أناس كانوا يشكون إلى الله حتى انقطاع شسع نعلهم؟؟ نعم. حتى سير النعل كانوا يسألون الله، بل كانوا يسألون الله الملح.

يا أصحاب الحاجات! أيها المرضى! أيها المدينون! أيها المكروب والمظلوم! أيها المعسر والمهموم! أيها الفقير والمحروم! يا من يبحث عن السعادة الزوجية! يا من يشكو العقم ويبحث عن الذرية! يا من يريد التوفيق في الدراسة والوظيفة! يا من يهتم لأمر المسلمين! يا كل محتاج! يا من ضاقت عليه الأرض بما رحبت! لماذا لا نشكو إلى الله أمرنا، وهو القائل: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60]؟!

لماذا لا نرفع أكف الضراعة إلى الله؛ وهو القائل: فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي [البقرة:186]؟!

لماذا ضعف الصلة بالله وقلة الاعتماد على الله، وهو القائل: قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعَاؤُكُمْ [الفرقان:77]؟!

أيها المؤمنون! أيها المسلمون! يا أصحاب الحاجات! ألم نقرأ في القرآن قول الحق عز وجل: (فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ [الأنعام:42] لماذا؟ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ [الأنعام:42]؟!

فأين نحن من الشكوى والتضرع إلى الله؟ أين نحن من الإلحاح على الله؟

سبحان الله! ألسنا بحاجة إلى ربنا؟ أنعتمد على قوتنا وحولنا؟ والله ثم والله! لا حول لنا ولا قوة إلا بالله! والله لا شفاء إلا بيد الله، ولا كاشف للبلوى إلا الله، ولا توفيق ولا فلاح، ولا سعادة ولا نجاح إلا من الله.

العجيب والغريب -أيها الأخ!- أن كل مسلم يعلم هذا، ويعترف بهذا، بل ويقسم على هذا، فلماذا إذاً تتعلق القلوب بالضعفاء والعاجزين؟ ولماذا نشكوا إلى الناس ونلجأ للمخلوقين؟

سلَّ الله ربك ما عنده     ولا تسأل الناس ما عندهم

ولا تبتغِ من سواه الغنى     وكنْ عبده لا تكنْ عبدهم

فيا من إذا بُليت سلاك أحبابك، وهجرك أصحابك! يا من نزلت به نازلة، أو حلّت به كارثة! يا من بُليت بمصيبة أو بلاء! ارفع يديك إلى السماء، وأكثر الدمع والبكاء، وألح على الله بالدعاء، وقل: يا سامعاً لكل شكوى!

إذا استعنت فاستعن بالله، وإذا سألت فاسأل الله، وقل: يا سامعاً لكل شكوى!

توكل على الله وحده، وأعلن بصدق أنك عبده، واسجد لله بخشوع، وردد بصوت مسموع: يا سامعا لكل شكوى!

أنت الملاذ إذا ما أزمة شمـلت     وأنت ملجأ من ضاقت به الحيل

أنت المنادى به في كل حـادثة     أنت الإله وأنت الذخر والأمل

أنت الرجاء لمن سدت مذاهبه     أنت الدليل لمن ضّلَّتْ به السبل

إنا قصدناك والآمال واقعة     عليك والكل ملهوف ومبتهل

أيها الأخ! إن الفرار إلى الله واللجوء إليه في كل حال، وفي كل كرب وهمّ، هو السبيل للتخلص من ضعفنا وفتورنا وذلّنا وهواننا.

إن في هذه الدنيا مصائب ورزايا ومحناً وبلايا.. آلام تضيق بها النفوس، ومزعجات تورث الخوف والجزع، كم في الدنيا من عين باكية، وكم فيها من قلب حزين، وكم فيها من الضعفاء والمعدومين.. قلوبهم تشتعل ودموعهم تسيل.. هذا يشكو علة وسقماً، وذاك حاجة وفقراً، وآخر هماً وقلقاً!!

عزيزُ قد ذلَّ، وغنيٌ افتقر، وصحيحٌ مَرِض.. رجل يتبرم من زوجه وولده، وآخر يشكو ويئن من ظلم سيده، وثالث كسدت وبارت تجارته.

