أبواب السنة [4]


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

قال المصنف رحمه الله: [ باب في ذكر الخوارج.

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا إسماعيل بن علية، عن أيوب، عن محمد بن سيرين، عن عبيدة، عن علي بن أبي طالب، قال: ( وذكر الخوارج فقال: فيهم رجل مخدج اليد، أو مودون اليد، أو مثدون اليد، ولولا أن تبطروا لحدثتكم بما وعد الله الذين يقتلونهم على لسان محمد صلى الله عليه وسلم، قلت: أنت سمعته من محمد صلى الله عليه وسلم؟ قال: إي ورب الكعبة، إي ورب الكعبة، إي ورب الكعبة، ثلاث مرات ).

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وعبد الله بن عامر بن زرارة، قالا: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول الناس، يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، فمن لقيهم فليقتلهم، فإن قتلهم أجر عند الله لمن قتلهم ) ].

المدخل الذي دُخل منه الخوارج

وذلك بسبب عدم تدبرهم، وإنما ظهر واشتهر وأصبح شراً مستطيراً ظهور الخوارج على أمة الإسلام، وقراءتهم للقرآن وعنايتهم بذلك، وإكثارهم من ذلك أكثر من غيرهم لأنهم لا يدركون معانيه ولا يتدبرون فيها؛ ولهذا ما من بدعة ظهرت في الأمة إلا وأصلها العجب، وأكثر الخوارج الذين يقرءون القرآن ويمرقون منه كما يمرق السهم من الرمية أصولهم لا تعود إلى العرب، فلديهم إما عجمة ذاتية، أو عجمة موروثة، فيأخذون من القرآن ما يوافق أهواءهم، فخالفوا أمر الله جل وعلا في كثير من المواضع.

قال: [ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، قال: ( قلت لـأبي سعيد الخدري: هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر في الحرورية شيئاً؟ فقال: سمعته يذكر قوماً يتعبدون، يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصومه مع صومهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، أخذ سهمه فنظر في نصله فلم ير شيئاً، فنظر في رصافه فلم ير شيئاً، فنظر في قدحه فلم ير شيئاً، فنظر في القذذ فتمارى هل يرى شيئاً أم لا ) ].

الرجال يعرفون بالحق ولا يعرف الحق بهم

ولهذا نقول: إن الإنسان ينبغي أن ينظر إلى الحق والدليل لا ينظر إلى ذات الإنسان من جهة عبادته، فلا أكثر تعبداً من الرهبان ولا من الأحبار، فينقطعون حتى لا يتزوجون، ينقطعون للآلهة، ومع ذلك هم أضل الناس، فهي عاملة في الدنيا، ناصبة في نار جهنم، ولهذا نقول: لا يغتر الإنسان بما يظهر من ورع الإنسان وعبادته وصلاته ونحو ذلك، وإنما ينظر إلى مقامه في السنة، ولهذا الإمام أحمد عليه رحمة الله يقول في بشر كما ذكر القاضي ابن أبي يعلى في الطبقات قال: لا يغركم تنكيسه لرأسه، وإنما انظروا إلى مقامه من السنة. لا ينظر إلى تدين الإنسان وتعبده حتى ينظر إلى مقامه من الأمر والنهي وتعظيم الوحي.

قال: [ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا أبو أسامة، عن سليمان بن المغيرة، عن حميد بن هلال، عن عبد الله بن الصامت، عن أبي ذر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن بعدي من أمتي -أو سيكون بعدي من أمتي- قوم يقرءون القرآن لا يجاوز حلوقهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، ثم لا يعودون فيه، هم شرار الخلق والخليقة )، قال عبد الله بن الصامت: فذكرت ذلك لـرافع بن عمرو أخي الحكم بن عمرو الغفاري، فقال: وأنا أيضاً قد سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وسويد بن سعيد، قالا: حدثنا أبو الأحوص، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ليقرأن القرآن ناس من أمتي يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ).

حدثنا محمد بن الصباح، قال: أخبرنا سفيان بن عيينة، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله، قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجعرانة وهو يقسم التبر والغنائم، وهو في حجر بلال، فقال رجل: اعدل يا محمد فإنك لم تعدل. فقال: ويلك ومن يعدل بعدي إذا لم أعدل؟ فقال عمر: دعني يا رسول الله حتى أضرب عنق هذا المنافق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن هذا في أصحاب أو أصيحاب له يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ) ].

الرغبة في الدنيا أساس كل بدعة

وهذا فيه إشارة أيضاً إلى أن أهل البدع إنما يظهرون لأجل الدنيا، ولهذا قال للنبي عليه الصلاة والسلام: اعدل. لما أخذ النبي عليه الصلاة والسلام يقسم التبر من الذهب وبقية الغنائم، أراد العدل في ذلك، ولا شك أن هذا ضرب من ضروب التشكيك في رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ولهذا نقول: إن طوائف البدع من الخوارج وغيرهم إنما يظهرون لأجل الدنيا لا لأجل الدين، وإن وجدت شبهة فيطوعونها ثم تكون ديناً، ولهذا القاعدة: أنه ما من شبهة إلا ونشأت على شهوة، فأول بذرة الشبهات تنشأ بالشهوات، ثم تكون شبهة، ثم تصبح مذهباً متبوعاً، وهذه قاعدة، ولكن تتحول بعد ذلك عبر أجيال إلى عقيدة، ولكن أصلها وبذرتها شهوة، إما شهوة مالية، أو غريزة من الغرائز التي يجبل أو يفطر على اكتسابها الإنسان.

قال: [ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا إسحاق الأزرق، عن الأعمش، عن ابن أبي أوفى، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الخوارج كلاب النار ).

