فقه الأسرة [4]


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، ونصلي ونسلم على من بعث رحمة للعالمين، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه، واستن بسنته إلى يوم الدين.

أما بعد:

فقد سبق فيما مضى التنويه بالاعتبار الشرعي لعقد النكاح بما يترتب عليه من الآثار، وبيان أن الله تعالى سماه ميثاقاً غليظا، وجعله سبباً للتوارث، وسبباً لربط الصلات ونشوء العلاقات وتقويتها وتوطيدها، وسبق كذلك ارتباطه بالدين والمروءة، وسيأتي الحديث اليوم عن بعض آثاره، وفيما يتعلق بالعشرة في بناء الأسرة، وهي لا شك من أهم موضوعات بناء الأسرة، فهي مما يكثر فيه الانحراف، والميل عن طريق الحق.

قيام العلاقة بين الزوجين على المعروف والإنصاف

إن الله سبحانه وتعالى رتب لكل واحد من الزوجين حقوقاً على الآخر، ورتب للأولاد حقوقاً على الجميع، ورتب للأصهار حقوقاً كذلك لا بد من رعايتها بالاحترام والعناية، وجعل الصهر كالنسب كما سبق في آية الفرقان، وفي حديث أبي ذر في افتتاح مصر، وفي غير ذلك من النصوص الشرعية، فلا بد أن تكون العشرة على أساس معروف، كما قال الله تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالمَعْرُوفِ [النساء:19].

والمعروف يشمل أوجه الإحسان كلها، فلا بد أن يكون الركنان المكونان للأسرة المسلمة آخذين بمبدأ الشرع بالإنصاف وعدم التطفيف، فمن المعلوم أن التطفيف هو أن يأخذ الإنسان كل حقوقه، وأن ينتقص من حقوق الآخرين، وهو في كل شيء، فهو غير مختص بالبيوع، بل يشمل كل شيء، كما قال مالك رحمه الله في الموطأ: يقال: لكل شيء وفاء وتطفيف. و عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: للرجل الذي تأخر يوم الجمعة، حتى قام الإمام على المنبر، فتوضأ فأتى: لقد طففت. ومعناه: أنه أخذ كل ما له من الحق ونقص بعض الذي عليه.

التعاون على البر والتقوى بين الزوجين

وكذلك لا بد أن تقوم هذه العلاقة على أساس التعاون على البر والتقوى، فهذا التعاون واجب على المسلمين جميعا، ويتأكد ويزداد في حق الذين تربطهم هذه الرابطة القوية، وقد قال الله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللهَ [المائدة:2]، فلذلك لا بد أن يستشعر كل واحد من ركني الأسرة أنه يحترم الطرف الآخر، ويسعى معه للنجاح في أمور الدنيا وأمور الدين، والقيام بالوظائف المشتركة، وليعلم قيم الأسرة أنه مسئول عن دينها وعن رفاهيتها في الآخرة، وليس مسئولاً فقط عن أمورها الدنيوية، وقد أكد الله ذلك في كتابه وقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [التحريم:6] وهذه الآية بينت قانوناً مهما ً من قوانين التوازن، فإن الإنسان إذا كان يخاف على أولاده، وأهله من آلام الدنيا، ومن الهوان فيها والعذاب، فعليه أن يخاف عليهم من عذاب الله يوم القيامة، فإذا اشتكى أحد أولاده أو أهله بشوكة يشاكها، أو مرض يصاب به، يبذل جاهه وماله ووقته من أجل تخفيف معاناته في الدنيا، ومن الهوان فيها والعذاب، فعليه أن يخاف عليهم من عذاب الله يوم القيامة.

احترام إنسانية المرأة وشخصيتها

ومن المعلوم أن من حقوق المسلم على أخيه أن لا يقبحه، وأن لا يحتقره وأن لا يكذب عليه، فهذه من الضرورات التي لا بد منها، وقد بينها النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ( المسلم أخو المسلم لا يحقره ولا يكذبه، ولا يخذله، ولا يسلمه، التقوى هاهنا، وأشار إلى صدره ثلاثاً، بحسب امرئٍ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه ).

