دروس وعبر مستخلصة من الهجرة


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين, وأصلي وأسلم على من بعث رحمة للعالمين, وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهديه، واستن بسنته إلى يوم الدين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أما بعد:

فإن الله سبحانه وتعالى جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة للمؤمنين في كل زمان ومكان, وارتضى تصرفه وأفعاله وأقواله وتقديراته تشريعاً لهذه الأمة وبياناً للقرآن, فكانت أحداث سيرته صلى الله عليه وسلم أهلاً لأن تؤخذ منها العبر والدروس, وأن يأتسي بها الناس في حياتهم كلها, وأن يأخذوا منها التجارب الناصعة لأنفسهم ومسيرة حياتهم, والهجرة النبوية انعقد إجماع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على جعلها بداية تاريخ هذه الأمة، فهي بداية تأسيس دولة الإسلام, فلذلك كانت من أهم الأحداث في سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعظمها.

والصحابة رضوان الله عليهم عندما أرادوا أن يؤرخوا اختلف رأيهم في ذلك, فمنهم من رأى التاريخ بالبعثة, ومنهم من رأى التاريخ بمولد النبي صلى الله عليه وسلم, ومنهم من رأى التاريخ بموته صلى الله عليه وسلم, ثم انعقد إجماعهم على التاريخ بهجرته صلى الله عليه وسلم, وقدموا رأس السنة عنها بشهرين واثني عشر يوماً.

فقد ذكرنا أن مقدمه مهاجراً إلى المدينة كان في يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول.

سبب جعل المحرم بداية التاريخ الهجري

وجعلوا رأس السنة في اليوم الأول من شهر المحرم؛ لأنه من الأشهر الحرم، ولفضله، ولأمور أخرى وعبرٍ سابقة في التاريخ تؤخذ من هذا الشهر الكريم الذي نحن فيه الآن, فهذا الشهر في اليوم العاشر منه رست سفينة نوح على الجودي, وفيه خرج يوسف من الجب, وفيه أنجى الله موسى وقومه من فرعون وجنوده.

ولذلك صامه رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سأل اليهود عنه وقد وجدهم يعظمونه فقال: ( ما هذا اليوم الذي تعظمون؟ فقالوا: يوم أنجى الله فيه موسى وقومه من فرعون وجنوده, فقال: نحن أولى بـموسى منكم، فصامه رسول الله صلى الله عليه وسلم وحظ أمته على صيام، ولم يزل يصومه )، إلا أنه في عام وفاته بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم قال: ( لئن بقيت إلى قابلٍ لأصومن التاسع ), وقد حمل ذلك كثير من أهل العلم على أن المقصود أن يصوم التاسع مع العاشر، فدل ذلك على سنية صيام اليوم التاسع معه.

وفي حديث ابن عباس استحباب أن يصوم الإنسان مع يوم عاشورا، يوماً قبله أو يوماً بعده, وهذا الحديث مفسر لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع ), وهذه الهجرة قد سردنا تسلسل أحداثها في الدرس الماضي, والآن نذكر بعض العبر والدروس العجيبة التي تأخذ منها, فمنها:

وجعلوا رأس السنة في اليوم الأول من شهر المحرم؛ لأنه من الأشهر الحرم، ولفضله، ولأمور أخرى وعبرٍ سابقة في التاريخ تؤخذ من هذا الشهر الكريم الذي نحن فيه الآن, فهذا الشهر في اليوم العاشر منه رست سفينة نوح على الجودي, وفيه خرج يوسف من الجب, وفيه أنجى الله موسى وقومه من فرعون وجنوده.

ولذلك صامه رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سأل اليهود عنه وقد وجدهم يعظمونه فقال: ( ما هذا اليوم الذي تعظمون؟ فقالوا: يوم أنجى الله فيه موسى وقومه من فرعون وجنوده, فقال: نحن أولى بـموسى منكم، فصامه رسول الله صلى الله عليه وسلم وحظ أمته على صيام، ولم يزل يصومه )، إلا أنه في عام وفاته بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم قال: ( لئن بقيت إلى قابلٍ لأصومن التاسع ), وقد حمل ذلك كثير من أهل العلم على أن المقصود أن يصوم التاسع مع العاشر، فدل ذلك على سنية صيام اليوم التاسع معه.

