خطب ومحاضرات
لقاء الباب المفتوح [43]
الحلقة مفرغة
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فهذا هو اللقاء الثاني في هذا الشهر. شهر جمادى الثانية عام (1414هـ) والذي يتم في كل خميس من كل أسبوع.
وقد حصل بهذا اللقاء -ولله الحمد- خير كثير؛ حيث انتفع الناس به، مِن الحاضرين، ومِن الذين يستمعونه عبر الشريط وغيره، ولا شك أن هذا من نعمة الله سبحانه وتعالى على عباده في هذا الزمن الذي ضعفت فيه الهمم، وقلَّ فيه الطالبون للعلم؛ لكن جاء الله تعالى بهذه الوسائل العظيمة الكثيرة السهلة، فيستطيع الإنسان أن ينتفع بالعلم وهو يمشي في سيارته، أو وهو يأكل؛ يتغدى ويتعشى، أو وهو يشرب القهوة، أو في أي حال.
ولقاؤنا هذا اليوم يشتمل على تفسير بقية سورة البروج وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ [البروج:1]، وعلى ما يرد من أسئلة نجيب عنها بتوفيق الله سبحانه وتعالى.
تفسير قوله تعالى: (بل الذين كفروا في تكذيب)
قوله: (الَّذِينَ كَفَرُوا) يشمل كل من كفر بالله ورسوله، سواء كان من المشركين، أو من اليهود، أو من النصارى، أو من غيرهم، وذلك لأن اليهود والنصارى الآن وبعد بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم ليسوا على دين، ولا تنفعهم أديانهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء، فمن لم يؤمن به فليس على شيء من دينه؛ بل إنه سبق لنا أن مَن لم يؤمن برسول واحد من الرسل فهو كافر بجميع الرسل، فمثلاً: مَن لم يؤمن بنوح أنه رسول، ولو آمن بغيره من الأنبياء فإنه مكذب لجميع الأنبياء، والدليل على هذا قوله تعالى: كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ [الشعراء:105] فبين الله أن هؤلاء كذبوا جميع الرسل مع أنهم لم يكذبوا إلا رسولاً واحداً؛ إذْ أنه ليس قبل نوح رسول.
كذلك الذي كذب بمحمد صلى الله عليه وسلم فهو مكذِّب لغيره من الرسل.
فإذا ادَّعت اليهود أنهم على دين، وأنهم يتبعون التوراة التي جاء بها موسى، نقول لهم: أنتم كافرون بِموسى، كافرون بالتوراة.
وإذا ادَّعت النصارى -الذين يُسَمُّون أنفسهم اليوم بالمسيحيين- أنهم مؤمنون بعيسى، قلنا لهم: كذبتم، أنتم كافرون بعيسى؛ لأنكم كافرون بمحمد عليه الصلاة والسلام.
والعجب أن هؤلاء اليهود والنصارى يكفرون بمحمد عليه الصلاة والسلام مع أنهم يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ [الأعراف:157].. ويَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ [البقرة:146] أبناءهم؛ لكن العناد والكبرياء والحسد مَنَعَهم أن يؤمنوا بمحمد عليه الصلاة والسلام وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ [البقرة:109].
فالحاصل أن قوله تعالى: (بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا) يشمل كل من كفر بمحمد حتى من اليهود والنصارى، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: (والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي من هذه الأمة -أي: أمة الدعوة- يهودي ولا نصراني، ثم لا يؤمن بما جئتُ به إلا كان من أصحاب النار).
كل الكفار فِي تَكْذِيبٍ [البروج:19]، وقال: (فِي تَكْذِيبٍ) فجعل التكذيب كالظرف لهم، أي: أنه محيط بهم من كل جانب -والعياذ بالله-.
تفسير قوله تعالى: (والله من ورائهم محيط)
تفسير قوله تعالى: (بل هو قرآن مجيد...)
(بَلْ هُوَ) أي: ما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام.
(قُرْآنٌ مَجِيدٌ) أي: ذو عَظَمة ومجد، ووَصْفُ القرآن بأنه مجيد لا يعني أن المجد وصفٌ للقرآن نفسِه فقط، بل هو وصف للقرآن ولِمَن تحمَّل هذا القرآن فحمله، وقام بواجبه مِن تلاوته حق تلاوته، فإنه سيكون له المجد والعزة والرفعة.
