شرح صحيح ابن خزيمة كتاب الوضوء [7]


الحلقة مفرغة

شرح حديث: (إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب النهي عن غمس المستيقظ من النوم يده في الإناء قبل غسلها.

أخبرنا عبد الجبار بن العلاء وسعيد بن عبد الرحمن المخزومي قالا: حدثنا سفيان عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثاً؛ فإنه لا يدري أين باتت يده).

هذا حديث عبد الجبار غير أنه قال: عن أبي هريرة رواية ].

هذا الحديث فيه دليل على أنه يجب على المستيقظ من نوم الليل أن يغسل يديه ثلاثاً قبل أن يغمسهما في الإناء، والنهي للتحريم؛ لأنه الأصل، وقال الجمهور: إن هذا للأدب، فالصواب: أن أصل الأمر للوجوب، وأن أصل النهي للتحريم، فيأثم إذا غمس يديه قبل غسلهما، أما كون الماء يكون مستعملاً فهذا شأن آخر، والصواب: أن الماء يبقى طاهراً، ما دام أنه لم يتغير، وبعض العلماء يرى أنه يكون مستعملاً فلا يجزئ الوضوء منه.

فإن قيل: إن الصحابة كانوا يستجمرون بالأحجار وقد يصيب يد أحدهم شيء إذا بات؛ ولذا جاء هذا الحديث، فنقول: قد التمس بعضهم هذا التعليل، لكن الحديث عام، فإنه قد يصيب يده شيء من دم الحشرات أو غيره، فالمقصود أنه يجب على الإنسان أن يغسل يديه، ويحرم عليه أن يغمسهما قبل غسلهما ثلاثاً، فإن لم يفعل فإنه يأثم، وأما الماء فهو طاهر.

وإنما تكون البيتوتة في الليل، أما في النهار فلا تسمى بيتوتة، والجمهور يرون أن النهار والليل سواء.

وفي الحديث نص على الثلاث، (حتى يغسلها ثلاثاً)، وليس هناك دليل على الاكتفاء بالغسلة الواحدة، فيغسلهما ثلاثاً ثم يبدأ بالوضوء.

فإن كان هناك صنبور يغسلهما قبل غمسهما في الإناء، أما إذا كان الماء جارياً فلا بأس بغسلهما قبل إدخالهما في الإناء.

والحديث قال في الحاشية: أخرجه البخاري ومسلم .

والحديث الذي في البخاري لفظه: (إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يده قبل أن يدخلها في وضوئه، فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده)، ولفظ مسلم : (فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثاً).

قال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى معلقاً على قول ابن خزيمة : هذا حديث عبد الجبار غير أنه قال: عن أبي هريرة رواية: يعني: أن عبد الجبار لم يذكر الرسول صلى الله عليه وسلم في حديثه صراحة، وإنما قال: رواية، وهو بمعنى المرفوع في اصطلاح المحدثين.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب النهي عن غمس المستيقظ من النوم يده في الإناء قبل غسلها.

أخبرنا عبد الجبار بن العلاء وسعيد بن عبد الرحمن المخزومي قالا: حدثنا سفيان عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثاً؛ فإنه لا يدري أين باتت يده).

هذا حديث عبد الجبار غير أنه قال: عن أبي هريرة رواية ].

هذا الحديث فيه دليل على أنه يجب على المستيقظ من نوم الليل أن يغسل يديه ثلاثاً قبل أن يغمسهما في الإناء، والنهي للتحريم؛ لأنه الأصل، وقال الجمهور: إن هذا للأدب، فالصواب: أن أصل الأمر للوجوب، وأن أصل النهي للتحريم، فيأثم إذا غمس يديه قبل غسلهما، أما كون الماء يكون مستعملاً فهذا شأن آخر، والصواب: أن الماء يبقى طاهراً، ما دام أنه لم يتغير، وبعض العلماء يرى أنه يكون مستعملاً فلا يجزئ الوضوء منه.

فإن قيل: إن الصحابة كانوا يستجمرون بالأحجار وقد يصيب يد أحدهم شيء إذا بات؛ ولذا جاء هذا الحديث، فنقول: قد التمس بعضهم هذا التعليل، لكن الحديث عام، فإنه قد يصيب يده شيء من دم الحشرات أو غيره، فالمقصود أنه يجب على الإنسان أن يغسل يديه، ويحرم عليه أن يغمسهما قبل غسلهما ثلاثاً، فإن لم يفعل فإنه يأثم، وأما الماء فهو طاهر.

