شرح سنن أبي داود كتاب الطهارة [2]


الحلقة مفرغة

شرح حديث: (لا يخرج الرجلان يضربان الغائط كاشفين عن عورتهما ...)

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب كراهية الكلام عند الخلاء.

حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة حدثنا ابن مهدي حدثنا عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير عن هلال بن عياض قال: حدثني أبو سعيد رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا يخرج الرجلان يضربان الغائط كاشفين عن عورتهما يتحدثان؛ فإن الله عز وجل يمقت على ذلك).

قال أبو داود : هذا لم يسنده إلا عكرمة بن عمار ].

هذا الحديث أخرجه ابن ماجة وأحمد والبيهقي والحاكم وابن خزيمة في صحيحه وابن حبان ، قال ابن حبان في الثقات: عكرمة بن عمار روايته عن يحيى بن أبي كثير فيها اضطراب.

قال الذهبي في الميزان: عياض بن هلال أو هلال بن عياض عن أبي سعيد لا يعرف، ما علمت روى عنه سوى يحيى بن أبي كثير .

وقال أبو داود : لم يذكره إلا عكرمة بن عمار ، يعني: أنه موقوف على أبي سعيد ، ولكن مثل هذا لا يقال من جهة الرأي، وفيه إثبات صفة المقت لله عز وجل، وإذا صح الحديث يؤخذ منه صفة المقت لله، وصفة المقت ثابتة في القرآن الكريم، والمقت هو: أشد البغض، قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ [غافر:10]، ولكن ما دل عليه الحديث صحيح أيضاً؛ فإن كشف من يتخلى عند حاجته عن عورته أو كون الاثنين يقضيان حاجتهما ويكشفان عوراتهما هذا ممنوع ولا يجوز، وهكذا حين يتحدثان أيضاً، فإن هذا ليس مكاناً للحديث، فمكان قضاء الحاجة ليس مكاناً للحديث إلا للضرورة، كأن يتكلم مع إنسان كفيف يريد أن يسقط في حفرة أو ما أشبه ذلك، أما ما عدا ذلك فلا يتكلم؛ لأنه ليس محلاً للكلام.

وعليه فإن كشف الإنسان عن عورته أو الرجلين عن عورتهما وحديثهما عند قضاء الحاجة كل هذا ممنوع.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب كراهية الكلام عند الخلاء.

حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة حدثنا ابن مهدي حدثنا عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير عن هلال بن عياض قال: حدثني أبو سعيد رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا يخرج الرجلان يضربان الغائط كاشفين عن عورتهما يتحدثان؛ فإن الله عز وجل يمقت على ذلك).

قال أبو داود : هذا لم يسنده إلا عكرمة بن عمار ].

هذا الحديث أخرجه ابن ماجة وأحمد والبيهقي والحاكم وابن خزيمة في صحيحه وابن حبان ، قال ابن حبان في الثقات: عكرمة بن عمار روايته عن يحيى بن أبي كثير فيها اضطراب.

قال الذهبي في الميزان: عياض بن هلال أو هلال بن عياض عن أبي سعيد لا يعرف، ما علمت روى عنه سوى يحيى بن أبي كثير .

وقال أبو داود : لم يذكره إلا عكرمة بن عمار ، يعني: أنه موقوف على أبي سعيد ، ولكن مثل هذا لا يقال من جهة الرأي، وفيه إثبات صفة المقت لله عز وجل، وإذا صح الحديث يؤخذ منه صفة المقت لله، وصفة المقت ثابتة في القرآن الكريم، والمقت هو: أشد البغض، قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ [غافر:10]، ولكن ما دل عليه الحديث صحيح أيضاً؛ فإن كشف من يتخلى عند حاجته عن عورته أو كون الاثنين يقضيان حاجتهما ويكشفان عوراتهما هذا ممنوع ولا يجوز، وهكذا حين يتحدثان أيضاً، فإن هذا ليس مكاناً للحديث، فمكان قضاء الحاجة ليس مكاناً للحديث إلا للضرورة، كأن يتكلم مع إنسان كفيف يريد أن يسقط في حفرة أو ما أشبه ذلك، أما ما عدا ذلك فلا يتكلم؛ لأنه ليس محلاً للكلام.

وعليه فإن كشف الإنسان عن عورته أو الرجلين عن عورتهما وحديثهما عند قضاء الحاجة كل هذا ممنوع.

شرح حديث: (مر رجل على النبي وهو يبول فسلم عليه فلم يرد عليه)

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب في الرجل يرد السلام وهو يبول.

