خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/452"> الشيخ أبو إسحاق الحويني . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/452?sub=36179"> سلسلة قصة موسى والخضر
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
قصة موسى والخضر [5]
الحلقة مفرغة
إن الحمد لله تعالى، نحمده ونستعين به ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهد الله تعالى فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
فكنا انتهينا بعون الله تعالى إلى وصول موسى عليه السلام إلى الخضر، فلما رآه موسى وعرفه بالعلامات التي وضعها الله له، كانفلات الحوت في البحر قال له موسى: هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا * قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا * وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا * قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا * قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا * فَانطَلَقَا [الكهف:66-71].
آفة المسلمين عدم معرفة حقوق علمائهم
قلت له في مسألة ما: قال ابن عباس كذا وكذا، قال: هم رجال ونحن رجال!! فقلت: أنا أقول لك: قال ابن عباس ، لا أقول لك قال الشافعي ولا أحمد ولا البخاري ولا مسلم ولا إسحاق برغم أنني لو ذكرت هذه الأسماء لوجب عليك أن تنصاع؛ لأنهم أئمة على نقلهم نصلي.
قال: هم رجال ونحن رجال.
فقلت: إن كنت تقصد بقولك: هم رجال ونحن رجال، في الذكورة فأنا أقر بهذا، أنت ذكر وهو ذكر، لك شارب وله شارب، لك لحية وله لحية، إن كانت الذكورة التي تعنيها هي هذه المواصفات فأنا لا أختلف معك.
ولكن إن كانت الذكورة هي العقل ورجاحته والتقوى ورجاحتها فأنا أختلف معك، ولا يخالف أي عاقل في ابن عباس الذي قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيه: (اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل).
قال لي: وما يدريك أن دعوة النبي صلى الله عليه وسلم استجيبت؟
سبحان ربي! قال الله عز وجل لعباده جميعاً: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ [البقرة:186] فتكفل الله عز وجل بمقتضى هذه الآية بأنه إذا دعا أي رجل أية دعوة فإنه يستجيب له ما لم يكن بظلم أو قطيعة رحم، فإن كان الله يستجيب لآحاد الناس ألا يستجيب لنبيه؟
هم رجال، وأما نحن فلا ندانيهم ولا يساوي الواحد منا مسماراً في نعل واحد منهم، كيف وقد فتحوا الدنيا ونصروا الدين على أكتافهم، ونحن متخاذلون، وحياتنا كلها بدع، كانوا في القديم حياتهم بين بدعة وسنة، وكانت هناك بدع، ولكن كان في مقابل البدع سنن، أما نحن الآن فندور بين بدعة وردة، وأغلبنا مقلد لا يعرف شيئاً عن دينه الصحيح إلا الإمام.
أين رجولتكم وقد ضاعت بلادكم من بين أيدكم؟
أين رجولتكم وبطونكم في أيدي عدوكم، لا تأكلون إلا فتاتاً يرميها لكم؟
أين رجولتكم؟
هم رجال ونحن رجال في الأسماء، فتشابه الألفاظ فقط هذا رجل وهذا رجل، نبينا صلى الله عليه وسلم رجل وأبو جهل رجل لكن شتان ما بين الرجلين، هذا خير من وطئ الحصى، وذاك شر من وطئ الحصى، وإن اشتركوا في الأسماء الظاهرية فقط.
أسلافنا رجال في تقواهم وورعهم وفي كل شيء يفعلونه، فأنظر إليهم في عنفوانهم كيف كانوا يطلبون العلم من العالم، بالرغم من أنه كان في القديم إذا مات عالم تجد مائة ألف عالم، أما في هذا العصر فإذا مات عالم شغر مكانه، وبعد سنوات طوال تجد من يسد مكان العالم، فالعالم جوهرة، يكفي أنه يبين مراد الله في الأرض، وحسبه أنه يفعل كذلك.
صورة من عدم تأدب التلميذ مع شيخه
وفيما علمت وأخبرني المخبرون أنه كان إذا عقد مجلساً أرى بعيني شباباً ينامون على ظهورهم بحضرته، ولا أبالغ إذا قلت: إن قدم أحدهم تكون متوجهة أحياناً إلى وجهه، والشيخ ساكت؛ لأن الحياء يمنعه، والحياء يفطر المرء عليه.
