أبواب التجارات [2]


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

قال المصنف رحمه الله: [ باب الأسواق ودخولها.

حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن سعيد قال: حدثني صفوان بن سليم قال: حدثني محمد و علي ابنا الحسن بن أبي الحسن البراد أن الزبير بن المنذر بن أبي أسيد الساعدي حدثهما أن أباه المنذر حدثه عن أبي أسيد أن أبا أسيد حدثه: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب إلى سوق النبيط، فنظر إليه فقال: ليس هذا لكم بسوق, ثم ذهب إلى سوق، فنظر إليه فقال: ليس هذا لكم بسوق, ثم رجع إلى هذا السوق، ثم قال: هذا سوقكم، فلا ينتقصن ولا يضربن عليه خراج ).

حدثنا إبراهيم بن المستمر العروقي قال: حدثنا أبي قال: حدثنا عبيس بن ميمون قال: حدثنا عون العقيلي عن أبي عثمان النهدي عن سلمان قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( من غدا إلى صلاة الصبح، غدا براية الإيمان، ومن غدا إلى السوق، غدا براية إبليس ).

حدثنا بشر بن معاذ الضرير قال: حدثنا حماد بن زيد عن عمرو بن دينار مولى آل الزبير عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من قال حين يدخل السوق: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو حي لا يموت، بيده الخير كله، وهو على كل شيء قدير، كتب الله له ألف ألف حسنة، ومحا عنه ألف ألف سيئة، وبنى له بيتاً في الجنة ) ].

قال المصنف رحمه الله: [ باب ما يرجى من البركة في البكور.

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا هشيم عن يعلى بن عطاء عن عمارة بن حديد عن صخر الغامدي ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( اللهم بارك لأمتي في بكورها. قال: وكان إذا بعث سرية أو جيشاً، بعثهم في أول النهار ).

قال: وكان صخر رجلاً تاجراً، فكان يبعث تجارته في أول النهار، فأثرى وكثر ماله.

حدثنا أبو مروان محمد بن عثمان العثماني قال: حدثنا محمد بن ميمون المدني عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( اللهم بارك لأمتي في بكورها يوم الخميس ).

حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب قال: حدثنا إسحاق بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين عن عبد الرحمن بن أبي بكر الجدعاني عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( اللهم بارك لأمتي في بكورها ) ].

وهذا الحديث جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام من طرق متعددة وكلها معلولة, ولكن معناه صحيح, أن البركة في البكور.

والبكور بركة في البيع وبركة في العلم, وذلك لصفاء الذهن, حتى للنظر والحجة؛ ولهذا جعل الله سبحانه وتعالى اختيار هذا الزمن لمناظرة موسى مع فرعون, وأن يحشر الناس ضحى؛ وذلك لصفاء الذهن, وراحته من كد نهار سابق, فيأتي بعد ذلك نوم, ثم يصفو الذهن, فأقرب الأزمنة لصفاء الذهن هو بعد الاستيقاظ التام من النوم, فيصفو الذهن للنظر والتأمل, وكذلك للمناظرة والمحاورة.

قال المصنف رحمه الله: [ باب بيع المصرّاة.

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة و علي بن محمد قالا: حدثنا أبو أسامة عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين

عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من ابتاع مصراة، فهو بالخيار ثلاثة أيام، فإن ردها رد معها من تمر، لا سمراء. يعني: الحنطة ).

حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب قال: حدثنا عبد الواحد بن زياد قال: حدثنا صدقة بن سعيد الحنفي قال: حدثنا جميع بن عمير التيمي حدثنا عبد الله بن عمر ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يا أيها الناس! من باع محفلة فهو بالخيار ثلاثة أيام، فإن ردها رد معها مثلي لبنها- أو قال: مثل لبنها- قمحاً ).

حدثنا محمد بن إسماعيل قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا المسعودي عن جابر عن أبي الضحى عن مسروق عن عبد الله بن مسعود أنه قال: أشهد على الصادق المصدوق أبي القاسم صلى الله عليه وسلم أنه حدثنا قال: ( بيع المحفلات خلابة، ولا تحل الخلابة لمسلم ) ].

والمراد بالخلابة هو الغش والخداع, ويتفق الصحابة عليهم رضوان الله تعالى على أن الإنسان إذا خودع في بيعه, فباع سلعته بما دون الثمن المعروف, أن هذا كاف في رد البيع, وقضى بذلك عمر , وكذلك أفتى به عبد الله بن عمر و العباس وجرير وغيرهم, ولا مخالف لهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم, وقد نص على أن هذا هو عمل الصحابة ولا مخالف لهم في ذلك جماعة من العلماء, كـابن حزم الأندلسي وغيره.

قال المصنف رحمه الله: [ باب عهدة الرقيق.

حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال: حدثنا عبدة بن سليمان عن سعيد عن قتادة عن الحسن إن شاء الله عن سمرة بن جندب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( عهدة الرقيق ثلاثة أيام ).

حدثنا عمرو بن رافع قال: حدثنا هشيم عن يونس بن عبيد عن الحسن عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا عهدة بعد أربع ) ].

