كتاب الخراج والإمارة والفيء [2]


الحلقة مفرغة

قال المصنف رحمه الله تعالى: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

فقد قال الإمام أبو داود رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن صالح قال: حدثنا عنبسة بن خالد قال: حدثنا يونس عن ابن شهاب قال: أخبرني علي بن حسين أن حسين بن علي أخبره أن علي بن أبي طالب قال: ( كانت لي شارف من نصيبي من المغنم يوم بدر, وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاني شارفاً من الخمس يومئذ, فلما أردت أن أبني بـفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم واعدت رجلاً صواغاً من بني قينقاع أن يرتحل معي فنأتي بإذخر, أردت أن أبيعه من الصواغين فأستعين به في وليمة عرسي, فبينا أنا أجمع لشارفي متاعاً من الأقتاب والغرائر والحبال, وشارفاي مناخان إلى جنب حجرة رجل من الأنصار أقبلت حين جمعت ما جمعت, فإذا بشارفي قد اجتبت أسنمتهما وبقرت خواصرهما وأخذ من أكبادهما, فلم أملك عيني حين رأيت ذلك المنظر فقلت: من فعل هذا؟ قالوا: فعله حمزة بن عبد المطلب وهو في هذا البيت في شرب من الأنصار غنته قينة وأصحابه فقالت في غنائها:

ألا يا حمز للشرف النواء

فوثب إلى السيف فاجتب أسنمتهما وبقر خواصرهما وأخذ من أكبادهما, قال علي: فانطلقت حتى أدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده زيد بن حارثة, قال: فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لقيت, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما لك؟ قال: قلت: يا رسول الله, ما رأيت كاليوم, عدا حمزة على ناقتي فاجتب أسنمتهما وبقر خواصرهما, وها هو ذا في بيت معه شرب, فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بردائه فارتداه، ثم انطلق يمشي، واتبعته أنا وزيد بن حارثة حتى جاء البيت الذي فيه حمزة فاستأذن فأذن له فإذا هم شرب, فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يلوم حمزة فيما فعل, فإذا حمزة ثمل محمرة عيناه, فنظر حمزة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, ثم صعد النظر فنظر إلى ركبتيه, ثم صعد النظر فنظر إلى سرته, ثم صعد النظر فنظر إلى وجهه, ثم قال حمزة: وهل أنتم إلا عبيد لأبي؟ فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ثمل, فنكص رسول الله صلى الله عليه وسلم على عقبيه القهقرى، فخرج وخرجنا معه ).

حدثنا أحمد بن صالح قال: حدثنا عبد الله بن وهب قال: حدثني عياش بن عقبة الحضرمي عن الفضل بن الحسن الضمري أن ابن أم الحكم أو ضباعة ابنتي الزبير بن عبد المطلب حدثته عن إحداهما أنها قالت: ( أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم سبياً, فذهبت أنا وأختي وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم, فشكونا إليه ما نحن فيه، وسألناه أن يأمر لنا بشيء من السبي, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سبقكن يتامى بدر, لكن سأدلكن على ما هو خير لكن من ذلك: تكبرن الله على إثر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين تكبيرة، وثلاثاً وثلاثين تسبيحة، وثلاثاً وثلاثين تحميدة, ولا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير, قال عياش: وهما ابنتا عم النبي صلى الله عليه وسلم ) ].

وفي هذا أن اليتيم المحتاج يقدم على غيره, فإذا كان ثمة يتيم فقير فيقدم على الفقير غير اليتيم.

وفي هذا أيضاً أن ذكر الله عز وجل بالتسبيح والتحميد والتكبير يجعله الله عز وجل عوناً للإنسان في شأنه, فإما أن يهيئ الله عز وجل له سبباً، أو يعطيه عزيمة يقوى بها على شأنه.

قال المصنف رحمه الله تعالى: وبأسانيدكم إليه رحمنا الله تعالى وإياه قال: [ حدثنا يحيى بن خلف قال: حدثنا عبد الأعلى عن سعيد يعني: الجريري عن أبي الورد عن ابن أعبد قال: ( قال لي علي: ألا أحدثك عني وعن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت من أحب أهله إليه؟ قلت: بلى, قال: إنها جرت بالرحى حتى أثر في يدها, واستقت بالقربة حتى أثر في نحرها, وكنست البيت حتى اغبرت ثيابها, فأتى النبي صلى الله عليه وسلم خدم, فقلت: لو أتيت أباك فسألتيه خادماً, فأتته فوجدت عنده حداثاً, فرجعت, فأتاها من الغد فقال: ما كان حاجتك؟ فسكتت, فقلت: أنا أحدثك يا رسول الله, جرت بالرحى حتى أثرت في يدها, وحملت بالقربة حتى أثرت في نحرها, فلما أن جاءك الخدم أمرتها أن تأتيك فتستخدمك خادماً يقيها حر ما هي فيه, قال: اتقي الله يا فاطمة وأدي فريضة ربك, واعملي عمل أهلك, وإذا أخذت مضجعك فسبحي ثلاثاً وثلاثين, واحمدي ثلاثاً وثلاثين, وكبري أربعاً وثلاثين, فتلك مائة فهي خير لك من خادم, قالت: رضيت عن الله وعن رسوله ) ].