وإن كثيراً من الناس إذا حصلت هذه العلاقة يظن أنها تقضي على كل الحقوق، ويظن أن استقلالية هذا الإنسان ومكانته قد زالت بزوال الفوارق بينه وبينه, وهذا غير صحيح؛ لأن كل الروابط تنقطع يوم القيامة: يَوْمَ يَفِرُّ المَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ [عبس:34-37]، فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ [المؤمنون:101]، يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ المُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ * وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْويهِ * وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنجِيهِ [المعارج:11-14]، فإذا كان الإنسان سيفر منهم يوم القيامة، ويخاف أن يطالبوه بحقوقهم، وأن يرفعوه إلى الحكم العدل الذي لا يظلم عنده أحد، فينبغي أن يرعى ذلك في هذه الحياة مادام بينهم، فقد حض النبي صلى الله عليه وسلم على تعافي الحقوق، وقال: ( أيها الناس تعافوا الحقوق فيما بينكم، قبل أن لا يكون دينار ولا درهم )، أي: قبل العرض على الله في المحشر، فذلك اليوم عندما يأتي الناس يخاصمون لا يجد الإنسان ما يقضي به حقوق الناس؛ إلا من أعمالهم، ولذلك سألهم النبي صلى الله عليه وسلم: ( أتدرون من المفلس فيكم؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، قال: بل المفلس من يأتي يوم القيامة بحسنات أمثال الجبال، ويأتي وقد ضرب هذا، وشتم هذا، وأكل مال هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، حتى إذا نفدت حسناته ألقي عليه من سيئاتهم ثم ألقي به في النار )، ولذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما حدث عائشة رضي الله عنها بحديث أم زرع ، أتى به على صورة الإقرار على عشرة أبي زرع لـأم زرع ، فقال لـعائشة : ( كنت لك كـأبي زرع لـأم زرع غير أني لا أطلقك )، وفي حديث أم زرع هذا، تقول: أم زرع عن أبي زرع : ( وعنده أقول فلا أقبح، وأنام فأتصبح، وأشرب فأتقمح )، فهنا ذكرت أن النقد غير البناء مأمون منه، فلا ينتقدها إذا قالت؛ لأنه يعتبر لها إنسانيتها وشخصيتها، فلا يكذبها في قولها مالم تلح عليه علامات الكذب، ولا ينتقدها في رأيها ما دام معقولاً، ولا ينتقدها في تصرفاتها الشخصية، كنومها وطعامها وشرابها، فهذه الأمور شخصية في الإنسان ومختصة به، وهو أدرى بما يصلح له منها، فلذلك لا بد أن يحافظ ركنا العشرة على هذا الجانب من الشخصية لكل واحد منهما، فيخص الآخر بما يختص به من أموره الشخصية، ويحافظ على أسراره، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم خطر ذلك ومسئولية المرأة فيه، فأسرار كل واحد منهما أمانة لدى الآخر، ويجب عليه الحفاظ عليها، وليعلم أن الأصل في الأسرار أن لا تتعدى صاحبها، وقديماً قال الحكماء:

إذا جاوز الاثنين سر فإنه ببث وتكثير الوشاة قمين

وقد قال بعض أهل العلم: حبس الكلام يعتمد على الشفتين، فإذا نطق الإنسان بذلك فقد خرج من ملكه وطوقه، فأصبح في ملك الآخرين، وقديماً قال الآخر:

إذا ما كتمت السر عمن أوده توهم أن الود غير حقيقي

وما صنت عنه السر عن ظنة به ولكنني أخشى صديق صديقي

فالعلاقات متعدية، وكما بينك وبين هذا الإنسان علاقة، فإن بينه وبين آخر علاقة، فلن تلومه إذا سرّب لصديقه الحميم ما سربت أنت له؛ لأن علاقته بذلك الشخص كعلاقتك أنت به.