وقوله تعالى: فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ [البروج:22] يعني بذلك: اللوح المحفوظ عند الله عز وجل الذي هو أم الكتاب، كما قال الله تبارك وتعالى: يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ [الرعد:39]، هذا اللوح لو سألنا سائل: من أي مادة هو؟
نقول: الله أعلم!
فلو قال: هل هو من خشب؟ أو من حديد؟ أو من زجاج؟ أو من ذهب؟ أو من فضة؟
لقلنا: لا ندري. هو لوح كتب الله فيه مقادير كل شيء، ومن جملة ما كَتَبَ فيه: أن هذا القرآن سينزل على محمد صلى الله عليه وسلم، فهو في لوح محفوظ.
قال العلماء: محفوظ: لا يناله أحد، محفوظٌ عن التبديل والتغيير، والتبديل والتغيير إنما يكون في الكتب الأخرى؛ لأن الكتابة من الله عز وجل أنواع، وأرجو أن تنتبهوا لهذا:
النوع الأول: الكتابة في اللوح المحفوظ :
وهذه الكتابة لا تُبَدَّل ولا تُغَيَّر، ولهذا سماه الله لوحاً محفوظاً، لا يمكن أن يُبَدَّل أو يُغَيَّر ما فيه، لأنه هو النهائي.
النوع الثاني: الكتابة على بني آدم وهم في بطون أمهاتهم:-
لأن الإنسان في بطن أمه إذا تم له أربعة أشهر بعث الله إليه ملكاً موكَّلاً بالأرحام، فينفخ فيه الروح -بإذن الله-؛ لأن الجسد عبارة عن قطعة من لحم، إذا نفخت فيه الروح صار إنساناً، ويؤمر بأربع كلمات: بكتب رزقِه، وأجَلِه، وعملِه، وشقيٍّ أو سعيد.
النوع الثالث: الكتابة الحولية كل سنة :-
وهي الكتابة التي تكون في ليلة القدر، فإن الله سبحانه وتعالى يقدر في هذه الليلة ما يكون في تلك السنة، قال الله تبارك وتعالى: فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ [الدخان:4]، فيكتب في هذه الليلة ما يكون في تلك السنة.
النوع الرابع: كتابة الصحف التي في أيدي الملائكة :-
وهذه الكتابة تكون بعد العمل.
والكتابات الثلاث السابقة كلها تكون قبل العمل، لكن الكتابة الأخيرة هذه تكون بعد العمل، يُكتَب على الإنسان ما يعمل من قول بلسانه، أو فعل بجوارحه، أو اعتقاد بقلبه، فإن الملائكة الموكلين بحفظ بني آدم -أي: بحفظ أعمالهم- يكتبون، قال الله تعالى: كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ * وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَاماً كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ [الانفطار:9-12].
فهذه الكتابة الأخيرة تختلف عن الكتابات الثلاث السابقة؛ لأنها كتابةُ ما بعد العمل حتى يُكتَب على الإنسان ما عمل، فإذا كان يوم القيامة فإنه يُعطَى هذا الكتاب، كما قال الله تعالى: وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنْشُوراً * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً [الإسراء:13-14] يعني: تُعطَى الكتاب، ويقال: أنت اقرأ، وحاسب نفسك، قال بعض السلف : لقد أنصفَك مَن جعلك حسيباً على نفسك.
وهذا صحيح، أيُّ إنصاف أبلغ من أن يقال لشخص: تفضَّل، هذا ما عملت، حاسِب نفسك! أليس هذا هو الإنصاف؟! أكبر إنصاف هو هذا.
فيوم القيامة تعطى هذا الكتاب منشوراً مفتوحاً أمامك ليس مغلقاً، تقرأ ويتبين لك أنك عملت في يوم كذا، في مكان كذا: كذا وكذا، فهو شيء محفوظ لا يتغير، وإذا أنكرتَ فهناك مَن يشهد عليك، يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ [النور:24] يقول اللسان: نطقتُ بكذا، وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [النور:24] تقول اليد: بطشتُ، وتقول الرجل: مشيتُ، بل يقول الجلد أيضاً، فالجلود تشهد بما لَمِسَت، وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [فصلت:21].