حدثنا عثمان وأبو بكر ابنا أبي شيبة قالا: حدثنا عمر بن سعد عن سفيان عن الضحاك بن عثمان عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (مر رجل على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول، فسلم عليه فلم يرد عليه).

قال أبو داود : وروي عن ابن عمر رضي الله عنهما وغيره: (أن النبي صلى الله عليه وسلم تيمم ثم رد على الرجل السلام) ].

وهذا فيه أنه لا يسلم على من يبول ومن يقضي حاجته، وإذا سلم عليه أحد وكان موجوداً وأمكنه السلام عليه بعد ذلك فلا بأس، والتيمم هنا هو من باب الاستحباب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يذكر الله في كل أحواله، والسلام اسم من أسماء الله.

وقد جاء في الحديث الآخر أنه سلم عليه وهو ليس على حاجته، ولم يكن على طهر، فتيمم ورد عليه السلام.

وفي الحديث الآخر أنه لم يجد ماءً أو لم يكن قريباً من البلد فحك الجدار وتيمم ورد عليه السلام وقال: (كرهت أن أذكر الله إلا على طهر)، هذا إذا أمكن رد السلام عليه، فإذا سلم إنسان على آخر وهو يبول ولم يذهب فله أن يرد عليه السلام بعد ذلك إذا تيمم، وإذا كان الماء موجوداً يتوضأ؛ لأن السلام على طهارة أفضل.

قال الشارح: فلم يرد عليه الجواب، وفي هذا دلالة على أن المسلم في هذا الحال لا يستحق جواباً، وهكذا في رواية مسلم وأصحاب السنن من طريق الضحاك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (مر رجل على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول فسلم عليه فلم يرد عليه)، وكذا في ابن ماجة من حديث أبي هريرة وجابر بن عبد الله رضي الله عنهما.

وأما في رواية محمد بن ثابت العبدي وابن الهاد كلاهما عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما التي أخرجها المؤلف في باب التيمم ففيها أن السلام كان بعد البول.

وفي رواية مسلم : (أنه سلم عليه وهو يبول ولم يرد عليه)، فإذا سلم عليه وهو يقضي حاجته لا يرد عليه, وأما إذا كان ليس في قضاء الحاجة فإنه يجب رد السلام، لكن إن رده وهو على طهارة فهو أفضل، وإلا فلا يجب التطهر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يذكر الله على كل أحواله.

وأما ما جاء في الحديث الآخر أن النبي صلى الله عليه وسلم حك الجدار لما سلم عليه الرجل وتيمم وقال: (كرهت أن أذكر الله إلا على طهر) فهذا من باب الاستحباب، فالأفضل للإنسان إذا أراد أن يذكر الله أن يكون على طهارة، والسلام من ذكر الله، ولكن لا بأس بذكر الله ولو لم يكن على طهور، وأعلى ذكر الله قراءة القرآن، وأفضل الذكر قراءة القرآن، فيجوز للإنسان أن يقرأ القرآن عن ظهر قلب إذا لم يمس المصحف، إلا إذا كان عليه جنابة، كما في حديث علي : (فأما الجنب فلا ولا آية) فالجنب لا يقرأ ولا عن ظهر قلب، وأما غير الجنب فله أن يقرأ من غير مس المصحف، ولكن الأفضل أن يكون على طهارة.

شرح حديث: (... إني كرهت أن أذكر الله تعالى إلا على طهر)

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن المثنى حدثنا عبد الأعلى حدثنا سعيد عن قتادة عن الحسن عن حضين بن المنذر أبي ساسان عن المهاجر بن قنفذ رضي الله عنه: (أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول، فسلم عليه فلم يرد عليه حتى توضأ، ثم اعتذر إليه فقال: إني كرهت أن أذكر الله تعالى إلا على طهر، أو قال: على طهارة) ].

محمد بن المثنى قال فيه ابن حجر : ثقة ثبت.

و عبد الأعلى : ثقة.

و سعيد ، هو سعيد بن أبي عروبة مهران اليشكري ، ثقة حافظ، لكنه كثير التدليس، واختلط، وكان من أثبت الناس في قتادة .

و الحسن ثقة فقيه قاض مشهور، وكان يرسل كثيراً ويدلس.

و حضين بن المنذر أبي ساسان ثقة.