وإنما تكون البيتوتة في الليل، أما في النهار فلا تسمى بيتوتة، والجمهور يرون أن النهار والليل سواء.

وفي الحديث نص على الثلاث، (حتى يغسلها ثلاثاً)، وليس هناك دليل على الاكتفاء بالغسلة الواحدة، فيغسلهما ثلاثاً ثم يبدأ بالوضوء.

فإن كان هناك صنبور يغسلهما قبل غمسهما في الإناء، أما إذا كان الماء جارياً فلا بأس بغسلهما قبل إدخالهما في الإناء.

والحديث قال في الحاشية: أخرجه البخاري ومسلم .

والحديث الذي في البخاري لفظه: (إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يده قبل أن يدخلها في وضوئه، فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده)، ولفظ مسلم : (فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثاً).

قال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى معلقاً على قول ابن خزيمة : هذا حديث عبد الجبار غير أنه قال: عن أبي هريرة رواية: يعني: أن عبد الجبار لم يذكر الرسول صلى الله عليه وسلم في حديثه صراحة، وإنما قال: رواية، وهو بمعنى المرفوع في اصطلاح المحدثين.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ذكر الدليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أراد بقوله: فإنه لا يدري أين باتت يده.

أي: أنه لا يدري أين أتت يده من جسده ].

أخبرنا محمد بن الوليد بخبر غريب أخبرنا محمد بن جعفر أخبرنا شعبة عن خالد الحذاء عن عبد الله بن شقيق عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في إنائه أو في وضوئه حتى يغسلها، فإنه لا يدري أين أتت يده منه) ].

قوله: (فإنه لا يدري أين أتت يده منه) الضمير يعود إلى جسده.

شرح حديث عمر في شربهم الفرث في تبوك

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ذكر الدليل على أن الماء إذا خالطه فرث ما يؤكل لحمه لم ينجس.

أخبرنا يونس بن عبد الأعلى أخبرنا ابن وهب أخبرني عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبي هلال عن عتبة بن أبي عتبة عن نافع بن جبير عن عبد الله بن عباس أنه قيل لـعمر بن الخطاب : (حدثنا من شأن ساعة العسرة؟ فقال عمر : خرجنا إلى تبوك في قيظ شديد، فنزلنا منزلاً أصابنا فيه عطش حتى ظننا أن رقابنا ستنقطع، حتى أن كان الرجل ليذهب يلتمس الماء فلا يرجع حتى يظن أن رقبته ستنقطع، حتى أن الرجل ينحر بعيره، فيعصر فرثه فيشربه، ويجعل ما بقي على كبده! فقال أبو بكر الصديق : يا رسول الله! إن الله قد عودك في الدعاء خيراً؛ فادع لنا، فقال: أتحب ذلك؟ قال: نعم، فرفع يده فلم يرجعهما حتى قالت السماء فأظلمت ثم سكبت، فملئوا ما معهم، ثم ذهبنا ننظر فلم نجدها جازت العسكر. قال أبو بكر : فلو كان ماء الفرث إذا عصر نجساً لم يجز للمرء أن يجعله على كبده فينجس بعض بدنه وهو غير واجد لماء طاهر يغسل موضع النجس منه، فأما شرب الماء النجس عند خوف التلف إن لم يشرب ذلك الماء فجائز إحياء النفس بشرب ماء نجس، إذ الله عز وجل قد أباح عند الاضطرار إحياء النفس بأكل الميتة والدم ولحم الخنزير إذا خيف التلف إن لم يأكل ذلك) ].

بل هو واجب في هذه الحالة، ولا يستسلم للموت، فيجب عليه أن يأكل الميتة، وأكلها في هذه الحالة عزيمة لا رخصة، فهو واجب عند الضرورة.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ والميتة، والدم، ولحم الخنزير نجس محرم على المستغني عنه مباح للمضطر إليه؛ لإحياء النفس بأكله، فكذلك جائز للمضطر إلى الماء النجس أن يحيي نفسه بشرب ماء نجس إذا خاف التلف على نفسه بترك شربه، فأما أن يجعل ماء نجساً على بعض بدنه والعلم محيط أنه إن لم يجعل ذلك الماء النجس على بدنه لم يخف التلف على نفسه، ولا كان في إمساس ذلك الماء النجس بعض بدنه إحياء نفسه بذلك، ولا عنده ماء طاهر يغسل ما نجس من بدنه بذلك الماء فهذا غير جائز ولا واسع لأحد فعله ].