مراعاة الفوارق والأحوال بين الزوجين

وكذلك فإنه لا بد من مراعاة الفوارق والأحوال، فمن النادر أن تكون الأسرة الواحدة في نفس المستوى من العمر والثقافة والدين والخلق والاهتمام، فهذا من النادر جداً وقلّما يوجد، ولا بد أن تبقى فروق بين الجانبين، وهذه الفروق لا بد من مراعاتها، ولذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما تزوج عائشة رضي الله عنها، كان حينئذٍ قد قارب الخمسين من عمره، وعندما دخل بها كان في الحادية والخمسين من عمره، على روايتها، وعلى رواية غيرها في الثالثة والخمسين من عمره، لكنه راعى الفرق بينهما في العمر، فراعى اهتماماتها ورغباتها، فلما رغبت في النظر إلى الأحباش، وهم يتدربون في المسجد على رمي الحراب، وقف لها النبي صلى الله عليه وسلم في الباب، فكانت تنظر من بين كتفه ورقبته إليهم، ويلتفت إليها ويقول: ( أشبعت، وتقول: ما ظنك بجارية حديثة السن )، وكذلك فإنه سابقها، كما في حديثها في الصحيحين.

وكذلك: فإنه صلى الله عليه وسلم كان يأذن لها في حضور الأعراس والمناسبات، كما في صحيح مسلم ، أنها خرجت لحضور عرس في الأنصار، وسألها النبي صلى الله عليه وسلم: ماذا قلتن؟ فعلمها ما تقول في ذلك، فكل هذا من مراعاة الظروف بين ركني الأسرة في العمر والاهتمام، وكذلك لا بد أن يكون كل واحد منهما مقدراً لمحبة الآخر وعلاقاته، وهذا هو رمز الوفاء والإباء، والمروءة؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتفظ لـخديجة رضي الله عنها حتى بعد موتها بعلاقاتها ومودتها، فعندما سمع صوت امرأة تسلم عليه هش لها وقال: ( كانت تأتينا في زمان خديجة )، وكان يحب آل بيتها ويكرمهم، فكانت هالة بنت خويلد بن أسد ، وهي أخت خديجة تأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيكرمها، وفي حديث عائشة : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم ذبح شاة فأمر بتوزيعها في صديقات خديجة )، والمقصود بذلك أهل مودتها وأهل قربها، وكان صلى الله عليه وسلم يكرم أخوالها من بني عامر بن لؤي ، وهم أخوال خديجة ، فأمها منهم، فكان يكرم أخوالها من أجل علا قتها بهم، وهذا من تمام المروءة والوفاء.

ولذلك كان الناس يتمادحون به قديماً، كما قال خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما:

أحب بني العوام طراً لأجلها ومن أجلها أحببت أخولها سرداً

فقوله: (أحب بني العوام طراً لأجلها)، أي: من أجل زوجته وهي رملة بنت الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب ، (ومن أجلها أحببت أخوالها سردا)، حتى أنه يحب أخوالها من بني سردة بن نضرة بن لحاف بن قضاعة.

مراعاة كل من الزوجين للمستوى العلمي للآخر

كذلك فلا بد من مراعاة كل واحد منهما لمستوى الآخر العلمي، وما يفكر فيه، فإذا كان المستوى العلمي لأحدهما رفيعاً فلا يعني ذلك احتقار الآخر، ولا النظر إليه بتعال عليه في مستواه المتدني، بل عليه أن يكون مكملاً له في نقصه، ومتمماً لما لديه من القصور، ولذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبين لأزواجه ما قصر فهمهن عنه، كقوله لـحفصة رضي الله عنها في ورود الناس جهنم، الوارد في سورة مريم في قول الله تعالى: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا [مريم:71] بين لها أن الورود العبور.

وكذلك في بيانه لـعائشة رضي الله عنها، أن من نوقش الحساب عذب، وكذلك بيانه لـعائشة ما يتعلق بعذاب القبر، كما في حديثها في الصحيحين أنها قالت: ( دخلت علي عجوزان من اليهود، فذكرتا عذاب القبر فكذبتهما، ولم أنعم أن أصدقهما، فلما خرجتا دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته: أيعذب الناس في قبورهم؟ فقال: عائذاً بالله من عذاب القبر، ثم لم أزل بعد أسمعه يستعيذ بالله من عذاب القبر )، وكذلك جوابه لـأم سلمة رضي الله عنها عندما رأته يصلي ركعتين بعد العصر، فأرسلت خادمها يسأله عن الركعتين بعد العصر، فقال: ( هم الركعتان بعد الظهر شغلني عنهما وفد عبد القيس، قلت: أفنصليهما؟ قال: لا ).