وفي حديث ابن عباس استحباب أن يصوم الإنسان مع يوم عاشورا، يوماً قبله أو يوماً بعده, وهذا الحديث مفسر لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع ), وهذه الهجرة قد سردنا تسلسل أحداثها في الدرس الماضي, والآن نذكر بعض العبر والدروس العجيبة التي تأخذ منها, فمنها:

أولاً: أن كل من كان صاحب حق ويسلك منهج الله السوي فلا بد أن يمتحن على ذلك امتحاناً شديدا, ومن هنا فلا بد أن يستحضر جميع العاملين للإسلام والداعين إلى سبيله أنهم عرضة لأن يفتنوا, وأن يؤذوا في سبيل الله، ولا بد أن يعلموا أن هذا من معالم الطريق ومن دلالاته، فإن محمداً صلى الله عليه وسلم هو أكرم الخلق على الله, والأنبياء من قبله, كذلك أوذوا كما أوذي وأخرجوا من ديارهم, وجاهدوا وقتل بعضهم, وأهدي رأس يحي بن زكريا عليهما السلام لبغي من بني إسرائيل, وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( أشد الناس بلاءً الأنبياء, ثم الأمثل فالأمثل, وإنما يبتلى الرجل على قدر دينه ), وقد قال الله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ [العنكبوت:1-3].

ومعنى قوله: فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ [العنكبوت:3] أي: ليقيمن عليهم الحجة بذلك, فالله عالم بمآلات الأمور وتفاصيلها قبل أن تكون, ولكنه أراد بيان ذلك وإقامة الحجة به؛ لأنه الحكم العدل: لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ [يونس:44]. ‏

ارتباط الثواب بالعمل

فلذلك لا يعاقب أحد، ولا يثاب على مقتضى سابق علم الله؛ بل لا بد أن يكون العقاب والثواب مرتبطين بعمل الإنسان وإرادته واختياره, فلذلك أقام الله الحجة على الإنسان, وأقام عليه الشهود الذين لا يجرحون, والحكام الذين لا يبدلون ولا يعزلون.

فمن هنا فإنه قال في هذه السورة بعد هذا المبدأ: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ[العنكبوت:10], فلذلك بين هنا أن كثيراً من الناس يقول: آمنا بالله, فيكون مظهره على وجهٍ، ولكن إذا نوقش مخبره لم يأتي مصدقاً لمظهره, فقال: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ * وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ [العنكبوت:10-11].

فلذلك كانت هجرة النبي صلى الله عليه وسلم حلقة من حلقات سلسة إيذاء الأنبياء وإخراجهم، فقبله أخرج إبراهيم عليه السلام وهاجر عندما تألب عليه الأقربون من أهله، ومنهم أبوه وأقاربه جميعا, وقد قال الشاعر:

وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على المرء من وطءِ الحسام المهند

