شرح منظومة الزمزمي [4]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين.

أما بعد:

قال رحمه الله تعالى: [ النوع الرابع: قراءات النبي صلى الله عليه وسلم الواردة عنه.

وعقد الحاكم في المستدرك باباً لها حيث قرا بملك

كذا الصراط رهن وننشز كذاك لا تجزي بتا يا محرز

أيضاً بفتح ياء أن يغلا والعين بالعين برفع الأولى

درست تستطيع من أنفسكم بفتح فا معناه من أعظمكم

أمامهم قبل ملك صالحة بعد سفينة وهذي شذت

سكرى وما هم بسكرى أيضاً قرات أعين لجمع تمضى

واتبعتهم بعد ذريتهم رفارفاً عباقري جمعهم]

هذا المبحث وهو قراءات النبي صلى الله عليه وسلم هو ضمن الأمر الثاني المرتبط بالسند، وقد ذكر في الأول مجموعة من أنواع القراءات للمتواترة والشاذة بأنواعها، ثم ذكر قراءات النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر أن الحاكم رحمه الله تعالى في المستدرك قد عقد لقراءة النبي صلى الله عليه وسلم بابًا.

وهذا المبحث يعتبر من غرائب المباحث؛ لأنه قد يسأل بعض الناس فيقول: أليس كل القرآن هو قراءة النبي صلى الله عليه وسلم؟ فالجواب: بلى؛ لأن القرآن متلقى منه صلى الله عليه وسلم، فما معنى: أن تسمى بعض هذه الألفاظ -وهي قليلة جدًا- بقراءات النبي صلى الله عليه وسلم؟! وقد كتب أبو عمر الدوري كتابًا سماه قراءات النبي صلى الله عليه وسلم.

والذي يظهر في تسمية هذه القراءات بقراءات النبي صلى الله عليه وسلم هو أنها مسندة إليه صلى الله عليه وسلم مباشرة، يعني: يصل الإسناد إليه مباشرة.

والأمر الثاني: أنها أفراد، يعني: أسانيد مفردة، وليست من طريق القراء، بمعنى: أننا نصف القراءة بأنها قراءة النبي صلى الله عليه وسلم إذا نسبت إليه مباشرة، ولم تكن من طريق القراء، وإنما كانت من طرائق مفردة، فتسمى حينئذ في الاصطلاح قراءة النبي. هذا مجرد اصطلاح، وإلا فإن كل القرآن في الحقيقة هو قراءة النبي صلى الله عليه وسلم، لكي لا يقع لبس عند بعضهم، يقول: كيف تسمى هذه قراءات النبي صلى الله عليه وسلم والقرآن كله متلقى منه؟ فهذا هو وضع هذا المصطلح.

ما ورد ضمن هذا المصطلح من القراءات منه ما هو مقبول في حيز المتواتر، ومنه ما هو شاذ.

والمقبول والشاذ كله ضابط تسميته بقراءة النبي صلى الله عليه وسلم، كونه روي بأسانيد مفردة، ليست هي الطرق المعتبرة المشهورة عند القراء، وحفص الدوري هو من القراء، ومع ذلك كتب قراءة النبي صلى الله عليه وسلم، وأفردها بأسانيد ليست من طرق القراء.

هذه فكرة القراءات ومن عُني بها من المحدثين، وهناك كتاب الحروف والقراءات عند أبي داود في سننه، وهناك قراءات كثيرة منسوبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم في كتب الصحاح والسنن والمسانيد، يقال: قرأ النبي صلى الله عليه وسلم كذا، قرأ النبي صلى الله عليه وسلم كذا، وبعضها يكون في حيز المتواتر المقبول، وبعضها يكون في حيز الشاذ المردود.

مثلًا في قوله: لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ [التوبة:128]، هذه القراءة المتواترة، وقال في الشاذة: (مِنْ أَنْفَسِكُمْ)، من النَّفاسة، وليست من النَّفْس، مِنْ أَنفُسِكُمْ ، أي: من بينكم من ذواتكم، و(مِنْ أَنْفَسِكُمْ) يكون من النفاسة، بمعنى: من أعظمكم، وهو أحد معاني: (مِنْ أنفَسِكُم)، فهذه القراءة مسندة إلى النبي صلى الله عليه وسلم بطريق مفرد آحادي، ولكنها غير مقبولة، والقراءة المتواترة هي: مِنْ أَنفُسِكُمْ [التوبة:128].

الفائدة العلمية للقراءات المسندة إلى النبي صلى الله عليه وسلم

هل لهذه القراءات التي أسندت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فائدة علمية؟ لننظر الآن هذه القراءات التي ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم غير القراءات المتواترة؛ لأن القراءات التي ثبتت بالتواتر وثبتت بهذه الطرق الإفرادية نحن نقبلها من جهة التواتر، وليس من جهة هذه الروايات الإفرادية، لكن القراءات الأخرى التي صحت نسبتها للنبي صلى الله عليه وسلم، ولكنها لم تبلغ حد التواتر، يعني: لم يقرأ بها القراء، هل لها فائدة علمية؟ لا شك أنها تدخل فيما يسمى بالقراءة الشاذة، والقراءة الشاذة قسمناها إلى أقسام، وأهم نوع منه: ما يصح سنده، مثل: قراءة: (والذكرِ والأُنثَى)، التي رواها الإمام البخاري في صحيحه عن أبي الدرداء، ووردت أيضاً عن ابن مسعود، وقد تلقاها أبو الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم، لكن عندما نقول: قرأها أبو الدرداء ولا نقول: قرأها النبي صلى الله عليه وسلم، مع أن الذي أقرأه هو النبي صلى الله عليه وسلم وقد نص على ذلك، يقول: ( لقد أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا: (والذكرِ والأُنثَى) )، فلا نسميها قراءة النبي صلى الله عليه وسلم، لكن هذه سميناها قراءة النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنها أسندت إليه صلى الله عليه وسلم، هذا الفرق فقط، وإلا ففي النهاية كل هذه القراءات شاذها ومتواترها إذا صحت فهي مسندة إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

والعلماء تكلموا عن فوائد قراءة الشاذة من جهة الأحكام ومن جهة اللغة ومن جهة البلاغة، يعني: من جهة العلوم العربية ومن جهة الأحكام.

