خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/975"> الشيخ محمد الحسن الددو الشنقيطي . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/975?sub=4847"> مقدمات في العلوم الشرعية
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
مقدمات في العلوم الشرعية [10]
الحلقة مفرغة
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
سنن أبي داود
فبعد أن استعرضنا الكتب التي تلتزم الصحة من دواوين السنة نصل إلى كتب السنن وأشهرها سنن الإمام أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني، الذي سبق ذكره وهو كتاب من دواوين الإسلام الحافلة، قد ألقى الله عليه القبول كذلك, فتنافس الناس قديماً في حفظه وروايته, واشتهر في الدنيا منه رواية اللؤلؤي التي طبقت الآفاق وانتشرت، وله روايات كثيرة سواها، فللحافظ أبي القاسم بن عساكر وحده عشرة أسانيد إلى أبي داود يخرج منها في تاريخه تاريخ دمشق الكبير, لكن رواية اللؤلؤي هي التي انتشرت في الدنيا كلها.
سنن الإمام الترمذي
ثم يليه سنن الإمام أبي عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي, ولم يشترط فيه الصحة وإنما سماه الجامع، ومع ذلك فهو ملحق بكتب الصحة كسنن أبي داود, وقد التزم فيه الحكم على الأحاديث, ويذكر أهل العلم بالحديث أنه من أنفع الكتب لطالب العلم.
ومن ميزته أنه أورد كل شيء في كتابه بخلاف سنن أبي داود مثلاً، فلا تجد فيه المناقب ولا السير، ولا فضائل القرآن ولا غير ذلك مما ذكره الترمذي.
الوجه الثاني: أنه مستخرج على الصحيحين، فالحديث إذا وجده من غير طريق الشيخين أورده من غير طريقهما, ثم يقول بعد ذلك: وفي الباب عن فلان وفلان وفلان من الصحابة, ولا يورد الحديث المشهور الذي في الصحيحين في الغالب, مثلاً: إذا كان الحديث يوجد في الصحيحين من رواية أبي هريرة، ووجده الترمذي من رواية أنس فيأتي به من رواية أنس، ثم يقول: وفي الباب عن أبي هريرة، ويلمح إلى الحديث المشهور.
الوجه الثالث: حكمه على الأحاديث ووضعه لميزان الحكم، حيث يحكم بالصحة أو بالحسن أو بهما معاً، أو بالغرابة فقط، أو بالحسن والغرابة, أو بالصحة والغرابة، أو بالحسن والصحة والغرابة كلها، هذه أحكام الترمذي.
سنن النسائي
ثم بعده كتاب أبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي، الذي سماه: المجتبى من السنن الكبرى, وقد رواه عنه أبو بكر بن السني ولم يعرف له راوٍ سواه, وقد اشتهر في العالم كله من رواية أبي بكر بن السني حتى زعم بعض من ليس من أهل النظر في الأثر أن هذا الاختيار إنما هو اختيار ابن السني من كتاب النسائي الكبير، الذي هو السنن الكبرى, ولكن الواقع يشهد بخلاف ذلك، فليس كتاب السنن الكبرى مستوعباً لكل السنن الصغرى؛ بل في السنن الصغرى كثير من الأحاديث ليست في السنن الكبرى، مما يدلنا على أن هذا من تأليف النسائي نفسه.
فسنن النسائي كما تقدم لا توجد إلا من رواية أبي بكر بن السني، وبالنسبة لسنن الترمذي لا توجد اليوم إلا من رواية ابن محبوب فقط.
سنن ابن ماجه
ثم بعده كتاب السنن لـمحمد بن ماجه القزويني وهو كتاب أحكمه صاحبه وأتقنه من ناحية الترتيب والتبويب بشكل عجيب, ولكنه في الشرط دون السنن السابقة، ولذلك فإن أبا السعادات بن الأثير عندما ألف كتاب جامع الأصول لم يدرجه في الأصول الستة، وإنما جعل الأصول الستة: الموطأ، والصحيحين، وسنن أبي داود، وسنن الترمذي، وسنن النسائي، وأضاف إليها مسند رزين ولم يضف إليها سنن ابن ماجه؛ لأن العادة أن ما انفرد به عن بقية الكتب لا يصل إلى درجة السهو, لذلك تعقبه البوصيري بكتابه مصباح الزجاجة, فأخرج منه زوائده، أي: ما زاده عن الكتب الأخرى, والغالب أن يحكم على ما زاده ابن ماجه بالضعف, وهو من مظنة الحسن كذلك، أي: أن بعض ما انفرد به قد يصل إلى درجة الحسن, وبعضه يصل إلى درجة الصحيح وهو نادر جداً.