هجرة إبراهيم وإيذاء قومه له

فهاجر إبراهيم عليه السلام إلى الشام، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أنها ستكون هجرة بعد هجرة, وهي التي تكون في آخر الزمان فقال: ( ستكون هجرة بعد هجرة, ويوشك أن يكون خير مهاجركم مهاجر أبيكم إبراهيم عليه السلام، فسيهاجر المؤمنون في آخر الزمان إلى المسيح بن مريم عليه السلام عندما ينزل حكماً عدلاً عند المنارة البيضاء شرقي دمشق وقت أذان الفجر، وهو بين ملكين يمينه على ملك، وشماله على ملك، إذا رفع رأسه تحدر منه مثل الجمان، وإذا طأطأه تقاطر كأنما خرج من ديماس, لا يحل لكافر أن يجد ريح نفسه إلا ذاب كما يذوب الملح في الماء, وإن نفسه ليبلغ ما يبلغ بصره, فيهاجر إليه المؤمنون من مشارق الأرض ومغاربها ), وحينئذٍ يتضح الحال فيكون المؤمنون واضحين فيمن سواهم, ويكون الناس على فسطاطين: فسطاط إيمان لا نفاق فيه, وفسطاط كفر لا إيمان فيه, ولذلك يحصر المؤمنون مع عيسى بن مريم عليه السلام حصاراً شديداً، حتى يكون رأس البقرة يباع بوزنها كاملة من الذهب, وذلك الحصار الشديد هو بمجيء يأجوج ومأجوج الذين يوحي الله إلى عيسى بشأنهم: إني مخرج قوماً لا قبل لأحدٍ بهم, فيحاصر عيسى والمؤمنون معه ذلك الحصار الشديد، فيجأرون إلى الله ويدعون، فيسلط الله النغف في رقاب يأجوج ومأجوج فيموتون موتة رجلٍ واحد, فتمتلئ الأرض من زهمهم ونتنهم, فيدعو عيسى والمؤمنون معه فيرسل الله مطراً فيغسل الأرض حتى تكون كالكرسفة البيضاء ويزول عنها ما فيها من الأوساخ والأقذار, وبعد ذلك تأتي ريح بينة تأخذ المؤمنين من آباطهم فيموت بها أهل الإيمان ولا تضر أهل الكفر, وتبقى على الأرض حفالة أو حثالة كحثالة الشعر لا يباليهم الله باله, فعليهم تقوم الساعة.

وهذه الهجرة التي هاجر بها إبراهيم عليه السلام إلى الشام , هاجر بها عدد من الأنبياء كذلك، فـموسى بن عمران هاجر أولاً من مصر إلى مدين ثم رجع إليها ثم أمر بالهجرة مع بني إسرائيل من مصر إلى الشام, وكذلك عدد من الأنبياء هاجروا وأوذوا في سبيل الله وأخرجوا من ديارهم, وقد بين الله سبحانه وتعالى إن هذا من معالم طريق الاستقامة وطريق الجنة, فقال تعالى: فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ [آل عمران:195].

وقد قال أهل العلم في التفسير: إن هذه الأفعال لا يشترط حصولها جميعا, بل إذا حصل فعل واحد منها تحقق الوعد المربوط بها, فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا, إذا تحقق فعل واحد من الأفعال الخمسة حصل الوعد المرتب عليه, ولذلك لا بد أن نعلم أن كل واحد منا هو حلقة من سلسلة طويلة فيها نوح ومن بعده من الأنبياء إلى محمد صلى الله عليه وسلم, وفيها المخلصون المضحون من هذه الأمة ومن كل الأمم.

وهذه السلسة تصاب بنكبات، وكل نكبة أصابت حلقة من حلقات السلسلة فلا بد أن تصيب السلسلة جميعا, ولكنها نكبات مباركة أصابت من هو أكرم على الله منا ومن هو خير منا, ولذلك لو أن بباب هذا المسجد مسماراً قد جرح نوحاً , وجرح إبراهيم , وجرح موسى , وجرح عيسى , وجرح محمداً صلى الله عليه وسلم, وكنتم توقنون بذلك, لا شك أنكم ستتنافسون فيمن يجرحه هذا المسمار منكم؛ لأنه مسمار مبارك وأصاب من هو خير منكم, فكذلك كل النكبات على سبيل الهداية والاستقامة، وهي أنواع منوعة، فمنها: نكبات من طرف أعداء الله, فإن الله سبحانه وتعالى جعل لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا [الأنعام:112]، وجعل فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ [الأنعام:123], وهذه سنته الماضية.

ابتلاء بعض الأنبياء بالمرض والأذى القولي

كذلك منها ما يكون ابتلاءً في ذات الإنسان, فـأيوب عليه السلام لم يروَ أن قومه آذوه ولكن الابتلاء أتاه في جسده وأهله ثم رفعه الله عنه.