الفائدة من القراءات الشاذة الصحيحة

عندنا جانب آخر مرتبط بعلوم القرآن، كيف نستطيع أن نستفيد من هذه القراءات في موضوعات علوم القرآن؟ هل للقراءات الشاذة علاقة بالأحرف السبعة، أو ليس لها علاقة بالأحرف السبعة؟ كيف نستطيع أن نربط بين موضوع الأحرف السبعة والقراءات الشاذة الصحيحة التي نتكلم عنها، التي ثبتت بإسناد صحيح أنه قد قُرئ بها، إما من جهة النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة، أو من حكى أنه قرأها على النبي صلى الله عليه وسلم؟ كيف نستطيع أن نستفيد منها من هذه الجهة؟

وجه الفائدة هنا: أننا حينما نناقش موضوع نسخ بعض الأحرف، فإن القراءات الشاذة سند لنا في هذه الفكرة.

القراءة المتواترة: وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى [الليل:3]، والشاذة التي رواها الإمام البخاري عن أبي الدرداء وهي قراءة ابن مسعود (والذكرِ والأنثى)، الآن مقروء بها أو شاذة؟

شاذة، وما دامت شاذة فنحن نثبت أنها قراءة صحيحة، وقد قرأ بها النبي صلى الله عليه وسلم وأقرأها لبعض الصحابة، لكن إذا جئنا إلى المعتمد في العرضة الأخيرة، والذي أجمع الصحابة على أنه قرآن، هل نجد فيه: (والذكرِ والأنثى)؟

أمامنا عدة احتمالات: الاحتمال الأول: أن يكون الصحابة تدخلوا في النص القرآني فألغوا منه: (والذكر والأنثى)، كما يدعي بعض الرافضة، ويستدلون بهذا على أن الصحابة تصرفوا في القرآن، هذا احتمال.

والاحتمال الآخر: أن يكون الذي أنزلها هو الذي نسخها، وعندما نرجع نحن لتقرير هذه المسألة من خلال نصوص القرآن ومن خلال السنة، سنجد أن الاحتمال الثاني هو الأصل، وهو الذي يجب أن يصار إليه من جهة المنطق العقلي، ومن جهة المنهج العلمي، وأن من أخذ بالشبهة وادعى أن الصحابة هم الذين نسخوا هم الذين تركوا فقد وقع في الخطأ؛ لأن قضية نسخ أي شيء من القرآن هي من حق الله سبحانه وتعالى، فهو الذي يقول عن نفسه: مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا [البقرة:106]، ولا يجوز لأحد كائناً من كان أن ينسخ شيئاً من القرآن، حتى النبي صلى الله عليه وسلم لم توكل إليه هذه المهمة.

إذاً إذا جئنا إلى الذي له حق النسخ فهو الله سبحانه وتعالى، حتى النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن له حق أن ينسخ آية ويرفع آية؛ لأنه هو مبلغ ورسول فقط. فلا بد أن نثبت بالدليل العقلي وبالمنهج العلمي الصحيح هذه القضية، ونعزز فيها الأدلة لكي تتضح لمن يتلقى علوم القرآن، وكذلك ننتبه إلى أن شبهة، وإذا كشف عنها بالوجه العلمي زالت.

والقرآن أنزل على سبعة أحرف يقيناً، والذي أنزله هو جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم، ولا تدخل لأحد بهذه الأحرف السبعة أبداً، ولما وجدنا نصوصاً صحيحة صريحة في أن وجوهاً من القرآن لا يُقرأ بها، فإن الدليل العقلي المبني على الواقع التاريخي للقرآن يجرنا إلى أن نقول: إن هذه القراءات مما كان يُقرأ ولكنه نسخ، والذي له حق أن يترك شيئاً من كتابه أو أن ينسخ شيئاً من كتابه هو الله سبحانه وتعالى.

فإذا تقررت هذه المسألة واتضحت لا يكون عندنا أي إشكال، وليس عندنا أيضاً أي ضعف علمي في أن نناقش مثل هذه القضايا مع الرافضة ومع المستشرقين ومع غيرهم، أن نقول: نعم، هذه قرآن نحن نثبتها، ولكنها كانت إلى وقت، ثم بعد ذلك رفعها أو نسخها من أنزلها.

وموضوع النسخ هناك أصلاً من ينكرونه بالكلية، ولهم في ذلك شبه كثيرة ليس هذا محلها، لكن أنا أردت فقط أن ننتبه إلى أهمية هذا المبحث فيما يتعلق بالقراءات الشاذة أو القراءات المنسوبة للنبي صلى الله عليه وسلم، أهميته في كيف نستطيع أن نضعه، وأين نضعه، ونحن نناقش علوم القرآن.

ومن القضايا المهمة جدًا -ونحن نناقش علوم القرآن-: أن يكون عندنا ترابط بين معلومات علوم القرآن بعضها مع بعض، فالتجزئة الزائدة هذه قد تلغي عن ذهنية الطالب الجمع بين هذه الأجزاء، فإذا اجتمعت هذه الأجزاء تتضح له بعض المسائل، فأحيانًا التجزئة تكون مفيدة، وأحيانًا قد تغيب التجزئة عنه بعض الحقائق، أو بعض الفوائد.

هل لهذه القراءات التي أسندت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فائدة علمية؟ لننظر الآن هذه القراءات التي ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم غير القراءات المتواترة؛ لأن القراءات التي ثبتت بالتواتر وثبتت بهذه الطرق الإفرادية نحن نقبلها من جهة التواتر، وليس من جهة هذه الروايات الإفرادية، لكن القراءات الأخرى التي صحت نسبتها للنبي صلى الله عليه وسلم، ولكنها لم تبلغ حد التواتر، يعني: لم يقرأ بها القراء، هل لها فائدة علمية؟ لا شك أنها تدخل فيما يسمى بالقراءة الشاذة، والقراءة الشاذة قسمناها إلى أقسام، وأهم نوع منه: ما يصح سنده، مثل: قراءة: (والذكرِ والأُنثَى)، التي رواها الإمام البخاري في صحيحه عن أبي الدرداء، ووردت أيضاً عن ابن مسعود، وقد تلقاها أبو الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم، لكن عندما نقول: قرأها أبو الدرداء ولا نقول: قرأها النبي صلى الله عليه وسلم، مع أن الذي أقرأه هو النبي صلى الله عليه وسلم وقد نص على ذلك، يقول: ( لقد أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا: (والذكرِ والأُنثَى) )، فلا نسميها قراءة النبي صلى الله عليه وسلم، لكن هذه سميناها قراءة النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنها أسندت إليه صلى الله عليه وسلم، هذا الفرق فقط، وإلا ففي النهاية كل هذه القراءات شاذها ومتواترها إذا صحت فهي مسندة إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

والعلماء تكلموا عن فوائد قراءة الشاذة من جهة الأحكام ومن جهة اللغة ومن جهة البلاغة، يعني: من جهة العلوم العربية ومن جهة الأحكام.

