الأحاديث المعلة في الصلاة [44]


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فنتكلم على شيء من المسائل المتعلقة بأبواب السهو، وذلك أننا أتممنا ما يتعلق بأحكام الصلاة، ونأتي بالأحكام الآن الخارجة عن ماهية الصلاة وذلك من العوارض التي تطرأ عليها من أمور السهو أو صلاة الكسوف وكذلك أيضاً الخوف وفي صلاة الاستسقاء والحاجة نتكلم عليها وأشباهها ثم نكون قد انتهيا من الأحاديث المعلة في أبواب الصلاة.

أول هذه الأحاديث في هذا المجلس: هو حديث عبد الله بن عباس عليه رضوان الله ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ يمسح العرق من جبينه وهو في الصلاة )، هذا الحديث أخرجه الطبراني في كتابه المعجم من حديث مصعب بن خارجة أيضاً عن الحكم بن عتيبة عن مقسم عن عبد الله بن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

و مصعب بن خارجة ضعيف الحديث وقد حكم غير واحد باتهامه أيضاً بالوضع، فقد كذبه يحيى بن معين ، ولكن قد توبع عليه في هذا الحديث فقد رواه محمد بن عبيد الله العرزمي عن الحكم بن عتيبة عن مقسم عن عبد الله بن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يمسح العرق من جبينه وهو في الصلاة، وهذا الحديث أيضاً منكر لأنه يرويه محمد بن عبيد الله العرزمي وهو ضعيف الحديث جداً، ومع ضعفه يدلس عن الضعفاء فيروي الحديث عن ضعيف ثم يدلسه ويرويه عن الثقة، وله أحاديث يرويها عن الحجاج ، وله أحاديث يرويها عن عمرو بن شعيب وهي مناكير، وله أيضاً أحاديث يرويها عن الحكم بن عتيبة تفرد بها.

رواية محمد بن عبيد الله العرزمي قد أخرجها الدارقطني في كتابه الأفراد وذكرها ابن القيسراني في كتاب أطراف الأفراد للدارقطني ، وهذا الحديث أيضاً حديث منكر وهذه المتابعة لا يعتد بها وذلك من وجوه:

أولها: أن الطريق الأولى وهي طريق خارجة بن مصعب شديدة الضعف ومثلها أو أشد منها رواية محمد بن عبيد الله العرزمي و محمد بن عبيد الله العرزمي لا يبعد من جهة المرتبة في الرواية من حال خارجة بن مصعب وكلاهما شديد الضعف على أحسن أحواله.

ولهذا نقول: إن الاعتضاد في ذلك ليس من مناهج النقاد، والراوي إذا كان شديد الضعف لا ينجبر بغيره فيكون وجوده كعدمه، فلا ينبغي لطالب العمل أن يغتر برواية الراوي شديد الضعف ولو تعددت الطرق بمثله، ولهذا نقول: إن الكذاب لا يرد الكذاب، والكذاب لا يعضد أيضاً ضعيفاً جداً أو متروك، والكذاب لا يعضد المجهول ولا يعضد المجهول الكذاب ولا المتروك، ولا كذلك المتروك يعضد المجهول، ولا المجهول يعضد المتروك، وكذلك أيضاً ضعيف الحديث جداً لا يعضد هؤلاء، فلا يعضد الكذاب ولا المتروك ولا المجهول مجهول العين، ولا يعضدونه أيضاً، ووجود هذه الطرق كعدمها، وهذا ما ينبغي أن ينتبه إليه أنه يوجد تساهل في هذا الباب إذا تعددت الطرق والمخارج للحديث الواحد فإنهم يقومون بالتصحيح ويغترون بكثرة ووفرة العدد، وهذا المسلك غير موجود عند العلماء، وإنما هو من مسالك المتأخرين، فينظرون إلى الطرق وعددها ثم يعضدونها بغيرها.

الوجه الثاني من وجوه الرد: أنه لا يجزم أنه لو قيل بتوسط حال خارجة و محمد بن عبيد الله أنه لا يجزم بمعرفة الواسطة بين محمد بن عبيد الله العرزمي وبين الحكم بن عتيبة فإن محمد بن عبيد الله العرزمي يدلس وشديد التدليس ويدلس عن الضعفاء وهو ضعيف في ذاته، ويدلس عن من هو أشد منه ضعفاً وهذا في مواضع كثيرة، وعلى هذا نقول: إن ما بين محمد بن عبيد الله العرزمي لو كان دلسه مأخوذ بحكم مجهول العين، ومجهول العين لا اعتبار به بحال لا بنفسه ولا بغيره.

وعلى هذا نقول: إن هذا الحديث مردود، وإدخاله والاحتجاج به في أبواب السهو خطأ، لأن الإنسان يمسح العرق عن جبينه قاصداً، أو يزيل شيئاً قد علق بجبهته من تراب أو غير ذلك فيمسحه عن وجهه من جهة العمد ويفعل ذلك فيدخل هذا في أبواب الحركة في الصلاة هل تبطلها أو لا تبطلها! وهذا له باب آخر، فلا يدخل في أبواب السهو.