ولا شك أن ذكر الله على طهارة أفضل، فإذا لم يكن الإنسان على طهارة يؤخر رد السلام حتى يتوضأ، هذا إذا لم يخش ذهاب الوقت، أما إذا خشي فالأولى في مثل هذه الحالة أن يرد عليه في الحال؛ لأن ذكر الله على غير طهارة لا بأس به، كما في حديث عائشة : (كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله في كل أحيانه)، وقد يتأثر المسلِّم ويقع في نفسه شيء إذا أخر رد السلام عليه حتى يتوضأ؛ لأنه قد يتأخر وقتاً طويلاً، والحديث فيه الحسن يدلس ويرسل، وفيه سعيد بن أبي عروبة كثير التدليس، فلو صح فهو محمول على ما إذا لم يتأثر المسلِّم ولم يقع في نفسه شيء، أو أخبره وقال: إني سأتوضأ، وإلا فالأولى في مثل هذه الحالة أن يرد عليه السلام في الحال.

ونقل الخطابي أن الرجل إذا خاف خروج الوقت يتيمم من غير مرض ولا حرج، قال: وإلى هذا ذهب الأوزاعي وقال: يتيمم ويصلي قبل فوات الوقت.

وهذا ليس بصحيح، فقول الأوزاعي هذا ليس بشيء، والصواب: أنه لا يجوز له أن يتيمم مع وجود الماء، فهذا كلام مصادم لقول الله تعالى: فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا [النساء:43]، فإن وجد ماءً فلا يتيمم ولو خاف طلوع الشمس، ولو كان نائماً نوماً يعذر فيه فوقت الصلاة من حين يستيقظ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك) فإذا استيقظ قرب طلوع الشمس فوقتها حين يستيقظ، وهو معذور إذا كان نوماً يعذر فيه، أو يسخن الماء إذا كان في الشتاء ويغتسل ولو طلعت الشمس ثم يصلي، أما أن يصلي بالتيمم فهذا باطل ولا يجوز إلا عند عدم الماء أو العجز عن استعماله.

أما رد السلام فالتطهر له من باب الاستحباب، فقد جاء في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم لما سلم عليه رجل وهو في مكان يقال له: بئر جمل وكان قريباً من البلد حك الجدار وتيمم، ثم رد عليه السلام وقال: (كرهت أن أذكر الله إلا على طهارة) فيحتمل هنا أن الماء كان بعيداً عنه أو أنه تيمم؛ لأن هذا من باب الاستحباب وليس لأداء فريضة، أما الفريضة فلا بد لها من الوضوء إذا كان يجد الماء ويستطيع استعماله.

وأما حديث ابن عمر : (أن رجلاً مر على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول فلم يرد عليه) فتمامه: (أن رجلاً مر بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول فسلم عليه فلم يرد عليه حتى فرغ من حاجته، ثم رمى يده على الجدار ثم تيمم، فرد عليه)، ومعناه: أن النبي صلى الله عليه وسلم تيمم لذكر الله، وذكر الله على طهارة أفضل، ولا سيما إذا كان دعاءً، وقد كان مالك لا يقرأ عليه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يتوضأ.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب في الرجل يرد السلام وهو يبول.

حدثنا عثمان وأبو بكر ابنا أبي شيبة قالا: حدثنا عمر بن سعد عن سفيان عن الضحاك بن عثمان عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (مر رجل على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول، فسلم عليه فلم يرد عليه).

قال أبو داود : وروي عن ابن عمر رضي الله عنهما وغيره: (أن النبي صلى الله عليه وسلم تيمم ثم رد على الرجل السلام) ].

وهذا فيه أنه لا يسلم على من يبول ومن يقضي حاجته، وإذا سلم عليه أحد وكان موجوداً وأمكنه السلام عليه بعد ذلك فلا بأس، والتيمم هنا هو من باب الاستحباب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يذكر الله في كل أحواله، والسلام اسم من أسماء الله.

وقد جاء في الحديث الآخر أنه سلم عليه وهو ليس على حاجته، ولم يكن على طهر، فتيمم ورد عليه السلام.

وفي الحديث الآخر أنه لم يجد ماءً أو لم يكن قريباً من البلد فحك الجدار وتيمم ورد عليه السلام وقال: (كرهت أن أذكر الله إلا على طهر)، هذا إذا أمكن رد السلام عليه، فإذا سلم إنسان على آخر وهو يبول ولم يذهب فله أن يرد عليه السلام بعد ذلك إذا تيمم، وإذا كان الماء موجوداً يتوضأ؛ لأن السلام على طهارة أفضل.