وبهذا استدل من قال: بأن المرأة يجب عليها أن تخدم زوجها, وهذه المسألة من المسائل الخلافية, هل يجب على المرأة أن تخدم زوجها أم لا؟ منهم من يكل ذلك ويعيده إلى العرف, ومنهم من يوجبه عيناً سواء كان ثمة عرف أو ليس بعرف, والذي يظهر والله أعلم أنه يعود في ذلك إلى العرف ولا يجب على الزوجة.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن محمد المروزي قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن الزهري عن علي بن حسين بهذه القصة, قال: ( ولم يخدمها ).

حدثنا محمد بن عيسى قال: حدثنا عنبسة بن عبد الواحد القرشي، قال أبو جعفر يعني: ابن عيسى: كنا نقول إنه من الأبدال قبل أن نسمع أن الأبدال من الموالي, قال: حدثني الدخيل بن إياس بن نوح بن مجاعة عن هلال بن سراج بن مجاعة عن أبيه عن جده مجاعة ( أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم يطلب دية أخيه قتلته بنو سدوس من بني ذهل, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لو كنت جاعلاً لمشرك دية جعلتها لأخيك, ولكن سأعطيك منه عقبى, فكتب له النبي صلى الله عليه وسلم بمائة من الإبل من أول خمس يخرج من مشركي بني ذهل, فأخذ طائفة منها، وأسلمت بنو ذهل فطلبها بعد مجاعة إلى أبي بكر، وأتاه بكتاب النبي صلى الله عليه وسلم, فكتب له أبو بكر باثني عشر ألف صاع من صدقة اليمامة؛ أربعة آلاف براً وأربعة آلاف شعيراً وأربعة آلاف تمراً, وكان في كتاب النبي صلى الله عليه وسلم لـمجاعة:

بسم الله الرحمن الرحيم. هذا كتاب من محمد النبي لـمجاعة بن مرارة من بني سلمى, إني أعطيته مائة من الإبل من أول خمس يخرج من مشركي بني ذهل عقبة من أخيه ) ].

الحديث ضعيف؛ وذلك أنه تفرد به الدخيل وهلال, وهم مجهولان.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ما جاء في سهم الصفي

حدثنا محمد بن كثير قال: أخبرنا سفيان عن مطرف عن عامر الشعبي قال: ( كان للنبي صلى الله عليه وسلم سهم يدعى الصفي إن شاء عبداً وإن شاء أمة وإن شاء فرساً يختاره قبل الخمس ).

حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا أبو عاصم و أزهر قالا: حدثنا ابن عون قال: ( سألت محمداً عن سهم النبي صلى الله عليه وسلم والصفي؟ قال: كان يُضرب له بسهم مع المسلمين وإن لم يشهد, والصفي يؤخذ له رأس من الخمس قبل كل شيء ).

حدثنا محمود بن خالد السلمي قال: حدثنا عمر يعني: ابن عبد الواحد عن سعيد يعني: ابن بشير عن قتادة قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غزا كان له سهم صاف يأخذه من حيث شاء, فكانت صفية من ذلك السهم, وكان إذا لم يغز بنفسه ضرب له بسهمه ولم يخير ).

حدثنا نصر بن علي قال: حدثنا أبو أحمد قال: أخبرنا سفيان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: ( كانت صفية من الصفي ).

حدثنا سعيد بن منصور قال: حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن الزهري عن عمرو بن أبي عمرو عن أنس بن مالك قال: ( قدمنا خيبر فلما فتح الله تعالى الحصن ذكر له جمال صفية بنت حيي وقد قتل زوجها وكانت عروساً, فاصطفاها رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه, فخرج بها حتى بلغنا سد الصهباء حلت فبنى بها ).

حدثنا مسدد قال: حدثنا حماد بن زيد عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك قال: ( صارت صفية لـدحية الكلبي، ثم صارت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ).