ويدل على هذا قصة العرنيين، فإن النبي أمرهم أن يلحقوا بإبل الصدقة ويشربوا من أبوالها وألبانها، إذاً: فروث ما يؤكل لحمه وبوله طاهر.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ذكر الدليل على أن الماء إذا خالطه فرث ما يؤكل لحمه لم ينجس.

أخبرنا يونس بن عبد الأعلى أخبرنا ابن وهب أخبرني عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبي هلال عن عتبة بن أبي عتبة عن نافع بن جبير عن عبد الله بن عباس أنه قيل لـعمر بن الخطاب : (حدثنا من شأن ساعة العسرة؟ فقال عمر : خرجنا إلى تبوك في قيظ شديد، فنزلنا منزلاً أصابنا فيه عطش حتى ظننا أن رقابنا ستنقطع، حتى أن كان الرجل ليذهب يلتمس الماء فلا يرجع حتى يظن أن رقبته ستنقطع، حتى أن الرجل ينحر بعيره، فيعصر فرثه فيشربه، ويجعل ما بقي على كبده! فقال أبو بكر الصديق : يا رسول الله! إن الله قد عودك في الدعاء خيراً؛ فادع لنا، فقال: أتحب ذلك؟ قال: نعم، فرفع يده فلم يرجعهما حتى قالت السماء فأظلمت ثم سكبت، فملئوا ما معهم، ثم ذهبنا ننظر فلم نجدها جازت العسكر. قال أبو بكر : فلو كان ماء الفرث إذا عصر نجساً لم يجز للمرء أن يجعله على كبده فينجس بعض بدنه وهو غير واجد لماء طاهر يغسل موضع النجس منه، فأما شرب الماء النجس عند خوف التلف إن لم يشرب ذلك الماء فجائز إحياء النفس بشرب ماء نجس، إذ الله عز وجل قد أباح عند الاضطرار إحياء النفس بأكل الميتة والدم ولحم الخنزير إذا خيف التلف إن لم يأكل ذلك) ].

بل هو واجب في هذه الحالة، ولا يستسلم للموت، فيجب عليه أن يأكل الميتة، وأكلها في هذه الحالة عزيمة لا رخصة، فهو واجب عند الضرورة.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ والميتة، والدم، ولحم الخنزير نجس محرم على المستغني عنه مباح للمضطر إليه؛ لإحياء النفس بأكله، فكذلك جائز للمضطر إلى الماء النجس أن يحيي نفسه بشرب ماء نجس إذا خاف التلف على نفسه بترك شربه، فأما أن يجعل ماء نجساً على بعض بدنه والعلم محيط أنه إن لم يجعل ذلك الماء النجس على بدنه لم يخف التلف على نفسه، ولا كان في إمساس ذلك الماء النجس بعض بدنه إحياء نفسه بذلك، ولا عنده ماء طاهر يغسل ما نجس من بدنه بذلك الماء فهذا غير جائز ولا واسع لأحد فعله ].

ويدل على هذا قصة العرنيين، فإن النبي أمرهم أن يلحقوا بإبل الصدقة ويشربوا من أبوالها وألبانها، إذاً: فروث ما يؤكل لحمه وبوله طاهر.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب الرخصة في الوضوء بسؤر الهرة، والدليل على أن خراطيم ما يأكل الميتة من السباع، ومما لا يجوز أكل لحمه من الدواب والطيور إذا ماس الماء الذي دون القلتين ولا نجاسة مرئية بخراطيمها ومناخيرها إن ذلك لا ينجس الماء، إذ العلم محيط أن الهرة تأكل الفأر، وقد أباح النبي صلى الله عليه وسلم الوضوء بفضل سؤرها، فدلت سنته على أن خرطوم ما يأكل الميتة إذا ماس الماء الذي دون القلتين لم ينجس ذلك، خلا الكلب الذي قد حض النبي صلى الله عليه وسلم بالأمر بغسل الإناء من ولوغه سبعاً، وخلا الخنزير الذي هو أنجس من الكلب أو مثله ].

المؤلف قاس الخنزير على الكلب، وبعض الفقهاء قالوا: إن نجاسة الكلب والخنزير تغسل سبع مرات.

أقول: أما الكلب فقد صح أن نجاسته تغسل سبع مرات إحداهن بالتراب، أما الخنزير فليس هناك دليل يدل على أن نجاسته تغسل سبع مرات إحداهن بالتراب، وإنما هذا خاص بالكلب، وهذا هو الصواب.