فهذا النوع هو لتعليم أهله، وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على تعليم الرجل أهله في عدد من الأحاديث الصحيحة، وعقد البخاري لذلك باباً في الصحيح.

الإحسان في الأمور المادية

وكذلك فإن من تمام العشرة الإحسان فيما يتعلق بالأمور المادية، فإن الله سبحانه وتعالى أوجب للنساء على الرجال النفقة والسكنى بالمعروف، وهذا يشمل أداء ضرورياتهن وحاجياتهن وكمالياتهن، على حسب المستطاع، وبحسب المستوى الذي هو فيه، وأداء ذلك لا بد أن يكون عن طيبة نفس، فإذا كان الإنسان يؤديه لكن مع ضيق وسوء عشرة، فإنه لا يمكن أن يأخذ مكانه من القلب، والمقصود من المال تحبيب القلوب، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه مالك في الموطأ، و الحاكم في المستدرك: ( تهادوا تحابوا وتذهب الشحناء )، فالمال يقصد به إزالة الشحناء وحصول المحبة والمودة، فإذا كان المال يرتبط به منٌّ وأذى؛ فإنه لا يؤدي إلى الحكمة المنشودة منه، ولا يؤدي إلى الهدف المنشود كما قال الشاعر:

ألبان إبل تعلة بن مسار ما دام يملكها علي حرام

لعنَ الإله تعلةَ بنَ مساورٍ لعناً يشنُ عليهِ من قُدام

إنَ الذين يسوغ في أحلاقهم زادٌ يمنُ عليهم للئامُ

فلذلك إذا أخذ الإنسان مالاً من أحد يعلم أنه سيمن عليه بما أخذ، فلن يأخذه برضاً، ولن يؤدي الهدف المنشود من حصول المحبة والمودة، وكذلك فإن الذي يبذل ينبغي أن يبذل أيضاً دون حاجة إلى بذل ماء الوجه والمسألة، فذلك مما يصان عنه الناس، ولا شك أن الإعطاء دون مسألة أبلغ في النفس وأكثر تأثيراً فيها، ولهذا فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعطي الناس قبل أن يسألوه، ففي حديث ابن عمر في الصحيحين: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على بعير لـعمر بن الخطاب ، كان يبطئ عليه عبد الله بن عمر فنخسه به، فقدم أمام الركب فكان لا يغلب، أي في السباق، فاشتراه رسول الله صلى الله عليه وسلم، من عمر ووهبه لـعبد الله بن عمر )، وكذلك في حديث جابر : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم لما انصرف من تبوك مر عليه وهو على بعير له قد أعيا أي تخلف من شدة السفر فضربه فسبق الإبل، فساومه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه، حتى اشتراه منه، فاشترط عليه حملانه إلى المدينة قال جابر : فلما أتيت المدينة جئت أقوده فنقدني الثمن، ثم قال: أحسبتني إنما كايستك لآخذ جملك هو لك )، فأخذ الجمل وثمنه، فهذا من هديه صلى الله عليه وسلم، وينبغي أن يقتدى به فيه.