شاب أو فتاة يبحث عن عروس، وطالب يشكو كثرة الامتحانات والدروس.. هذا مسحور وذاك مدين، وآخر ابتلي بالإدمان والتدخين، ورابع أصابه الخوف ووسوسة الشياطين.

تلك هي الدنيا، تُضحِك وتُبكي، وتجمع وتشتت.. شدة ورخاء، وسراء وضراء، وصدق الله العظيم: لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ [الحديد:23].

أيها الأخ! السؤال الذي يجب أن يكون: هؤلاء إلى من يشكون؟ وأيديهم إلى من يمدون؟

يجيبك واقع الحال: على بشر مثلهم يترددون، وللعبيد يتملقون، يسألون ويلحون، وفي المديح والثناء يتقلبون، وربما على السحرة والكهنة يتهافتون.

نعم والله! تؤلمنا شكاوي المستضعفين، وزفرات المساكين، وصرخات المنكوبين، وتدمع أعيننا -يعلم الله!- لآهات المتوجعين وأنات المظلومين، وانكسار الملذوعين.

لكن أليس إلى الله وحده المشتكى؟ أين الإيمان بالله؟ أين التوكل على الله؟ أين الثقة واليقين بالله؟

وإذا عرتك بلية فاصبر لها     صبر الكريم فإنه بك أرحم

وإذا شكوت إلى ابن آدم إنمـا     تشكو الرحيم إلى الذي لا يرحم

ألم نسمع عن أناس كانوا يشكون إلى الله حتى انقطاع شسع نعلهم؟؟ نعم. حتى سير النعل كانوا يسألون الله، بل كانوا يسألون الله الملح.

يا أصحاب الحاجات! أيها المرضى! أيها المدينون! أيها المكروب والمظلوم! أيها المعسر والمهموم! أيها الفقير والمحروم! يا من يبحث عن السعادة الزوجية! يا من يشكو العقم ويبحث عن الذرية! يا من يريد التوفيق في الدراسة والوظيفة! يا من يهتم لأمر المسلمين! يا كل محتاج! يا من ضاقت عليه الأرض بما رحبت! لماذا لا نشكو إلى الله أمرنا، وهو القائل: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60]؟!

لماذا لا نرفع أكف الضراعة إلى الله؛ وهو القائل: فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي [البقرة:186]؟!

لماذا ضعف الصلة بالله وقلة الاعتماد على الله، وهو القائل: قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعَاؤُكُمْ [الفرقان:77]؟!

أيها المؤمنون! أيها المسلمون! يا أصحاب الحاجات! ألم نقرأ في القرآن قول الحق عز وجل: (فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ [الأنعام:42] لماذا؟ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ [الأنعام:42]؟!

فأين نحن من الشكوى والتضرع إلى الله؟ أين نحن من الإلحاح على الله؟

سبحان الله! ألسنا بحاجة إلى ربنا؟ أنعتمد على قوتنا وحولنا؟ والله ثم والله! لا حول لنا ولا قوة إلا بالله! والله لا شفاء إلا بيد الله، ولا كاشف للبلوى إلا الله، ولا توفيق ولا فلاح، ولا سعادة ولا نجاح إلا من الله.

العجيب والغريب -أيها الأخ!- أن كل مسلم يعلم هذا، ويعترف بهذا، بل ويقسم على هذا، فلماذا إذاً تتعلق القلوب بالضعفاء والعاجزين؟ ولماذا نشكوا إلى الناس ونلجأ للمخلوقين؟

سلَّ الله ربك ما عنده     ولا تسأل الناس ما عندهم

ولا تبتغِ من سواه الغنى     وكنْ عبده لا تكنْ عبدهم

فيا من إذا بُليت سلاك أحبابك، وهجرك أصحابك! يا من نزلت به نازلة، أو حلّت به كارثة! يا من بُليت بمصيبة أو بلاء! ارفع يديك إلى السماء، وأكثر الدمع والبكاء، وألح على الله بالدعاء، وقل: يا سامعاً لكل شكوى!

إذا استعنت فاستعن بالله، وإذا سألت فاسأل الله، وقل: يا سامعاً لكل شكوى!