وفي صحيح البخاري ومسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مر فوجد رجلاً يعظ أخاه في الحياء -يعلمه أن يستحي- فقال له: (دعه فإن الحياء من الإيمان).
الحياء قرين الإيمان ولا عليك أن لا تعلمه، فالحياء لا يعلم، بل يفطر المرء عليه، ولا خير في رجل لا حياء عنده، فهذا نائم على ظهره والشيخ يفتي أو يلقي درساً من دروس العلم، مع أن الشيخ ناصر الدين الألباني لو مات غداً لظلت الأمة تعاني سنوات طويلة حتى يخلفه رجل مثله، فانظروا إلى شبابنا مع أننا نعاني فقراً في العلماء كيف يعاملونهم، أما أسلافنا فانظروا كيف كانوا يعاملون علماءهم، مع أن العالم فيهم إذا مات تجد مائة ألف عالم يخلفه.
صورة من أدب السلف مع علمائهم ومشايخهم
فالمدرس يقول: ما عنده فهم الطالب أو لم يفهم، فكلما قل العدد كلما كانت الاستفادة أكثر، فالإمام مالك يريد أن ينفرد بـشعبة ، فماذا يفعل؟
صلى صلاة العيد، والناس في العادة ينصرفون إلى بيوتهم بعد صلاة العيد، إلا أنه ذهب إلى دار شعبة ، فما طرق الباب، بل قعد على درج البيت على السلم، وهذا مالك ، الإمام الذي ما يقارب ثلث الأمة على مذهبه، وجعل الله له لسان صدق في الأمة، كلما ذكر ترحم الناس عليه، لم يطرق باباً ولم ينادِ إنما قعد على درج البيت.
قال شعبة لجاريته: انظري من في الباب يأكل معنا، وكانت أبوابهم مفتحة لا يمنعون مسكيناً.
فخرجت الجارية ثم رجعت تقول: يا سيدي مالك في الباب.
فقال: ادخل، فدخل.
قال: كل.
قال: ما لهذا جئت.
قال: حاجتك؟
قال: أريد الحديث.
قال مالك : فحفظت عنه في هذا المجلس أربعين حديثاً.
فانظر لأدبه، لا يطرق باباً ولا يزعجه، احتراماً للشيخ ولعلمه.
كذلك أيضاً ابن عباس مات النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولم يكمل العشرين من عمره بل كان سنه ثماني عشرة سنة، فكان يذهب إلى أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام الكبار أمثال زيد بن ثابت ، وعمر بن الخطاب ، وعلي بن أبي طالب ، وعثمان ، قال ابن عباس : (فكنت أذهب إلى بيوتهم، فربما تلسعني شمس الظهيرة، فلا أطرق على أحد منهم الباب، فإذا رآني قال: يا ابن عم النبي لِمَ لم تطرق الباب لم لم تخبرني فآتيك؟ لشرف آل البيت.
فيقول ابن عباس : (بل أنا آتيك، حق العالم على المتعلم) ويحكي لنا رجل أنصاري قال: (قال لي ابن عباس يوماً: ألا تأتي فنسأل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهم متوافرون، فقال الأنصاري يهزأ بـابن عباس : أتظن يا ابن عباس أنه سيأتي اليوم الذي يحتاج فيه إليك، وأصحاب النبي كثر؟!) كأنما يحقر شأن ابن عباس ، يقول: هل تظن أنه في يوم من الأيام سيحتاج الناس إليك، مهلاً يا ابن عباس .
قال ابن عباس : (ولم يطاوعني، فذهبت أسأل وأستفيد، فما مات الأنصاري حتى كانت لي حلقة) صار إماماً يفتي.
فلما رآه الأنصاري قال: (أفلح الرجل).
قصر هو فلم يذهب معه، ولم يقف في حر الظهيرة ينتظر العالم، مع أن هؤلاء الناس الأفاضل كان إذا ترك الواحد منهم عالماً وجد غيره.