سنن الدارمي
ثم سنن الإمام الكبير الدارمي وهو متقدم من ناحية العمر، ولكن كتابه نازل عن هذه الكتب، بل هو في المنزلة التي تليها, وقد سماه بعض أهل الحديث بمسند الدارمي وأدرجوه ضمن المسانيد، ولكن الواقع أنه ليس من كتب المسانيد؛ لأنه غير مرتب ترتيب المسانيد؛ بل ترتيبه على ترتيب السنن كما هو واضح ومعروف.
سنن الدارقطني
ثم بعد هذا كتاب السنن للإمام الكبير حافظ الدنيا الدارقطني، وهو من أحفظ مشاهير هذه الأمة في الحفظ، وكتابه قد خصه بالأحكام فقط، فلم يدخل فيه ما ليس من الأحكام، وذكر فيه عدداً كبير من الأحاديث التي هي مرجع الفقهاء في المذاهب كلها، ولم يشترط فيها الصحة ولا الحسن ولا الضعف، بل يذكر كل ذلك ويحكم عليه بالغالب, وحكمه لطيف مختصر، يأتي بالحديث من عدة أسانيد ثم يقول: مداره على العرزمي وهو متروك مثلاً, أو مداره على محمد بن مسلم بن عقيل وهو ضعيف, أو مداره على مسلم بن خالد الزنجي وهو ضعيف, وأحكام الدارقطني فيه دقيقة جداً، ومشكلة هذا الكتاب الوحيدة نقص التبويب فيه, فإنه يجمع كثيراً من الكتب في باب واحد, البيوع والأقضية وما شاكلها كل هذه في باب واحد، فهو بحاجة إلى أن يبوب مثل ما فعل النووي والقرطبي والأبي بصحيح مسلم، فمسلم وضع الكتب ولم يضع الأبواب كما فعل البخاري، وشراحه هم الذين وضعوا له هذا التبويب, وسنن الدارقطني محتاج إلى من يفعل به هذا.
وله شرح لا يعتبر شرحاً بمعنى شرح الحديث, لكننا سنذكره في شروح الحديث عموماً.
السنن الكبرى للبيهقي
ثم بعده السنن الكبرى للإمام البيهقي, وهو أحد دواوين الإسلام الكبيرة التي جمعت أحاديث الأحكام تقريباً، وفيه أحد عشر ألف حديث في الأحكام تقريباً, ويعتني كذلك البيهقي فيه بالآثار الواردة عن الصحابة؛ لأنها تدل على عدم نسخ الحديث, وتدل كذلك على العمل به؛ لأن مما يؤيد الدليل إثبات عدم نسخه, وإثبات العمل به في زمان السلف, وهذا مقصد من مقاصد البيهقي رحمه الله.
وأيضاً فإنه يستخرج الأحاديث على الصحيحين، لكن إذا قال: أخرجاه، فلا يقصد بذلك لفظهما وإنما يقصد أصل الحديث فقط, فقد يرويه هو من وجه غير وجههما, وكتابه ديوان جمع كثيراً من الكتب السابقة، فقد استوعب أكثر ما يتعلق بالأحكام من المستدرك، فيقول فيه: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أي: من المستدرك, وكذلك كثيراً من المسانيد كمسند الطيالسي فأكثر أحاديثه موجودة في السنن الكبرى للبيهقي.
وقد ذكر كثير من أهل الحديث أن هذا الكتاب ينبغي للحافظ إذا قرأ الكتب الستة أن يركز عليه فيقولون: كل الصيد في جوف الفراء, وكثير من الكتب الأخرى موجودة فيه، فهو فراء كتب الحديث، والفراء: حمار الوحش، فقد اصطاد أعرابي حمار وحش فلما ذبحه وبقر بطنه وجد فيه ضباً وأرنباً وأشياء أخرى فقال: كل الصيد في جوف الفراء, فأرسلها مثلاً.