توكل على الله وحده، وأعلن بصدق أنك عبده، واسجد لله بخشوع، وردد بصوت مسموع: يا سامعا لكل شكوى!

أنت الملاذ إذا ما أزمة شمـلت     وأنت ملجأ من ضاقت به الحيل

أنت المنادى به في كل حـادثة     أنت الإله وأنت الذخر والأمل

أنت الرجاء لمن سدت مذاهبه     أنت الدليل لمن ضّلَّتْ به السبل

إنا قصدناك والآمال واقعة     عليك والكل ملهوف ومبتهل

إن الأنبياء والرسل وهم خير الخلق وأحب الناس إلى الله، نزل بهم البلاء واشتد بهم الكرب، فماذا فعلوا؟! وإلى من لجأوا؟

أخي الحبيب! أختصر لك الإجابة: إنه التضرع والدعاء، والافتقار إلى رب الأرض والسماء، إنها الشكاية إلى الله وحسن الصلة بالله.

نماذج من الاستجابة لدعاء الأنبياء

هذا نوح عليه السلام يشكو أمره إلى الله ويلجأ إلى مولاه، قال تعالى: وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ * وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنْ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ [الصافات:75-76].

كانت المناداة.. كانت المناجاة؛ فكانت الإجابة من الرحمن الرحيم.

و قال: وَنُوحاً إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنْ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ [الأنبياء:76] وقال عزّ من قائل: فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ * فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ [القمر:10-11].

هذا أيوب عليه السلام ابتلاه الله بالمرض ثمانية عشر عاماً، حتى إن الناس ملوا زيارته لطول المدة، فلم يبق معه إلا رجلان من إخوانه يزورانه، لكنه لم ييأس عليه السلام، بل صبر واحتسب، وأثنى الله عليه فقال: إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ [ص:44].

أواب، أي: رجاع منيب إلى ربه، ظل على صلته بربه، وثقته به ورضاه بما قسم له، توجه إلى ربه بالشكوى؛ ليرفع عنه الضر والبلوى.

قال تعالى: وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِي الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ [الأنبياء:83] فماذا كانت النتيجة؟

قال الحق عز وجل العليم البصير بعباده، الرحمن الرحيم: فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ [الأنبياء:84].

هذا يونس عليه السلام رفع الشكاية إلى الله فلم ينادِ ولم يناجِ إلا الله، قال تعالى: وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنْ الظَّالِمِينَ [الأنبياء:87] فماذا كانت النتيجة؟

فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنْ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ [الأنبياء:88].

و زكريا عليه السلام قال الحق عز وجل عنه: وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ [الأنبياء:89] الذين يشكون العقم وقلة الولد: وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ [الأنبياء:89] فماذا كانت النتيجة؟

فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ [الأنبياء:90].

إذاً: لماذا استجاب الله دعاءهم؟ لأنهم كانوا يسارعون في الخيرات.. كانوا لا يملون الدعاء، بل كان القلب متصلاً متعلقاً بالله؛ لذلك قال الله عنهم: وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ [الأنبياء:90] خاشعين متذللين معترفين بالتقصير، فالشكاية تخرج من القلب قبل اللسان.

يعقوب عليه السلام قال: قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنْ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ [يوسف:86] انظروا إلى اليقين، انظروا إلى المعرفة برب العالمين: وَأَعْلَمُ مِنْ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ [يوسف:86] فاستجاب الله دعاءه وشكواه، ورد عليه يوسف وأخاه.

و هذا يوسف عليه السلام ابتلاه الله بكيد النساء، فلجأ إلى الله وشكا إليه ودعاه، فقال: وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنْ الْجَاهِلِينَ * فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [يوسف:33-34].

وأخبر الله عن نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه فقال تعالى: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ [الأنفال:9] استغاثة.. لجاءة وشكوى إلى الله، صلة بالله سبحانه وتعالى، إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنْ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ [الأنفال:9].

