السحر الحلال


الحلقة مفرغة

إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد أيها الأحبة في الله! فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

موضوع هذا اللقاء هو: (السحر الحلال)، وهو بقية لدرس سابق كان بعنوان: (فن التعامل مع الزوجة).

سبب طرح الموضوع

وقد أسلفت في ذلك الدرس أن التعامل مع الزوجة فن يجهله كثيرٌ من الرجال، وأقول اليوم -أيضاً-: إن التعامل مع الزوج فن يجهله كثيرٌ من النساء، وأقول للزوجين: لو أن أحداً منكما كان ملاكاً بحسن خلقه ولطفه ومعاملته؛ فإن ذلك لا يكفي، فلا بد من قيام كل منكما بحق الآخر، فإن الحياة شركة بينكما.

تحملان العبء روحاً ويداً     والتقى نعم التقى زاد الطريق

نفحة تثمر في النفس الرضا     تجعل الأيام كالغصن الوريق

فإذا الدنيا شراع هادئ     والمنى تسبح في بحر طليق

أنتما في رحلة العمر معاً     تبنيان العش كالروض الأنيق

ومن هنا كان لكل منكما حديث، حديث من قلب محب يتمنى أن يرى السعادة ترفرف على كل بيت مسلم، ويعلم الله أن هذه المحاولة عصارة اطلاع ومشاورات ووقفات وتأملات في بيت النبوة.

أسأل الله عز وجل بلطفه ومنه وكرمه أن يجمع بين كل زوجين، وأن يبارك لهما في حياتهما، وأن يرزقهما الصلاح والفلاح والأنس والمحبة.

وكم أفرحتني وأسرتني تلك النتائج والآثار للدرس الماضي، فقد كثرت الاتصالات والأحاديث والأخبار، وما كنت أحسب أن تؤتي ثمارها بهذه السرعة، ولكنه فضل الله، فلله الحمد والشكر.

إلى من تبحث عن السعادة

أما هذا الدرس فهو رسالة إلى كل زوجة مسلمة تريد السعادة في حياتها الزوجية، وتبحث عن علاج ناجع لكل مشاكلها.

فلا يكفي أن تسمع المرأة هذا الحديث مرةً أو مرتين، بل لتسمعه كلما أرادت رأب الصدع الذي وقع في العلاقات الزوجية، لخطأ أو تعجل من أحد الزوجين أو كليهما.

فيا أيتها المباركة! اسمعيه مرةً ومرتين وثلاثاً، واحتفظي به للحاجة، بل وأرشدي إليه كل زوجة تشعرين أنها بحاجته، ولا أدعي فيه الكمال فهو كغيره من جهد البشر، فيه الزيادة والنقصان، والصواب والخطأ، بيد أني حرصت على نهله من بيت النبوة مستقرئاً الأحداث بينه صلى الله عليه وسلم وبين أزواجه، فحسبي أني اجتهدت، فما كان فيه من صواب فمن الله وحده لا شريك له، وما كان فيه من خطأ فمن نفسي الضعيفة والشيطان، والله ورسوله منه بريئان.

المقصود بالسحر الحلال

والمقصود بالسحر هنا: الاستعارة، وإلا فإن حقيقة السحر: عزائم ورقى وعقد تؤثر في القلوب والأبدان، فيمرض ويقتل ويفرق بين المرء وزوجه أعاذنا الله وإياكم منه، وهذا النوع لا يوجد فيه حلال بل هو حرام وكبيرة من الكبائر، وصاحبه يكفر ويقتل ولا يستتاب.

وأما قصدنا هنا: فهو المدح، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم (إن من البيان لسحراً) والحديث أخرجه مالك وأحمد والبخاري عن ابن عمر . فيجوز أن يكون في معرض المدح؛ لأنه تستمال به القلوب ويرضى به الساخط ويستنزل به الصعب، كما جاء في لسان العرب.

ولا أظن يختلف اثنان فيما تفعله المرأة في قلوب الرجال، فهي بما وهبها الله من جمال ورقة ونعومة وعذوبة ألفاظ قد استمالت كثيراً من قلوب الرجال؛ حتى طارت ألبابهم وعقولهم.

ومن هذا قول الكميت:

وقاد إليها الحب فانقاد صعبـه     بحب من السحر الحلال المحبب

وهل يشك أحد في أن المرأة فتنة؟!

فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث أسامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما تركت بعدي فتنةً أضر على الرجال من النساء).

والله عز وجل يقول: زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنْ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ [آل عمران:14].

فجعلهن في أول الشهوات المحببة للناس، فكيف لو استغلت المرأة فتنتها في الحلال، فكانت عوناً لزوجها؟ فإن (الدنيا متاع، وخير متاعها المرأة الصالحة) فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ [النساء:34].