حدثنا هشام بن عمار، قال: حدثنا يحيى بن حمزة، قال: حدثنا الأوزاعي، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( ينشأ نشء يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، كلما خرج قرن قطع )، قال ابن عمر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( كلما خرج قرن قطع أكثر من عشرين مرة حتى يخرج في عراضهم الدجال ) ].

وهذا فيه إشارة إلى أن الفرق الضالة تمرض، ولكن لا تموت، وتبقى وتتحول إما إلى أسماء أو تندمج مع غيرها، ثم تعود بعد ذلك.

قال: [ حدثنا بكر بن خلف أبو بشر، قال: حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يخرج قوم في آخر الزمان، أو في هذه الأمة يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم أو حلوقهم، سيماهم التحليق، إذا رأيتموهم أو إذا لقيتموهم فاقتلوهم ).

حدثنا سهل بن أبي سهل، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن أبي غالب، عن أبي أمامة رضي الله عنه يقول: ( شر قتلى قتلوا تحت أديم السماء، وخير قتلى من قتلوا كلاب أهل النار، قد كان هؤلاء مسلمين فصاروا كفاراً، قلت: يا أبا أمامة هذا شيء تقوله؟ قال: بل سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ].

وذلك بسبب عدم تدبرهم، وإنما ظهر واشتهر وأصبح شراً مستطيراً ظهور الخوارج على أمة الإسلام، وقراءتهم للقرآن وعنايتهم بذلك، وإكثارهم من ذلك أكثر من غيرهم لأنهم لا يدركون معانيه ولا يتدبرون فيها؛ ولهذا ما من بدعة ظهرت في الأمة إلا وأصلها العجب، وأكثر الخوارج الذين يقرءون القرآن ويمرقون منه كما يمرق السهم من الرمية أصولهم لا تعود إلى العرب، فلديهم إما عجمة ذاتية، أو عجمة موروثة، فيأخذون من القرآن ما يوافق أهواءهم، فخالفوا أمر الله جل وعلا في كثير من المواضع.

قال: [ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، قال: ( قلت لـأبي سعيد الخدري: هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر في الحرورية شيئاً؟ فقال: سمعته يذكر قوماً يتعبدون، يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصومه مع صومهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، أخذ سهمه فنظر في نصله فلم ير شيئاً، فنظر في رصافه فلم ير شيئاً، فنظر في قدحه فلم ير شيئاً، فنظر في القذذ فتمارى هل يرى شيئاً أم لا ) ].

ولهذا نقول: إن الإنسان ينبغي أن ينظر إلى الحق والدليل لا ينظر إلى ذات الإنسان من جهة عبادته، فلا أكثر تعبداً من الرهبان ولا من الأحبار، فينقطعون حتى لا يتزوجون، ينقطعون للآلهة، ومع ذلك هم أضل الناس، فهي عاملة في الدنيا، ناصبة في نار جهنم، ولهذا نقول: لا يغتر الإنسان بما يظهر من ورع الإنسان وعبادته وصلاته ونحو ذلك، وإنما ينظر إلى مقامه في السنة، ولهذا الإمام أحمد عليه رحمة الله يقول في بشر كما ذكر القاضي ابن أبي يعلى في الطبقات قال: لا يغركم تنكيسه لرأسه، وإنما انظروا إلى مقامه من السنة. لا ينظر إلى تدين الإنسان وتعبده حتى ينظر إلى مقامه من الأمر والنهي وتعظيم الوحي.

قال: [ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا أبو أسامة، عن سليمان بن المغيرة، عن حميد بن هلال، عن عبد الله بن الصامت، عن أبي ذر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن بعدي من أمتي -أو سيكون بعدي من أمتي- قوم يقرءون القرآن لا يجاوز حلوقهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، ثم لا يعودون فيه، هم شرار الخلق والخليقة )، قال عبد الله بن الصامت: فذكرت ذلك لـرافع بن عمرو أخي الحكم بن عمرو الغفاري، فقال: وأنا أيضاً قد سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وسويد بن سعيد، قالا: حدثنا أبو الأحوص، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ليقرأن القرآن ناس من أمتي يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ).

حدثنا محمد بن الصباح، قال: أخبرنا سفيان بن عيينة، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله، قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجعرانة وهو يقسم التبر والغنائم، وهو في حجر بلال، فقال رجل: اعدل يا محمد فإنك لم تعدل. فقال: ويلك ومن يعدل بعدي إذا لم أعدل؟ فقال عمر: دعني يا رسول الله حتى أضرب عنق هذا المنافق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن هذا في أصحاب أو أصيحاب له يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ) ].

وهذا فيه إشارة أيضاً إلى أن أهل البدع إنما يظهرون لأجل الدنيا، ولهذا قال للنبي عليه الصلاة والسلام: اعدل. لما أخذ النبي عليه الصلاة والسلام يقسم التبر من الذهب وبقية الغنائم، أراد العدل في ذلك، ولا شك أن هذا ضرب من ضروب التشكيك في رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ولهذا نقول: إن طوائف البدع من الخوارج وغيرهم إنما يظهرون لأجل الدنيا لا لأجل الدين، وإن وجدت شبهة فيطوعونها ثم تكون ديناً، ولهذا القاعدة: أنه ما من شبهة إلا ونشأت على شهوة، فأول بذرة الشبهات تنشأ بالشهوات، ثم تكون شبهة، ثم تصبح مذهباً متبوعاً، وهذه قاعدة، ولكن تتحول بعد ذلك عبر أجيال إلى عقيدة، ولكن أصلها وبذرتها شهوة، إما شهوة مالية، أو غريزة من الغرائز التي يجبل أو يفطر على اكتسابها الإنسان.

قال: [ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا إسحاق الأزرق، عن الأعمش، عن ابن أبي أوفى، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الخوارج كلاب النار ).

