كتاب الجهاد [6]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام علي نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين.

أما بعد:

فبأسانيدكم إلى الإمام أبي داود رحمه الله تعالى قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في المال يصيبه العدو من المسلمين ثم يدركه صاحبه في الغنيمة

حدثنا صالح بن سهيل قال: حدثنا يحيى يعني: ابن أبي زائدة عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر ( أن غلاماً لـابن عمر أبق إلى العدو فظهر عليه المسلمون فرده رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ابن عمر ولم يقسم ).

قال أبو داود: وقال غيره: رده عليه خالد بن الوليد .

حدثنا محمد بن سليمان الأنباري والحسن بن علي المعنى قال: حدثنا ابن نمير عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال: ( ذهب فرس له فأخذها العدو فظهر عليهم المسلمون فرد عليه في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبق عبد له فلحق بأرض الروم فظهر عليهم المسلمون فرده عليه خالد بن الوليد بعد النبي صلى الله عليه وسلم )].

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في عبيد المشركين يلحقون بالمسلمين فيسلمون

حدثنا عبد العزيز بن يحيى الحراني قال: حدثني محمد يعني: ابن سلمة عن محمد بن إسحاق عن أبان بن صالح عن منصور بن المعتمر عن ربعي بن حراش عن علي بن أبي طالب قال: ( خرج عبدان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني: يوم الحديبية قبل الصلح فكتب إليه مواليهم فقالوا: يا محمد! والله ما خرجوا إليك رغبةً في دينك، وإنما خرجوا هربًا من الرق، فقال ناس: صدقوا يا رسول الله ردهم إليهم، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: ما أراكم تنتهون يا معشر قريش حتى يبعث الله عليكم من يضرب رقابكم على هذا، وأبى أن يردهم وقال: هم عتقاء الله عز وجل ) ].

ويدل على أثر المادة والجاه في الإقبال على الحق أن الموالي والعبيد في حال أسرهم إذا دخلوا الإسلام لا يرجعون، وأكثر الناس تعنتاً هم الأسياد، مع أن الحجة واحدة والعقول واحدة ولكن النفوس ممتلئة بأشياء أخرى، فقلب العبد خال، وقلب الوضيع والضعيف خال من هم الدنيا والجاه والمال، ولهذا يملؤه الحق إذا جاءه، وأما بالنسبة لصاحب الجاه والسيد فنفسه ممتلئة بالهوى والطمع بذلك، فإذا جاءه الحق لم يجد محلاً له وامتنع من قبوله، وإذا قبله خوفاً ورهبة انتكس في حال زوال تلك الرهبة من قلبه.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في النهي عن النهبى إذا كان في الطعام قلة في أرض العدو

حدثنا سليمان بن حرب قال: حدثنا جرير يعني: ابن حازم عن يعلى بن حكيم عن أبي لبيد قال: ( كنا مع عبد الرحمن بن سمرة بكابل فأصاب الناس غنيمةً فانتهبوها، فقام خطيباً فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن النهبى، فردوا ما أخذوا، فقسمه بينهم ).

حدثنا محمد بن العلاء قال: حدثنا أبو معاوية قال: حدثنا أبو إسحاق الشيباني عن محمد بن أبي المجالد عن عبد الله بن أبي أوفى قال: قلت: ( هل كنتم تخمسون، يعني: الطعام في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: أصبنا طعاماً يوم خيبر، فكان الرجل يجيء فيأخذ منه مقدار ما يكفيه، ثم ينصرف ).

حدثنا هناد بن السري قال: حدثنا أبو الأحوص عن عاصم يعني: ابن كليب عن أبيه عن رجل من الأنصار قال: ( خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فأصاب الناس حاجة شديدة وجهد فأصابوا غنماً فانتهبوها، فإن قدورنا لتغلي إذ جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي على قوسه، فأكفأ قدورنا بقوسه ثم جعل يرمل اللحم بالتراب، ثم قال: إن النهبة ليست بأحل من الميتة، أو إن الميتة ليست بأحل من النهبة ) الشك من هناد].

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في حمل الطعام من أرض العدو

حدثنا سعيد بن منصور قال: حدثنا عبد الله بن وهب قال: أخبرني عمرو بن الحارث أن ابن خرشف الأزدي حدثه عن القاسم مولى عبد الرحمن عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( كنا نأكل الجزر في الغزو ولا نقسمه، حتى إن كنا لنرجع إلى رحالنا وأخرجتنا منه مملأة ) ].

