الحبالى وتربية الأجنة
مدة
قراءة المادة :
دقيقتان
.
(1)
نعني بتربية الجنين:عناية الحامل به بصحتها لما؛ لذلك من التأثير في صحته.
فقد قلنا في الجزء الماضي: إن لأحوال الأم الجسدية والنفسية أثرًا في نمو الجنين
واستعداده. ولا نعني بالأحوال النفسية إلا ما مثّلنا به من نحو الخوف والحزن لا ما هو شائع من أن أية شهوة من شهوات الوحمى تؤثر في الجنين حتى تظهر صورة المشتهى في جسده إذا هي لم تصبه؛ ولذلك يجتهد الناس في إنالة الوحمى كل ما تشتهي.
ويستدلون على هذا بحكايات قصاراها أنها تنهض استقراءً ناقصًا لا يثبت به المدعى قطعًا.
ولكن المعقول الذي يريده العلم أن الانفعالات القوية تؤثر في الصحة، ويتبع هذا تأثيرها في الجنين، وبيانه باختصار: أن الجهاز التناسلي يتأثر بالانفعال الشديد كالجهاز العصبي والهضمي وغيرهما، وهو في أثناء الحبل يكون مشغولاً بأداء وظيفته؛ فما يطرأ عليه إما أن يساعده في عمله، وإما أن يعوقه عنه. ولا يحسبنَّ الحبالى أن أقل كدر عادي أو حزن عارض أو خوف خفيف يؤثر في أجنتهن فيستولي عليهن الوسواس كلما ألمّ بهن شيء مما لا يخلو عنه الإنسان في الغالب.
كلا، إن الجنين شخص مستقل في نفسه صلته بأمه صلة المظروف بالظرف، وإنه يتغذَّى من دمها؛ ولذلك لا يؤثر فيه إلا ما يحدث أثرًا في الدم الذي يتغذى به، وحصول هذا نادر، أو في الرحم الذي هو بيئته ووطنه، وما كل انفعال يُحدث هذا الأثر، نعم، إن الأمراض الوراثية وما يطرأ على الأعضاء ولا سيما البطن من نحو ضرب ووكز ولبس الثياب الضيقة إذا كانت تضغط البطن؛ كل ذلك مقطوع بسوء تأثيره وضرره، ومن العلماء مَن زعم أن كل ما يعرض لعضو من أعضاء الحبلى ينقل منها إلى مثله من الجنين، فعلى الحامل أن تراعي ما سنذكره في النبذة الآتية في الجزء التالي لهذا. ((يتبع بمقال تالٍ))