قال المصنف رحمه الله: [ باب من باع عيباً فليبينه.

حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا وهب بن جرير قال: حدثنا أبي، سمعت يحيى بن أيوب يحدث عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الرحمن بن شماسة عن عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( المسلم أخو المسلم، ولا يحل لمسلم باع من أخيه بيعاً فيه عيب، إلا بينه له ) ].

وما كان له قيمة منفكة فيجوز بيعه, وما كان له قيمة ولكنها تبع فإنه لا يباع, وذلك كما تقدم في الحليب في الضرع, وكذلك الصوف على الظهر, حتى ينفصل, ويدخل في هذا أيضاً بيع الجنين في بطن أمه، وغير ذلك.

ولهذا ينص العلماء عليهم رحمة الله على جملة من المنهيات في مسائل البيع, ما لا يسمى مالاً منفكاً منفصلاً, فهذا ينهون عنه, ويضربون في ذلك أمثلة كبيع الحليب في الضرع, أو بيع حليب المرأة للرضاع ونحو ذلك, بأنه عادة لا يخرج كحال الحليب الذي يتناوله الناس من بهيمة الأنعام.

وكذلك بيع الهواء, ولكن مع تأخر الزمن أمكن ذلك, فأصبح الناس يبيعون حتى الهواء, يضعونه في أسطوانات, ثم يقومون ببيعه كأوكسجين, لهذا نقول: إن بعض الفقه الذي يطلقه السلف باعتبار عدم إمكان كونه محازاً منفكاً, فإنهم ينهون عن بيعه ويقولون بعدم جوازه, ولكن إذا أمكن ذلك حينئذ يقال بجواز بيعه.

قال: [ حدثنا عبد الوهاب بن الضحاك قال: حدثنا بقية بن الوليد عن معاوية بن يحيى عن مكحول و سليمان بن موسى عن واثلة بن الأسقع قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( من باع عيباً لم يبينه، لم يزل في مقت الله، ولم تزل الملائكة تلعنه ) ].

قال المصنف رحمه الله: [ باب النهي عن التفريق بين السبي.

حدثنا علي بن محمد و محمد بن إسماعيل قالا: حدثنا وكيع قال: حدثنا سفيان عن جابر عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن عبد الله بن مسعود قال: ( كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتي بالسبي، أعطى أهل البيت جميعاً، كراهية أن يفرق بينهم ).

حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا عفان عن حماد قال: أخبرنا الحجاج عن الحكم عن ميمون بن أبي شبيب: ( عن علي قال: وهب لي رسول الله صلى الله عليه وسلم غلامين أخوين، فبعت أحدهما، فقال: ما فعل الغلامان؟ قلت: بعت أحدهما. قال: رده ).

حدثنا محمد بن عمر بن الهياج قال: حدثنا عبيد الله بن موسى قال: حدثنا إبراهيم بن إسماعيل عن طليق بن عمران عن أبي بردة عن أبي موسى قال: ( لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من فرق بين الوالد وولده، وبين الأخ وبين أخيه ) ].

وهذا من رحمته عليه الصلاة والسلام بالخلق, وكذلك فطرة هذا الدين, وذلك بأنه حتى لو كان حق للإنسان أن يبيع فلا يجوز أن يبيع ويفرق بين الأم وولدها, ولا الأب وابنه أو ابنته, ولا بين الأخ وأخيه, بل يبيعهم سواء, وهذا حق لهم وحق للرحم, وأرأف بالقلب.

قال المصنف رحمه الله: [ باب شراء الرقيق.

حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا عباد بن ليث صاحب الكرابيسي قال: حدثنا عبد المجيد بن وهب قال: ( قال لي العداء بن خالد بن هوذة: ألا نقرئك كتاباً كتبه لي رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: قلت: بلى، فأخرج لي كتاباً فإذا فيه: هذا ما اشترى العداء بن خالد بن هوذة من محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، اشترى منه عبداً- أو أمة- لا داء ولا غائلة ولا خبثة، بيع المسلم للمسلم ).

حدثنا عبد الله بن سعيد قال: حدثنا أبو خالد الأحمر عن ابن عجلان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا اشترى أحدكم الجارية فليقل: اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه، وليدع بالبركة، وإذا اشترى أحدكم بعيراً فليأخذ بذروة سنامه، وليدع بالبركة وليقل مثل ذلك ) ].

قال المصنف رحمه الله: [ باب الصرف وما لا يجوز متفاضلاً يداً بيد.

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة و علي بن محمد و هشام بن عمار و نصر بن علي و محمد بن الصباح قالوا: حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن مالك بن أوس بن الحدثان النصري قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الذهب بالورق رباً إلا هاء وهاء، والبر بالبر رباً إلا هاء وهاء، والشعير بالشعير رباً إلا هاء وهاء، والتمر بالتمر رباً إلا هاء وهاء ).