حدثنا هشام بن عمار، قال: حدثنا يحيى بن حمزة، قال: حدثنا الأوزاعي، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( ينشأ نشء يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، كلما خرج قرن قطع )، قال ابن عمر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( كلما خرج قرن قطع أكثر من عشرين مرة حتى يخرج في عراضهم الدجال ) ].

وهذا فيه إشارة إلى أن الفرق الضالة تمرض، ولكن لا تموت، وتبقى وتتحول إما إلى أسماء أو تندمج مع غيرها، ثم تعود بعد ذلك.

قال: [ حدثنا بكر بن خلف أبو بشر، قال: حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يخرج قوم في آخر الزمان، أو في هذه الأمة يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم أو حلوقهم، سيماهم التحليق، إذا رأيتموهم أو إذا لقيتموهم فاقتلوهم ).

حدثنا سهل بن أبي سهل، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن أبي غالب، عن أبي أمامة رضي الله عنه يقول: ( شر قتلى قتلوا تحت أديم السماء، وخير قتلى من قتلوا كلاب أهل النار، قد كان هؤلاء مسلمين فصاروا كفاراً، قلت: يا أبا أمامة هذا شيء تقوله؟ قال: بل سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ].

قال المصنف رحمه الله: [ باب فيما أنكرت الجهمية.

حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، قال: حدثنا أبي، ووكيع (ح)

وحدثنا علي بن محمد، قال: حدثنا خالي يعلى، ووكيع، وأبو معاوية، قالوا: حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن جرير بن عبد الله، قال: ( كنا جلوساً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظر إلى القمر ليلة البدر، فقال: إنكم سترون ربكم كما ترون القمر لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا، ثم قرأ: وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ [ق:39] ).

حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، قال: حدثنا يحيى بن عيسى الرملي، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( تضامون في رؤية القمر ليلة البدر؟ قالوا: لا، قال: فكذلك لا تضامون في رؤية ربكم يوم القيامة ).

حدثنا محمد بن العلاء الهمداني، قال: حدثنا عبد الله بن إدريس، عن الأعمش، عن أبي صالح السمان، عن أبي سعيد، قال: ( قلنا: يا رسول الله! أنرى ربنا؟ قال: تضارون في رؤية الشمس في الظهيرة في غير سحاب؟ قلنا: لا، قال: فتضارون في رؤية القمر ليلة البدر في غير سحاب؟ قالوا: لا، قال: إنكم لا تضارون في رؤيته إلا كما تضارون في رؤيتهما ) ].

وهذا تشبيه للرؤية بالرؤية، وليس تشبيهاً للمرئي بالمرئي، فالله عز وجل لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11].

قال: [ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا حماد بن سلمة، عن يعلى بن عطاء، عن وكيع بن حدس، عن عمه أبي رزين، قال: قلت: ( يا رسول الله أكلنا نرى الله يوم القيامة، وما آية ذلك في خلقه؟ قال: يا أبا رزين أليس كلكم يرى القمر مخلياً به؟ قلت: بلى، قال: فالله أعظم، وذلك آية في خلقه ).

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا حماد بن سلمة، عن يعلى بن عطاء، عن وكيع بن حدس، عن عمه أبي رزين، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ضحك ربنا من قنوط عباده وقرب غِيَره، قال: قلت: يا رسول الله! أو يضحك الرب؟! قال: نعم، قلت: لن نعدم من رب يضحك خيراً ).

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ومحمد بن الصباح، قالا: حدثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا حماد بن سلمة، عن يعلى بن عطاء، عن وكيع بن حدس، عن عمه أبي رزين، قال: ( قلت: يا رسول الله! أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه؟ قال: كان في عماء ما تحته هواء وما فوقه هواء، وما ثم خلق، عرشه على الماء ).

حدثنا حميد بن مسعدة، قال: حدثنا خالد بن الحارث، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، عن صفوان بن محرز المازني، قال: ( بينما نحن مع عبد الله بن عمر، وهو يطوف بالبيت إذ عرض له رجل فقال: يا ابن عمر! كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر في النجوى؟ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يدنى المؤمن من ربه يوم القيامة حتى يضع عليه كنفه، ثم يقرره بذنوبه، هل تعرف، فيقول: يا رب أعرف، حتى إذا بلغ منه ما شاء أن يبلغ، قال: إني سترتها عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم، قال: ثم يعطى صحيفة حسناته وكتابه بيمينه، قال: وأما الكافر أو المنافق فينادى على رؤوس الأشهاد- قال خالد: في الأشهاد شيء من انقطاع- هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ [هود:18] ) ].

محاسبة المؤمن على ذنبه يوم القيامة

وفي هذا دليل لبعض العلماء من السلف الذين يقولون: إن الإنسان حتى لو تاب من ذنب فإن الله عز وجل يقره على ذنبه، يسأله عنه ثم لا يعذبه عليه، يعني: أنه لا يمحى من صحيفته بالكلية، ومن العلماء وهم الجمهور يقولون: إن الإنسان إذا تاب من ذنب فإن الله عز وجل يمحو عنه ذنبه كله، فوجوده حينئذ كعدمه ولا يسأل عنه، ومنهم من يقول: بل يسأل، وهذا مقتضى الإحصاء على العباد، فيسأل عن ذنبه، ويُذكر إياه، ثم لا يعذبه الله عز وجل على ذلك.

قال: [ حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، قال: حدثنا أبو عاصم العباداني، قال: حدثنا الفضل الرقاشي، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( بينا أهل الجنة في نعيمهم إذ سطع لهم نور فرفعوا رءوسهم، وإذا الرب قد أشرف عليهم من فوقهم، فقال: السلام عليكم يا أهل الجنة. قال: وذلك قول الله سَلامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ [يس:58]، قال: فينظر إليهم وينظرون إليه، فلا يلتفتون إلى شيء من النعيم ما داموا ينظرون إليه حتى يحتجب عنهم، ويبقى نوره وبركته عليهم في ديارهم ).