و هكذا أيها الحبيب! إننا حين نستعرض حياة الرسل جميعاً، كما قصها علينا القرآن الكريم، نرى أن الابتلاء والامتحان كان مادتها وماءها، وأن الصبر وحسن الصلة بالله ودوام الالتجاء وكثرة الدعاء وحلاوة الشكوى كان قوامها.

و ما أشرنا إليه كان نماذج من الاستجابة للدعاء، ومن نظر في كتب السير والتفاسير، وقف على شدة البلاء الذي أصاب الأنبياء، وعلم أن الاستجابة جاءت بعد إلحاح ودعاء، واستغاثة ونداء.

إنها آيات بينات، وبراهين واضحات، تقول بل وتعلن: أن من توكل واعتمد على الله وأحسن الصلة بمولاه، استجاب الله دعاه وحفظه ورعاه، فإن لم يكن ذلك في الدنيا، كان في الآخرة، وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى [القصص:60].

إنها صفحات من الابتلاء والصبر، معروضة للبشرية لتسجل: أن لا اعتماد إلا على الله، وأن لا فارج للهمِّ ولا كاشف للبلوى إلا الله.

الدعاء طريق الاستعلاء

هذا هو طريق الاستعلاء، أن ننظر إلى السماء وأن نلح بالدعاء؛ لأن الشكوى إلى الله تشعرك بالقوة والسعادة، وأنك تأوي إلى ركن شديد، أما الشكوى إلى الناس والنظر إلى ما في أيدي الناس، فيشعرك بالضعف والذل والإهانة والتبعية.

يا أهل التوحيد! أليس هذا أصلاً من أصول التوحيد؟ إن من أصول التوحيد أن تتعلق القلوب بخالقها في وقت الشدة والرخاء والخوف والأمن والمرض والصحة، بل وفي كل حال وزمان.

وإن ما نراه اليوم من تعلق القلوب بالمخلوقين، وبالأسباب وحدها دون اللجأ إلى الله، لهو والله نذير خطر لتزعزع عقيدة التوحيد في النفوس.

أيها الأخ! إن الشكوى إلى الله، والتضرع إلى الله، وإظهار الحاجة إليه، والاعتراف بالافتقار إليه، من أعظم عرى الإيمان وثوابت التوحيد، وبرهان ذلك الدعاء والإلحاح في السؤال، والثقة واليقين بالله في كل حال.

هذا نوح عليه السلام يشكو أمره إلى الله ويلجأ إلى مولاه، قال تعالى: وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ * وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنْ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ [الصافات:75-76].

كانت المناداة.. كانت المناجاة؛ فكانت الإجابة من الرحمن الرحيم.

و قال: وَنُوحاً إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنْ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ [الأنبياء:76] وقال عزّ من قائل: فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ * فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ [القمر:10-11].

هذا أيوب عليه السلام ابتلاه الله بالمرض ثمانية عشر عاماً، حتى إن الناس ملوا زيارته لطول المدة، فلم يبق معه إلا رجلان من إخوانه يزورانه، لكنه لم ييأس عليه السلام، بل صبر واحتسب، وأثنى الله عليه فقال: إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ [ص:44].

أواب، أي: رجاع منيب إلى ربه، ظل على صلته بربه، وثقته به ورضاه بما قسم له، توجه إلى ربه بالشكوى؛ ليرفع عنه الضر والبلوى.

قال تعالى: وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِي الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ [الأنبياء:83] فماذا كانت النتيجة؟

قال الحق عز وجل العليم البصير بعباده، الرحمن الرحيم: فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ [الأنبياء:84].

هذا يونس عليه السلام رفع الشكاية إلى الله فلم ينادِ ولم يناجِ إلا الله، قال تعالى: وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنْ الظَّالِمِينَ [الأنبياء:87] فماذا كانت النتيجة؟

فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنْ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ [الأنبياء:88].

و زكريا عليه السلام قال الحق عز وجل عنه: وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ [الأنبياء:89] الذين يشكون العقم وقلة الولد: وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ [الأنبياء:89] فماذا كانت النتيجة؟

فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ [الأنبياء:90].