أدب موسى مع الخضر
من آداب طالب العلم ملاطفة العالم
فالذين يعلمون شيء والذين لا يعلمون شيء آخر، ولذلك جعل الله عز وجل أولي العلم من الشهداء على وحدانيته مع الملائكة، وقال لنبيه صلى الله عليه وسلم: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ [محمد:19] قدم العلم، فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، فالعالم لأجل هذا يرفع.
وكان الحافظ ابن حجر العسقلاني أحد حفاظ الدنيا ممن أنجبتهم مصر كان له شيخ يسمى الحافظ العراقي ، كان إذا أراد ابن حجر -صاحب كتاب فتح الباري- أن يسأل العراقي مسألة يقف بين يديه ويقول: ما يقول سيدي في كذا وكذا.
ولا يقولن رجل: هذا مخالف لقوله صلى الله عليه وسلم لما قال له الصحابة: (أنت سيدنا قال: السيد الله) فإن قول ابن حجر لا يخالف هذا الحديث؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال للأنصار: (قوموا إلى سيدكم) وكان سعد بن معاذ قدم راكباً على دابة، فقال لهم (قوموا إلى سيدكم).
فيقول له: ما يقول سيدي في كذا وكذا، حتى لا يوغر صدر العالم عليه، ولا يناديه بكاف الخطاب ولا تاء الخطاب فيقول له: أنت، كما لو كان شخصاً عادياً، إنما يوقره ويحترمه ويرفعه، فيقول موسى للخضر: هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا [الكهف:66].
سؤال الأعلم لمن هو أقل منه لا غضاضة فيه
نعم! ليس هناك أي غضاضة في أن يتعلم الرجل ممن هو أقل منه، وهذا مشاهد في الحياة، فتجد الرجل العظيم الكبير الذي جمع أصناف العلوم يتعلم من رجل لا يفهم شيئاً إلا في مهنة واحدة، فمثلاً: لو ذهب الإمام الشافعي إلى خياط يحيك الملابس، فقال له: كيف تخيط هذا الثوب؟ فيقول له: هكذا وهكذا ويظل يعلمه، فهل بهذه الجزئية صار هذا الرجل أعلم من الشافعي ؟
الجواب: لا. لكن لا يوجد رجل في الدنيا كلها يعرف كل شيء، بل لابد أن يجهل شيئاً ما ويكون هناك من هو أقل بكثير جداً منه يعلم هذه الجزئية.
وهذا النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولا يوجد أفضل منه ولا أعلم، كما في صحيح مسلم أنه مر على جماعة يؤبرون النخل -أي: يلقحونه، يأخذون لقاح الذكر ويضعونه على الأنثى- فقال: (ما أظن هذا ينفع شيئاً) فنزل الأنصار من على النخلة وتركوها، فإن هذا نبي، فانتظروا أوان حصاد أوان التمر فإذا هو شيصٌ أي: (بلح) لا يؤكل، فأخبروا النبي عليه الصلاة والسلام، فقال لهم: (أنتم أعلم بشئون دنياكم، إنما أنا بشر فلا تؤاخذوني بالظن)، فهو ظن أن هذا لا يجدي شيئاً، فلا يقال: إن فلاناً أعلم من الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأنه علم جزئية من الجزئيات فننزل كلام موسى مع الخضر هذه المنزلة.
هذه الآيات تشتمل على آداب طالب العلم، والآفة التي يعاني المسلمون منها أنهم لا يعرفون لعلمائهم حقهم ولا يوقرونهم، بدعوى: (نحن رجال وهم رجال)، لدرجة أنني رأيت موقفاً غريباً جداً كنت أنا أحد الأطراف فيه، شاب ممن يكفر جماعة المسلمين بارتكاب المعاصي والذين أطلقوا عليهم جماعة التكفير.
قلت له في مسألة ما: قال ابن عباس كذا وكذا، قال: هم رجال ونحن رجال!! فقلت: أنا أقول لك: قال ابن عباس ، لا أقول لك قال الشافعي ولا أحمد ولا البخاري ولا مسلم ولا إسحاق برغم أنني لو ذكرت هذه الأسماء لوجب عليك أن تنصاع؛ لأنهم أئمة على نقلهم نصلي.
قال: هم رجال ونحن رجال.