حدثنا محمد بن خلاد الباهلي قال: حدثنا بهز بن أسد قال: حدثنا حماد قال: أخبرنا ثابت عن أنس قال: ( وقع في سهم دحية جارية جميلة فاشتراها رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبعة أرؤس, ثم دفعها إلى أم سليم تصنعها وتهيئها, قال حماد: وأحسبه قال: وتعتد في بيتها صفية بنت حيي ).

حدثنا داود بن معاذ قال: حدثنا عبد الوارث، ح وحدثنا يعقوب بن إبراهيم المعنى قال: حدثنا ابن علية عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس قال: ( جمع السبي يعني: بخيبر, فجاء دحية فقال: يا رسول الله أعطني جارية من السبي, قال: اذهب فخذ جارية فأخذ صفية بنت حيي, فجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله, أعطيت دحية -قال يعقوب: صفية بنت حيي ثم اتفقا- سيدة قريظة والنضير ما تصلح إلا لك, قال: ادعوه بها, فلما نظر إليها النبي صلى الله عليه وسلم, قال له: خذ جارية من السبي غيرها, وإن النبي صلى الله عليه وسلم أعتقها وتزوجها )].

المشركة لا توطأ زوجة أو أمة, والكتابية توطأ زوجة وأمة, والبعض يظن أن الشرك إذا كانت أمة لا حكم له, بل له حكم سواء كانت أمة أو غير أمة؛ كالحرة, فإنه لا يجوز لها أن يطأها زوجة ولا أن يطأها بالتسري حتى تدخل الإسلام.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسلم بن إبراهيم قال: حدثنا قرة قال: سمعت يزيد بن عبد الله قال: ( كنا بالمربد, فجاء رجل أشعث الرأس بيده قطعة أديم أحمر, فقلنا: كأنك من أهل البادية؟ قال: أجل, قلنا: ناولنا هذه القطعة الأديم التي في يدك, فناولناها فقرأنا ما فيها فإذا فيها: من محمد رسول الله إلى بني زهير بن أقيش، إنكم إن شهدتم أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وأقمتم الصلاة، وآتيتم الزكاة، وأديتم الخمس من المغنم وسهم النبي صلى الله عليه وسلم وسهم الصفي أنتم آمنون بأمان الله ورسوله, فقلنا: من كتب لك هذا؟ قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم )].

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: كيف كان إخراج اليهود من المدينة

حدثنا محمد بن يحيى بن فارس أن الحكم بن نافع حدثهم قال: أخبرنا شعيب عن الزهري عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه وكان أحد الثلاثة الذين تيب عليهم ( وكان كعب بن الأشرف يهجو النبي صلى الله عليه وسلم ويحرض عليه كفار قريش, وكان النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة وأهلها أخلاط، منهم المسلمون والمشركون يعبدون الأوثان، واليهود وكانوا يؤذون النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه, فأمر الله عز وجل نبيه بالصبر والعفو ففيهم أنزل الله: وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ [آل عمران:186], الآية, فلما أبى كعب بن الأشرف أن ينزع عن أذى النبي صلى الله عليه وسلم أمر النبي صلى الله عليه وسلم سعد بن معاذ أن يبعث رهطاً يقتلونه, فبعث محمد بن مسلمة وذكر قصة قتله, فلما قتلوه فزعت اليهود والمشركون فغدوا على النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: طُرق صاحبنا فقتل, فذكر لهم النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يقول, ودعاهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن يكتب بينه وبينهم كتاباً ينتهون إلى ما فيه, فكتب النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبينهم وبين المسلمين عامة صحيفة ).

حدثنا مصرف بن عمرو الأيامي قال: حدثنا يونس يعني: ابن بكير قال: حدثنا محمد بن إسحاق قال: حدثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت عن سعيد بن جبير وعكرمة عن ابن عباس قال: ( لما أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشاً يوم بدر وقدم المدينة جمع اليهود في سوق بني قينقاع فقال: يا معشر يهود أسلموا قبل أن يصيبكم مثل ما أصاب قريشاً, قالوا: يا محمد لا يغرنك من نفسك أنك قتلت نفراً من قريش كانوا أغماراً لا يعرفون القتال, إنك لو قاتلتنا لعرفت أنا نحن الناس وأنك لم تلق مثلنا, فأنزل الله عز وجل في ذلك: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ [آل عمران:12], قرأ مصرف إلى قوله: فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ [آل عمران:13], ببدر وَأُخْرَى كَافِرَةٌ [آل عمران:13] ) ].

