خطب ومحاضرات
واجب الشباب في حياته.. قصتان وسؤال!
الحلقة مفرغة
باسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على النبي وآله، حقيقة يا إخواني أنا ليس لدي محاضرة ولا كلمة، وإنما (قصتان وسؤال) وأريد من أحبابي وإخواني أن يشاركوني وسيكون الكلام حديثاً تلقائياً مباشراً، لا أريد أن أتكلف فيه ولا أكلفكم.
سأروي لكم قصتين ثم أطرح عليهما سؤالاً، ثم أروي قصتين أخرى -إن رغبتم- وأطرح عليهما سؤالاً، وهذا يكفي.
هاتان القصتان حصلتا بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56].
القصة الأولى: شكوى الفقراء من الأغنياء
وفي يوم من الأيام جاء هؤلاء الفقراء الذين لا مال لهم ولا بيوت، ولا زروع ولا محلات تجارية .. جاءوا للنبي صلى الله عليه وسلم يشتكون إخوانهم الأغنياء، ويقدمون الشكوى إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فماذا فعل الأغنياء؟
هل اعتدوا عليكم بشيء؟ أبداً. قصروا عنكم في شيء؟ أبداً. الزكاة لا يؤدونها؟ لا. بل وزيادة. الصدقات لا يؤدونها؟ لا. بل وزيادة. لم يواسوكم بأموالهم؟ لا. لم يقصروا في شيء أبداً!
إذاً ما هي المشكلة؟!
وتأتيك القضية التي عندهم تبين لك الهموم التي بداخلهم، همومهم تتجاوز هذا كله، القضية التي أقلقت هؤلاء الفقراء مقارنة حالهم بالأغنياء ليس في كثرة أموالهم، ولا ترف لباسهم، ولا كثرة مزارعهم، ولا الجواري والعبيد الذين عندهم، كل هذا وليست هي القضية، وإنما القضية أن هؤلاء أخذوا الأجور وبقينا نحن، كيف؟! إذا صلينا صلوا مثلنا، إذا صمنا صاموا مثلنا، إذا قرأنا القرآن قرءوا مثلنا، ثم يذهبون فيتصدقون ونحن لا نتصدق، يشترون العبيد ويعتقونهم لله ونحن لا نستطيع، يحجون ويعتمرون ونحن لا نستطيع، وبالتالي سبقونا، ذهبوا بالأجور يا رسول الله، هذه هي القضية!
هذا الشيء الذي جثم على قلوبهم، التحسر على المسارعة للخيرات، وليس الحسد على الأموال، أو أعراض الدنيا، وإنما كيف يسبقنا هؤلاء بأموالهم، وأما بقية الطاعات فقد شاركونا فيها، فجاء الجواب النبوي الأبوي، من إمامنا وحبيبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وبارك عليه، أعطاهم النبي صلى الله عليه وسلم وصفة يحصلون بها الأجور ولا تحتاج سيولة، ولا نقداً.
هل تريدون وصفة تحصلون بها على أجور كأجور الأغنياء من غير أن تنفقوا مالاً؟!
يا رسول الله إذا كان المال عندنا أنفقناه وما بخلنا به، لكن لم نجد!
حسناً: ما هي الوصفة: (دبر كل صلاة تسبحون الله ثلاثاً وثلاثين، وتحمدون الله ثلاثاً وثلاثين، وتكبرون الله ثلاثاً وثلاثين، وتمام المائة لا إله إلا الله، فإذا فعلتم ذلك سبقتم الأغنياء) بهذا الذكر اليسير القليل السهل -دبر كل صلاة فقط- تسبقون الأغنياء.
وانظروا! يا إخواني في أي فضل نفرط؟! فبمجرد أن نصلي نهرع إلى الباب كأنه سوف يغلق علينا، وهي كلها خمس دقائق، ولم أسمع أبداً في حياتي أن هناك إماماً صلى ثم أغلق الباب على المصلين.
فعشر دقائق بعد الصلاة يجعلها الإنسان للعبادة، والعبادة تتبع بالذكر، كما قال الله عز وجل في الحج: فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ [البقرة:200] وبعد الصلاة ذكر لله، فإذا فعلتم ذلك سبقتم الأغنياء، مهما أنفقوا، فأنتم بهذا الذكر اليسير سوف تسبقونهم.
فأخذوا هذا الذكر وأصبحوا بعد كل صلاة يقولون: سبحان الله..! الحمد لله..! الله أكبر..! لا إله إلا الله!