حدثنا علي بن محمد، قال: حدثنا وكيع، عن الأعمش، عن خيثمة، عن عدي بن حاتم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر عن أيمن منه فلا يرى إلا شيئاً قدمه، ثم ينظر من عن أيسر منه فلا يرى إلا شيئاً قدمه، ثم ينظر أمامه فتستقبله النار، فمن استطاع منكم أن يتقي النار ولو بشق تمرة فليفعل ).

حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا أبو عبد الصمد عبد العزيز بن عبد الصمد، قال: حدثنا أبو عمران الجوني، عن أبي بكر بن عبد الله بن قيس الأشعري، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما، وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم تبارك وتعالى إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن ) ].

الصلاة على النبي عند ذكره

ينبغي للإنسان عند ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو تكرر أن يصلي عليه عليه الصلاة والسلام، وهل يجب ذلك في كل مرة كما قراءتنا هنا أم لا؟ نقول: هذا على حالين: الحالة الأولى: أنه لا يرد ذكر النبي عليه الصلاة والسلام إلا في موضع واحد فهذا يجب، ويجب مرة، ويستحب فيما بعد ذلك ويتأكد؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام وصف الذي يُذكر عنده ولم يصل عليه بالبخل.

والبخل على نوعين: نوع محرم، وهو الذي يمنع الإنسان من الزكاة، فمن يمنع الزكاة يأثم بذلك، ونوع مكروه وليس بمحرم، وهو الإنسان الذي يمنعه البخل من الإنفاق إذا رأى مسكيناً أو اعترضه محتاج، أو الإنفاق أيضاً في سبيل الله عز وجل في أمور الصدقات العامة، فهذا نوع من البخل المكروه، لهذا نقول: تسقط زكاة الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذكره مرة، ثم يستحب بعد ذلك، فينتقل الإنسان إلى الاستحباب، وتركه حينئذ مكروه.

وقوله هنا: ( جنتان )، المعلوم أنها جنان، وجاءت بالجمع، فنقول: إن كل جنة من الجنتين هي على مراتب وهي جنان أيضاً.

قال: [ حدثنا عبد القدوس بن محمد، قال: حدثنا حجاج، قال: حدثنا حماد، عن ثابت البناني، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن صهيب، قال: ( تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ [يونس:26] وقال: إذا دخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، نادى مناد: يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعداً يريد أن ينجزكموه، فيقولون: ما هو ألم يثقل الله موازيننا، ويبيض وجوهنا، ويدخلنا الجنة، وينجنا من النار؟ قال: فيكشف الحجاب فينظرون إليه، فوالله ما أعطاهم الله شيئاً أحب إليهم من النظر- يعني: إليه- ولا أقر لأعينهم ).

حدثنا علي بن محمد، قال: حدثنا أبو معاوية، قال: حدثنا الأعمش، عن تميم بن سلمة، عن عروة بن الزبير، عن عائشة قالت: الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات، لقد جاءت المجادلة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأنا في ناحية البيت تشكو زوجها، وما أسمع ما تقول، فأنزل الله قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا [المجادلة:1].

حدثنا محمد بن يحيى، قال: حدثنا صفوان بن عيسى، عن ابن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( كتب ربكم على نفسه بيده قبل أن يخلق الخلق: رحمتي سبقت غضبي ).

حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي، ويحيى بن حبيب بن عربي، قالا: حدثنا موسى بن إبراهيم، عن كثير الأنصاري الحرامي، قال: سمعت طلحة بن خراش، قال: سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يقول: ( لما قتل عبد الله بن عمرو بن حرام يوم أحد لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا جابر ألا أخبرك ما قال الله لأبيك؟ ) وقال يحيى في حديثه فقال: ( يا جابر ما لي أراك منكسراً. قال: يا رسول الله استشهد أبي وترك عيالاً وديناً، قال: أفلا أبشرك بما لقي الله به أباك؟ قال: بلى يا رسول الله، قال: ما كلم الله أحداً قط إلا من وراء حجاب، وكلم أباك كفاحاً، فقال: يا عبدي تمن علي أعطك، قال: يا رب تحييني فأقتل فيك ثانية، فقال الرب سبحانه: إنه سبق مني أنهم إليها لا يرجعون، قال: يا رب فأبلغ من ورائي، قال فأنزل الله تعالى: وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ [آل عمران:169] ) ].

مشروعية تفقد المسلم لحال إخوانه ومواساتهم

وفي هذا أنه يستحب للإنسان إذا رأى على وجه أحد حزناً أو هماً أن يسأله عن ذلك، ولهذا النبي عليه الصلاة والسلام يسأل من يلقى من أصحابه إذا رآه منكسراً أو حزيناً أو مهموماً، فربما كان لديه حاجة فيقوم بقضائها، أو هم يقوم بالتفريج عنه، أو كربة يقوم بتنفيسها، فهذا لا شك أنه لا يقوم بذلك إلا غني الخلق، عظيم الكرم في الأدب والسلوك كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم على خلق عظيم.

قال: [ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله يضحك إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما دخل الجنة، يقاتل هذا في سبيل الله فيستشهد، ثم يتوب الله على قاتله فيسلم فيقاتل في سبيل الله فيستشهد ) ].

الإسلام يجب ما قبله

وفي هذا أن الإنسان لا يؤاخذ في الدماء في حال كفره إذا أسلم، ولهذا بعدما قتل أسلم ثم قاتل، وكذلك في قصة وحشي لما قتل حمزة ودخل الإسلام لم يقتص منه النبي عليه الصلاة والسلام لما فعله في حال كفره، بل بقي مسلماً، ثم بعد ذلك أبلى بلاء حسناً، وقتل مسيلمة، وجعل هذا مكان هذا، فكان صحابياً جليلاً عظم إسلامه عليه رضوان الله.