محمد بن أبي محمد مولى زيد مجهول غير معروف.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مصرف بن عمرو قال: حدثنا يونس قال ابن إسحاق: حدثني مولى لـزيد بن ثابت قال: حدثتني بنت محيصة عن أبيها محيصة: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من ظفرتم به من رجال يهود فاقتلوه, فوثب محيصة على شبيبة رجل من تجار يهود كان يلابسهم فقتله, وكان حويصة إذ ذاك لم يسلم وكان أسن من محيصة, فلما قتله جعل حويصة يضربه ويقول: أي عدو الله أما والله لرب شحم في بطنك من ماله ).

حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا الليث عن سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة أنه قال: ( بينما نحن في المسجد إذ خرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: انطلقوا إلى يهود, فخرجنا معه حتى جئناهم, فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فناداهم فقال: يا معشر يهود, أسلموا تسلموا, فقالوا: قد بلغت يا أبا القاسم, فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: أسلموا تسلموا, فقالوا: قد بلغت يا أبا القاسم, فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذلك أريد, ثم قالها الثالثة: اعلموا أنما الأرض لله ورسوله, وإني أريد أن أجليكم من هذه الأرض فمن وجد منكم بماله شيئاً فليبعه وإلا فاعلموا أنما الأرض لله ورسوله )].

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في خبر بني النضير

حدثنا محمد بن داود بن سفيان قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: ( أن كفار قريش كتبوا إلى ابن أبي ومن كان يعبد معه الأوثان من الأوس والخزرج، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ بالمدينة قبل وقعة بدر: إنكم آويتم صاحبنا، وإنا نقسم بالله لتقاتلنه أو لتخرجنه أو لنسيرن إليكم بأجمعنا حتى نقتل مقاتلتكم ونستبيح نساءكم, فلما بلغ ذلك عبد الله بن أبي ومن كان معه من عبدة الأوثان اجتمعوا لقتال النبي صلى الله عليه وسلم, فلما بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم لقيهم فقال: لقد بلغ وعيد قريش منكم المبالغ ما كانت تكيدكم بأكثر مما تريدون أن تكيدوا به أنفسكم، تريدون أن تقاتلوا أبناءكم وإخوانكم, فلما سمعوا ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم تفرقوا, فبلغ ذلك كفار قريش، فكتبت كفار قريش بعد وقعة بدر إلى اليهود: إنكم أهل الحلقة والحصون، وإنكم لتقاتلن صاحبنا أو لنفعلن كذا وكذا ولا يحول بيننا وبين خدم نسائكم شيء وهي الخلاخيل, فلما بلغ كتابهم النبي صلى الله عليه وسلم أجمعت بنو النضير بالغدر, فأرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: اخرج إلينا في ثلاثين رجلاً من أصحابك وليخرج منا ثلاثون حبراً حتى نلتقي بمكان منصف, فيسمعوا منك، فإن صدقوك وآمنوا بك آمنا بك فقص خبرهم, فلما كان الغد غدا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكتائب فحصرهم فقال لهم: إنكم والله لا تأمنون عندي إلا بعهد تعاهدوني عليه, فأبوا أن يعطوه عهداً فقاتلهم يومهم ذلك، ثم غدا الغد على بني قريظة بالكتائب وترك بني النضير, ودعاهم إلى أن يعاهدوه فعاهدوه, فانصرف عنهم وغدا على بني النضير بالكتائب فقاتلهم حتى نزلوا على الجلاء, فجلت بنو النضير واحتملوا ما أقلت الإبل من أمتعتهم وأبواب بيوتهم وخشبها, فكان نخل بني النضير لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة أعطاه الله إياها وخصه بها، فقال: وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ [الحشر:6], يقول: بغير قتال, فأعطى النبي صلى الله عليه وسلم أكثرها للمهاجرين وقسمها بينهم، وقسم منها لرجلين من الأنصار كانا ذوي حاجة, لم يقسم لأحد من الأنصار غيرهما, وبقي منها صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي في أيدي بني فاطمة رضي الله عنها ).

حدثنا محمد بن يحيى بن فارس قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا ابن جريج عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر ( أن يهود النضير وقريظة حاربوا رسول الله صلى الله عليه وسلم, فأجلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني النضير وأقر قريظة ومنَّ عليهم حتى حاربت قريظة بعد ذلك, فقتل رجالهم وقسم نساءهم وأولادهم وأموالهم بين المسلمين إلا بعضهم لحقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم فأمنهم وأسلموا, وأجلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يهود المدينة كلهم؛ بني قينقاع وهم: قوم عبد الله بن سلام ويهود بني حارثة وكل يهودي كان بالمدينة ) ].