فقالوا: من أين أتيتم بهذا الذكر، قالوا: هذا علمناه الرسول، هل تحسبون أننا سنظل ضعفاء؟! أتى الله لنا بذكر والحمد لله نسبق به الأغنياء مهما أنفقوا.
عجيب! وكم علمكم؟ كم قال لكم أن تكرروها؟
فقالوا: قال لنا الرسول: قولوا سبحان الله ثلاثاً وثلاثين، والحمد لله ثلاثاً وثلاثين، والله أكبر ثلاثاً وثلاثين، وأكملوا المائة: لا إله إلا الله.
قالوا: حسناً: الوعد الفرض الآتي إن شاء الله.
ثم أصبح الأغنياء والفقراء يقولونها: سبحان الله.. الحمد لله.. الله أكبر.. لا إله إلا الله.
فرجع الفقراء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وقالوا: (يا رسول الله! إخواننا أهل الأموال شاركونا في هذا الذكر! فقال صلوات الله وسلامه وبركاته عليه: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء).
هذه قصة واحدة، وبقي قصة أخرى، وبعد القصة سؤال.
القصة الثانية: فاطمة وعلي مع النبي صلى الله عليه وسلم
ولذلك فسر ذلك فقال: (يريبني ما يريبها، ويؤذيني ما يؤذيها) فـفاطمة قطعة منه صلى الله عليه وسلم، وقد كان صلوات الله وسلامه عليه غاية في الأبوة والحنان، فاطمة زوجها النبي صلى الله عليه وسلم ابن عمها علي بن أبي طالب وهي صغيرة، عمرها ستة عشر سنة فانتقلت إلى بيت علي -وهي سيدة نساء العالمين رضي الله عنها وأرضاها- فلما انتقلت إلى بيت زوجها وهي سيدة نساء العالمين وابنت سيد المرسلين صلوات الله وسلامه وبركاته عليه تمارس مهماتها الزوجية.
فـعلي رضي الله عنه أخبرنا ببرنامج فاطمة ، قال: [دخلت
[وجرّت على الرحى حتى مجلت يدها] ومعنى مجلت يدها أي: صار فيها يبوسة، لو ذهبت إلى موقف العمال وسلمت على أحد منهم لوجدت يده مثل (الكماشة)، وتجدها جافة يابسة من الداخل، من أثر (العتلة أو الفاروع).
فإدارة الرحى باليد تجعل في اليد يبوسة وخشونة، فكانت يد البنت الطرية الغضة، أصبحت كأيدي العمال من كثرة العمل، فبينما هي كذلك إذ سمع علي وفاطمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قُدم عليه بعبيد، فقال لها: هيا الحقي بي حتى نأخذ واحداً منهم، حتى يأتي لنا بالماء في القربة، ويطحن لنا الطحين ويكنس البيت، وترتاحين وتمارسين مهماتك الزوجية الحقيقية، ومعروف أن الرسول إذا جاءه شيء ذهب في نفس اليوم!
فذهبت فاطمة من فورها إلى بيت النبي صلى الله عليه وسلم يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56].
فلما ذهبت إليه لم تجده، فهل قالت: لن أخرج من هنا حتى يأتي؟ لا. لأن بيتها ينتظرها، وعندها مهماتها في بيتها وأشغالها، فأخبرت أمنا عائشة رضي الله عنها بالحاجة: أنا أتيت لأبي لكي يعطيني خادماً من هؤلاء الذين عنده، ولكني لا أستطيع الانتظار حتى يأتي ولكن أخبريه عندما يأتي.
تأخر النبي صلى الله عليه وسلم فما رجع إلى بيته إلا بعد العشاء، فلما جاء صلى الله عليه وسلم أخبرته عائشة الخبر، فهل قال صلى الله عليه وسلم: الأمر بسيط وغداً سأمر عليهم؟ لا.
ذهب من فوره إلى بيت علي وفاطمة ، وطبعاً علي وفاطمة شباب، ولم يتزوجوا إلا قريباً، وبعد صلاة العشاء أغلقوا الباب مباشرة.
وبيت علي وفاطمة ليس كبيوتنا الآن فيه السور ثم تدخل على (الفيلا) ثم المجلس، ثم الصالة، ثم مجلس النساء، ثم غرفة النوم، لا. ليس هكذا، وإنما تفتح الباب فتدخل على غرفة النوم التي في الصباح هي الصالون والمجلس، وغرفة الطعام وكل شيء، فالباب تدخل منه على كل هذه الوظائف.