قال: [ حدثنا حرملة بن يحيى، ويونس بن عبد الأعلى، قالا: حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب، قال: حدثني سعيد بن المسيب، أن أبا هريرة رضي الله عنه كان يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يقبض الله الأرض يوم القيامة ويطوي السماء بيمينه، ثم يقول: أنا الملك أين ملوك الأرض ).

حدثنا محمد بن يحيى، قال: حدثنا محمد بن الصباح، قال: حدثنا الوليد بن أبي ثور الهمداني، عن سماك، عن عبد الله بن عميرة، عن الأحنف بن قيس، عن العباس بن عبد المطلب، قال: ( كنت بالبطحاء في عصابة وفيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمرت به سحابة فنظر إليها، فقال: ما تسمون هذه؟ قالوا: السحاب، قال: والمزن، قالوا: والمزن، قال: والعنان، قال أبو بكر قالوا: والعنان، قال: كم ترون بينكم وبين السماء؟ قالوا: لا ندري، قال: فإن بينكم وبينها إما واحدة أو اثنتين أو ثلاثاً وسبعين سنة، والسماء فوقها كذلك، حتى عد سبع سموات، ثم فوق السماء السابعة بحر بين أعلاه وأسفله كما بين سماء إلى سماء، ثم فوق ذلك ثمانية أوعال بين أظلافهن وركبهن كما بين سماء إلى سماء، ثم على ظهورهن العرش بين أعلاه وأسفله كما بين سماء إلى سماء، ثم الله فوق ذلك تبارك وتعالى ).

حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا قضى الله أمراً في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعاناً لقوله كأنه سلسلة على صفوان، فـ إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ [سبأ:23]، قال: فيسمعها مسترقو السمع بعضهم فوق بعض، فيسمع الكلمة فيلقيها إلى من تحته، فربما أدركه الشهاب قبل أن يلقيها إلى الذي تحته، فيلقيها على لسان الكاهن أو الساحر، فربما لم يدرك حتى يلقيها فيكذب معها مائة كذبة، فتصدق تلك الكلمة التي سمعت من السماء ).

حدثنا علي بن محمد، قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن أبي عبيدة، عن أبي موسى، قال: ( قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس كلمات فقال: إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل الليل، حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه ).

حدثنا علي بن محمد، قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا المسعودي، عن عمرو بن مرة، عن أبي عبيدة، عن أبي موسى، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، حجابه النور، لو كشفها لأحرقت سبحات وجهه كل شيء أدركه بصره )، ثم قرأ أبو عبيدة: أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [النمل:8].

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا محمد بن إسحاق، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( يمين الله ملأى لا يغيضها شيء، سحاء الليل والنهار، وبيده الأخرى الميزان، يرفع القسط ويخفض، قال: أرأيت ما أنفق منذ خلق الله السموات والأرض فإنه لم ينقص مما في يديه شيئاً ).

حدثنا هشام بن عمار، ومحمد بن الصباح، قالا: حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم، قال: حدثني أبي عن عبيد الله بن مقسم، عن عبد الله بن عمر، أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يقول: ( يأخذ الجبار سمواته وأرضه بيده، وقبض بيده، فجعل يقبضها ويبسطها، ثم يقول: أنا الجبار أين الجبارون أين المتكبرون؟ قال: ويتميل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن يمينه وعن يساره حتى نظرت إلى المنبر يتحرك من أسفل شيء منه، حتى إني لأقول أساقط هو برسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ).

حدثنا هشام بن عمار، قال: حدثنا صدقة بن خالد، قال: حدثنا ابن جابر، قال: سمعت بسر بن عبيد الله يقول: سمعت أبا إدريس الخولاني يقول: حدثني النواس بن سمعان الكلابي، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( ما من قلب إلا بين إصبعين من أصابع الرحمن إن شاء أقامه وإن شاء أزاغه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يا مثبت القلوب ثبت قلوبنا على دينك، قال: والميزان بيد الرحمن يرفع أقواماً ويخفض آخرين إلى يوم القيامة ).

حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء، قال: حدثنا عبد الله بن إسماعيل، عن مجالد، عن أبي الوداك، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله ليضحك إلى ثلاثة: للصف في الصلاة، وللرجل يصلي في جوف الليل، وللرجل يقاتل- أراه قال- خلف الكتيبة ) ].

تفاوت العباد في وزن أعمالهم يوم القيامة

هنا الميزان له كفتان، من العباد من يحاسب الله عز وجل ويزن له، ومنهم من يدخله الله عز وجل الجنة بغير حساب، ومنهم من يجعل الله عز وجل له كفتين يزن بهما وهم جمهور الخلق، ومنهم من ليس له إلا وزن بكفة واحدة وهي السيئات من المشركين الكفرة؛ لأنه ليس لديهم حسنات، ومنهم من له كفة واحدة، وهي كفة الحسنات، الذين غفر الله عز وجل لهم ما تقدم من ذنوبهم وما تأخر، وعلى رأسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولهذا نقول: إن الله سبحانه وتعالى يجعل العباد في ذلك على مراتب.

قال: [ حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا عبد الله بن رجاء، قال: حدثنا إسرائيل، عن عثمان -يعني: ابن المغيرة الثقفي- عن سالم بن أبي الجعد، عن جابر بن عبد الله، قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه على الناس في الموسم فيقول: ألا رجل يحملني إلى قومه، فإن قريشاً قد منعوني أن أبلغ كلام ربي ).

حدثنا هشام بن عمار، قال: حدثنا الوزير بن صبيح، قال: حدثنا يونس بن حلبس، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء: ( عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ [الرحمن:29]، قال: من شأنه أن يغفر ذنباً، ويفرج كرباً، ويرفع قوماً ويخفض آخرين ) ].