إذاً: لماذا استجاب الله دعاءهم؟ لأنهم كانوا يسارعون في الخيرات.. كانوا لا يملون الدعاء، بل كان القلب متصلاً متعلقاً بالله؛ لذلك قال الله عنهم: وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ [الأنبياء:90] خاشعين متذللين معترفين بالتقصير، فالشكاية تخرج من القلب قبل اللسان.

يعقوب عليه السلام قال: قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنْ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ [يوسف:86] انظروا إلى اليقين، انظروا إلى المعرفة برب العالمين: وَأَعْلَمُ مِنْ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ [يوسف:86] فاستجاب الله دعاءه وشكواه، ورد عليه يوسف وأخاه.

و هذا يوسف عليه السلام ابتلاه الله بكيد النساء، فلجأ إلى الله وشكا إليه ودعاه، فقال: وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنْ الْجَاهِلِينَ * فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [يوسف:33-34].

وأخبر الله عن نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه فقال تعالى: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ [الأنفال:9] استغاثة.. لجاءة وشكوى إلى الله، صلة بالله سبحانه وتعالى، إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنْ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ [الأنفال:9].

و هكذا أيها الحبيب! إننا حين نستعرض حياة الرسل جميعاً، كما قصها علينا القرآن الكريم، نرى أن الابتلاء والامتحان كان مادتها وماءها، وأن الصبر وحسن الصلة بالله ودوام الالتجاء وكثرة الدعاء وحلاوة الشكوى كان قوامها.

و ما أشرنا إليه كان نماذج من الاستجابة للدعاء، ومن نظر في كتب السير والتفاسير، وقف على شدة البلاء الذي أصاب الأنبياء، وعلم أن الاستجابة جاءت بعد إلحاح ودعاء، واستغاثة ونداء.

إنها آيات بينات، وبراهين واضحات، تقول بل وتعلن: أن من توكل واعتمد على الله وأحسن الصلة بمولاه، استجاب الله دعاه وحفظه ورعاه، فإن لم يكن ذلك في الدنيا، كان في الآخرة، وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى [القصص:60].

إنها صفحات من الابتلاء والصبر، معروضة للبشرية لتسجل: أن لا اعتماد إلا على الله، وأن لا فارج للهمِّ ولا كاشف للبلوى إلا الله.

هذا هو طريق الاستعلاء، أن ننظر إلى السماء وأن نلح بالدعاء؛ لأن الشكوى إلى الله تشعرك بالقوة والسعادة، وأنك تأوي إلى ركن شديد، أما الشكوى إلى الناس والنظر إلى ما في أيدي الناس، فيشعرك بالضعف والذل والإهانة والتبعية.

يا أهل التوحيد! أليس هذا أصلاً من أصول التوحيد؟ إن من أصول التوحيد أن تتعلق القلوب بخالقها في وقت الشدة والرخاء والخوف والأمن والمرض والصحة، بل وفي كل حال وزمان.

وإن ما نراه اليوم من تعلق القلوب بالمخلوقين، وبالأسباب وحدها دون اللجأ إلى الله، لهو والله نذير خطر لتزعزع عقيدة التوحيد في النفوس.

أيها الأخ! إن الشكوى إلى الله، والتضرع إلى الله، وإظهار الحاجة إليه، والاعتراف بالافتقار إليه، من أعظم عرى الإيمان وثوابت التوحيد، وبرهان ذلك الدعاء والإلحاح في السؤال، والثقة واليقين بالله في كل حال.

ولقد زخرت كتب السنة بأنواع من الدعاء تجعل المسلم على صلة بربه، وفي حرز من عدوه يقضى أمره ويكفى همه، في كل مناسبة دعاء.. في اليقظة والمنام، والحركة والسكون.. قياماً وقعودا وعلى الجنوب.. ابتهال وتضرع في كل ما أهمَّ العبد، وهل إلى غير الله مفر؟ أم هل إلى غيره ملاذ؟

ففي المرض -مثلاً- الأدعية كثيرة والأحاديث مستفيضة، وإليك على سبيل المثال ما أخرج البخاري ومسلم من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث، فلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه وأمسح عليه بيده رجاء بركتها).

و أخرج البخاري ومسلم -أيضاً- من حديث عائشة أنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى منا إنسان مسحه بيمينه ثم قال: أذهب الباس رب الناس، واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك، شفاءً لا يغادر سقما) أي: لا يترك سقما.