شرح السنة للبغوي
ثم بعد هذا كتاب البغوي الذي سماه شرح السنة, وهو كذلك ينسب للصحيحين ويقصد الأصل لا اللفظ كحال البيهقي، وقد امتاز كتابه بما يذكره من فقه الحديث ومما يستنبط منه, واعتمد كذلك على الترمذي في نسبة الأقوال إلى ذويها؛ لأن الترمذي من شرطه كذلك في السنن إذا كان الحديث معمولاً به في بعض المذاهب أن يبين ذلك، فيقول: وبهذا أخذ بعض أهل العلم، وبهذا أخذ جمهور العلماء, وبهذا أخذ من لقيناه أو من كتبنا عنه من أهل العلم, فـالترمذي يعتني بفقه الحديث بهذه العبارات, والبغوي كذلك اعتنى بفقه الحديث وأخذ عن الترمذي هذا الوجه, وقد أفرد كتابه الآخر الذي سماه مصابيح السنن، للذين لا يشتغلون بعلم الحديث رواية، وهم مشغولون إما بالتجارات، وإما بالزهد والعبادة, وإما بالفقر وضيق ذات اليد، فألف لهم كتاب مصابيح السنن, واختار لهم فيه وانتخب عدداً لا بأس به من الأحاديث يقول: من حفظها أغنته في دينه ودنياه, لكنه رتبها ترتيباً مخصوصاً، فكل باب يجعل فيه فصلين: الفصل الأول للصحيح, والفصل الثاني: للحسن, ويقصد بالصحيح ما أخرجاه في الصحيحين, ويقصد بالحسن ما أخرجه أصحاب السنن، وقد أنكر عليه هذا بعض أهل الحديث؛ ولذلك قال العراقي رحمه الله في الألفية:
والبغوي إذ قسم المصابح إلى الصحاح والحسان جانحا
أن الحسان ما رووه في السنن عيب عليه إذ بها غير الحسن
ففيها ما هو ضعيف، وفيها ما هو صحيح, فكيف يسمي كل ذلك حسناً؟
فبعد أن استعرضنا الكتب التي تلتزم الصحة من دواوين السنة نصل إلى كتب السنن وأشهرها سنن الإمام أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني، الذي سبق ذكره وهو كتاب من دواوين الإسلام الحافلة، قد ألقى الله عليه القبول كذلك, فتنافس الناس قديماً في حفظه وروايته, واشتهر في الدنيا منه رواية اللؤلؤي التي طبقت الآفاق وانتشرت، وله روايات كثيرة سواها، فللحافظ أبي القاسم بن عساكر وحده عشرة أسانيد إلى أبي داود يخرج منها في تاريخه تاريخ دمشق الكبير, لكن رواية اللؤلؤي هي التي انتشرت في الدنيا كلها.
ثم يليه سنن الإمام أبي عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي, ولم يشترط فيه الصحة وإنما سماه الجامع، ومع ذلك فهو ملحق بكتب الصحة كسنن أبي داود, وقد التزم فيه الحكم على الأحاديث, ويذكر أهل العلم بالحديث أنه من أنفع الكتب لطالب العلم.
ومن ميزته أنه أورد كل شيء في كتابه بخلاف سنن أبي داود مثلاً، فلا تجد فيه المناقب ولا السير، ولا فضائل القرآن ولا غير ذلك مما ذكره الترمذي.
الوجه الثاني: أنه مستخرج على الصحيحين، فالحديث إذا وجده من غير طريق الشيخين أورده من غير طريقهما, ثم يقول بعد ذلك: وفي الباب عن فلان وفلان وفلان من الصحابة, ولا يورد الحديث المشهور الذي في الصحيحين في الغالب, مثلاً: إذا كان الحديث يوجد في الصحيحين من رواية أبي هريرة، ووجده الترمذي من رواية أنس فيأتي به من رواية أنس، ثم يقول: وفي الباب عن أبي هريرة، ويلمح إلى الحديث المشهور.
الوجه الثالث: حكمه على الأحاديث ووضعه لميزان الحكم، حيث يحكم بالصحة أو بالحسن أو بهما معاً، أو بالغرابة فقط، أو بالحسن والغرابة, أو بالصحة والغرابة، أو بالحسن والصحة والغرابة كلها، هذه أحكام الترمذي.
ثم بعده كتاب أبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي، الذي سماه: المجتبى من السنن الكبرى, وقد رواه عنه أبو بكر بن السني ولم يعرف له راوٍ سواه, وقد اشتهر في العالم كله من رواية أبي بكر بن السني حتى زعم بعض من ليس من أهل النظر في الأثر أن هذا الاختيار إنما هو اختيار ابن السني من كتاب النسائي الكبير، الذي هو السنن الكبرى, ولكن الواقع يشهد بخلاف ذلك، فليس كتاب السنن الكبرى مستوعباً لكل السنن الصغرى؛ بل في السنن الصغرى كثير من الأحاديث ليست في السنن الكبرى، مما يدلنا على أن هذا من تأليف النسائي نفسه.