مراعاة الزوجين الأحوال النفسية لبعضهما

كذلك فإن من تمام العشرة: أن يعلم الإنسان أن أحوال الطرف الآخر غير ثابتة، فقد يكون في وقت من الأوقات مغضباً بسبب آخر خارج عن البيت، وقد يشكو ألماً لا يستطيع التصريح به، وقد يشكو مرضاً نفسياً، أو تأثر من حادثة أو أمر ما، وقد يتأثر أيضاً فيصاب بعجز مادي عن بعض أموره، وكل ذلك يؤثر في نفسه، فلا بد أن يراعي الطرف الآخر هذه الظروف كلها، ولذلك فإن خديجة رضي الله عنها لما أتاها رسول الله صلى الله عليه وسلم مرعوباً عند أول نزول الوحي إليه، قال لها: ( زملوني زملوني، فزملوه حتى ذهب عنه الروع، ثم قال لـخديجة وأخبرها الخبر، والله لقد خشيت على نفسي، فقالت: كلا والله ما يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق )، فراعت خديجة هذا الظرف الذي كان فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانت خير مؤازر له فيه، ومثل ذلك مراعاة النبي صلى الله عليه وسلم لظروف نسائه، وما يعتريهن من الضعف والعوارض البشرية، فعندما رأى عائشة رضي الله عنها تبكي بكاءً شديدا عندما جاءت حاجة إلى مكة، فحاضت فبكت؛ لأن نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم سيرجعن بعمرة وحجة، وترجع هي بحجة، وشكت إليه ذلك فخفف عليها، وقال: ( لعلك نفست، فقلت: نعم، فقال: أمر كتبه الله على بنات حواء )، فخفف عنها معاناتها، وأخبرها بأن هذا من الأمور التي كتبها الله على نساء الجنس البشري كله، فلا عار عليها في ذلك، وعندما أراد الانصراف، وقد كان صلى الله عليه وسلم إذا كان في سفر وقضى نهمته، يحب الرجوع إلى المدينة بإسراع؛ لشدة محبته للمدينة، فقال للناس في اليوم الثاني عشر من ذي الحجة وهو يخطب: ( إنا نازلون غداً إن شاء الله بمحصب بني كنانة، حيث تعاهدوا على حرب الله ورسوله )، فلما زالت الشمس رمى الجمار، وانصرف على ناقته إلى خيمة له أو قبة له قد ضربت في المحصب، فصلى هنالك الظهر والعصر والمغرب والعشاء، ثم ذهب إلى الحرم وطاف طواف الوداع، وأخبرته أم سلمة أنها ستطوف، فأخبرها أنه سيشغل لها الناس بصلاة العشاء، وأمرها أن تطوف من وراء الرجال على بعيرها، فصلى فقرأ بسورة الطور؛ ليشغل الناس بصلاة العشاء حتى تطوف أم سلمة ، فلما رجع دخل على عائشة فقالت: يا رسول الله! أيرجع صواحبي بعمرة وحجة، وأرجع بحجة فأمر عبد الرحمن بن أبي بكر أن يذهب بها إلى التنعيم، حتى تحرم منه، ويذهب بها إلى مكة لتطوف وتسعى وتتحلل ثم تلحق به في الطريق.

وعندما دخل على صفية بنت حيي في ليلته تلك، فإذا هي تبكي فقال: ( حلقى عقرى، أحابستنا هي؟ تقول له: إنها قد أفاضت قال: فلتنفر إذاً)، ومعنى ذلك أنه صلى الله عليه وسلم يراعي ظروفهن، وما يعرض لهن من العوارض، وكل ما يشغل فكرهن، وما يتأثرن به من الأمور جميعاً، وكان هذا من رحمته صلى الله عليه وسلم التي جبله الله عليها، وأثنى عليه بها في قوله: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ [آل عمران:159].

ولذلك ذكرت عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم ما ضرب امرأة قط، أي: ما رفع يده على امرأة قط من أجل تأديبها، وأنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يخاطب أحداً بما يكره، ولذلك استغرب الوليد منه، عندما نادى مناديه فيه: يا إخوان القردة والخنازير! فقالوا: يا أبا القاسم والله ما كنت فحاشا، يقصدون أنه لم يكن يخاطبهم من قبل إلا بما يخاطب به الناس، مع أنهم قد غدروا به، وأرادوا قتله، وآذوا المسلمين أذىً شديداً، وهو يحاربهم ويمكنه الله منهم.

وكذلك فإنه صلى الله عليه وسلم من تمام مراعاته لهذه الظروف لدى نسائه، ما كان عليه كذلك من الرحمة بهن في حال المرض، ومن عيادتهن، حتى ولو كان ذلك في وقت الغضب، كما في حديث الإفك، فإن النبي صلى الله عليه وسلم، كان يعود عائشة في بيت أبويها، فيقول: ( كيف تيكم )، أي: كيف هي، وكيف حالها، فيسأل أبا بكر و أم رومان عن حال عائشة رضي الله عنها، ولا تستطيع أن تتكلم من شدة النافض أي: من شدة الحمى الشديدة التي أصابتها.