وفي صحيح مسلم وسنن أبي داود وسنن الترمذي عن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه: (أنه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعاً يجده في جسده منذ أسلم، فقال له صلى الله عليه وآله وسلم - انظروا إلى رسول الله.. إلى قدوتنا وحبيبنا يربي أصحابه على الاعتماد واللجاءة إلى الله-: ضع يدك على الذي تألم من جسدك) الإرشاد أولاً إلى الله، التعلق أولاً بالله، لم يرشده أولاً لطبيب حاذق ولا بأس بهذا، لكن التعلق بالله أولاً (... ضع يدك على الذي تألم من جسدك، وقل: باسم الله، باسم الله، باسم الله، ثم يقول سبعاً: أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر).

وفي رواية: (امسحه بيمينك سبع مرات) وفي رواية قال عثمان : [فقلت ذلك فأذهب الله ما كان بي فلم أزل آمر بها أهلي وغيرهم].

سبحان الله! اسمعوا لحسن الصلة بالله والتوكل على الله: [فلم أزل آمر بها أهلي وغيرهم].

أيها المريض! اعلم أن من أعظم أسباب الشفاء، التداوي بالرقى الشرعية من القرآن والأدعية النبوية؛ ولها أثراً عجيباً في شفاء المريض وزوال علته، لكنها تريد قلباً صادقا وذلاً وخضوعاً لله.. رددها أنت بلسانك فرقيتك لنفسك أفضل وأنجع، فأنت المريض، وأنت صاحب الحاجة، وأنت المضطر، وليست النائحة الثكلى مثل النائحة المستأجرة، وما حك جلدك مثل ظفرك.

فتوكل على الله بصدق، وألح عليه بدون ملل، وأظهر ضعفك وعجزك وحالك وفقرك إليه، وستجد النتيجة العجيبة إن شاء الله، ثقةً بالله.

فإلى كل مريض مهما كان مرضه أقول: أخي الحبيب شفاك الله وعافاك! اعلم أن الأمراض من جملة ما يبتلي الله به عباده، والله عز وجل لا يقضي شيئا إلا وفيه الخير والرحمة لعباده، وربما كان مرضك لحكمة خفيت عليك أو خفيت على عقلك البشري الضعيف: وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ [البقرة:216].

أيها المحب شفاك الله! هل علمت أن للأمراض والأسقام فوائد وحكماً؟ أشار ابن القيم إلى أنه أحصاها فزادت على مائة فائدة، وانظر كتاب شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل، صفحة [525].

تكفير السيئات

أيها المسلم! أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك ويعافيك، هل سمعت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه إلا حطّ الله به سيئاته كما تحط الشجرة ورقها) والحديث متفق عليه من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.

وهل سمعت أنه صلى الله عليه وسلم زار أم العلاء وهي مريضة، فقال لها: (أبشري يا أم العلاء! فإن مرض المسلم يذهب الله به خطاياه كما تذهب النار خبث الذهب والفضة) والحديث أخرجه أبو داود وحسنه المنذري وقال الألباني في الصحيحة : هذا سند جيد.

وقال ابن عبد البر رحمه الله: الذنوب تكفرها المصائب والآلام والأمراض والأسقام، وهذا أمر مجتمع عليه. انتهى كلامه رحمه الله.

و الأحاديث والآثار في هذا مشهورة، وليس هذا مقام بسطها، لكن المراد هنا أننا نرى حال بعض الناس إذا مرض فهو يفعل كل الأسباب المادية من ذهاب للأطباء وأخذ للدواء وبذل للأموال وسفر للقريب والبعيد، ولا شك أن هذا مشروع محمود، ولكنّ الأمر الغريب أن يطرق كل الأبواب، وينسى باب مسبب الأسباب، بل ربما لجأ إلى السحرة والمشعوذين -نعوذ بالله من حال الشرك والمشركين- ألم يقرأ هذا وأمثاله في القرآن: وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ [الشعراء:80]؟

أيها المريض! اعلم أن الشافي هو الله ولا شفاء إلا شفاؤه.