فسنن النسائي كما تقدم لا توجد إلا من رواية أبي بكر بن السني، وبالنسبة لسنن الترمذي لا توجد اليوم إلا من رواية ابن محبوب فقط.
ثم بعده كتاب السنن لـمحمد بن ماجه القزويني وهو كتاب أحكمه صاحبه وأتقنه من ناحية الترتيب والتبويب بشكل عجيب, ولكنه في الشرط دون السنن السابقة، ولذلك فإن أبا السعادات بن الأثير عندما ألف كتاب جامع الأصول لم يدرجه في الأصول الستة، وإنما جعل الأصول الستة: الموطأ، والصحيحين، وسنن أبي داود، وسنن الترمذي، وسنن النسائي، وأضاف إليها مسند رزين ولم يضف إليها سنن ابن ماجه؛ لأن العادة أن ما انفرد به عن بقية الكتب لا يصل إلى درجة السهو, لذلك تعقبه البوصيري بكتابه مصباح الزجاجة, فأخرج منه زوائده، أي: ما زاده عن الكتب الأخرى, والغالب أن يحكم على ما زاده ابن ماجه بالضعف, وهو من مظنة الحسن كذلك، أي: أن بعض ما انفرد به قد يصل إلى درجة الحسن, وبعضه يصل إلى درجة الصحيح وهو نادر جداً.
ثم بعد هذا كتاب السنن للإمام الكبير حافظ الدنيا الدارقطني، وهو من أحفظ مشاهير هذه الأمة في الحفظ، وكتابه قد خصه بالأحكام فقط، فلم يدخل فيه ما ليس من الأحكام، وذكر فيه عدداً كبير من الأحاديث التي هي مرجع الفقهاء في المذاهب كلها، ولم يشترط فيها الصحة ولا الحسن ولا الضعف، بل يذكر كل ذلك ويحكم عليه بالغالب, وحكمه لطيف مختصر، يأتي بالحديث من عدة أسانيد ثم يقول: مداره على العرزمي وهو متروك مثلاً, أو مداره على محمد بن مسلم بن عقيل وهو ضعيف, أو مداره على مسلم بن خالد الزنجي وهو ضعيف, وأحكام الدارقطني فيه دقيقة جداً، ومشكلة هذا الكتاب الوحيدة نقص التبويب فيه, فإنه يجمع كثيراً من الكتب في باب واحد, البيوع والأقضية وما شاكلها كل هذه في باب واحد، فهو بحاجة إلى أن يبوب مثل ما فعل النووي والقرطبي والأبي بصحيح مسلم، فمسلم وضع الكتب ولم يضع الأبواب كما فعل البخاري، وشراحه هم الذين وضعوا له هذا التبويب, وسنن الدارقطني محتاج إلى من يفعل به هذا.
وله شرح لا يعتبر شرحاً بمعنى شرح الحديث, لكننا سنذكره في شروح الحديث عموماً.
ثم بعده السنن الكبرى للإمام البيهقي, وهو أحد دواوين الإسلام الكبيرة التي جمعت أحاديث الأحكام تقريباً، وفيه أحد عشر ألف حديث في الأحكام تقريباً, ويعتني كذلك البيهقي فيه بالآثار الواردة عن الصحابة؛ لأنها تدل على عدم نسخ الحديث, وتدل كذلك على العمل به؛ لأن مما يؤيد الدليل إثبات عدم نسخه, وإثبات العمل به في زمان السلف, وهذا مقصد من مقاصد البيهقي رحمه الله.
وأيضاً فإنه يستخرج الأحاديث على الصحيحين، لكن إذا قال: أخرجاه، فلا يقصد بذلك لفظهما وإنما يقصد أصل الحديث فقط, فقد يرويه هو من وجه غير وجههما, وكتابه ديوان جمع كثيراً من الكتب السابقة، فقد استوعب أكثر ما يتعلق بالأحكام من المستدرك، فيقول فيه: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أي: من المستدرك, وكذلك كثيراً من المسانيد كمسند الطيالسي فأكثر أحاديثه موجودة في السنن الكبرى للبيهقي.
وقد ذكر كثير من أهل الحديث أن هذا الكتاب ينبغي للحافظ إذا قرأ الكتب الستة أن يركز عليه فيقولون: كل الصيد في جوف الفراء, وكثير من الكتب الأخرى موجودة فيه، فهو فراء كتب الحديث، والفراء: حمار الوحش، فقد اصطاد أعرابي حمار وحش فلما ذبحه وبقر بطنه وجد فيه ضباً وأرنباً وأشياء أخرى فقال: كل الصيد في جوف الفراء, فأرسلها مثلاً.