وذلك أن أهل الكتاب الذين في المدينة ليسوا إلا يهود, ولا يوجد في المدينة نصارى, فإذا جاء في كلام النبي صلى الله عليه وسلم مخاطبة أهل الكتاب في أهل المدينة فالمراد بذلك هم اليهود وليس النصارى, وحكمهم في ذلك واحد, ولكن من جهة التنزيل إنما يخاطب به اليهود, فجاء الخطاب على أهل الكتاب لعموم الاشتراك في هذا فيدخل معهم النصارى.

وفي هذا سياسة النبي صلى الله عليه وسلم, فإنه ما قاتل أعداءه جميعاً, فبنو النضير وبنو قينقاع وبنو قريظة هؤلاء كلهم يهود, فلم يقاتل الجميع بل أخذ يقاتل هؤلاء, ثم هؤلاء, ثم هؤلاء, فليس من الحكمة ولا من السياسة أن المسلمين يعادون خصومهم جميعاً, بل يتخذ سياسة التحييد, فيأخذون جهة ويسالمون جهة, وأما معاداة الناس جميعاً فهذه لم يفعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو المؤيد بالله جل وعلا, ومعه رجال ليسوا كالرجال, ومع ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ما عادى الكفار جميعاً.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في حكم أرض خيبر

حدثنا هارون بن زيد بن أبي الزرقاء قال: حدثنا أبي قال: حدثنا حماد بن سلمة عن عبيد الله بن عمر قال: أحسبه عن نافع عن ابن عمر ( أن النبي صلى الله عليه وسلم قاتل أهل خيبر, فغلب على النخل والأرض، وألجأهم إلى قصرهم, فصالحوه على أن لرسول الله صلى الله عليه وسلم الصفراء والبيضاء والحلقة, ولهم ما حملت ركابهم على ألا يكتموا ولا يغيبوا شيئاً, فإن فعلوا فلا ذمة لهم ولا عهد, فغيبوا مسكاً لـحيي بن أخطب وقد كان قتل قبل خيبر كان احتمله معه يوم بني النضير حين أجليت النضير، فيه حليهم, قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم لـسعية: أين مسك حيي بن أخطب ؟ قال: أذهبته الحروب والنفقات, فوجدوا المسك، فقتل ابن أبي الحقيق وسبى نساءهم وذراريهم وأراد أن يجليهم, فقالوا: يا محمد دعنا نعمل في هذه الأرض ولنا الشطر ما بدا لك ولكم الشطر, وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي كل امرأة من نسائه ثمانين وسقاً من تمر، وعشرين وسقاً من شعير ).

حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال: حدثنا أبي عن ابن إسحاق قال: حدثني نافع مولى عبد الله بن عمر عن عبد الله بن عمر ( أن عمر قال: أيها الناس! إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عامل يهود خيبر على أنا نخرجهم إذا شئنا، فمن كان له مال فليلحق به فإني مخرج يهود، فأخرجهم ).

حدثنا سليمان بن داود المهري قال: أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني أسامة بن زيد الليثي عن نافع عن عبد الله بن عمر قال: ( لما افتتحت خيبر سألت يهود رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقرهم على أن يعملوا على النصف مما خرج منها, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أقركم فيها على ذلك ما شئنا, فكانوا كذلك, وكان التمر يقسم على السهمان من نصف خيبر، ويأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الخمس, وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أطعم كل امرأة من أزواجه من الخمس مائة وسق تمراً، وعشرين وسقاً شعيراً, فلما أراد عمر إخراج اليهود أرسل إلى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فقال لهن: من أحب منكن أن أقسم لها نخلاً بخرصها مائة وسق فيكون لها أصلها وأرضها وماؤها، ومن الزرع مزرعة خرص عشرين وسقاً فعلنا, ومن أحب أن نعزل الذي لها في الخمس كما هو فعلنا ).

حدثنا داود بن معاذ قال: حدثنا عبد الوارث، ح وحدثنا يعقوب بن إبراهيم وزياد بن أيوب أن إسماعيل بن إبراهيم حدثهم عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا خيبر فأصبناها عنوة فجمع السبي ).

حدثنا الربيع بن سليمان المؤذن قال: حدثنا أسد بن موسى قال: حدثنا يحيى بن زكريا قال: حدثني سفيان عن يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار عن سهل بن أبي حثمة قال: ( قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر نصفين: نصفاً لنوائبه وحاجته، ونصفاً بين المسلمين, قسمها بينهم على ثمانية عشر سهماً ).

حدثنا حسين بن علي بن الأسود أن يحيى بن آدم حدثهم عن أبي شهاب عن يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار أنه سمع نفراً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: فذكر هذا الحديث قال: ( فكان النصف سهام المسلمين وسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم, وعزل النصف للمسلمين لما ينوبه من الأمور والنوائب ).