أيها المريض! بل يا كل مصاب أيا كانت مصيبته! هل سألت نفسك: لماذا ابتلاك الله بهذا المرض أو بهذه المصيبة؟ ربما لخير كثير، أو لحكم لا تعلمها ولكنّ الله يعلمها.

ألم يخطر ببالك أنه أصابك بهذا البلاء، ليسمع صوتك وأنت تدعوه، ويرى فقرك وأنت ترجوه.

استخراج مكنون عبودية الدعاء

فمن فوائد المصائب: استخراج مكنون عبودية الدعاء، قال أحدهم: سبحان من استخرج الدعاء بالبلاء، وفي الأثر أن الله ابتلى عبداً صالحاً من عباده، وقال لملائكته: (لأسمع صوته) يعني: بالدعاء والإلحاح .

أيها المريض! المرض يريك فقرك وحاجتك إلى الله، وأنه لا غنى لك عنه طرفة عين، فيتعلق قلبك بالله وتقبل عليه بعد أن كنت غافلاً عنه، وصدق من قال: فربما صحت الأجسام بالعلل.

فارفع يديك، وأسل دمع عينيك، وأظهر فقرك وعجزك، واعترف بذُلِّك وضعفك.

في رواية عن سعيد بن عنبسة قال: بينما رجل جالس وهو يعبث بالحصى ويحذف به، إذ رجعت حصاة منها عليه فصارت في أذنه، فجهدوا بكل حيلة فلم يقدروا على إخراجها، فبقيت الحصاة في أذنه مدة وهي تؤلمه، فبينما هو ذات يوم جالس إذ سمع قارئاً يقرأ: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ [النمل:62] فقال الرجل: يا رب! أنت المجيب وأنا المضطر، فاكشف عني ضر ما أنا فيه، فنزلت الحصاة من أذنه في الحال.

لا تعجب! إن ربي لسميع الدعاء، إذا أراد شيئا قال له: كن فيكون.

أيها المريض! إياك وسوء الظن بالله إن طال بك المرض، فتعتقد أن الله أراد بك سوءاً، أو أنه لا يريد معافاتك، أو أنه ظالم لك، فإنك إن ظننت ذلك فإنك على خطر عظيم.

أخرج الإمام أحمد بسند صحيح كما في الصحيحة من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله تعالى يقول: أنا عند ظن عبدي بي، إن ظن خيراً فله، وإن ظن شراً فله).

يعني: ما كان في ظنه فإني فاعله به، فأحسن الظن بالله تجد خيراً إن شاء الله.

لا تجزعنَّ إذا نالتك موجعةٌ     واضرع إلى الله يسرع نحوك الفرج

ثم استعن بجميل الصبر محتسبـا     فصبح يسرك بعد العسر ينسلج

فسوف يدلج عنك الهم مرتحلا     وإن أقام قليلاً سوف يدّلج

هذا في المرض، وأطلت فيه لكثرة المرضى وحاجة الناس إلى مثل هذه التوجيهات، وهي تحتاج إلى رسالة خاصة، لكن حسبي ما ذكرته الآن؛ لأن الموضوع عام في المصائب والآلام.

أيها المسلم! أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك ويعافيك، هل سمعت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه إلا حطّ الله به سيئاته كما تحط الشجرة ورقها) والحديث متفق عليه من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.

وهل سمعت أنه صلى الله عليه وسلم زار أم العلاء وهي مريضة، فقال لها: (أبشري يا أم العلاء! فإن مرض المسلم يذهب الله به خطاياه كما تذهب النار خبث الذهب والفضة) والحديث أخرجه أبو داود وحسنه المنذري وقال الألباني في الصحيحة : هذا سند جيد.

وقال ابن عبد البر رحمه الله: الذنوب تكفرها المصائب والآلام والأمراض والأسقام، وهذا أمر مجتمع عليه. انتهى كلامه رحمه الله.