وعلى هذا نقول: إن هذا الحديث منكر أيضاً لا مدخل للسهو فيه.

الحديث الثاني: هو حديث عبد الله بن عمر عليه رضوان الله ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يسجد للسهو في حديث ذي اليدين )، هذا الحديث أخرجه ابن عدي في كتابه الكامل من حديث عبد الله بن وهب عن عبد الله بن عمر العمري عن نافع عن عبد الله بن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

في هذا الحديث في حديث عبد الله بن عمر ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يسجد للسهو سجدتي السهو )، هذا الحديث مخالف للأحاديث الواردة عن النبي عليه الصلاة والسلام في حديث ذي اليدين في قصة ذي اليدين أن النبي عليه الصلاة والسلام سجد للسهو.

فقال بعض الفقهاء إن السهو لا يسجد له في الصلاة إذا كان الإنسان قد علم موضع الخطأ في الصلاة، ولا يرون سجود السهو إلا عند الشك، أما عند سهو الزيادة أو النقصان فقالوا: يتم النقص ويسلم من الزيادة ولا شيء عليه لأنه علم بها، قالوا: وأما إذا كان ساهياً فلم يدر أزاد أم نقص فإنه يسجد للسهو، ويستدلون ببعض الأحاديث منها هذا الحديث وحديث أبي هريرة ويأتي الكلام عليه.

هذا الحديث -أن النبي عليه الصلاة والسلام لم يسجد للسهو- حديث منكر تفرد بإخراجه ابن عدي من هذا الوجه من حديث ابن وهب عن عبد الله بن عمر العمري عن نافع عن عبد الله بن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو معلول أيضاً بعدة علل:

أولها: تفرد عبد الله بن عمر العمري وهو ضعيف الحديث.

ومن وجوه الإعلال: أن هذا الحديث قد خولف فيه عبد الله العمري فرواه عبيد الله العمري عن نافع عن عبد الله بن عمر ، أخرجه أبو داود و ابن أبي شيبة في كتابه المصنف، وفيه أن النبي عليه الصلاة والسلام سجد ولم يذكر النفي.

الثالث من وجوه الإعلال: أن هذا الحديث يخالف الثابت عن رسول الله في الصحيح، ومعلوم أن قصة سهو النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث المشهور في حديث ذي اليدين أن الحديث في الصحيح وفيه: أن النبي عليه الصلاة والسلام سها في صلاته فسلم من ركعتين في أحد صلاتي العشي وقيل: هي الظهر، وقيل العصر، فسلم النبي عليه الصلاة والسلام من ركعتين ثم أتى بالركعتين الأخريين، ثم سجد ثم رفع ثم سجد ثم رفع ثم سلم، وهذا هو الأصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتفرد عبد الله العمري في هذا الحديث عن نافع عن عبد الله بن عمر ومخالفته للثقات والأحاديث المستفيضة أيضاً منكر ويرد عليه.

الحديث الرابع وهو بهذا السياق: وهو حديث أبي هريرة : ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يسجد سجدتي السهو حينما صلى الرباعية ركعتين )، يعني: في حديث ذي اليدين ، هذا الحديث تفرد بروايته ابن شهاب الزهري يرويه عن سعيد بن المسيب و أبي سلمة بن عبد الرحمن و ابن أبي خيثمة كلهم عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

هذا الحديث أخرجه الطبراني في كتابه المعجم، وجاء بنحوه عند النسائي في سننه الكبرى من حديث ابن شهاب الزهري عن أبي سلمة و سعيد بن المسيب وابن أبي خيثمة كلهم عن أبي هريرة ، هذا الإسناد ظاهره الصحة والسلامة ولكنه من نوادر أوهام ابن شهاب الزهري ، ومع جلالته وفضله إلا أن العلماء من النقاد يتفقون على أنه أخطأ في هذا الحديث وخالف الرواة الثقات، ولهذا قد حكى ابن عبد البر رحمه الله الإجماع على تخطئة ابن شهاب الزهري في نفي سجود النبي عليه الصلاة والسلام للسهو، وممن جزم بالتخطئة مسلم رحمه الله في كتابه التمييز قال: أخطأ ابن شهاب وغلط، يعني: في هذا الحديث في نفي سجود النبي صلى الله عليه وسلم للسهو.

هذا الحديث قد وقع فيه اضطراب أيضاً في الرواية عن ابن شهاب ، جاء في بعض الوجوه مسنداً هكذا عن أبي هريرة من حديث ابن شهاب عن سعيد بن المسيب و أبي سلمة بن عبد الرحمن و ابن أبي خيثمة كلهم عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسنده.