ويقول بعض العلماء: الهرة وما دون الهرة سؤرها طاهر، أما ما كان أكبر منها فلا، والذي أقل منها مثل الفأرة وما أشبهها.

قال: [ أخبرنا أبو حاتم محمد بن إدريس أخبرنا محمد بن عبد الله بن أبي جعفر الرازي حدثنا سليمان بن مسافع بن شيبة الحجبي قال: سمعت منصور بن صفية بنت شيبة يحدث عن أمه صفية عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم: (إنها ليست بنجس، هي كبعض أهل البيت) ].

هذا الحديث أخرجه الحاكم في المستدرك والدارقطني من طريق أبي حاتم الرازي ، قال الذهبي في الميزان : سليمان بن مسافع لا يعرف، وأتى بخبر منكر، يعني: هذا الخبر، فهو من أوهامه ومن أغلاطه.

فقوله: لا يعرف، يعني: مجهول.

قال: [ أخبرنا محمد بن يحيى أخبرنا إبراهيم بن الحكم بن أبان حدثني أبي عن عكرمة قال: كان أبو قتادة يتوضأ من الإناء، والهرة تشرب منه، وقال عكرمة : قال أبو هريرة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الهرة من متاع البيت) ].

هذا الحديث إسناده ضعيف؛ لأن فيه إبراهيم بن الحكم وهو ضعيف، وأبوه صدوق عابد وله أوهام كما ذكر الحافظ في التقريب.

قال: [ أخبرنا يونس بن عبد الأعلى الصدفي أخبرنا ابن وهب أن مالكاً حدثه عن إسحاق بن عبد الله -وهو ابن أبي طلحة - عن حميدة بنت عبيد بن رفاعة عن كبشة بنت كعب بن مالك ، وكانت تحت ابن أبي قتادة : (أن أبا قتادة دخل عليها، فسكبت له وضوءاً، فجاءت هرة تشرب منه، فأصغى لها أبو قتادة الإناء حتى شربت.

قالت كبشة : فرآني أنظر إليه فقال: أتعجبين يا بنت أخي؟ قالت: فقلت: نعم، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنها ليست بنجس، إنما هي من الطوافين عليكم والطوافات) ].

قال المحقق في تخريجه: إسناده صحيح أخرجه الترمذي في باب: ما جاء في سؤر الهرة من طريق مالك .

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب ذكر الدليل على أن سقوط الذباب في الماء لا ينجسه، وفيه ما دل على أن لا نجاسة في الأحياء، وإن كان لا يجوز أكل لحمه، إلا ما خص به النبي صلى الله عليه وسلم الكلب وكل ما يقع عليه اسم الكلب من السباع، إذ الذباب لا يؤكل، وهو من الخبائث التي أعلم الله أن نبيه المصطفى يحرمها في قوله: وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ [الأعراف:157]، وقد أعلم صلى الله عليه وسلم أن سقوط الذباب في الإناء لا ينجس ما في الإناء من الطعام والشراب؛ لأمره بغمس الذباب في الإناء إذا سقط فيه، وإن كان الماء أقل من قلتين.

أخبرنا أبو الخطاب زياد بن يحيى الحساني أخبرنا بشر بن المفضل أخبرنا محمد بن عجلان عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا وقع الذباب في إناء أحدكم، فإن في أحد جناحيه داء وفي الآخر شفاء، وإنه يتقي بجناحه الذي فيه الداء، فليغمسه كله ثم لينتزعه) ].

قال: إسناده حسن، وأخرج البخاري من طريق عبيد بن حنين عن أبي هريرة نحوه.

يعني: الذباب لا ينجس ما سقط عليه من المائعات، كذلك الحشرات الصغيرة.

فالذباب كما في الحديث في أحد جناحيه داء وفي الآخر دواء، فإذا سقط في الإناء فليغمسه؛ حتى يزيل الدواء الداء، فإذا غمسته يكافئ هذا الدواء ذلك الداء.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب إباحة الوضوء بالماء المستعمل، والدليل على أن الماء إذا غسل به بعض أعضاء البدن أو جميعه لم ينجس الماء، وكان الماء طاهراً لا نجاسة عليه.

أخبرنا عبد الجبار بن العلاء أخبرنا سفيان قال: سمعت محمد بن المنكدر يقول: سمعت جابر بن عبد الله يقول: (مرضت، فجاءني رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني وأبو بكر ماشيين، فوجدني قد أغمي علي، فتوضأ فصبه علي فأفقت، فقلت: يا رسول الله! كيف أصنع في مالي؟ كيف أمضي في مالي؟ فلم يجبني بشيء، حتى نزلت آية الميراث: إِنْ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ [النساء:176] الآية، وقال مرة: حتى نزلت آية الكلالة) ].