وقد أسلفت في ذلك الدرس أن التعامل مع الزوجة فن يجهله كثيرٌ من الرجال، وأقول اليوم -أيضاً-: إن التعامل مع الزوج فن يجهله كثيرٌ من النساء، وأقول للزوجين: لو أن أحداً منكما كان ملاكاً بحسن خلقه ولطفه ومعاملته؛ فإن ذلك لا يكفي، فلا بد من قيام كل منكما بحق الآخر، فإن الحياة شركة بينكما.

تحملان العبء روحاً ويداً     والتقى نعم التقى زاد الطريق

نفحة تثمر في النفس الرضا     تجعل الأيام كالغصن الوريق

فإذا الدنيا شراع هادئ     والمنى تسبح في بحر طليق

أنتما في رحلة العمر معاً     تبنيان العش كالروض الأنيق

ومن هنا كان لكل منكما حديث، حديث من قلب محب يتمنى أن يرى السعادة ترفرف على كل بيت مسلم، ويعلم الله أن هذه المحاولة عصارة اطلاع ومشاورات ووقفات وتأملات في بيت النبوة.

أسأل الله عز وجل بلطفه ومنه وكرمه أن يجمع بين كل زوجين، وأن يبارك لهما في حياتهما، وأن يرزقهما الصلاح والفلاح والأنس والمحبة.

وكم أفرحتني وأسرتني تلك النتائج والآثار للدرس الماضي، فقد كثرت الاتصالات والأحاديث والأخبار، وما كنت أحسب أن تؤتي ثمارها بهذه السرعة، ولكنه فضل الله، فلله الحمد والشكر.

أما هذا الدرس فهو رسالة إلى كل زوجة مسلمة تريد السعادة في حياتها الزوجية، وتبحث عن علاج ناجع لكل مشاكلها.

فلا يكفي أن تسمع المرأة هذا الحديث مرةً أو مرتين، بل لتسمعه كلما أرادت رأب الصدع الذي وقع في العلاقات الزوجية، لخطأ أو تعجل من أحد الزوجين أو كليهما.

فيا أيتها المباركة! اسمعيه مرةً ومرتين وثلاثاً، واحتفظي به للحاجة، بل وأرشدي إليه كل زوجة تشعرين أنها بحاجته، ولا أدعي فيه الكمال فهو كغيره من جهد البشر، فيه الزيادة والنقصان، والصواب والخطأ، بيد أني حرصت على نهله من بيت النبوة مستقرئاً الأحداث بينه صلى الله عليه وسلم وبين أزواجه، فحسبي أني اجتهدت، فما كان فيه من صواب فمن الله وحده لا شريك له، وما كان فيه من خطأ فمن نفسي الضعيفة والشيطان، والله ورسوله منه بريئان.

والمقصود بالسحر هنا: الاستعارة، وإلا فإن حقيقة السحر: عزائم ورقى وعقد تؤثر في القلوب والأبدان، فيمرض ويقتل ويفرق بين المرء وزوجه أعاذنا الله وإياكم منه، وهذا النوع لا يوجد فيه حلال بل هو حرام وكبيرة من الكبائر، وصاحبه يكفر ويقتل ولا يستتاب.

وأما قصدنا هنا: فهو المدح، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم (إن من البيان لسحراً) والحديث أخرجه مالك وأحمد والبخاري عن ابن عمر . فيجوز أن يكون في معرض المدح؛ لأنه تستمال به القلوب ويرضى به الساخط ويستنزل به الصعب، كما جاء في لسان العرب.

ولا أظن يختلف اثنان فيما تفعله المرأة في قلوب الرجال، فهي بما وهبها الله من جمال ورقة ونعومة وعذوبة ألفاظ قد استمالت كثيراً من قلوب الرجال؛ حتى طارت ألبابهم وعقولهم.

ومن هذا قول الكميت:

وقاد إليها الحب فانقاد صعبـه     بحب من السحر الحلال المحبب

وهل يشك أحد في أن المرأة فتنة؟!

فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث أسامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما تركت بعدي فتنةً أضر على الرجال من النساء).

والله عز وجل يقول: زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنْ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ [آل عمران:14].

فجعلهن في أول الشهوات المحببة للناس، فكيف لو استغلت المرأة فتنتها في الحلال، فكانت عوناً لزوجها؟ فإن (الدنيا متاع، وخير متاعها المرأة الصالحة) فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ [النساء:34].

وخلاصة الدرس في هاتين الوصيتين من أُمَّين فاضلتين عاقلتين.

فيا أيتها الزوجة المخلصة! اسمعي لهذه الوصايا الثمينة فأنت أحوج ما تكونين لها، فأصغي سمعك وأوعي قلبك، فإن العاقل من أضاف إلى عقله عقول الآخرين.

الوصية الأولى

كانت أمامة بنت الحارث تَغلبية من فضليات النساء في العرب، ولها حكم مشهورة في الأخلاق والمواعظ، لما تزوج الحارث بن عمرو ملك كندة ابنتها أم إياس بنت عوف ، وأرادوا أن يحملوها إلى زوجها، أوصتها أمها في ليلة الزفاف إلى زوجها بوصية قيمة قالت فيها:

أي بنية! إن الوصية لو كانت تترك لفضل أدب، أو لتقدم حسب؛ لرويت ذلك عنك ولأبعدته منك، ولكنها تذكرة للعاقل ومنبهة للغافل.

