كتاب العتق


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

فقد قال الإمام أبو داود رحمه الله تعالى: [بسم الله الرحمن الرحيم، أول كتاب العتق

حدثنا هارون بن عبد الله قال: حدثنا أبو بدر قال: حدثني أبو عتبة إسماعيل بن عياش قال: حدثنا سليمان بن سليم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( المكاتب عبد ما بقي عليه من مكاتبته درهم ).

حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثني عبد الصمد قال: حدثنا همام قال: حدثنا عباس الجريري عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أيما عبد كاتب على مائة أوقية فأداها إلا عشرة أواق فهو عبد, وأيما عبد كاتب على مائة دينار فأداها إلا عشرة دنانير فهو عبد ).

حدثنا مسدد بن مسرهد قال: حدثنا سفيان عن الزهري عن نبهان مكاتب أم سلمة قال: سمعت أم سلمة تقول: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن كان لإحداكن مكاتب فكان عنده ما يؤدي فلتحتجب منه )].

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبد الله بن مسلمة وقتيبة بن سعيد قالا: حدثنا الليث عن ابن شهاب عن عروة أن عائشة رضي الله عنها أخبرته: ( أن بريرة جاءت عائشة تستعينها في كتابتها ولم تكن قضت من كتابتها شيئاً, فقالت لها عائشة: ارجعي إلى أهلك فإن أحبوا أن أقضي عنك كتابتك ويكون ولاؤك لي فعلت, فذكرت ذلك بريرة لأهلها فأبوا, وقالوا: إن شاءت أن تحتسب عليك فلتفعل ويكون لنا ولاؤك, فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ابتاعي فأعتقي فإنما الولاء لمن أعتق, ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ما بال أناس يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله؟ من اشترط شرطاً ليس في كتاب الله فليس له, وإن شرطه مائة مرة شرط الله أحق وأوثق ) ].

وفي هذا أن الشروط الباطلة لا تفسد أصل العقد, ولكن تفسد بذاتها, والعقد يكون صحيحاً.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا وهيب عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: ( جاءت بريرة لتستعين في كتابتها، فقالت: إني كاتبت أهلي على تسع أواق في كل عام أوقية فأعينيني, فقالت: إن أحب أهلك أن أعدها عدة واحدة وأعتقك ويكون ولاؤك لي فعلت, فذهبت إلى أهلها ), وساق الحديث نحو الزهري, زاد في كلام النبي صلى الله عليه وسلم في آخره: ( ما بال رجال يقول أحدهم: أعتق يا فلان والولاء لي، إنما الولاء لمن أعتق ).

حدثنا عبد العزيز بن يحيى أبو الأصبغ الحراني قال: حدثني محمد -يعني: ابن سلمة- عن ابن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها قالت: ( وقعت جويرية بنت الحارث بن المصطلق في سهم ثابت بن قيس بن شماس أو ابن عم له فكاتبت على نفسها, وكانت امرأة ملاحة تأخذها العين, قالت عائشة رضي الله عنها: فجاءت تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتابتها، فلما قامت على الباب فرأيتها كرهت مكانها, وعرفت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سيرى منها مثل الذي رأيت, فقالت: يا رسول الله, أنا جويرية بنت الحارث وإنما كان أمري ما لا يخفى عليك, وإني وقعت في سهم ثابت بن قيس بن شماس وإني كاتبت على نفسي فجئتك أسألك في كتابتي, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فهل لك إلى ما هو خير منه؟ قالت: وما هو يا رسول الله؟ قال: أؤدي عنك كتابتك وأتزوجك, قالت: قد فعلت, قالت: فتسامع -تعني: الناس- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تزوج جويرية, فأرسلوا ما في أيديهم من السبي فأعتقوهم, وقالوا: أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم, فما رأينا امرأة كانت أعظم بركة على قومها منها؛ أعتق في سببها مائة أهل بيت من بني المصطلق ).

قال أبو داود: هذا حجة في أن الولي هو يزوج نفسه].

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: من أعتق نصيباً له من مملوك.