قال الشارح: فلم يرد عليه الجواب، وفي هذا دلالة على أن المسلم في هذا الحال لا يستحق جواباً، وهكذا في رواية مسلم وأصحاب السنن من طريق الضحاك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (مر رجل على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول فسلم عليه فلم يرد عليه)، وكذا في ابن ماجة من حديث أبي هريرة وجابر بن عبد الله رضي الله عنهما.

وأما في رواية محمد بن ثابت العبدي وابن الهاد كلاهما عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما التي أخرجها المؤلف في باب التيمم ففيها أن السلام كان بعد البول.

وفي رواية مسلم : (أنه سلم عليه وهو يبول ولم يرد عليه)، فإذا سلم عليه وهو يقضي حاجته لا يرد عليه, وأما إذا كان ليس في قضاء الحاجة فإنه يجب رد السلام، لكن إن رده وهو على طهارة فهو أفضل، وإلا فلا يجب التطهر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يذكر الله على كل أحواله.

وأما ما جاء في الحديث الآخر أن النبي صلى الله عليه وسلم حك الجدار لما سلم عليه الرجل وتيمم وقال: (كرهت أن أذكر الله إلا على طهر) فهذا من باب الاستحباب، فالأفضل للإنسان إذا أراد أن يذكر الله أن يكون على طهارة، والسلام من ذكر الله، ولكن لا بأس بذكر الله ولو لم يكن على طهور، وأعلى ذكر الله قراءة القرآن، وأفضل الذكر قراءة القرآن، فيجوز للإنسان أن يقرأ القرآن عن ظهر قلب إذا لم يمس المصحف، إلا إذا كان عليه جنابة، كما في حديث علي : (فأما الجنب فلا ولا آية) فالجنب لا يقرأ ولا عن ظهر قلب، وأما غير الجنب فله أن يقرأ من غير مس المصحف، ولكن الأفضل أن يكون على طهارة.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن المثنى حدثنا عبد الأعلى حدثنا سعيد عن قتادة عن الحسن عن حضين بن المنذر أبي ساسان عن المهاجر بن قنفذ رضي الله عنه: (أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول، فسلم عليه فلم يرد عليه حتى توضأ، ثم اعتذر إليه فقال: إني كرهت أن أذكر الله تعالى إلا على طهر، أو قال: على طهارة) ].

محمد بن المثنى قال فيه ابن حجر : ثقة ثبت.

و عبد الأعلى : ثقة.

و سعيد ، هو سعيد بن أبي عروبة مهران اليشكري ، ثقة حافظ، لكنه كثير التدليس، واختلط، وكان من أثبت الناس في قتادة .

و الحسن ثقة فقيه قاض مشهور، وكان يرسل كثيراً ويدلس.

و حضين بن المنذر أبي ساسان ثقة.

ولا شك أن ذكر الله على طهارة أفضل، فإذا لم يكن الإنسان على طهارة يؤخر رد السلام حتى يتوضأ، هذا إذا لم يخش ذهاب الوقت، أما إذا خشي فالأولى في مثل هذه الحالة أن يرد عليه في الحال؛ لأن ذكر الله على غير طهارة لا بأس به، كما في حديث عائشة : (كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله في كل أحيانه)، وقد يتأثر المسلِّم ويقع في نفسه شيء إذا أخر رد السلام عليه حتى يتوضأ؛ لأنه قد يتأخر وقتاً طويلاً، والحديث فيه الحسن يدلس ويرسل، وفيه سعيد بن أبي عروبة كثير التدليس، فلو صح فهو محمول على ما إذا لم يتأثر المسلِّم ولم يقع في نفسه شيء، أو أخبره وقال: إني سأتوضأ، وإلا فالأولى في مثل هذه الحالة أن يرد عليه السلام في الحال.

ونقل الخطابي أن الرجل إذا خاف خروج الوقت يتيمم من غير مرض ولا حرج، قال: وإلى هذا ذهب الأوزاعي وقال: يتيمم ويصلي قبل فوات الوقت.

وهذا ليس بصحيح، فقول الأوزاعي هذا ليس بشيء، والصواب: أنه لا يجوز له أن يتيمم مع وجود الماء، فهذا كلام مصادم لقول الله تعالى: فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا [النساء:43]، فإن وجد ماءً فلا يتيمم ولو خاف طلوع الشمس، ولو كان نائماً نوماً يعذر فيه فوقت الصلاة من حين يستيقظ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك) فإذا استيقظ قرب طلوع الشمس فوقتها حين يستيقظ، وهو معذور إذا كان نوماً يعذر فيه، أو يسخن الماء إذا كان في الشتاء ويغتسل ولو طلعت الشمس ثم يصلي، أما أن يصلي بالتيمم فهذا باطل ولا يجوز إلا عند عدم الماء أو العجز عن استعماله.