فوقف النبي صلى الله عليه وسلم بالباب واستأذن فأذنا له، لأنه لا يمكن أن يتركوه في الخارج، وفي نفس الوقت كانا قد آويا إلى فراشهما، فـعلي رضي الله عنه يخبرنا بغرفة النوم، التي هو فيها وفاطمة رضي الله عنهما.
يقول علي : [وعلينا كساء إن تغطينا به طولاً بدت جنوبنا، وإن تغطينا به عرضاً بدت أرجلنا] فدخل النبي صلى الله عليه وسلم عليهما وقال لهما: (مكانكما. فدخل النبي صلى الله عليه وسلم حتى جلس بينهما وهما مضطجعان رضي الله عنهما، يقول
وعندما تسمع هذه الكلمة تستشعر كم فيها من دلالة على القرب والأبوة والحنان من الرسول صلى الله عليه وسلم بـعلي وفاطمة!
ثم بدأ حوار هادف:
يا فاطمة ما جاء بك؟
هو يعرف ولذا جاء! فهو لم يأت إلى البيت إلا وهو يدري، لأن عائشة رضي الله عنها أخبرته، لكن انظر إلى الأسلوب النبوي في التعليم!
فأجابت فاطمة : يا أبتاه أثّر عَلي عمل البيت وشق بي، وكَلِفت به، وقد قُدم عليك بسبي فنريد منهم واحداً يكفينا هذه المؤنة، فقال صلوات الله وسلامه وبركاته عليه: (ألا أدلكما على ما هو خير لكما من خادم؟) أي: عندي لكم عرض، شيء أحسن من الخادم، فهل تريدون أم لا؟ فقالا: (بلى يا رسول الله -دلنا على ما هو خير من خادم- فقال صلوات الله وسلامه وبركاته عليه: إذا أويتما إلى فراشكما فسبحا الله ثلاثاً وثلاثين، واحمداه ثلاثاً وثلاثين، وكبراه أربعاً وثلاثين، فهو خير لكما من خادم).
حسناً: يا رسول الله هذا الذكر سنحافظ عليه يومياً، لا يمكن أن نتركه أبداً، لأنه خير من خادم، فسوف نحافظ عليه ولن نتركه ولا ليلة، ولكن المعروض الذي قدمناه ما مصيره، هل سيكون لنا خادم أو لن يكون؟! وجاءهم الجواب سريعاً: (والله لا أخدمكما خادماً) لماذا؟ أكثير علينا؟ أم لا نستحق؟! لا. وإنما: (لا أخدمكما خادماً وأدع أهل الصفة تطوي بطونهم من الجوع، ولكن أبيعهم وأشترى بثمنهم طعاماً لأهل الصفة).
وأما فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم ورضي عنها فلتجر على الرحى، ولتستقي على عاتقها، ولتقم على بيتها، ولتخبز على تنورها، فعندها هذا الورد خير لها من خادم.
ولم يجعل النبي صلى الله عليه وسلم لـفاطمة ميزة على غيرها من مال الله العام، وإنما صرف المال في مصارفه العامة، وفاطمة التي هي بضعة منه يؤذيه ما يؤذيها ويشق عليه ما يشق عليها، ليس قليل الرحمة بها، ولكنه عظيم الرحمة، ولكن أحب إليه أن تتعنى في بيتها وأن تمجل يدها من أن يخدمها خادماً، ويدع أهل الصفة تطوي بطونهم من الجوع.
حسناً: من الذي روى لنا هذا الحديث، أو أخبرنا بهذه القصة؟
الذي أخبر بهذا الخبر هو ضجيع فاطمة رضي الله عنها وهو علي رضي الله عنه، هو الذي شهد تفاصيل القصة من أولها إلى آخرها، وحدَّث بهذا الحديث وعمره ثلاث وستون سنة يمسك لحيته البيضاء على منبر الكوفة .
فلما انتهى من ذكر القصة، قال رضي الله عنه: [فما تركت هذا الذكر منذ تلك الليلة] فهناك أحد المشاغبين قام وقال: لا يا أمير المؤمنين! أنا آتيك بليلة لم تأت فيها بهذا الذكر! فما هي هذه الليلة؟
إنها ليلة الهرير، وليلة الهرير: العادة في أن القتال إذا بدأ في الصباح فإنه يتوقف في الليل، لكن هذه الليلة بدأ فيها القتال في الصباح فلما جاء الليل استمر القتال في الليل، وعلي في وسط الميدان، فالسيوف تلمع، والدماء تنثر، وعلي رضي الله عنه إذا جاءت المعركة فإنه يكون في وسطها.