وكذلك من مراعاته لهذا ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في الصحيحين، ( أن صفية بنت حيي جاءت تسلم عليه في معتكفه في المسجد، فخرج من معتكفه يقلبها ) أي: يوصلها إلى حجرتها في الليل، فهذا من تمام رفقه، وحسن معاشرته، فهو معتكف، ومع ذلك يخرج من معتكفه؛ ليوصل صفية رضي الله عنها إلى حجرتها، فلما مر به رجلان من الأنصار رأوا المرأة فأسرعا، فقال: ( على رسلكما إنها صفية بنت حيي ، فقالا: يا رسول الله! سبحان الله أنتهمك؟ قال: إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم )، فالتمس لهما العذر، وبين لهما الحكم الشرعي، وأزال عنهما ما قد يحصل في النفوس من الأنجاس.

مراعاة الطباع والأخلاق

كذلك فإنه لا بد من مراعاة كل واحد من الطرفين أيضاً؛ لأن الجنس البشري له طباع وأخلاق هو مجبول عليها، فلا بد من مراعاتها له، فالإنسان الذي هو حاد الطبع سريع الغضب، لا بد من مراعاة ذلك فيه، والإنسان الذي هو شديد الغيرة لا بد من مراعاة ذلك له، ولهذا فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما مر بـأسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما وهي تحمل النوى على رأسها من أرض الزبير بالعالية إلى المدينة، وهذه الأرض بغابة تبعد ثمانية أميال عن المدينة، وذلك لتخدم زوجها، وكان الزبير شديد الغيرة, لم يرد النبي صلى الله عليه وسلم أن يحملها على ناقته، مراعاة لظروفها؛ لأنها تعلم غيرة الزبير رضي الله عنه، ولما سمع ذلك الزبير قال: أعليك أغار يا رسول الله؟ فاستنكر ذلك.

وكذلك ما أخبر به عن نفسه عندما رأى قصراً أبيض في الجنة لـعمر بن الخطاب رضي الله عنه، فأراد أن يدخل فيه، فذكر غيرة عمر فلم يدخله، فقال عمر : يا رسول الله! أعليك أغار! فمراعاة ما لدى الناس من هذا النوع من الأخلاق والعادات أمر مهم، وهو قاضٍ على كثير من أسباب الغضب وأسباب الفرقة، فإذا كان الإنسان يراعي ظروف الناس، فإن كان لديه حساسية في شيء من الأشياء، أو لديه فرط جهل في جانب من الجوانب، أو لديه غيرة شديدة، فلا بد من مراعاة ذلك كله، وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم لـأم سلمة رضي الله عنها بإزالة الغيرة عنها، وقد سبق في الدرس الماضي أن الغيرة محمودة في الرجال، مذمومة في النساء، فلذلك دعا النبي صلى الله عليه وسلم لـأم سلمة أن تزول عنها الغيرة فزالت عنها.

اهتمام الزوجين ببعضهما حال المرض

وكذلك فمراعاة هذه الأحوال التي تعرض، منها ما يتعلق بالمرض، فإذا مرض الإنسان ضعف فاحتاج إلى الإحسان إليه، وزيادة الرفق به والرأفة، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، في حال مرضه يسأل: ( أين أنا غداً )، ينتظر يوم عائشة ، فلما طال عليه ذلك سألهن أن يتمرض في بيت عائشة ، فأَذنّ له بذلك، فانتقل إلى حجرة عائشة رضي الله عنها وفيها أتاه الموت، وفيها دفن بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم، وقد أخبرت هي عن ذلك فقالت: ( توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم بين حاقنتي وذاقنتي ). وكان أزواجه يجتمعن عليه في مرضه، وقد أمرهن عندما اشتدت عليه الحمى أن يصببن عليه سبع قرب من ماء، فصببن عليه القرب، حتى رفع يده أي: حسبكن، ومراعاة حال المرض مهمة جداً، وبالأخص لما تتركه من الأثر، وهذا صخر بن عمرو بن شريد السلمي ، لما طعن في خصره فأيس الناس من حياته كانت أمه تعوده وتسلم عليه، وكانت زوجته تمل مكانه، وتتمنى موته، فقال أبياته المشهورة:

أهم بأمر الحزم لو أستطيعه وقد حيل بين العور والنزوان

أرى أم عمر لا تمل عيادتي وملت سليمى مضجعي ومكاني

وأي امرئٍ ساوى بأم حليلة فلا عاش إلا في شقاً وهوانِ

فكانت أمه تريه من الرأفة والرحمة والحنان في مرضه ما كان يتمنى أن يجد بعضه، أو يلمس بعضه لدى زوجته، فالرأفة في ذلك الوقت تبقي أثراً عجيبا، ولهذا شرعت عيادة المرضى وزيارتهم والتخفيف من معاناتهم، وكان ذلك حقاً عاماً على المسلمين.