وكذلك قد يكون الأذى قولياً كأذى بني إسرائيل لـموسى فقد آذوه بأنواع الأذى وزعموا أنه آدر , فخرج يغتسل فخلع ملابسه، وكان بنو إسرائيل يغتسلون عراة فيما بينهم, وكان موسى لا يغتسل معهم, فقالوا: ما منعه من ذلك إلا عيب من جسمه, فخرج موسى يغتسل فجعل ثوبه على حجر, فلما أراد أن يلبسه هرب الحجر بثوبه, فخرج موسى يعدو في أثر الحجر حتى دخل بين ملأٍ من بني إسرائيل والحجر يجري بثوبه, فرأوه فقالوا: والله ما بـموسى من بأس, وهو يقول: ثوبي حجر, ثوبي حجر، فأحذ موسى ثوبه فلبسه بين أيديهم, وضرب الحجر بعصاه فكان فيه ندب من آثار الضرب, (ندب) أي: تورم في الحجر من آثار ضرب موسى بعصاه.

وكذلك فإن الأذى قد يحصل للإنسان بامتحانات أخرى فمنها مثلاً! امتحان الله لبني إسرائيل بتولية من يظنونه دونهم, فإن الله امتحنهم وابتلاهم بتولية طالوت عليهم فقالوا: أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ [البقرة:247].

فلذلك لا يعاقب أحد، ولا يثاب على مقتضى سابق علم الله؛ بل لا بد أن يكون العقاب والثواب مرتبطين بعمل الإنسان وإرادته واختياره, فلذلك أقام الله الحجة على الإنسان, وأقام عليه الشهود الذين لا يجرحون, والحكام الذين لا يبدلون ولا يعزلون.

فمن هنا فإنه قال في هذه السورة بعد هذا المبدأ: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ[العنكبوت:10], فلذلك بين هنا أن كثيراً من الناس يقول: آمنا بالله, فيكون مظهره على وجهٍ، ولكن إذا نوقش مخبره لم يأتي مصدقاً لمظهره, فقال: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ * وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ [العنكبوت:10-11].

فلذلك كانت هجرة النبي صلى الله عليه وسلم حلقة من حلقات سلسة إيذاء الأنبياء وإخراجهم، فقبله أخرج إبراهيم عليه السلام وهاجر عندما تألب عليه الأقربون من أهله، ومنهم أبوه وأقاربه جميعا, وقد قال الشاعر:

وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على المرء من وطءِ الحسام المهند

فهاجر إبراهيم عليه السلام إلى الشام، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أنها ستكون هجرة بعد هجرة, وهي التي تكون في آخر الزمان فقال: ( ستكون هجرة بعد هجرة, ويوشك أن يكون خير مهاجركم مهاجر أبيكم إبراهيم عليه السلام، فسيهاجر المؤمنون في آخر الزمان إلى المسيح بن مريم عليه السلام عندما ينزل حكماً عدلاً عند المنارة البيضاء شرقي دمشق وقت أذان الفجر، وهو بين ملكين يمينه على ملك، وشماله على ملك، إذا رفع رأسه تحدر منه مثل الجمان، وإذا طأطأه تقاطر كأنما خرج من ديماس, لا يحل لكافر أن يجد ريح نفسه إلا ذاب كما يذوب الملح في الماء, وإن نفسه ليبلغ ما يبلغ بصره, فيهاجر إليه المؤمنون من مشارق الأرض ومغاربها ), وحينئذٍ يتضح الحال فيكون المؤمنون واضحين فيمن سواهم, ويكون الناس على فسطاطين: فسطاط إيمان لا نفاق فيه, وفسطاط كفر لا إيمان فيه, ولذلك يحصر المؤمنون مع عيسى بن مريم عليه السلام حصاراً شديداً، حتى يكون رأس البقرة يباع بوزنها كاملة من الذهب, وذلك الحصار الشديد هو بمجيء يأجوج ومأجوج الذين يوحي الله إلى عيسى بشأنهم: إني مخرج قوماً لا قبل لأحدٍ بهم, فيحاصر عيسى والمؤمنون معه ذلك الحصار الشديد، فيجأرون إلى الله ويدعون، فيسلط الله النغف في رقاب يأجوج ومأجوج فيموتون موتة رجلٍ واحد, فتمتلئ الأرض من زهمهم ونتنهم, فيدعو عيسى والمؤمنون معه فيرسل الله مطراً فيغسل الأرض حتى تكون كالكرسفة البيضاء ويزول عنها ما فيها من الأوساخ والأقذار, وبعد ذلك تأتي ريح بينة تأخذ المؤمنين من آباطهم فيموت بها أهل الإيمان ولا تضر أهل الكفر, وتبقى على الأرض حفالة أو حثالة كحثالة الشعر لا يباليهم الله باله, فعليهم تقوم الساعة.