وجاء من وجه آخر مرسلاً وهو الصواب عن هؤلاء الثلاثة عن رسول الله من غير ذكر أبي هريرة رواه الإمام مالك في كتابه الموطأ، ورواه أبو داود في كتابه السنن عن صالح ، ورواه كذلك النسائي عن صالح و شعيب كلهم عن ابن شهاب الزهري عن أبي سلمة و سعيد بن المسيب كلاهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروه مرسلاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصواب.

وجاء كذلك أيضاً من حديث الأوزاعي عن ابن شهاب الزهري عن ابن أبي خيثمة مرسلاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا هو الصواب كما أخرجه عبد الرزاق في كتابه المصنف، وعلى هذا نقول: إن حديث ابن شهاب هذا في خطئه ووهمه نقول: ظهر في الإسناد والمتن، في الإسناد الاضطراب وتعدد الوجوه، فتارةً يروى بالبلاغ، وتارةً يروى بالإسناد، وأما خطأ المتن فهو في نفي سجود النبي صلى الله عليه وسلم في صلاته، في سجود النبي عليه الصلاة والسلام للسهو في صلاته حينما صلى ركعتين من الرباعية، على هذا نقول: إن هذا الحديث حديث غلط ووهم والوهم في ذلك من ابن شهاب .

وهنا مسألة في أبواب العلل: وهي أن مثل ابن شهاب وهو محمد بن مسلم بن عبيد الله الزهري وهو من أئمة الرواية في أهل المدينة وحق له أن يتفرد بالأحاديث في الأبواب العظام والمسائل المشهورة ومحل إجلال لكبار الأئمة كـمالك رحمه الله وهو من تلامذته، فالإمام مالك رحمه الله من تلامذة ابن شهاب الزهري وكان يجله ويقدمه على كثير من شيوخه، وهو مقدم أيضاً في المدينة وهو من نوادر المدنيين المرتحلين، فأهل المدينة في تلك الطبقة وما قبلها يقل فيهم الارتحال، يعني: وذلك الزهد في الارتحال للغنية الموجودة عندهم في الرواية، لأن معاقل الوحي في المدينة، جل معاقل الوحي ومنازله إنما هي في المدينة، فقل ما يخرج الحديث منها ولا يعود إليها، أو لا يكون الأمر مستقراً لديهم من جهة العمل، أو لديهم أثر في ذلك ولو على غيرهم برواية الحديث مسندة عن النبي عليه الصلاة والسلام إلا ولديهم أثر في ذلك إما عن أبي بكر أو عن عمر أو عن إجماع فيه، ولهذا يحتاج الناس إلى أهل المدينة ولا يحتاجون غالباً لأهل المدينة، ولهذا يقطع بحاجة أهل الرواية في زمن الرواية للمدينة الارتحال إليه وهي قبلة الرواية وهي أولى من مكة لأن الوحي الذي نزل على النبي عليه الصلاة والسلام فيها أكثر من نزوله في مكة، ورواية النبي عليه الصلاة والسلام والوقائع والنوازل والأحاديث التي حدث بها في المدينة أكثر من مكة، وكذلك توافر الصحابة في المدينة أكثر من غيرها، والفقهاء أيضاً من التابعين في المدينة أظهر وأشهر وأقوى وأوعب للفقه من غيرهم لهذا يقصدوا.

ابن شهاب الزهري امتاز عن المدنيين بالرحلة والانتقال والسماع فأخذ عن شيوخ في كثير من البلدان، ولهذا تلميذه مالك رحمه الله ما ارتحل من المدينة وما خرج إلا إلى مكة حاجاً أو معتمراً، وهذا مع كونه من تلامذته إلا أن ابن شهاب الزهري رحمه الله في أخذه للرواية من جهة التنقل والتنوع في ذلك أوعب، ولهذا يقول الإمام مسلم رحمه الله: تفرد ابن شهاب بسبعين سنة يعني: أنه تفرد بسبعين سنة معتبرة وهي محل حجة عند الأئمة عليهم رحمة الله تعالى فيأخذون بها ولا يردونها عليه لأن التفرد من قرائن الإعلال عند العلماء، ولكنهم يتهيبون تفرد الكبار وذلك كـابن شهاب وطبقته وكذلك أيضاً أضرابه ولو كانوا من تلامذته وذلك كـعبيد الله بن عمر العمري وكذلك نافع وأيضاً من جاء بعدهم كالكبار كـابن وهب وغيره إذا صح الطريق إليه.

وأما الجزم بتخطئة ابن شهاب الزهري في هذه الرواية وهو من أهل التفرد جزمنا بتخطئته لعدة أمور:

أولها: أنه نفى ما أثبته غيره من طرق متعددة، والقصة مشهورة قصة ذي اليدين قصة مشهورة في الدواوين وهذا أمر.