ثم بعد هذا كتاب البغوي الذي سماه شرح السنة, وهو كذلك ينسب للصحيحين ويقصد الأصل لا اللفظ كحال البيهقي، وقد امتاز كتابه بما يذكره من فقه الحديث ومما يستنبط منه, واعتمد كذلك على الترمذي في نسبة الأقوال إلى ذويها؛ لأن الترمذي من شرطه كذلك في السنن إذا كان الحديث معمولاً به في بعض المذاهب أن يبين ذلك، فيقول: وبهذا أخذ بعض أهل العلم، وبهذا أخذ جمهور العلماء, وبهذا أخذ من لقيناه أو من كتبنا عنه من أهل العلم, فـالترمذي يعتني بفقه الحديث بهذه العبارات, والبغوي كذلك اعتنى بفقه الحديث وأخذ عن الترمذي هذا الوجه, وقد أفرد كتابه الآخر الذي سماه مصابيح السنن، للذين لا يشتغلون بعلم الحديث رواية، وهم مشغولون إما بالتجارات، وإما بالزهد والعبادة, وإما بالفقر وضيق ذات اليد، فألف لهم كتاب مصابيح السنن, واختار لهم فيه وانتخب عدداً لا بأس به من الأحاديث يقول: من حفظها أغنته في دينه ودنياه, لكنه رتبها ترتيباً مخصوصاً، فكل باب يجعل فيه فصلين: الفصل الأول للصحيح, والفصل الثاني: للحسن, ويقصد بالصحيح ما أخرجاه في الصحيحين, ويقصد بالحسن ما أخرجه أصحاب السنن، وقد أنكر عليه هذا بعض أهل الحديث؛ ولذلك قال العراقي رحمه الله في الألفية:
والبغوي إذ قسم المصابح إلى الصحاح والحسان جانحا
أن الحسان ما رووه في السنن عيب عليه إذ بها غير الحسن
ففيها ما هو ضعيف، وفيها ما هو صحيح, فكيف يسمي كل ذلك حسناً؟
مسند الإمام أحمد بن حنبل
ثم كذلك الكتب المؤلفة على المسانيد وهي أنزل من المؤلفة على السنن بدرجة، وأعظمها كتاب الإمام أحمد بن حنبل، لكن الإمام أحمد لم يخرجه في حياته فلم يروه عنه غير ابنه عبد الله، ولم يروه عن عبد الله غير أبي بكر القطيعي، ولذلك وقع فيه كثير من الضرب أي: الأحاديث التي ضرب عليها الإمام أحمد وبقيت مقروءة، والأحاديث التي أمر بإثباتها في كتابه ولم تثبت فيه, فكان عبد الله يزيدها بعد ذلك، وأضاف إليها عبد الله بعض الأحاديث من مروياته هو، إما عن أبيه، وإما عن غير أبيه، وعموماً هو كتاب حافل بالحديث.
مسند بقي بن مخلد
ومثل مسند أحمد كتاب بقي بن مخلد الأندلسي أو هو أحفل منه وأكبر، ولكن هذا الكتاب لم يصل إلينا، بل لا يوجد منه في الدنيا حتى الآن حسب علمي إلا أجزاء قليلة في مكتبة الإسكوريـال في أسبانيا، كان من الكتب التي فقدها المسلمون في الحروب مع الصليبيين, وهو أضخم المسانيد وأعظمها.
مسند أبي يعلى ومسند البزار
ثم بعد هذا المسانيد التي سقنا من قبل، ومن أهمها مسند أبي يعلى الموصلي، ومسند البزار، أما مسند أبي يعلى فلشهرة أحاديثه وانتشارها, وأما مسند البزار فلعنايته بالتعليل، ومن النوادر أن يتم مسند معلل، فكل الذين كتبوا مسانيد معللة توفاهم الله قبل أن يكملوها إلا البزار فهو الوحيد الذي أكمل مسنداً معللاً, وأما كالدورقي ويعقوب بن شيبة وغيرهما من الذين كتبوا المسانيد المعللة ماتوا قبل أن يكملوها.
ومعنى معللاً أي: إذا ذكر حديثاً يذكر ما فيه من العلل وما جاء فيه من الأوجه من الوقف والرفع والإرسال والقطع وغير ذلك.