مراعاة حالات العجز المادي لدى الزوج

كذلك فإن مراعاة الظروف للرجال في حال العجز المادي ونحوه مهمة أيضاً، وهي مما يؤدي إلى حصول المحبة والمودة، فقد كان علي رضي الله عنه في أول الهجرة من فقراء المهاجرين، وكان يذهب إلى امرأة من الأنصار فينتزع لها دلواً من ماء، كل دلو بتمرة واحدة، فإذا امتلأ كأسه من التمر قال: يكفيني هؤلاء، وأكل ذلك التمر، وأتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكله معه، وعندما تزوج فاطمة رضي الله عنها، وهي سيدة نساء العالمين وبضعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم تكن الظروف المادية إذ ذاك مواسية ولا مساعدة للرفاه ولا للطمأنينة والسعة في الحال، ومع ذلك فقد تفهمت فاطمة رضي الله عنها هذا الوضع، فكانت تطحن في يدها حتى تأثرت كفاها بالرحى، وكانت تخدم فاطمة بنت أسد أم علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، وعندما أُتي النبي صلى الله عليه وسلم بسبي أمر علي فاطمة أن تسأله من ذلك السبي، فجاءت فاطمة تري رسول الله صلى الله عليه وسلم أثر الرحى في يدها، ففهم أنها تسأله خادماً، فلم يجبها، ووزع ذلك السبي في المسلمين، ثم جاء إلى علي و فاطمة في حجرتهما، وقد ناما في فراشهما، فأرادا القيام إليه، فقال: ( مكانكما، فجلس بينهما فوضع بياض رجليه في بطن علي وأسند ظهره إلى بطن فاطمة ، قال علي : فأحسست ببرد رجليه في ظهري، فقال: إذا أويتما إلى فراشكما فكبرا الله أربعاً وثلاثين، وسبحاه ثلاثاً وثلاثين، واحمداه ثلاثاً وثلاثين، فهو خير لكما من خادم، قال علي : فما تركته منذ علمنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة واحدة، قيل: ولا ليلة صفين؟ قال: ولا ليلة صفين )، وهنا مراعاة فاطمة لظروف علي رضي الله عنه، وولايتها بأمه، ومساعدتها له في هذا الأمر، كل ذلك يدخل في هذا القبيل، وحتى في ظروف القتال والظروف غير الاعتيادية، ففي الصحيح أن فاطمة رضي الله عنها رمى لها علي بن أبي طالب رضي الله عنه سيفه يوم أحد، وأمرها أن تزيل عنه الدم، وبين لها بلاءه به في قتال المشركين.

إحسان الزوجين إلى أقارب بعضهما

وكذلك فإن من أوجه العشرة التي لا بد من مراعاتها أيضاً: الإحسان إلى أقارب الزوج، ومراعاة ظروفهم، فالإنسان المقطوع الذي ليس له أصل ولا فرع، ليس له قريب لا خير فيه، فلذلك لا بد أن تدرك المرأة أن زوجها إذا كان له أقارب كثر فهذا مما يزيد مكانته في المجتمع، ويقوي الرغبة فيه، والإنسان الذي ليس حوله أحد، ولا يمت لأحد بصلة لا خير فيه، فلذلك لا بد أن تحسن إلى أقاربه جميعاً، وأن تتقصى آثار العلاقة به بالإحسان.