أي بنية! لو استغنت امرأة عن زوج بفضل مال أبيها لكنت أغنى الناس عن ذلك، ولكنا للرجال خلقنا كما خلقوا لنا.

أي بنية! إنك قد فارقت الحمى الذي منه خرجت، والعش الذي فيه درجت، إلى وكر لم تعرفيه، وقرين لم تألفيه، أصبح بملكه عليك مليكاً، فكوني له أمةً يكن لك عبداً وشيكاً، واحفظي عني خلالاً عشراً يكن لك ذكراً وذخراً:

أما الأولى والثانية: فالصحبة بالقناعة، والمعاشرة بحسن السمع والطاعة، فإن في القناعة راحة القلب، وفي حسن المعاشرة مرضاة الرب.

وأما الثالثة والرابعة: فالمعاهدة لموضع عينيه، والتفقد لموضع أنفه، فلا تقع عيناه منك على قبيح، ولا يشم منك إلا أطيب ريح، واعلمي -يا بنية- أن الكحل أحسن الحسن الموجود، والماء أطيب المفقود.

والخامسة والسادسة: التعاهد لوقت طعامه، والتفقد لحين منامه، فإن حرارة الجوع ملهبةً، وتنغيص حاله مكربة.

وأما السابعة والثامنة: فالاحتفاظ ببيته وماله، والرعاية لحشمه وعياله، فإن حفظ المال أصل التقدير، والرعاية للحشم والعيال من حسن التدبير.

وأما التاسعة والعاشرة: فلا تفشين له سراً، ولا تعصين له أمراً، فإنك إن أفشيت سره لم تأمني غدره، وإن عصيت أمره أوغرت صدره.

واتقي مع ذلك كله الفرح إذا كان ترحاً، والاكتئاب إذا كان فرحاً، فإن الأولى من التقصير والثانية من التكدير، وأشد ما تكونين له إعظاماً، أشد ما يكون لك إكراماً، وأشد ما تكونين له موافقةً، أطول ما يكون لك مرافقةً.

واعلمي -يا بنية- أنك لا تقدرين على ذلك حتى تؤثري رضاه على رضاك، وتقدمي هواه على هواك فيما أحببت أو كرهت. والله يضع لك الخير وأستودعك الله.

الوصية الثانية

هي وصية أم ممزوجة بالفرحة والدموع، نصحت فيها ابنتها المقبلة على حياتها الجديدة قائلةً:

يا بنيتي! أنت مقبلة على حياة جديدة، حياة لا مكان فيها لأمك أو لأبيك، أو لأحد من إخوتك، فتصبحين صاحبةً لرجل لا يريد أن يشاركه فيك أحد، حتى لو كان من لحمك ودمك.

كوني له زوجةً وأماً.

اجعليه يشعر أنك كل شيء في حياته، وكل شيء في دنياه.

اذكري دائماً أن الرجل -أي رجل- طفل كبير أقل كلمة حلوة تسعده.

لا تجعليه يشعر أنه بزواجه منك قد حرمك من أهلك وأسرتك، إن هذا الشعور نفسه قد ينتابه هو، فهو أيضاً قد ترك بيت والديه وترك أسرته من أجلك، ولكن الفرق بينك وبينه هو الفرق بين المرأة والرجل، المرأة تحن دائماً إلى أسرتها، وإلى بيتها الذي ولدت فيه ونشأت وكبرت وتعلمت، ولكن لابد لها أن تعوّد نفسها على هذه الحياة الجديدة.

لابد لها أن تكيف حياتها مع الرجل الذي أصبح لها زوجاً وراعياً وأباً لأطفالها.

هذه هي دنياك الجديدة .. هذا هو حاضرك ومستقبلك .. هذه هي أسرتك التي شاركتما أنت وزوجك في صنعها، أما أبواك فهما ماض.

إني لا أطلب منك أن تنسي أباك وأمك وإخوتك، لأنهم لن ينسوك أبداً يا حبيبتي، وكيف تنسى الأم فلذة كبدها؟! ولكن أطلب منك أن تحبي زوجك وتعيشي له، وتسعدي بحياتك معه.

هاتان الوصيتان الجميلتان -كما أسلفت- من أمين فاضلتين عاقلتين.

هكذا يغرس أرباب الحجا     في حياة النشء غرس الأوفيا

ويا ليت أن الأمهات يحرصن على وصية بناتهن بمثل هذه الوصايا الجميلة، خاصةً إذا كانت البنت قد أقبلت على بيت زواجها وعلى الأنس بزوجها، فإنها بحاجة إلى مثل هذه الوصايا.

فإذا الدنيا شراع هادئ     والمنى تسبح في بحر طليق

أنتما في رحلة العمر معاً     تبنيان العش كالروض الأنيق