استغلال وسائل الإعلام في الدعوة بين السلب والإيجاب

وفيه قول النبي عليه الصلاة والسلام: ( ألا رجل يحملني إلى قومه )، يعني: يبلغ، وفي هذا أنه يجوز للإنسان أن يعتضد ولو بمشرك ليوصل صوته، وهذا يخرج عليه الخروج في بعض القنوات السيئة لإيصال الحق فيها، ولكن نقول: إن خروج الإنسان في القنوات الفضائية التي ليست على منهج صحيح على نوعين:

النوع الأول: ما يدحض به الإنسان الشر الذي تروج له أمثال هذه القنوات، حتى لا يكون خروجه إقراراً لها، فحينئذ إذا كانت تروج للشرك ينقض الشرك، إذا كانت تروج للبدعة ينقض البدعة، ويدعو أيضاً إلى غيرها من توحيد الله سبحانه وتعالى، وأركان الإسلام وغير ذلك من أصول الإسلام وفروعه.

النوع الثاني: أن يخرج الإنسان في شيء من القنوات ووسائل الإعلام، ولكنه يدعو إلى شيء من الإسلام، لكن لا يخالف ما عليه مجرى تلك القناة، كانت تدعو إلى الشرك ترك الشرك ودعا إلى غيره، أو كانت تناقض في جانب من الجوانب فيدعو إلى غيره، حينئذ وجوده ترويج ولو دعا إلى حق، حينئذ يتوسط الإنسان في هذا الجانب، فيدعو إلى الحق الذي توافقه تلك الوسيلة الإعلامية أو تخالفه، وهذا من السياسة الشرعية في ذلك.

فالنبي عليه الصلاة والسلام أراد من هؤلاء المشركين أن يحملوه إلى ما يخالف به قومهم من الوثنية، فلا يريد هو أن يرجع إلى شيء يريدونه، فيدعو إلى ما دون ذلك من مكارم الأخلاق وإكرام الضيف والخلق وحسن الجوار وغير ذلك من شيم العرب، بل أراد النبي عليه الصلاة والسلام أن يحمل ويدعو إلى التوحيد، وكذلك بيان خطر الشرك.

ولهذا نقول: إن الإنسان في خروجه في القنوات الفضائية أو في وسائل الإعلام يكون على هذين الحالين، حال مشروعة، وحال ممنوعة حتى لا يلبس الإنسان دينه بشيء من الباطل، ولا يلبس دين الناس بشيء من الترويج للباطل.

كثير من القنوات الفضائية يخرج فيها صالحون يدعون إلى شيء من تعاليم الإسلام، ولكن بما لا يخالف منهج القناة، أو منهج الوسيلة الإعلامية تلك، فيدعو إلى مكارم الأخلاق، والآداب، وسير الصحابة، وسير الأنبياء، والمغازي وغير ذلك، فكأنه يحصر الإسلام في جانب تربية وسلوك وأدب، ويغيب الجانب الأعظم في ذلك وهو التوحيد، وكذلك أركان الإسلام، والأمور العظيمة التي لا يجعلون للإسلام بصلة بها كما تدعو إليه المدارس العقلية المستفيضة اليوم، يقولون: إن الإسلام هو تربية وسلوك وتهذيب للنفوس، وهو أمور فردية، وهؤلاء يعينون على تشكيل هذه المدرسة من حيث لا يشعرون، وتغييب هذا الجانب الأعظم هو من الأمور الخطيرة، فينبغي للإنسان ألا ينظر إلى الحق بذاته، بل ينظر إليه بسياقه، يعني: ما سبق منه وما لحق، ومنزلته فيه، فربما الشيء الحسن إذا نظرت إليه بسياقه ذممته ورددته ولو كان حقاً في ذاته، وربما الشيء السيئ الذي لا ترتضيه بذاته لو نظرت إليه في سياقه لاستحسنته، وهذا من تمام الحكمة أن ينظر إليها الإنسان سواء في هذه المسألة

وفي هذا دليل لبعض العلماء من السلف الذين يقولون: إن الإنسان حتى لو تاب من ذنب فإن الله عز وجل يقره على ذنبه، يسأله عنه ثم لا يعذبه عليه، يعني: أنه لا يمحى من صحيفته بالكلية، ومن العلماء وهم الجمهور يقولون: إن الإنسان إذا تاب من ذنب فإن الله عز وجل يمحو عنه ذنبه كله، فوجوده حينئذ كعدمه ولا يسأل عنه، ومنهم من يقول: بل يسأل، وهذا مقتضى الإحصاء على العباد، فيسأل عن ذنبه، ويُذكر إياه، ثم لا يعذبه الله عز وجل على ذلك.

قال: [ حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، قال: حدثنا أبو عاصم العباداني، قال: حدثنا الفضل الرقاشي، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( بينا أهل الجنة في نعيمهم إذ سطع لهم نور فرفعوا رءوسهم، وإذا الرب قد أشرف عليهم من فوقهم، فقال: السلام عليكم يا أهل الجنة. قال: وذلك قول الله سَلامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ [يس:58]، قال: فينظر إليهم وينظرون إليه، فلا يلتفتون إلى شيء من النعيم ما داموا ينظرون إليه حتى يحتجب عنهم، ويبقى نوره وبركته عليهم في ديارهم ).

حدثنا علي بن محمد، قال: حدثنا وكيع، عن الأعمش، عن خيثمة، عن عدي بن حاتم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر عن أيمن منه فلا يرى إلا شيئاً قدمه، ثم ينظر من عن أيسر منه فلا يرى إلا شيئاً قدمه، ثم ينظر أمامه فتستقبله النار، فمن استطاع منكم أن يتقي النار ولو بشق تمرة فليفعل ).

حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا أبو عبد الصمد عبد العزيز بن عبد الصمد، قال: حدثنا أبو عمران الجوني، عن أبي بكر بن عبد الله بن قيس الأشعري، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما، وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم تبارك وتعالى إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن ) ].

ينبغي للإنسان عند ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو تكرر أن يصلي عليه عليه الصلاة والسلام، وهل يجب ذلك في كل مرة كما قراءتنا هنا أم لا؟ نقول: هذا على حالين: الحالة الأولى: أنه لا يرد ذكر النبي عليه الصلاة والسلام إلا في موضع واحد فهذا يجب، ويجب مرة، ويستحب فيما بعد ذلك ويتأكد؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام وصف الذي يُذكر عنده ولم يصل عليه بالبخل.

والبخل على نوعين: نوع محرم، وهو الذي يمنع الإنسان من الزكاة، فمن يمنع الزكاة يأثم بذلك، ونوع مكروه وليس بمحرم، وهو الإنسان الذي يمنعه البخل من الإنفاق إذا رأى مسكيناً أو اعترضه محتاج، أو الإنفاق أيضاً في سبيل الله عز وجل في أمور الصدقات العامة، فهذا نوع من البخل المكروه، لهذا نقول: تسقط زكاة الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذكره مرة، ثم يستحب بعد ذلك، فينتقل الإنسان إلى الاستحباب، وتركه حينئذ مكروه.

وقوله هنا: ( جنتان )، المعلوم أنها جنان، وجاءت بالجمع، فنقول: إن كل جنة من الجنتين هي على مراتب وهي جنان أيضاً.

قال: [ حدثنا عبد القدوس بن محمد، قال: حدثنا حجاج، قال: حدثنا حماد، عن ثابت البناني، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن صهيب، قال: ( تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ [يونس:26] وقال: إذا دخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، نادى مناد: يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعداً يريد أن ينجزكموه، فيقولون: ما هو ألم يثقل الله موازيننا، ويبيض وجوهنا، ويدخلنا الجنة، وينجنا من النار؟ قال: فيكشف الحجاب فينظرون إليه، فوالله ما أعطاهم الله شيئاً أحب إليهم من النظر- يعني: إليه- ولا أقر لأعينهم ).

حدثنا علي بن محمد، قال: حدثنا أبو معاوية، قال: حدثنا الأعمش، عن تميم بن سلمة، عن عروة بن الزبير، عن عائشة قالت: الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات، لقد جاءت المجادلة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأنا في ناحية البيت تشكو زوجها، وما أسمع ما تقول، فأنزل الله قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا [المجادلة:1].

حدثنا محمد بن يحيى، قال: حدثنا صفوان بن عيسى، عن ابن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( كتب ربكم على نفسه بيده قبل أن يخلق الخلق: رحمتي سبقت غضبي ).

حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي، ويحيى بن حبيب بن عربي، قالا: حدثنا موسى بن إبراهيم، عن كثير الأنصاري الحرامي، قال: سمعت طلحة بن خراش، قال: سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يقول: ( لما قتل عبد الله بن عمرو بن حرام يوم أحد لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا جابر ألا أخبرك ما قال الله لأبيك؟ ) وقال يحيى في حديثه فقال: ( يا جابر ما لي أراك منكسراً. قال: يا رسول الله استشهد أبي وترك عيالاً وديناً، قال: أفلا أبشرك بما لقي الله به أباك؟ قال: بلى يا رسول الله، قال: ما كلم الله أحداً قط إلا من وراء حجاب، وكلم أباك كفاحاً، فقال: يا عبدي تمن علي أعطك، قال: يا رب تحييني فأقتل فيك ثانية، فقال الرب سبحانه: إنه سبق مني أنهم إليها لا يرجعون، قال: يا رب فأبلغ من ورائي، قال فأنزل الله تعالى: وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ [آل عمران:169] ) ].

وفي هذا أنه يستحب للإنسان إذا رأى على وجه أحد حزناً أو هماً أن يسأله عن ذلك، ولهذا النبي عليه الصلاة والسلام يسأل من يلقى من أصحابه إذا رآه منكسراً أو حزيناً أو مهموماً، فربما كان لديه حاجة فيقوم بقضائها، أو هم يقوم بالتفريج عنه، أو كربة يقوم بتنفيسها، فهذا لا شك أنه لا يقوم بذلك إلا غني الخلق، عظيم الكرم في الأدب والسلوك كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم على خلق عظيم.

قال: [ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله يضحك إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما دخل الجنة، يقاتل هذا في سبيل الله فيستشهد، ثم يتوب الله على قاتله فيسلم فيقاتل في سبيل الله فيستشهد ) ].

وفي هذا أن الإنسان لا يؤاخذ في الدماء في حال كفره إذا أسلم، ولهذا بعدما قتل أسلم ثم قاتل، وكذلك في قصة وحشي لما قتل حمزة ودخل الإسلام لم يقتص منه النبي عليه الصلاة والسلام لما فعله في حال كفره، بل بقي مسلماً، ثم بعد ذلك أبلى بلاء حسناً، وقتل مسيلمة، وجعل هذا مكان هذا، فكان صحابياً جليلاً عظم إسلامه عليه رضوان الله.

قال: [ حدثنا حرملة بن يحيى، ويونس بن عبد الأعلى، قالا: حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب، قال: حدثني سعيد بن المسيب، أن أبا هريرة رضي الله عنه كان يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يقبض الله الأرض يوم القيامة ويطوي السماء بيمينه، ثم يقول: أنا الملك أين ملوك الأرض ).