حدثنا أبو الوليد الطيالسي قال: حدثنا همام، ح وحدثنا محمد بن كثير المعنى قال: أخبرنا همام عن قتادة عن أبي المليح قال أبو الوليد: عن أبيه ( أن رجلاً أعتق شقصاً له من غلام, فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: ليس لله شريك ), زاد ابن كثير في حديثه: ( فأجاز النبي صلى الله عليه وسلم عتقه ) ].

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسلم بن إبراهيم قال: حدثنا أبان قال: حدثنا قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( من أعتق شقيصاً في مملوكه فعليه أن يعتقه كله إن كان له مال, وإلا استسعي العبد غير مشقوق عليه ).

حدثنا نصر بن علي قال: أخبرنا يزيد بن زريع، وحدثنا علي بن عبد الله قال: حدثنا محمد بن بشر وهذا لفظه, عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من أعتق شقصاً له، أو شقيصاً له في مملوك فخلاصه عليه في ماله إن كان له مال, فإن لم يكن له مال قوم العبد قيمة عدل, ثم استسعي لصاحبه في قيمته غير مشقوق عليه ).

قال أبو داود: في حديثهما جميعاً ( فاستسعي غير مشقوق عليه ), وهذا لفظ علي .

حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا يحيى و ابن أبي عدي عن سعيد بإسناده ومعناه.

قال أبو داود: ورواه روح بن عبادة عن سعيد بن أبي عروبة لم يذكر السعاية, ورواه جرير بن حازم وموسى بن خلف جميعاً عن قتادة بإسناد يزيد بن زريع ومعناه وذكرا فيه السعاية].

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا القعنبي عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من أعتق شركاً له في مملوك أقيم عليه قيمة عدل, فأعطى شركاءه حصصهم وأعتق عليه العبد، وإلا فقد عتق منه ما أعتق ).

حدثنا مؤمل قال: حدثنا إسماعيل عن أيوب عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعناه, قال: وكان نافع ربما قال: (فقد عتق منه ما عتق) وربما لم يقله.

حدثنا سليمان بن داود العتكي قال: حدثنا حماد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث, قال أيوب: فلا أدري هو في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أو شيء قاله نافع: ( وإلا عتق منه ما عتق ).

حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي قال: أخبرنا عيسى يعني: ابن يونس قال: حدثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من أعتق شركاً من مملوك له فعليه عتقه كله إن كان له ما يبلغ ثمنه, وإن لم يكن له مال عتق نصيبه ).

حدثنا مخلد بن خالد قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: أخبرني يحيى بن سعيد عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعنى إبراهيم بن موسى.

حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء قال: حدثنا جويرية عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعنى مالك, ولم يذكر (وإلا فقد عتق منه ما عتق), انتهى حديثه إلى وأعتق عليه العبد على معناه.

حدثنا الحسن بن علي قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من أعتق شركاً له في عبد أعتق ما بقي في ماله إذا كان له ما يبلغ ثمن العبد ).

حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن سالم عن أبيه يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا كان العبد بين اثنين فأعتق أحدهما نصيبه، فإن كان موسراً يقوم عليه قيمة لا وكس ولا شطط ثم يعتق ).

حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة عن خالد عن أبي بشر العنبري عن ابن الثلب عن أبيه ( أن رجلاً أعتق نصيباً له من مملوك فلم يضمنه النبي صلى الله عليه وسلم ), قال أحمد: إنما هو بالتاء يعني: التلب, وكان شعبة ألثغ لم يبين التاء من الثاء].

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسلم بن إبراهيم و موسى بن إسماعيل قالا: حدثنا حماد بن سلمة عن قتادة عن الحسن عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقال موسى في موضع آخر: عن سمرة بن جندب فيما يحسب حماد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من ملك ذا رحم محرم فهو حر ).

قال أبو داود: روى محمد بن بكر البرساني عن حماد بن سلمة عن قتادة، وعاصم عن الحسن عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك الحديث ].