عندنا جانب آخر مرتبط بعلوم القرآن، كيف نستطيع أن نستفيد من هذه القراءات في موضوعات علوم القرآن؟ هل للقراءات الشاذة علاقة بالأحرف السبعة، أو ليس لها علاقة بالأحرف السبعة؟ كيف نستطيع أن نربط بين موضوع الأحرف السبعة والقراءات الشاذة الصحيحة التي نتكلم عنها، التي ثبتت بإسناد صحيح أنه قد قُرئ بها، إما من جهة النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة، أو من حكى أنه قرأها على النبي صلى الله عليه وسلم؟ كيف نستطيع أن نستفيد منها من هذه الجهة؟

وجه الفائدة هنا: أننا حينما نناقش موضوع نسخ بعض الأحرف، فإن القراءات الشاذة سند لنا في هذه الفكرة.

القراءة المتواترة: وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى [الليل:3]، والشاذة التي رواها الإمام البخاري عن أبي الدرداء وهي قراءة ابن مسعود (والذكرِ والأنثى)، الآن مقروء بها أو شاذة؟

شاذة، وما دامت شاذة فنحن نثبت أنها قراءة صحيحة، وقد قرأ بها النبي صلى الله عليه وسلم وأقرأها لبعض الصحابة، لكن إذا جئنا إلى المعتمد في العرضة الأخيرة، والذي أجمع الصحابة على أنه قرآن، هل نجد فيه: (والذكرِ والأنثى)؟

أمامنا عدة احتمالات: الاحتمال الأول: أن يكون الصحابة تدخلوا في النص القرآني فألغوا منه: (والذكر والأنثى)، كما يدعي بعض الرافضة، ويستدلون بهذا على أن الصحابة تصرفوا في القرآن، هذا احتمال.

والاحتمال الآخر: أن يكون الذي أنزلها هو الذي نسخها، وعندما نرجع نحن لتقرير هذه المسألة من خلال نصوص القرآن ومن خلال السنة، سنجد أن الاحتمال الثاني هو الأصل، وهو الذي يجب أن يصار إليه من جهة المنطق العقلي، ومن جهة المنهج العلمي، وأن من أخذ بالشبهة وادعى أن الصحابة هم الذين نسخوا هم الذين تركوا فقد وقع في الخطأ؛ لأن قضية نسخ أي شيء من القرآن هي من حق الله سبحانه وتعالى، فهو الذي يقول عن نفسه: مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا [البقرة:106]، ولا يجوز لأحد كائناً من كان أن ينسخ شيئاً من القرآن، حتى النبي صلى الله عليه وسلم لم توكل إليه هذه المهمة.

إذاً إذا جئنا إلى الذي له حق النسخ فهو الله سبحانه وتعالى، حتى النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن له حق أن ينسخ آية ويرفع آية؛ لأنه هو مبلغ ورسول فقط. فلا بد أن نثبت بالدليل العقلي وبالمنهج العلمي الصحيح هذه القضية، ونعزز فيها الأدلة لكي تتضح لمن يتلقى علوم القرآن، وكذلك ننتبه إلى أن شبهة، وإذا كشف عنها بالوجه العلمي زالت.

والقرآن أنزل على سبعة أحرف يقيناً، والذي أنزله هو جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم، ولا تدخل لأحد بهذه الأحرف السبعة أبداً، ولما وجدنا نصوصاً صحيحة صريحة في أن وجوهاً من القرآن لا يُقرأ بها، فإن الدليل العقلي المبني على الواقع التاريخي للقرآن يجرنا إلى أن نقول: إن هذه القراءات مما كان يُقرأ ولكنه نسخ، والذي له حق أن يترك شيئاً من كتابه أو أن ينسخ شيئاً من كتابه هو الله سبحانه وتعالى.

فإذا تقررت هذه المسألة واتضحت لا يكون عندنا أي إشكال، وليس عندنا أيضاً أي ضعف علمي في أن نناقش مثل هذه القضايا مع الرافضة ومع المستشرقين ومع غيرهم، أن نقول: نعم، هذه قرآن نحن نثبتها، ولكنها كانت إلى وقت، ثم بعد ذلك رفعها أو نسخها من أنزلها.

وموضوع النسخ هناك أصلاً من ينكرونه بالكلية، ولهم في ذلك شبه كثيرة ليس هذا محلها، لكن أنا أردت فقط أن ننتبه إلى أهمية هذا المبحث فيما يتعلق بالقراءات الشاذة أو القراءات المنسوبة للنبي صلى الله عليه وسلم، أهميته في كيف نستطيع أن نضعه، وأين نضعه، ونحن نناقش علوم القرآن.

ومن القضايا المهمة جدًا -ونحن نناقش علوم القرآن-: أن يكون عندنا ترابط بين معلومات علوم القرآن بعضها مع بعض، فالتجزئة الزائدة هذه قد تلغي عن ذهنية الطالب الجمع بين هذه الأجزاء، فإذا اجتمعت هذه الأجزاء تتضح له بعض المسائل، فأحيانًا التجزئة تكون مفيدة، وأحيانًا قد تغيب التجزئة عنه بعض الحقائق، أو بعض الفوائد.

قال رحمه الله تعالى: [ النوع الخامس والسادس: الرواة والحفاظ من الصحابة والتابعين الذين اشتهروا بحفظ القرآن وإقرائه.

علي عثمان أبي زيد ولابن مسعود بهذا سعد

كذا أبو زيد أبو الدردا كذا معاذ بن جبل وأخذا

عنهم أبو هريرة مع ابن عباس ابن سائب والمعني

بذين عبد الله ثم من شُهر من تابعي فالذي منهم ذكر

يزيد أي من أبه القعقاع والأعرج بن هرمز قد شاعوا

مجاهد عطا سعيد عكرمة والحسن الأسود زر علقمة

كذاك مسروق كذا عبيدة رجوع سبعة لهم لا بده ].

هذا أيضًا من المباحث التي أفردها البلقيني وتبعه السيوطي ، ونظمه الزمزمي في الرواة والحفاظ من الصحابة والتابعين الذين اشتهروا بحفظ القرآن وإقرائه، وهذا المبحث فيه بعض الإشارات.

القراء الذين اشتهروا بالقراءة من الصحابة كُثُر، ولكن الذين برزوا قليل، فلو رجعنا إلى تاريخ الصحابة لوجدنا سرية تسمى سرية القراء، كان عددهم سبعين، وكانت في السنة الثالثة أو الرابعة.

يعني: هؤلاء سبعون ممن اختصوا بالقرآن في ذلك الوقت، فما بالك بعده!

بروز قلة من القراء

وهنا ملحظ مهم جدًا، يجب أن ننتبه له، وهو الفرق بين أن يوجد قراء كُثُر، وأن يبرز مجموعة منهم.