المهم الآن أن اللوح المحفوظ هو هذا اللوح الذي كتب الله فيه مقادير كل شيء، وهو محفوظ من التغيير، محفوظ من أن يناله أحد، والله سبحانه وتعالى يعلم ما كَتَب فيه، وقلنا: إنه محفوظ لأنه لا يتغير، وما بأيدي الملائكة يتغير، وقلنا: إن الكتابات أربعة:
الأولى: كتابة اللوح المحفوظ.
والثانية: كتابة الأجنة.
والثالثة: الكتابة الحولية، تكون في ليلة القدر.
والرابعة: كتابة الأعمال بعد وقوعها، وتكون هذه بأيدي الملائكة، عن اليمين واحد من الملائكة، وعن الشمال واحد، يسجلان على الإنسان كلَّ ما يقول، نحن الآن نسجل في شريط في المسجل، فلا يفوت شيء من كلامنا، حتى النَّفَس يُدْرَك بهذا الشريط.
فالملائكة أيضاً يكتبون كل شيء: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [ق:18] وقوله: مِنْ قَوْلٍ [ق:18] يقول علماء البلاغة عنها: إن النكرة في سياق النفي تفيد العموم، أيْ: أنَّ أيَّ قول تقوله فعندك رقيب عتيد حاضر لا يغيب عنك.
ويذكر أن الإمام أحمد رحمه الله كان مريضاً، وكان يئن في مرضه من شدة المرض، فدخل عليه أحد أصحابه، وقال: يا أبا عبد الله إن طاوساً -وهو رجل من التابعين معروف- يقول: إن الملائكة تكتُب على الإنسان حتى أنينه في مرضه، فأمسك -رحمه الله- عن الأنين.
فالأمر ليس بالأمر الهين.
نسأل الله تعالى أن يتولانا وإياكم بعفوه ومغفرته.
وإلى هنا ينتهي الكلام على هذه السورة العظيمة التي ابتدأها الله تعالى بالقسم بالسماء ذات البروج، وأنهاها بقوله: بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ [البروج:21-22]، فمن تمسك بهذا القرآن العظيم فله المجد والعزة والكرامة والرفعة.
ولهذا ننصح أمتنا الإسلامية بادئين بأفراد شعوبها أن يتمسكوا بالقرآن العظيم، ونوجِّه الدعوة على وجهٍ أوكد إلى ولاة أمورها أن يتمسكوا بالقرآن العظيم، وألا يغرهم البهرج المزخرف الذي يَرِدُ من الأمم الكافرة التي تضع القوانين المخالفة للشريعة، المخالفة للعدل، المخالفة لإصلاح الخلق، أن يضعوا هذه القوانين موضع التنفيذ، ثم ينبذوا كتاب الله وسنة رسوله وراء ظهورهم، فإن هذا والله سبب التأخر، ولا أظن أحداً يتصور الآن أن أمة بهذا العدد الهائل تكون متأخرة هذا التأخر؛ وكأنها إمارة في قرية بالنسبة للدولة الكافرة؛ لكن سبب ذلك -لا شك- معلوم، وهو: أننا تركنا ما به عزتنا وكرامتنا وهو التمسك بهذا القرآن العظيم، وذهبنا نلهث وراء أنظمة بائدة، فاسدة، مخالفة للعدل، مبنية على الظلم والجور.
فنحن نناشد ولاة أمورنا، وأقصد بولاة أمورنا: ولاة أمور المسلمين جميعاً؛ لأننا أمة واحدة، وإن تفرقت بنا البلدان، واختلفت مِنَّا الألسن .. نناشدهم أن يتقوا الله عز وجل، وأن يرجعوا رجوعاً حقيقياً إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم حتى يستتب لهم الأمن والاستقرار، وتحصل لهم العزة والمجد والرفعة، وتطيعهم شعوبهم، ولا يكون في قلوب شعوبهم عليهم شيء.