الأمر الثاني: أن حديث ابن شهاب يخالف الأصول التي هي أقوى من روايته وذلك في السجود في السهو، باب السهو بمجموعه أن الإنسان إذا سها في صلاته في زيادة أو نقصان أنه يسجد للسهو، وهذه المسألة من جهة توارد النصوص فيها وتضافرها في الصحيحين وغيرهما جاء في حديث عبد الله بن مسعود وجاء في حديث أبي هريرة وجاء في حديث عمران بن حصين وغيرها في السجود للسهو في الزيادة والنقصان، فقد صلى النبي عليه الصلاة والسلام خمساً وسجد للسهو، وجاء في حديث عمران ، وكذلك جاء في حديث أبي هريرة عليه رضوان الله تعالى في الشك وكذلك أيضاً النقصان سجد النبي عليه الصلاة والسلام للسهو، لهذا منزع ابن شهاب الزهري في السجود للسهو ورواية هذه الرواية على وجهها أنه لا يرى السجود للسهو عند العلم بموضع السهو زيادة ونقصا، فإذا صلى الإنسان مثلاً ركعتين ويعلم أنه صلى ركعتين من رباعية يعني: في البداية سها يظن أنه أتم أربعاً ثم نبهه المأمومون من خلفه بالتسبيح فتذكر أنه لم يصل الركعتين فقام قال: تذكر، هذا الرجل تحول من الساهي إلى المخطئ بعلم، وهذا أيضاً فيه نظر وذلك لمخالفته للأحاديث الواردة عن النبي عليه الصلاة والسلام وهي أشهر من هذا ولهذا نقول بالتخطئة.

والأمر الثالث في الجزم بتخطئة ابن شهاب الزهري في هذا: أن الحديث في ذلك اضطرب في الوصل والإرسال والأئمة الكبار من أصحاب ابن شهاب يرسلونه، ولماذا لا يحمل الخطأ لتلامذة ابن شهاب ممن وصل الحديث ويحمل ابن شهاب ؟ نقول: لأن ابن شهاب الزهري قد روى الحديث مرسلاً وموصولاً رواه عنه غير واحد وروى الحديث على رأيه فغلب رأيه على الحديث من غير قصد فرواه على الوجه الذي يراه، والأظهر في هذا أن ابن شهاب الزهري قصد الفقه الذي أخذه من الحديث لأنه جاء في بعض الروايات أن النبي عليه الصلاة والسلام سلم من ركعتين في قصة ذي اليدين ثم قال له كما في الحديث القصة طويلة قال: أقصرت الصلاة أم نسيت؟ فقال: لم أنس ولم تقصر، فقيل له: بل نسيت، فقام فقال النبي عليه الصلاة والسلام: ( صدق ذي اليدين )، ثم قام النبي عليه الصلاة والسلام أتى بالركعتين، في بعض الروايات أن النبي عليه الصلاة والسلام أتم صلاته ثم سلم، فلم يذكر في الحديث أنه سجد للسهو، حمله بعض الفقهاء ممن أخذ برواية الزهري إلى أن سجود السهو غير موجود، نقول: عدم ذكره في الرواية لا يدل على عدم وجوده، وعدم الذكر لا يدل على العدم خاصة ًمع ثبوته في روايات أخرى عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه سجد للسهو.

الأمر الرابع في الجزم بخطأ ابن شهاب : هو إجماع الأئمة النقاد على خطأ ابن شهاب الزهري في هذا الحديث وتحميله بعينه بهذا الحديث، وفي المسألة شبه إجماع على تخطئته في هذا الحديث.

الحديث الخامس: هو حديث عبد الله بن عمر عليه رضوان الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( ليس على الإمام سهو إلا إذا وثب قائماً من جلوس أو جلس من قيام ).

هذا الحديث أخرجه الدارقطني في السنن، و البيهقي أيضاً في سننه، والحاكم في كتابه المستدرك من حديث يحيى الوحاضي عن أبي بكر العنسي عن يزيد بن أبي حبيب عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وهذا الحديث حديث منكر، تفرد أبو بكر العنسي بهذا الحديث عن يزيد بن أبي حبيب عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، و أبو بكر العنسي مجهول قاله ابن عدي في كتابه الكامل، وكذلك البيهقي في السنن، وقال ابن عدي رحمه الله في كتابه الكامل: مجهول يروي المنكرات عن الثقات ومنها هذا الحديث، وهذه الجهالة في أبي بكر العنسي جهالة لو تفرد بهذا الحديث لطرح حديثه، ويكفي هذا الحديث له بالتفرد على أن يطرح له عشرات الأحاديث لأن هذا الحديث شديد النكارة، ووجه شدة النكارة أنه حصر سجود السهو في سهو الإنسان من قيام وحقه الجلوس، أو من جلوس وحقه القيام، إذاً.. لو سلم الإنسان من صلاته، ولم يقم ولم يجلس! كأن سلم من ركعتين والصلاة رباعية، أو سلم من الثالثة وصلاته رباعية، أو أن الإنسان ترك شيئاً واجباً في صلاته من الأقوال فسجد ولم يسبح على من قال بوجوب التسبيح، أو ركع ولم يسبح على من قال بوجوب التسبيح في الركوع، فهذا ترك الواجب على سبيل السهو، وكذلك أيضاً في حال الإنسان الذي يركع ثم من ركوعه يسجد ولا يرفع فهذا لا قائم ولا جالس، فهذا لا قائم عن جلوس ولا جالس عن قيام، وإنما أدى الركوع فلما قضى من الركوع لم ير فسهى وجلس، فهذا لا يدخل في ذلك، فإذاً يلغى بهذا الحديث جملة من الأحكام في أبواب سجود السهو.