مثلًا: أبو زيد الأنصاري لو بحثتم عن ترجمته لا تجدون كثير ترجمة، و أنس بن مالك وهو يروي أو يذكر من أخذ القرآن عن النبي صلى الله عليه وسلم يقول عنه: أبو زيد الأنصاري أحد عمومتي.

فـأبو زيد هذا اسمه قيس بن السكن على المشهور كما يقول السيوطي، ولا تكاد تجد له ترجمة كبيرة جدًا.

والأمر الثاني: لو نظرت إلى طرق القراء فإنك لا تجد فيها أبا زيد هذا، ومع ذلك هو ممن اشتهر بحفظ القرآن وإقرائه.

فإذاً الشهرة شيء، وعدد الذين حفظوا وقرءوا القرآن شيء آخر، وأيضًا الشهرة نوعان: هناك من اشتهر، وبقي أثره عندنا إلى اليوم من طريق القراء، وهناك من اشتهر بأنه كان مقرئًا مثل معاذ بن جبل أو مثل أبي زيد ، ولكنه لم يرد من طريق القراء، يعني: أن أسانيد القراء لا تصل إليه، وذلك لأسباب مثلاً تقدم الوفاة وأيًّا ما كان الأمر فالمقصود: أن ننتبه ونحن نتكلم عن حفاظ الصحابة، أو من حفظ القرآن من الصحابة، أو من كان معتنيًا بالقراءة من الصحابة، ونقول: هم كثير، ولكن الذين برزوا منهم قليل، والذين بقيت طرقهم من البارزين أقل.

نظرة في كتب طبقات القراء

نأتي إلى قضية أخرى: بعض كتب طبقات القراء، مثل: كتاب معرفة القراء الكبار للذهبي ؛ مشى على الطبقات، وبعض الكتب مشت على (أ، ب) مثل: غاية النهاية لـابن الجزري ، وكتاب الذهبي رتبه على الطبقات فجعل الصحابة طبقات، يعني: كبار الصحابة، ثم نزل إلى من قرأ على كبار الصحابة، ثم بدأ بكبار التابعين، ثم التابعين الذين قرءوا على كبار التابعين.. وهكذا، يعني فصلهم طبقات.

لو نظرنا إلى كتاب الطبقات للذهبي ، وهو من أنفس كتب الطبقات، وجمعنا عدد الصحابة الذين كتب الذهبي ترجمتهم في كتابه، سنجد أنهم بالنسبة لعدد الصحابة قليل، وهم الذين اشتُهر أن القرآن روي من طريقهم: عثمان بن عفان ، علي بن أبي طالب ، أبي بن كعب ، زيد بن ثابت ، عبد الله بن مسعود فهي قليل.

ثم الطبقة التي بعدهم: أبو هريرة ، و عبد الله بن عباس ، و عبد الله بن السائب ، ولو جمعت كل هؤلاء من الصحابة الذين رُوي من طريقهم القرآن فهم قليل.

وسبق عند الكلام عن كيفية نقل القرآن، أن المسألة مسألة شهرة وتلقي، فهؤلاء الصحابة عندما نرجع إلى الآثار سنجد أن بعض الروايات عنهم تدخل في الشاذ، يقولون: وقرأ عثمان كذا، وإن كانت قليلة، وقرأ زيد كذا وهي قليلة، وقرأ أبي كذا، وأكثر من روي عنه الشاذ هو عبد الله بن مسعود ، يقولون: أحيانًا في مصحف أبي ، في مصحف ابن مسعود ، في حرف أبي ، في حرف ابن مسعود ، في قراءة أبي ، في قراءة ابن مسعود، يعني: مصطلحات متعددة، وهي في النهاية منسوبة لهؤلاء الأعلام.

توظيف المعلومات المتعلقة بالقراءات وجمع القرآن والأحرف السبعة

أيضًا: كيف نستطيع أن نوظف هذه المعلومات التي ذكرناها مع قضية القراءات وجمع القرآن، والأحرف السبعة، كلها متداخل بعضها في بعض، فتحتاج إلى أننا نجمعها ثم نفككها؛ لكي يكون هناك نوع من الترابط، ثم نعرف كيف جاءت هذه القراءات، وهو نفسه المذكور عن القراءات المنسوبة للنبي صلى الله عليه وسلم، تأتي بنفس الفكرة في القراءات المنسوبة إلى هؤلاء، ولكنها تعتبر من القراءات الشاذة، إذا صحت عنهم، وثبت أنهم تلقوها عن النبي صلى الله عليه وسلم، فتقول: إنها مما نسخ مثل قراءة: (والذكَّرِ والأنثى) التي ذكرناها سابقاً.

اختلاف طريقة تلقي القرآن عن تلقي الحديث

ومن حيث اشتراط التواتر المذكور في القراءات: يجب أن نعلم أن طريق القرآن في تلقيه ليس كطريق الحديث النبوي في تلقيه.

القرآن له ميزة مهمة جدًا ننتبه لها، فلا يكاد يمر سنة على مسلم يحافظ على صلاة التراويح مع الإمام في رمضان إلا ويمر على القرآن كاملًا، والحريص منهم على القراءة سيختمه مرة بعد مرة، والحريص على أن يقرأه على غيره سيختمه مرة بعد مرة، والحريص على قراءته في الليل وفي النهار سيختمه مرة بعد مرة.

إذاً: القرآن ليس كالحديث، القرآن يوميًا يُتلى، ويتلوه كثير من الناس، ويقرأ آناء الليل وأطراف النهار، ويُسمع من فئام كثُر، فوقوع الخطأ فيه مستحيل، يعني: أن يطبق جميع الصحابة على خطأ في قراءته، هذا مستحيل. ولو وقع خطأ من بعضهم، فإننا سنجد من يستدرك عليهم، ولو قرأ بعضهم بقراءة نسخت في العرضة الأخيرة، فإننا سنجد من يستدرك عليهم.

إذاً: القرآن طريقة حفظه، وطريقه تلقيه ونقله أكبر بكثير من قضية أننا نقول: إنه متواتر، ونلتزم بعشرة من الصحابة، لا، هؤلاء الذين ذكرناهم مجموعة منهم هم أبرز الصحابة، لكن هؤلاء الذين هم أبرز الصحابة كانوا يقرءون، وكثير من الصحابة يسمعون، ولو كان واحد منهم يعلم أن هذا الصحابي عنده خلل في قراءته لحصل منهم التنبيه عليه، والدليل على ذلك هي الآثار التي ذكرناها، ولذلك أبو الدرداء رضي الله عنه كان يُقرِئ أهل الشام (والذكرِ والأنثى)، ولم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى [الليل:3]، وكون فرد واحد لم يسمع الوجه الآخر عقلًا ومنطقًا وواقعًا ممكن أو غير ممكن؟ ممكن، فيكون قد غاب عن أبي الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ: وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى [الليل:3] هذا ممكن، لكن إذا غاب عن أبي الدرداء : هل يصح أن يغيب عن غيره عن الجميع؟ الجواب: لا.