وذلك لأن الإنسان إذا أصلح ما بينه وبين ربه أصلح الله ما بينه وبين الناس، فإذا كان ولاة الأمور يريدون أن تُذْعِن لهم الشعوب وأن يطيعوا الله فيهم، فليطيعوا الله أولاً حتى تطيعهم أممهم، وإلا فليس من المعقول أن يعصوا الملك الأكبر، وهو الله عز وجل، ثم يريدون أن تطيعهم شعوبهم، هذا بعيد، بل كلما بعُد القلب عن الله بَعُد الناس عن صاحبهم، نسأل الله العافية، وكلما قَرُب من الله قَرُب الناس منه.
فنسأل الله أن يعيد لهذه الأمة الإسلامية مجدها وكرامتها، وأن يذل أعداء المسلمين في كل مكان، ونسأل الله تعالى أن ينصر إخواننا المسلمين في البوسنة والهرسك، وأن يعينهم على ما أصابهم من هؤلاء النصارى الذين لا يريدون أن تقوم للمسلمين قائمة في أي مكان، ونسأل الله أن يذل النصارى واليهود، وأن يكبتهم، وأن يردهم على أعقابهم خائبين، وكذلك كل عدو للمسلمين، إنه على كل شيء قدير.
انتهينا إلى قول الله تبارك وتعالى في سورة البروج: بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ * وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ [البروج:19-20].
قوله: (الَّذِينَ كَفَرُوا) يشمل كل من كفر بالله ورسوله، سواء كان من المشركين، أو من اليهود، أو من النصارى، أو من غيرهم، وذلك لأن اليهود والنصارى الآن وبعد بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم ليسوا على دين، ولا تنفعهم أديانهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء، فمن لم يؤمن به فليس على شيء من دينه؛ بل إنه سبق لنا أن مَن لم يؤمن برسول واحد من الرسل فهو كافر بجميع الرسل، فمثلاً: مَن لم يؤمن بنوح أنه رسول، ولو آمن بغيره من الأنبياء فإنه مكذب لجميع الأنبياء، والدليل على هذا قوله تعالى: كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ [الشعراء:105] فبين الله أن هؤلاء كذبوا جميع الرسل مع أنهم لم يكذبوا إلا رسولاً واحداً؛ إذْ أنه ليس قبل نوح رسول.
كذلك الذي كذب بمحمد صلى الله عليه وسلم فهو مكذِّب لغيره من الرسل.
فإذا ادَّعت اليهود أنهم على دين، وأنهم يتبعون التوراة التي جاء بها موسى، نقول لهم: أنتم كافرون بِموسى، كافرون بالتوراة.
وإذا ادَّعت النصارى -الذين يُسَمُّون أنفسهم اليوم بالمسيحيين- أنهم مؤمنون بعيسى، قلنا لهم: كذبتم، أنتم كافرون بعيسى؛ لأنكم كافرون بمحمد عليه الصلاة والسلام.
والعجب أن هؤلاء اليهود والنصارى يكفرون بمحمد عليه الصلاة والسلام مع أنهم يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ [الأعراف:157].. ويَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ [البقرة:146] أبناءهم؛ لكن العناد والكبرياء والحسد مَنَعَهم أن يؤمنوا بمحمد عليه الصلاة والسلام وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ [البقرة:109].
فالحاصل أن قوله تعالى: (بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا) يشمل كل من كفر بمحمد حتى من اليهود والنصارى، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: (والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي من هذه الأمة -أي: أمة الدعوة- يهودي ولا نصراني، ثم لا يؤمن بما جئتُ به إلا كان من أصحاب النار).
كل الكفار فِي تَكْذِيبٍ [البروج:19]، وقال: (فِي تَكْذِيبٍ) فجعل التكذيب كالظرف لهم، أي: أنه محيط بهم من كل جانب -والعياذ بالله-.
استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
لقاء الباب المفتوح [63] | 3395 استماع |
لقاء الباب المفتوح [146] | 3350 استماع |
لقاء الباب المفتوح [85] | 3315 استماع |
لقاء الباب المفتوح [132] | 3293 استماع |
لقاء الباب المفتوح [8] | 3275 استماع |
لقاء الباب المفتوح [13] | 3259 استماع |
لقاء الباب المفتوح [127] | 3116 استماع |
لقاء الباب المفتوح [172] | 3090 استماع |
لقاء الباب المفتوح [150] | 3037 استماع |
لقاء الباب المفتوح [47] | 3033 استماع |