ولهذا نقول: إن هذا الحديث شديد النكارة، وإنما لم نقل برفع الجهالة عن أبي بكر العنسي مع أنه روى عنه بقية بن الوليد ، و يحيى الوحاضي ، و يحيى الوحاضي هو ثقة ووصفه بعضهم بالحفظ.

أنواع الجهالة وما يرفعها

والعلماء يجعلون الجهالة العلماء على نوعين: جهالة عين، وجهالة حال، جهالة العين يقولون: هو من لم يرو عنه إلا واحد، وأما جهالة الحال فمن يروي عنه اثنان فصاعداً ما لم ترفع عنه الجهالة، ومنهم من يجعل ما زاد عن اثنين ثلاثة وزيادة أن هذا تعديل له أو إخراج له من دائرة الجهالة، ومنهم من يجعل مرتبة ثالثة بعد مجهول الحال المستور من تعرف بعض حاله، فيقال: مجهول العين، ومجهول الحال، والمستور، ولكن نقول: إن المستور من أقسام مجهول الحال باعتبار إنما ستره للجهل بحاله، ولكن نقول وهذا من المسائل التي ينبغي أن ينتبه إليها أن جهالة الحال ترفع بعدة قرائن:

رفع الجهالة بالرواية عن الشيخ الكبير الحافظ والعكس

أول هذه القرائن: ترفع جهالة مجهول الحال بشيوخه، ومعنى ذلك: أن الراوي المجهول إذا روى عن شيخ كبير حافظ يختلف عن روايته عن من دونه، كذلك أيضاً رواية المجهول عن ثلاثة شيوخ يختلف عن روايته عن واحد، وأهل الاصطلاح يكثرون من تعليق رفع الجهالة برواية تلاميذ المجهول عنه، ولكن نقول: أيضاً قد ترفع الجهالة برواية المجهول عن جماعة، فالمجهول الذي يروي عن أربعة أقرب إلى العدالة ممن لا يروي إلا عن واحد، لهذا نقول: ينبغي أن ننظر إلى عدد رواته عن شيوخه كما ننظر إلى عدد رواة التلاميذ عنه.

الثاني من القرائن مما ترفع به الجهالة: التلاميذ، والتلاميذ أكثر ما يذكره العلماء في أبواب الاصطلاح في أبواب رفع الجهالة في الرواية عن المجهول يذكرون العدد، ولكن لابد أن نشير إلى أنه ربما يروي عن المجهول واحد أقوى من اثنين وثلاثة أو أربعة، لجلالة هذا التلميذ الذي روى عن هذا المجهول، فرواية مالك و شعبة و عبيد الله العمري وأضراب هؤلاء عن راو مجهول الحال أقرب من رواية بقية بن الوليد و يحيى الوحاضي في هذا الحديث، وذلك لجلالة المنفرد من هؤلاء كـمالك و شعبة و سفيان و عبيد الله العمري وأضراب هؤلاء من الكبار.

لهذا نقول: إن منزلة الراوي مهمة كما أن العدد كذلك أيضاً مهم، فكما ننظر في نوع الشيوخ بالنسبة للتلميذ كذلك ننظر إلى أنواع التلاميذ بالنسبة لذلك المجهول، فمجهول يروي عنه مالك يأتي إليه ثم يسمع منه الحديث وينصت إليه هذه أعظم من أن تأتيني بثلاثة رواة أو أربعة من المتوسطين يروون عن هذا المجهول، لأن الإمام مالكاً إمام كبير ينتقد في حديثه، ولو كان شيخه كذاباً أو واهماً أو مخطئاً لما روى عنه، كذلك يميز المتون مما يتفرد به الراوي عن غيره أو لا يتفرد به، لهذا نقول: لابد أن ننظر إلى التلاميذ وكذلك أيضاً إلى الشيوخ.

