أرشيف المقالات

الصديق يرسل جيش أسامة وينقذ الموقف الصعب - مع الصديق رضي الله عنه - أبو الهيثم محمد درويش

مدة قراءة المادة : 7 دقائق .
 
الصديق يرسل جيش أسامة وينقذ الموقف الصعب
الصحابة رضي الله عنهم اختلفوا في إرسال جيش أسامة لأن العرب والعجم والمرتدين أصبحوا خطراً على الإسلام فكيف  يرسل الخليفة جنوده لملاقاة الروم في مثل هذه الظروف.
بجانب اختلافهم حول شخص أسامة بن زيد رضي الله عنه الذي يبلغ سنه فقط 18 عاماً.
ونسي الجميع أنها وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم التي أكد عليها بل وشد عليهم في تنفيذها فأبى الصديق إلا تنفيذ وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم وخشي من عصيان أمره بعد وفاته, فلما خرج الجيش واستمر أربعين يوماً خافت العرب وخاف المرتدون وارتدع الجميع وعلموا أن قوة الإسلام باقية ولم تمت بموت رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم فكان في تنفيذ وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم كل الخير للأمة من بعده.
قال محمد رضا في كتابه :  أبو بكر الصديق أول الخلفاء الراشدين
إرسال جيش أسامة بن زيد  .
- يوم الأربعاء 14 ربيع الأول سنة 11هـ (11 حزيران - يونيه 6م)
كان رسول الله قد استعمل أسامة بن زيد، وأمره بالتوجه إلى حدود الشام للأخذ بثأر من قتل في غزوة مؤتة، وقد كان رسول الله قد ضرب البعث على أهل المدينة ومَن حولها، وفيهم عمر بن الخطاب وعسكر جيش أسامة بالجُرْف فاشتكى رسول الله ثم وجد من نفسه راحة فخرج رسول الله عاصبا رأسه فقال:
(أيها الناس أنفذوا جيش أسامة) ثلاث مرات.
وقال: (إن تطعنوا في إمارته فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه من قبله، وايم الله إنه كان خليقا للإمارة، وايم الله إنه لمن أحب الناس إلي من بعده) .

وذلك لأن الناس طعنوا في إمارة أسامة، لأنه كان شابا لم يتم العشرين من عمره.
توفي رسول الله ولم يسر الجيش، وارتد كثير من العرب ونجم النفاق ، واشرأبت أعناق اليهود والنصارى وبققي المسلمون لا يدرون ماذا يصنعون لوفاة نبيهم، وقلة عددهم، وكثرة عدوهم.
فقال الناس لأبي بكر: إن جيش أسامة جند المسلمين، والعرب قد انتقضت بك فلا ينبغي أن تفرق عنك جماعة المسلمين.
فماذا يصنع أبو بكر؟ إنهم يعترضون على إمارة أسامة لصغر سنه، ويعترضون على إرسال جيش المسلمين لارتداد العرب، وقلة عدد المسلمين، وخزفهم على مركزهم بالمدينة.
غير أن رسول الله كان يشدد في إرسال جيش أسامة، وقد أخذ أبو بكر عهدا على نفسه بأن لا يعصي الله ورسوله.
فهل يخالف أمر رسول الله؟ كلا، فإن ذلك ليس من طبيعته ولا من خلقه، وإنما خلقه الثبات إلى آخر لحظة وتنفيذ أوامر رسول الله بكل دقة في كل كبيرة وصغيرة مهما كلفه ذلك لقوة إيمانه، وثبات يقينه وعملا بواجب الصداقة.
لهذا كانت إجابته للمعترضين في غاية القوة حيث قال:
(والذي نفس أبي بكر بيده لو ظننت أن السباع تخطفني لأنفذت بعث أسامة كما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو لم يبق في القرى غيري لأنفذته) .
وقال لعمر لما أرسله أسامة يستأذنه في الرجوع وطلب إليه الأنصار إن أبى أن يولي عليه من هو أقدم سنا من أسامة:
(لو خطفتني الكلاب والذئاب لم أرد قضاء قضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم) .
فقال عمر: إن الأنصار أمروني أن أبلغك وأنهم يطلبون إليك أن تولي أمرهم رجلا أقدم سنا من أسامة.
فوثب أبو بكر وكان جالسا يأخذ بلحية عمر فقال له:
(ثكلتك أمك وعدمتك يا ابن الخطاب، استعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم وتأمرني أن أنزِعَه) .
فخرج عمر إلى الناس بعد أم سمع ورأى من أبي بكر ما رأى.
فقالوا له: ما صنعت؟ فقال: امضوا ثكلتكم أمهاتكم، ما لقيت في سببكم من خليفة رسول الله.
وإجابة أبي بكر بهذه القوة تذكرنا بما قاله رسول الله لعمه أبي طالب حين ظن أنه قد خذله وضعف عن نصرته: (يا عماه لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك دونه فيه ما تركته) .
خرج أبو بكر حتى أتى الجيش وأشخصهم وشيعهم وهو ماش وأسامة راكب وعبد الرحمن بن عوف يقود دابة أبي بكر فقال له أسامة: يا خليفة رسول الله، والله لتركبن أو لأنزلن.
فقال (والله لا تنزل ووالله لا أركب وما علي أن أغبر قدمي في سبيل الله ساعة.
فإن للغازي بكل خطوة يخطوها سبعمائة حسنة تكتب له وسبعمائة درجة ترفع له وترفع عنه سبعمائة خطيئة)
حتى إذا انتهى قال إن رأيت أن تعينني بعمر فافعل، ومعنى ذلك أنه يستأذن أسامة - قائد الجيش - أن يترك له عمر لأنه كان في الجيش فأذن له  وكان إرسال الجيش بعد بيعة أبي بكر بيوم أعني يوم الأربعاء 14 من ربيع الأول.

وصية أبي بكر الجيش
- أوصى أبو بكر جيش أسامة فقال:
(يا أيها الناس قفوا أوصيكم بعشر فاحفظوها عني:
لا تخونوا، ولا تَغُلُّوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا طفلاً صغيراً أو شيخاً كبيراً ولا امرأة، ولا تعقروا نحلاً ولا تحرقوه، ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيراً إلا لمأكلة، وسوف تمرون بأقوام قد فرغوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له.
وسوف تقدمون على قوم يأتونكم بآنية فيها ألوان الطعام فإذا أكلتم منها شيئا فاذكروا اسم الله عليها.
وتلقون أقواما قد فحصوا أوساط رؤوسهم وتركوا حولها مثل العصائب فأخفقوهم بالسيف خفقاً.
اندفعوا باسم الله)
.
وقال لأسامة (إصنع ما أمرك به نبي الله صلى الله عليه وسلم.
ابدأ ببلاد قضاعة ثم ائت آبِلَ  ولا تقصرن من شئ من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تعجلن لما خلفت عن عهده)
.
فسار أسامة وأوقع بقبائل من قضاعة التي ارتدت وغنم وعاد وكانت غيبته أربعين يوما سوى مقامه ومنقلبه راجعا من غير أن يفقد أحدا من رجاله.
وكان إنفاذ جيش أسامة أعظم الأمور نفعا للمسلمين؛ فإن العرب قالوا لو لم يكن بالمسلمين قوة لما أرسلوا هذا الجيش فكفوا عن كثير مما كانوا يريدون أن يفعلوه.

شارك الخبر

المرئيات-١