أما رد السلام فالتطهر له من باب الاستحباب، فقد جاء في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم لما سلم عليه رجل وهو في مكان يقال له: بئر جمل وكان قريباً من البلد حك الجدار وتيمم، ثم رد عليه السلام وقال: (كرهت أن أذكر الله إلا على طهارة) فيحتمل هنا أن الماء كان بعيداً عنه أو أنه تيمم؛ لأن هذا من باب الاستحباب وليس لأداء فريضة، أما الفريضة فلا بد لها من الوضوء إذا كان يجد الماء ويستطيع استعماله.

وأما حديث ابن عمر : (أن رجلاً مر على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول فلم يرد عليه) فتمامه: (أن رجلاً مر بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول فسلم عليه فلم يرد عليه حتى فرغ من حاجته، ثم رمى يده على الجدار ثم تيمم، فرد عليه)، ومعناه: أن النبي صلى الله عليه وسلم تيمم لذكر الله، وذكر الله على طهارة أفضل، ولا سيما إذا كان دعاءً، وقد كان مالك لا يقرأ عليه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يتوضأ.

شرح حديث: (كان رسول الله يذكر الله عز وجل على كل أحيانه)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الرجل يذكر الله تعالى على غير طهر.

حدثنا محمد بن العلاء حدثنا ابن أبي زائدة عن أبيه عن خالد بن سلمة -يعني: الفأفاء - عن البهي عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله عز وجل على كل أحيانه) ].

وهذا الحديث أخرجه مسلم في الصحيح، وفيه جواز الذكر في جميع الأحيان، سواء كان الإنسان متوضئاً أو غير متوضئ، حتى ولو كان عليه جنابة فله أن يذكر الله ويسبح ويقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ويقرأ القرآن عن ظهر قلب إلا إذا كان عليه جنابة فلا يقرأ القرآن؛ لما جاء في حديث علي (.. فأما الجنب فلا ولا آية) فالجنب لا يقرأ شيئاً من القرآن حتى يغتسل، أما إذا لم يكن عليه جنابة فإنه يذكر الله، وأعلى الذكر تلاوة القرآن، وله أن يسبح ويهلل ويكبر ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويدعو إلى الله وهو على غير طهارة، لكن الأفضل أن يكون على طهارة.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الرجل يذكر الله تعالى على غير طهر.

حدثنا محمد بن العلاء حدثنا ابن أبي زائدة عن أبيه عن خالد بن سلمة -يعني: الفأفاء - عن البهي عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله عز وجل على كل أحيانه) ].

وهذا الحديث أخرجه مسلم في الصحيح، وفيه جواز الذكر في جميع الأحيان، سواء كان الإنسان متوضئاً أو غير متوضئ، حتى ولو كان عليه جنابة فله أن يذكر الله ويسبح ويقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ويقرأ القرآن عن ظهر قلب إلا إذا كان عليه جنابة فلا يقرأ القرآن؛ لما جاء في حديث علي (.. فأما الجنب فلا ولا آية) فالجنب لا يقرأ شيئاً من القرآن حتى يغتسل، أما إذا لم يكن عليه جنابة فإنه يذكر الله، وأعلى الذكر تلاوة القرآن، وله أن يسبح ويهلل ويكبر ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويدعو إلى الله وهو على غير طهارة، لكن الأفضل أن يكون على طهارة.




استمع المزيد من الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح سنن أبي داود كتاب الطهارة [25] 2606 استماع
شرح سنن أبي داود كتاب الطهارة [10] 2229 استماع
شرح سنن أبي داود كتاب الطهارة [20] 2119 استماع
شرح سنن أبي داود كتاب الطهارة [6] 1988 استماع
شرح سنن أبي داود كتاب الطهارة [7] 1965 استماع
شرح سنن أبي داود كتاب الطهارة [22] 1948 استماع
شرح سنن أبي داود كتاب الطهارة [4] 1886 استماع
شرح سنن أبي داود كتاب الطهارة [14] 1844 استماع
شرح سنن أبي داود كتاب الطهارة [9] 1778 استماع
شرح سنن أبي داود كتاب الطهارة [19] 1770 استماع