حدثنا حسين بن علي قال: حدثنا محمد بن فضيل عن يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار مولى الأنصار عن رجال من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ظهر على خيبر قسمها على ستة وثلاثين سهماً, جمع كل سهم مائة سهم, فكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللمسلمين النصف من ذلك, وعزل النصف الباقي لمن نزل به من الوفود والأمور ونوائب الناس ).

حدثنا عبد الله بن سعيد الكندي قال: حدثنا أبو خالد يعني: سليمان بن حيان عن يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار قال: ( لما أفاء الله على نبيه صلى الله عليه وسلم خيبر قسمها على ستة وثلاثين سهماً, جمع كل سهم مائة سهم, فعزل نصفها لنوائبه وما ينزل به الوطيحة والكتيبة وما أحيز معهما, وعزل النصف الآخر فقسمه بين المسلمين الشق والنطاة وما أحيز معهما, وكان سهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أحيز معهما ).

حدثنا محمد بن مسكين اليمامي قال: حدثنا يحيى بن حسان قال: حدثنا سليمان يعني: ابن بلال عن يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أفاء الله عليه خيبر قسمها ستة وثلاثين سهماً جمع, فعزل للمسلمين الشطر ثمانية عشر سهماً يجمع كل سهم مائة, النبي صلى الله عليه وسلم معهم له سهم كسهم أحدهم, وعزل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانية عشر سهماً وهو الشطر لنوائبه وما ينزل به من أمر المسلمين, فكان ذلك الوطيح والكتيبة والسلالم وتوابعها, فلما صارت الأموال بيد النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين لم يكن لهم عمال يكفونهم عملها, فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهود فعاملهم ).

حدثنا محمد بن عيسى قال: حدثنا مجمع بن يعقوب بن مجمع بن يزيد الأنصاري قال: سمعت أبي يعقوب بن مجمع يذكر عن عمه عبد الرحمن بن يزيد الأنصاري عن عمه مجمع بن جارية الأنصاري وكان أحد القراء الذين قرءوا القرآن قال: ( قسمت خيبر على أهل الحديبية، فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم على ثمانية عشر سهماً, وكان الجيش ألفاً وخمسمائة, فيهم ثلاثمائة فارس، فأعطى الفارس سهمين، وأعطى الراجل سهماً ) ].

يعقوب غير معروف, مجهول.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا حسين بن علي العجلي قال: حدثنا يحيى يعني: ابن آدم قال: حدثنا ابن أبي زائدة عن محمد بن إسحاق عن الزهري و عبد الله بن أبي بكر وبعض ولد محمد بن مسلمة قالوا: ( بقيت بقية من أهل خيبر تحصنوا، فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحقن دماءهم ويسيرهم ففعل, فسمع بذلك أهل فدك فنزلوا على مثل ذلك, فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة، لأنه لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب ).

حدثنا محمد بن يحيى بن فارس قال: أخبرنا عبد الله بن محمد عن جويرية عن مالك عن الزهري أن سعيد بن المسيب أخبره ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم افتتح بعض خيبر عنوة ) ].

هذا الخبر والذي قبله مرسلاً.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ قال أبو داود: قرئ على الحارث بن مسكين وأنا شاهد أخبركم ابن وهب قال: حدثني مالك عن ابن شهاب أن خيبر كان بعضها عنوة وبعضها صلحاً, والكتيبة أكثرها عنوة وفيها صلح, قلت لـمالك: وما الكتيبة؟ قال: أرض خيبر وهي أربعون ألف عذق.

حدثنا ابن السرح قال: حدثنا ابن وهب قال: أخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال: ( بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم افتتح خيبر عنوة بعد القتال, ونزل من نزل من أهلها على الجلاء بعد القتال ).

حدثنا ابن السرح قال: حدثنا ابن وهب قال: أخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال: ( خمَّس رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر, ثم قسم سائرها على من شهدها ومن غاب عنها من أهل الحديبية ).

حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الرحمن عن مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر قال: ( لولا آخر المسلمين ما فتحت قرية إلا قسمتها كما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر )].

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ما جاء في خبر مكة

حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثنا ابن إدريس عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح جاءه العباس بن عبد المطلب بـأبي سفيان بن حرب فأسلم بمر الظهران, فقال له العباس: يا رسول الله, إن أبا سفيان رجل يحب هذا الفخر فلو جعلت له شيئاً, قال: نعم, من دخل دار أبي سفيان فهو آمن, ومن أغلق عليه بابه فهو آمن ).