وأيضًا: القراءة التي خُتِم بها القرآن، التي يسمونها (العرضة الأخيرة)، وكُتب القرآن عليها، وأجمع عليها الصحابة، لما أجمعوا على هذه القراءة، هل موقف أبي الدرداء بعد ذلك في قراءته: (والذكرِ والأنثى) يكون مقبولاً أو مرفوضاً؟

يكون مرفوضاً؛ لأن الحجة وهم الجماعة، أثبتوا أن هذه مما ترُك، فلا يمكن أن نحتج بفرد على جماعة، هذا عقلًا ومنطقًا لا يمكن أن يكون في أي حالة من الحالات.

وتصوروا مسألة عقلية على سبيل الفرض، وأنتم ذاهبون إلى الجامعة هناك سيارة واقفة على اليمين، ولونها غريب، وكل الذين جاءوا يقولون: والله هذه لونها أصفر مموج، فيأتي واحد من الناس ويقول: والله لونها أحمر، فهل يمكن عندما أسمع هذا الخبر أن أقول: والله هذا الذي قال: (أحمر) هو الصواب، أنتم كلكم غلط، هل يقبل عقلًا؟ ما يقبل، فإذاً: الدليل العقلي والمنطق السليم يجعلنا عندما نأتي لمثل هذه الأمور نقول: نعم، نحن نثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ بها، ونثبت أن أبا الدرداء أقرأ بها دهرًا من الزمن، وكل هذا نثبته، ولكن في النهاية لما أُلزِم الناس بالعرضة الأخيرة في عهد عثمان نقول: إن قراءة أبي الدرداء الآن غير مقبولة، أما قبل الإلزام فكان الأمر مفتوحًا.

إذاً: لا يؤثر عندنا، ولا يؤثر علينا نحن أن نقول: بأن هناك قراءات شاذة وهي كثيرة جدًا، ولكن بعضها قد يكون كما قلنا مكذوباً، وبعضها قد يكون بلا إسناد أصلًا، وبعضها يعلق على شخص بلا إسناد، وبعضها يذكر إسنادًا، وما يذكر إسنادًا قد يصح وقد لا يصح، حسب إجراءات الإسناد.

فإذاً: كل هذه المسائل لا تؤثر على نقل القرآن لا من قريب ولا من بعيد، وهي مسائل علمية نبحثها من خلال البحث العلمي فقط، فلو أثبتنا -ونحن نثبت- أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ: (والذكرِ والأنثى)، فلا يؤثر عندنا على نقل القرآن، ولا يؤثر على أن القرآن الذي بين أيدينا كامل، وأن هذه القراءة متروكة، وأن الذي أمر بتركها هو الذي أنزلها بلا محالة.

عدد الذين حفظوا القرآن من الصحابة

هناك مسائل أخرى مثل: من حفظ القرآن من الصحابة؟ كم حفاظ الصحابة؟ وحديث أنس بن مالك أنه مرة عدّ أربعة، ولم يذكر فيهم فلاناً، ومرة عدّ أربعة آخرين، ولم يذكر فيهم فلاناً، هذه قضايا جزئية لا نحتاجها، ولكن المسألة حتى لو لم يحفظ جمع من الصحابة القرآن كاملًا، ولو كانوا من الفضلاء مثل ما ذكر عن أبي بكر و عمر أنهما ماتا ولم يجمعا القرآن ولم يحفظاه، فإن هذا لا يؤثر على فضلهم العام، وأيضًا لا يشكل علينا في نقل القرآن أصلًا؛ لأن هناك خلافاً فيمن جمع القرآن من الصحابة كاملًا؟ بمعنى: من حفظه؟ فذكر أبو بكر و عمر و عثمان و علي .. إلى آخره، لكن في بعض الروايات: أن أبا بكر لم يجمع القرآن كاملًا، فنقول: لو ثبت ذلك فإنه لا يؤثر على فضل أبي بكر رضي الله عنه؛ لأن المسألة في مثل هذا، هي قضية طاقات وقدرات وعبادات متنوعة، فإن لم يحفظ فلا يعني أنه لا يقرأ القرآن أو لم يقرأه كاملًا؛ لأنه لا أثر له في ذلك، فالحفظ شيء، والقراءة شيء آخر.

وهنا ملحظ مهم جدًا، يجب أن ننتبه له، وهو الفرق بين أن يوجد قراء كُثُر، وأن يبرز مجموعة منهم.

مثلًا: أبو زيد الأنصاري لو بحثتم عن ترجمته لا تجدون كثير ترجمة، و أنس بن مالك وهو يروي أو يذكر من أخذ القرآن عن النبي صلى الله عليه وسلم يقول عنه: أبو زيد الأنصاري أحد عمومتي.

فـأبو زيد هذا اسمه قيس بن السكن على المشهور كما يقول السيوطي، ولا تكاد تجد له ترجمة كبيرة جدًا.

والأمر الثاني: لو نظرت إلى طرق القراء فإنك لا تجد فيها أبا زيد هذا، ومع ذلك هو ممن اشتهر بحفظ القرآن وإقرائه.

فإذاً الشهرة شيء، وعدد الذين حفظوا وقرءوا القرآن شيء آخر، وأيضًا الشهرة نوعان: هناك من اشتهر، وبقي أثره عندنا إلى اليوم من طريق القراء، وهناك من اشتهر بأنه كان مقرئًا مثل معاذ بن جبل أو مثل أبي زيد ، ولكنه لم يرد من طريق القراء، يعني: أن أسانيد القراء لا تصل إليه، وذلك لأسباب مثلاً تقدم الوفاة وأيًّا ما كان الأمر فالمقصود: أن ننتبه ونحن نتكلم عن حفاظ الصحابة، أو من حفظ القرآن من الصحابة، أو من كان معتنيًا بالقراءة من الصحابة، ونقول: هم كثير، ولكن الذين برزوا منهم قليل، والذين بقيت طرقهم من البارزين أقل.

نأتي إلى قضية أخرى: بعض كتب طبقات القراء، مثل: كتاب معرفة القراء الكبار للذهبي ؛ مشى على الطبقات، وبعض الكتب مشت على (أ، ب) مثل: غاية النهاية لـابن الجزري ، وكتاب الذهبي رتبه على الطبقات فجعل الصحابة طبقات، يعني: كبار الصحابة، ثم نزل إلى من قرأ على كبار الصحابة، ثم بدأ بكبار التابعين، ثم التابعين الذين قرءوا على كبار التابعين.. وهكذا، يعني فصلهم طبقات.