وكذلك لا بد أن يستشعر الزوج هذا حيال أقارب زوجته، فلا بد أن يحسن إليهم، وأن يراعي حق الصهارة فيهم، وقد أثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي العاص بن الربيع بحسن صهارته، وبصدقه ووفائه في معاملته معه، وعندما أسر أرسلت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، بعقد لـخديجة تريد به فداء أسيرها أبي العاص بن الربيع عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، و زينب مسلمة، و أبو العاص يومئذٍ مشرك، فلما جاء العقد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ورآه تذكر أيام خديجة ، فرحم زينب ، وعرض على المسلمين أن يردوا عليها عقدها وأسيرها فقال: ( إن شئتم رددتم عليها عقدها وأسيرها )، فقالوا: نفعل، فردوا عليها العقد والأسير، فهذا من إحسان العشرة وكمالها، ولذلك فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينتقد تصرف زينب , بل أعجب به ورأى أنه من تمام العقل وتمام التدبير، أن تحسن إلى زوجها.

إن هذه الأمور لو ذهبنا نستقصيها ونعدها، ستفوت العد وتكثره، وقد ألف فيها كثير من العلماء كتباً مستقلة، فقد ألف النسائي رحمه الله كتاب عشرة النساء، وقد أدرج هذا الكتاب في السنن الكبرى له، وطبع وحده مستقلاً أيضاً، وألف البيهقي كذلك في العشرة، وألف فيها عدد من أهل العلم بعد ذلك، فهي من الأمور المهمة التي لا بد من العناية بها.

إن الله سبحانه وتعالى رتب لكل واحد من الزوجين حقوقاً على الآخر، ورتب للأولاد حقوقاً على الجميع، ورتب للأصهار حقوقاً كذلك لا بد من رعايتها بالاحترام والعناية، وجعل الصهر كالنسب كما سبق في آية الفرقان، وفي حديث أبي ذر في افتتاح مصر، وفي غير ذلك من النصوص الشرعية، فلا بد أن تكون العشرة على أساس معروف، كما قال الله تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالمَعْرُوفِ [النساء:19].

والمعروف يشمل أوجه الإحسان كلها، فلا بد أن يكون الركنان المكونان للأسرة المسلمة آخذين بمبدأ الشرع بالإنصاف وعدم التطفيف، فمن المعلوم أن التطفيف هو أن يأخذ الإنسان كل حقوقه، وأن ينتقص من حقوق الآخرين، وهو في كل شيء، فهو غير مختص بالبيوع، بل يشمل كل شيء، كما قال مالك رحمه الله في الموطأ: يقال: لكل شيء وفاء وتطفيف. و عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: للرجل الذي تأخر يوم الجمعة، حتى قام الإمام على المنبر، فتوضأ فأتى: لقد طففت. ومعناه: أنه أخذ كل ما له من الحق ونقص بعض الذي عليه.

وكذلك لا بد أن تقوم هذه العلاقة على أساس التعاون على البر والتقوى، فهذا التعاون واجب على المسلمين جميعا، ويتأكد ويزداد في حق الذين تربطهم هذه الرابطة القوية، وقد قال الله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللهَ [المائدة:2]، فلذلك لا بد أن يستشعر كل واحد من ركني الأسرة أنه يحترم الطرف الآخر، ويسعى معه للنجاح في أمور الدنيا وأمور الدين، والقيام بالوظائف المشتركة، وليعلم قيم الأسرة أنه مسئول عن دينها وعن رفاهيتها في الآخرة، وليس مسئولاً فقط عن أمورها الدنيوية، وقد أكد الله ذلك في كتابه وقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [التحريم:6] وهذه الآية بينت قانوناً مهما ً من قوانين التوازن، فإن الإنسان إذا كان يخاف على أولاده، وأهله من آلام الدنيا، ومن الهوان فيها والعذاب، فعليه أن يخاف عليهم من عذاب الله يوم القيامة، فإذا اشتكى أحد أولاده أو أهله بشوكة يشاكها، أو مرض يصاب به، يبذل جاهه وماله ووقته من أجل تخفيف معاناته في الدنيا، ومن الهوان فيها والعذاب، فعليه أن يخاف عليهم من عذاب الله يوم القيامة.




استمع المزيد من الشيخ محمد الحسن الددو الشنقيطي - عنوان الحلقة اسٌتمع
فقه الأسرة [1] 3812 استماع
فقه الأسرة [2] 2933 استماع
فقه الأسرة [7] 2929 استماع
فقه الأسرة [3] 2044 استماع
فقه الأسرة [5] 1957 استماع
فقه الأسرة [6] 1642 استماع