حدثنا محمد بن عمرو الرازي قال: حدثنا سلمة يعني: ابن الفضل عن محمد بن إسحاق عن العباس بن عبد الله بن معبد عن بعض أهله عن ابن عباس قال: ( لما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم مر الظهران قال العباس: قلت: والله لئن دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة عنوة قبل أن يأتوه فيستأمنوه إنه لهلاك قريش, فجلست على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقلت: لعلي أجد ذا حاجة يأتي أهل مكة فيخبرهم بمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ليخرجوا إليه فيستأمنوه, فإني لأسير إذ سمعت كلام أبي سفيان وبديل بن ورقاء فقلت: يا أبا حنظلة, فعرف صوتي قال: أبو الفضل؟ قلت: نعم, قال: ما لك فداك أبي وأمي؟ قلت: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس, قال: فما الحيلة؟ قال: فركب خلفي ورجع صاحبه, فلما أصبح غدوت به على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم, قلت: يا رسول الله, إن أبا سفيان رجل يحب هذا الفخر فاجعل له شيئاً, قال: نعم, من دخل دار أبي سفيان فهو آمن, ومن أغلق عليه داره فهو آمن, ومن دخل المسجد فهو آمن, قال: فتفرق الناس إلى دورهم وإلى المسجد ).

حدثنا الحسن بن الصباح قال: حدثنا إسماعيل يعني: ابن عبد الكريم قال: حدثني إبراهيم بن عقيل بن معقل عن أبيه عن وهب بن منبه قال: ( سألت جابراً: هل غنموا يوم الفتح شيئاً؟ قال: لا ).

حدثنا مسلم بن إبراهيم قال: حدثنا سلام بن مسكين قال: حدثنا ثابت البناني عن عبد الله بن رباح الأنصاري عن أبي هريرة ( أن النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل مكة سرح الزبير بن العوام وأبا عبيدة بن الجراح وخالد بن الوليد على الخيل, وقال: يا أبا هريرة اهتف بالأنصار, قال: اسلكوا هذا الطريق فلا يشرفن لكم أحد إلا أنمتموه, فنادى مناد: لا قريش بعد اليوم, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من دخل داراً فهو آمن, ومن ألقى السلاح فهو آمن, وعمد صناديد قريش فدخلوا الكعبة فغص بهم, وطاف النبي صلى الله عليه وسلم وصلى خلف المقام, ثم أخذ بجنبتي الباب, فخرجوا فبايعوا النبي صلى الله عليه وسلم على الإسلام ).

قال: أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل وسأله رجل قال: مكة عنوة هي؟ قال: إيش يضرك ما كانت؟ قال: فصلح؟ قال: لا].

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: ما جاء في خبر الطائف

حدثنا الحسن بن الصباح قال: حدثنا إسماعيل يعني: ابن عبد الكريم قال: حدثني إبراهيم بن عقيل بن منبه عن أبيه عن وهب قال: ( سألت جابراً عن شأن ثقيف إذ بايعت؟ قال: اشترطت على النبي صلى الله عليه وسلم ألا صدقة عليها ولا جهاد, وأنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك يقول: سيتصدقون ويجاهدون إذا أسلموا ).

حدثنا أحمد بن علي بن سويد بن منجوف قال: حدثنا أبو داود عن حماد بن سلمة عن حميد عن الحسن عن عثمان بن أبي العاص ( أن وفد ثقيف لما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنزلهم المسجد؛ ليكون أرق لقلوبهم, فاشترطوا عليه ألا يحشروا ولا يعشروا ولا يجبوا, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لكم ألا تحشروا ولا تعشروا, ولا خير في دين ليس فيه ركوع ) ].

الصواب في هذا الحديث أنه مرسل من حديث الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم, ووصله مرجوح.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في حكم أرض اليمن

حدثنا هناد بن السري عن أبي أسامة عن مجالد عن الشعبي عن عامر بن شهر قال: ( خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت لي همدان: هل أنت آت هذا الرجل مرتاد لنا؟ فإن رضيت لنا شيئاً قبلناه، وإن كرهت شيئاً كرهناه, قلت: نعم, فجئت حتى قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرضيت أمره وأسلم قومي, وكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الكتاب إلى عمير ذي مران قال: وبعث مالك بن مرارة الرهاوي إلى اليمن جميعاً, فأسلم عك ذو خيوان قال: فقيل لـعك: انطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فخذ منه الأمان على قريتك ومالك, فقدم وكتب له رسول الله صلى الله عليه وسلم:

بسم الله الرحمن الرحيم. من محمد رسول الله لـعك ذي خيوان ؛ إن كان صادقاً في أرضه وماله ورقيقه فله الأمان وذمة الله وذمة محمد رسول الله, وكتب خالد بن سعيد بن العاص ).