رفع الجهالة باعتبار البلد

القرينة الثالثة في أبواب أو ما يعرف برفع جهالة مجهول الحال: بلده التي هو فيها، وذلك أن المجهول في المواضع التي يقل فيها الكذب والوهم ويقل فيها الخلط أو ضعف الحفظ هذه أقرب إلى العدالة من غيرها، والمواضع التي تشتهر فيها العدالة والحفظ أولها: المدينة، فالمستور المدني أو المجهول المدني أقرب إلى التعديل من غيره، نقول: لعدة أشياء منها: أن الكذب في المدينة تأخر وروده إليها، فالكذاب حتى لو أراد الكذب فلا يمكن أن يكذب على النبي عليه الصلاة والسلام لأن أقل الناس أو عامة الناس في المدينة لديهم بقية من آثار النبي عليه الصلاة والسلام من فقهه يحكونه في مجالسهم ويقولونه عنهم فلديهم شيء من العلم في هذا، فالجسارة على الكذب تختلف في المدينة عن الجسارة في غيرها، ولهذا لا يمكن أن يأتي رجل في المدينة ويقول: أتيتكم برواية عن النبي عليه الصلاة والسلام من الكوفة أو من البصرة أو من الشام فخذوها عني، يقول: النبي صلى الله عليه وسلم عندنا وأهل الكوفة أو البصرة هم بحاجة إلينا ولسنا بحاجة إليهم، ولكن العكس قد يأتي راو كوفي وبصري وشامي ويقول: قد أتيتكم بشيء عن بعض الشيوخ في المدينة وحدثوني بكذا وكذا وهذا ولو كان مستوراً قد يسكت الثقات، لأنه يعلم أن لدى أهل المدينة من الرواية ما ليس عند غيرهم، وذلك أن الآثار والنصوص خرجت من المدينة وبقيت فيها وذهبت إلى غيرها ولم تخرج من تلك البلدان إلى المدينة ولا يكون ذلك في المدينة، ولهذا نقول: إن المجهول المدني أقرب إلى العدالة من مجهول غيره.

بعد المدينة تأتي مكة وهذا لا علاقة له بفضل البلد، ومعلوم أن مكة أفضل من المدينة، ولكن ما يتعلق بالرواة جهالة المدنيين أعظم من غيرهم، لأن مطامع الناس في المدينة في الإقامة فيها تختلف عن مطامعهم في مكة فمكة موضع التجارة وموضع اختلاف الأجناس وقصد البيت الحرام بحج أو عمرة، أما المدينة فلا تقصد بحج أو عمرة فتقصد غالباً للعلم، ولهذا نجد أن الفقهاء في المدنيين أكثر من الفقهاء المكيين، ثم يأتي بعد ذلك البلدان التي لم تدخلها العجمة في زمن التابعين وذلك كحال اليمن وغيرها حتى اليهود الذين فيها يتكلمون العربية على ما بقي عليه أقوامهم وإن شاركها في ذلك شيء من بعض لغاتهم أو لهجاتهم بخلاف بقية البلدان، أما بقية البلدان فالعربية واردة عليهم وذلك كحال العراق بجميع أنواعه، ومعلوم أيضاً أن المدن العراقية من جهة تعددها أن الكوفة والبصرة قبل بغداد فبغداد جاءت بعد ذلك، ولهذا لا يوجد تابعي بغدادي، نعم يوجد تابع تابعي، أما الكوفي والبصري فيوجد تابعي ويوجد تابع تابعي، لهذا لا تجد فقيهاً أو راوياً تابعياً في بغدد وإنما تجد أتباع التابعين، لتأخر نشوء الرواية في بغداد ولهذا أضعف مواضع الرواية في هذه المدن الثلاث هي بغداد مع اشتهارها في ذلك، وأقواها البصرة ثم الكوفة مع أن الكوفة بلد الفقه ولكن البصرة بلد الضبط والرواية أكثر من الكوفة ثم تفوقت بعد ذلك في أواخر زمن الرواية بغداد لكونها مصراً كبيراً وشرع فيها الناس حدث هذا في طبقة أتباع التابعين، لهذا نقول: إن البلد في ذلك له أثر على الراوي.

رفع الجهالة باعتبار الطبقة

القرينة الرابعة من قرائن رفع الجهالة جهالة الراوي: طبقة الراوي، فالمجهول إذا كان في طبقة متقدمة يختلف عن المجهول إذا كان في طبقة متأخرة، وكلما تقدم وقرب من زمن النبوة فإنه أحرى بالقبول وكذلك أقرب إلى العدالة، وكلما تأخر كان أقرب إلى ضدها وذلك بالاحتراز والاحتياط فيه لسوء الظن في ضبطه، ولهذا من كان في الطبقة الأولى من التابعين يختلف عن غيره، فالتابعي المجهول يختلف عن مجهول تابع التابعي، ومجهول تابع التابعي يختلف عن مجهول عمن بعده، وكلما نزل المجهول طبقةً فإنه أقرب إلى رد حديثه والتشدد فيه، ولهذا قد نتساهل في تابعي متقدم يروي عنه واحد ونشدد في تابعي متأخر أو تابع تابعي يروي عنه اثنان وثلاثة لاختلاف الطبقة، وليس لأحد أن يقول: هذا تناقض، وخطأ، لأن هذا من المسالك الصحيحة في تقويم المجهولين وضبط أمور العدالة، ولهذا لابد من معرفة طبقة ذلك المجهول وزمنه الذي هو فيه حتى نميز في ذلك روايته وكذلك أيضاً الحكم عليه.