وهذه الهجرة التي هاجر بها إبراهيم عليه السلام إلى الشام , هاجر بها عدد من الأنبياء كذلك، فـموسى بن عمران هاجر أولاً من مصر إلى مدين ثم رجع إليها ثم أمر بالهجرة مع بني إسرائيل من مصر إلى الشام, وكذلك عدد من الأنبياء هاجروا وأوذوا في سبيل الله وأخرجوا من ديارهم, وقد بين الله سبحانه وتعالى إن هذا من معالم طريق الاستقامة وطريق الجنة, فقال تعالى: فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ [آل عمران:195].

وقد قال أهل العلم في التفسير: إن هذه الأفعال لا يشترط حصولها جميعا, بل إذا حصل فعل واحد منها تحقق الوعد المربوط بها, فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا, إذا تحقق فعل واحد من الأفعال الخمسة حصل الوعد المرتب عليه, ولذلك لا بد أن نعلم أن كل واحد منا هو حلقة من سلسلة طويلة فيها نوح ومن بعده من الأنبياء إلى محمد صلى الله عليه وسلم, وفيها المخلصون المضحون من هذه الأمة ومن كل الأمم.

وهذه السلسة تصاب بنكبات، وكل نكبة أصابت حلقة من حلقات السلسلة فلا بد أن تصيب السلسلة جميعا, ولكنها نكبات مباركة أصابت من هو أكرم على الله منا ومن هو خير منا, ولذلك لو أن بباب هذا المسجد مسماراً قد جرح نوحاً , وجرح إبراهيم , وجرح موسى , وجرح عيسى , وجرح محمداً صلى الله عليه وسلم, وكنتم توقنون بذلك, لا شك أنكم ستتنافسون فيمن يجرحه هذا المسمار منكم؛ لأنه مسمار مبارك وأصاب من هو خير منكم, فكذلك كل النكبات على سبيل الهداية والاستقامة، وهي أنواع منوعة، فمنها: نكبات من طرف أعداء الله, فإن الله سبحانه وتعالى جعل لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا [الأنعام:112]، وجعل فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ [الأنعام:123], وهذه سنته الماضية.

كذلك منها ما يكون ابتلاءً في ذات الإنسان, فـأيوب عليه السلام لم يروَ أن قومه آذوه ولكن الابتلاء أتاه في جسده وأهله ثم رفعه الله عنه.

وكذلك قد يكون الأذى قولياً كأذى بني إسرائيل لـموسى فقد آذوه بأنواع الأذى وزعموا أنه آدر , فخرج يغتسل فخلع ملابسه، وكان بنو إسرائيل يغتسلون عراة فيما بينهم, وكان موسى لا يغتسل معهم, فقالوا: ما منعه من ذلك إلا عيب من جسمه, فخرج موسى يغتسل فجعل ثوبه على حجر, فلما أراد أن يلبسه هرب الحجر بثوبه, فخرج موسى يعدو في أثر الحجر حتى دخل بين ملأٍ من بني إسرائيل والحجر يجري بثوبه, فرأوه فقالوا: والله ما بـموسى من بأس, وهو يقول: ثوبي حجر, ثوبي حجر، فأحذ موسى ثوبه فلبسه بين أيديهم, وضرب الحجر بعصاه فكان فيه ندب من آثار الضرب, (ندب) أي: تورم في الحجر من آثار ضرب موسى بعصاه.