حدثنا محمد بن أحمد القرشي وهارون بن عبد الله أن عبد الله بن الزبير حدثهم قال: حدثنا فرج بن سعيد قال: حدثني عمي ثابت بن سعيد يعني: ابن أبيض عن أبيه سعيد عن جده أبيض بن حمال ( أنه كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصدقة حين وفد عليه, فقال: يا أخا سبأ, لا بد من صدقة, فقال: إنما زرعنا القطن يا رسول الله, وقد تبددت سبأ ولم يبق منهم إلا قليل بمأرب, فصالح نبي الله صلى الله عليه وسلم على سبعين حلة من قيمة وفاء بز المعافر كل سنة عمن بقي من سبأ بمأرب, فلم يزالوا يؤدونها حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم, وإن العمال انتقضوا عليهم بعد قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما صالح أبيض بن حمال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحلل السبعين, فرد ذلك أبو بكر على ما وضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مات أبو بكر، فلما مات أبو بكر رضي الله عنه انتقض ذلك وصارت على الصدقة ) ].

هذا الحديث لا يصح؛ لأن في إسناده مجهولين وهما ثابت وأبوه.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: إخراج اليهود من جزيرة العرب

حدثنا سعيد بن منصور قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن سليمان الأحول عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصى بثلاثة: فقال: أخرجوا المشركين من جزيرة العرب, وأجيزوا الوفد بنحو مما كنت أجيزهم, قال ابن عباس: وسكت عن الثالثة, أو قال: فأنسيتها ).

حدثنا الحسن بن علي قال: حدثنا أبو عاصم وعبد الرزاق قالا: أخبرنا ابن جريج قال: أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: أخبرني عمر بن الخطاب ( أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب، فلا أترك فيها إلا مسلماً ).

حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا أبو أحمد محمد بن عبد الله قال: حدثنا سفيان عن أبي الزبير عن جابر عن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بمعناه والأول أتم.

حدثنا سليمان بن داود العتكي قال: حدثنا جرير عن قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تكون قبلتان في بلد واحد ) ].

وحديث قابوس: ( لا تكون قبلتان في جزيرة العرب ) أعله جماعة منهم الترمذي وأبو حاتم فأعلوه بالإرسال.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمود بن خالد قال: حدثنا عمر يعني: ابن عبد الواحد قال: قال سعيد يعني: ابن عبد العزيز: جزيرة العرب ما بين الوادي إلى أقصى اليمن إلى تخوم العراق إلى البحر.

قال أبو داود: قرئ على الحارث بن مسكين وأنا شاهد أخبرك أشهب بن عبد العزيز قال: قال مالك: عمر أجلى أهل نجران ولم يجل من تيماء؛ لأنها ليست من بلاد العرب, فأما الوادي فإني أرى أنما لم يجل من فيها من اليهود أنهم لم يروها من أرض العرب.

حدثنا ابن السرح قال: حدثنا ابن وهب قال: قال مالك: قد أجلى عمر رضي الله عنه يهود نجران وفدك ].

اختلف في اليمن هل هي من جزيرة العرب أم لا, فجاء عن يعقوب بن عبد الرحمن كما في البخاري أنه جعلها من جزيرة العرب, وبعض الأئمة لا يجعلها من جزيرة العرب, وهذا ظاهر قول الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح, وكأنه يحكيه عن عامة العلماء.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في إيقاف أرض السواد وأرض العنوة

حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال: حدثنا زهير قال: حدثنا سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( منعت العراق قفيزها ودرهمها, ومنعت الشام مديها ودينارها, ومنعت مصر إردبها ودينارها, ثم عدتم من حيث بدأتم, قالها زهير ثلاث مرات, شهد على ذلك لحم أبي هريرة ودمه ).

حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن همام بن منبه قال: ( هذا ما حدثنا به أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيما قرية أتيتموها وأقمتم فيها فسهمكم فيها, وأيما قرية عصت الله ورسوله فإن خمسها لله وللرسول، ثم هي لكم )].


استمع المزيد من الشيخ عبد العزيز الطَريفي - عنوان الحلقة اسٌتمع
كتاب الطهارة [5] 2709 استماع
كتاب الطهارة [8] 2689 استماع
كتاب الترجل - كتاب الخاتم 2318 استماع
كتاب الصلاة [21] 2312 استماع
كتاب الأيمان والنذور [2] 2305 استماع
كتاب الطهارة [9] 2297 استماع
كتاب الطهارة [2] 2222 استماع
كتاب الطهارة [4] 2166 استماع
كتاب الصلاة [20] 2129 استماع
كتاب الصلاة [6] 2119 استماع