فقلت: إن كنت تقصد بقولك: هم رجال ونحن رجال، في الذكورة فأنا أقر بهذا، أنت ذكر وهو ذكر، لك شارب وله شارب، لك لحية وله لحية، إن كانت الذكورة التي تعنيها هي هذه المواصفات فأنا لا أختلف معك.
ولكن إن كانت الذكورة هي العقل ورجاحته والتقوى ورجاحتها فأنا أختلف معك، ولا يخالف أي عاقل في ابن عباس الذي قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيه: (اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل).
قال لي: وما يدريك أن دعوة النبي صلى الله عليه وسلم استجيبت؟
سبحان ربي! قال الله عز وجل لعباده جميعاً: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ [البقرة:186] فتكفل الله عز وجل بمقتضى هذه الآية بأنه إذا دعا أي رجل أية دعوة فإنه يستجيب له ما لم يكن بظلم أو قطيعة رحم، فإن كان الله يستجيب لآحاد الناس ألا يستجيب لنبيه؟
هم رجال، وأما نحن فلا ندانيهم ولا يساوي الواحد منا مسماراً في نعل واحد منهم، كيف وقد فتحوا الدنيا ونصروا الدين على أكتافهم، ونحن متخاذلون، وحياتنا كلها بدع، كانوا في القديم حياتهم بين بدعة وسنة، وكانت هناك بدع، ولكن كان في مقابل البدع سنن، أما نحن الآن فندور بين بدعة وردة، وأغلبنا مقلد لا يعرف شيئاً عن دينه الصحيح إلا الإمام.
أين رجولتكم وقد ضاعت بلادكم من بين أيدكم؟
أين رجولتكم وبطونكم في أيدي عدوكم، لا تأكلون إلا فتاتاً يرميها لكم؟
أين رجولتكم؟
هم رجال ونحن رجال في الأسماء، فتشابه الألفاظ فقط هذا رجل وهذا رجل، نبينا صلى الله عليه وسلم رجل وأبو جهل رجل لكن شتان ما بين الرجلين، هذا خير من وطئ الحصى، وذاك شر من وطئ الحصى، وإن اشتركوا في الأسماء الظاهرية فقط.
أسلافنا رجال في تقواهم وورعهم وفي كل شيء يفعلونه، فأنظر إليهم في عنفوانهم كيف كانوا يطلبون العلم من العالم، بالرغم من أنه كان في القديم إذا مات عالم تجد مائة ألف عالم، أما في هذا العصر فإذا مات عالم شغر مكانه، وبعد سنوات طوال تجد من يسد مكان العالم، فالعالم جوهرة، يكفي أنه يبين مراد الله في الأرض، وحسبه أنه يفعل كذلك.
سأعرض عليكم صورة رأيتها بنفسي ليس بيني وبينها واسطة، مَنَّ الله عز وجل عليَّ وصحبت لفترة من الزمان أكبر محدث في هذا العصر وهو الشيخ الألباني، وهذا الرجل جليل القدر جداً، تستشعر كأنه سقط من القرون الأوائل لما عليه من الهيبة، فإن سلوكه لا ينافي قوله.
وفيما علمت وأخبرني المخبرون أنه كان إذا عقد مجلساً أرى بعيني شباباً ينامون على ظهورهم بحضرته، ولا أبالغ إذا قلت: إن قدم أحدهم تكون متوجهة أحياناً إلى وجهه، والشيخ ساكت؛ لأن الحياء يمنعه، والحياء يفطر المرء عليه.
وفي صحيح البخاري ومسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مر فوجد رجلاً يعظ أخاه في الحياء -يعلمه أن يستحي- فقال له: (دعه فإن الحياء من الإيمان).
الحياء قرين الإيمان ولا عليك أن لا تعلمه، فالحياء لا يعلم، بل يفطر المرء عليه، ولا خير في رجل لا حياء عنده، فهذا نائم على ظهره والشيخ يفتي أو يلقي درساً من دروس العلم، مع أن الشيخ ناصر الدين الألباني لو مات غداً لظلت الأمة تعاني سنوات طويلة حتى يخلفه رجل مثله، فانظروا إلى شبابنا مع أننا نعاني فقراً في العلماء كيف يعاملونهم، أما أسلافنا فانظروا كيف كانوا يعاملون علماءهم، مع أن العالم فيهم إذا مات تجد مائة ألف عالم يخلفه.