وكذلك فإن الأذى قد يحصل للإنسان بامتحانات أخرى فمنها مثلاً! امتحان الله لبني إسرائيل بتولية من يظنونه دونهم, فإن الله امتحنهم وابتلاهم بتولية طالوت عليهم فقالوا: أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ [البقرة:247].

وكذلك قد يكون ابتلاء الإنسان على طريق الحق بقذف الرعب في قلبه والخوف, وهذا الخوف أنواع فمنه:

الخوف من إرهاب الأعداء

خوف من أعداء الله، وما يملكونه من وسائل الإرهاب, وهذا الخوف مردود على أصحابه, فإن الله تعالى يقول: إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [آل عمران:175], فالمؤمن يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب له، وأن الأمة لو اجتمعت على أن تنفعه بشيء لم تنفعه إلا بشيء قد كتبه الله له, وإن اجتمعت على أن تضره بشيء لم تضره إلا بشيء قد كتبه الله عليه, وأنه رفعت الأقلام وجفت الصحف عما هو كائن, فلا يمكن أن يصيب الإنسان إلا ما كتب له، وما كتب له لا يستطيع دفعه بحيلة أياً كانت, فهذا الخوف ليس له أي أساس.

الخوف من التشويه

ثم بعده الخوف الثاني: وهو الخوف من التشويه، فكثير من الناس يخافون أن تلصق بهم التهم والتصنيفات, وهذا الخوف أيضاً مردود على أصحابه, فإن الله جل جلاله هو المتصف بصفات الكمال وهو المنزه عن جميع النقائص, وما من كمال إلا وهو واجب في حقه, وما من نقص إلا وهو عليه محال، ومع ذلك زعم اليهود أنه فقير, قال تعالى: لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ[آل عمران:181], وقال: وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا[المائدة:64], وزعم النصارى له صاحبة وولداً تعالى الله عما يقولون علواً كبيرا, فهذا التشويه لا يضر ربنا جل جلاله شيئا, وأنبياء الله وهم خيرة الله من خلقه اصطفاهم الله واصطنعهم على عينه، وكملهم وجملهم وارتضاهم، وأحل عليهم رضوانه الأكبر الذي لا سخط بعده وجعلهم خيرتهم من خلقه, وأيدهم بالمعجزات، وكلمهم بكلامه وملأ قلوبهم من الإيمان به، ومع ذلك ما منهم أحد إلا قيل فيه: مجنون, ساحر, كذاب, كاهن, شاعر, طالب سلطة, أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ [الذاريات:53], لهذا قال الله للنبي صلى الله عليه وسلم: مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ[فصلت:43].

الخوف على المصالح وفواتها

والنوع الثالث: من أنواع الخوف: هو الخوف على المصالح, فكثير من الناس يظنون أنهم إذا سلكوا طريق الحق والاستقامة فإنهم سيفوتهم كثير من مصالحهم, وما ذاك إلا اتباع الهوى، ووسوسة من الشيطان, فالمصالح إنما هي من عند الله وحده, وقد قال الله تعالى: وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنِ اللَّهِ[النحل:53], وأنت تقول في صلاتك: ( لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد ), فمن المستحيل أن يستطيع أحد أن يأخذ منك شيئاً خصك الله به, ومن المستحيل أن يوصل إليك أحد شيئاً منعك الله إياه, فلذلك لا معنى للخوف على المصالح, وقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [التوبة:28], وسوف يغنيكم الله من فضله هذا وعد من الله جل جلاله وهو لا يخلف الميعاد, قال تعالى: فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [التوبة:28].

الخوف من تكليف ما لا يطاق

والنوع الرابع: من أنواع الخوف: هو الخوف من التكاليف, فكثير من الناس يخافون أن يكلفوا أعباءً لا يطيقونها, ولكن أهل الإيمان يعلمون أن الأعباء والتكاليف لا تكون إلا في النفس أو في المال وقد باعهما المؤمن لله جل جلاله, فقد قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [التوبة:111].