لو نظرنا إلى كتاب الطبقات للذهبي ، وهو من أنفس كتب الطبقات، وجمعنا عدد الصحابة الذين كتب الذهبي ترجمتهم في كتابه، سنجد أنهم بالنسبة لعدد الصحابة قليل، وهم الذين اشتُهر أن القرآن روي من طريقهم: عثمان بن عفان ، علي بن أبي طالب ، أبي بن كعب ، زيد بن ثابت ، عبد الله بن مسعود فهي قليل.

ثم الطبقة التي بعدهم: أبو هريرة ، و عبد الله بن عباس ، و عبد الله بن السائب ، ولو جمعت كل هؤلاء من الصحابة الذين رُوي من طريقهم القرآن فهم قليل.

وسبق عند الكلام عن كيفية نقل القرآن، أن المسألة مسألة شهرة وتلقي، فهؤلاء الصحابة عندما نرجع إلى الآثار سنجد أن بعض الروايات عنهم تدخل في الشاذ، يقولون: وقرأ عثمان كذا، وإن كانت قليلة، وقرأ زيد كذا وهي قليلة، وقرأ أبي كذا، وأكثر من روي عنه الشاذ هو عبد الله بن مسعود ، يقولون: أحيانًا في مصحف أبي ، في مصحف ابن مسعود ، في حرف أبي ، في حرف ابن مسعود ، في قراءة أبي ، في قراءة ابن مسعود، يعني: مصطلحات متعددة، وهي في النهاية منسوبة لهؤلاء الأعلام.

أيضًا: كيف نستطيع أن نوظف هذه المعلومات التي ذكرناها مع قضية القراءات وجمع القرآن، والأحرف السبعة، كلها متداخل بعضها في بعض، فتحتاج إلى أننا نجمعها ثم نفككها؛ لكي يكون هناك نوع من الترابط، ثم نعرف كيف جاءت هذه القراءات، وهو نفسه المذكور عن القراءات المنسوبة للنبي صلى الله عليه وسلم، تأتي بنفس الفكرة في القراءات المنسوبة إلى هؤلاء، ولكنها تعتبر من القراءات الشاذة، إذا صحت عنهم، وثبت أنهم تلقوها عن النبي صلى الله عليه وسلم، فتقول: إنها مما نسخ مثل قراءة: (والذكَّرِ والأنثى) التي ذكرناها سابقاً.

ومن حيث اشتراط التواتر المذكور في القراءات: يجب أن نعلم أن طريق القرآن في تلقيه ليس كطريق الحديث النبوي في تلقيه.

القرآن له ميزة مهمة جدًا ننتبه لها، فلا يكاد يمر سنة على مسلم يحافظ على صلاة التراويح مع الإمام في رمضان إلا ويمر على القرآن كاملًا، والحريص منهم على القراءة سيختمه مرة بعد مرة، والحريص على أن يقرأه على غيره سيختمه مرة بعد مرة، والحريص على قراءته في الليل وفي النهار سيختمه مرة بعد مرة.

إذاً: القرآن ليس كالحديث، القرآن يوميًا يُتلى، ويتلوه كثير من الناس، ويقرأ آناء الليل وأطراف النهار، ويُسمع من فئام كثُر، فوقوع الخطأ فيه مستحيل، يعني: أن يطبق جميع الصحابة على خطأ في قراءته، هذا مستحيل. ولو وقع خطأ من بعضهم، فإننا سنجد من يستدرك عليهم، ولو قرأ بعضهم بقراءة نسخت في العرضة الأخيرة، فإننا سنجد من يستدرك عليهم.

إذاً: القرآن طريقة حفظه، وطريقه تلقيه ونقله أكبر بكثير من قضية أننا نقول: إنه متواتر، ونلتزم بعشرة من الصحابة، لا، هؤلاء الذين ذكرناهم مجموعة منهم هم أبرز الصحابة، لكن هؤلاء الذين هم أبرز الصحابة كانوا يقرءون، وكثير من الصحابة يسمعون، ولو كان واحد منهم يعلم أن هذا الصحابي عنده خلل في قراءته لحصل منهم التنبيه عليه، والدليل على ذلك هي الآثار التي ذكرناها، ولذلك أبو الدرداء رضي الله عنه كان يُقرِئ أهل الشام (والذكرِ والأنثى)، ولم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى [الليل:3]، وكون فرد واحد لم يسمع الوجه الآخر عقلًا ومنطقًا وواقعًا ممكن أو غير ممكن؟ ممكن، فيكون قد غاب عن أبي الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ: وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى [الليل:3] هذا ممكن، لكن إذا غاب عن أبي الدرداء : هل يصح أن يغيب عن غيره عن الجميع؟ الجواب: لا.

وأيضًا: القراءة التي خُتِم بها القرآن، التي يسمونها (العرضة الأخيرة)، وكُتب القرآن عليها، وأجمع عليها الصحابة، لما أجمعوا على هذه القراءة، هل موقف أبي الدرداء بعد ذلك في قراءته: (والذكرِ والأنثى) يكون مقبولاً أو مرفوضاً؟

يكون مرفوضاً؛ لأن الحجة وهم الجماعة، أثبتوا أن هذه مما ترُك، فلا يمكن أن نحتج بفرد على جماعة، هذا عقلًا ومنطقًا لا يمكن أن يكون في أي حالة من الحالات.

وتصوروا مسألة عقلية على سبيل الفرض، وأنتم ذاهبون إلى الجامعة هناك سيارة واقفة على اليمين، ولونها غريب، وكل الذين جاءوا يقولون: والله هذه لونها أصفر مموج، فيأتي واحد من الناس ويقول: والله لونها أحمر، فهل يمكن عندما أسمع هذا الخبر أن أقول: والله هذا الذي قال: (أحمر) هو الصواب، أنتم كلكم غلط، هل يقبل عقلًا؟ ما يقبل، فإذاً: الدليل العقلي والمنطق السليم يجعلنا عندما نأتي لمثل هذه الأمور نقول: نعم، نحن نثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ بها، ونثبت أن أبا الدرداء أقرأ بها دهرًا من الزمن، وكل هذا نثبته، ولكن في النهاية لما أُلزِم الناس بالعرضة الأخيرة في عهد عثمان نقول: إن قراءة أبي الدرداء الآن غير مقبولة، أما قبل الإلزام فكان الأمر مفتوحًا.

إذاً: لا يؤثر عندنا، ولا يؤثر علينا نحن أن نقول: بأن هناك قراءات شاذة وهي كثيرة جدًا، ولكن بعضها قد يكون كما قلنا مكذوباً، وبعضها قد يكون بلا إسناد أصلًا، وبعضها يعلق على شخص بلا إسناد، وبعضها يذكر إسنادًا، وما يذكر إسنادًا قد يصح وقد لا يصح، حسب إجراءات الإسناد.