فقال علي رضي الله عنه: [ولا ليلة الهرير].
حتى والسيوف تضرب، والرءوس تقطع، والدماء تنثر، لم أدع هذا الذكر.
وهنا يأتي السؤال! ما الرابط بين هاتين القصتين؟
قد ذكرت قصتين ولدي سؤال.
القاسم المشترك بين القصتين في فضل الذكر وأثره
وكما تلاحظون أن الذكر الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم للفقراء هو تقريباً الذكر الذي ذكره صلى الله عليه وسلم لـفاطمة .
فالقاسم المشترك بين هاتين القصتين هو الذكر: فضله وأثره.
وأثر الذكر عظيم في إعطاء العمر والجهد بركة، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم يقول لـفاطمة هذا الذكر خير لكما من خادم، فقال العلماء: إن من حافظ على هذا الذكر يكون في جهده وعمره من البركة ما يكفيه عن خادم، ويكفيه عن أحد يساعده، وعرف هذا العلماء.
ولذلك العلماء السابقون ألفوا كتباً، الآن المجامع العلمية تعجز من أن تطبعها، والناس احتاروا: كيف أن أعمارهم اتسعت لتأليفها، يعني كتب شيخ الإسلام ابن تيمية لو ربطتها في كرتون ورميتها على أقوى الناس لقتلته، فمتى وجد الوقت لكتابتها؟!
إن هذه بركة جعلها الله في أعمارهم وجهودهم، وطاقاتهم وقواتهم، فهذا الذكر يعطي العمر بركة، ويزكيه وينميه، فينجز الإنسان في يومه ما لا ينجزه الذي لا يذكر الله في شهره أو سنته.
وهذا -كما قلت- موجود ومعروف ومحسوس في إنجازات العلماء، كما أن هذا الذكر عبادة يسيرة، ولكنها من أفضل العبادات ولا أدل على فضلها مثل قول الله عز وجل: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ [البقرة:152].
الآن لو أن واحداً منا ذكره ملك أو رئيس جمهورية وقال: فلان بن فلان، لوجدته في كل مجلس يأتي بقصة طويلة عريضة من أجل أن يقول: الأمير ذكرني في يوم كذا وقال كذا.
أحياناً تجد بعض الكبار في السن يأتي لنا بقصة لم يسأله عنها أحد، ولم تطلب منه من أجل أن يقول: الملك عبد العزيز قال لي: أنت وانعم. ويذكرها وهو منتشي، ويحفظها أولاده بأنه ذُكر؛ لأن ذكر ذوي الأقدار مثلهم.
فما بالك بمن يذكره الله في الملأ الأعلى عند جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، وهو يمشي على الأرض والله جل جلاله في عليائه وعند الملأ الأعلى يذكره، ومن ذكره الله فهو بخير، وغشيته رحمته، وصلح أمره.
كما تعلمون يا أحبابي! أن مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم كان فيه صفة يجتمع فيها الفقراء من المهاجرين، أي مهاجر يأتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليس له بيت، ولا نخل، ولا أهل يسكن في هذه الغرفة، وتسمى الصُفَّة، ويسمون أهلها أهل الصفة.
وفي يوم من الأيام جاء هؤلاء الفقراء الذين لا مال لهم ولا بيوت، ولا زروع ولا محلات تجارية .. جاءوا للنبي صلى الله عليه وسلم يشتكون إخوانهم الأغنياء، ويقدمون الشكوى إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فماذا فعل الأغنياء؟
هل اعتدوا عليكم بشيء؟ أبداً. قصروا عنكم في شيء؟ أبداً. الزكاة لا يؤدونها؟ لا. بل وزيادة. الصدقات لا يؤدونها؟ لا. بل وزيادة. لم يواسوكم بأموالهم؟ لا. لم يقصروا في شيء أبداً!
إذاً ما هي المشكلة؟!