فمن هنا لا يمكن أن يجد الإنسان أية تكاليف ليست داخلة في هذه البيعة, وهذه البيعة الإنسان فيها هو الرابح؛ لأن الذي ينفقه ويقدمه يسير ومدخول, ومع ذلك يجد في مقابله ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر, و يجد الحسنى والزيادة ولذة النظر إلى وجه الله الكريم.

خوف من أعداء الله، وما يملكونه من وسائل الإرهاب, وهذا الخوف مردود على أصحابه, فإن الله تعالى يقول: إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [آل عمران:175], فالمؤمن يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب له، وأن الأمة لو اجتمعت على أن تنفعه بشيء لم تنفعه إلا بشيء قد كتبه الله له, وإن اجتمعت على أن تضره بشيء لم تضره إلا بشيء قد كتبه الله عليه, وأنه رفعت الأقلام وجفت الصحف عما هو كائن, فلا يمكن أن يصيب الإنسان إلا ما كتب له، وما كتب له لا يستطيع دفعه بحيلة أياً كانت, فهذا الخوف ليس له أي أساس.

ثم بعده الخوف الثاني: وهو الخوف من التشويه، فكثير من الناس يخافون أن تلصق بهم التهم والتصنيفات, وهذا الخوف أيضاً مردود على أصحابه, فإن الله جل جلاله هو المتصف بصفات الكمال وهو المنزه عن جميع النقائص, وما من كمال إلا وهو واجب في حقه, وما من نقص إلا وهو عليه محال، ومع ذلك زعم اليهود أنه فقير, قال تعالى: لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ[آل عمران:181], وقال: وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا[المائدة:64], وزعم النصارى له صاحبة وولداً تعالى الله عما يقولون علواً كبيرا, فهذا التشويه لا يضر ربنا جل جلاله شيئا, وأنبياء الله وهم خيرة الله من خلقه اصطفاهم الله واصطنعهم على عينه، وكملهم وجملهم وارتضاهم، وأحل عليهم رضوانه الأكبر الذي لا سخط بعده وجعلهم خيرتهم من خلقه, وأيدهم بالمعجزات، وكلمهم بكلامه وملأ قلوبهم من الإيمان به، ومع ذلك ما منهم أحد إلا قيل فيه: مجنون, ساحر, كذاب, كاهن, شاعر, طالب سلطة, أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ [الذاريات:53], لهذا قال الله للنبي صلى الله عليه وسلم: مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ[فصلت:43].

والنوع الثالث: من أنواع الخوف: هو الخوف على المصالح, فكثير من الناس يظنون أنهم إذا سلكوا طريق الحق والاستقامة فإنهم سيفوتهم كثير من مصالحهم, وما ذاك إلا اتباع الهوى، ووسوسة من الشيطان, فالمصالح إنما هي من عند الله وحده, وقد قال الله تعالى: وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنِ اللَّهِ[النحل:53], وأنت تقول في صلاتك: ( لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد ), فمن المستحيل أن يستطيع أحد أن يأخذ منك شيئاً خصك الله به, ومن المستحيل أن يوصل إليك أحد شيئاً منعك الله إياه, فلذلك لا معنى للخوف على المصالح, وقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [التوبة:28], وسوف يغنيكم الله من فضله هذا وعد من الله جل جلاله وهو لا يخلف الميعاد, قال تعالى: فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [التوبة:28].


استمع المزيد من الشيخ محمد الحسن الددو الشنقيطي - عنوان الحلقة اسٌتمع
خطورة المتاجرة بكلمة الحق 4810 استماع
بشائر النصر 4287 استماع
أسئلة عامة [2] 4131 استماع
المسؤولية في الإسلام 4057 استماع
كيف نستقبل رمضان [1] 3997 استماع
نواقض الإيمان [2] 3946 استماع
عداوة الشيطان 3932 استماع
اللغة العربية 3930 استماع
المسابقة إلى الخيرات 3906 استماع
القضاء في الإسلام 3896 استماع