فإذاً: كل هذه المسائل لا تؤثر على نقل القرآن لا من قريب ولا من بعيد، وهي مسائل علمية نبحثها من خلال البحث العلمي فقط، فلو أثبتنا -ونحن نثبت- أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ: (والذكرِ والأنثى)، فلا يؤثر عندنا على نقل القرآن، ولا يؤثر على أن القرآن الذي بين أيدينا كامل، وأن هذه القراءة متروكة، وأن الذي أمر بتركها هو الذي أنزلها بلا محالة.

هناك مسائل أخرى مثل: من حفظ القرآن من الصحابة؟ كم حفاظ الصحابة؟ وحديث أنس بن مالك أنه مرة عدّ أربعة، ولم يذكر فيهم فلاناً، ومرة عدّ أربعة آخرين، ولم يذكر فيهم فلاناً، هذه قضايا جزئية لا نحتاجها، ولكن المسألة حتى لو لم يحفظ جمع من الصحابة القرآن كاملًا، ولو كانوا من الفضلاء مثل ما ذكر عن أبي بكر و عمر أنهما ماتا ولم يجمعا القرآن ولم يحفظاه، فإن هذا لا يؤثر على فضلهم العام، وأيضًا لا يشكل علينا في نقل القرآن أصلًا؛ لأن هناك خلافاً فيمن جمع القرآن من الصحابة كاملًا؟ بمعنى: من حفظه؟ فذكر أبو بكر و عمر و عثمان و علي .. إلى آخره، لكن في بعض الروايات: أن أبا بكر لم يجمع القرآن كاملًا، فنقول: لو ثبت ذلك فإنه لا يؤثر على فضل أبي بكر رضي الله عنه؛ لأن المسألة في مثل هذا، هي قضية طاقات وقدرات وعبادات متنوعة، فإن لم يحفظ فلا يعني أنه لا يقرأ القرآن أو لم يقرأه كاملًا؛ لأنه لا أثر له في ذلك، فالحفظ شيء، والقراءة شيء آخر.

قال رحمه الله تعالى: [ العقد الثالث: ما يرجع إلى الأداء، وهي ستة أنواع:

النوع الأول والثاني: الوقف، والابتداء.

والابتدا بهمز وصل قد فشا وحكمه عندهم كما تشا

من قبح أو من حسن أو تمام أو اكتفا بحسب المقام

وبالسكون قف على المحركه وزيد الاشمام لضم الحركه

والروم فيه مثل كسر أصلا والفتح ذان عنه حتماً حظلا

في الها التي بالتاء رسما خلف وويكأن للكسائي وقف

منها على اليا وأبو عمرو على كاف لها وبعضهم قد حملا

ووقفوا بلام نحو: (مال هذا الرسول) ما عدا الموالي

السابقين فعلى ما وقفوا وشبه ذا المثال نحوه قفوا]

دخل المؤلف في (العقد الثالث) وسماه البلقيني الأمر الثالث: وهو ما يرجع إلى الأداء وهو ستة أنواع.

وأول وثاني هذه الأنواع الستة ذكر ما يتعلق بالوقف والابتداء، فقال:

والابتداء بهمز وصل قد فشا وحكمه عندهم كما تشا

الابتداء يكون بمتحرك، والوقف يكون على ساكن، وذكر المؤلف هنا كيفية الابتداء بهمز الوصل.

أقسام الوقف وأنواعه

ثم ذكر بعدها ما يتعلق بأنواع الوقف الأربعة المشهورة الذي هو: الوقف التام، والكافي، والحسن، والقبيح. وفي النظم بدأ بالقبيح، ثم الحسن، ثم التمام، ثم الكافي، ولكن الترتيب عندهم: التام، فالكافي، فالحسن، فالقبيح، وهذه الأنواع الأربعة هي أشهر الأنواع عند من كتب على هذا المنوال، ويزيد بعضهم: صالح، وجائز، وكافي، وأكفى، وقبيح، وأقبح، وحسن، وأحسن، يعني: مجموعة من المصطلحات، لكن الذي يغلب عليها هو هذه الأوقاف الأربعة، وبعضهم اكتفى بثلاثة: التام، والحسن، والقبيح، وبعضهم قال: التام، والكافي والقبيح. يوجد خلافات دائرة ضمن هذه المصطلحات الأربعة: التام والكافي والحسن والقبيح.

وهناك مصطلح آخر، وهو مصطلح المغاربة، حيث يعين مكان الوقف دون تنويع، يعني: ما يكون له نوع.

فالمغاربة يقفون فقط على المواقف ويذكرون حرف الصاد، يعني: إشارة، أو (صه) التي هي: اسم فعل أمر بمعنى (اسكت)، وهذا عند المغاربة ومن أواخر من فعله لهم الهبطي في القرن العاشر، ولا يزال معتمدًا إلى اليوم.

وهناك وقوف أخرى كانت فيما وراء النهر وفي الهند، وهي وقوف السجوندي ، ووقوفه موجودة الآن بين أيدينا في المصحف المطبوع في الهند وفي باكستان، وأيضًا في بعض الطبعات التي في تركيا، وبعض الطبعات التي في العراق، حيث اعتمدت وقوف السجوندي : الوقف اللازم، والمطلق، والجائز، والمجوز لوجه، والمرخص ضرورة، وما لا يوقف عليه الذي هو (لا)، ثم السجاوندي عنده في وسط كتابه أوقاف أخرى أشار إليها لم يبينها، وإنما بينها داخل كتابه مثل (ق)، يعني: قد قيل، وكأن يقول: حكي وقفاً، ورموز أخرى ذكرها في كتابه، وهذا النوع هو النوع الثالث من أنواع الوقف.

إذاً يمكن تقسيم الأوقاف إلى ثلاثة أقسام:

القسم الأول: من مشى على الوقف الرباعي، الذي هو التام، والكافي، والحسن، والقبيح، سواء نقص أو زاد، يعني: مشى على هذا النظام، الذي هو النظام اللفظ والمعنى.

القسم الثاني: من اعتمد وقفاً واحداً، مثل: وقوف المغاربة والمشهور هو وقف الهبطي .

القسم الثالث: من اعتقد وقف السجاوندي وهي الأوقاف المشهورة المطبوعة في المصاحف الباكستانية والهندية، وهي: الوقف اللازم، والوقف الجائز، والوقف المرخص ضرورة، والوقف المطلق.