والصواب في هذا الحديث أنه مرسل, ولا يصح موصولاً, فقد رواه شعبة عن قتادة عن الحسن مرسلاً عن النبي صلى الله عليه وسلم, وصوب الإرسال جماعة من العلماء؛ كـابن المديني والبخاري, وقد أعل ابن المديني رحمه الله هذا الحديث موصولاً فقال: إنه منكر.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ قال أبو داود: ولم يحدث ذلك الحديث إلا حماد بن سلمة وقد شك فيه.

حدثنا محمد بن سليمان الأنباري قال: حدثنا عبد الوهاب عن سعيد عن قتادة أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: ( من ملك ذا رحم محرم فهو حر ).

حدثنا محمد بن سليمان قال: حدثنا عبد الوهاب عن سعيد عن قتادة عن الحسن قال: ( من ملك ذا رحم محرم فهو حر ).

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا أبو أسامة عن سعيد عن قتادة عن جابر بن زيد و الحسن مثله.

قال أبو داود: سعيد أحفظ من حماد].

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي قال: حدثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن خطاب بن صالح مولى الأنصاري عن أمه عن سلامة بنت معقل امرأة من خارجة قيس عيلان قالت: ( قدم بي عمي في الجاهلية فباعني من الحباب بن عمرو أخي أبي اليسر بن عمرو فولدت له عبد الرحمن بن الحباب, ثم هلك، فقالت امرأته: الآن والله تباعين في دينه, فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله, إني امرأة من خارجة قيس عيلان قدم بي عمي المدينة في الجاهلية فباعني من الحباب بن عمرو أخي أبي اليسر بن عمرو فولدت له عبد الرحمن فقالت امرأته: الآن والله تباعين في دينه, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من ولي الحباب؟ قيل: أخوه أبو اليسر بن عمرو, فبعث إليه فقال: أعتقوها, فإذا سمعتم برقيق قدم علي فأتوني أعوضكم منها, قالت: فأعتقوني, وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم رقيق فعوضهم مني غلاماً ).

حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد عن قيس عن عطاء عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: ( بعنا أمهات الأولاد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم و أبي بكر, فلما كان عمر نهانا فانتهينا )].

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا هشيم عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء وإسماعيل بن أبي خالد عن سلمة بن كهيل عن عطاء عن جابر بن عبد الله ( أن رجلاً أعتق غلاماً له عن دبر منه، ولم يكن له مال غيره, فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم فبيع بسبعمائة أو بتسعمائة ).

حدثنا جعفر بن مسافر التنيسي قال: حدثنا بشر بن بكر قال: أخبرنا الأوزاعي قال: حدثني عطاء بن أبي رباح قال: حدثني جابر بن عبد الله بهذا، زاد وقال: يعني: النبي صلى الله عليه وسلم: ( أنت أحق بثمنه، والله أغنى عنه ).

حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم قال: حدثنا أيوب عن أبي الزبير عن جابر ( أن رجلاً من الأنصار يقال له: أبو مذكور, أعتق غلاماً له يقال له: يعقوب عن دبر ولم يكن له مال غيره, فدعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: من يشتريه؟ فاشتراه نعيم بن عبد الله بن النحام بثمانمائة درهم فدفعها إليه, ثم قال: إذا كان أحدكم فقيراً فليبدأ بنفسه, فإن كان فيها فضل فعلى عياله, فإن كان فيها فضل فعلى ذي قرابته أو قال: على ذي رحمه, فإن كان فيها فضل فهاهنا وهاهنا )].


استمع المزيد من الشيخ عبد العزيز الطَريفي - عنوان الحلقة اسٌتمع
كتاب الطهارة [5] 2709 استماع
كتاب الطهارة [8] 2689 استماع
كتاب الترجل - كتاب الخاتم 2318 استماع
كتاب الصلاة [21] 2312 استماع
كتاب الأيمان والنذور [2] 2305 استماع
كتاب الطهارة [9] 2297 استماع
كتاب الطهارة [2] 2222 استماع
كتاب الطهارة [4] 2166 استماع
كتاب الصلاة [20] 2129 استماع
كتاب الصلاة [6] 2119 استماع