ابن خرشف الأزدي مجهول.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في بيع الطعام إذا فضل عن الناس في أرض العدو

حدثنا محمد بن المصفى قال: حدثنا محمد بن المبارك عن يحيى بن حمزة قال: حدثنا أبو عبد العزيز شيخ من أهل الأردن عن عبادة بن نسي عن عبد الرحمن بن غنم قال: ( رابطنا مدينة قنسرين مع شرحبيل بن السمط، فلما فتحها أصاب فيها غنماً وبقراً فقسم فينا طائفةً منها وجعل بقيتها في المغنم، فلقيت معاذ بن جبل فحدثته، فقال معاذ: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر فأصبنا فيها غنماً، فقسم فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم طائفةً، وجعل بقيتها في المغنم )].

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الرخصة في السلاح يقاتل به في المعركة

حدثنا محمد بن العلاء قال: أخبرنا إبراهيم يعني: ابن يوسف، قال أبو داود: هو إبراهيم بن يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق السبيعي عن أبيه عن أبي إسحاق السبيعي قال: حدثني أبو عبيدة عن أبيه قال: ( مررت فإذا أبو جهل صريع قد ضربت رجله، فقلت: يا عدو الله يا أبا جهل قد أخزى الله الأخر، قال: ولا أهابه عند ذلك فقال: أبعد من رجل قتله قومه، فضربته بسيف غير طائل فلم يغن شيئاً حتى سقط سيفه من يده فضربته به حتى برد ) ].

أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود لم يسمع من أبيه شيئاً لكن سماعه محمول على الاتصال؛ لأنه يروي عن أهل بيت أبيه وإن لم يعرف عين من يروي عنه إلا أنهم جميعاً ثقات، ولا أعلم من أعل رواية أبي عبيدة عن أبيه بالانقطاع فردها، نعم الانقطاع ثابت لكن لا يردونها، والترمذي له إشارات إلى هذا المعنى في سننه وهو من المتقدمين، أما المتأخرون فإنهم يعلونها وليست بعلة.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في تعظيم الغلول

حدثنا مسدد أن يحيى بن سعيد وبشر بن المفضل حدثاهم عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن أبي عمرة عن زيد بن خالد الجهني: ( أن رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم توفي يوم خيبر فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: صلوا على صاحبكم، فتغيرت وجوه الناس لذلك فقال: إن صاحبكم غل في سبيل الله، ففتشنا متاعه فوجدنا خرزاً من خرز يهود لا يساوي درهمين ).

حدثنا القعنبي عن مالك عن ثور بن زيد الديلي عن أبي الغيث مولى ابن مطيع عن أبي هريرة أنه قال: ( خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام خيبر فلم نغنم ذهباً ولا ورقاً إلا الثياب والمتاع والأموال، قال: فوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو وادي القرى وقد أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم عبد أسود يقال له: مدعم، حتى إذا كانوا بوادي القرى فبينا مدعم يحط رحل رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه سهم فقتله، فقال الناس: هنيئاً له الجنة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: كلا والذي نفسي بيده إن الشملة التي أخذها يوم خيبر من المغانم لم تصبها المقاسم لتشتعل عليه ناراً، فلما سمعوا ذلك جاء رجل بشراك أو شراكين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: شراك من نار، أو قال: شراكان من نار )].

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الغلول إذا كان يسيراً يتركه الإمام ولا يحرق رحله

حدثنا أبو صالح محبوب بن موسى قال: أخبرنا أبو إسحاق الفزاري عن عبد الله بن شوذب قال: حدثني عامر يعني: ابن عبد الواحد عن ابن بريدة عن عبد الله بن عمرو قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أصاب غنيمةً أمر بلالاً فنادى في الناس، فيجيئون بغنائمهم فيخمسه ويقسمه قال: فجاء رجل بعد ذلك بزمام من شعر، فقال: يا رسول الله هذا فيما كنا أصبناه من الغنيمة، فقال: أسمعت بلالاً ينادي ثلاثاً؟ قال: نعم، قال: فما منعك أن تجيء به؟ فاعتذر إليه فقال: كن أنت تجيء به يوم القيامة فلن أقبله عنك )].