رفع الجهالة بعدد المروي

القرينة الخامسة في هذا فيما يرفع الجهالة عن المجهول: عدد مرويه، وعدد مروي المجهول قد يروي عنه واحد ويروي هو عن واحد لكن يروي في هذه السلسلة خمسة أحاديث، وقد يروي هو عن اثنين ويروي عنه اثنان ولكن إنما هو حديث واحد، وقد يروي عنه ثلاثة حديثاً واحداً وأيهما أقوى: مجهول روى عنه واحد وروى هو عن واحد خمسة أحاديث أو عشرة أحاديث، أو مجهول روى عنه ثلاثة وهو روى حديثاً واحداً أيهما أقرب إلى العدالة؟

إن كثرة المرويات تساعدنا على السبر، ومعنى السبر أن الراوي المجهول له أحاديث يرويها عن النبي عليه الصلاة والسلام هي واحد أو اثنان أو ثلاثة أو أربعة، ربما مجهول يروي عشرة بسلسلة واحدة، ولكن وصفه بالجهالة لا علاقة له بعدد روايته، فربما يروي واحداً وربما اثنين وربما ثلاثة وربما أكثر من ذلك، ولكن نجد أن من يتكلم على مجهول الحال في كتب المصطلح وقواعد الحديث ينظرون إلى تقريبه بالرواة عنه فقط، ونحن نريد أن نعرف حال المجهول وهل هو ضابط أو ليس بضابط! فإذا كان لدينا خمس روايات أقرب إلى تمييز روايته أم شخص لدينا رواية واحدة عنه هو الأقرب؟، يعني: أقرب فرصة لمادة معروضة لمعرفة ضبطه يعني: كأنه شخص أتاك بخبر من الناس في زماننا وهو واحد مجهول لا تعرفه أنت، فقال لك: أنا اسمي أبو زيد أو أبو عمر فأتاك بخبر ثم نظرت في خبره فإذا هو ثقة، ثم جاءك بخبر ثم نظرت في أمره فإذا هو ثقة، ثم جاءك بخبر، ثم جاءك بخبر، ثم جاءك بخبر، وكلها أخبار مستقيمة توافق المعلومات التي لديك، ألا يعطيك هذا مؤشراً بعدالته؟ نعم، لكن لو جاءك بخبر واحد فقط ألا تشكك فيه؟ تشكك فيه حتى لو روى عنه ثلاثة، روى عنه جارك الأيمن وجارك الأيسر وجارك الذي أمامك رووا عن فرد واحد قالوا: حدثنا بهذا وتعلم أنه مجهول، إذاً مردها إلى واحد، والمتن واحد، ولا يوجد أمامك شيء لتقييمه.

ولهذا نقول: لابد من النظر إلى عدد مرويات الراوي، وأين توجد مروياته؟ لابد من النظر فيها في كتب المسانيد فننظر فيها ونجمع وننظر كم له من الحديث: خمسة، ستة، سبعة، ننظر فيها واحداً واحداً هل روى حديثاً منكراً؟ وكيف نعرف الحديث المنكر؟ هل هذا الحديث معناه مستقيم جاء به الثقات، وجد في حديثهم، لم ينفرد بمعناه فروى الكبار هذا الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام ولو بصياغة ولفظ آخر؟ يعطيك مؤشراً لعدالته إذا مررت عليها كلها، ولكن أصعب مواضع اختبار عدالة المجهول إذا كان ليس له إلا مروي واحد.

ولهذا نقول: إن عدد مرويات الراوي من قرائن تقوية المجهول ومعرفة عدالته، ولهذا تجد بعض النقاد يتكلم على راو يروي عنه واحد فتجده يقول: هذا ثقة، ثم تجده في راو يروي عنه ثلاثة وينص على أنه روى عن ثلاثة ثم يقول لك: مجهول وحديثه مردود، إذا أردت أن تتعامل معه بعملية حسابية سيشكل لديك هذا وربما تخطئه بناءً على القاعدة التي عندك، ونقول: إن القاعدة في عدد الرواة هي قرينة من القرائن لا كلها، بل قد تضعف في بعض المواضع عند وجود قرائن أقوى منها، بل ربما وهو مجهول تتهمه بالكذب ولو روى عنه ثلاثة، كأن يروي مجهول عنه ثلاثة حديثاً عن النبي عليه الصلاة والسلام يلوح الكذب عليه ولا يوجد فيه متهم في هذا الحديث إلا هو، ولهذا تجد الأئمة رحمهم الله يأتون على بعض الرواة المجهولين ويقولون: هذا كذاب، ولا تجد له إلا هذه الرواية، وليس لا إلا راو واحد وهو مجهول فكيف يجزمون أنه كذاب؟ جزموا بذلك ولو روى عنه ثلاثة وروى عن شيخه شيخ واحد لأنه روى حديثاً مختلقاً فنجزم فيه، فجزمهم فيه ليس ناتجاً عن كونهم وقفوا عليه بعينه ولا هم رأوه ولا أحد حدث عنه وقال: إنه حدثني وكذب علي واستفصلت من أحد ولم يرو عنه، ولا كذبه شيوخه ولا تلامذته وإنما روايته التي كذبته.