وتأتيك القضية التي عندهم تبين لك الهموم التي بداخلهم، همومهم تتجاوز هذا كله، القضية التي أقلقت هؤلاء الفقراء مقارنة حالهم بالأغنياء ليس في كثرة أموالهم، ولا ترف لباسهم، ولا كثرة مزارعهم، ولا الجواري والعبيد الذين عندهم، كل هذا وليست هي القضية، وإنما القضية أن هؤلاء أخذوا الأجور وبقينا نحن، كيف؟! إذا صلينا صلوا مثلنا، إذا صمنا صاموا مثلنا، إذا قرأنا القرآن قرءوا مثلنا، ثم يذهبون فيتصدقون ونحن لا نتصدق، يشترون العبيد ويعتقونهم لله ونحن لا نستطيع، يحجون ويعتمرون ونحن لا نستطيع، وبالتالي سبقونا، ذهبوا بالأجور يا رسول الله، هذه هي القضية!
هذا الشيء الذي جثم على قلوبهم، التحسر على المسارعة للخيرات، وليس الحسد على الأموال، أو أعراض الدنيا، وإنما كيف يسبقنا هؤلاء بأموالهم، وأما بقية الطاعات فقد شاركونا فيها، فجاء الجواب النبوي الأبوي، من إمامنا وحبيبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وبارك عليه، أعطاهم النبي صلى الله عليه وسلم وصفة يحصلون بها الأجور ولا تحتاج سيولة، ولا نقداً.
هل تريدون وصفة تحصلون بها على أجور كأجور الأغنياء من غير أن تنفقوا مالاً؟!
يا رسول الله إذا كان المال عندنا أنفقناه وما بخلنا به، لكن لم نجد!
حسناً: ما هي الوصفة: (دبر كل صلاة تسبحون الله ثلاثاً وثلاثين، وتحمدون الله ثلاثاً وثلاثين، وتكبرون الله ثلاثاً وثلاثين، وتمام المائة لا إله إلا الله، فإذا فعلتم ذلك سبقتم الأغنياء) بهذا الذكر اليسير القليل السهل -دبر كل صلاة فقط- تسبقون الأغنياء.
وانظروا! يا إخواني في أي فضل نفرط؟! فبمجرد أن نصلي نهرع إلى الباب كأنه سوف يغلق علينا، وهي كلها خمس دقائق، ولم أسمع أبداً في حياتي أن هناك إماماً صلى ثم أغلق الباب على المصلين.
فعشر دقائق بعد الصلاة يجعلها الإنسان للعبادة، والعبادة تتبع بالذكر، كما قال الله عز وجل في الحج: فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ [البقرة:200] وبعد الصلاة ذكر لله، فإذا فعلتم ذلك سبقتم الأغنياء، مهما أنفقوا، فأنتم بهذا الذكر اليسير سوف تسبقونهم.
فأخذوا هذا الذكر وأصبحوا بعد كل صلاة يقولون: سبحان الله..! الحمد لله..! الله أكبر..! لا إله إلا الله!
فقالوا: من أين أتيتم بهذا الذكر، قالوا: هذا علمناه الرسول، هل تحسبون أننا سنظل ضعفاء؟! أتى الله لنا بذكر والحمد لله نسبق به الأغنياء مهما أنفقوا.
عجيب! وكم علمكم؟ كم قال لكم أن تكرروها؟
فقالوا: قال لنا الرسول: قولوا سبحان الله ثلاثاً وثلاثين، والحمد لله ثلاثاً وثلاثين، والله أكبر ثلاثاً وثلاثين، وأكملوا المائة: لا إله إلا الله.
قالوا: حسناً: الوعد الفرض الآتي إن شاء الله.
ثم أصبح الأغنياء والفقراء يقولونها: سبحان الله.. الحمد لله.. الله أكبر.. لا إله إلا الله.
فرجع الفقراء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وقالوا: (يا رسول الله! إخواننا أهل الأموال شاركونا في هذا الذكر! فقال صلوات الله وسلامه وبركاته عليه: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء).
هذه قصة واحدة، وبقي قصة أخرى، وبعد القصة سؤال.
استمع المزيد من الدكتور عبد الوهاب الطريري - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
اليوم النبوي | 2739 استماع |
هكذا علمتنا المأساة | 2476 استماع |
كشف حساب الأمة | 2216 استماع |
خيرة الله | 2114 استماع |
وقفات لابد منها | 2103 استماع |
الرحمن الرحيم | 2094 استماع |
رسالة من القلب | 2052 استماع |
سيذكر من يخشى قبل ان نكون عبرة | 2037 استماع |
حياة أوقفت لله | 2034 استماع |
تساؤلات | 1936 استماع |