ومن الكتب التي يمكن الرجوع إليها كتاب: منار الهدى حيث جمع بين وقوف السجاوندي والوقوف المشهورة: الوقف التام والكافي والحسن والقبيح؛ لأن من كتب على الوقف التام والكافي والحسن والقبيح هم أكثر العلماء، فأكثرهم مشوا على هذا المنوال، ولكن المصاحف الموجودة بين أيدينا الآن مشت أصولها على مصطلحات السجاوندي ، ومن باب الفائدة فإن أصول جميع المصاحف الموجودة اليوم في المشرق العربي كالمصحف المصري، ومصحف المدينة النبوية، والمصاحف الأخرى كلها أصولها يرجع إلى السجاوندي.

عمدة تقسيم الوقف إلى أربعة أقسام

لكن كيف مشى من جعل الوقوف على أربعة؟

اعتمدوا على اللفظ والمعنى، وهو تقسيم عقلي، فإذا انعدم الارتباط بين الجملتين لفظاً ومعنى، يسمونه الوقف التام، مثل: فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا * يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثًا [النساء:41-42]، بعدها: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى [النساء:43]، فقوله: (وَلا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثًا)، لو قلت لك: ضع وقفاً، أي أنواع الوقف تضع؟ التام؛ لأن الحديث قبل الوقف عن موضوع، والحديث بعد الوقف عن موضوع استئنافي جديد، ففيه انفصال تام في اللفظ والمعنى.

كذلك قوله: وَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ [البقرة:5]، انتهى الحديث عن المؤمنين، و إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا [البقرة:6]، ابتدأ الحديث عن الكفار، فهناك انفصال تام في اللفظ والمعنى بين الجملتين.

وإذا كان هناك ارتباط في المعنى دون اللفظ، واللفظ هو الإعراب، هناك ارتباط في المعنى، لكن من جهة اللفظ والإعراب ليس هناك ارتباط، يسمونه: الوقف الكافي. مثال ذلك: قوله سبحانه وتعالى: خَتَمَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ [البقرة:7]، ثم نقف، قوله: وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ [البقرة:7]، جملة مستأنفة مستقلة، لكن هل قوله: وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ [البقرة:7]، مثل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى [النساء:43] في التعلق؟ الجواب: لا.

إذاً إذا أردنا أن نفهم الوقف الكافي أو الذي يكون فيه تعلق، سواء كان كافياً أو غيره، لو بدأنا التلاوة فقلنا: وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ [البقرة:7]، سيقول السامع: من هم؟ فهناك ضمائر تعود إلى شيء سابق، وما دام أن هناك ضمائر تعود إلى شيء سابق، فهذا يعني أن التعلق ما زال موجوداً من جهة المعنى، ولو نظرنا إلى: وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ [البقرة:7]، نجدها جملة تامة مستقلة بنفسها، لكنها مرتبطة بما قبلها من جهة السياق، والسياق يتحدث عن قوم معينين.

النوع الثالث: الوقف الحسن، وهو مرتبط بما قبله في اللفظ والمعنى، فإذا وقفنا على الجملة فإنها تعطي معنى مفهوماً، فالجملة الموقوف عليها تستقل بنفسها، أما الجملة المبدوء بها فلا تستقل بنفسها، وهذا لا يفرقه عن الكافي. يعني: الوقف التام والكافي والحسن من جهة استقلال الجملة الأولى بنفسها متساوية، يعني: أنها كلها تتفق باستقلال الجملة الأولى بنفسها.

فإذا كان المعنى منعدماً صار تاماً، وإذا كان غير منعدم صار كافياً، وإذا وجد الربط في اللفظ والمعنى صار حسناً، فعندما نقول: الْحَمْدُ للهِ [الفاتحة:2]، ونقف، فإنها إعراباً ومعنى مفهومة، فـ (الْحَمْدُ للهِ) جملة من مبتدأ وخبر تامة، لكن لو بدأنا فقلنا: رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2]، هل الآن من جهة الإعراب يجوز فنبتدئ بالجر؟ لا، إذاً هي مرتبطة بما قبلها من جهة الإعراب الذي هو اللفظ، وما دامت مرتبطة من جهة اللفظ، فقطعاً ستكون مرتبطة من جهة المعنى؛ لأن الارتباط اللفظي يلزم منه الارتباط المعنوي، أما الارتباط المعنوي فلا يلزم منه الارتباط اللفظي. يعني: وازن بين: خَتَمَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ [البقرة:7]، ثم تقول: وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ [البقرة:7]، وبين: الْحَمْدُ للهِ [الفاتحة:2]، ثم تقول: رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2]، من جهة اللفظ والمعنى. هذه الأنواع الثلاثة.

أما الوقف القبيح فله صورتان:

الصورة الأولى: أن يقف على ما لم يتم معناه لفظاً، يعني: الجملة ناقصة في الإعراب.

الصورة الثانية: أن يدخل في الجملة ما ليس منها ثم يوقف عليه.

مثال ذلك لو قال: (الْحَمْدُ)، وسكت، فإن الجملة ناقصة لفظاً، وما دامت ناقصة لفظاً فقطعاً هي ناقصة معنى؛ لأن المعنى مرتبط باللفظ. مثال الصورة الأولى.

ومثال الصورة الثانية: يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ [الشورى:8]، ثم نقف، فأدخلنا الظالمين في رحمته، والصواب: أنهم ليسوا بداخلين، فإذاً هنا أدخلنا في الجملة ما ليس منها ووقفنا عليها، يعني: وقفنا على الكلمة التي دخلت. كذلك قوله: إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالمَوْتَى [الأنعام:36]، هل الموتى يسمعون؟ فإذاً أدخلنا في الاستجابة من ليس من أهل الاستجابة، وهذا يسمى وقفاً قبيحاً.

إذاً صورة الوقف القبيح: أن يوقف على جملة ناقصة من جهة الإعراب، أو أن يدخل في الجملة ما ليس في حكمها.

وهذه كلها مرتبطة باللفظ والمعنى، فالعلماء الذين ذهبوا إلى هذا المذهب، ومنهم كبار من العلماء: ابن الأنباري ، و الداني ثم ابن الجزري ، ومجموعة من العلماء ساروا على هذا المنهج، فربطوا الموضوع باللفظ والمعنى، وكما ذكر ابن الجزري: أن القسمة رباعية، وفصلها في كتاب النشر عندما تكلم عن الوقف والابتداء.

هذا باختصار ما يتعلق بقضية الوقف والابتداء التي ذكرها في هذا المجال.




استمع المزيد من صفحة د. مساعد الطيار - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح منظومة الزمزمي [5] 3927 استماع
شرح منظومة الزمزمي [3] 2815 استماع
شرح منظومة الزمزمي [1] 2302 استماع
شرح منظومة الزمزمي [6] 2060 استماع
شرح منظومة الزمزمي [2] 1773 استماع