حدثنا محمد بن يحيى، قال: حدثنا محمد بن الصباح، قال: حدثنا الوليد بن أبي ثور الهمداني، عن سماك، عن عبد الله بن عميرة، عن الأحنف بن قيس، عن العباس بن عبد المطلب، قال: ( كنت بالبطحاء في عصابة وفيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمرت به سحابة فنظر إليها، فقال: ما تسمون هذه؟ قالوا: السحاب، قال: والمزن، قالوا: والمزن، قال: والعنان، قال أبو بكر قالوا: والعنان، قال: كم ترون بينكم وبين السماء؟ قالوا: لا ندري، قال: فإن بينكم وبينها إما واحدة أو اثنتين أو ثلاثاً وسبعين سنة، والسماء فوقها كذلك، حتى عد سبع سموات، ثم فوق السماء السابعة بحر بين أعلاه وأسفله كما بين سماء إلى سماء، ثم فوق ذلك ثمانية أوعال بين أظلافهن وركبهن كما بين سماء إلى سماء، ثم على ظهورهن العرش بين أعلاه وأسفله كما بين سماء إلى سماء، ثم الله فوق ذلك تبارك وتعالى ).

حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا قضى الله أمراً في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعاناً لقوله كأنه سلسلة على صفوان، فـ إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ [سبأ:23]، قال: فيسمعها مسترقو السمع بعضهم فوق بعض، فيسمع الكلمة فيلقيها إلى من تحته، فربما أدركه الشهاب قبل أن يلقيها إلى الذي تحته، فيلقيها على لسان الكاهن أو الساحر، فربما لم يدرك حتى يلقيها فيكذب معها مائة كذبة، فتصدق تلك الكلمة التي سمعت من السماء ).

حدثنا علي بن محمد، قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن أبي عبيدة، عن أبي موسى، قال: ( قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس كلمات فقال: إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل الليل، حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه ).

حدثنا علي بن محمد، قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا المسعودي، عن عمرو بن مرة، عن أبي عبيدة، عن أبي موسى، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، حجابه النور، لو كشفها لأحرقت سبحات وجهه كل شيء أدركه بصره )، ثم قرأ أبو عبيدة: أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [النمل:8].

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا محمد بن إسحاق، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( يمين الله ملأى لا يغيضها شيء، سحاء الليل والنهار، وبيده الأخرى الميزان، يرفع القسط ويخفض، قال: أرأيت ما أنفق منذ خلق الله السموات والأرض فإنه لم ينقص مما في يديه شيئاً ).

حدثنا هشام بن عمار، ومحمد بن الصباح، قالا: حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم، قال: حدثني أبي عن عبيد الله بن مقسم، عن عبد الله بن عمر، أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يقول: ( يأخذ الجبار سمواته وأرضه بيده، وقبض بيده، فجعل يقبضها ويبسطها، ثم يقول: أنا الجبار أين الجبارون أين المتكبرون؟ قال: ويتميل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن يمينه وعن يساره حتى نظرت إلى المنبر يتحرك من أسفل شيء منه، حتى إني لأقول أساقط هو برسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ).

حدثنا هشام بن عمار، قال: حدثنا صدقة بن خالد، قال: حدثنا ابن جابر، قال: سمعت بسر بن عبيد الله يقول: سمعت أبا إدريس الخولاني يقول: حدثني النواس بن سمعان الكلابي، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( ما من قلب إلا بين إصبعين من أصابع الرحمن إن شاء أقامه وإن شاء أزاغه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يا مثبت القلوب ثبت قلوبنا على دينك، قال: والميزان بيد الرحمن يرفع أقواماً ويخفض آخرين إلى يوم القيامة ).

حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء، قال: حدثنا عبد الله بن إسماعيل، عن مجالد، عن أبي الوداك، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله ليضحك إلى ثلاثة: للصف في الصلاة، وللرجل يصلي في جوف الليل، وللرجل يقاتل- أراه قال- خلف الكتيبة ) ].

هنا الميزان له كفتان، من العباد من يحاسب الله عز وجل ويزن له، ومنهم من يدخله الله عز وجل الجنة بغير حساب، ومنهم من يجعل الله عز وجل له كفتين يزن بهما وهم جمهور الخلق، ومنهم من ليس له إلا وزن بكفة واحدة وهي السيئات من المشركين الكفرة؛ لأنه ليس لديهم حسنات، ومنهم من له كفة واحدة، وهي كفة الحسنات، الذين غفر الله عز وجل لهم ما تقدم من ذنوبهم وما تأخر، وعلى رأسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولهذا نقول: إن الله سبحانه وتعالى يجعل العباد في ذلك على مراتب.

قال: [ حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا عبد الله بن رجاء، قال: حدثنا إسرائيل، عن عثمان -يعني: ابن المغيرة الثقفي- عن سالم بن أبي الجعد، عن جابر بن عبد الله، قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه على الناس في الموسم فيقول: ألا رجل يحملني إلى قومه، فإن قريشاً قد منعوني أن أبلغ كلام ربي ).

حدثنا هشام بن عمار، قال: حدثنا الوزير بن صبيح، قال: حدثنا يونس بن حلبس، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء: ( عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ [الرحمن:29]، قال: من شأنه أن يغفر ذنباً، ويفرج كرباً، ويرفع قوماً ويخفض آخرين ) ].




استمع المزيد من الشيخ عبد العزيز الطَريفي - عنوان الحلقة اسٌتمع
أبواب الأذان والسنة فيها 2548 استماع
أبواب التجارات [1] 2404 استماع
أبواب الوصايا 2389 استماع
أبواب الطهارة وسننها [3] 2378 استماع
أبواب الأحكام 2341 استماع
أبواب الجنائز [2] 2264 استماع
أبواب الحدود 2227 استماع
أبواب الزكاة 2219 استماع
أبواب المساجد والجماعات 2215 استماع
أبواب الرهون 2169 استماع