رفع الجهالة باعتبار نوع الرواية

القرينة السادسة من قرائن رفع الجهالة: هي نوع الرواية، فالروايات تختلف، وذكرنا سابقاً ما يتعلق بعدد المرويات وأن بعض الرواة لديه خمس روايات، وبعضهم لديه واحدة، وبعضهم لديه اثنتان، ومدى الاستفادة من هذا، وكذلك نوع الرواية لها أثر على المجهول، ومعنى نوع الرواية: أن بعض الروايات ثقيلة، ومعنى ثقيلة: أنها تكون من المسائل الكبيرة في أحكام الدين ثم يرويها هذا المجهول! هذا يدعوا إلى النفرة منه إذا تفرد بها، بينما لو تفرد راو مجهول بحديثين أهون من تفرد واحد في المسائل المشهورة ولم يوافقه عليها أحد، فهذا يقال برد روايته لثقل تلك الرواية، وذلك يقال بقبول روايته والسبب في ذلك هو لاستقامة تلك الروايات، لهذا لابد أن ننظر إلى المتن.

هذا الحديث الذي معنا في رواية أبي بكر العنسي ، أبو بكر العنسي مجهول يروي عن يزيد بن أبي حبيب عن سالم بن عبد الله بن عمر عن عبد الله بن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا الحديث الذي رواه يروي عنه اثنان: يروي عنه بقية و يحيى ، ويروي هذا الحديث وتفرد به أن سجود السهو لا يكون إلا فيمن قام من جلوس أو جلس من قيام، فهل هذا التفرد تفرد في أصل أو في مسألة يسيرة؟ إنه تفرد في أصل، وهل يقال برد الحديث أم بقبوله؟ نقول برد الحديث، وهل نجزم بأن هذا الراوي متهم في هذا الحديث؟ نجزم أنه متهم بهذا الحديث ونقول بأن الرواية في هذا الحديث -لتفرد أبي بكر العنسي- لا تقبل ممن ظهرت عدالته لوجود من هو أعدل منه وأكثر عدداً واستفاضت الطرق بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن السهو يكون في غير القيام وغير الجلوس وحصره في ذلك خطأ مجزوم به، ولهذا لو قيل في أبي بكر العنسي متروك الحديث ولم يكتف بالحكم بجهالته لما كان ذلك بعيداً وكان سائغاً للناقد، لأنه تفرد بهذا.

ولهذا نقول: إن جهالة الحال لابد فيها من النظر إلى هذه القرائن، أما النظر إلى حرفية أو رقمية رفع الجهالة وأن من يروي عنه اثنان فهو مجهول الحال وبمجرد وجود الثالث تعرف حاله ولو لم ينص العلماء على عدالته من غير النظر إلى شيوخ ولا إلى بلد ولا إلى نوع الرواية ولا عدد الرواية ولا طبقته هل هو متقدم أو متأخر، لا شك أن هذا من الخطأ وهو الذي سبب الخلط في أبواب رواية المجهول، ورواية المجهول تقدم الكلام معنا فيها مرات، وربما يأتي مزيد تفصيل فيها.

أسأله جل وعلا أن يجعلنا من أهل الهدى والتقى وأن ينفعنا بما سمعنا، وأن يجعله حجة لنا لا علينا.

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.


استمع المزيد من الشيخ عبد العزيز الطَريفي - عنوان الحلقة اسٌتمع
الأحاديث المعلة في الصلاة [20] 2595 استماع
الأحاديث المعلة في الصلاة [28] 2447 استماع
الأحاديث المعلة في الصلاة [14] 2376 استماع
الأحاديث المعلة في الصلاة [39] 2285 استماع
الأحاديث المعلة في الصلاة [25] 2234 استماع
الأحاديث المعلة في الصلاة [41] 2103 استماع
الأحاديث المعلة في الصلاة [32] 2102 استماع
الأحاديث المعلة في الصلاة [33] 2059 استماع
الأحاديث المعلة في الصلاة [43] 2029 استماع
الأحاديث المعلة في الصلاة [12] 1996 استماع