حدثنا حميد بن مسعدة قال: حدثنا يزيد بن زريع (ح)

وحدثنا محمد بن خالد بن خداش قال: حدثنا إسماعيل بن علية قالا: حدثنا سلمة بن علقمة التميمي قال: حدثنا محمد بن سيرين أن مسلم بن يسار و عبد الله بن عبيد حدثاه قالا: ( جمع المنزل بين عبادة بن الصامت و معاوية إما في كنيسة وإما في بيعة، فحدثهم عبادة بن الصامت فقال: نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الورق بالورق، والذهب بالذهب، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر- قال أحدهما: والملح بالملح، ولم يقله الآخر- وأمرنا أن نبيع البر بالشعير، والشعير بالبر يداً بيد، كيف شئنا ).

والكنيسة التي تكون في البلدان التي تفتح, فهذه تبقى على ما هي عليه لأهلها, إلا أنه لا يبنى جديد فيها, وهذا باتفاق الأئمة, وأما القرى التي يمصرها المسلمون, يعني: هم الذين أنشئوها, ولو تكاثر فيها النصارى واليهود فلا يجوز أن تبنى فيها الكنائس ولا البيع, ولهذا جاء عن عبد الله بن عباس عليه رضوان الله أنه قال: أيما مصر مصرته العرب فلا تبنى به كنيسة, أو ليس للعجم أن يبنوا به كنيسة, ولا يعلم لـعبد الله بن عباس عليه رضوان الله تعالى مخالف في هذا, وإنما الخلاف عند بعض الفقهاء من أهل الرأي بعد أبي حنيفة عليه رحمة الله, في بعض سواد المشركين من أهل الكتاب، والذين يكون لهم قرى في الضواحي وليس في المدن, ويكون سوادهم فيها أكثر, يقول بعض أهل الرأي: إن لهم أن يبنوا فيها، إذا كانت البلدة هي سوادهم, وهي بلدة أصلية لهم, وليست بلدة أنشأها المسلمون فوردوا إليها, فهذا قول شاذ, لا يوافقهم عليه أحد من القرن الأول ولا من القرن الثاني من الصحابة والتابعين.

قال: [ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا يعلى بن عبيد قال: حدثنا فضيل بن غزوان عن ابن أبي نعم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( الفضة بالفضة والذهب بالذهب، والشعير بالشعير، والحنطة بالحنطة، مثلاً بمثل ).

حدثنا أبو كريب قال: حدثنا عبدة بن سليمان عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي سعيد قال: ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يرزقنا تمراً من تمر الجمع، فنستبدل به تمراً هو أطيب منه ونزيد في السعر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يصلح صاع تمر بصاعين، ولا درهم بدرهمين، والدرهم بالدرهم والدينار بالدينار، لا فضل بينهما إلا وزناً ) ].

قال المصنف رحمه الله: [ باب من قال: لا ربا إلا في النسيئة.

حدثنا محمد بن الصباح قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار: ( عن أبي صالح قال: سمعت أبا سعيد الخدري يقول: الدرهم بالدرهم والدينار بالدينار، فقلت: إني سمعت ابن عباس يقول غير ذلك قال: أما إني لقيت ابن عباس، فقلت: أخبرني عن هذا الذي تقول في الصرف، أشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، أم شيء وجدته في كتاب الله؟ فقال: ما وجدته في كتاب الله، ولا سمعته من رسول الله، ولكن قال: أخبرني أسامة بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنما الربا في النسيئة ).

حدثنا أحمد بن عبدة قال: أخبرنا حماد بن زيد عن سليمان بن علي الربعي عن أبي الجوزاء قال: ( سمعته يأمر بالصرف- يعني ابن عباس- ويحدث ذلك عنه، ثم بلغني أنه رجع عن ذلك، فلقيته بمكة، فقلت: إنه بلغني أنك رجعت؟ قال: نعم، إنما كان ذلك رأياً مني، وهذا أبو سعيد يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الصرف ) ].

وفي هذا أنه مهما بلغ الإنسان علماً يقع منه الزلل والمخالفة الصريحة أيضاً, ولا يسعه إلا أن يرجع إلى الحق إذا ظهر له الدليل, فالمؤمن أواب رجاع إلى الحق, والذي لا يرجع مع ظهور الدليل, ويبحث عن مخرج وتأويل لغيره, هذا المتكبر, الذي يحافظ على ثبات نفسه لا على ثبات الحق, والمؤمن الصادق هو الذي يهمه ثبات الحق, وسلامته, ولو كان ذلك على سبيل عدم سلامة نفسه أو سمعته, أو الإساءة إليه.




استمع المزيد من الشيخ عبد العزيز الطريفي - عنوان الحلقة اسٌتمع
أبواب الأذان والسنة فيها 2555 استماع
أبواب التجارات [1] 2411 استماع
أبواب الوصايا 2398 استماع
أبواب الطهارة وسننها [3] 2389 استماع
أبواب الأحكام 2351 استماع
أبواب الجنائز [2] 2276 استماع
أبواب الحدود 2234 استماع
أبواب الزكاة 2231 استماع
أبواب المساجد والجماعات 2222 استماع
أبواب الرهون 2178 استماع