هذا الحديث رواه البخاري في الصحيح، وفيه: أن الماء المستعمل طاهر، ولكن الجمهور يرون أنه لا يتوضأ به فيه مرة أخرى، ويقولون: طاهر غير مطهر، والصواب: أنه طاهر ومطهر؛ لأن هذا هو الأصل.

وابن خزيمة رحمه الله يرى ما يراه شيخ الإسلام وغيره أن الماء ينقسم إلى قسمين: طهور ونجس، وليس هناك طاهر.

والفقهاء يقولون: من الماء ما يكون طاهراً في نفسه غير مطهر لغيره، يعني: يجوز أن تشرب منه، وأن تستعمله في الطبخ، لكن لا تتوضأ به.

قال المحقق: إسناده صحيح على شرط مسلم والبخاري في تفسير سورة النساء.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب إباحة الوضوء من فضل وضوء المتوضئ.

أخبرنا الحسن بن محمد أخبرنا عبيدة بن حميد أخبرنا الأسود بن قيس عن نبيح العنزي عن جابر بن عبد الله قال: (سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فحضرت الصلاة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما في القوم طهور؟ قال: فجاء رجل بفضل ماء في إداوة، قال: فصبه في قدح فتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ثم إن القوم أتوا بقية الطهور، فقال: تمسحوا به، فسمعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: على رسلكم، فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم يده في القدح في جوف الماء، ثم قال: أسبغوا الطهور، فقال جابر بن عبد الله : والذي أذهب بصري، -قال: وكان قد ذهب بصره- لقد رأيت الماء ينبع من بين أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يرفع يده حتى توضئوا أجمعون. قال عبيدة : قال الأسود : حسبته قال: كنا مائتين أو زيادة) ].

هذا ثابت عنه عليه الصلاة والسلام، فنبع الماء من بين أصابعه من معجزات النبي عليه الصلاة والسلام، ومن دلائل قدرة الله العظيمة، ومن دلائل نبوة النبي صلى الله عليه وسلم.

وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ، ثم جاء الصحابة رضوان الله عليهم فتوضئوا بفضل وضوئه عليه الصلاة والسلام، وتمسحوا به.

وجاء في الحديث الآخر: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الوضوء من فضل المرأة)، لكن جاء: (أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ من فضل ميمونة)، هذا وفي حديث جابر في الباب توضئوا من فضل وضوء الرجل، ولا بأس بالوضوء من فضل الرجل ليس فيه إشكال، فهذا الفاضل من الوضوء، وفي الترجمة السابقة المستعمل.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب إباحة الوضوء من فضل وضوء المرأة.

أخبرنا محمد بن رافع أخبرنا عبد الرزاق عن ابن جريج وحدثنا عبد الله بن إسحاق الجوهري أخبرنا أبو عاصم عن ابن جريج قال: أخبرني عمرو بن دينار قال: أكبر علمي، والذي يخطر على بالي أن أبا الشعثاء أخبرني أنه سمع ابن عباس : (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ بفضل ميمونة) ].

جاء في حديث آخر: (نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الوضوء من فضل المرأة) وهذا النهي يحمل على أنه للتنزيه.

قال المحقق: إسناده على شرط مسلم ، وقد أخرجه في الحيض من طريق ابن جريج ، وفيه: (كان يغتسل..).


استمع المزيد من الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح صحيح ابن خزيمة كتاب الوضوء [9] 2883 استماع
شرح صحيح ابن خزيمة كتاب الوضوء [10] 2358 استماع
شرح صحيح ابن خزيمة كتاب الوضوء [8] 2168 استماع
شرح صحيح ابن خزيمة كتاب الوضوء [11] 1987 استماع
شرح صحيح ابن خزيمة كتاب الوضوء [5] 1958 استماع
شرح صحيح ابن خزيمة كتاب الوضوء [3] 1846 استماع
شرح صحيح ابن خزيمة كتاب الوضوء [12] 1583 استماع
شرح صحيح ابن خزيمة كتاب الوضوء [6] 1389 استماع
شرح صحيح ابن خزيمة كتاب الوضوء [4] 1289 استماع
شرح صحيح ابن خزيمة كتاب الوضوء [1] 1043 استماع