و الأحاديث والآثار في هذا مشهورة، وليس هذا مقام بسطها، لكن المراد هنا أننا نرى حال بعض الناس إذا مرض فهو يفعل كل الأسباب المادية من ذهاب للأطباء وأخذ للدواء وبذل للأموال وسفر للقريب والبعيد، ولا شك أن هذا مشروع محمود، ولكنّ الأمر الغريب أن يطرق كل الأبواب، وينسى باب مسبب الأسباب، بل ربما لجأ إلى السحرة والمشعوذين -نعوذ بالله من حال الشرك والمشركين- ألم يقرأ هذا وأمثاله في القرآن: وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ [الشعراء:80]؟

أيها المريض! اعلم أن الشافي هو الله ولا شفاء إلا شفاؤه.

أيها المريض! بل يا كل مصاب أيا كانت مصيبته! هل سألت نفسك: لماذا ابتلاك الله بهذا المرض أو بهذه المصيبة؟ ربما لخير كثير، أو لحكم لا تعلمها ولكنّ الله يعلمها.

ألم يخطر ببالك أنه أصابك بهذا البلاء، ليسمع صوتك وأنت تدعوه، ويرى فقرك وأنت ترجوه.

فمن فوائد المصائب: استخراج مكنون عبودية الدعاء، قال أحدهم: سبحان من استخرج الدعاء بالبلاء، وفي الأثر أن الله ابتلى عبداً صالحاً من عباده، وقال لملائكته: (لأسمع صوته) يعني: بالدعاء والإلحاح .

أيها المريض! المرض يريك فقرك وحاجتك إلى الله، وأنه لا غنى لك عنه طرفة عين، فيتعلق قلبك بالله وتقبل عليه بعد أن كنت غافلاً عنه، وصدق من قال: فربما صحت الأجسام بالعلل.

فارفع يديك، وأسل دمع عينيك، وأظهر فقرك وعجزك، واعترف بذُلِّك وضعفك.

في رواية عن سعيد بن عنبسة قال: بينما رجل جالس وهو يعبث بالحصى ويحذف به، إذ رجعت حصاة منها عليه فصارت في أذنه، فجهدوا بكل حيلة فلم يقدروا على إخراجها، فبقيت الحصاة في أذنه مدة وهي تؤلمه، فبينما هو ذات يوم جالس إذ سمع قارئاً يقرأ: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ [النمل:62] فقال الرجل: يا رب! أنت المجيب وأنا المضطر، فاكشف عني ضر ما أنا فيه، فنزلت الحصاة من أذنه في الحال.

لا تعجب! إن ربي لسميع الدعاء، إذا أراد شيئا قال له: كن فيكون.

أيها المريض! إياك وسوء الظن بالله إن طال بك المرض، فتعتقد أن الله أراد بك سوءاً، أو أنه لا يريد معافاتك، أو أنه ظالم لك، فإنك إن ظننت ذلك فإنك على خطر عظيم.

أخرج الإمام أحمد بسند صحيح كما في الصحيحة من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله تعالى يقول: أنا عند ظن عبدي بي، إن ظن خيراً فله، وإن ظن شراً فله).

يعني: ما كان في ظنه فإني فاعله به، فأحسن الظن بالله تجد خيراً إن شاء الله.

لا تجزعنَّ إذا نالتك موجعةٌ     واضرع إلى الله يسرع نحوك الفرج

ثم استعن بجميل الصبر محتسبـا     فصبح يسرك بعد العسر ينسلج

فسوف يدلج عنك الهم مرتحلا     وإن أقام قليلاً سوف يدّلج

هذا في المرض، وأطلت فيه لكثرة المرضى وحاجة الناس إلى مثل هذه التوجيهات، وهي تحتاج إلى رسالة خاصة، لكن حسبي ما ذكرته الآن؛ لأن الموضوع عام في المصائب والآلام.


استمع المزيد من الشيخ إبراهيم الدويش - عنوان الحلقة اسٌتمع
المحرومون 2932 استماع
سهام للصيد 2612 استماع
توبة صايم 2610 استماع
اذهبوا بنا نصلح بينهم 2609 استماع
من كنوز الحج ... 2480 استماع
موعظة السبع البواقى 2467 استماع
بحر الحب 2409 استماع
بشائر ومبشرات 2352 استماع
السحر الحلال 2350 استماع
أهمية أداء الزكاة 2340 استماع